الفرق بين الرؤيا و الحلم 2024.

الفرق بين الحلم والرؤيا

يفرق العلماء بين الحلم والرؤيا ، لقوله -صلى الله عليه و سلم- : « الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان».
والمقصود بالتفريق نسبة الخير لله ، والشر للشيطان ، كما في الرواية الأخرى : « إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان ».
وإلا فقد ذكر النبيّ-صلى الله عليه وسلم-الرؤيا من التهاويل أنّها من الشيطان فسمّاها رؤيا .
قال : عيسى بن دينار : (الرؤيا : هي رؤية ما يتأول على الخير والأمر الذي يسر به، الحلم : هو الأمر الفظيع المجهول يريه الشيطان للمؤمن ، ليحزنه ويكدر عيشه)
والمقصود أن كلا المشاهدتين من أسماء الخواطر القلبية ، ممّا يعرض في ذهن النّائم من الصور والتخيّلات ؛ وعليه : (فمعنى الحلم معنى الرؤيا ، ولكن غلب استعمال الرؤيا في المحبوبة ، والحلم في المكروهة ).
ولذلك قال ابن الأثير –رحمه الله- في «النهاية» (1/417) : «الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن ، وغلب الحلم على ما يراه من الشر القبيح ، ويستعمل كل واحد منهما موضع الآخر ، وتضم لام الحلم وتسكن».


وأحسن منه أن يقال : «الحلم عند العرب يستعمل استعمال الرؤيا ، والتفريق بينهما من الاصطلاحات الشرعية التي لم يعطها بليغ ، ولم يهتد إليها حكيم ، بل سنها صاحب الشرع للفصل بين الحق والباطل ، كأنه كره أن يسمى ما كان من الله وما كان من الشيطان باسم واحد»
وأيضاً تقول عائشة بنت عبد الرحمن المعروفة ببنت الشاطئ في كتابها «الإعجاز البياني في القرآن» (ص215-216 ط المعارف) ، وهي تتحدّث عن الألفاظ المترادفة في العربية : «في آيتيّ يوسف مثلاً ، عن رؤيا ملك مصر :

{ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِين} [يوسف:43،44] .

المعاجم تفسر الحلم بالرؤيا ؛ فهل كان العرب الخلّص في عصر المبعث يضعون أحد اللفظين بدلاً من الآخر ، حين تحدّاهم القرآن بسورة من مثله ، فيقال مثلاً : أفتوني في حلمي إن كنتم للحلم تعبرون ؟
ذلك ما لا يقوله عربيّ يجد حسّ لغته ، سليقة وفطرة ، ونستقرئ مواضع ورود اللفظين في القرآن فلا يترادفان ..

استعمل القرآن الكريم ( الأحلام ) ثلاث مرات ، يشهد سياقها بأنها الأضغاث المهوشة والهواجس المختلطة ، وتأتي في المواضع الثلاثة بصيغة الجمع ، دلالة على الخلط والتهوش لا يتميز فيه حلم عن آخر : { بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ } [الانبياء : 5 ] .

وعلى لسان الملأ من قوم العزيز ، حين سألهم أن يفتوه في رؤياه : { قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِين} [يوسف:44] .

وأما الرؤيا ، فجاءت في القرآن الكريم سبع مرات ، كلها في الرؤيا الصادقة ، وهو لا يستعملها إلا بصيغة المفرد ، دلالة على التميز والوضوح والصفاء .


من بين المرّات السبع ، جاءت الرؤيا خمس مرّات للأنبياء ، فهي من صدق الإلهام القريب من الوحي :

  • رؤيا إبراهيم –عليه السلام- في آية الصّافّات : {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيم قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين} [الصافات: 104 ، 105]
  • رؤيا يوسف–عليه السلام- إذ قال له أبوه : { قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ } [ يوسف : 5 ] .
نتابع سياقها في السورة وقد صدقت وتحققت : {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا } .
  • رؤيا المصطفى –صلى الله عليه وسلم- في الإسراء : { وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } .
  • رؤياه في الفتح : {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} [الفتح:27] .
فهذه خمس مرات من استعمال القرآن للرؤيا من الأنبياء ،

والمرّتان الأخيرتان في رؤيا العزيز ؛ وقد صدقت . وفي آيتها عبر عنها القرآن مرتين على لسان الملك بالرؤيا ، لوضوحها في منامه ، وجلائها وصفائها ، وإن بدت للملأ من قومه هواجس أوهام وأضغاث أحلام : {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِين} [يوسف:43،44] .
وتمضي القصّة في سياقها القرآني ، فإذا رؤيا الملك صادقة الإلهام ، وليست كما بدت للملأ من قومه أضغاث أحلام . »


وبهذه التعريفات من كلام أهل العلم ، يظهر أنّ الرؤى والأحلام لها حقيقة ، وجوديّة ، مخلوقةٌ في ذهن الرائي ، والنّائم ، وليست هي بالشيء العدميّ كما ينكره أهل البدع ؛ بل ذكرها الله –عز وجلّ- في كتابه ، وأخبر برؤى جماعة من الأنبياء –عليهم السلام- وغيرهم، والواجب حمل الكلام على الحقيقة الشرعيّة ، وهذا هو الذي فهمه أهل العلم ، وردّوا على من أنكر ذلك ، بل ذكروا أنّ منكر الأحلام ، وعلوم التعبير من أهل البدع ، كالمعتزلة والقدريّة وغيرهم حتّى ذكر هذه المسألة جماعة ممّن صنّفوا في الاعتقاد ، وأثر فيها نقول عن أهل العلم الكبار .
  • يقول الإمام أحمد بن حنبل –رحمه الله-:«و الرؤيا من الله حق ، إذا رأى صاحبها في منامه ما ليس ضغثا ، فقصها على عالم ، وصدق فيها فأولها العالم على اصل تأويلها الصحيح ، و لم يحرف ، فالرؤيا تأويلها حينئذ حق ، و قد كانت الرؤيا من الأنبياء وحيا ، فأي جاهل اجهل ممن يطعن في الرؤيا ، و يزعم أنها ليست بشيء ، و بلغني أن من قال هذا القول لا يرى الاغتسال من الاحتلام ، و قد روى عن النبي –صلى الله عليه وسلم- :«أن رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده» و قال –صلى الله عليه وسلم-: «إن الرؤيا من الله» ».

وقال أبو الطيّب في «قطف الثمر» (ص : 111-112) : «والرؤيا من الله تعالى وحي حق … وتأويلها حقّ … فأيّ جاهل أجهل ممّن يطعن في الرؤيا ، ويزعم أنّها ليست بشيء ».

  • قال عثمان بن سعيد الداني (ت : 444هـ) –رحمه الله- في «الرسالة الوافية لمذهب أهل السنة في الاعتقادات ، وأصول الديانات» (ص:190-192) : "ومن قولهم –أي : أهل السنة والجماعة- إن التصديق بالرؤيا واجب ، والقول بإثباتها لازم ، وأنها جزء من أجزاء النبوة ، كما ورد الخبر عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ، وروى أنس ، وأبو هريرة عنه قال : «الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة» .
ومعنى ذلك ، أن الأنبياء عليهم السلام يخبرون بما سيكون ، والرؤيا تدل على ما سيكون .

وقال –عز وجل- { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } [يونس : 64] .
وجاء عن النبيّ –صلى الله عليه وسلم- ، وعم غير واحد من الصحابة ، والتابعين ، أنها «الرؤيا الصالحة يراها أو تُرى له» .
وقال –عز من قائل- مخبراً عن نبيه يوسف –عليه السلام- :{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِين} [يوسف:4] إلى آخر الآيات .
وقال مخبرًا عنه : { هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ } وكذلك ما أخبر به من رؤيا إبراهيم –عليه السلام- في قوله : { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ } يريد : العمل ، أي : بلغ أن يتصرف معه وأن ينفعه : { قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } إلى آخر الآيات .
وقال النبيّ –صلى الله عليه وسلم- : «الرؤيا من الله ، والحلم من الشيطان»"

للشيخ الالباني رحمه الله

بارك الله فيكم
بارك الله فيك وحفظك واطال عمرك وثبتناالله واياك على الحق
بارك الله فيكم

النهي عن قص الرؤيا على غير عالم أو ناصح 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجري

روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي رزين – واسمه لقيط بن عامر العقيلي – رضي الله عنه عن النبي ? قال: « الرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت ولا تحدثوا بها إلا عالمًا أو ناصحًا أو لبيبًا » هذا لفظ إحدى روايات أحمد. وفي رواية له قال: وأحسبه قال: « لا يحدث بها إلا حبيبًا أو لبيبًا »، ورواه الترمذي بنحوه وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الإمام أحمد أيضًا وابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجه وابن حبان بنحوه وقالوا فيه: وأحسبه قال: « ولا تقصها إلا على وادًّ أو ذي رأي » وقد رواه الدارمي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" مختصرًا وصححه الحاكم والذهبي.
وروى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال رسول الله ?: « الرؤيا تقع على ما تعبّر، ومَثَلُ ذلك مثل رجلٍ رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحًا أو عالمًا » هكذا رواه مرسلاً ورجاله رجال الصحيح. وقد رواه الحاكم موصولاً من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه عن النبي ? فذكره بمثله وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه.

قال الخطابي في "معالم السنن" في الكلام على حديث أبي رزين رضي الله عنه، معنى هذا الكلام حُسن الارتياد لموضع الرؤيا واستعبارها العالم بها الموثوق برأيه وأمانته، وقوله: « على رجل طائر » مَثَلُ ومعناه أنها لا يستقر قرارها ما لم تعبر.

وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله: « لا يقصها إلا على وادًّ أو ذي رأي » الوادّ لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب وإن لم يكن عالمًا بالتعبير لم يعجل لك بما يغمك. لا أن تعبيره يزيلها عما جعلها الله عليه، وأما ذو الرأي فمعناه ذو العلم بتعبيرها فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها أو بأقرب ما يعلم منها، ولعله أن يكون في تفسيره موعظة تردعك عن قبيح أنت عليه أو تكون فيها بشرى فتشكر الله على النعمة فيها. انتهى.

وقال القاضي أبو بكر ابن العربي إن كانت – أي الرؤيا – بشرى أو شككت فيها فلا تحدث بها إلا عالمًا ناصحًا. العالم يعبرها له على الخير إذا أمكنه والناصح يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه. وروي في آخر: « ولا تحدث بها إلا حبيبًا أو لبيبًا ». أما الحبيب فإذا عرف قال وإن جهل سكت، وأما اللبيب وهو العاقل العارف بتأويلها فإنه ينبئك بما تُعَوَّل عليه فيها وإن ساءته سكت عنك وتركها. انتهى.

وذكر البغوي في "شرح السنة" عن الإمام – وهو شيخه القاضي حسين بن محمد – أنه قال في قوله: « إذا رأى أحدكم ما يكره فلا يحدث به »، وفي حديث أبي قتادة: « فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب » فيه إرشاد المستعبر لموضع رؤياه فإن رأى ما يكره فلا يحدث به حتى لا يستقبله في تفسيرها ما يزاد به همًّا، وإن رأى ما يحبه فلا يحدث به إلا من يحبه لأنه لا يأمن ممن لا يحبه أن يعبره حسدًا على غير وجهه فيغمه أو يكيده بأمركما أخبر الله سبحانه وتعالى عن يعقوب عليه السلام حين قص عليه يوسف عليه السلام رؤياه: { قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا } [يوسف: 5]. انتهى.

وذكر ابن حجر في "فتح الباري" في الكلام على قوله: « فلا يحدث بها إلا من يحب » أن الحكمة فيه أنه إذا حدث بالرؤيا الحسنة من لا يحب قد يفسرها له بما لا يحب إما بغضًا وإما حسدًا فقد تقع على تلك الصفة أو يتعجل لنفسه من ذلك حزنًا ونكدًا فأمر بترك تحديث من لا يحب بسبب ذلك. انتهى.

المصدر:
كتاب الرؤيا ( 1/ 28- 29 )

منقول من مقالات شبكة نور اليقين

باااارك الله فييييك

شرط الرؤيا الصالحة والعمل بها 2024.

الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزّ محمد علي فركوس -حفظه الله-

الفتوى رقم: 973
الصنف: فتاوى منهجية

في شرط الرؤيا الصالحة والعمل بها

السـؤال:
تُروَّجُ بين آونة وأخرى رسالةٌ يزعم صاحبها -بعدما ختم القرآن- أنّه رأى في منامه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحدّثه بأنه: « في هذا اليوم مات من الدنيا ستة آلاف (6000) مسلم ولم يدخل أحد منهم الجنة، فالزوجات لا تطعن أزواجهن، والأغنياء لا يساعدون الفقراء، والناس لا تؤدي المناسك المطلوبة منهم، والمسلمون لا يصلّون الصلوات بانتظام، كلٌّ على حدة، والشيخ أحمد يتولى لكم هذا…» الخ يدّعي مروجوها أنه من لم يطبعها ولم يوزعها على خمس وعشرين شخصا ولم يبال بها لن يرى الخير بعد ذلك، وأن من طبعها ووزعها سوف ينال الأجر. كما زعم أنّ شخصا اعتنى بها وكان لا يعمل فرُزِق بعمل، وأن آخر كان عاملا أهملها فضيّع عمله ومنصِبَه.
فنرجو منكم بيان ما مدى صحة الرؤيا المنامية؟ وما حكم نشر هذه الرسالة؟ وجزاكم الله خيرا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فاعلم أن من شرط الرؤيا الصالحة أن تتجلى صلاحيتها في عدم مخالفتها للمعتقد السليم وللحكم الشرعي الصحيح، وأن تكون من الرجل الصالح، وهذه الشروط غير متحققة الوقوع في الرسالة المزعومة، ولا مضامينُها مطابقة للمنهج السليم، ويظهر بطلانها أن المدعي «صاحب الرسالة» مجهول العين لا يُعلم صلاحُه وتقواه من ضلاله ودجله، وأمّا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ رَآني في المنَامِ فَقَدْ رَآني، فَإِنَّ الشَيْطَانَ لاَ يَتَمَثَّلُ بِي» فإنّ رؤيته صلى الله عليه وآله وسلم في المنام لا تكون حقا إلا إذا وافقت صورتَه وصفتَه التي كان عليها في الدنيا، فقد قصَّ رجل على ابن سيرين أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: «صف لي الذي رأيته»، فإن وصف له صفة لا يعرفها قال: «لم تره». وعليه، فالحكم بأحقيةِ ما رآه النائم من صورة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم يجب أن تحصل المشابهة في صورته الحقيقية بأوصافها الخِلقية والخُلقية التي جمعتها السنن والآثار في الجملة، فإن وقعت المخالفة في أحدِ الأوصاف المعروفة أو في مجموعها فلا تكون إلاّ أضغاث أحلام سببها تلاعب الشيطان بابن آدم، ذلك لأنّ الشيطان لا يتمثّل بصورة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم الحقيقية، وإنما يتمثّل في صورة أخرى يُخيَّل للرائي أنها صورةُ النبي صلى الله عليه وآله سلم وليست كذلك، ومن جهة أخرى كيف يأمن العبدُ أن تكون رؤيا صالحةً، أو يكونَ هو من الصالحين وهو أمر لا يُعرف إلاّ بموافقة الشرع، لذلك فلا عصمة فيما يراه النائم، ويلزمه –والحال هذه- عرض ما رآه على الشرع فإن وافقه فالحكم بما استقرّ عليه الشرع، إذ أحكامُ الشريعة وأصول الدين غير موقوفةٍ على ما يُرى في المنامات، وإن خالف الشرع رُدَّ مهما كان حال الرائي أو المرئي، ويُحكم على تلك الرؤيا بأنها حُلم من الشيطان، وأنها كاذبة وأضغاث أحلام.

وإذا تقرر هذا المسلك فإنّ هذه الرسالة المزعومة شطحةٌ صوفيةٌ لا ينبغي تصديقُها، ناهيك عن اعتقاد محتواها أو تنفيذ مضمونها بالطباعة والتوزيع، والتزامُ العمل بمثل هذه الرؤيا المخالفة للمُتيقَّن من الشرع إنّما هو عمل بالظنون والأوهام، فكيف يترك المتيقّن للموهم؟
وبناء عليه: فإنّ تنفيذ مضامين هذه الرسالة أو العمل بمقتضاها المخالف للشرع ما هو إلاّ اعتقاد كامن في أنّ الشريعة قابلةٌ للنسخ بالرؤى المنامية، وهو -بلا شك- إقرارٌ ضمني بتجديد الوحي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو باطل بإجماع المسلمين.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الرؤيا الصالحة 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ‘إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها: فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، وليحدث بها، وإذا رأى غير ذلك مما يكره: فإنما هي من الشيطان، فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره’.
وعن أبي قتادة قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ‘الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فمن رأى شيئا يكرهه فلينفث عن شماله ثلاثا وليتعوذ من الشيطان فإنها لا تضره’.
والنفث: نفخ لطيف لا ريق معه.
وعن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ‘إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا، وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه’. قال ابن حجر: فحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا الصالحة ثلاثة أشياء:
أ – أن يحمد الله عليها، ب – وأن يستبشر بها. ج – وأن يتحدث بها لكن لمن يحب دون من يكره.
وحاصل ما ذكر من أدب الرؤيا المكروهة أربعة أشياء:
أ – أن يتعوذ بالله من شرها.
ب – ومن شر الشيطان.
ج – وأن يتفل حين يهب من نومه عن يساره ثلاثا.

د – ولا يذكرها لأحد أصلا.
ه – ووقع (في البخاري) في باب القيد في المنام عن أبي هريرة خامسة وهي الصلاة ولفظه فمن رأى شيئا يكرهه فلا يقصه على أحد وليقم فليصل، ووصله الإمام مسلم في صحيحه. و – وزاد مسلم سادسة وهي: التحول من جنبه الذي كان عليه.
وفي الجملة فتكمل الآداب ستة، الأربعة الماضية، وصلاة ركعتين مثلا والتحول عن جنبه إلى النوم على ظهره مثلا.
وفي حديث أبي رزين عند الترمذي ولا يقصها إلا على واد (بتشديد الدال اسم فاعل من الود) أو ذي رأي وفي أخرى ولا يحدث بها إلا لبيبا أو حبيبا وفي أخرى ولا يقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح قال القاضي أبوبكر بن العربي أما العالم فإنه يؤولها له على الخير مهمها أمكنه، وأما الناصح فإنه يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه وأما اللبيب وهو العارف بتأويلها فإنه يعلمه بما يعول عليه في ذلك أو يسكت وأما الحبيب فإن عرف خيرا قاله وان جهل أو شك سكت.
قال الإمام البغوي: واعلم أن تأويل الرؤيا ينقسم أقساما، فقد يكون بدلالة من جهة الكتاب، أو من جهة السنة، أو من الأمثال السائرة بين الناس، وقد يقع التأويل على الأسماء والمعاني، وقد يقع على الضد والقلب (أي العكس).
وذكر رحمه الله أمثله، ومنها: فالتأويل بدالالة القرآن: كالحبل يعبر بالعهد، لقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله).
والتأويل بدلالة السنة: كالغراب يعبر بالرجل الفاسق، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه فاسقا.
و’التأويل بالأمثال: كحفر الحفرة يعبر بالمكر، لقولهم: من حفر حفرة وقع فيها.
والتأويل بالأسماء: كمن رأى رجلا يسمى راشدا يعبر بالرشد.
والتأويل بالضد والقلب: كالخوف يعبر بالأمن لقوله تعالى ‘وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا’.
أما كتاب ‘تفسير المنام’ المنسوب لابن سيرين: فقد شكك كثير من الباحثين في نسبته إليه، وعليه: فلا يجزم بتلك النسبة لهذا الإمام العلم.
كتبه الشيخ ثامر العامر
معبر رؤى من الكويت يكنى ابو عبدالله
للأتصال بالشيخ
009657145717
يوميا بعد صلاة العشاء