أصل التقوى في القلوب. 2024.

قال أبو الدرداء ‏ رضي الله عنه ‏:‏ يا حبذا نوم الأكياس ‏‏ وفطرهم كيف يغبنون به قيام الحمقى وصومهم، والذرة من صاحب تقوى أفضل من أمثال الجبال عبادة من المغترين‏.‏ وهذا من جواهر الكلام وأدله على كمال فقه الصحابة وتقدمهم على من بعدهم في كل خير ، رضي الله عنهم‏.‏

فاعلم أن العبد إنما يقطع منازل السير إلى الله بقلبه وهمته لا ببدنه‏.‏ والتقوى في الحقيقة تقوى القلوب لا تقوى الجوارح‏.‏ قال تعالى‏ «‏ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب‏» ‏ سورة الحج‏:‏ الآية رقم :‏32‏‏ ، وقال ‏:‏ ‏ «‏لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم‏» ‏ الحج ‏:‏ الآية رقم ‏:‏‏‏37‏‏ ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏ « التقوى ههنا‏:‏ وأشار إلى صدره‏» ‏‏‏رواه الترمذي وأحمد بن حنبل.

فالكيس يقطع من المسافة بصحة العزيمة وعلو الهمة وتجريد القصد وصحة النية مع العمل القليل ، أضعاف أضعاف ما يقطعه الفارغ من ذلك مع التعب الكثير والسفر الشاق، فإن العزيمة والمحبة تذهب المشقة وتطيب السير، والقدم والسبق إلى الله سبحانه إنما هو بالهمم وصدق الرغبة والعزيمة ، فيتقدم صاحب الهمة مع سكونه صاحب العمل الكثير بمراحل، فإن ساواه في همته تقدم عليه بعمله، وهذا موضع يحتاج إلى تفصيل يوافق فيه الإسلام الإحسان‏.‏

الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية

بارك الله فيك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.