ما حكم الإجهاض في الإسلام، وهل يجوز في مدة معينة؟ 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

السؤال
ما حكم الإجهاض في الإسلام، وهل يجوز في مدة معينة؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب


هذا فيه تفصيل فأمره عظيم، الإجهاض أمره عظيم وفيه تفصيل: إذا كان في الأربعين الأولى فالأمر فيه أوسع إذا دعت الحاجة إلى إجهاض؛ لأن عندها أطفال صغار تربيهم ويشق عليها الحمل؛ أو لأنها مريضة يشق عليها الحمل فلا بأس بإسقاطه في الأربعين الأولى، أما في الأربعين الثانية بعد العلقة أو المضغة … هذا أشد، ليس لها إسقاطه إلا عند عذرٍ شديد مرضٍ شديد يقرر الطبيب المختص أنه يضرها بقاؤه فلا مانع من إسقاطه بهذه الحالة عند خوف الضرر الكبير، وأما بعد نفخ الروح فيه بعد الشهر الرابع فلا يجوز إسقاطه أبداً، بل يجب عليها أن تصبر وتتحمل حتى تلد إن شاء الله، إلا إذا قرر طبيبان أو أكثر مختصان ثقتان أن بقاءه يقتلها سبب لموتها فلا بأس بتعاطي أسباب إخراجه حذراً من موتها؛ لأن حياتها ألزم، عند الضرورة القصوى بتقرير طبيبين فأكثر ثقات أن بقاءه يضرها وأن عليها خطراً بالموت إذا بقي فلا بأس، إذا وجد ذلك بالشروط المذكورة فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وهكذا لو كان مشوهاً تشويهاً يضرها لو بقي يكون فيه خطر عليها قرر طبيبان فأكثر أن هذا الولد لو بقي عليه خطر الموت لأسباب في الطفل، فهذا كله يجوز عن الضرورة إذا كان عليها خطر، خطر الموت بتقرير طبيبين أو أكثر مختصين ثقتين.
الشيخ ابن باز رحمه الله

يعطيك الصحة خويا حكيم
بارك الله فيك
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lemia23 القعدة
القعدة
القعدة
يعطيك الصحة خويا حكيم
بارك الله فيك
القعدة القعدة

وبارك الله فيك اختى لمياء
ريى يوفقك

أرجوك لا تشارك في الحرب على . الإسلام! . 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, إنه من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا, وصلِ اللهم على سيدنا محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد, وصلِ اللهم على الصحابة الأطهار ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:

قال الله تعالى:
"يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" {البقرة/217}

أخوة الإيمان والإسلام عباد الله, أخبرنا ربنا عز وجلّ أن الكافرين لا يزالون يقاتلونا وليس غرضهم شيء إلا أن يرجعونا عن ديننا, وأن يصبح المؤمنون كفاراً بعد إيمانهم ويكونوا من أصحاب السعير, فهم باذلون قدرتهم في ذلك ساعون بما أمكنهم.

وقال عز وجلّ:
" إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ"{الأنفال/36} "لِيَمِيزَ اللّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىَ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" {الأنفال/37}

تبين تلك الآيتان الكريمتان مدى عداوة المشركين وكيدهم ومكرهم ومبارزتهم لله ورسوله وسعيهم في إطفاء نوره وإخماد كلمته وأن وبال مكرهم سيعود عليهم ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله, فالمشركون مهما اختلفت عقائدهم وأساليبهم إلا أنهم دائماً ما يصدرون النفقة والمال والجهد لمحاربة دين الله تعالى في الأرض, ولكن الله يعلمنا أن تلك النفقة التي خفت عليهم لتمسكهم بالباطل ولشدة بغضهم للحق ستكون ندامة وخزياً وذلاً لهم, فتذهب أموالهم وما أملوا ويعذبون في الآخرة أشد العذاب, والخاسرون هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين.

والمشركون اليوم أعداء الدين –قاتلهم الله ونصرنا عليهم- وجدوا أسلوباً جديداً يسره لهم التقدم التكنولوجي في عصرنا هذا, ولم تصبح الحرب في ميادين القتال فقط بل انضمت لها حرب فكرية تساندها لتحقيق غاياتهم الخبيثة ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

من المقدمة السابقة أردت توضيح نقطة هامة في عصرنا هذا وهي أن الحرب ضد المسلمين مستمرة إلى قيام الساعة, ولكن تعددت أساليب القتال ضد المسلمين, وللأسف انضم بعض المسلمون إلى العدو في حربهم, ولكن دون قصد منهم وهم يحسبون أنهم يقومون بواجبهم تجاه دينهم. كيف هذا؟

يخرج علينا كل يوم موقع إلكتروني جديد أعده أعداء الله ليطعنوا في دينه ورسوله –صلى الله عليه وسلم- وأمهات المؤمنين والصحابة -رضوان الله عليهم-, وكل هدفهم أن يطلع المسلمون على تلك المواقع النتنة أي كانت لغتها, هم لا يقولون للمسلم أكفر ولكنهم يتدرجون ويتمايلون كالحية حتى إذا اقتربت من فريستها أنقضت عليها وقضت على أنفاسها في ثوان. يريدون أن يصل كلامهم إلى شباب المسلمين, يريدون أن يستمع لهم أحد منا ليحققوا مرادهم, فيكفيهم إثارة الشكوك والشبهات في نفوسنا و إن لم ينجحوا في هذا فيكفيهم أنهم قد أسمعوك ما تكره في الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-, ولكن من يضمن نفسه من الوقوع في الشرك وقد قال الذي لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم- :

« إِنَّ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ فِتَناً كَأَنَّهَا قِطَعُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِناً وَيُمْسِى كَافِراً وَيَبِيعُ فِيهَا أَقْوَامٌ خَلاَقَهُمْ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا ». (مسند الإمام أحمد).

مما يثير في القلب الحزن أن يرى المسلم أخاه ينشر بين إخوانه تلك المواقع بدعوى التحذير منها (وأتحدى أن يصل رابط لموقع من المواقع مثل التي ذكرناها من قبل إلى أحد الشباب قليلي العلم إلا ويقوم بفتحه وقراءة ما فيه) وهذا تحديداً ما أراده أعداء الدين, وللأسف الشديد انتشرت هذه الظاهرة كثيراً عن طريق المنتديات ورسائل البريد الإلكتروني بالتحذير من تلك المواقع ونحن إن كنا نحسن الظن بالمسلمين ولكن لا نرضى أبداً بمثل هذا.

قال الله تعالى:
"وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا" {النساء/140}

أي أن الله بيّن فيما أنزل حكمه الشرعي عند حضور مجالس الكفر والمعاصي, فالواجب على كل مكلف في آيات الله الإيمان بها وتعظيمها وإجلالها وتفخيمها وهذا هو المقصود بإنزالها وهو الذي خلق الله الخلق لأجله فضد الإيمان الكفر بها وضد تعظيمها الاستهزاء بها واحتقارها ويدخل في ذلك حضور مجالس المعاصي والفسوق التي يستهان فيها بأوامر الله ونواهيه وتقتحم حدوده التي حدها لعباده, ومنتهى هذا النهي عن القعود معهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإن استمر مجالستهم رغم ذلك فإنكم إذاً مثلهم لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم والراضي بالمعصية كالفاعل لها, والحاصل أن من حضر مجلساً يعصى الله به فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم مع القدرة أو القيام مع عدمها.

وأنا لا استطيع إيقاع الآية على مواقع الكفار الإلكترونية التي يستهزأ فيها بدين الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- أو إثارة الشبهات لأنني لست عالماً ولا أعرف هل تطابق تلك المواقع أوصاف مجالس الكفر والاستهزاء, ولكن أضعف الإيمان ألا نساعد على نشر تلك المواقع بين المسلمين ولا حتى الدخول عليها (إلا بالطبع لأهل العلم لرد تلك الشبهات) بل الواجب علينا كمسلمين نحب الله ورسوله أن نتسلح بالعلم والتقوى ثم ننشر المواقع الإسلامية الدعوية لنشر الخير بين الشباب حتى إذا صادف مثل تلك المواقع القذرة يكون محصناً بإذن الله تعالى بالإيمان والتقوى والعلم. فكيف أنشر بيدي مواقع تستهزئ بكلام الله عز وجل وبكلام حبيبنا محمد –صلى الله عليه وسلم-.

قد يتحجج أحد الأخوة ويقول أننا ننشرها حتى يقوم الهاكرز بمهاجمة تلك المواقع! في رأيي أن الأهم عدم نشرها بين المسلمين لأن الضرر أكبر من النفع, كما يمكن مراسلة الهاكرز إن كانوا موجودين بالأساس وطلب ذلك منهم دون الحاجة لنشرها هكذا!

ويكفي أن أختم قولي بسؤال وهو: هل إذا قام أحد الأشخاص بإرسال رسالة لك يسب فيها والديك ويشكك في حسن أخلاقهما وصدقهما مفترياً عليك, فهل ستقوم بنشر تلك الرسالة بين الناس؟

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ إِلاَّ نَفْسِى. فَقَالَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ ». قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ الآنَ وَاللَّهِ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الآنَ يَا عُمَرُ ». (مسند الإمام أحمد).

أتأسف على الإطالة ولكن الموضوع جد خطير ولا يمكن السكوت عنه, فلقد سمعت عن أناس تنصروا بسبب تساهلهم في التخاطب مع القساوسة والرهبان عن طريق البالتوك وما شابه ذلك, وليس منا من لم يهمه أمر المسلمين.

أسأل الله الإخلاص في القول والعمل وأن يغفر لي ولوالدي وللمؤمنين وأن يبلغنا الفردوس الأعلى, وصلِ اللهم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.

لا تنسونا من دعاءكم

سبحان الله وبحمده, سبحانك اللهم وبحمدك, أشهد أن لا إله إلا أنت, استغفرك وأتوب إليك

منقـــــــــــــول
تقبلروا ارق التحية

عظماء في الإسلام» الصحابة 2024.

[SIZE="4"]القعقاع بن عمرو التميمي
القعقاع بن عمرو التميمي
لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل أبو بكر

القعقاع بن عمرو التميمي أحد فرسان العرب الموصوفين ، وشعرائهم المعروفين
يقال له صحبة ، وقد روي عنه أنه شهد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم-
كان من أشجع الناس وأعظمهم بلاءً ، وسكن الكوفة

القادسية
كتب عمر بن الخطاب الي سعد القعدة أي فارس أيام القادسية كان أفرس ؟ وأي رجل كان أرجل ؟ وأي راكب كان أثبت ؟) فكتب إليه القعدة لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو ! حمل في يوم ثلاثين حملة ، ويقتل في كل حملة كمِيّاً )

اليرموك
شهد القعقاع -رضي الله عنه اليرموك ، فقد كان على كُرْدوسٍ من كراديس أهل العراق يوم اليرموك ، وكان للقعقاع في كل موقعة شعر فقد قال يوم اليرموك القعدة
ألَمْ تَرَنَا على اليرموك فُزنا كما فُزنـا بأيـام العـراق
فتحنا قبلها بُصـرى وكانتْ محرّمة الجناب لدَى البُعـاق
وعذراءُ المدائـن قد فتحنـا ومَرْجَ الصُّفَّرين على العِتَـاقِ
فضضنا جمعَهم لمّا استحالوا على الواقوص بالبتـر الرّقاقِ
قتلنا الروم حتـى ما تُساوي على اليرموك ثفْروق الوِراقِ

حكم من أقر بالشهادتين ولم يأت ببقية أركان الإسلام للشيخ إبن باز رحمه الله تعالى 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
حكم من أقر بالشهادتين ولم يأت ببقية أركان الإسلام

هناك شيء يتردد بين أوساط الناس حيث يقولون مثلاً: الصلاة يشترط لها الإسلام، والحج أيضاً يشترط له الإسلام
إن الإنسان قد يكون مسلماً، ولو لم يأت ببقية أركان الإسلام..
نريد تجلية هذا الموضوع؟

الشيخ :
هو مسلم بالشهادتين، متى أقر بالشهادتين ووحد الله عزَّ وجلَّ، وصدَّق رسوله محمداًَ صلى الله عليه وسلم دخل في الإسلام، ثم يُنظر فإن صلى تم إسلامه وإن لم يصلِّ صار مرتداً، وهكذا لو أنكر الصلاة بعد ذلك صار مرتداً، أو أنكر الصيام وقال: صيام شهر رمضان ليس بواجب صار مرتداً، أو قال: الزكاة ليست بواجبة صار مرتداً، أو قال: الحج مع الاستطاعة غير واجب صار مرتداً، أو استهزأ بالدين أو سبّ الرسول صلى الله عليه وسلم صار مرتداً.

فإذا دخل في الإسلام بالشهادتين حكم له بالإسلام، ثم ينظر بعد ذلك في بقية الأمور، فإن استقام على الحق تم إسلامه، وإن وجد ما ينقص الإسلام من سبِّ الدين أو من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم أو من جحد ما أو جب الله من صلاة أو صوم أو من جحد لما حرم الله صار مرتداً، ولو صلى وصام، ولو قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
فلو قال: إن الزنا حلال، وهو يعلم الأدلة وقد أقيمت عليه الحجة يكون كافراً بالله كفراً أكبر، أو قال: إن الخمر حلال، وقد بينت له الأدلة ووضحت له ثم أصرَّ على القول بأن الخمر حلال، يكون كافراً كفراً أكبر ومرتداً عن الإسلام، أو قال: إن العقوق للوالدين حلال، فإن ذلك ردة عن الإسلام، أو قال: إن شهادة الزور حلال، يكون مرتداً عن الإسلام بعد أن تبين له الأدلة الشرعية.
كذلك إذا قال: الصلاة ليست بواجبة، أو قال: ليست الزكاة بواجبة، أو قال: صيام رمضان ليس بواجب، أو قال: الحج مع الاستطاعة ليس بواجب، كلُّ هذه نواقض من نواقص الإسلام، يكون بها كافراً.

إنما الخلاف إذا قال: الصلاة واجبة، ولكن أتساهل فلا أصلي، فهذا محل خلاف: هل يكفر أم لا؟
فجمهور الفقهاء يقولون: لا يكفر ويكون عاصياً يستتاب فإن تاب وإلا قتل حداً. وذهب آخرون من أهل العلم المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أنه يكفر بها كفراً أكبر، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً، لقول الله جلَّ وعلا: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ[1]، فدلَّ ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله، بل يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال:
فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ[2]، فدل على أن الذي لا يقيم الصلاة ليس بأخٍ لنا في الدين
[1] – سورة التوبة الآية 5.
[2] – سورة التوبة الآية 11
من الموقع الرسمي
للشيخ إبن باز رحمه الله تعالى

بارك الله اخي ماستر
وعليكم السلام

بارك الله فيك أخي

نحن قوم أعزنا الله بالإسلام 2024.

نحن قوم أعزنا الله بالإسلام
عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام عرضت له مخالصة فنزل عن بعيره ونزع موفيه فأمسكها بيده وخالص الماء ومعه بعيره فقال له أبو عبيدة قد صنعت اليوم صنيعاً عظيماً عند أهل الأرض صنعت كذا وكذا قال فصك صدره وقال أوه لو غيرك يقولها أبو عبيدة..إنكم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس فأعزكم الله بالإسلام فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله . وفي رواية نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة من غيره أذلنا الله.

نعم نحن قوم أعزنا الله بالانتساب والانتماء لهذا الدين العظيم:[ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا] .
نحن قوم أعزنا الله بدين الإسلام [وَللهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ].
أعزنا الله بتوحيده وحده لا شريك له[وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا] .
أعزنا الله بإتباع شرعه وشريعته [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] {النساء:65}
أعزنا الله بطاعته وأكرمنا بعبادته وشرفنا بالعبودية له .

أعزنا الله بنبذ الجاهلية وشعاراتها وأحكامها وأرجاسها ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) .
أعزنا الله بالتحاكم إلى الشرع والرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي ).
أعزنا الله بالتزام آداب هذا الدين وأخلاقه ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) .
أعزنا الله فحفظ نساءنا وأكرم المرأة فكنا ـــ الرجال كانت مهينة وأحياها بعد ما كانت مؤودة وأعزها بالقرار والحجاب والعفاف والحشمة والبعد عن التبرج والسفور ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن الجاهلية الأولى ) ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ) .
أعزنا الله بمحمد رسولاً نبياً خاتم النبيين وأفضل المرسلين الرحيم الرءوف بأمته ما ترك خيراً ألا ودلها عليه ولا شراً إلا حذرها منه ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) .
أيها الأخوة:
لقد بلغت الأمة ذرى المجد والعلياء والعز والشرف بهذا الدين حتى عمت أرجائها مشارق الأرض ومغاربها يهابها الأعداء ودخل الناس دين أفواجا.
أعزها الله بالتمسك بالدين القويم والمنهج السليم.
واليوم لما ابتغت العزة من غير هذا الدين أذلها الله ابتغيت القوة من غير الإيمان والإسلام ونظر المسلمون إلى القوة المادية أنها كل شيء فخسروا كل شيء..نظرنا إلى الحياة أنها حياة الحضارات الزائفة والمظاهر والشكليات ورأينا التقدم بالتفسخ والعري واقتراف المحرمات .
رأينا الحرية هو بنزع الأخلاق والآداب والتحرر من تعاليم الإسلام .
رأينا أن العلم والثقافة هو ما عند الكفار من ظواهر الحياة الدنيا وغفلنا عن علم الآخرة .
رأينا أن تقدمنا وازدهار حياتنا هو بقطع الصلة عن ديننا وعن كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم زهدنا بالميراث الحق من هدى القران ونوره والاستضاءة بهدي سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وبحثنا عن زبالة الأفكار وصديد الأقوال .
لم نرفع رأساً بهدى الله الذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم روضينا أن نرتضع من قيء الجاهلية وفسادها ، تناسينا رابطة الدين وأخوة الإيمان ، وبحثنا عن روابط الجنس والعرق والتراب والطين .
لم نرفع بالإسلام رأساً وإنما أردنا أن نعتز بعروبتنا وثقافة العرب ومجد العرب . وهل للعرب مجد غير عز الإسلام أم هي طغيان أبي جهل وأبي بن خلف .
أردنا أن تكون نساءنا كنساء الغرب والشرق كاسيات عاريات مائلات مميلات ، تبرج وسفور واختلاط ، نزع للحجاب وخضوع بالقول ، وإظهار للمفاتن . كل ذلك عنوان للتطور والحضارة والتقدم والازدهار.
لم نرتض بألبسة الإسلام حتى رأينا أن عنوان كرامتنا أن نأخذ ما يلبسه عدونا من لباس ومن شعار.
وانظر إلى الشباب والشابات والنساء والرجال لتعرف أننا أمة رضيت بالشهوات واللذائذ ورضيت أن تكون في مؤخرة الركب والأكل من فتات الموائد وتوغلت الانهزامية في قلوبنا وتعمقت في نفوسنا حتى رأينا أن لا قوة ولا نصر إلا مع الكفار فتعلقت نفوسنا بهم.
رأينا أن نمو الثروات وارتفاع الاقتصاد هو بالربا والغش في المعاملات وأكل أموال الناس بالباطل .
رأينا أن المادة هي كل شيء في حياتنا فهي الرابطة التي تربط بين المجتمع وعلى قدرها تكون قيمة صاحبها ومكانته عند الناس.
فما هي النتيجة اليوم ( أذلنا الله ).
( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ) رواه أبو داوود عن ابن عمر وهو صحيح.
( الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا ) .
أيها الأخوة:
إن المسلم هو الذي ينظر إلى الآخرة ومصيرها ويوقن أن المسلم في هذه الحياة يتشرف بعبوديته لله فيلتزم بهذا الدين ليكون له شرف الدنيا والآخرة ليكون له عز الدنيا وكرامة الآخرة فلا يعتز إلا بالإسلام وهدي سيد الأنام عليه الصلاة والسلام ولا يتشرف إلا بالاهتداء بالقران والسنة ويرى أن طريق الإسلام هو خير الطرق وأفضلها وأسعدها وأكرمها وهو الصراط المستقيم الموصل إلى الجنة .

وأن تلك الدعوات والأبواق التي تدعونا إلى التخلي عن ديننا وعقيدتنا وأن نتنازل عن تعاليم الإسلام إنما هي سبل الشيطان[وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {الأنعام:153}.
وفي الآخرة يقول الله تبارك وتعالى:[لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللهِ لَا يُخْلِفُ اللهُ المِيعَادَ] {الزُّمر:20}.

وقال تعالى:[وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ]{البقرة:25}.

ويأتي ذكر الفرق في القران[لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي البِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المِهَادُ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ] .

وقال تعالى:[إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ] {محمد:12}.

الشيخد.أحمد بن صالح الطويان
السلام عليكم
نعم بارك الله فيكم وأكرمكم
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام
لكننا اليوم صار الواحد منا يخجل بدينه إلا من رحم ربك
ولما تكلم أحدا عن دينه أو خطئه وتنهاه عن المنكر..ترى تلك النظرة نظرة المتكبر..كأنك متخلف عن ركب الحضارة وأي حضارة حضارة قاصرة سافرة.
فاللهم ردنا إلى ديننا ردا جميلا /

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mouhamed.dz القعدة
القعدة
القعدة

السلام عليكم
نعم بارك الله فيكم وأكرمكم
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام
لكننا اليوم صار الواحد منا يخجل بدينه إلا من رحم ربك
ولما تكلم أحدا عن دينه أو خطئه وتنهاه عن المنكر..ترى تلك النظرة نظرة المتكبر..كأنك متخلف عن ركب الحضارة وأي حضارة حضارة قاصرة سافرة.
فاللهم ردنا إلى ديننا ردا جميلا /

القعدة القعدة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اللهم آمين.ولابد للمرئ أن يصبر في دعوته ويحتسب أجره من الله أعانكم الكريم وثبتكم على الدين والحق .وفيكم بارك الرحمان وأكرمكم ورفع قدركم في الدارين وجزيتم خيرا على ردكم الطيب

بوركت~ أختي الفاضلة
*/- أخي محمد رعاك الله وبارك فيك : : الدي تكلمتَ عنه ومن يخجل بدينه فهدا ليس له إيمان في الأصل أو ناقص إيمان ., لو تمسك الواحد منا بدينه بحق وصحح عقيدته لتغيرت المفاهيم
ولكن نحن في زمن غربة كما أخبرنا به محمد صلى الله عليه وسلم
ولوعلم الواحد منا ما لهؤلاء الغرباء في هدا الزمان لصرخ بأعلى صوته وقال ::
أنـــــــ~ـــــــ~ـــــــــــا المسلم وأفتخر(وأقصد المسلم المتمسك بالكتاب والسنة بحق)
وإن وجدت وقتا إن شاء الله قريبا سأضع موضوع في الصوتيات محاضرة عنوانها {غرباء} للشيخ خالد الراشد ومحاضرة طيبة بجد إن شاء الله (قليل الدخول بسبب إنقطاع الأنترنت في البيت من فترة طويلة-دعواتكم بالرجوع قريبا)
**
عدرا أخيتي سلمى إن أطلتُ في الكلام..’’,,

القعدة

بارك الله فيك وجزاك الله عنا كل خير ….القعدة

يعطيك العافيه وفي أنتظار تميز جديدك…..القعدة
دمت في حفظ الرحمن …..القعدة
الأخ محمد

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حيدرة القعدة
القعدة
القعدة

بوركت~ أختي الفاضلة
*/- أخي محمد رعاك الله وبارك فيك : : الدي تكلمتَ عنه ومن يخجل بدينه فهدا ليس له إيمان في الأصل أو ناقص إيمان ., لو تمسك الواحد منا بدينه بحق وصحح عقيدته لتغيرت المفاهيم
ولكن نحن في زمن غربة كما أخبرنا به محمد صلى الله عليه وسلم
ولوعلم الواحد منا ما لهؤلاء الغرباء في هدا الزمان لصرخ بأعلى صوته وقال ::
أنـــــــ~ـــــــ~ـــــــــــا المسلم وأفتخر(وأقصد المسلم المتمسك بالكتاب والسنة بحق)
وإن وجدت وقتا إن شاء الله قريبا سأضع موضوع في الصوتيات محاضرة عنوانها {غرباء} للشيخ خالد الراشد ومحاضرة طيبة بجد إن شاء الله (قليل الدخول بسبب إنقطاع الأنترنت في البيت من فترة طويلة-دعواتكم بالرجوع قريبا)
**
عدرا أخيتي سلمى إن أطلتُ في الكلام..’’,,

القعدة القعدة
وطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس .وفيكم بارك الرحمان وجزيتم كل الخير على مداخلتكم وعلى ردكم الطيب ونسأل الله أن نكون من الغرباء الذين أثنى عليهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة barca.moha القعدة
القعدة
القعدة

القعدة

بارك الله فيك وجزاك الله عنا كل خير ….القعدة

يعطيك العافيه وفي أنتظار تميز جديدك…..القعدة
دمت في حفظ الرحمن …..القعدة
الأخ محمد

القعدة القعدة
حفظكم الرحمان وسدد خطاكم لكل خير. وفيكم بارك الرحمان ولكم خير الجزاء وبوركتم على ردكم الطيب

اكيد يبقى الاسلام خاتم الديانات
وهو الدين الحق
بارك الله فيك

بارك الله فيك نعم الموضوع قرات
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة assoma القعدة
القعدة
القعدة

اكيد يبقى الاسلام خاتم الديانات
وهو الدين الحق
بارك الله فيك

القعدة القعدة
وفيكِ بارك الرحمان وجزيتِ خيرا أخيتي على ردك الطيب

الجواب عن تعريفات أعداء الإسلام 2024.

الجواب عن تعريفات أعداء الإسلام (للسنة) الثاني: أن كلمة السنة قد تخصصت في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم- بأنها الطريقة – طريقته – صلى الله عليه وسلم- في تبليغ ما أوحي إليه من بيان القرآن بلفظه وأسلوبه (حديثًا) أو بفعله (عملاً) أو بتقريره (إجازةً) وهما في دلالتهما كاللفظ – التي يجب على المسلمين اتباعها، فإن عليهم أن يطيعوه ويستجيبوا له في كل ما يأمرهم به، وينهاهم عنه، ويندبهم إليه، كما قال عز وجل (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [ الحشر /7]، وكما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) [ النساء /59 ]. وآيات القرآن كثيرة في وجوب اتباع النبي – صلى الله عليه وسلم- فيما أمر به ونهى عنه، والشواهد كثيرة على أن كلمة السنة قد أضيفت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وتخصصت بأنها طريقته، ومن تلك الشواهد قوله في حديث الرهط الثلاثة: (… تلك سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني)(1)، وقوله: (عليكم بسنتي)(2). وإذا جاوزنا عهد النبي – صلى الله عليه وسلم- إلى عهد الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين لهم بإحسان وجدنا الأمر قد استقر عندهم على أن كلمة السنة تعني طريقة النبي – صلى الله عليه وسلم- دون سواه، وعلى أنها إذا ذكرت معرفة (بأل) ولم تقيد بشأن فلا تنصرف إلا إلى طريقة النبي – صلى الله عليه وسلم-. ومن الشواهد التي دلت على ذلك: ما رواه ابن شهاب الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في قصته مع الحجاج الثقفي بشأن وقت صلاة الجمعة، يقول عبد الله للحجاج: " إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة " أي أَدِّ الصلاة في وقت الهجير الذي يكون عند منتصف النهار"، قال ابن شهاب: " قلت لسالم هل فعله رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، قال سالم: وهل كانوا يعنون بذلك إلا سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- "(3). فنقل سالم وهو تابعي جليل ثقة وأحد فقهاء المدينة عن الصحابة أنهم إذا استعملوا كلمة السنة مطلقة لا يريدون بها إلا طريقة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- دون سواه، وبهذه الشهادة الصحيحة الواضحة تندفع دعوى هؤلاء الأعداء القائلة بأن كلمة السنة لم تتخصص إلا في نهاية القرن الثالث الهجري. الثالث: أن القول بأن السنة هي السنة العملية المتواترة فقط، قول لا صحة له، بل هو اصطلاح حادث لا يخفى بطلانه(4)، لأنا بينا سابقا أن السنة تشمل أقوال النبي – صلى الله عليه وسلم-، وأفعاله، وتقريراته، وهذا الذي عليه أهل العلم قديمًا وحديثًا (5). ولو قصرت السنة على السنة المتواترة العملية لفرط في كثير من الأحاديث القولية التي نقلت عنه – صلى الله عليه وسلم- في جميع جوانب الدين، في الأحكام، والأخلاق، والمواعظ.(6) بل وفرط في السنن العملية التي لم يداوم على فعلها النبي – صلى الله عليه وسلم-، أو لم يثبت استمراره عليها، كصوم يوم عاشوراء(7)، وصلاة القيام التي صلاها بالناس ثلاث ليال من رمضان فقط(8)، وكالصيغ المختلفة لدعاء الاستفتاح(9). وإطلاق السنة على الأحاديث القولية ليس اصطلاحا حادثا كما يزعمون، وإنما هو أمر معهود في الصدر الأول(10). الرابع: أن كلمة السنة كانت في جميع الاستعمالات – كما هو واضح من الأمثلة التي أوردناها – تتخصص بمن تضاف إليه أو بما توصف به، أو بالسياق الذي ترد فيه، فينبغي ملاحظة ذلك في كافة استعمالاتها، سواء في اللغة، أو في القرآن الكريم، أو في الأحاديث والآثار، وإهمال ذلك يؤدي – كما رأينا – إلى خلط كبير. الخامس: أن مصطلح السنة ومصطلح الحديث كانا مترادفين زمن النبوة المباركة، وزمن الصحابة -رضي الله عنهم- وزمن التابعين وتابعيهم -رضي الله عن الجميع-، وعلى ذلك علماء الشرع الحنيف – وقد سبق بيان ذلك – خلافًا لأعداء الإسلام الزاعمين: أن مصطلح السنة غير مصطلح الحديث، وأنهما يجب أن يكونا متميزين عن بعضهما.

(1) سبق تخريجه.
(2) سبق تخريجه.
(3) صحيح البخاري، كتاب الحج، باب الجمع بين الصلاتين، رقم (1662).
(4) انظر: الأنوار الكاشفة ص 57.
(5) انظر: موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي ص 68-70 فقد نقل فيه مؤلفه سبعة عشر قولاً من أقوال أهل العلم مما يدل على إطلاق السنة على أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته.
(6) انظر: دفاع عن السنة ص 291.
(7) الحديث أخرجه أحمد في مسنده (1/241) بلفظ: (صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود..)

(8) انظر الحديث في صحيح البخاري، كتاب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل، رقم (1129).
(9) انظر: موقف الجماعة الإسلامية من الحديث النبوي ص 57.
(10) انظر: دفاع عن السنة ص 291.

مكانة المرأة في الإسلام _حملة صيفنا إبداع 2024.

القعدة

مكانة المرأة في الإسلام
المرأة حقل الإنجاب البشري‏,‏ ومهد الحنان والرحمة والأمان‏,‏ ومدرسة التربية والتهذيب والإرشاد‏..‏ التي يتربي فيها الطفل‏,‏ تحفظه وترعاه‏,‏ وتغذيه من دمها وروحها‏,‏ مع أنها حملته كرها.

, ووضعته كرها, وتحملت الوهن الشديد, مانحة حبها وعطفها بلا حدود, ومعطية مودتها وبرها وخيرها بلا نهاية, سعيدة بمشاركة الرجل, مكملة له في الوجود والحياة والرسالة والهدف والمكانة في المجتمع, مهما كانت الصعاب والمشقات والشدائد.


ولم تشهد المرأة في شتي العصور والأزمنة, نصيرا وراعيا وحافظا مكرما كالإسلام, الذي قدر دورها العظيم في التربية, ومجد رسالتها الجليلة, وعطاءها الفريد, وقبل الإسلام كان الوأد البشع مصير الكثيرات من الإناث, ومعه جهل كبير, وتحقير واسع, وحزن بارز, وتوار من القوم, يقول الله تعالي: وإذا بشر أحدهم بالأنثي ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون, لقد ظلمها أهل الجاهلية ظلما فادحا, وآثروا البنين, فضاع الكثير من البنات, وابتعدت الشفقة والرحمة, وغابت العدالة, وسقط الفضل والنبل, ولم يكن هناك إلا الكراهية والجور والإهانة والسخرية تتصدي لهن في البيت والأسرة والمجتمع والطرق والأسواق وغيرها.



أما الإسلام فقد دفع عن المرأة الظلم, وخلصها من الأغلال والبغض, وجعل لها حقوقا لم تكن تعرفها من قبل, كالميراث, والانفراد بتدبير أمورها, وامتلاك إرادتها, والتصرف في ملكيتها الخاصة, واختيار زوجها, والتماس العلم وغيره, مما يؤكد أن الإسلام أسبغ نعمته عليها, وأزال كل ضروب المعاناة والهوان والعن, والجرائم والآلام والتفاوت, ورد لها كرامتها, وصان حريتها, وأحاط مسيرتها بالإجلال والعدل والإحسان والرعاية, ونالت حقها في البيعة والقصاص, وتولي أمور البيع والشراء والاستثمار.

لقد ظفرت المرأة بالتبجيل والاحترام والحماية التي تحرم الإباحية, وهدم كيان الأسرة, وتفرض كل ما يجعلها صالحة نافعة, قريرة العين بالقيم والأخلاق. إن تكريمها حرص علي أن تحظي بالمكانة التي تليق بها كأم وزوجة وأخت ومخلوق كريم, وفرض لها من الحقوق ما حرمت منه قبل الإسلام, يقول المولي عز وجل: للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا, وأصبح لها في زواجها عناية بالغة بصداقها, وتقرير أنه حق خاص بها, وفي العلاقة الزوجية سمو بالطهر, وأمر بالمعروف في العشرة, والإخلاص في الترابط والمشاركة التي تسيطر عليها المودة والرحمة, وإعزاز للألفة والمحبة والكرامة, يقول الله سبحانه: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة, ويقول أيضا: وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. أما عن البغض والتنافر, وفقد سبيل البقاء والإصلاح والاستمرار, فإن الخالق يوصي بالحق والعدل والإحسان والمعروف, حيث يقول: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

إن تكريم المرأة يوجب أن تلزم منهج الله, وسنة رسوله( صلي الله عليه وسلم) لكي تحقق سعادة البشرية ورقيها, ومنهج الله, وسنة رسوله يحتمان التمسك بما يرضي الله في زيها وزينتها, وفي الحياة الاجتماعية, والعلاقات الإنسانية, فتقوي الله تطالبها بالفضيلة, والحشمة, والطهر, والعفة دائما, واجتناب التبرج, وكل ما يقود إلي الابتذال, والسفور, والإباحية, والانطلاق إلي الشهوات والمنكرات, يقول الله تعالي: قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم إن الله خبير بما يصنعون, وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن علي جيوبهن.


إن الحياء يقوم بدور كبير في صيانة المرأة, فهو وازع يعصمها من اقتراف الآثام, وارتكاب الدنايا, وهو رمز الصلاح والإصلاح, يقول رسول الله( صلي الله عليه وسلم): إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء, وعلي كل من تود تزكية نفسها, وتقويم خلقها, وتهذيب أعمالها أن تدرك أنه يقودها إلي الترفع, ويحفظ عليها شرفها, ويصون عفتها, وبه تنال محبة الله, ورضاء الناس, قال رسول الله( صلي الله عليه وسلم): ما كان الفحش في كل شيء إلا شانه, وما كان الحياء في شيء إلا زانه.


أما من تريد الفوز بالصراط المستقيم, ورضوان الله, فإن مكارم الأخلاق, وسبل التقوي, وطرق الهدي توصلها إلي ذلك, يقول سبحانه اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

القعدة

الحمد لله على نعمة الإسلآم

بآرك الله اخيتي

جعله الله في ميزان حسنآتك

سلسلة قطوف من هدايات الإسلام : التـّفَكُّرْ 2024.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بسم الله الرحمن الرحيم و به على كل خير و فلاح نستعين

أما بعد :

في القرآن آياتٌ عديدة مشتملة على الحث على التفكر ، وبيان عظيم شأنه وجليل قدره وكبير عوائده وفوائده ، وثناءٌ على أهله وبيانٌ لعلوِّ مقامهم ورفعة شأنهم ؛ يقول الله سبحانه وتعالى : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة:219] ،

ويقول سبحانه : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الرعد:3] ،

ويقول جل وعلا : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:11] ،

ويقول جل وعلا : {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ } [الروم:8] ،

ويقول الله سبحانه : {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس:24] ،

ويقول جل وعلا : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:21] ،

والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا ، ويقول الله عزَّ وجل في الثناء على أوليائه المقربين أولي الألباب مبيِّناً عظيم مقامهم وعلوَّ شأنهم وجمال تفكرهم : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:191] .

وهذا التفكر العظيم الذي دعا الله عزَّ وجل عباده إليه وحثَّهم عليه ورغَّبهم فيه *****ُ كل خير ، وأساس كل فلاحٍ وصلاح ، ومنبع كل فضيلة ، وهو من عبوديات القلب العظيمة الجليلة ، وهو ينقل الإنسان من الغفلة إلى اليقظة ، ومن المعصية إلى الطاعة ، ومن المهانة إلى المعزَّة ، وينقله من الحقارات والدناءات وخسيس الأمور وحقيرها إلى معالي الأمور ورفيعها وعليِّها.

من تفكر في عظمة الله وأنه عزَّ وجل مطَّلعٌ على العباد لا تخفى عليه منهم خافية ، سميعٌ بصير ، عليمٌ قدير ؛ فإن هذا التفكر يمنعه من الوقوع في معصية الله عزَّ وجل ، وقد قال الله تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر:28] .

من تفكر في الآخرة وأنها ارتحلت مقبِلة وأنها هي الحيَوان ، وتفكر في نعيمها وما أعدَّ الله سبحانه وتعالى لأوليائه من عظيم المآب وجميل الثواب ؛ فإن ذلك يحفِزه ويدفعه لحُسْن التهيؤ وتمام الاستعداد ليوم المعاد .

من تفكر في هوان الدنيا وحقارتها وسرعة زوالها وتصرُّمها ؛ فإنه لن يجعلها أكبر هــمِّه ولا مبلغ علمه .

من تفكر في الذنوب وعظَم خطورتها وسوء عواقبها على أهلها في الدنيا والآخرة ؛ فإنه يحاذر من الوقوع فيها ويتجنَّبها .

من يتفكر في العبادات وأنه إنما خُلق في هذه الحياة للقيام بها وتحقيقها ؛ فإنه يجاهد نفسه على القيام بها على أتمِّ وجهٍ وأحسن حال .

من يتفكر في هذه المخلوقات وما فيها من جمالٍ وآيات باهرات وحججٍ ساطعات وبراهين واضحات ؛ أدخلت إلى قلبه العبرة والعظة . والتفكرُ في آلاء الله سبحانه وتعالى ونعَمه عبوديةٌ عظيمة تجعل القلب يقبِل على الله خضوعاً وذُلا وإيماناً بكمال الخالق وعظمة المبدع سبحانه ، فهاهم أولوا الألباب وقد مرَّ معنا ثناء الله عليهم {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ }

ويُثمر هذا التفكر تلك الدعوات العظيمات { رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} .

ومن لم يَشغَل قلبه بالأفكار النافعات والتفكير الذي يعود عليه بالخيرات في دنياه وأخراه انشغل قلبه بأفكارٍ رديئة وتفكرٍ مذموم في أمور منحطَّة وأعمالٍ خسيسةٍ حقيرة ؛ ولهذا يشبِّه بعض أهل العلم النفس البشرية بأن مثلها كمثل الرحى دائمة الدوران تطحن كل ما أُلقي فيها ، فمن وضع في هذه الرحى قمحاً وشعيراً وجد طحيناً ينتفع به ، ومن يضع فيها قذراً أو حجراً أو حصًى أو رملاً أو زجاجاً فلن يحصِّل منه طحيناً ينتفع به ، وهكذا نفس الإنسان تدور بأفكار وأفكار ثم ينبع عن تلك الأفكار إرادات وعزوم ؛ فمن كانت أفكاره وتفكره فيما ينفعه في معاشه ومعاده فإنه سيمضي في هذه الحياة على خير حال ، ومن كانت أفكاره في أمورٍ حقيرة وأعمال دنيئة ويخطِّط في أفكاره كيف يعصي وكيف يرتكب الآثام وكيف يقع في الذنوب وهكذا دواليك في أفكارٍ عديدةٍ خسيسةٍ حقيرة ؛ كيف ستكون حال من كان هذا أمره !! .

تأملوا في هذه القصة ؛ رأى عبد الله ابن المبارك رحمه الله تعالى أحد رفقائه مفكراً فقال له : أين بلغت؟ – وكثيراً ما نقول هذه الكلمة ؛ أين وصلت يا فلان ؟ أين سرحت ؟ أين ذهبت ؟ – قال : "بلغت الصراط " .

شتان بين من يرتحل بأفكاره إلى التفكر فيما ينفعه في معاده ومعاشه ، يتفكر في وقوفه بين يدي الله ، ينظر في غده وحساب الله تبارك وتعالى له { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر:18] ، شتان بين من أفكاره تصل به إلى الصراط خوفاً وإشفاقا ، وبين من أفكاره تسبح في أوحال الذنوب وحقارات المعاصي سفولاً وإغراقا .

ما أحوجنا إلى أن نعالج أفكارنا ، وأن نصحِّح مسارنا ، وأن نجاهد أنفسنا على الواردات النافعة والأفكار القويمة التي تعود علينا بالنفع العظيم والخير العميم في الدنيا والآخرة .

ألا ما أعظم الخسران وأشدَّ الحرمان لمن أسلَم بيت أفكاره إلى الشيطان – عياذاً بالله – يضع فيها وساوسه ويُملي له الشرَّ إملاء ويؤزُّه إلى المعاصي أزًّا ويدفعه إليها دفعا ؛ فهو مستسلمٌ للشيطان ومنقادٌ لوساوسه ، وأفكاره توصف بأنها أفكار شيطانية ؛ ألا ما أسوأ هذه الحال وما أقبحها وما أشنعها.

إن التفكر كما أمر الله عزَّ وجل به ودعا إليه عبوديةٌ عظيمة الشأن جليلة القدر ، والعبد ليصحِّح نفسه في هذا المقام يحتاج أولاً إلى استعانة بالله جلَّ وعلا ، ويحتاج ثانياً إلى مجاهدة للنفس ؛ بإبعادها عن كل بابٍ ومنفذٍ يجلب إلى قلبه أفكاراً رديئة وتصوراتٍ خسيسة ، ويحرص على كل المنافذ والأبواب التي تجلب لقلبه ما ينفعه ويعود عليه بالخير والفائدة في دينه ودنياه .

أرأيتم لو أن شخصاً أسلم بصره ونظره وسمعه إلى مشاهداتٍ محرمة وصورٍ نُهيَ عن النظر إليها ومشاهدتها وسماعات محرمة ؛ كيف ينشد مع ذلك لقلبه صفاءً ونقاءً وزكاء ؟! وقد أوسع لنفسه المنافذ التي تجلب على قلبه واردات السوء وتجلب له أمور الشر عياذاً بالله من ذلك ، فمن جاهد نفسه واستعان بربه سبحانه وتعالى وُفِّق لكل خير .

وكم هو جميل بك في هذا المقام أن تستحضر ما ينفعك من تفكرٍ سليم وتأمل قويم واتعاظ واعتبار وادِّكار ، وهذا مقامٌ يطول شرحه لكن أشير إلى مثالٍ واحد ، والأمثلة على ذلك كثيرة وقد مر شيء منها .

أرأيتم لو أن إنساناً جائعاً اشتد به الجوع ثم وُضع بين يديه طعام شهي وأكل لذيذ يحبه ونفسه تميل إليه ثم لما مدَّ يده إلى ذلك الطعام قيل له : إن هذا الطعام مسموم ؛ إن أكلْتَ منه متَّ من ساعتك ، أرأيتم وقد أيقن بأن ذلك الطعام مسموم وأنَّ فيه هلكته أيضعُ يده في ذلك الطعام أو يكفَّها ؟ سبحان الله !! كيف يتجنَّب الإنسان طعاماً خوف مضرته !! ولا يتجنب الذنوب خوف معرَّتها يوم لقاء الله سبحانه وتعالى ؟! .

فمثل هذا التفكر والتأمل ينفع الإنسان نفعاً عظيماً في إقدامه وإحجامه ، وحبه وبغضه ، وعطائه ومنعه ، وجميع أموره . نسأل الله عزَّ وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يرزقنا أجمعين قلباً سليماً ولساناً صادقا ، وأن يصلح لنا شأننا كله ، وأن يؤتي قلوبنا تقواها وأن يزكيها فإنه تبارك وتعالى خير من زكاها.

الشيخ عبد الرزاق البدر – حفظه الله تعالى و نفع الأمة بعلمه

بارك الله فيك
جزاك الله خيراً على الموضوع المميز … في ميزان حسناتك …

القعدة

القعدة



القعدة



القعدة

الإسلام دين المحبة 2024.

ونحن في أيام ذكرى ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نرجع إلى صفحات التاريخ ألف وأربعمائة عام وننظر إلى المجتمع الذي فتَّتت أعضائه الأحقاد والأحساد والنّزاعات والشقاق والخلافات وسيطر على أهله الأثرة والأنانية وحب الذات ، كيف تغيّر هذا المجتمع في لحظة واحدة إلى درجة أن الله مدح أهله فقال: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} الحشر9

كيف تغيَّروا مع أن بين الأمرين بون بعيد؟ كيف تحول الرجل شديد الأنانية والاعتزاز بنفسه والحرص على ذاته إلى رجل يتنكر لنفسه ويُظهر الخير على يدي إخوانه ويؤثرهم ويفضلهم في البر والمعروف على نفسه؟ بدواء بسيط عالجهم به النبي الرءوف الرحيم صلوات الله وسلامه عليه ، وما أحوج مجتمعنا في هذا العصر

وقد عادت الكرَّة فصارت الناس تُمزِّق روابط المحبة التي يجب أن تكون بينهم الأحقاد والنزاعات والتنافس في حطام الدنيا الفاني وحب الرياسة والزعامات والشقاق والخلافات .هكذا صارت الناس ، بل إن هذا التأثير وصل إلى مداه في أجسامهم فتجد الناس قد كثرت أمراض أجسامهم ، لما أصاب قلوبهم مما ذكرناه

وليس بسبب أوبئة أو ميكروبات أو جراثيم وإنما مما تعانيه القلوب من بغضاء وكراهية ومن حب الأثرة والأنانية ، يكيدون لبعضهم فإذا لم يُفْلِح الكيد حزن وإذا اشتد الحزن مرض ، فيحسد أخاه على رزق أعطاه له الله ويودّ أن تزول هذه النعمة عن أخيه فإذا أبقاها الله اشتد وجعه وكثر حزنه حتى يتغير طبعه وتتوتر نفسه ويُصاب بالهلع والجزع قلبه

كل هذا نراه في مجتمعنا أمراضاً بين الناس وبعضهم ، وأمراضاً في أجساد الناس بسبب تغير القلوب نحو إخوانهم وذوي رحمهم وأقاربهم ومعارفهم وأصدقائهم وزملائهم في الأعمال وفي التجارات

ما العلاج؟ أيوجد في الصيدليات علاج لهذه الأمراض؟ أبداً ، هل يوجد فيلسوف أو حكيم ظهر أو لم يظهر يستطيع أن يعالج هذه الأمراض؟ كلا وألف كلا ، لكن الذي عالج هذه الأمراض في طرفة عين هو الذي قال الله في شأنه : {وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} آل عمران103
أي تهتدون إلى هذا الحل

إذاً حلّ هذا الأمر في يد من؟ في يد شرع الله وفي أحكام دين الله وفي بنود كتاب الله الذي نزل به رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي قال في شأنه صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنِ ابُتَغَى الهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، هُوَ حَبْلُ اللَّهِ المَتِينُ وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ ، هُوَ الَّذِي مَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ وَمَنْ دَعَا إِليْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}{1}

فكتاب الله ودين الله وشرع الله هو العلاج لهذه الأدواء ، نريد دواءاً واحداً من كتاب الله لننظر كيف عالج به رسول الله صلى الله عليه وسلم صدور أصحابه؟ هذا الدواء اسمعوه وعوه: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} – ما لهؤلاء؟ – {أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 4، 5البقرة

إذاً الهداية والفلاح بأمرين اثنين: الإيمان اليقيني بما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم والإيمان اليقيني هوالإيمان الذي يصدِّق به القلب قبل العقل ، فإذا صدَّق القلب لا يعترض على أمر قضاه الله ولا يُنازع في حُكْم حَكم به كتاب الله بل يسلِّم لأمر الله وينفِّذ ما جاء في كتاب الله لأنه يعلم علم اليقين أن ذلك فيه له في الدنيا النجاح، وفي الآخرة السعادة يوم لقاء الله

وعلى هذا كان أصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم فقد أيقنوا أن أمرهم كلهم في الدنيا ضرب الله له مثلاً لأجسامهم وأبدانهم مَنْ منَّا يملك أو يستطيع أن يغير ملامح وجهه أو طوله أو وزنه؟ أو يغير مدارك العقل ليسموا بالذاكرة إلى مستوى غير ما أوجده عليها الله؟ أو يزيد في أعضائه عضواً عن الآخرين؟ أو يظهر بميزة في جسمه تخالف الناس أجمعين؟

بل مَنْ منَّا اختار لنفسه الزمان والمكان الذي أنشأ ووُجد فيه؟ ومَنْ منَّا اختار قبيلته التي جاء منها؟ ووالديه اللذان كانا سبباً في وجوده؟ وكذلك مَنْ منَّا يختار الساعة التي يخرج من الدنيا فيها؟ لا أحد ، ومَنْ منَّا يستطيع أن يقدِّر لنفسه ماذا يحدث له في غده، ويحدث كما يريد؟

{1} رواه الترمذي عن الإمام عليّ رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه

كيف أخدم الإسلام ؟ 2024.

المقدمة



الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:



فالحمد لله الذي من علينا بأعظم النعم وأجلها وهي نعمة الإسلام؛ فكم من أمم تتخبط في ظلام الشرك و الكفر، وكم من حسيب ووجيه وغني ورئيس لم تدركه رحمة الله؛ ها هو فرعون يحكم ويدير مملكة مترامية الأطراف لم تغن عنه شيئًا، وها هو قارون أغنى الأغنياء في زمانه ولم تمنعه أمواله عن النار، وها هو فلذة الكبد لم تغنه محبة أبيه شيئا كما في حال ابن نوح عليه السلام، وها هو سيد ووجيه قريش وعم النبي صلى الله عليه وسلم أبو طالب في النار، لم تنفعه القرابة، ولم تنفعه عراقة النسب؛ وأبو لهب وأبو جهل.. والقائمة طويلة، فاللهم لك الحمد على ما تفضلت به علينا، ونسألك الثبات حتى نلقاك…



وإن من شكر هذه النعم القيام ببعض حقوق هذا الدين العظيم، والسعي في رفع رايته وإيصاله إلى الناس، مع استشعار التقصير والعجز عن الوفاء بذلك فاللهم تقبل منا القليل، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.


وما يراه القارئ الفاضل إنما هي قطرات في بحر خدمة الدين ورفعة رايته، وليس لمثلي أن يستقصي الأمر ولكني أدليت بدلوي ونزعت نزعا لا أدعي كماله، والدعوة إلى الله عز وجل ليست خاصة بفئة معينة من الناس لكنها شأن الأمة كلها.


اللهم انصرنا بالإسلام وانصر الإسلام بنا، واجعلنا ممن يحمل هم هذا الدين ونشره، وارزقنا الشهادة تحت رايته مقبلين غير مدبرين.



مستشفى طائر للتنصير

بتكلفة 25 مليون دولار…





عم الترقب والتلهف حين وصلت الأخبار إلى المدينة حيدر أباد بجنوب الهند قبل شهور بأن (المستشفى الطائر) إحدى معجزات القرن العشرين سيزور المدينة لأسبوعين في شهر نوفمبر القادم، وسيعالج الفقراء فقط وسيجري عمليات جراحية للمعدمين الذين لا حظ لهم في الحياة.. وكل هذا سيكون مجانا.. وعلت لافتات كبيرة شوارع المدينة تعلن هذا الحدث العظيم، تدعو الفقراء للتقدم إلى عناوين معينة لتسجيل أسمائهم.


وهكذا حين حط المستشفى الطائر بمطار المدينة كان الجو مشحونا بالترقب، لدرجة أن كبير وزراء الولاية (تشاندرا بابو نايدو) بنفسه كان في استقبال المستشفى الطائر بالمطار وقام بزيارة أجنحته في شوق ولهفة للتعرف على أحدث الأجهزة والتسهيلات التي يقدمها هذا المستشفى الذي يعتبر أكبر مستشفى طائر في العالم. فقد تم تحويل طائر لوكهيد من طراز (لـ 1011-50) إلى مستشفى طائر بإنفاق (25) مليون دولار على هذا المشروع.


وتدافع الفقراء إلى المدينة للحصول على العلاج المجاني الذي قيل: إنه سيكون ذا مستوى عالمي غير متوفر في الهند. وسرعان ما انكشف الأمر حين بدأ المرضى يكتشفون بأنفسهم حقيقة هذا العمل الخيري. فكان أول شيء يتعرض له المريض قبل الكشف عليه هو السؤال عن ديانته ثم يعطى محاضرة لنحو (10) دقائق حول (السيد المسيح) والمسيحية([1]) وضرورة البحث عن الخلاص في رحاب (السيد المسيح) ثم يعطى كمية من الكتب والنشرات ويطلب منه دراستها والحضور إلى عنوان معين بعد أيام. وكان من أوائل هؤلاء سيدة مسلمة تدعى (سعيدة بي) التي رمت بالكتب وصرخت في وجوههم: إن لها ديانة تؤمن بها وهي جاءت هنا للعلاج، وليس للوعظ والكتب.


وحين علت الصيحات وأخذت الصحف المحلية تكشف حقيقة هذا العمل الخيري، خفت نبرة الوعظ وسكتت مكبرات الصوت، ولكن محاولات التنصير لم تنته.


وظهر من تحقيقات الصحافة أن المستشفى الطائر يتبع منظمة تنصيرية تدعى «عملية البركة الدولية»، والتي تتبع بدورها منظمة شبكة الإذاعة المسيحية التي يرأسها المنصر المعروف (بات روبرتسون) الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف في الولايات المتحدة وسبق أن رشح نفسه في الانتخابات الأمريكية سنة 1987م كما عمل في إدارة الرئيس ريغان سنة 1982 م.


ويقال: إن هذا المستشفى الطائر، الذي يزور مناطق كثيرة في أنحاء العالم، قد عالج حتى الآن (43000) مريض وأجرى أكثر من (19000) عملية جراحية، وهو يمكث في مختلف الأمكنة نحو أسبوع أو عشرة أيام، ويقال: إنه أكبر مستشفى جوي في العالم وهو مزود بكل التسهيلات الممكنة للعمليات الجراحية والعلاجية.


انتهى الخبر، والله أعلم كم مسلمًا تحول فكره إلى النصرانية؟ وكم مسلمة أثيرت الشبه في قلبها عن دين الإسلام؟




وهم يعملون

ذكرت مجلة البيان أنه أنشئ مستشفى تنصيري في عام 1965 م في قرية (معلوم جات) في منطقة (شيتا جانج) في بنغلادش التي لم يكد يوجد بها نصراني آنذاك، أما الآن فقد بلغ عددهم أربعين ألف نصراني.


منظمة براك: منظمة تنصيرية كندية يتبعها في بنغلادش 3099 مدرسة، وعدد المنظمات في هذا البلد المسلم الفقير (3000) منظمة تنصيرية.


وكان عدد النصارى في دولة بنغلادش عام 1972 م مئتي ألف نسمة وارتفع في عام 1991 أي خلال 19 سنة إلى خمسة ملايين.


وفي هذه السنوات بذلت أموال وجهود مكثفة حتى نالوا ما أرادوا.


نعم ما أرادوا لأنهم بذلوا وعملوا.

كيف أخدم الإسلام؟

كيف أخدم الإسلام. كلمة رنانة لها في القلب وقع وفي النفس أثر…


خدمة هذا الدين أمنية عزيزة وهدف سام نبيل لمن رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، إنه حلم يراود الكبار والصغار والرجال والنساء، لكن الجنة سلعة الله الغالية لا تنال بالأماني والأحلام.


وقد وفق الله من شاء من عباده للقيام بأمر هذا الدين ونصرة أهله والدفاع عنه والدعوة له، وحرم آخرون من هذا الخير بسب أنفسهم وضعفها وجبنها وخورها وشحها وبخلها وتلبيس إبليس عليها.


خدمة الإسلام: شرف ما بعده شرف، وعز ما بعده عز.
خدمة هذا الدين: رفعة وعزة، وعلو منزلة، تسير في طريق آمن سار عليه محمد صلى الله عليه وسلم وتقتفي أثره.


خدمة الإسلام: ليست قصرا على العلماء والفقهاء والمحدثين، وليست قصرا على الأغنياء والموسرين.


إنها باب مفتوح لكل مسلم ومسلمة، والناس ما بين مقل ومستكثر!


وفي هذا الكتاب أخاطب عامة الناس والضعفاء مثلي الذين يرضون بالقليل من العمل والدنو في الهمة.


قال ابن القيم رحمه الله: «فالدعوة إلى الله تعالى هي وظيفة المرسلين وأتباعهم».


وقال رحمه الله عن الدعوة إلى الله: «إنها أشرف مقامات العبد، وأجلها وأفضلها».


قال مالك بن دينار: «إن صدور المؤمنين تغلي بأعمال البر وإن صدور الفجار تغلي بأعمال الفجور،والله تعالى يرى همومكم، فانظروا ما همومكم رحمكم الله»([2]).


فانظر أيها القارئ ما هو همك، رحمك الله؟


وتأمل في مهمة الأنبياء والمرسلين فهي ليست إعمار الأرض ولا بناء الدور والقصور وإجراء الأنهار وغرس الأشجار، بل إن مهمتهم الأساسية تبليغ الرسالة وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فليكن لك من ذلك نصيب لتقتفي أثرهم وتسلك منهجهم.

([1])الأولى إطلاق كلمة (النصرانية والنصارى).

([2])الزهد للإمام أحمد 451.

ماذا يعود علي إذا خدمت الإسلام؟

الكل يريد خدمة هذا الدين ويبحث عن عمل يقربه إلى الله زلفى، ولكن الكسل والفتور وعدم المبالاة تصد الإنسان عن أمر الدعوة؛ استشعر الثمرات الحاصلة بالدعوة حتى تنهض من كبوتك وتقوم من قعدتك فإن لك أجرا ومثوبة وخيرًا عظيمًا.

من أعظم ما يعود عليك إذا قمت ونهضت لهذا الدين:


1- الأجر والمثوبة: قال تعالى: }فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ{.
2- التسديد والتوفيق.. قال عز وجل }وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ{.
3- حفظ الذرية قال تعالى: }وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا{.
4- تكثير سواد المسلمين: فقد انتشر الفساد وكثر أتباعه، وبالدعوة يكثر سواد الأخيار ويزيد في الأمة عددهم ويظهر أثرهم.
5- تقليل الفساد ودحر المفسدين: فإن الدعوة إلى الله أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، وفي هذا العمل دحر للمفسدين، وشل لطاقاتهم، وإيقاف لفسادهم.
6- النظر إلى نصر قادم لهذا الدين يعيد عز الأمة وكرامتها.

وأنت تعمل تلمس فجرًا يبزغ في وسط ظلام حالك.. إنه ضوء الفجر يبدو باهتا ثم يظهر شيئا فشيئا، حتى يعم النور، ويظهر قرص الشمس، وتنتشر أشعة الحق ونور الإسلام.


أين أثرك؟

كل من سار على هذه الأرض ترك أثرًا وعلامة تدل على مروره على هذه الأرض، فإن سرت على الرمال بدت آثار قدمك، وإن تجولت في حديقة ظهرت علامات طريقك.<font size="6">

ولنا اليوم أن نتساءل: لك سنوات تتعلم العلم فأين أثر علمك؟ ولك سنوات تصلي وتصوم فأين الأثر في النفس والجوارح؟ ولقد قرأت كثيرًا وحفظت كثيرا عن بر الوالدين وحسن المعاملة فأين النتيجة؟

دعني أنقلك إلى واقع موظف صغير في إحدى المستشفيات لترى كيف نفع الإسلام والمسلمين.

موظف صغير في المرتبة والمكان ولكنه موفق مسدد استثمر مكانه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك بتطبيق عملي، فهو يعمل في قسم المواعيد، فإذا أتته امرأة أحالها إلى الطبيبة مباشرة، وإذا تقدم إليه رجل أحاله إلى الطبيب، ثم في حالة وجود عجز وضغط على الطبيبة فإنه يحول النساء الكبيرات في السن إلى الطبيب . وهو بهذا حفظ نساء المسلمين وحفظ رجالهم ومنع وقوع المحظور الشرعي من رؤية الرجل للمرأة والمرأة للرجل.

أليس هذا الموظف الصغير قدم خدمة عظيمة للإسلام؟

ومن أمثلة خدمة الدين: طرح الآراء النيرة والأفكار الجيدة على أهلها، ومتابعة تنفيذها، وقد ألقى أحد الموفقين قبل سنوات كلمة إلى أحد الدعاة وقال له: هذه الجالية التي تقدر أعدادها بالملايين لماذا لا يجعل لها مكان يختص بدعوتها وتعليمها الإسلام؟ ألقى هذه الكلمات على الداعية وخرج.. ولا يعرف من هو حتى الآن؟ بعد حين سعى الداعية إلى تنفيذ هذه الفكرة الجيدة وطرق الأبواب لإصدار ترخيص لأول مكتب جاليات في المملكة وكان له ما أراد، وزاد اليوم عدد تلك المكاتب عن مائة وعشرين مكتبا نفع الله بها نفعا عظيما.

فما رأيكم لو بقيت هذه الفكرة حبيسة رأس صاحبها؟

ومن أمثلة نفع الإسلام والمسلمين: عمل بسيط قام به أحد الشباب قبل سنوات، بأن أحصى من بداية العام الدراسي عدد المكتبات التجارية في حيهم، واشترى من جيبه الخاص مجموعة من الكتيبات والمطويات، والأذكار وذهب بها إلى تلك المكتبات وكانت فترة زحام وكثرة مشترين، وقال لكل صاحب مكتبة: هذه هدايا وزعها على المشترين: فسروا بذلك وفرحوا وأخذوها وفيما بعد طالبوا بالمزيد.

وقس على ذلك توزيع الكتب على الأسواق التجارية، ومحلات الملابس، والذهب، وغيرها مما يرتاده الناس بكثرة.

أما توزيع الكتب على صوالين الحلاقة، والمستشفيات الحكومية الخاصة، وإدارات الجوازات والمرور وأماكن المراجعين فيها، فهي ولله الحمد منتشرة وبكثرة لكنها تشكو من الفتور والغفلة وكل موظف يستطيع أن يجعل رفًّا من هذه الكتب كإهداء ويتعاهدها باستمرار ولا تكلف شيئا يذكر من مرتبة.

وفي مجال طبع الكتب ونشرها أذكر أن بعض الكتب التي نشرت هي من اقتراحات القراء مثل كتاب: (ماذا تفعل في 10 دقائق) وكتاب: (إلى من حجبته السحب) وكذلك فكرة كتيبات الجيب الدعوية المتدرجة مثل (إشراقات) وغيرها فهي فكرة من إحدى الأخوات فانظر أيها الحبيب إلى ثمرتها وكثرة النفع لهذه الاقتراحات.

وأذكر هنا عمل امرأة كبيرة محبة للخير، فقد كنت خارجا من مكة المكرمة إلى الرياض في رمضان العام الماضي وتوقفت للصلاة في مسجد أحد محطات الوقود وكان مصلى النساء بجوار مدخل الرجال وقد جلست بين المدخلين امرأة عجوز كبيرة وكان معها مجموعة من الأشرطة وبجوارها صغير لعله من أحفادها، وكلما رأت مصليا خارجا أرسلت الصغير بشريط من الأشرطة الإسلامية الموجودة لديها كهدية، وكان الشريط الذي أرسلته إلَّ عن بر الوالدين، فجزاها الله خيرا.

أخي الكريم:

ما ذكرته تجارب إخوة لنا في الإسلام ونحن لا نقرأ ونسمع لنستمتع بجهودهم ونفرح بأعمالهم فحسب بل لنقتدي ونتأسى، وإلا فقد قامت الحجة علينا فلا تأخذنا الغفلة وتلهينا الأماني!

فالدعوة تحتاج إلى قيام وجهد وتعب ونصب، يقول الله جل وعلا: [FONT="]}يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ[FONT="]{[/FONT] فأمره الله عز وجل بالقيام والجهاد في سبيل هذا الدين.[/FONT]
[FONT=Arial]وقال الله عز وجل حاكيا عن أهل النار: }أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ<b><font color="red">

الدعوة إلى الله
الدعوة إلى الله عز وجل هي مهمة الأنبياء والمرسلين ومن سار على دربهم إلى يوم الدين من الدعاة والمصلحين قال تعالى: }ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ{ وقال تعالى: }وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا{.


ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث هو حجة علينا جميعا: "بلغوا عني ولو آية".


وبعض الجن أفقه من بعض الإنس لما نزل قول الله تعالى: }قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ{ كانت نتيجة ذلك أن قام البعض بمهمة الدعوة: }وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ{ يدعون إلى الله عز وجل }يَا قَوْمنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ{.
ويقول الله عز وجل حاكيا عن أهل النار: }أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ{ وهذا يؤكد أن الداعي هو الذي يذهب إلى الناس ويقوم بدعوتهم؛ ولهذا أمر الله عز وجل نبيه بالقيام، والعمل لأجلها: }يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ{ وهذا يتطلب جهدا بدنيًا وماليًّا وفكريًا للقيام بذلك كله.


ورتب الله عز وجل الأجر والمثوبة العظيمة والفضل الجزيل، لمن قام بذلك: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم"[رواه البخاري ومسلم].


ويقول صلى الله عليه وسلم: "من دعاء إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا" [رواه مسلم].


والدعوة لا تحدها الحدود ولا تردها القيود؛ هذا نبي من أعظم الدعاة إلى الله عز وجل يدعو وهو في السجن، الأبواب فيه موصدة، والجدران سميكة، والحراس أعينهم لا تنام، ومع هذا فهو يستفيد من كل الوسائل ويدعو من حوله: }يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{.


ونبي آخر هو نوح عليه السلام لم يمنعه طول المدة وعدم الاستجابة من السير قدما في الدعوة مئات السنين: }وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ{ فأين هو عليه السلام من صاحب النفس القصير الذي يدعو مرة وثانية ثم يتوقف؟


وأين من يكسل حينا ويفتر حينا آخر من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو في النزع الأخير وقد اشتد عليه الخطب ودنا الفراق يحذر أمته ويقول: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [متفق عليه].


وأين الداعية الذي إذا أصابته نازلة توقف؛ من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يدعو إلى الله وهو ينزف دما ويقول: "ردوا علي الغلام" ثم قال له: "يا ابن أخي، ارفع ثوبك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك


أين الداعية الذي يبخل ويشح بقليل الدراهم، وها هو أبو بكر رضي الله عنه يخرج من ماله كله؟ أين الذي يبخل ولا يخرج إلى الرديء وأبو طلحة رضي الله عنه لما سمع قول الله عز وجل: }لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ{ خرج من أحب أمواله إليه (بيرحاء) وهو بستان مورق به ماء بارد؟
أين من يقدم نفسه ويقول بإيمان صادق: فزت ورب الكعبة؟


أين الذين يقولون: اللهم خذ من دمائنا حتى ترضى؟ فهل قدمنا أرواحنا وهل خرجنا من أحب أموالنا، أم من أردئها وأقدمها؟

كيف نصل بالدعوة؟

لا تصل الدعوة إلى الناس إلا عبر طريقين لا ثالث لهما.


أما الأول: فهو القدوة بحسن المعاملة وطيب المعاشرة والصدق في الحديث والالتزام بالعهود وإعطاء كل ذي حقه، يقول الله تعالى: }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ{[الأحزاب: 21] والناس يلاحظون تعاملك مع ربك، ثم مع نفسك ووالديك وزوجتك وأبنائك، ومعاملتك في الشارع، ومعاملتك مع مرؤوسيك ومن تحت يدك فكيف أنت في هذه الأحوال؟


وقد يكون من آثار سوء القدوة الصد عن سبيل الله، فكم من شخص إذا قيل له: دع هذا عنك، قال: أنتم الملتزمون لا تدعونه. أو يقول: رأيت ملتزما مقيما عليه، وإن قيل لرجل كافر: لماذا لا تسلم؟ قال: كفيلي كره الإسلام إلي بسوء معاملته وتأخير الراتب وفظاظة خلقه، وهكذا يكون الصد عن سبيل الله عائقا دون انتشار الدعوة.


أما الأمر الثاني الذي نصل به إلى الناس: فهو البلاغ }يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ{ والوسائل في هذا كثيرة: عبر المنبر، والصحيفة، والمجلة، والكتاب والشريط، والمحاضرة وغيرها لا حصر لها، وقد توفر في هذا الزمن ما لم يتوفر من الوسائل والوسائط والسبل منذ عهد آدم مرورا بالأنبياء عليه السلام وحتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فالحجة قائمة والرسالة خالدة فأين العاملون؟
وقبل أن تبدأ العمل تأمل في حديث أبي موسى الأشعري وما لاقوه من الشدائد والصعاب، حيث قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة ونحن ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا ونقبت قدمي، وسقطت أظافري فكنا نلف على أرجلنا الخرق..
[متفق عليه].


كيف أخدم الإسلام؟

تخدم الإسلام في كل حركة وسكنة.. ليس لخدمتك منتهى ولا لها حد ولا تعرف مكانا ولا زمانا.. بل في كل حين ووقت وزمان، ومكان.. استفد من الفرص وأوجد بنفسك المناسبات، إن لم تستطع أن يتحول المجلس إلى ما تريد فلا أقل من قطع الطريق على أصحاب الغيبة والنميمة والمزاح والكذب.. اذكر قصة رأيتها عن موت فلان من الناس، أو اذكر بعضًا مما سمعته عن مصائب المسلمين، المجالات كثيرة وطرق الخير مفتوحة؛ فقط أمسك بناصية الحديث ولا يشترط أن تكون خطيبا مفوها!


تأمل في حال نبي الله موسى عليه السلام وما كان يجد من صعوبة في الكلام ومع هذا دعا قومه، ولم يكن ذلك حاجزًا أو سببًا لتوقف دعوته عليه السلام.


قال الحسن رحمه الله في وصف أناس ندعو الله عز وجل أن لا نكون منهم: "إن هؤلاء ملوا العبادة ووجدوا الكلام أسهل عليهم، وقل ورعهم فتحدثوا" وقال الأوزاعي: "إن المؤمن يقول قليلا، ويعمل كثيرا، وإن المنافق يتكلم كثيرًا ويعمل قليلاً".


فاللهم لا تجعلنا من أولئك واجعلنا من عبادك الصالحين.


أخي المسلم:



يكفى أنه تحرك بداخلك شعور طيب جعلك تتساءل كيف أخدم الإسلام؟
بقي الجواب منك، وليكن جوابًا عمليًّا.

متى تعمل؟

أيها المسلم يا من رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا،
وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً إني سائلك فأجب فنحن أحبة وإخوة.

إذا لم تعمل في شبابك ووقت نشاطك فمتى سوف تعمل ! إذا هرمت وشخت وحملت العصا؟


إذا لم تعمل وأنت صحيح الأعضاء تسير بقوة وتسمع بوضوح وترى عن بعد !


إذا متى تعمل؟ إذا قلت أموالك وكثر دائنوك؟
متى تعمل إذا تركت مكانا لن تعود إليه مطلقا مثل الجامعة أو المدرسة؟
متى تعمل إذا مت وانتقلت إلى مثواك وقبرك؟
إذا متى تعمل؟
أنت في هذه الحياة ! أمامك أبواب مفتوحة، وطرق ممهدة ، وجدد سالكة، فإذا أغلقت الأبواب وحيل بين جسمك وروحك انقطع العمل.


قالت صفية بنت سيرين: "يا معشر الشباب خذوا من أنفسكم وأنتم شباب، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب".

من خدمة الإسلام

تتنوع وسائل وطرق خدمة الإسلام ومنها:



أولاً: إشاعة كل عمل إسلامي تراه أو تسمع به فتدل عليه وتخبر عنه ولك مثل أجر فاعله، ويكون ذلك حديثا في المجالس أو نشرة عبر الصحف والمجلات والإذاعة، أو من خلال المدرسة أو الجامعة أو التجمعات العائلية أو غير ذلك.


ثانيًا: الدفاع عن العلماء والدعاة والمصلحين ورد غيبتهم؛ وذكر محاسنهم وفضائلهم، ونبذ أولئك الذين لا هم لهم إلا الحديث عن العلماء وتصيد هفواتهم وزلاتهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" [رواه أحمد].


ثالثًا: التحدث بفضائل هذا الدين ومحاسنه، وإزالة الالتباس الذي زرعه الفكر السيء الدخيل على الأمة ومن المواضيع المطروحة، تكريم المرأة في الإسلام، حقوق الأطفال، الطلاق وما هي ضوابطه الشرعية وكيف شدد في عدم التساهل فيه؟ تربية الأبناء والحرص على تنشئتهم النشأة الصحيحة، حقوق الزوجة المادية والمعنوية، تعدد الزوجات وما فيه من المصالح العظيمة وفق الضوابط الشرعية، الإنجاب وكيف سعى الأعداء إلى تحديده، وهكذا تساهم في إزالة ما علق في أذهان الناس من تشويه لهذه الأمور.


رابعًا: بطاقات دعوة الأفراح تباهى الناس فيها كثيرا، لكن من أجملها ما يقدم بشكل جميل أنيق بسيط فيقوم الموفق بإعداد هذه البطاقات عن طريق الكمبيوتر والطابعة الملونة إذا توفرت، أو عن طريق الخدمات الطلابية التي تقدم مثل هذه البطاقات الجميلة وتوضع الدعوة داخل علبة تحوي كتابا وشريطا، وقد رأيت أحد الشباب وقد فرغ نفسه لهذا العمل لدى أهل قريته فهو الذي يطبع البطاقات ويشتري الكتب والأشرطة فنفع الله بجهده نفعا عظيما.


خامسًا: امرأة فاضلة وداعية موفقة أدخلت المستشفى ورغم ما لها من وجاهة ونسب إلا أنها رفضت أن تكون في غرفة مستقلة وقالت: أبقى مع المريضات في غرفة مشتركة حتى أدعوهن، وكان لها ذلك، فتوطدت علاقتها بالمريضات ودعتهن إلى الأخذ بالأسباب والتوكل على الله عز وجل وأوضحت لهن في أيام ما لا يستطيع غيرها في شهور، لقرب المكان وكثرة الفراغ.


سادسًا: امرأة إذا ذهبت للحرم المكي أو المسجد النبوي بذلت نفسها لتعليم المسلمات أمور دينهن، وحثهن على الحجاب الشرعي، إحداهن رأت مجموعة من الفتيات من دولة عربية كاشفات الرأس وعندما سألت عن حضور الشابات بهذه الصورة، قلن لها: نحن عضوات فريق كرة الطائرة في بلد.. وأتينا للعمرة عندها بدأت الموفقة في الدعوة إلى الله عز وجل فما خرجت حتى تحجب بعضهن، وقد رأيت رسالة من إحدى اللاعبات أرسلتها إلى الداعية من بلدها وبشرتها بأنها بدأت تبث في نفوس اللاعبات التمسك بالحجاب والستر والعفاف.


فانظر أخي القارئ إلى الأثر الكبير.. والتحول السريع من لاعبات كرة طائرة، سافرات كاشفات، إلى متحجبات متسترات.


سابعًا: أحد المدرسين لما عين مدرسا في منطقة بعيدة عن بلده، شمر لأمر الدعوة وسارع إلى الخير، ولكن الأبواب كانت أمامه موصدة والطرق شائكة ولم يجد وسيلة وطريقا للدخول إلى أهل القرية، وعلم أنهم يمضون مساءهم في الحديث عن أمر يهمهم جميعا وهو الرعي فغالب حديثهم عن الغنم ومن باع ومن اشترى وكم لدى فلان وما هي مشاكل علان، فما كان منه إلا أن اشترى غنمًا، وبدأ يرتاد منتدياتهم يسأل عن أمراض الحيوانات ويستفسر عن أفضل الأسواق؛ وهكذا حتى تمكن منهم.


ومضت سنة كاملة والرجل يعمل بجد وإخلاص عبر الشريط والموعظة والتعليم والتدريس، حتى فتح الله على يديه القلوب والعقول، ولما أراد السفر قام جمع منهم بمحاولة ثنيه عن ذلك، ولكنه قال: ها كم الأغنام فلست بصاحب لها وليست بصاحبة لي إنما كانت طريقا إلى مجالسكم.


واليوم قل أن تجد أحدنا يستفيد من الأماكن التي يذهب إليها بشكل يومي أو شهري، مثلا محطات البنزين التي كما بها من عامل مسلم أو كافر هل ناولناهم كتابا وشريطا ونحن وقوف ننتظر تعبئة البنزين؟ إنه سؤال محرج أن نظل نقف بشكل أسبوعي أمامهم لمدة سنوات ولا نعمل شيئا.


وآخر فرغ نفسه لمتابعة السلال التي توضع في حوائط المستشفيات وذلك لإمدادها بالكتب والمطويات.. وكان العبء كبيرا لكن الهمة العالية تقطع الطرق وتشتري الكتب وتصبر على الحر والقر إنه توفيق من الله عز وجل الذي جعله يعمل في طاعته واستعمله في مرضاته.


وأخرى لا تذهب لأقاربها إلا ومعها مشروع خيري تطرحه.. مرة كفالة داعية، وأخرى كفالة يتيم، وفي مواسم رمضان تفطير صائم، وفي شهر ذي الحجة تطرح مشروع الأضاحي، وفي الصيف حفر الآبار، وفي الشتاء بطانية الشتاء وهكذا.

بــــــــــــــآرك الله فيـــــــــك

لقد فتح لك الباب

أبواب الدعوة كثيرة جدا ولكل منا أن يطرق ما يناسب قدراته وملكاته من وقت ومال وفكر وعلم، والبعض يفتح الله له بابا من أبواب الخير وتراه يلج فيه ويسارع إليه، لكن ما إن تمر أيام أو تعصف أدنى مشكلة، أو تقف أمامه عقبة إلا رجع وترك هذا الطريق، بعضهم يترك المكان لأن فلانا من الناس يعمل في ذاك المكان وهو لا يريد هذا الرجل، وآخر يتعذر أعذارًا أخرى واهية؛ مثل عدم وجود الإمكانات الكبيرة والاستعدادات التامة، وآخر لأن المكيفات لا تعمل وهكذا.


واعرف بعض الشباب دخل في طريق خير ولكن الشيطان لبس عليه بأمور يسيرة فارتد على عقبه وترك أمر الدعوة وضاعت عليه سنوات من عمره بدون عمل دعوي وآخرون سمعت أنهم والعياذ بالله قد أصابهم الوهن وعلت قلوبهم الانتكاسة نسأل الله السلامة وما ذاك إلا أنهم فتح لهم باب فأعرضوا عنه، وقد لا يفتح هذا الباب مرة أخرى، فاستمسك بالذي أنت فيه، فسر ولا تدع الفرصة، فإن عمرك فرصة، والأيام تطوى والمراحل تقضى.


كتب عبد الله القمري العابد إلى الإمام مالك يحضه على الانفراد والعمل فكتب إليه مالك رحمه الله: «إن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق، فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم، وآخر فتح له في الجهاد، فنشر العلم أفضل أعمال البر، وقد رضيت بما فتح لي فيه، وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه، وأرجو أن يكون كلانا على خير وبر».

احذر

شرف عظيم ونعمة عظمى من الله عز وجل أن جعلك تخدم الإسلام واحمد الله أن يسر لك هذا الأمر.


ومما يبطئ العمل وقد يوفقه أمور لا تخفى على فطن مثلك ومنها:



احذر الكسل والفتور: فإنه يقعد عن العمل ويضيع الأوقات والفرص والمناسبات، وربما تحول إلى داء يستمر معك ولا يتركك.


احذر الرياء والسمعة: فإنه يقتل العمل وقد يحبطه.


تجنب حظوظ النفس: التي من أبرزها الأنانية ونسبة الأعمال إليك وتقليل عمل من كان معك.


تجنب التذمر والتشكي: فإن ذلك من أنواع المنة والعياذ بالله، بل كن صامتا محتسبا.


إياك والانقطاع عن العمل: كثير يأخذه الحماس ليوم أو يومين لكنه بعد ذلك يتوقف، والعمل المستمر حتى وإن كان قليلا فإنه أدعى للاستمرار يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل".


تجنب الحقد والحسد والكبر، وطهر القلب:



قال الغزالي: والقلب بيت هو منزل الملائكة ومهبط أثرهم، ومحل استقرارهم، والصفات الرديئة مثل: الغضب والشهوة والحقد، والحسد والكبر والعجب وأخواتها، كلاب نابحة، فأنى تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب.


ابتعد عن الاندفاع والعجلة: من عمل في المجال الدعوي يرى أن الساحة تحتاج إلى أضعاف الجهود المبذولة وقد يدفع هذا بالبعض إلى التسرع والعجلة رغبة في تحصيل الخير وسد الثغرات، والعمل الدعوي يحتاج إلى الأناة وعدم العجلة والتريث وإعطاء الأولويات حقها.


ولذا كان التوقف هو داء الأدواء وأخطر الأمراض ، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم "خير العمل أدومه وإن قل" نبراس لمن أراد العمل.


وليكن الرفق حاديك ولصيقك فإنه أدعى للقبول، وقد كان الأنبياء عليهم السلام ديدنهم الرفق بأممهم والمجادلة بالتي هي أحسن استجابة لأمر الله تعالى وسعيا نحو فتح القلوب وقد أمر الله موسى وهارون عليهما السلام بالرفق بفرعون: }اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى{ وفي الحديث: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" [متفق عليه].


احذر حب الرياسة والتصدر: فإنها مهلكة للنفس الضعيفة جالبة للرياء والسمعة، قال الفضيل بن عياض: "ما أحب أحد الرياسة إلا أحب ذكر الناس بالنقائص والعيوب ليتميز هو بالكمال، ويكره أن يذكر الناس أحدًا عنده بخير، ومن عشق الرياسة فقد تودع من صلاحه".


ابتعد عن مواقف التهم:
أنت في عين المجهر وتحت الأنظار، الحركة تحسب عليك والزلة تحط من قدرك، ومن يتصيد الأخطاء كثر من الكفار والمنافقين ومن في قلوبهم مرض؛ بل وبعض الأخيار بحسن نية أو بجهل، روى البخاري في صحيحه أن أم المؤمنين صفية رضي الله عنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها أي يردها إلى منزلها، حتى إذا بلغت باب المسدد مر رجلان من الأنصار، فسلما على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما: "على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيى" فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكبر عليهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا".


قال ابن حجر: وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان.


وقال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء، ومن يقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلا يوجب سوء الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم.


احذر اليأس وعليك بالتفاؤل وحسن الظن بالله عز وجل: فإن هذا باب لانشراح الصدر وزيادة العمل؛ في غزوة الأحزاب وقد بلغت القلوب الحناجر وزلازل المؤمنون زلزالاً شديدًا في وسط هذا الجو المظلم والموضع الحرج يبشر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بسواري كسرى، حتى قال البعض: يذكر لنا سواري كسرى وأحدنا لا يستطيع أن يذهب ليقضي حاجته.


إنه بعث الأمل وإشاعة التفاؤل في المجتمع وبين الناس وأثره واضح جلي.

في جنب هؤلاء

منارات شامخة وعلامات بارزة في تاريخ أمة الإسلام أولهم نبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم، ماذا ناله من البلاء والمصائب؟ فقد أوذي في جسده وألقي عليه جزور الإبل عند الكعبة، وقيل: كاهن وساحر وكذاب، وحوصر في شعب عامر سنوات، وألقيت عليه الحجارة حتى أدمي عقبه، وطرد من بلده حتى اغروقت عيناه بالدموع وهو يودع مكة أحب البقاع إليه، ثم هو في المدينة يعاني من المنافقين ومن اجتماع المشركين على قتاله والطعن في عرضه الشريف مصائب وبلاءات متتالية فما وهن لا تنازل عن دينه.


وأنت أيها الحبيب وقعت في فتنة عظيمة من نوع آخر، فها أنت تبجل وتقدر وتدعى للولائم والأفراح ولك منزلة بين الناس ثم لا نراك ولله الحمد تتعرض لكلمة نابية ولا للفظة جائرة فما هذا التكاسل والهوان والضعف والله لو جرى خلفك رجل يسمع الناس بقوله: هذا كاذب أو ساحر، لترك الكثير العمل إلى الدين ورفعته، كيف وأنت لم يصبك شيء من ذلك.


ثم إن أصابك شيء من الأمر فأنت مبتلى يضاعف الله لك الأجر، ويمحص دينك، ويطهر قلبك، ويرفع درجتك، انظر إلى الفجار والفساق كيف هم يعانون ومع هذا يصبرون ويواصلون المسير؟ }وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ{.

وقفات

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
ورحم الله من أعان على الدين ولو بشطر كلمة، وإنما الهلاك في ترك ما يقدر عليه العبد من الدعوة إلى هذا الدين.


قال ابن ضبارة:
إنا نظرنا فوجدنا الصبر على طاعة الله تعالى أهون من الصبر على عذاب الله تعالى. . فاصبروا يا عباد الله على عمل لا غنى لكم عن ثوابه، واصبروا على عمل لا صبر لكم على عقابه.


قال ابن القيم في الفوائد: قال تعالى: }وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا{ علق سبحانه الهداية بالجهاد فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، وأفرض الجهاد: جهاد النفس، وجهاد الهوى، وجهاد الشيطان، وجهاد الدنيا؛ فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فإنه من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد.



قال أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الهروي كما في تذكرة الحفاظ (9م 1184) «عرضت على السيف خمس مرات، لا يقال لي: ارجع عن مذهبك، لكن يقال لي: اسكت عما خالفك فأقول: لا أسكت.


أخي المسلم:
أسهم لرفع راية هذا الدين وليكن همك وتفكيرك في كل حين كيف أخدم هذا الدين؟ وأنت إنما تخدم نفسك بجمع الحسنات، وتكفير السيئات ورفع الدرجات.


واعلم أن من إعراض الله عن العبد أن يستغله فيما لا فائدة تعود عليه، وانظر في حالك وساعاتك وأيامك.

همسة

إذا عملت في خدمة هذا الدين نالك الخير العظيم والأجر الجزيل من الله عز وجل وهذا هو مطلب كل مسلم. ولكن قد يعترض طريقك بعض العقبات السيرة والحواجز الوهمية ومن تلك:



1- تصيد الأخطاء: وهذا منهج والعياذ بالله ابتلى الله به بعض الناس من الذين لا هم لهم ولا عمل سوى تصنيف الناس والبحث عن زلاتهم وأخطائهم ومعلوم أن كل من يعمل يخطئ ويقع منه هنات، ولكن من لا يعمل لا يخطئ مطلقا، ولقد رأيت من يتحدثون في المجالس ليس لهم عمل دعوي إطلاقا وصرفهم الله عز وجل إلى الغيبة والتثبيط والوقوع في الأعراض.


قال الإمام الشعبي: لو أصبت تسعا وتسعين، وأخطأت واحدة، لأخذوا الواحدة وتركوا التسع والتسعين.


وفي تصيد الأخطاء والزلات لذاتها لا للإصلاح طريق غير سوي ينبئ عن قلة دين وفساد قصد وسوء طوية والعياذ بالله.
قال ابن القيم رحمه الله: «ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ والاحتراز من أكل الحرام، والظلم، والزنا والسرقة، وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسان، حتى يرى الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يزل منها أبعد مما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات لا يبالي ما يقول.


واعلم أيها الداعية الموفق أن من يعمل في الساعة معرض للخطأ والزلل، فاحرص على قبول النصيحة وإصلاح الخطأ، ثم بعد ذلك لا يهمك حديث الناس في المجالس والمنتديات، فهؤلاء شبههم شيخ الإسلام بالذباب يقول رحمه الله:

«إن بعض الناس لا تراه إلا منتقدا داء، ينسى حسنات الطوائف والأجناس ويذكر مثالبهم فهو مثل الذباب يترك مواضع البرد والسلامة، ويقع على الجرح والأذى، وهذا من رداءة النفوس وفساد المزاج».


ثم ليطمئن قلبك وتهدأ جوارحك فإن الناس لا يتركون أحدا، قالوا عن الله عز وجل: ثالث ثلاثة، وقالوا: اتخذ الله ولدا، وقالوا عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: ساحر ومجنون.. وهكذا هم، ومن ظن أنه يسلم من كلام الناس فهو مجنون، ورضا الناس غير مشروع وغير مقدور.


وليكن لك سلوى: أنهم يهدون إليك حسناتهم ويدفعون لك الأجر دون مقابل بل هذه عقوبة المغتابين.


ولكن هنا ملاحظة مهمة وهي حرصك على قبول النصيحة من الناصحين إذا أخطأت وزلت بك قدم، وعليك بالعودة والرجوع عن خطئك طلبا لمرضاة الله عز وجل.



في منتصف الطريق

يقول ابن القيم رحمه الله:
إن لم يكن العبد في تقدم فهو في تأخر ولا بد، فالعبد سائر ولا واقف، فإما إلى فوق، وإما إلى أسفل، وإما إلى أمام، وإما إلى وراء وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة، ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إما إلى الجنة أو إلى النار، فمسرع ومبطئ، ومتقدم ومتأخر، وليس في الطريق واقف البتة، وإنما يتخالفون في جهة المسير وفي السرعة والبطء }إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيرًا لِلْبَشَرِ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ{ ولم يذكر واقفا إذ لا منزل بين الجنة والنار ولا طريق لسالك غير الدارين البتة، فمن لم يتقدم إلى هذه بالأعمال الصالحة، فهو متأخر إلى تلك بالأعمال السيئة.

الدعوة في بيوتنا

حين يكون الحديث عن أمر الدعوة إلى الله يظن البعض أن الأمر متعلق بالصين والهند والشرق والغرب، وما علم أن الأمر من تحته وأقرب إليه من ذلك كله.


فأول أمور الدعوة أن يأخذ الإنسان نفسه على الحق وهذه أعظم دعوة، يتوب من المعاصي والذنوب ويستزيد من الصالحات ويحافظ على النوافل قدر المستطاع. ولا بد أن يحدث له توبة من ترك النوافل والمستحبات فيتوب من تضييع السنن الرواتب، ويتوب إلى الله من التفريط في المسارعة إلى الصف الأول، ويتوب إلى الله من هجر القرآن، ويتوب إلى الله من قلة ذكره سبحانه وتعالى، ويتوب إلى الله من إضاعة الأوقات دون فائدة.


ثم هو مع هذا كله يبدأ خطوة في إصلاح منزله وأولهم والداه وزوجته وأبناؤه وقرابته كل بحسبه }وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ{.


ويسهم بين حين وآخر في محاولة دعوة أسرته وقرابته في الاجتماع الأسبوعي أو الشهري، ويعين أهل الحي وخاصة الجيران على الصلاة وتفقد أبنائهم.. إنها قائمة طويلة لو تتبعتها لوجدت في نهايتها صلاح المجتمع بعامة !


ونحتاج لتحقيق ذلك كله إلى أمرين هامين:



الأول: الرفق واللين، فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ، ويقول الله تعالى عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: }لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ{.


الثاني: الاستمرار والمداومة، فإن البعض يدعو مرة ثم يتوقف، والأمر ليس بذاك، بل هو أمر مستمر ودعوة قائمة حتى يموت الإنسان؛ ونوح عليه السلام مضى عمرًا طويلاً يقارب الألف عام، وهو يدعو والنبي صلى الله عليه وسلم مكث سنوات وليس معه إلا الرجل والرجلان، وما وهن، أو تراجع، أو توقف.

فتوى


سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية هذا السؤال وأجابت عليه بالفتوى رقم 20242.


هل طباعة الكتب الشرعية الصحيحة ينتفع بها الإنسان بعد موته ويدخل في العلم الذي ينتفع به كما جاء في الحديث؟


الجواب: طباعة الكتب المفيدة التي ينتفع بها الناس في أمور دينهم ودنياهم هي من الأعمال الصالحة التي يثاب الإنسان عليها في حياته ويبقى أجرها ويجري نفعها له بعد مماته ويدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" رواه الإمام مسلم في صحيحه، والترمذي والنسائي والإمام أحمد، وكل من ساهم في إخراج هذا العلم النافع يحصل على هذا الثواب العظيم سواء كان مؤلفا أو معلما أو ناشرا له بين الناس، أو مخرجا أو مساهما في طباعته كل بحسب جهده ومشاركته في ذلك [فتوى رقم 20242].


أخي المسلم:



هذا باب خير عظيم أمامك.. فالأموال متيسرة ولله الحمد، والكتيبات متوفرة بأسعار زهيدة، والبريد قائم والقبول من الناس واضح جلي فماذا تنتظر؟

من يحمل هم هذا الدين؟

يحمل هم هذا الدين أبناؤه البررة رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيبًا وشبابًا على اختلاف مستوياتهم العلمية والوظيفية.. فالأمر كله في النهاية.. كالقافلة التي تسير في الصحراء قاصدة مكانا معينا، وتجد في هذه الرحلة مختلف الناس أصحاء وأقوياء وضعفاء ومساكين، وشباب وشيبا ورجالا ونساء، ومتعلمين وجهلة.. لكن لكل فرد دور محدد في هذه الرحلة، فهذا دليل يعرف المواقع، وآخر يسقي الماء، وثالث يتابع سير القافلة ويتفقد الجميع، ورابع وخامس.. وهذه بهذه المجهودات مجتمعة تسير ولا تتوقف ولا يكون فيها خلل أو نقص.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قيمة كل امرئ ما يحسنه.


وقد كان السلف متباينين في القدرات والطاقات، وكل أخذ بالعمل الذي يجيده، وبعضهم جمع أكثر من عمل، فمنهم من كان في الإنفاق رأسا كأبي طلحة وعثمان بن عفان ومنهم من كان مجاهدا صابرا وفتى مغوارا كعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد وغيرهم.


ومنهم من كان خطيبا مفوها وشاعرا مقدما مثل حسان بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين.

لا تطلب الجزاء

من قام بأمر الدعوة أحيانا تدعوه نفسه إلى النظر فيما يقول الناس عنه، وما يقومون له من شكر، أو يفسحون له في مجلس، أو يخدمونه في أمر من أمور الدنيا، وهذه قد تثلم إخلاصه، فهو إنما قدم العمل لله عز وجل لا لطلب الجزاء أو الشكر أو رد المعروف كما يقال.


قال ابن تيمية رحمه الله: .. ومن الجزاء أن يطلب الدعاء قال تعالى عمن أثنى عليهم: }إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا{ والدعاء جزاء كما في الحديث: "من أسدى إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه به فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتمونه" وكانت عائشة إذا أرسلت إلى قوم بصدقة تقول للرسول: اسمع ما يدعون به لنا حتى ندعو لهم بمثل ما دعو لنا ويبقى أجرنا على الله.


وقال بعض السلف: إذا قال لك السائل: بارك الله فيك، فقل: وفيك بارك الله فمن عمل خيرا مع المخلوقين سواء كان المخلوق نبيا أو رجلا صالحا أو ملكا. من الملوك أو غنيا من الأغنياء فهذا العامل للخير مأمور بأن يفعل ذلك خالصا لله يبتغي به وجه الله، لا يطلب به من المخلوق جزاء ولا دعاء ولا غيره، لا من نبي ولا رجل صالح ولا من الملائكة فإن الله أمر العباد كلهم أن يعبدوه مخلصين له الدين (1).


تيسر أمر الدعوة

من نعم الله عز وجل أن وسائل الدعوة وسبلها سهلة ميسرة لكل فرد، ومما نراه من ذلك:



1- قبول الناس للحق بشكل منقطع النظير وهذا ملاحظ مشاهد، وأحيانا تغيب فترة عن رجل ما وتقابله بعد حين فإذا حاله قد تبدلت، والبعض تلقي إليه بكلمة فإذا به يتمسك بك كالغريق يريدك أن تزيده، ولهذا سمى الكثير هذه السنوات بسنوات العودة إلى الله عز وجل.


2- نعمة الحياة التي أنت فيها من أعظم النعم للقيام بأمر الدعوة، وعمرك سنوات قلائل فإن استثمرتها وإلا ضاعت عليك سدى، وأنت اليوم في دار مؤقتة فاعمل لدار باقية خالدة.


3- أنعم الله علينا بأموال طائلة كثيرة، ونصرف منها على توافه الأمور والكماليات الشيء الكثير، وأمر الدعوة أوجب وألزم وأبقى وأدوم وقد وعد الله عز وجل بمضاعفة الأجر للمنافقين: }مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً …….{.


4- الصحة والعافية نعمتان تعينان على العمل دون عوائق، وقد رأيت مريضا في الطائف لا يتحرك سوى رأسه فقط، ويعمل -وفقه الله- في الدعوة داخل المستشفى وأسلم على يديه بعض الكفار من الممرضين والممرضات، ويناصح كل من يقابله أو يراه، بل ويخاطب المسئولين في أمور عامة.
5- العلم الشرعي نعمة عظيمة ولا حد لنشر الدعوة



والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "بلغوا عني ولو آية" وكثير اليوم لديه من العلم الشرعي الكثير ولكنه لا يعمل لإيصاله، ومع توفر الوسائل والسبل يستطيع حتى العامي الذي لا يقرأ ولا يكتب أن يسهم في الدعوة عبر وسائل متاحة، منها توزيع ونشر الكتاب والشريط وغير ذلك.


6- الاستفادة من الوسائل الحديثة مثل الهاتف والاتصالات كالانترنت، وسرعة خدمة البريد، فهذه وسائل لم تكن متوفرة من قبل.


7- توفر الكتاب والشريط الإسلامي بمبلغ زهيد وما رأينا مثل هذا الزمن الذي يطوف فيه العلماء القارات الخمس وينتشر علمهم عبر الأثير، بريال واحد قيمة كتاب قد يسلم بسببه كافر أو يهتدي ضال.


8- عدم وجود مؤثرات قاطعة تؤثر على انتشار هذا الدين في كل مكان بلا استثناء وتأمل في حال الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف رمت العرب والعجم بسهم واحد من كنانتها نحوه صلى الله عليه وسلم، وأنت أيها الحبيب من منعك من أمر الدعوة؟ وهل نشر رأسك نصفين لتخشى العمل وتتوقف؟ بل نرى تاجر ومروج المخدرات أكثر من البعض همة وحماسا لنشر فساده.

نكتة لطيفة

قال ابن القيم رحمه الله: وها هنا أمر يجب التفطن له: وهو أنه قد يكون العمل المعين أفضل منه في حق غيره، فالغني الذي بلغ له مال كثير ونفسه لا تسمح ببذل شيء منه، فصدقته وإيثاره أفضل له من قيام الليل وصيام النهار نافلة. والشجاع الشديد الذي يهاب العدو سطوته فوقوفه في الصف ساعة، وجهاده أعداء الله أفضل من الحج والصوم والصدقة والتطوع، والعالم الذي قد عرف السنة، والحلال والحرام، وطرق الخير والشر، ومخالطته للناس وتعليمهم ونصحهم في دينهم أفضل من اعتزاله وتفريغ وقته للصلاة، وقراءة القرآن والتسبيح، وولي الأمر الذي قد نصبه الله للحكم بين عباده: جلوسه ساعة لنظر في المظالم وإنصاف المظلوم من الظالم وإقامة الحدود ونصر المحق وقمع المبطل أفضل من عبادة سنين من غيره، ومن غلبت عليه شهوة النساء فصومه له أنفع وأفضل من ذكر غيره وصدقته (2).


([1])مجموع الفتاوى (1/ 180).

([2])عدة الصابرين (93).

مواقف


ذهبت إلى الطائف قبل سنوات واضطررت أن أزور المنطقة الصناعية لعمل عطل يسير في سيارتي استمر إصلاحه أقل من ساعة، وكان معي أحد الشباب وناول العامل العربي كتابا، فانفجر بالدعاء وقال: لي هنا خمسة عشر سنة ولا أصلي مطلقا ولم يناولني أحد كتابا إلا اليوم.


قلنا: إن صدق الرجل فتلك مصيبتان عظيمتان: مصيبة ترك الصلاة، ومصيبة عدم دعوته


شاب جعل هدفه منذ عشر سنوات خدمة الفقراء والأيتام في الأحياء الفقيرة، وبدأ هذا العمل وهو طالب في الجامعة، ثم استمر حتى أذن له بإنشاء مبرة خيرية في وسط الحي، ولا يزال بنفس الهمة والنشاط، بل ويعرف الفقراء والأيتام بأسمائهم فردًا فردًا، وقد جعل مع التوزيع الشهري كتابًا وشريطًا حتى يجتمع لدى المحتاجين غذاء للقلب والجسم.


تؤانس طريقك في السفر لوحات جانبية صغيرة كتب عليها عبارات تذكر بالتسبيح أو التهليل أو التكبير أو الصلاة على
النبي صلى الله عليه وسلم وهذه تزيل وحشة الطريق وتذكر الغافل، فطوبى لمن قام بها وأحسن الله إليه كما أحسن إلى المسافرين، وبعضهم فكر أن يقوم بعمل مثل هذه الكلمات الطيبة في اللوحات الإرشادية في المدن، وذلك باستئجار اللوحات الدعائية بمبلغ من المال.



* أحدهم ذهب إلى موقف النقل الجماعي وسلم للإدارة مجموعة كبيرة من أشرطة القرآن الكريم واشتراط عليهم جعلها في الحافلات المغادرة حتى يسمع الركاب كتاب الله عز وجل، وزودهم بعد حين بأشرطة العلماء والمشايخ وخص الحافلات المسافرة إلى مكة بأشرطة توضح صفة العمرة والحج.


قصة عجيبة ذكرها لي أحد الأفراد العاملين في دعوة الجاليات قال: ذهبت إلى فندق لمقابلة شخص وانتظرته في صالة الفندق، وكان بجواري رجل فلبيني تجاذبت وإياه أطراف الحديث وقال لي: أقوم الآن ببناء مسجد في الفلبين، يقول الداعية لما ذكر لي حال المسجد وكم تبقى من المبالغ أدخلت يدي في جيبي وأخرجت ورقة وكانت من فئة الخمسمائة ريال، قال: فنازعتني نفسي، المبلغ كبير، وقد يكون الرجل غير صادق، لماذا الحماس والعاطفة السريعة؟ ولكن لما رأيته شاهد الخمسمائة ريال استحييت منه ودفعتها له، وقلت: هذه مساعدة لبناء المسجد، قال: فأعادها إلي وقال: أنا أبني المسجد من مرتبي ولا أقبل أن يدخل معي أحد، وكل شهر أستقطع من مرتبي لبناء هذا المسجد.
قال الداعية: فزاد حزني على سوء الظن وما نالني من البخل والشح.


* إحداهن تسعى إلى إسعاد الفقراء والمساكين وتفريج كربهم، وإدخال السرور على نفوسهم، يوما قالت لأحد أبنائها: هذه مئتا ريال اشتر مطبقا (نوع من الأكل) واذهب به إلى هذه البيوت بعد صلاة العشاء مباشرة حتى يفرح الفقراء مع أطفالهم بهذه الوجبة التي ربما لم يسمعوا عنها، أو سمعوا عنها ولم يأكلوها.


* مع كثرة ما نراه من الملتزمين إلا أن عملهم في الدعوة إلى الله عز وجل قليل جدا، ولذا كثر الخبث وزادت الشرور وتعالى أهل الفسق والفجور.


وأذكر أني قد زرت مكتبا من مكاتب الجاليات ودار الحديث عن منطقة صناعية بجوارهم وماذا قدموا للعاملين الذي لا يأتون إليهم، قال لي مدير المكتب: توجد لدينا سيارة (حافلة) فاملؤوها بالكتب ونجعل معك عاملاً يساعدك، فقط نريد شخصًا سعوديًا يكون في المقدمة للحديث والهيبة وحتى تكون الأمور متكاملة ودارت الأيام وكلما رأيت مجموعة من الشباب ذكرت لهم حاجة المكتب؛ وحسب علمي أنه لم يأتهم أحد بشكل مستمر.


وبدون هذه القصة نتساءل: كم عدد مكاتب الجاليات وعدد مكاتب المؤسسات الخيرية والإغاثية وجمعيات البر في مدينة الرياض مثلا أو جدة؟ إنها أعداد مباركة، لكن كم عدد العاملين بها من المتعاونين مقارنة بعدد الملتزمين في الرياض؟ إنهم قليل جدا مع تنوع الفرص ومواقع هذه المكاتب واختلاف طرق العمل وغيرها.


بمعنى أن هناك فرص كثيرة متاحة، لكن من يعملون قلة وقلة جدا، وقارن واسأل لتتأكد، ثم الطامة الكبرى أين يذهب الملتزمون الذين لا يعملون في الدعوة، إنه ضياع أوقات وجلسات غيبة ونميمة وقل منهم من استفاد من وقته في تحصيل علم، أو بر والدين، أو عمل دعوي فردي، أو غير ذلك.

إمام المسجد

لإمام المسجد دور كبير وفاعل في نشر الدعوة في حيه، ومن أبرز الطرق التي نعرفها: قراءة درس يومي في أحد الكتب المعتمدة، واستقطاب الدعاة والعلماء لإلقاء المحاضرات وكذلك تفقد أهل الحي والجيران، وإقامة حلق تحفيظ القرآن الكريم والعناية بها، وغير ذلك من الأعمال العظيمة، ومن أجمل وسيلتين دعويتين سمعت بهما:



الأولى: أحد الأئمة الموفقين مع نهاية العام الدراسي وزع إعلانا على جميع بيوت الحي أخبرهم فيها بأن هناك جوائز للناجحين في جميع المراحل، وعدد أسماء الجوائز وأنها قيمة؛ واشترط إحضار صورة الشهادة دون النظر إلى التقدير كما اشترط حضور ولي الأمر كشرط أساسي.


فكان أن بدأ الحفل بعد صلاة المغرب، وقد غص المسجد بالمصلين من أولياء الطلبة، بعضهم لأول مرة يدخل المسجد، وبعد الصلاة كانت هناك محاضرة جيدة لأمثال هؤلاء، ثم توالت فقرات الحفل وتلتها صلاة العشاء. ثم وزعت الجوائز، فكرة كانت موفقة وجيدة أتم الأمر بأن جعل من ضمن الهدية الأساسية للطفل، كتبا وأشرطة لإصلاح البيوت.


وفي نهاية الحفل حدد موعدا بعد شهر لإلقاء محاضرة ومسابقات مثل هذه؛ قال الإمام: اجتمع أناس لم أرهم من قبل واكتظ المسجد بالمصلين أكثر من يوم الجمعة.. وهكذا الصغار يأتون بآبائهم.


الثانية: إمام مسجد موفق اقترح على بعض الجيران وضع مظروف بلاستيكي كبير يوضع فيه مجلد في العلم الشرعي مضافا إلى ذلك كتاب وشريط ومجلة شهرية يوزع باشتراك شهري مخفض، ليصل إلى كل بيت في السنة 12 مجلدًا متنوع العلوم، منها في التفسير، والحديث والفقه، والسيرة، وغيرها وبهذا يتكون في كل بيت مكتبة إسلامية صغيرة، هذا عدا الأشرطة والكتيبات والمجلات الإسلامية، ووضع أيضا اشتراكا ممتازا لمن أراد أن يسهم في الخير؛ ويرسل هذا الإهداء إلى جيران لم يشتركوا في هذا البرنامج.


قلت لذلك الإمام: ليتني جاركم ليحصل لي هذا العدد من المجلدات والأشرطة والكتب، قال: أبشرك بدأت بمسجدي والآن لدي اشتراكات من أماكن أخرى، وفي مدينتي ستة مساجد بدأت بتطبيق هذا البرنامج.


ومن وسائل النهوض برسالة المسجد في الحي:



أ- إقامة حلقة ثابتة لتعليم أبناء الحي القرآن الكريم والأحاديث النبوية وبعض الآداب الإسلامية وأخذ الطلاب المتميزين منهم إلى العلماء وطلاب العلم في زيارة لهم.


ب- زيارة المتخلفين عن صلاة الجماعة والسؤال عن حالهم، وتذكيرهم بأهمية الصلاة في المساجد مع إهدائهم بعض الكتيبات والفتاوى والمجلات النافعة والأشرطة المفيدة.


ج- تنظيم دورية لأهل الحي كل نصف شهر وتكون بعيدة عن الإسراف والتبذير ويتخللها بعض الفوائد النافعة ، ويعالج من خلالها أوضاع الحي المختلفة.


د- وضع مسابقة ثقافية كل أربعة أشهر لكافة سكان الحي بحيث تصل هذه المسابقة كل منزل وترصد لها الجوائز المناسبة.


هـ – استضافة بعض طلبة العلم لإلقاء كلمة إرشاد وتوجيه في مسجد الحي بين فترة وأخرى، ولتكن كل أسبوعين مثلا.


و- زيارة أصحاب التموينات والأسواق التجارية وتذكيرهم بحرمة بيع الدخان والمجلات الفاسدة، وإعطاؤهم الفتاوى الصادرة بهذا الشأن، ومقاطعتهم حتى ينتهوا عن بيع ما حرم الله، وكذا أصحاب محلات بيع الشيش وأشرطة الغناء، وصوالين الحلاقة وتذكيرهم بالحديث النبوي: "كل جسد نبت من السحت فالنار أولى به" والسحت هو الحرام.


وأعمال إمام المسجد لا حصر لها من متابعة الأيتام والأرامل والمحتاجين وغيرها كثير.

الدعوة في المدارس

المدارس من أهم محاضن الدعوة والتربية، بل هي المكان الأوسع لذلك، والمعلم الذي يحمل هم هذا الدين هو أمة في رجل.. ولإحياء ذلك أطرح بعض المقترحات التي سمعت بها أو رأيتها ومنها.


1- القيام بعمل نشاط ثقافي شهري تبذل فيه الهدايا القيمة، ويوضع كتاب كل شهر مع مسابقة تكون جوائزها كتابا وأشرطة أو غيرها من الهدايا المرغوبة لكل عمر من الأعمار وهكذا يكون في كل عدد زيادة في المشتركين والمشتركات مع ما يصل إلى البيوت من الهدايا الدعوية القيمة.


2- التركيز حين الدرس على الدعوة وإشعار الطلاب والطالبات بأهمية المحافظة على الواجبات والبعد عن المحرمات وربط ذلك بواقع الناس، وفي كتاب أمانة التعليم، من ذلك الكثير خاصة للمدرسين والمدرسات.


3- استقطاب المحاضرين والمحاضرات من خارج المدرسة؛ رغبة في التغيير والتجديد على الطلاب، ويختار بعناية المواضيع التي تعود بالنفع على الجميع وتطعم بالقصص والمشاهدات.


4- إقامة علاقات مودة لكسب قلوب الطلاب والطالبات وإشعارهم بأهميتهم وحل مشاكلهم والقرب منهم.


وأذكر أن أحد أئمة المساجد ذكر لي أن سبب حفظه لكتاب الله عز وجل أن أحد المدرسين سأله: كم تحفظ من كتاب الله؟ يقول فأجبته: أربعة أجزاء، فقال: هذا لا يليق بك، وبدأ يراجع ويسمع لي حتى تيسر لي حفظ كتاب الله عز وجل.


ومدرس آخر يقول: درست في المرحلة الثانوية فوجدت طالبا مهملاً مؤذيًا لزملائه بليد الفهم، لا يحل واجبًا، ولا يحفظ درسًا، يقول المدرس: فأخذته إلى غرفة منفردة وقلت له : أنت طالب قيادي ولا يصح هذا منك، أنت تدير مدرسة كاملة ولذا سأجعلك مسئولاً عن النظام في الفسح، قال الطالب: أنا، فقلت: نعم أنت وسوف تقوم بهذه المهمة أحسن قيام، قال المدرس: تغير حال الطالب بعد ذلك وأصبح من المؤدبين المنضبطين دراسيا وأتى والده إلي وقال: ماذا فعلت بابني؟ لقد تغيرت حاله وصلح أمره؛ قلت : هي لمسات بسيطة وخبرات تربوية، وما كان لديه من نشاط وحركة جعلته في صالح المدرسة ونجحت في تحويل مجرى هذه الطاقة من الأذية والفوضى إلى النفع والانضباط.


5- مدرسة موفقة جعلت في نهاية شهر شعبان ورقة مسطرة تحوي جدولاً لشهر رمضان، ووضعت خانات للصلوات الخمس وللصيام، وكذلك جدولاً لقراءة القرآن وحفظه، ووزعته على طالبات المرحلة الابتدائية، ثم استقبلت الأوراق في شهر شوال فإذا النتيجة الباهرة، لقد ربت الصغيرات وعودتهن على الصلاة والصيام وقراءة وحفظ القرآن، فكم في ورقة واحدة فقط من سنة حسنة ودلالة على الخير فعلتها هذه المدرسة مع طالباتها؟!

داعية بدون وسائل كاملة

بعض الإخوة ينتظر حتى تتم الأمور ويتوفر المكان والكتب والأشرطة أو حتى تتهيأ الأمور، وهكذا لا تنتهي القائمة المطلوبة، وقد لا يحصل المراد.


والنبي صلى الله عليه وسلم جعل حديثه حجة علينا: "بلغوا عني ولو آية" ولم يقل القرآن أو نصفه أو ربعه، بل قال: آية، وهذه الآية تتوفر لدى الكثير.


لنطل على داعية من أعظم الدعاة في التاريخ.. إنه في غياهب السجن، الأبواب دونه موصدة، والجدران سميكة، والمكان موحش مظلم، والحراس أعينهم لا تنام؛ ومع هذا كله، ومع عدم توفر الوسائل وقلة الإمكانات إلا أنه دعا وهو في السجن.. إنه يوسف عليه السلام: }يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ{.


فأين حال يوسف عليه السلام من حالنا؟ لقد قامت علينا الحجة بتوفر الوسائل والأسباب المعينة على الدعوة إلى الله عز وجل، لكن يبقى العمل وتبقى الهمة.


أما ذلك الفقير المحروم والشخص الذي لا يقرأ ولا يكتب ويعيش في رمال الصحراء بعيدًا عن الناس.. فإن معه سلاحا نفاذا وسهاما لا تخطئ، يستطيع أن يخدم الإسلام وأهله والعلماء والدعاة وشباب ونساء المسلمين برفع يديه إلى السماء في كل وقت يتضرع إلى الله بإصلاح حال الأمة، ورفع كيد الأعداء وشر المفسدين وإن خلت يداه من أموال الدنيا، فإنها لن تخلو بإذن الله من دعوة صادقة لهذا الدين.

من أعمال السائرين

ليس لمثلي أن يستقصي أعمال السائرين إلى الله عز وجل لكن أذكر بعضا منها بعثا للهمم وإحياء للعزائم.
أحدهم يأخذ بين الحين والآخر كتبًا باللغة العربية وباللغات الأخرى ويذهب بها إلى محطات وزن الشاحنات، على الطرق السريعة، وعندما تأتي السيارات الكبيرة يناول كل سائق الكتاب الذي يناسبه، وقد ذكر لي أحد الإخوة أنه وزع أكثر من خمسمائة كتاب في أقل من ثلاث ساعات.


وعلل ذهابه إلى ذلك المكان بأن هؤلاء السائقين لا وقت لديهم في المدن لزيارة مكاتب الجاليات أو الهيئات الدعوية فهم محرومون من الكتيبات، فأنا أذهب إلى مكان وقوفهم الإجباري خارج المدن، أما من لا يجيد القراءة منهم فقد أهديته شريطا بلغته، وإن تعثر عليَّ معرفة لغته، أو لم يتوفر لدي أهديه شريطا به قراءة لأئمة الحرم.


* منذ سبع سنوات بدأ بعض الشباب توزيع الكتب على الحجاج القادمين وكانوا يحملون تلك الكتب في سياراتهم، وتدرج الخير حتى أصبح لهم مكتب مرخص له وتم توزيع أكثر من ثمانية ملايين نسخة في عام واحد عبر مكتبهم بمساندة المؤسسات الدعوية والجهات الخيرية.


* أحدهم فرغ نفسه لكتابة مقتطفات من المطويات المجودة وإرسالها إلى الصحف. يقول: لا يهمني أن تنشر كلها، يكفي البعض، وقد بدأ بإرسال كلمات عن أضرار التدخين، ووصايا لتربية الأبناء، وحقوق الزوج وحقوق الزوجة، وفضل يوم عاشوراء، والتحذير من البدع التي تحدث في رجب وشعبان وهكذا مواضيع كثيرة. فقط يجرد قلمه ويسجل على ورقة أو يطبع على جهاز الكمبيوتر، ويرسل للصحف والمجلات.


كم من الناس يقرءون ما يكتب؟ أعتقد أن من يقرأ هذا النقل في الصحف أكثر ممن يقرءون المطوية نفسها، أليس هذا باب خير عظيم؟
رأيت قبل سنوات داعية أمريكيًّا وتعجبنا من قوله: إن كل ساعات يومي للدعوة، فقط وقت نومي هو الذي لا أدعو فيه، أما الوقت الباقي فكله للدعوة: في السيارة والشركة والطريق والمسجد والبيت، لقد ذكرني بهمته وحماسه ما نقرأه عن حال السلف رحمهم الله، وقد مثل بعض الدعاة أعمال شباب اليوم في الدعوة بأنه مثل البالون ينتفخ بسرعة ولكنه في لحظة ينتهي، وهو واقع بعض الشباب يتحمس لأيام ثم ينطفئ نوره ويخبو أثره، والله المستعان، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم نبراس لمن أراد الاستمرار: "خير العمل أدومه وإن قل".
أحد المدرسين ذكر أنه طرح على زملائه المدرسين مشروعًا خيريًّا جيدًا عن طريق إحدى المؤسسات الخيرية قال: فتحمس المدرسون وأثنوا على المشروع ووعدوا بالتبرع، قال المدرس: قلت لهم: لعله أدعى للإخلاص وأبعد عن الرياء أن نجعل صندوقا يمر به أحد الطلبة عليكم فكان كذلك.


يقول المدرس: عاد إلي الصندوق بعد أن مر على أكثر من أربعين مدرسًا لكني لما فتحته لم أجد ريالا واحدا، أليست هذه مصيبة إنا لله وإنا إليه راجعون.


* السفر وسيلة دعوية عظيمة، ومن الاستفادة في السفر حمل كتب لتوزيعها على المحطات والمساجد وكذلك المرور على القرى والهجر التي بجوار الطريق وإعطاء إمام المسجد أو المؤذن هذه الكتب، أو جعلها في مستوصف القرية فإنهم بأمس الحاجة إليها.


* إحداهن رأت أن تخرج بعد سنوات داعية من قعر بيتها، إنها خادمتها التي بدأت معها في حفظ سور القرآن، ثم أتت إليها بالكتب والأشرطة وبدأت تشرح لها العقيدة الصحيحة، وتحذرها من البدع والشركيات، وقالت: أطمع أن تكون داعية في قريتها، دع الكثيرات يخرجن خادمات يجدن الطبخ، ولا يعرفن من الدين إلا مثلما أتين.


لو أن كل امرأة استشعرت الأمر، لخرجنا سنويا مئات الآلاف من الداعيات.


* يعمل في محل لصنع الخبز منذ أن يصبح وهو يفتح على إذاعة القرآن الكريم وجعل لديه من المواعظ الكثير فنفع الله به كل من يأتي للشراء، وهو بعمله هذا خير من كثير من المتعلمين العاطلين.


* امرأة تزوجت زوجًا غير ملتزم وأهله مثله، فكانت صدمة لها جعلتها مذهولة حينا من الزمن، لكن لما أفاقت من الصدمة علمت أن الطريق هو طريق محمد صلى الله عليه وسلم فشمرت في العمل، وبدأت بألين وأسهل من في الأسرة من البنات الصغيرات وبذلت نفسها في خدمتهم جميعًا فكانت لا تكل ولا تمل ولا تتذمر ولا تتشكى حتى أحبها البعض ومع هذا قالت: البعض نعمة؛ مرت سنوات هي على حالها تعاني من الاستهزاء والغمز واللمز، لكنها صابرة محتسبة حتى كبرن الصغيرات، وفرج الله عنها بهداية الأسرة لكن ذلك لم يأت من التشكي والتجزع أو من الضعف وترك الدعوة، بل يأتي من الصبر والهمة العالية والدعاة وتحمل المشاق.


لموسى عليه السلام منزلة عند ربه، وخصوصًا في همته الدعوية، حتى غفر الله له ما غفر لسبب همته الدعوية، كما قرر ابن تيمية رحمه الله فيما يرويه عن ابن قيم الجوزية في كتابه مدارج السالكين قال:



انظر إلى موسى عليه السلام رمى الألواح فيها كلام الله الذي كتبه بيده فكسرها، وجر بلحية نبي مثله، ولطم عين ملك الموت ففقأها وعاتب ربه ليلة الإسراء في محمد صلى الله عليه وسلم وربه يحتمل له ذلك كله، ويحبه ويكرمه لأنه قام لله تلك المقامات العظيمة في مقابلة أعدى عدو له، وصدع بأمره، وعالج أمة القبط وبني إسرائيل ، فكانت هذه الأمور كالشعرة في البحر،وانظر إلى يونس عليه السلام حيث لم يكن له هذه المقامات التي لموسى غاضب ربَّه مرة، فأخذه وسجنه في بطن الحوت، ولم يحتمل له ما احتمل لموسى.

تأمل معي

لو فتح مثلا في بعض بلاد المسلمين الباب لتوزيع كتب الرافضة والنصارى فهل يا ترى يخلو بيت منها؟ ونحن اليوم الكتب والأشرطة متوفرة لدينا بمبالغ زهيدة جدا، لكننا نكسل ونبخل بإيصالها إلى أهلنا وذوينا والبعض بيته وبيوت أقاربه لا يعرفون الكتاب ولا الشريط.


أب رحوم وأم رءوف لكنها تلقي بأبنائها وبناتها إلى النار والله عز وجل يقول: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُو أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{ فهل وقيناهم من تلك النار وجعلنا بينهم وبينها وقاية؟
لا نريد أن يربي الأب ولده لنفسه.. نريد أن يتربى الصغير وينشأ لينفع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ليجعل الأب والأم نصب أعينهما أننا نريد عالما ربانيا، وداعية مخلصًا، ومجاهدًا مغوارا، وطبيبا، ومهندسا، ومزارعا، الجميع همهم رفعة الإسلام، إنهم ليسوا لك وحدك، هم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أجمع، وهذا من أعظم أبواب الدعوة اليوم ! فتأمل لو خرج لنا كل بيت خمسة دعاة إلى الله عز وجل كم يكون العدد بعد سنوات؟
من يتصدر المجلس بالحديث عن الدعوة ولمز الدعاة وغمز المؤسسات الخيرية والدعوية، أولئك لا يعملون إلا بألسنتهم فلا يكن حظك هذا الضياع، ولا يكن حظ أذنك هذا الخواء.


أبواب الدعوة كثيرة، ولم نر من يشتكي من إغلاق الأبواب كلها، فإن الله عز وجل متم نوره وإذا أغلق باب، فتحت أبواب ولله الحمد.
كم هي حاجتك إلى هذا الدين، إنها كالهواء والماء والطعام بل هي أعظم، ماذا قدمت من عمل للحصول على الشراب والطعام. ثلث وقتك، أو نصفه اجعل لهذا الدين ما تراه يفي بفضل الله عليك ولن تستطيع لكنه تبارك وتعالى بمنه وكرمه يقبل القليل ويبارك فيه!.

يا باغي الخير أقبل

أبواب الخير كثيرة ومتنوعة.. هذه جملة من تلك الأبواب لعلك تطرقها جميعًا.
قال صلى الله عليه وسلم: "كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس: تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل على دابته فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة" [متفق عليه].


وقال عليه الصلاة والسلام: "الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" [متفق عليه].


وقال صلى الله عليه وسلم: "سبق درهم مائة ألف درهم" قالوا: يا رسول الله وكيف؟ قال: "رجل له درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به، ورجل له مال كثير فأخذ من عرض ماله مائة ألف فتصدق به" [رواه النسائي].



وقال عليه الصلاة والسلام: "لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين" [رواه مسلم].
ومع التفاوت في الأعمال إلا أن الإسلام جعل الأجر والمثوبة لكل عمل تقوم به، ولا تعلم ماذا يتقبل من الأعمال؟ وما هي أرجى أعمالك عند الله وأكثرها قبولا؟ فلا تحقرن من العمل شيئا قل أو كثر.

ما الذي يمنعك؟

أنت -ولله الحمد- مسلمٌ، ولهذا الدين عليك حقوق عظيمة، لكنك في الناحية العملية ضعيف الانتاج قليل الهمة، دعنا نناقش ما يتعذر به البعض من الأوهام:



1- الكسل والفتور: وهذا لا نراه إلا في هذا الجانب الدعوي، أما في الجوانب الأخرى فأنت صاحب همة ونشاط.. رحلة صيد، لعب كرة.. الذهاب إلى الاستراحة لديك همة وعزيمة، إذا لديك همة وعزيمة، لكنك لم تصرفها لصالح هذا الدين ولذا أصابك الكسل والفتور.


2- تلبيس إبليس: يلبس إبليس على الكثير بأمور كثيرة؛ منها الخوف من أهل الدنيا وهذا مردود عليك لأمور منها.



أولاً: انضبط في أمر الدعوة ولا مدخل لأحد عليك، ورأينا من أفنوا أعمارهم في الدعوة ولم يصبهم ولله الحمد أذى.
ثانيًا: تجنب المواقف الحساسة فإن المؤمن كيس فطن يبحث عن المصلحة ويتجه إليها، ويدرأ المفسدة بمصلحة أخرى.
ثالثًا: عليك بالتوكل على الله عز وجل فإن الله يحفظ عبده }إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ ولو قال لك مسئول كبير مثلا من أهل الدنيا. اذهب وادع وإذا جرى لك شيء فأنا المسئول وسوف أحميك.. ألست تنطلق بلا تردد وتتحدث بلا تهيب؟ الله عز وجل أعظم وأجل، وعلى الله فليتوكل المتوكلون }فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{.
رابعًا: الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل بأن يقيك الشرور، وأن لا يكلك إلى نفسك طرفة عين، فأنت ضعيف بذاتك، وقوي بجوار الله عز وجل وحفظه وتسديده.
خامسًا: إن أصابك أمر في جانب الدعوة إلى الله عز وجل فقد أصاب قبلك من الأنبياء والمرسلين الشيء الكثير فاصبر واحتسب وأبشر }وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ{ إنه قسم من الله عظيم لمن دعا إليه وجاهد في سبيله باللسان والقلم والمال، بأنه يهديه سبيل النجاة.. وهي عصمة من الانحرافات ونجاة من الفتن وتثبيت على الطريق.


وتأمل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد، ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه" [الفتح: 7/ 202].

وقفات دعوية

قبل سنوات بحثت عن كلمات كثبت في الصحف والمجلات عن فضل يوم عاشوراء فلم أجد مع الأسف الشديد شيئا، وهذا ولا شك من التقصير، وإلا فالصحف والمجلات تقبل ما يرسل إليها، وليس بالضرورة أن تنشر كل ما يرد، لكن دعونا نرسل لهم عشر مقالات وينشر مقال واحد، وهذه نعمة وفضل من الله عز وجل، ومن المجالات التي يكتب فيها: التوحيد بأنواعه، خاصة ما تفلت من قلوب الناس، كالتوكل واللجوء إلى الله، والسحر وحكمه وكذلك الصلاة ووجوب المحافظة عليها، والوقت وأهميته، وحكم شرب الدخان وخطره، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، وتربية الأبناء، وغيرها كثير، وبالإمكان الأخذ من المطويات والكتيبات الموجودة بعد تلخيصها.


* من يكتب يحتاج إلى توجيه واستدراك، فالمحسن يقال له: أحسنت ويثبت على ما هو عليه من الخير، والمسيء يوجه للصواب وترسل له فتاوى العلماء والكتب النافعة فإن في هدايته خيرًا عظيمًا، وإن لمن ينفع فلا أقل من أن يشعر أن القراء يتابعون زللـه، وربما رفعوا في أمره للجهات المسئولة فبهذا يخف شره ويقل.


* تنظيم مسابقة عائلية سواء للأسرة الصغيرة أو للعائلة حين اجتماعها نهاية الأسبوع، وتوزيع الجوائز وعمل اشتراك للأسرة في المجلات الإسلامية: كالدعوة والأسرة والشقائق، لما في ذلك من النفع والتنوع والاستمرار.


امرأة فاضلة إذا أقبل موسم الحج قامت باختيار وشراء الآلاف من الكتب باللغة الأندونيسية من مكاتب الجاليات، ثم وضعت كل مجموعة داخل مغلف، ثم ترسل بها إلى الحجاج، ليتم التوزيع هناك كل عام فيا ترى كم حاجًّا استفاد من هذه الهدية العظيمة واستثمر هذا التجمع الكبير؟


رجل وزوجته لا يذهبان إلى الأماكن العامة إلا ومعهم كتب ومطويات، فإذا ذهبوا إلى المستشفى أو المستوصف جعل الرجل ما معه من الكتب والمطويات في انتظار الرجال، والمرأة مثل ذلك في انتظار النساء، وهكذا لا تخلو سيارة الزوج من كتب، أما حقيبة الزوجة فإنها لا تخلو من المطويات.


* ممرضة في أحد المستوصفات من دولة عربية كانت فاتنة وتظهر شعرها ونحوها، وأهدي إليها كتاب عن الحجاب فكان أن أخفت شعرها ونحرها ولله الحمد، وقام آخرون بإهدائها كتاب فتاوى النظر والخلوة والاختلاط فتركت العمل تمامًا واستقرت في عقر دارها، رغم حاجتها للوظيفة، فالحمد لله على هذا الفضل، وتأمل في أثر كتابين فقط كيف كانت الأمور؟ وكيف تبدلت القلوب ولله الحمد؟


* إذا أتى الخير ونزل، رحل الشر وولى، وأوجه دلالة الناس على الخير كثيرة جدًّا منها: الدلالة على مواعيد ومكان المحاضرات والدروس، الدلالة على السنن وما فيها من الأجر، الدلالة على الفقراء والمساكين والأرامل والغارمين ، الدلالة على مدارس تحفيظ القرآن الصباحية وما فيها من حفظ كتاب الله عز وجل، والدلالة على حلق التحفيظ في المساجد، وعلى المدارس النسائية المسائية لتحفيظ القرآن.


وفي حيك أيها الموفق عليك بالدلالة على الكتب النافعة والأشرطة المفيدة، والدلالة على المدارس المتميزة، الدلالة على أهل الخير والصلاح، والدلالة على الأماكن الصيفية التي ليست بها منكرات، الدلالة على أماكن صرف الزكوات، التعريف بالمؤسسات الخيرية، تقديم النصح للراغبين في الزواج وإعلامهم بالعوائل الطيبة المناسبة للزواج، وهكذا أوجه الدلالة كثيرة لا تحصى ولا تعد.


والناس في هذه الأيام تناول يدها لمن يأخذها، ونتعجب أن الكثير لا يعرف أن هناك دور تحفيظ نسائية أو أن هناك رحلات صيفية للطلاب الملتزمين، والبعض لا يعرف أن هناك مجلات إسلامية جيدة.. وهذا كله خلل في أمر الدلالة لدينا.
فتذكر دائما حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الدال على الخير كفاعله".


جعلني الله وإياكم وجميع المسلمين مفاتيح للخير مغاليق للشر!

النبي القدوة

نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم هو النموذج القدوة في الدعوة إلى الله عز وجل.
}لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ{[الأحزاب: 21]. وقد قال عليه الصلاة والسلام: "مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها، وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي" [رواه مسلم].


لقد دعا عليه الصلاة والسلام في الوادي وعلى الجبل وفي المسجد والطريق والسوق وفي منازل الناس وفي الموسم، وفي المقبرة ودعا صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، والأمن و الخوف، والصحة والمرض، ودعا صلى الله عليه وسلم عندما يزور أو يزار، دعا من أحبوه، ومن أبغضوه، ومن أطاعوه، ومن أعرضوا عنه، وبعث الوفود وأرسل الدعاة ، وكتب الرسائل إلى الملوك والرؤساء.


أخي الداعية: أذكرك بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن يعلم ما له عند الله، فلينظر ما له عنده" السلسلة الصحيحة (2310).


وقال صلى الله عليه وسلم: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة"[السلسلة الصحيحة 6222].


وقال عليه الصلاة والسلام: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" [رواه مسلم].
قال النووي: وفيه فضيلة الدلالة على الخير والتنبيه عليه والمساعدة لفاعله.
والمراد بمثل أجر فاعله: أن له ثوابا بذلك الفعل، كما أن لفاعله ثوابًا.


فكم من الثمار غرست لتزهر وتورق لك فتستظل بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، جعلني الله وإياكم من أولئك بمنه وكرمه.

وفي الختام

أيها المسلم وأيتها المسلمة، أكثرت من الحديث وزادت الحروف، والله إنا نتوق إلى ألسن بكم وأيد وضاح.
وخير من ذلك قوله تعالى: }مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ{.