بركة التقوى مع الغافلين جميله جدا 2024.

بركة التقوى مع الغافلين .. جميله جدا

القعدة

ذكر أن شابا فيه تقى وفيه غفلة.. طلب العلم عند أحد المشايخ حتى إذا أصاب منه حظا قال الشيخ: لا تكونوا عالة على الناس فإن العالم الذي يمد يده إلى أبناء الدنيا لا يكون فيه خير فليذهب كل واحد منكم وليشتغل بالصنعة التي كان أبوه يشتغل بها.. وليتقِ الله فيها

وذهب الشاب إلى أمه فقال لها: ما هي الصنعة التي كان أبي يشتغل بها..؟؟ فاضطربت المرأة فقالت: أبوك قد ذهب إلى رحمة الله فما بالك وللصنعة التي يشتغل بها..؟؟ فألحّ عليها وهي تتملص منه.. حتى اضطرها إلى الكلام أخبرته وهي كارهة أن أباه كان لصا..!! فقال لها: إن الشيخ أمرنا أن يشتغل كل بصنعة أبيه ويتقي الله فيها.. قالت الأم: ويحكِ.. وهل في السرقة تقوى..؟؟ وكان في الولد غفلة وحمق فقال لها: هكذا قال الشيخ

وذهب فسأل.. وتسقط الأخبار حتى عرف كيف يسرق اللصوص فأعدّ عدّة السرقة.. وصلى العشاء وانتظر حتى نام الناس وخرج ليشتغل بصنعة أبيه كما قال الشيخ.. فبدأ بدار جاره وهمّ أن يدخلها ثم ذكر أن الشيخ قد أوصاه بالتقوى وليس من التقوى إيذاء الجار.. فتخطى هذه الدار ومرّ بأخرى.. فقال لنفسه: هذه دار أيتام والله حذّر من أكل مال اليتيم.. وما زال يمشي حتى وصل إلى دار تاجر غني وليس فيه حرس ويعلم الناس أن عنده الأموال التي تزيده عن حاجته.. فقال: ههنا.. وعالج الباب بالمفاتيح التي أعدها.. ففتح ودخل فوجد دارا واسعة وغرفا كثيرة.. فجال فيها حتى اهتدى إلى مكان المال.. وفتح الصندوق فوجد من الذهب والفضة والنقد شيئا كثيرا.. فهمّ بأخذه ثم قال: لا يؤدّ زكاة أمواله لنخرج الزكاة أولا.. وأخذ الدفاتر وأشعل فانوسا صغيرا جاء به معه.. وراح يراجع الدفاتر ويحسب.. وكان ماهرا في الحساب خبيرا بإمساك الدفاتر.. فأحصى الأموال وحسب زكاتها فنحّى مقدار الزكاة جانبا واستغرق في الحساب حتى مضت ساعات فنظر فإذا هو الفجر فقال: تقوى الله تقضي بالصلاة أولا

وخرج إلى صحن الدار فتوضأ من البركة وأقام الصلاة.. فسمع رب البيت فنظر.. فرأى عجبا: فانوسا مضيئا..!! ورأى صندوق أمواله مفتوحا ورجلا يقيم الصلاة فقالت له امرأته: ما هذا..؟؟ والله لا أدري.. ونزل إليه فقال: ويلك من أنت..؟؟ وما هذا..؟؟ قال اللص: الصلاة أولا ثم الكلام.. فتوضأ تقدم فصل بنا فإن الإمامة لصاحب الدار.. فخاف صاحب الدار أن يكون معه سلاح ففعل ما أمره.. والله أعلم كيف صلى

فلما قضيت الصلاة قال له: خبّرني من أنت..؟؟ وما شأنك..؟؟ قال: لص. قال: وما تصنع بدفاتري..؟؟ قال: أحسب الزكاة التي لم تخرجها من ست سنوات وقد حسبتها وفرزتها لتضعها في مصاريفها.. فكاد الرجل يجن من العجب وقال له: ويلك ما خبّرك..؟؟ هل أنت مجنون..؟؟ فخبّره خبره كله فلما سمعه التاجر ورأى ضبط حسابه.. ذهب إلى زوجته فكلمها.. وكان له بنت ثم رجع إليه فقال له: ما رأيك لو زوّجتك بنتي وجعلتك كاتبا وحاسبا عندي.. وأسكنتك أنت وأمك في داري ثم جعلتك شريكي..؟؟ قال أقبل.. وأصبح الصباح فدعا المأذون بالشهود وعقد العقد (1) وهذه الحادثة إنما ذكرتها لطرافتها على ما فيها من غرابة إستئناسا بها


ـ(1) ذكرها الشيخ عليّ الطنطاوي بتصرف

بقلم: علي الطنطاوي

منقول

قلوب اجتمعت على التقوى 2024.

قلوب اجتمعت على التقوى!
الحب الحقيقي والإنسان الحقيقي من الأشياء الناذرة في عصر ضاعت فيه القيم النبيلة كعصرنا ، وقد نعيش ونموت دون الظفر بها. يقال أن الناس كالنوافذ ذات الزجاج الملون تشع وتتلألأ في النهار، لكن جمالها الحقيقي لا يظهر في الظلام إلا إذا كان هناك ضوء من الداخل. ذلك الضوء هو الضوء المنبعث من القلوب السليمة النقية ، التي تهتدي بنور الله إلى إقامة علاقات حب طاهر، يفضي إلى الزواج الشرعي وبناء الأسرة السعيدة.
* حذاري أيها الشباب المسلم ، من الوقوع في مصيدة اللئام من محترفي الفاحشة وتجار الرذيلة ، الذين لاهَمّ لهم سوى النصب والإحتيال ، على النفوس الضعيفة الساذجة وجرها الى الهاوية.
* علينا أن نكرم النساء فإنهن شقائق الرجال، فلا ينبغي اغتيال عفتهن وشرفهن، فلا صلاح و لا ريادة للمجتمع إلا بوجود المرأة العفيفة الطاهرة صانعة الأمجاد وأم الأبطال .
القعدة

لباس التقوى 2024.


إن الإنسان إذا ولد فإن أول خطاب يسمعه يأتيه من الله فبمجرد نزوله من بطن الأم يستهل صارخاً وإذا بالملائكة يقولون له أصغي جيداً هذا ربك يخاطبك فيقول الله له كما ورد في الأثر { إن لله تعالى إلى عبده سرين يسرهما إليه على سبـيل الإلهام: أحدهما: إذا خرج من بطن أمه يقول له: عبدي قد أخرجتك إلى الدنيا طاهراً نظيفاً واستودعتك عمرك وائتمنتك عليه فانظر كيف تحفظ الأمانة وانظر إليَّ كيف تلقاني والثاني: عند خروج روحه يقول: عبدي ماذا صنعت في أمانتي عندك هل حفظتها حتى تلقاني على العهد فألقاك على الوفاء أو أضعتها فألقاك بالمطالبة والعقاب }[1] خلقتك طاهراً نظيفاً ليس من الأوساخ والقاذورات ولكن طاهراً من النفاق وطاهراً من الكذب وطاهراً من الغش وطاهراً من الخيانة وطاهراً من كل هذه الأمراض الباطلة (الباطنة) التي حذرنا الله منها ونهانا الرسول عنها فإذا مشى الإنسان في دنياه كان لابساً على فؤاده ثياب تقوى الله {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ}

هذا اللباس الذي يلبسه المؤمنون لباس التقوى ورداء التقوى هو الذي يجعل الإنسان منا يستحي أن يعصي الله ويحس بالندم وبوخز الضمير وبالتأنيب والتعنيف إذا وقع في جريمة في حق نفسه أو إخوانه أو في حق الله هذا اللباس الطيب الذي تفضل الله به على المؤمنين ولم يعطه للكافرين ولو دفع الإنسان منهم ملء الأرض جميعاً ما كان لهم خيطاً واحداً من هذا الثواب ثوب التقى والهدى والغنى والعفاف الذي زينكم به الله وهذا هو الذي يقول فيه {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أي خذوا زينتكم التي زينكم بها الله في السر والعلانية وإلا لو لبس رجل منا أحسن ما عنده من الثياب ووضع فوق جسمه قارورة من العطر الطيب ودخل وقلبه مملوء بالأحقاد أو الأحساد أو الغل أو الحرص أو الغيظ على عباد الله المؤمنين فإنه لن يدخل بالثوب الذي ارتضاه وزينه به رب العالمين

أولى الملابس أن تلقى الحبيب به *** يوم الزيارة في الثوب الذي خلع

خلع: خلعه عليك أي ألبسك إياه فأولى الملابس أن نلقى بها الله في بيت الله الثوب الذي ألبسه لك الله وهو ثوب الإسلام والإيمان والتقى ومراقبة الديان فالإنسان يسير في دنياه فيتسخ الثوب واتساخه من الذنوب ومن العيوب ومن مخالفة علام الغيوب وقد قال في ذلك النبي { إِنّ العَبْدَ إذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ في قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءٌ فإِذَا هو نَزَعَ واستَغْفَرَ وَتَابَ صُقِلَ قَلْبُه وَإنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُو قَلْبَهُ وهُوَ الرَّانُ الذَّي ذَكَرَ الله [يعني الغطاء] ثم تلا قول الله {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}[2] هذه الذنوب هي التي تباعد المرء عن طاعة علام الغيوب فتجعله لا يميل إلى استماع كلام الله ولا يحب أن يسمع كلمات الوعظ من العلماء بالله وتجعله يتهافت على المعاصي ويميل إلى الشرور والآثام لأن الذنوب تجعل على قلبه حاجزاً بينه وبين الملك العلام وهذه الذنوب صنفان ذنوب صغيرة وهذه تزول بسرعة بالصلوات المكتوبات كما قال الله {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} أي بالصلاة{وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً} يوم لقاء الله وقد قال الحبيب{أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْراً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ قَالَ: فَذلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. يَمْحُو الله بِهِنَّ الْخَطَايَا }[3]

فالصلوات الخمس تجدد ثوب القلب وتغسله من المعاصي والذنوب والخطايا الصغيرة أما الذنوب الكبيرة وأما الخطايا العظيمة فتحتاج إلى غسيل خاص وإلى مسحوق للغسيل خاص وإلى نظام خاص فجعل الله لها الأيام الكريمة كرمضان والحج يتفضل فيها الملك الكريم فيأخذ ثيابنا الداخلية ثيابنا القلبية ويطهرها من الذنوب والآثام ما صغر منها وما كبر ما ظهر منها وما بطن ما عظم منها وما قل وإذا كانت ليلة العيد ألبسك ثوباً تقياً نقياً طاهراً كالثوب الذي كنت تلبسه عند خروجك إلى دار الدنيا عند مولدك ولذا يُستحب أن تغتسل فى العيد إشارة لك أنك اغتسلت من الذنوب كلها باطناً فاغسل نفسك ظاهراً لكي تكون ظاهراً وباطناً طاهراً نظيفاً للقاء الله فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين وأمرك سبحانه أن تلبس الثوب الجديد ثوب التقى ثوب النقا ثوب الهدى ثوب الإيمان ثوب مراقبة الديان وتقلع عما كنت فيه من الغي ومن القبيح ومن النوايا السيئة ومن القصود الفاسدة ومن الأهواء المهلكة ومن الشهوات المردية واعقد العزم مع الله على أنك لن تعود إليها أبداً بعدما طهرك الله ونظفك الله ونقاك الله وجعلك من عباده المتطهرين

فإذا جئت إلى بيت الله فأنت تكبر الله كأنك لا ترى شيئاً في عينيك ولا في فؤادك ولا في قلبك أكبر من الله فقد كنت من قبل يغلب عليك أشياء في الدنيا تسيطر عليك وتغلب عليك وهي أحب إليك من طاعة الله أحياناً فإذا ناداك الله تكاسلت في الذهاب إلى الصلاة لانشغالك بمباراة أو لمشاهدتك لمسلسل يغضب الله أو لحديث في القيل والقال لا يرضي الله كل هذه وغيرها تمنعك من المسارعة لنداء الله وهو يقول لك حي على الصلاة حي على الفلاح يعني أقبل على الفلاح فإذا كنت في عمل فيقول لك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }فإذا دخلت في الصلاة وقلت الله أكبر أمر الله الملائكة أن تنظر في قلبك فربما وجدت قلبك يغلب عليه حب الدنيا فتقول لك كذبت الدنيا في قلبك أكبر وربما وجدت قلبك ينظر إلى فاتنة أو غانية فتقول لك كذبت النساء في قلبك أكبر وربما وجدت قلبك كل همه في الحصول على المال والحصول على المادة التي كتبها الله وقدرها الله ولن يموت واحد منكم إلا ويقبض بيده ما صرفه له الصراف الأكبر وهو الرزاق الكريم فتقول لك الملائكة كذبت المال في قلبك أكبر لابد عندما تقول في الصلاة الله أكبر أن تخلع من قلبك كل الأنداد وكل الشركاء فلا يكن في قلبك حب يساوي حب الله حتى لنفسك وحتى لزوجك وحتى لولدك فهؤلاء في المرتبة الثانية أو الثالثة بعد حب الله ورسوله قال الحبيب {لا يؤمنُ أحدُكُم حتى أكُونَ أحَبَّ إليه من وَلَدِهِ وَوالِدِهِ ونفسه والناسِ أَجْمَعِين }[4]
[1] إحياء علوم الدين وتفسير نظم الدر للبقاعى
[2] رواه الترمذي عن أبي هريرة
[3] رواه مسلم والإمام مالك في الموطأ وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحة عن جابر بن عبد الله.
[4] رواه ابن حبان في صحيحة وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحة والنسائي في سننه عن أنس.
من كتاب : الخصب الإلهامية فى رمضان وعيد الفطر

للمطالعة أو التحميل أضغط هنا

القعدة

بارك الله فيك

التقوى: حقيقتها وأهميتها وثمراتها 2024.



التقوى: حقيقتها وأهميتها وثمراتها

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ التَّقوى رأس كلِّ شيءٍ وجماع كلِّ خيرٍ, وهي غاية الدِّين ووصيَّة الله تعالى للنَّاس أجمعين؛ الأوَّلين منهم والآخرين, قال الله تعالى: +وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ_ [النساء: 131].
وهي أعظم وصيَّةٍ للعباد وخير زاد ليوم المعاد, وهي وصيَّة النَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – لأمَّته, قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «أُوصِيكُمْ بتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ…»[1]، فقد كان – صلَّى الله عليه وسلَّم – كثيرًا ما يوصي بها في خطبه ومواعظه.
وكان إذا بعث أميرًا على سريَّة أوصاه في خاصَّة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا[2].
ولم يزل السَّلف الصَّالح يتواصون بها كالخلفاء الرَّاشدين والأمراء والصَّالحين, فكان تمسُّكهم بها متينًا، وتواصيهم بها مبينًا, واستصحابهم إيَّاها معينًا, وكانوا يجعلونها نصب أعينهم, وميزان أقوالهم وأفعالهم في كلِّ مجالسهم ومواقفهم.
«كتب رجلٌ من السَّلف إلى أخٍ له: أوصيك بتقوى الله؛ فإنَّها أكرم ما أسررت، وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادَّخرت, أعاننا الله وإيَّاك عليها, وأوجب لنا ولك ثوابها»[3].
لذلك كانت وصيَّته – صلَّى الله عليه وسلَّم – لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه – بتقوى الله وجعلها مستغرقةً لكلِّ أحواله ومستحضرة في كلِّ شؤونه فقال له – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «اِتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» أي: اتَّقه في خلوتك وجلوتك, في منشطك ومكرهك, وحلِّك وترحالك, وفي رضاك وغضبك, وشدَّتك ورخائك, فهي دليل الحذر من الشَّرِّ, وسبيل الظَّفر بالخير.
ذكر الحافظ ابن رجب – رحمه الله – نقولاً كثيرة في كتابه «جامع العلوم والحكم» تُظهر عنايةَ السَّلف بالتَّقوى ورعايتَهم لها وروايتَهم فيها ودرايتَهم بها.
|حقيقتها:
وممَّا روي وذكر عنهم في تعريف حقيقة التَّقوى وخواصِّها وبيان أصلها وحدِّها – وهي كثيرة -[4]:
قول عمر بن عبد العزيز – رحمه الله -: «ليس تقوى الله بصيام النَّهار ولا بقيام الليل والتَّخليط فيما بين ذلك, ولكن تقوى الله تركُ ما حرَّم الله، وأداء ما افترض الله».
وعلى هذا تكون تقوى الله أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقايةً تقيه منه, ولا يتأتَّى له ذلك إلاَّ بفعل الأوامر واجتناب النَّواهي, وحقيقة ذلك كلِّه في العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا, أمرًا ونهيًا, فيفعل ما أمر الله به إيمانًا بأمره وتصديقًا بوعده, ويترك ما نهى الله عنه إيمانًا بالنَّهي وخوفًا من وعيده»[5].
وقال الحسن البصري – رحمه الله -: «المتَّقون اتَّقوا ما حرَّم الله عليهم وأدَّوا ما افترض الله عليهم»[6].
وممَّا قيل كذلك في حقيقة التَّقوى, ما قاله طلق بن حبيب – رحمه الله – – لمَّا كانت فتنة ابن الأشعث -: «إذا وقعت الفتنة فادفعوها بالتَّقوى؛ قالوا: وما التَّقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نورٍ من الله تخاف عقاب الله»[7].
قال ابن القيِّم: «وهذا من أحسن ما قيل في حدِّ التَّقوى»[8].
وقال الحافظ الذَّهبي معلِّقًا على قول طلقٍ في التَّقوى: «أبدع وأوجز, فلا تقوى إلاَّ بعمل، ولا عمل إلاَّ بتروٍّ من العلم والاتِّباع, ولا ينفع ذلك إلاَّ بالإخلاص لله, لا ليقال فلان تاركٌ للمعاصي بنور الفقه, إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها, ويكون التَّرك خوفًا من الله, لا ليمدح بتركها؛ فمن داوم على هذه الوصيَّة فقد فاز»[9].
وقال ابن القيِّم كذلك: «فإنَّ كلَّ عملٍ لابدَّ له من مبدأ وغاية فلا يكون العمل طاعةً وقربةً حتَّى يكون مصدره عن الإيمان, فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض لا العادة ولا الهوى، ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك, بل لابدَّ أن يكون مبدؤه محضَ الإيمان وغايتُه ثوابَ الله وابتغاء مرضاته وهو الاحتساب»[10].

ومن خلال هذا التَّعريف والبيان لحقيقة التَّقوى تظهر عظمة شأنها في حياة الإنسان وعلوُّ منزلتها عند الواحد الدَّيَّان، وأنَّها الميزان لتفاضل النَّاس كما نصَّ القرآن, ولذلك كان مقرُّها في الإنسان القلب, الَّذي هو أعظم عضوٍ في الإنسان, والَّذي عليه مدار صلاح سائر الأعضاء والأركان حيث بصلاحه يصلح الجسد كلُّه, وبفساده يفسد الجسد كلُّه كما جاء من قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «أَلاَ وَإِنَّ فيِ الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ القَلبُ»[11].
وأشار – صلَّى الله عليه وسلَّم – لَمَّا تحدَّث عن التَّقوى إلى صدره ثلاث مرَّات[12], ويؤيِّد ذلك ويؤكِّده قوله تعالى: +وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)_ [الحج].
وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِنَّ الله لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنظُرُ إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعمَالِكُمْ»[13].
وإذا كان محلُّ التَّقوى القلب فإنَّه لا يطَّلع على حقيقتها إلاَّ الله تعالى الَّذي هو علاَّم الغيوب, قال الله تعالى: +هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)_ [النجم].
وإنَّ التَّقوى من أعظم المطالب وأكرم المكاسب, وصاحبها في أعلى المراتب, وهي ذات أهمِّيَّة عظمى في حياة العبد المؤمن.
| أهميتها:
وإنَّ ممَّا يدلُّ على أهمِّيتها ويؤيِّد القول بعظم قدرها وعموم أثرها ما يلي:
– كونها – التَّقوى – وُسمت بكلمة التَّوحيد والإخلاص وسمِّيت بها؛ قال تعالى: +إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26)_ [الفتح] , قال ابن القيِّم: «وكلمة التَّقوى هي الكلمة الَّتي يتَّقى الله بها, وأعلى أنواع هذه الكلمة هي قول: «لا إله إلاَّ الله» , ثمَّ كلُّ كلمةٍ يُتَّقى الله بها بعدها فهي من كلمة التَّقوى»[14].
وقال مجاهد بن جبر: «إنَّ كلمة التَّقوى الإخلاص»[15].
– وهي كذلك ميزان التَّفاضل بين النَّاس وعنوان أهل الإكرام والإعزاز, قال تعالى: +يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)_ [الحجرات] , وما في هذه الآية يدلُّك على أنَّ التَّقوى هي المراعى عند الله وعند رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – دون الحسب والنَّسب.
– هي ميزان الأعمال وميزة حسنها وبرهان قبولها وعنوانها وشعار أهلها, قال تعالى: +إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)_ [المائدة], قال ابن القيِّم – رحمه الله -: «وأحسن ما قيل في تفسير الآية: أنَّه إنَّما يتقبَّل الله عمل من اتَّقاه في هذا العمل, وتقواه فيه أن يكون لوجهه على موافقة أمره, وهذا إنَّما يحصل بالعلم, وإذا كان هذا منزلة العلم وموقعه عُلِم أنَّه أشرف شيءٍ وأجلُّه وأفضله»[16].
– وهي وصيَّة الأنبياء لأقوامهم, فكانت محتوى بيانهم ومقتضى خطابهم, فما من نبيٍّ أرسله الله إلاَّ أوصى قومه بتقوى الله تعالى, وأكَّد في الوصيَّة لما لها من الأهمِّيَّة.
فبها أوصى نوحٌ – عليه السَّلام – قومَه, قال تعالى: +إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ (106)_ [الشعراء], وعليها قامت ودامت وصيَّةُ غيره من الأنبياء والمرسلين, قال تعالى عنهم:+إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ (124)_ [الشعراء], وقال تعالى: +إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142)_ [الشعراء], وقال تعالى: +إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161)_[الشعراء], وهكذا استمرَّت الوصيَّة بها – من قبل الأنبياء – جميعهم, وزادها النَّبيُّ محمَّدٌ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بيانًا لعظيم شأنها وتأكيدًا على أهمِّيتها.
– وممَّا يدلُّ كذلك على أهمِّيَّة التَّقوى أمر الله لعباده عامَّةً بالتَّحلِّي بها وأكَّد ذلك للمؤمنين خاصَّة حيث أمرهم بتقواه حقَّ تقاته, وممَّا جاء في ذلك من الأدلَّة قوله تعالى: +وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)_ [المؤمنون], وقوله تعالى: +يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)_ [الزمر] , وقال تعالى: +يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)_ [آل عمران].
وكانت وصيَّةً عظيمة الشَّأن والأهمِّيَّة لما أوصى الله تعالى بها كلَّ البريَّة، فقال تعالى: +وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ_ [: 131].
– وتتجلَّى كذلك أهمِّيتها وعظمتها لمَّا أمر الله تعالى خلقه بعبادته لتحقيقها, فالتَّقوى ثمرةٌ للعبادة, والعبادةُ وسيلةٌ للتَّقوى, وممَّا جاء في ذلك من البيان ما ورد ذكره في القرآن من قوله تعالى:+يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)_ [البقرة], وقوله تعالى في آية الصِّيام وأنَّه من أكبر أسباب التَّقوى حيث قال تعالى: +يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)_ [البقرة].
وكذا أوصى الله تعالى بالتزام أمره وعدم معصيته والسَّير في طريقه وعدم الحيدة عنه, وبذلك يحقِّق العبد التَّقوى, وهي مقتضى تلك الوصيَّة حيث قال تعالى: +وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)_ [الأنعام].
| ثمـارها:
إنَّ الله تعالى أكرم أهل التَّقوى فأسبغ عليهم ثمارًا وفضائل كثيرة وعظيمةً بسبب التَّقوى, وجعل فوائدها ومنافعها كثيرةً وعميمةً في حياتهم الدُّنيا, وكذا في الآخرة.
وهذه الثِّمار كثيرة لا تحصى وغزيرة لا تستقصى, فهي أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر, فنذكر منها ما حضر على سبيل الذِّكر لا الحصر, تذكرةً لكلِّ مدَّكر ومعتبر, ونذكر من ثمرات التَّقوى ما يلي:
– أنَّ صاحبها يوفِّقه الله تعالى لتحصيل العلم النَّافع, ويجعل له بسببها نورًا يهتدي به في ظلمات الجهل والضَّلال، ويرزقه بصيرةً وفرقانًا يميِّز به بين الحقِّ والباطل, والخير والشَّرِّ, قال الله تعالى:+يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)_ [الحديد][17]، وقال تعالى: +يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا_ [الأنفال: 29].
– أنَّ الله تعالى يجعل للمتَّقي من كلِّ همٍّ فرَجًا, ومن كلِّ ضيقٍ سعةً ومخرجًا, ومن كلِّ بلاءٍ عاقبة, ومنها أيضًا تحصيل الرِّزق له, وتيسير الأمور عليه, قال تعالى: +وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ_ [الطلاق][18], وقال تعالى: +وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)_ [الطلاق], قال الرَّبيع بن خثيم: «يجعل له مخرجًا من كلِّ ما ضاق على النَّاس».
– تكفير سيِّئات المتَّقي, وتعظيم أجوره, ومضاعفة حسناته ولو مع يسر عمله, قال تعالى: +وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)_ [الطلاق].
قال ابن كثير: «أي يذهب عنه المحذور, ويجزل له الثَّواب على العمل اليسير… ».
– نيل ولاية الله تعالى الَّتي لا تنال إلاَّ بطاعته وخشيته سبحانه, وتحصل له بها البشرى في الدُّنيا والآخرة, قال تعالى: +أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ_ [يونس].
فكلُّ من كان تقيًّا كان لله وليًّا, ومن كان عن التَّقوى متخلِّيًا لم يكن لله وليًّا ولو كان بالدَّعوى متحلِّيًا, قال تعالى: +وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (34)_[الأنفال].
– بالتَّقوى ينال العبد محبَّة الله, ويكون الله معه, قال سبحانه: +إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)_[التوبة], وقال تعالى: +وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)_ [البقرة].
– نجاة العبد من النَّار بعد الورود عليها يوم القيامة بحيث يرد التَّقيُّ عليها ورودًا ينجو به من عذابها, بينما الظَّالمون يردونها ورودًا يصيرون جثيًّا فيها بسبب الظُّلم, قال تعالى: +وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)_[مريم].
– أنَّها تكون سببَ كونه من ورثة جنَّة النَّعيم, قال تعالى: +تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)_ [مريم].
– حصول العاقبة الحسنة والطَّيِّبة لهم في الدُّنيا والآخرة: +وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)_[القصص].
وإنَّ ثمار التَّقوى كثيرة وغزيرة, ومتنوِّعة متعدِّية, لا يمكن ذكرها وحصرها في هذا المقال.
وإنَّما ذكرنا بعضها على سبيل المثال حتَّى يحسن بها الامتثال فيسعد صاحبها في الحال والمآل, واللهَ نسأل أن يرزقنا التَّقوى في كلِّ الأحوال.
مقال لفضيلة الشيخ عبد الغني عوسات نقلا عن موقع راية الاصلاح.
[1] جزء من حديث العرباض بن سارية السُّلمي, رواه أبو داود (4607) , والتِّرمذي (2676)، وقال: «حديث حسن صحيح».

[2] أخرجه مسلم (1731) من حديث بريدة – رضي الله عنه -.

[3] راجع «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (158).

[4] انظر «جامع العلوم والحكم» (168 ـ 171).

[5] «الرِّسالة التَّبوكيَّة» لابن القيِّم (43).

[6] انظر «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (170).

[7] أخرجه ابن المبارك في «الزُّهد» (1054), وهنَّاد بن السري في «الزُّهد» (522), وابن أبي شيبة في «المصنَّف» (11/ 32), وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 64).

[8] «الرِّسالة التَّبوكيَّة» (45).

[9] «سير أعلام النُّبلاء» (4/ 601).

[10] «الرِّسالة التَّبوكيَّة» (45).

[11] «صحيح البخاري» (52) و «صحيح مسلم» (1599).

[12] أخرجه مسلم (2564).

[13] «صحيح مسلم» (2564).

[14] انظر: «الضَّوء المنير على التَّفسير» (5/ 403)، «شفاء العليل» (ص60).

[15] «تفسير القرطبي» (16/ 691) , وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس – رضي الله عنهما -: قوله تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ بقول شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كلِّ تقوى.

[16] «مفتاح دار السَّعادة» (1/ 82).

[17] قال ابن القيِّم – رحمه الله – في تفسير هذه الآية: «ضمن الله تعالى لهم بالتَّقوى ثلاثة أمور:
أحدها: أعطاهم نصيبين من رحمته؛ نصيبًا في الدُّنيا, ونصيبًا في الآخرة, وقد يضاعف لهم نصيب الآخرة فيصير نصيبين.
الثَّاني: أعطاهم نورًا يمشون به في الظُّلمات.
الثَّالث: مغفرة ذنوبهم, وهذه غاية التَّيسير, فقد جعل الله تعالى التَّقوى سببًا لكلِّ يسر, وترك التَّقوى سببًا لكلَِّ عسر» راجع «الضَّوء المنير على التَّفسير» (5/ 625).

[18] لابن الفاكهاني رسالة لطيفة جمع فيها بعض أقوال المفسِّرين في هذه الآية, ووسمها بـ: «الغاية القصوى في الكلام على آية التَّقوى».

بارك الله فيك

التقوى: حقيقتها وأهميتها وثمراتها للشيخ عبد الغني عوسات 2024.



بسم الله الرحمن الرحيم

التقوى: حقيقتها وأهميتها وثمراتها للشيخ عبد الغني عوسات



إنَّ التَّقوى رأس كلِّ شيءٍ وجماع كلِّ خيرٍ, وهي غاية الدِّين ووصيَّة الله تعالى للنَّاس أجمعين؛ الأوَّلين منهم والآخرين, قال الله تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النساء: 131].
وهي أعظم وصيَّةٍ للعباد وخير زاد ليوم المعاد, وهي وصيَّة النَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – لأمَّته, قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «أُوصِيكُمْ بتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ…»[1]، فقد كان – صلَّى الله عليه وسلَّم – كثيرًا ما يوصي بها في خطبه ومواعظه.
وكان إذا بعث أميرًا على سريَّة أوصاه في خاصَّة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرًا[2].
ولم يزل السَّلف الصَّالح يتواصون بها كالخلفاء الرَّاشدين والأمراء والصَّالحين, فكان تمسُّكهم بها متينًا، وتواصيهم بها مبينًا, واستصحابهم إيَّاها معينًا, وكانوا يجعلونها نصب أعينهم, وميزان أقوالهم وأفعالهم في كلِّ مجالسهم ومواقفهم.
«كتب رجلٌ من السَّلف إلى أخٍ له: أوصيك بتقوى الله؛ فإنَّها أكرم ما أسررت، وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادَّخرت, أعاننا الله وإيَّاك عليها, وأوجب لنا ولك ثوابها»[3].
لذلك كانت وصيَّته – صلَّى الله عليه وسلَّم – لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه – بتقوى الله وجعلها مستغرقةً لكلِّ أحواله ومستحضرة في كلِّ شؤونه فقال له – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «اِتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ» أي: اتَّقه في خلوتك وجلوتك, في منشطك ومكرهك, وحلِّك وترحالك, وفي رضاك وغضبك, وشدَّتك ورخائك, فهي دليل الحذر من الشَّرِّ, وسبيل الظَّفر بالخير.
ذكر الحافظ ابن رجب – رحمه الله – نقولاً كثيرة في كتابه «جامع العلوم والحكم» تُظهر عنايةَ السَّلف بالتَّقوى ورعايتَهم لها وروايتَهم فيها ودرايتَهم بها.
حقيقتها:
وممَّا روي وذكر عنهم في تعريف حقيقة التَّقوى وخواصِّها وبيان أصلها وحدِّها – وهي كثيرة -[4]:
قول عمر بن عبد العزيز – رحمه الله -: «ليس تقوى الله بصيام النَّهار ولا بقيام الليل والتَّخليط فيما بين ذلك, ولكن تقوى الله تركُ ما حرَّم الله، وأداء ما افترض الله».
وعلى هذا تكون تقوى الله أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقايةً تقيه منه, ولا يتأتَّى له ذلك إلاَّ بفعل الأوامر واجتناب النَّواهي, وحقيقة ذلك كلِّه في العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا, أمرًا ونهيًا, فيفعل ما أمر الله به إيمانًا بأمره وتصديقًا بوعده, ويترك ما نهى الله عنه إيمانًا بالنَّهي وخوفًا من وعيده»[5].
وقال الحسن البصري – رحمه الله -: «المتَّقون اتَّقوا ما حرَّم الله عليهم وأدَّوا ما افترض الله عليهم»[6].
وممَّا قيل كذلك في حقيقة التَّقوى, ما قاله طلق بن حبيب – رحمه الله – – لمَّا كانت فتنة ابن الأشعث -: «إذا وقعت الفتنة فادفعوها بالتَّقوى؛ قالوا: وما التَّقوى؟ قال: أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نورٍ من الله تخاف عقاب الله»[7].
قال ابن القيِّم: «وهذا من أحسن ما قيل في حدِّ التَّقوى»[8].
وقال الحافظ الذَّهبي معلِّقًا على قول طلقٍ في التَّقوى: «أبدع وأوجز, فلا تقوى إلاَّ بعمل، ولا عمل إلاَّ بتروٍّ من العلم والاتِّباع, ولا ينفع ذلك إلاَّ بالإخلاص لله, لا ليقال فلان تاركٌ للمعاصي بنور الفقه, إذ المعاصي يفتقر اجتنابها إلى معرفتها, ويكون التَّرك خوفًا من الله, لا ليمدح بتركها؛ فمن داوم على هذه الوصيَّة فقد فاز»[9].
وقال ابن القيِّم كذلك: «فإنَّ كلَّ عملٍ لابدَّ له من مبدأ وغاية فلا يكون العمل طاعةً وقربةً حتَّى يكون مصدره عن الإيمان, فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض لا العادة ولا الهوى، ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك, بل لابدَّ أن يكون مبدؤه محضَ الإيمان وغايتُه ثوابَ الله وابتغاء مرضاته وهو الاحتساب» [10].
ومن خلال هذا التَّعريف والبيان لحقيقة التَّقوى تظهر عظمة شأنها في حياة الإنسان وعلوُّ منزلتها عند الواحد الدَّيَّان، وأنَّها الميزان لتفاضل النَّاس كما نصَّ القرآن, ولذلك كان مقرُّها في الإنسان القلب, الَّذي هو أعظم عضوٍ في الإنسان, والَّذي عليه مدار صلاح سائر الأعضاء والأركان حيث بصلاحه يصلح الجسد كلُّه, وبفساده يفسد الجسد كلُّه كما جاء من قوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «أَلاَ وَإِنَّ فيِ الجَسَدِ مُضغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ القَلبُ»[11].
وأشار – صلَّى الله عليه وسلَّم – لَمَّا تحدَّث عن التَّقوى إلى صدره ثلاث مرَّات[12], ويؤيِّد ذلك ويؤكِّده قوله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (32)_ [الحج].
وقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِنَّ الله لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنظُرُ إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعمَالِكُمْ»[13].
وإذا كان محلُّ التَّقوى القلب فإنَّه لا يطَّلع على حقيقتها إلاَّ الله تعالى الَّذي هو علاَّم الغيوب, قال الله تعالى: (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) (32)_ [النجم].
وإنَّ التَّقوى من أعظم المطالب وأكرم المكاسب, وصاحبها في أعلى المراتب, وهي ذات أهمِّيَّة عظمى في حياة العبد المؤمن.
أهميتها:
وإنَّ ممَّا يدلُّ على أهمِّيتها ويؤيِّد القول بعظم قدرها وعموم أثرها ما يلي:
– كونها – التَّقوى – وُسمت بكلمة التَّوحيد والإخلاص وسمِّيت بها؛ قال تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) (26)_ [الفتح] , قال ابن القيِّم: «وكلمة التَّقوى هي الكلمة الَّتي يتَّقى الله بها, وأعلى أنواع هذه الكلمة هي قول: «لا إله إلاَّ الله» , ثمَّ كلُّ كلمةٍ يُتَّقى الله بها بعدها فهي من كلمة التَّقوى»[14].
وقال مجاهد بن جبر: «إنَّ كلمة التَّقوى الإخلاص»[15].
– وهي كذلك ميزان التَّفاضل بين النَّاس وعنوان أهل الإكرام والإعزاز, قال تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)_ [الحجرات] , وما في هذه الآية يدلُّك على أنَّ التَّقوى هي المراعى عند الله وعند رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – دون الحسب والنَّسب.
– هي ميزان الأعمال وميزة حسنها وبرهان قبولها وعنوانها وشعار أهلها, قال تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (27)_ [المائدة], قال ابن القيِّم – رحمه الله -: «وأحسن ما قيل في تفسير الآية: أنَّه إنَّما يتقبَّل الله عمل من اتَّقاه في هذا العمل, وتقواه فيه أن يكون لوجهه على موافقة أمره, وهذا إنَّما يحصل بالعلم, وإذا كان هذا منزلة العلم وموقعه عُلِم أنَّه أشرف شيءٍ وأجلُّه وأفضله»[16].
– وهي وصيَّة الأنبياء لأقوامهم, فكانت محتوى بيانهم ومقتضى خطابهم, فما من نبيٍّ أرسله الله إلاَّ أوصى قومه بتقوى الله تعالى, وأكَّد في الوصيَّة لما لها من الأهمِّيَّة.
فبها أوصى نوحٌ – عليه السَّلام – قومَه, قال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلاَ تَتَّقُونَ) (106)_ [الشعراء], وعليها قامت ودامت وصيَّةُ غيره من الأنبياء والمرسلين, قال تعالى عنهم:(إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ (124)_ [الشعراء], وقال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ (142)_ [الشعراء], وقال تعالى: (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161)_[الشعراء], وهكذا استمرَّت الوصيَّة بها – من قبل الأنبياء – جميعهم, وزادها النَّبيُّ محمَّدٌ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بيانًا لعظيم شأنها وتأكيدًا على أهمِّيتها.
– وممَّا يدلُّ كذلك على أهمِّيَّة التَّقوى أمر الله لعباده عامَّةً بالتَّحلِّي بها وأكَّد ذلك للمؤمنين خاصَّة حيث أمرهم بتقواه حقَّ تقاته, وممَّا جاء في ذلك من الأدلَّة قوله تعالى: (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52)_ [المؤمنون], وقوله تعالى: (يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16)_ [الزمر] , وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)_ [آل عمران].
وكانت وصيَّةً عظيمة الشَّأن والأهمِّيَّة لما أوصى الله تعالى بها كلَّ البريَّة، فقال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ_ [: 131].
– وتتجلَّى كذلك أهمِّيتها وعظمتها لمَّا أمر الله تعالى خلقه بعبادته لتحقيقها, فالتَّقوى ثمرةٌ للعبادة, والعبادةُ وسيلةٌ للتَّقوى, وممَّا جاء في ذلك من البيان ما ورد ذكره في القرآن من قوله تعالى:(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)_ [البقرة], وقوله تعالى في آية الصِّيام وأنَّه من أكبر أسباب التَّقوى حيث قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)_ [البقرة].
وكذا أوصى الله تعالى بالتزام أمره وعدم معصيته والسَّير في طريقه وعدم الحيدة عنه, وبذلك يحقِّق العبد التَّقوى, وهي مقتضى تلك الوصيَّة حيث قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)_ [الأنعام].
ثمـارها:
إنَّ الله تعالى أكرم أهل التَّقوى فأسبغ عليهم ثمارًا وفضائل كثيرة وعظيمةً بسبب التَّقوى, وجعل فوائدها ومنافعها كثيرةً وعميمةً في حياتهم الدُّنيا, وكذا في الآخرة.
وهذه الثِّمار كثيرة لا تحصى وغزيرة لا تستقصى, فهي أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر, فنذكر منها ما حضر على سبيل الذِّكر لا الحصر, تذكرةً لكلِّ مدَّكر ومعتبر, ونذكر من ثمرات التَّقوى ما يلي:
– أنَّ صاحبها يوفِّقه الله تعالى لتحصيل العلم النَّافع, ويجعل له بسببها نورًا يهتدي به في ظلمات الجهل والضَّلال، ويرزقه بصيرةً وفرقانًا يميِّز به بين الحقِّ والباطل, والخير والشَّرِّ, قال الله تعالىالقعدةيَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)_ [الحديد][17]، وقال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا_ [الأنفال: 29].
– أنَّ الله تعالى يجعل للمتَّقي من كلِّ همٍّ فرَجًا, ومن كلِّ ضيقٍ سعةً ومخرجًا, ومن كلِّ بلاءٍ عاقبة, ومنها أيضًا تحصيل الرِّزق له, وتيسير الأمور عليه, قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ_ [الطلاق][18], وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)_ [الطلاق], قال الرَّبيع بن خثيم: «يجعل له مخرجًا من كلِّ ما ضاق على النَّاس».
– تكفير سيِّئات المتَّقي, وتعظيم أجوره, ومضاعفة حسناته ولو مع يسر عمله, قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)_ [الطلاق].
قال ابن كثير: «أي يذهب عنه المحذور, ويجزل له الثَّواب على العمل اليسير… ».
– نيل ولاية الله تعالى الَّتي لا تنال إلاَّ بطاعته وخشيته سبحانه, وتحصل له بها البشرى في الدُّنيا والآخرة, قال تعالى: (أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ_ [يونس].
فكلُّ من كان تقيًّا كان لله وليًّا, ومن كان عن التَّقوى متخلِّيًا لم يكن لله وليًّا ولو كان بالدَّعوى متحلِّيًا, قال تعالى: (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (34)_[الأنفال].
– بالتَّقوى ينال العبد محبَّة الله, ويكون الله معه, قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)_[التوبة], وقال تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194)_ [البقرة].
– نجاة العبد من النَّار بعد الورود عليها يوم القيامة بحيث يرد التَّقيُّ عليها ورودًا ينجو به من عذابها, بينما الظَّالمون يردونها ورودًا يصيرون جثيًّا فيها بسبب الظُّلم, قال تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)_[مريم].
– أنَّها تكون سببَ كونه من ورثة جنَّة النَّعيم, قال تعالى: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)_ [مريم].
– حصول العاقبة الحسنة والطَّيِّبة لهم في الدُّنيا والآخرة: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)_[القصص].
وإنَّ ثمار التَّقوى كثيرة وغزيرة, ومتنوِّعة متعدِّية, لا يمكن ذكرها وحصرها في هذا المقال.
وإنَّما ذكرنا بعضها على سبيل المثال حتَّى يحسن بها الامتثال فيسعد صاحبها في الحال والمآل, واللهَ نسأل أن يرزقنا التَّقوى في كلِّ الأحوال.

[1] جزء من حديث العرباض بن سارية السُّلمي, رواه أبو داود (4607) , والتِّرمذي (2676)، وقال: «حديث حسن صحيح».

[2] أخرجه مسلم (1731) من حديث بريدة – رضي الله عنه -.

[3] راجع «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (158).

[4] انظر «جامع العلوم والحكم» (168 ـ 171).

[5] «الرِّسالة التَّبوكيَّة» لابن القيِّم (43).

[6] انظر «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (170).

[7] أخرجه ابن المبارك في «الزُّهد» (1054), وهنَّاد بن السري في «الزُّهد» (522), وابن أبي شيبة في «المصنَّف» (11/ 32), وأبو نعيم في «الحلية» (3/ 64).

[8] «الرِّسالة التَّبوكيَّة» (45).

[9] «سير أعلام النُّبلاء» (4/ 601).

[10] «الرِّسالة التَّبوكيَّة» (45).

[11] «صحيح البخاري» (52) و «صحيح مسلم» (1599).

[12] أخرجه مسلم (2564).

[13] «صحيح مسلم» (2564).

[14] انظر: «الضَّوء المنير على التَّفسير» (5/ 403)، «شفاء العليل» (ص60).

[15] «تفسير القرطبي» (16/ 691) , وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عبَّاس – رضي الله عنهما -: قوله تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ بقول شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كلِّ تقوى.

[16] «***** دار السَّعادة» (1/ 82).

[17] قال ابن القيِّم – رحمه الله – في تفسير هذه الآية: «ضمن الله تعالى لهم بالتَّقوى ثلاثة أمور:
أحدها: أعطاهم نصيبين من رحمته؛ نصيبًا في الدُّنيا, ونصيبًا في الآخرة, وقد يضاعف لهم نصيب الآخرة فيصير نصيبين.
الثَّاني: أعطاهم نورًا يمشون به في الظُّلمات.
الثَّالث: مغفرة ذنوبهم, وهذه غاية التَّيسير, فقد جعل الله تعالى التَّقوى سببًا لكلِّ يسر, وترك التَّقوى سببًا لكلَِّ عسر» راجع «الضَّوء المنير على التَّفسير» (5/ 625).

[18] لابن الفاكهاني رسالة لطيفة جمع فيها بعض أقوال المفسِّرين في هذه الآية, ووسمها بـ: «الغاية القصوى في الكلام على آية التَّقوى».

واللهَ نسأل أن يرزقنا التَّقوى في كلِّ الأحوال.

أصل التقوى في القلوب. 2024.

قال أبو الدرداء ‏ رضي الله عنه ‏:‏ يا حبذا نوم الأكياس ‏‏ وفطرهم كيف يغبنون به قيام الحمقى وصومهم، والذرة من صاحب تقوى أفضل من أمثال الجبال عبادة من المغترين‏.‏ وهذا من جواهر الكلام وأدله على كمال فقه الصحابة وتقدمهم على من بعدهم في كل خير ، رضي الله عنهم‏.‏

فاعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه‏.‏ والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح‏.‏ قال تعالى‏ «‏ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب‏» ‏ سورة الحج‏:‏ الآية رقم :‏32‏‏ ، وقال ‏:‏ ‏ «‏لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم‏» ‏ الحج ‏:‏ الآية رقم ‏:‏‏‏37‏‏ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏ « التقوى ههنا‏:‏ وأشار إلى صدره‏» ‏‏‏رواه الترمذي وأحمد بن حنبل.

فالكيس يقطع من المسافة بصحة العزيمة وعلو الهمة وتجريد القصد وصحة النية مع العمل القليل ، أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير والسفر الشاق، فإن العزيمة والمحبة تذهب المشقة وتطيب السير، والقدم والسبق إلى الله سبحانه إنما هو بالهمم وصدق الرغبة والعزيمة ، فيتقدم صاحب الهمة مع سكونه صاحب العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله، وهذا موضع يحتاج إلى تفصيل يوافق فيه الإسلام الإحسان‏.‏

الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية

بارك الله فيك.

التقوى وثمراتها 2024.

القعدة

"سئل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أبيّ ابن كعب فقال له : ما التقوى ؟ فقال أبيّ : يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً فيه شوك ؟! فقال : نعم ، قال : فماذا فعلت ؟ قال عمر: أُشمّر عن ساقي و أنظر الى مواضع قدميا و أقدم قدماً و أؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكه ، فقال أبيّ ابن كعب : تلك هي التقوى ".

فهي تشمـير للطاعه ، و نظرٌ في الحلال و الحرام ، و ورعٌ من الزلل ، و مخافة و خشية من الكبير المتعال.

و هي أساس الدين و بها يرتقى الى مراتب اليقين ، و زاد القلوب و الأرواح فيها تقتات و بها تقوى .

و اذا قلت التقوى : ظهر الفساد و الاامراض و الفيضانات كما و تنزع البركه بالمعصيه

القعدة

المعنى الشرعي :

القعدة

أن تجعل بينك و بين ما حرّم الله حاجز

امتثال الأوامر و اجتناب النواهي

الخوف من الجليل و العمل بالتنزيل و القناعة بالقليل و الاستعداد ليوم الرحيل

القعدة

من ثمرات التقوى :

القعدة

– تسهيل في الأمور و تيسير الأسباب ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً )

القعدة

– العلم ، يعطى العلم النافع من جراء التقوى (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ، فمن أسباب نقصان العلم المعاصي فإنها تصد عن العلم و تسبب نقص الحفظ و عدم انفتاح النفس للعلم و الحماس له

القعدة

شكوت إلى وكيع سوء حفظي**** فأرشدني إلى ترك المعاصي

وأخبـــرني بـــأن العلــــم نـــور **** ونــــور الله لا يهدى لعـــاصٍ

القعدة

– يرزق البصيره و الفرقان ( يفرق بين الحق و الباطل ) و يوفق (إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً)

القعدة

– يرزق محبة الله و محبة الملائكه و محبة الناس ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ )

القعدة

– نصرة الله للمتقي و تأييده له و تسديده ( وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ) المعيه هذه معية نصره و تأييد و تسديد

القعدة

– ان المتقي يرزق بركات من السماء و الأرض ، و البركه ( تقليل الكثير ) الزياده و الخير و العافيه ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ )

القعدة

– البشرى ، ثناء من الخلق ، رؤية صالحه ، ذكرٌ حسن بين الناس

– الحفظ من كيد الأعداء ( وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاًً )

القعدة

– حفظ للأبناء بعد الوفاة ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ) ، ( وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ) ان الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده و ولد ولده و قريته التي هو فيها .

القعدة

– سبب لقبول العمل (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)

– سبب للنجاة من عذاب الدنيا ( وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )

– يجد بها حلاوه و شرف و هيبه و وقار بين الخلق

– توصل الى مرضاة الرب و تكفير السيئات و انجاة من النار و الدخول للجنه ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً )

القعدة

– العز و الفوقيه للخلق يوم القيامه غير عز الدنيا ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )

نسأل الله أن يجعلنا من أهل التقوى

القعدة
القعدة

مع تحيات
صاحبة القلب الحنون

بارك الله فيك وجزاك كل خير

السلام عليكم ورحمة الله

جزاك الله خيرا على الموضوع ومنتظرين منك المزيد

تحياتي

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الثقوى يا أخي ديالى و بارك الله فيك على هذا المرور الرائع

القعدة

أختكم في الله صاحبة القلب الحنون
القعدة

امين امين
بارك الله فيك اخي ميكروسوفت على المرور المفيد
والشامل سلمت يدك
وحفظك الله ورعاك
تحيااااااااااااتي

النجوى في ادراك التقوى 2024.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين: أما بعد فالتقوى مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة وعنوان السعادة ، والعبد أحوج ما يكون إلى لزوم التقوى في جميع أحواله ولا يصلح حاله ويتيسر أمره إلا بذلك , والتارك للتقوى متعسر عليه أمره وفاقد للسعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة .

وقد أمر الله عباده بالتقوى فقال سبحانه ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )
وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) وقد وصى الله بها الأولين والآخرين فقال سبحانه ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله ) .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ملازما للتقوى من أخشى العباد لله وأتقاهم له , وكان يسأل الله الثبات على التقوى , وكان يوصى أصحابه بذلك كما قال لأبى ذر : " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن" رواه الترمذي.
وقال : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة " رواه أبو داود والترمذي, وبين أن أهل التقوى هم أفضل الناس وأكرمهم عند الله فقد سئل صلى الله عليه وسلم " من أكرم الناس فقال اتقاهم" متفق عليه
وقيل : يا رسول الله أي الناس أفضل , فذكر المجاهد ثم قال " مؤمن في شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره " متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب العبد التقى النقي الخفي " رواه مسلم.
وكان السلف الصالح يتواصون بالتقوى.

والتقوى أن يجعل العبيد بينه وبين عذاب الله وعقابه وقاية تقيه من ذلك , ويكون ذلك بفعل الأوامر واجتناب النواهي , فالتقوى اسم جامع لطاعة الله والعمل بها في ما أمر به أو نهى عنه , فإذا انتهى المؤمن عما نهاه الله وعمل بما أمره الله فقد أطاع الله وأتقاه.

وقال ابن القيم : التقوى ثلاث مراتب :
(1) حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات.
(2) حميتها عن المكروهات .
(3) الحمية عن الفضول وعما لا يعنى .

وقد كان السلف الصالح يتقون بعض المباحات خشية الوقوع في المحرمات , فيجعلون التقوى حائلا منيعا من الوقوع فيما حرم الله , قال الحسن : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من الحلال مخافة الحرام "

وفى الحديث " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس"

* وللتقوى ثمرات عظيمة:
(1) تحقق معية الله قال تعالى ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ).
(2) حصول محبة الله قال تعالى ( إن الله يحب المتقين ).
(3) دوام المحبة بين المتقين قال تعالى ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ).
(4) تيسير الأمور قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ).
(5) الانتفاع بالقرآن قال تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ).
(6) الفلاح قال تعالى ( واتقوا الله لعلكم تفلحون ).
(7) الوقاية من الخوف والحزن قال تعالى ( فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ).
(8) قبول العمل قال تعالى ( إنما يتقبل الله من المتقين ).
(9) مقعد الصدق قال تعالى ( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر).
(10) الحفظ من كيد الأعداء , قال تعالى ( وأن تتقوا وتصبروا لا يضركم كيدهم شيئا ).
(11) غفران الذنوب قال تعالى ( من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ).
(12) حصول الرزق قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ).
(13) الفرقان بين الحق والباطل, قال تعالى ( إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا )
(14) الحفظ من وساوس الشيطان , قال تعالى ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ).
(15) النجاة من النار قال تعالى ( وان منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجى الذين اتقوا ).
(16) دخول الجنة ( تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ).

* وللتقوى طرق إذا سلكها العبد أوصلته إليها:
1- أداء الفرائض قال تعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون )
2- مجاهدة النفس قال تعالى ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم )
3- الدعاء ( واجعلنا للمتقين إماما ) وكان رسول الله يدعو " آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها" رواه مسلم.
4- إتباع الحق قال تعالى ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون)
5- تلاوة القران ( وكذلك أنزلناه قرانا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا ).

* وثمة أمور لا تنافى التقوى ولا تمنع الإتصاف بها :
(1) مقارفة الصغائر مع عدم الإصرار عليها .
(2) الوقوع في الكبائر أحياناً مع التوبة والإقلاع عنها , قال تعالى في وصف المتقين ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ).
(3) الاستمتاع بالمباحات وملذات الدنيا .
والحاصل أن من لزم الطاعة وغلب عليه امتثال الأوامر واجتناب النواهي وكان ظاهره السلامة من الآثام دخل في عداد أهل التقوى واتصف بها ولو قارف صغيره أو ألم بكبيرة أو توسع في مباح كما دل الشرع على ذلك , ولا يكاد أحد يسلم من هذا حتى الصديقين والصالحين .

والفرق بين المتقي وغيره أن المتقي وقاف عند حدود الله رجاع للحق إذا حصل منه تقصير سريع الإنابة من الغي إلى الرشد لا يغتر بحلم الله ولا يأمن مكره ، وهكذا كان حال الصحابة ، أما الفاجر فعاكف على شهوته ملازم للغفلة بعيد عن التوبة لا يقيم لحدود الله شأنا ولا يرفع بالموعظة رأسا عبداً للدنيا كأنه مخلداً فيها.

* موانع التقوى :
1- الجهل .
2- إتباع الهوى.
3- حب الدنيا.
4- طول الأمل.

* وقد أمر الشارع باتقاء أمور عظيمة :
1- اتقاء النار قال النبي صلى الله عليه وسلم " اتقوا النار ولو بشق تمره"

2-اتقاء الشبهات قال النبي صلى الله عليه وسلم " فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"

3 -اتقاء الرياء قال النبي صلى الله عليه وسلم " أيها الناس اتقوا هذا الشرك فانه اخفي من دبيب النمل" رواه احمد
.

4-اتقاء دعوة المظلوم " قال النبي صلى الله اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة"

5- اتقاء الشح قال النبي صلى الله عليه وسلم واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم "رواه مسلم

6- اتقاء الدنيا والنساء قال النبي صلى الله عليه وسلم " فاتقوا الدنيا واتقوا النساء"

7- اتقاء شر اللسان قال النبي صلى الله عليه وسلم " ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه قال : كف عليك هذا" رواه الترمذي.

* وليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم " التقوى هاهنا وأشار إلى صدره " حجة لمن زعم أن من عرف الله بقلبه كان من أهل التقوى ولو كان مفرطا في الواجبات مسرفا في المحرمات ، إنما المراد أن التقوى أصله في القلب , ومن اتقى قلبه اتقت جوارحه ومن فسدت جوارحه فسد قلبه , فالجوارح تابعة للقلب صلاحا وفسادا ، ومن ادعى التقوى وهو مطلق جوارحه في المعاصي فهو كاذب في دعواه مخالف للشرع مخادع لنفسه والله المستعان .

* ومما يعين على تحصيل التقوى :

أولا : التعرف على الله بأسمائه الحسنى وصفاته وتصور عظمته وإحاطة علمه وعظيم سلطانه وقهره وملكوته , فإذا تصور العبد ذلك أورثه الخشية و الإنابة ولزوم الطاعة.

ثانيا : معرفة عذاب الله وعقابه واثآر سخطه وغضبه ونقمه ومقته والتعرف على تفاصيل ذلك في الكتاب والسنة فإذا تفكر العبد في ذلك أورث عنده مقام المراقبة والمشاهدة والمحاسبة .

ثالثا : التدبر في نعيم أهل التقوى وما أعده الله لهم من المنازل والسرور والحبور والقصور فإذا تدبر العبد ذلك أقبل على الطاعة وعظم عنده الرجاء والطمع في رحمة الله.

رابعا : النظر في سير المتقين السابقين وصحبة الصالحين وملازمتهم فان العبد إذا لازم أهل التقوى تأثر بهم واهتدى بطريقتهم.

خامسا : حبس النفس على فعل الخيرات ومجاهدتها على ترك السيئات فان النفس إذا قسرت على الخير وفطمت عن الشر شق ذلك عليها أول الأمر ثم ألفته بعد ذلك وصار عادة لها .

سادسا : الفرار من أصحاب السوء وأهل المجون و الابتعاد عن بيئة الفساد وأماكن الفتنة , فان المرء يتأثر غالبا بالشر ويألف المعصية والنفس داعية للعصيان واتباع الشهوات محبب لها.

بقلم : خالد بن سعود البليهد

عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة

مشكورة يا أنين
العف و الشكر لله

جزاكم الله خيرا

التقوى 2024.

التقوى

إن الحمد الله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فلقد بين الله جل وعلى حكمة وفائدة من فوائد الصيام وحكمه ألا وهي حصول تقوى الله جل وعلى قال الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .

فالتقوى هي : أن يجعل العبد بينه وبين غضب الله وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته وترك معصيته، كما قال طلق بن حبيب: التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.

وقد فسَّر ابن مسعود رضي الله عنه تقوى الله بقوله : أن يطاع فلا يعصى, ويذكر فلا ينسى, وأن يشكر فلا يكفر.

وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه :التقوى هي الخوف من الجليل, والعمل بالتنزيل, والرضى بالقليل, والاستعداد ليوم الرحيل.

التقوى سبب للفوز والفلاح في الدنيا والآخرة، ولها في دين الله منزلة عظمى، ومما يدل على أهميتها وعظيم شأنها أمور منها : أن الله أوصى الأولين والآخرين بها كما في قوله جل وعلى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) .

ومنها : أن الله أمر وأوجب العمل بها في آيات كثيرة كقوله جل وعلى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) وقوله جل وعلى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ) .

ومما يدل على أهمية التقوى : حثه صلى الله عليه وسلم عليها في أحاديث كثيرة، من ذلك ما رواه أبو أمامة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال: "اتقوا الله ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ولاة أمركم تدخلوا جنة ربكم" رواه الترمذي وصححه العلامة الألباني .

ومن ذلك : وصيته صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حيث قال له: "اتق الله حيث ما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق النّاس بخلق حسن" خرّجه الإمام الترمذي، وقال : حسن صحيح .

قال العرباض ابن سارية رضي الله عنه: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنّها موعظة مودع فأوصنا فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة…" الحديث.

قال الحافظ ابن رجب : فهاتان الكلمتان تجمعان سعادة الدنيا والآخرة "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ربه ويسأله التقوى ففي صحيح مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغِنَى" ومما يدل على عظيمة منزلة التقوى أنها أكثر ما يدخل الجنّة لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أكثر ما يدخل النّاس الجنة فقال: "تقوى الله وحسن الخلق" رواه الترمذي.

وأما صفات المتقين : فقد ذكرها الله في مواضع من كتابه فمن ذلك قوله جل وعلى: (ألم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَقِين الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وصفهم الله بالإيمان بالغيب وإيقام الصلاة والإنفاق في طرق الخير وأنهم يؤمنون بالقرآن وما قبله من الكتب المنزلة وأنهم بالآخرة يوقنون. أما الموضع الثاني فهو قول ربنا جل وعلى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) ووصفهم ربنا بالإنفاق في العسر واليسر وكظم الغيظ والعفو عن الناس والمبادرة للتوبة والاستغفار إذا أذنبوا وأنهم لا يصرون على المعاصي ومن صفات المتقين ما ذكره الله بقوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ. كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ. وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ووصفهم الله بالإحسان في عبادة الله والإحسان إلى عباد الله وبقيام الليل والاستغفار في الأسحار والإنفاق على الفقراء الذين يطلبون من الناس, والذين لا يسألونهم.

معاشر المؤمنين .. إن للتقوى ثمرات يجنيها المتقي في الدنيا والآخرة، فمن ثمراتها : الانتفاع بالقرآن والاهتداء به؛ لقوله جل وعلى: (ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هدىً لِلْمُتَقِين) . ومنها : أن الله مع المتقين يؤيدهم وينصرهم قال الله جل وعلى: (وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) .

ومنها : الفوز بجنات النعيم لقوله عز وجل: (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) وقوله سبحانه وتعالى: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا) وقوله سبحانه: (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) .

ومن ثمراتها : أن المتقين تقرب لهم الجنة كما قال الله جل وعلى: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) .

ومنها : أن صحبة المتقين ومحبتهم دائمة في الدنيا والآخرة وكل صحبة غيرها فإنها تنقلب يوم القيامة إلى (الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) . ومنها : أن المتقين في مقعد صدق عند ربهم قال الله جل وعلى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ. فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ). ومنها : محبة الله للمتقين لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي" خرجه الإمام مسلم.

ومن ثمراتها : فتح البركات من السماء والأرض (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) . ومنها : توفيق صاحب التقوى للتفريق بين الحق والباطل لقوله جل وعلى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) . ومنها : العاقبة الحميدة الحسنة في الدنيا والآخرة لقوله جل وعلى : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) .

ومن ثمراتها : تيسير الأمور وتفريج الكربات لقوله جل وعلى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) وقوله سبحانه وتعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا) . ومنها : تكفير السيئات لقوله جل وعلى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) .

فاللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل أقول هذا واستغفر الله لي ولكم .

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده رسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:

فكيف كان هدي النبي محمدا صلى الله عليه وسلم في هذا الباب العظيم والخصلة الحسنة تقوى الله جل وعلى؟ لقد كان الرسول صلى عليه وسلم يخبر عن نفسه أنه أتقى الناس لله، فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادت النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها قالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" متفق عليه .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب في العمل الصالح الموصل للتقوى وإن قل فعن عدي ابن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" خرجاه في الصحيحين وكان صلى الله عليه وسلم يوصي أزواجه بتقوى الله فعن أنس رضي الله عنه قال: بلغ صفية بنت حيي أم المؤمنين رضي الله عنها أن حفصة قالت في شأنها بنت يهودي فبكت صفية فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقال: "ما يبكيك" فقالت قالت لي حفصة: إني بنت يهودي فقال صلى الله عليه وسلم: "إنك لبنت نبي وإنك لتحت نبي ففيما تفخر عليك" ثم قال:"اتق الله يا حفصة" خرجه الإمام أحمد وغيره .

وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بتقوى الله والعدل بين الأولاد يوصي بتقوى الله في معاملة الأولاد؛ فعن النعمان ابن بشير رضي الله عنه قال: تصدق علي أبي ببعض ماله فقالت أمي: عمرة بنت رواحة لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي فقال عليه الصلاة والسلام: "أفعلت هذا بولدك كلهم" قال: لا, فقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم" قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة. خرجه الشيخان.

وكان صلى الله عليه وسلم يحث على مصاحبة أهل التقى والإيمان عن أبي سعيد رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" رواه أبو داوود والترمذي.

سأل رجل أبى هريرة رضي الله عنه ما التقوى؟ فقال: هل أخذت طريق ذا شوك؟ قال: نعم قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه, قال ذاك: التقوى. عن مالك ابن أنس رضي الله عنه قال: بلغني أن رجل من الفقهاء كتب إلى ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: ألا إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم من رضي بالقضاء وصبر على البلاء وشكر على النعماء وصدق باللسان ووفى بالوعد والعهد وتلى لأحكام القرآن. وقال عمر ابن عبد العزيز رحمه الله : التقي ملجم لا يفعل كل ما يريد.

فيا معاشر المؤمنين .. اتقوا الله سبحانه وتعالى اتقو الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد, استعدوا رحمكم الله بالعمل الصالح، وعليكم بتقوى الله في السر والعلن، واحذروا مداخل الشيطان اللعين ووساوسه، واسألوا الله الإعانة والثبات واسألوا الله عز وجل القبول, سلوه أن يتقبل منكم عملكم الصالح, فإن ابراهيم واسماعيل لما قاما بذلك العمل الصالح العظيم بناء بيت الله الحرام دعوا الله جل وعلى (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) .

اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله لا إله أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤ أحد. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين الله آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين اللهم من أرادنا وعلماءنا وولاة أمرنا وجنودنا بسوء اللهم رد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرا عليه يا سميع الدعاء اللهم اكفناه بما تشاء إنك أنت السميع العليم، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن .

ماشاء الله عليك يا ام همام ابدعتي في كتابة موضوع مميز ومفيد والاهم من دلك انه غني بالفوائد والمعلومات القيمة جزاك الله الف خير ان شاء الله .
و اياك اخيتي
بارك الله فيك على الرد
بارك الله فيــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــك
بارك اللله فيك اختي على الموضوع سلمت يداك وجعله الله في ميزان خسناتك
شكرا

تعاونوا على البر والتقوى 2024.

اطلب منكم اخوتي واخواتي مساعدة في مادة العلوم لانني اجد صعوبة فيها خاصة درس النقل المشبكي فمن اراد مساعدتي فاجره على الله و من فمعلومة منكم و مني افاديني و افادتكم و افادت غيري.