" الصالحات " و " اللاتي تخافون نشوزهن " : 2024.

يقول تعالى ، في الآية رقم 34 من سورة النساء ، (( الرجال قوامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ، فإنْ أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ، إن الله كان علياَ كبيراً )) .
نعتقد أن هذه الآيات الكريمة قد كانت ضمن سياق " تنظيم " الأسرة على أسس إسلامية ، منها أنها أسس الفطرة التي فطر الله ، تعالى ، الناس عليها .
يقيم الإسلام أسس " تنظيم " الأسرة عبر بيانه للمحَرّمات من النساء ، ثم بيان الكيفية التي يرتضيها هذا الدين الخاتم لاجتماع الرجل مع المرأة في " بيت " لينشئا " أسْرة " نظيفة طاهرة ذات استعداد لتكون " لبنة " في مجتمع ينشده الإسلام !!! ، ومن ثم كان لزاماً ، وحتماً ، أن يبين الإسلام الأسس التي تقوم عليها الأسرة ، والأسر ، المسلمة عبر بيانه التفصيلي للحقوق والواجبات التي لكل واحد من طرفي " الأسرة " … بل لمن سيأتي نتاجاً عن علاقة هذين الطرفين الشرعية .
والقضية التي تثثر أكثر من لغط ، وتكون " مضغة " تلوكها الألسنة هي " قوامة الرجل على المرأة " ، فيصور البعض الأمر انتقاصاً جاء به الإسلام لـ " آدمية " المرأة ، ويدخل على الخط نسوة أكبر همهن أن تكون " الأسر " كأسرهن مفككةً منهارةً !!! .
أعتقد أنه من الصواب القول إن الأمر يجب أن يوكل للمؤهل بطبيعته وتكوينه وتكليفه لما يُعتَقَد أنه أمر حيوي ، هكذا نرى في الأمور " البسيطة " في إدارات الدول ، فما القول بأمر له تعلق بإنشاء أسرة ستنشيء مجتمعاً ؟؟؟ .
لقد خلق الله ، تعالى ، كلاً من الرجل والمرأة لمهمة هي حكيمة حتى لو لم ندرك حكمتها !!! ، فكان أن كلّف كلاً منهما بحسب الفطرة والاستعدادات التي وهبها له سبحانه من استعداد نفسي أو عضوي ، فجاء التكليف عادلاً إلى أقصى ما يتصور عدلاً ، وذلك بتوزيع الأعباء بحسب الموهوب ، وبتأسيس العدالة بحسب الاختصاص القائم على التوزيع السابق ذكره الذي قام على الموهوب من القدرات النفسية والقوى الجسمية .
كلّف الله ، تعالى، المرأة الحمْلَ والإرضاعَ والقيامَ على أمر " الجيل " القادم الذي ستقوم ، على أخلاقه قبل جسمه ، الأمة غداً وبعد غدٍ ، وهذه مهمة دونها حمل الجبال ، من حيث إنها بقدر ما هي " ضخمة " فهي " خطيرة " !!! ، ولذا فقد أعدّ الله ، سبحانه ، المرأة بشكل عضوي ونفسي وعقلي يؤهلها القيام بما خلقت له بشكل غريزي تستملحه المرأة وتشتكي ، ولو صمتاً ، حال غاب عنها لسبب أو لآخر !!! ، وكان من " عدل " الله ، تعالى ، أن يكلّف الرجل أعباءً توفّر للمرأة ما من شأنه تفريغ " حياتها " و " ذهنها " من شواغل الأمن والحماية بكل صُوَرِها ، وأُعْلن أنه ليس من العدل أن تحمل المرأة ، لترعى ما أثمره لقاء زوجين ارتضيا بالله رباً وإلهاً ، وبمحمدٍ ، صلى الله عليه وسلم ، نبياً ورسولاً ، وتضع وتُرضع وتكفل ، ثم " تعمل " !!! كادةً ساهرةً لتحمي نفسها ورضيعها في آن ، فكان أن زوّد الله ، سبحانه ، الرجل ما من شأنه أن يجعله مؤهلاً للقيام بواجبات الرعاية والحماية والتأمين ، فأودع فيه خصائص نفسية وعقلية وعضوية تعينه أن يقوم بدوره المراد منه .
بالمرأة خصائص الرقة والعطف !!! وسرعة الاستجابة وتقدم العاطفي على العقلي ، وتلك ، لعمري ، من أهم متطلبات الطفل !!! ، ونرى المرأة السوية سريعة الاستجابة لهذا كله غريزياً بشكل سريع ومريح في آن !!! .
وبالرجل خصائص الخشونة والصلابة وبطء الانفعال وتقدم العقلي على العاطفي ، ولعل هذا أن يكون نتاجاً لأول مهمة قام بها الرجل : الصيد ( = القنص ) !!! وكانت تلك المهمة لحماية أسرته وتدبير معاشها ، وتلك ، كلها ، تحتاج لتروٍ قبل العمل ، ولتفكيرٍ قبل التنفيذ .
ونعتقد أنه من الدلائل على فساد الحراك الاجتماعي ، حال بعُد عن الشروط الإلهية ، ما أصاب الحياة البشرية من تخبط وفساد ، ومن تدهور وانهيار ، ومن تهديد بالدمار والبوار ، في كل مرة خولفتْ فيها هذه الشروط ، فاهتزت سلطة القوامة في الأسرة ، أو اختلطتْ معالمها ، أو شذت عن القاعدة الفطرية الأصيلة . كما أنه من الدلائل على ذلك ، أيضاً ، اشتياق المرأة ، ذاتها ، إلى قيام هذه القوامة على الأصل الفطري في وجود الأسرة ، وكذا شعور المرأة بالحرمان والنقص والقلق وقلة السعادة ، حال عاشت مع " رجل " لا يزاول مهام القوامة ، وتنقصه صفاتها ، أو بعضها ، فيترك للمرأة أمر " القوامة " فيكون أنها تعيش مع " نصف " رجل !!! .
… " فالصالحاتُ " … و " واللاتي تخافون نشوزهن " …
.
.
.
يُختتم هذا المقطع من القول الحكيم بـ " فالصالحاتُ قانتاتٌ ، حافظاتٌ للغيب بما حفظ الله " . حيث تعلم " القانتة الصالحة " أن قوامة الرجل ، باعتبارها أمراً إلهياً ، لا تلغي ، ولا تُقلل ، من شخصية المرأة لا في البيت ولا في المجتمع ، وكل ما في الأمر أنها مسألة " إدارة / وظيفة " !!! ؛ فوجود " قيّم " في كيان ليس يعني إلغاء وجود الآخرين ، حيث نعلم أن الإسلام قد بيّن ، في غير موضع ، صفة قوامة الرجل وما يجب أن يكون عليه هذا القوّام من صفات العطف والرعاية ، والقيام بكل أشكال التكاليف المعيشية ، وكذا ما يجب أن تخلّق به من سلوك إسلامي إنْ مع زوجته أو مع أولاده .
والفنوت ، لغة ، هو الطاعة لا عن قسر بل عن محبة وإرادة ورغية !!! ، وهو غير الطاعة ، تلك التي قد تكون مؤقتة تدفع بها عوامل غير إرادية ، ومن ثم كان للفظ الأول بعده " النفسي " الدال على الرضا بما أمر الله تعالى بعبداً عن الفزلكة السياسية الداعمة لفصم عرى السكن والمودة والستر والصيانة … إلى آخر هذه القائمة من المقاصد التي تغياها الشارع حال شرّع وقرّر وأمَر فيما له تعلق بالأسرة المسلمة .
ويأتي " واللاتي تخافون نشوزهن " قبالة " الصالحات " !!! … دليلاً على أن الإسلام لا يحيا في " برج عاجي " ؛ فهو لا يخاطب " ملائكة ، كما أنه لا يخاطب شياطين ، بل جاء ليخاطب " بشراً " من روح وجسد ، ولكل متطلباته ولذا كان الإسلام واقعياً من حيث هو دين الفطرة . والنشوز ، لغة ، العلو والارتفاع والقيام ، … وهو ، مجتمعياً ، العصيان !!! .
لا ينتظر الشارع حتى تحدث الكارثة و " تقع الفأس في الرأس " !!! ، بل يشرّع مستبِقاً الحدث قبل وقوعه صوناً للأسرة المسلمة وللمجتمع المسلم أن يخرج لهذا المجتمع مسؤولون نشأوا بظل أسر مفككة منهارة قوامياً فيأتون منهارين قيمياً !!! ، بل نرى المشرع يبادر فيضع العلاج بافتراض الحالة سلوكاً استباقياً قبل أن ينفرط العقد .
جعل اللهُ ، تعالى ، الرجلَ المسؤولَ أمامه عن الأسرة ، ومن ثم كان لزاماً قرْن المسؤولية بسُلْطة … وهذه " ألف باء " الإدارة ، فيُعطى هذا " المسؤول " سلطة الإجراءات التي تكفل عودة " السكن والمودة والرحمة " وكلها مقاصد عليا من تشريع الإسلام للزواج .
للرجل مزاولة بعض أنواع التأديب ، والتي ثبت صلاحها في غير حالة ، ويقرّ في ضميره ، والضمير صوت الله في الإنسان ، أنه ما يقوم بهذا على سبيل الانتقام ولا الإهانة ولا التعذيب فضلاً عن التشفّي أو التلذذ عبر سلطة ممنوحة له من الله تعالى الذي هو قادر أن يعاقب من أساء استعمال الممنوح .
أول هذه الإجراءات : الوعظ ، وهو مؤسس على مسؤولية الرجل عن الأسرة ( قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) ، وهذا عمل تربوي إرشادي تهذيبي .
وحال فشل ، لسبب أو لآخر … وما أكثر الأسباب في أيام الناس هذه تغذيها لافتات جمعيات لا هم لمندوبيها / أعضائها إلا " خراب " البيت المسلم ، وهؤلاء لا يرعون في الأمة إلاّ ولا ذمة … حتى رفعت بعض هذه الجمعيات شعار " ارفضي الطلاق والطاعة والتعدد " !!! ، يأتي الإجراء الثاني متمثلاً في أخص ما يخص المرأة : جمالها !!! ، فعلى الرجل الابتعاد عن اللقاء الأساس في الزواج ، ردعاً للمرأة أن تكف عن " العناد " و " الندية " التي لا تصلح بل تفسد وتدمر خاصة حال وجد " رجل " لا " نصف " رجل .
ويضع الإسلام شروطه لهذا الإجراء الذي يدخل في دائرة " الأنوثة " وما يلحق بها من " دل " هو محبب من المرأة وللمرأة !!! ؛ فلا يكون الهجر " ظاهراً في غير موضع خلوة الزوجين ، ولا يكون بمرأى من الأطفال ، ولا يكون أمام الغرباء " … ولعل السبب في البعد بالهجر عن أعين الأطفال حرص الشارع ألا يبقى في وعي هؤلاء فسادٌ أو شر ، وكذا السبب في البعد بالهجر عن أعين الغرباء ألا تُذلّ الزوجة أو تمتهن كرامتها من حيث إن المسألة " عائلية " !!! ، فلا المقصود ، بهذا الإجراء ، إفساد الأطفال ، ولا المقصود به إذلال الزوجة ، بل المقصود رسالة تصعد بالوسائل علّ الناشز أن تعود فاطنة لدورها مبتعدة عن منغصات الحياة التي ستقلب الحياة جحيماً لا يطاق .
وحال فشل هذا الإجراء ، فهناك إجراء آخر يرد على كون " الانحراف " عن الفطرة قد اتخذ شكلاً آخر ، وصعد لمستوً آخر صارت تلك الوسائل غير مجدية معه ولا مؤثرة فيه .
لا شك أن الضرب غير المبرّح ، والذي لا يقصد به الإيذاء ، يعد كضرب الرجل ابنه ، فلا يعدو أن يكون تأديباً .
إن هناك من النسوة " من لا تحس قوة الرجل الذي تحب نفسها أن تجعله قيماً عليها ، وترضى به زوجاً ، إلا حين يقهرها عضلياً … وليست هذه طبيعة كل امرأة ، لكنه صنف موجود ، وهو الذي قد يحتاج لهذا النوع الأخير من التأديب " .
وفي بعض حالات الانحراف السيكولوجي لا تجدي مع المصاب إلا وسيلة الضرب ، ويطلق علماء النفس على هذا الانحراف اسم " الماسوشزم " ، وصاحب هذا المرض لا يستقيم مِزاجه إلا بعد معاملة قاسية على المستويين الحسي والمعنوي ، وهذا النوع من الانحراف ، كما يقرر علم النفس ، أكثر ما يصيب النساء ، إذ يصاب الرجل بانحراف " السادزم" ، وهو التمتع باستعمال العنف ، أما في الحالات الأخرى التي لا تصل إلى مرتبة المرض ، فلا يجوز استعمال الضرب، إذ لا ضرورة له ولا يجوز المبادرة إليه ، ولعل ذلك يصلح مع بعض الحالات لا كلها .

بارك الله فيك اخي الكريم
اعجبنى الموضوع
مما جعلنى اسجل دخولى هو روعته
سجلت اعجابى يا استاذى
واقعى موضوعك بشدة

فبارك الله فيك
أحب مواضيع تحليلية مثلها

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
وفي بعض حالات الانحراف السيكولوجي لا تجدي مع المصاب إلا وسيلة الضرب ، ويطلق علماء النفس على هذا الانحراف اسم " الماسوشزم " ، وصاحب هذا المرض لا يستقيم مِزاجه إلا بعد معاملة قاسية على المستويين الحسي والمعنوي وهذا النوع من الانحراف ، كما يقرر علم النفس ، أكثر ما يصيب النساء
القعدة القعدة


هاى الهدرة الزينة يحتاجون تاديب أحياناً

أحياناً تتربى الفتاة على مصطلح [ العصى لمن عصى ]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.