يا لشَرف المسلمين في ليلة القدر !! 2024.

الحمد لله الذي أكمل لنا الإيمان وأتم علينا نعمه الظاهرة والباطنة ورضي لنا الإسلام دينا وأنزل إلينا القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، وميز الأمة الإسلامية عن سائر الأمم بانضباطها وامتثالها لأمر الله سبحانه في كل الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال العباد، ومنها ما يتعلق بعبادة الصيام؛ فشهر رمضان وما فيه من خيرات وبركات وقربات لله عز وجل، لتحصن المسلم من أن يقترب أو يصيبه شيء من المعاصي والآثام، فحرمات الله مصانة محفوظة ولا تعدي عليها ،{تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} .
ومن تمام نعمة الله علينا أن خصَّ رمضان ولياليَه بليلة القدر ، وهي أشرف ليلة في العام ، من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه } رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنَّسائي والترمذي . ولفظ مسلم والنَّسائي { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرغِّب في قيام رمضان مِن غير أن يأمرهم فيه بعزيمة ، فيقول : من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك } وجاءت العبارة عند البخاري ( هكذا { … والناس على ذلك } .
وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه – عبد الرحمن بن عوف – رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم وسننتُ لكم قيامَه ، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيومِ ولدته أمه } رواه النَّسائي ( وابن ماجة وأحمد .
وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { مَن صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه } رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنَّسائي والدارمي وابن حِبَّان .
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال { دخل رمضان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا الشهر قد حضركم ، وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر ، مَن حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كلَّه ، ولا يُحْرَم خيرَها إلا محرومٌ } رواه ابن ماجة . ورواه أحمد والنَّسائي من طريق أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .

وإن المسلم في أمسِّ الحاجة لمكفِّرات الذنوب وغفرانها حتى ينجو من النار ويدخل الجنة فكان أن أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بقيام رمضان ليغفر له ذنوبه ويكفِّرها فيبعده عن النار ويفوز بالجنة ويحوز على رضوان الله – عز وجل
ليلة القدر يزيد المسلمون فيها من الصلوات والدعاء والصدقات وقراءة القرآن وسائر الأعمال الصالحة ؛ فهي خير من ألف شهر ، وقد نزل فيها عددٌ من آيات الله البينات الواضحات : {حم{1} وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ{2} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ{3} فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ{4} أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ{5} رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{6}الدخان
وقال سبحانه {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{2} لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ{3} تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ{4} سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{5} القدر .

ورد في كتاب الجامع لأحكام الصيام لأبي إياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود ( عويضة )(في الآية الرابعة من سورة الدخان قوله سبحانه { فيها يُفْرَقُ كلُّ أمرٍ حكيمٍ } أي أن كل أمرٍ مُحْكَمٍ عظيمٍ يُقضَى ويقرَّر في ليلة القدر من العام إلى العام الذي يليه ، فهي ليلة تقدير الأمور عند ربنا عزَّ وجلَّ ، وهذا لا شك فيه فضلٌ أعلى ومنزلةٌ عليا لليلة القدر .
أما في سورة القدر ففضل ليلة القدر بارز واضح كل الوضوح في كل آية منها ففي الآية الأولى بيان أن القرآن قد أنزله الله فيها ، وفي الآية الثانية التنبيه إلى فضلها ، وفي الآية الثالثة أنها خير من ألف شهر ، وحيث أنَّ الشهر ثلاثون يوماً فهي إِذن خيرٌ من ثلاثين ألف يومٍ ليس فيها ليلة القدر ، وفي الآية الرابعة بيان تنزُّلِ الملائكةِ وجبريل فيها من كل أمرٍ أبرمه الله وقضاه ، وفي الآية الأخيرة بيان أنها سلام ، أي سلام من الشرور حتى الصباح . ولهذا جاء في الحديث الرابع ( من حُرِمَها فقد حُرِمَ الخيرَ كله ، ولا يُحْرَمُ خيرَهَا إلا محرومٌ ) اللهم لا تحرمناها ما دمنا أحياءً ، وآتنا بفضلك خيرَها يا رب العالمين ، آمين .)

وهنا لا بد أن نقف على حال الأمة الإسلامية وهي تصوم رمضان وتقوم لياليه وتحيي ليلة القدر .
فبلاد المسلمين كفلسطين والعراق والسودان تعاني من أعداء الله
والمسلمون ينحدر شأنهم من سيئ إلى أسوأ يعانون من الفرقة والضعف والذل والهوان.
وأحكام الإسلام غاضت من الأرض ،
وثروات المسلمين نهب لكل طامع .
وإنه لا منجى لكم أيها المسلمون مما أنتم فيه إلا بالعودة للدين وصدق التمسك بكل أوامره، فهي مبعث العز وعودة التمكين.
فهل جعلنا من فجر ليلة القدر إيذانا لعودة الإسلام لقيادة العالم من جديد، والسير نحو العزة والتمكين والتغيير الجذري، قال تعالى : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }الكهف28

ليلة القدر خير من ألف شهر 2024.

ليلة القدر خير من ألف شهر


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد..
فمن فضائل شهر رمضان، وجوائزه العظام: تضمنه لليلة القدر، وهي ليلة شريفة القدر، ضاعف الله فيها ثواب العمل الصالح لهذه الأمة مضـاعفة كثيرة.


قال تعالى: }إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{ [القدر: 1-5].


شرح السورة


قوله تعالى: }إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ{ أي: القرآن، لأن القرآن نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله r. قاله ابن عباس وغيره.


قوله: }فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ{, قال ابن الجوزي: وفي تسميتها بليلة القدر خمسة أقوال:



أحدها: أنها ليلة العظمة. يقال: لفلان قدر.


قال الزهري. ويشهد له: }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ{ [الزمر: 67].


والثاني: أنه الضيق. أي: هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون. قاله الخليل بن أحمد، ويشهد له: }وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ{ [الطلاق: 7].


والثالث: أن القدر الحكم، كأن الأشياء تقدر فيها، قاله ابن قتيبة.


والرابع: أن من لم يكن له قدر صار بمراعاتها ذا قدر. قاله أبو بكر الوراق.


والخامس: لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، وينزل فيها رحمة ذات قدر، وملائكة ذوو قدر، حكاه شيخنا علي بن عبيد الله ([1]).


وذكر تعالى أن هذه الليلة ليلة مباركة تقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث العام، وذلك في قوله تعالى: }إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ{ [الدخان: 3-6].


قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله: وصفها الله سبحانه بأنها مباركة؛ لكثرة خيرها وبركتها وفضلها.


ومن بركتها:أن هذا القرآن أنزل فيها.


ووصفها سبحانه بأنه يفرق فيها كل أمر حكيم، يعني يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ما هو كائن من أمر الله سبحانه في تلك السنة من الأرزاق والآجال، والخير والشر، وغير ذلك من كل أمر حكيم من أوامر الله المحكمة المتقنة، التي ليس فيها خلل, ولا نقص, ولا سفه, ولا باطل([2]).


وليلة القدر من شهر رمضان كما قال تعالى: }شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ{ [البقرة: 185].


ثم قال تعالى معظمًا لشأن ليلة القدر التي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها: }وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ{؛ فهذا على سبيل التعظيم لها، والتشويق إلى خبرها.


ثم قال: }لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ{.


قال مجاهد: قيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر من هذا الزمان, وصيامها ليس فيها ليلة القدر، وهذا قول قتادة والشافعي، واختيار الفراء وابن قتيبة والزجاج.


وقال عمرو بن قيس الملائي: عمل فيها خير من عمل ألف شهر.


قال ابن كثير: وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر هو اختيار ابن جرير, وهو الصواب لا ما عداه.


قوله تعالى: }تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ{.



قال أبو هريرة: الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصى.


وهذا يدل على كثرة الرحمة والبركة في هذه الليلة، فإن الملائكة ينزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيمًا له.


أما }وَالرُّوحُ{ فقيل: المراد به هاهنا جبريل عليه السلام، فيكون من باب عطف الخاص على العام.


وقيل: هم ضرب من الملائكة.


قوله }مِنْ كُلِّ أَمْرٍ{: قال ابن قتيبة: أي: بكل أمر.


قال المفسرون: ينزلون بكل أمر قضاه الله تعالى في تلك السنة إلى قابل.


قوله تعالى: }سَلَامٌ هِيَ{ وفي معنى السلام قولان:
أحدهما: أنه لا يحدث فيها داء، ولا يرسل فيها شيطان؛ قاله مجاهد.


والثاني: أن معنى السلام الخير والبركة؛ قاله ابن قتيبة.


قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله: يعني أن ليلة القدر ليلة سلام للمؤمنين من كل مخوف؛ لكثرة من يعتق فيها من النار، ويسلم من عذابها.


قوله: }حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{ يعني: أن ليلة القدر تنتهي بطلوع الفجر لانتهاء عمل الليل به.


فضائل ليلة القدر


اتضح من خلال شرح السورة ما تتضمنه هذه الليلة من فضائل, وهي:



1- إنزال القرآن فيها, وهو المعجزة الخالدة للنبي r، الذي أنزله الله تعالى هداية للعالمين، وحجة على المعاندين.
2- أنها ليلة كثيرة البركة والرحمة كما في قوله تعالى: }إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ{.
3- إن هذه الليلة تقدر فيها الآجال والأرزاق وحوادث العام.
4- أن العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر.
5- أن الملائكة تتنزل فيها, وهم لا ينزلون إلا بالخير والبركة والرحمة والعتق من النار.
6- أنها سلام من الآفات والعقوبات.
7- أن من قامها غفر له ما تقدم من ذنبه، كما قال النبي r: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه).


تحديد ليلة القدر


قال جمهور العلماء: هي في العشر الأواخر من رمضان، واختلفوا في أي ليالي العشر أرجى على أقوال كثيرة أشهرها:
1- أنها ليلة إحدى وعشرون, وإليه ذهب الشافعي رحمه الله.
2- أنها ليلة ثلاث وعشرون, وهو قول كثير من الصحابة والتابعين.
3- أنها ليلة خمس وعشرون.
4- أنها ليلة سبع وعشرون.
5- أنها ليلة تسع وعشرون.
6- أنها آخر ليلة من رمضان.
7- أنها تنتقل في ليالي العشر الأواخر, وهو قول أبي قلابة وغيره.


القول الأسلم


وأسلم الأقوال هو القول الأخير، وهو أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان؛ وأنها تنتقل في ليالي العشر، فمن قام ليالي العشر كلها, وأحياها بالعبادة أصاب ليلة القدر يقينًا.


قال ابن كثير: (وروى عن أبي قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر. وهذا نص عليه مالك والثوري وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه وأبو ثور، والمزني، وأبو بكر بن خزيمة وغيرهم، وهو محكي عن الشافعي، نقله القاضي عنه, وهو الأشبه. والله أعلم»([3]).


وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: (أرجح الأقوال أنها في الوتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل)([4]).


ونظرًا لاختلاف المطالع والبلدان في تحديد بداية الصوم، فإنها تطلب في الأشفاع من العشر الأواخر كما تطلب في الأوتار، لأن الليلة قد تكون وترًا في بلد، وتكون شفعًا في بلد آخر.


وكذلك الوتر له اعتباران: اعتبار بما مضى، واعتبار بما بقي، فإذا كان الشهر تامًا, فالأوتار باعتبار ما بقي هي ليالي الشفع.


وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: (ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي r، وتكون في الوتر منها.


لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين.


ويكون باعتبار ما بقي، كما قال النبي r: «لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، ولخامسة تبقى، لثالثة تبقى».


فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين، يكون ذلك ليالي الأشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى، وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح.. وإن كان الشهر تسعًا وعشرين كان التاريخ بالباقي كالتاريخ بالماضي.
وإذا كان الأمر هكذا، فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه)([5]).


بل هو خير لكم


روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج رسول الله r ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال r: «خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرًا لكم، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة».


قال ابن كثير: «فتلاحى فلان وفلان فرفعت» فيه استئناس لما يقال: إن المماراة تقطع الفائدة, والعلم النافع كما جاء في الحديث: «إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه» (رواه أحمد, وحسنه العراقي).


وقوله: «فرفعت» أي: رفع علم تعيينها لكم، لا أنها رفعت بالكلية من الوجود، لأنه قد قال بعد هذا: «فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة».


وقوله: «وعسى أن يكون خيرًا لكم» يعني: عدم تعيينها لكم، فإنها إذا كانت مبهمة، اجتهد طلابها في ابتغائها في جميع محال رجائها، فكان أكثر للعبادة، بخلاف ما إذا علموا عينها، فإنها كانت الهمم تتقاصر على قيامها فقط، وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها، ويكون الاجتهاد في العشر الأخير أكثر([6]).


وقال ابن الجوزي: (والحكمة في إخفائها: أن يتحقق اجتهاد الطالب، كما أخفيت ساعة الليل، وساعة الجمعة، وقد كان النبي r يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره، كان يسهر ليله، ويحمل كله، فيشد مئزره, ويقوم الليل كله)([7]).


كيفية أحيائها


قال ابن رجب: (وأما العمل في ليلة القدر، فقد ثبت عن النبي r أنه قال: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (متفق عليه)


وقيامها: إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة.
وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضًا..


وقد كان النبي r يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها. والله أعلم.


وقد قال الشعبي في ليلة القدر: ليلها كنهارها.


وقال الشافعي في القديم: (استحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها، وهذا يقتضي استحباب الاجتهاد في جميع زمان العشر الأواخر ليله ونهاره. والله أعلم)([8]).


وقال ابن الجوزي: (وقد كان السلف يتأهبون لها؛ فكان لتميم الداري حلة بألف درهم يلبسها في الليلة التي يرجى أنها ليلة القدر, وكان ثابت وحميد يغتسلان, ويتطيبان, ويلبسان أحسن ثيابهما، ويطيبان مساجدها في الليلة التي ترجى فيها ليلة القدر.


وخير الهدي هدي محمد r فقد كان النبي r يعتكف العشر الأواخر من رمضان تحريًا لليلة القدر.



وقالت عائشة: (كان رسول الله r إذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر) (متفق عليه).


وشد المئزر: كناية عن اعتزاله النساء, واجتهاده في العبادة.
وقالت رضي الله عنها: (كان رسول الله r يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره) (رواه مسلم).


إخواني, والله, ما يغلو في طلبها عشر، لا والله, ولا شهر، لا والله, ولا دهر، فاجتهدوا في الطلب، فرب مجتهد أصاب.


قال r: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم» (رواه ابن ماجة, وحسنه المنذري).


الدعاء في ليلة القدر


قال ابن كثير: (والمستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات، وفي شهر رمضان أكثر، وفي العشر الأخيرة منه، ثم في أوتاره أكثر، والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»).


لما رواه الإمام أحمد أن عائشة قالت: يا رسول الله, إن وافقت ليلة القدر فبم أدعو؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني»([9]) (رواه أحمد وأهل السنن, وقال الترمذي: حسن صحيح).


وقال ابن رجب: (وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر، لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحًا، ولا حالاً, ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر).


قال يحيى بن معاذ: ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو.



شعر:

يا رب, عبدك قد أتاك

وقد أساء, وقد هفا


يكفيه منك حياؤه

من سوء ما قد أسلفا


حمل الذنوب على الذنو

ب الموبقات وأسرفا


وقد استجار بذيل عفـ

ـوك من عقابك ملحفا


رب, اعف عنه, وعافه

فلأنت أولى من عفا([10])

([1]) التبصرة: (2/98، 99).

([2]) مجالس شهر رمضان: (ص104).

([3]) تفسير ابن كثير.

([4]) فتح الباري: (4/313).

([5]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: (25/284، 285).

([6]) تفسير ابن كثير.

([7]) التبصرة: (2/104).

([8]) لطائف المعارف: (ص277، 278).

([9]) تفسير ابن كثير.

([10]) لطائف المعارف: (ص280، 281).

بارك الله فيك على الموضوع الطيب
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك اله فيك على الطرح القيم اللهم وفقنا لقيام ليلة القدر ايمانا و احتسابا

اللهم بلغنا ليلة القدر بارك الله فيك
بارك الله فيك وجزاك خيرا علي الموضوع القيم

يقول شيخ الاسلام ابن تيمية :
اذا وافقت ليلة الجمعة احدى ليالي الوتر من العشر الأواخر فهي أحرى ان تكون ليلة القدر ( هذه الليلة ليلة 27جمعه )
#رمضان #ليلة_القدر

جزاك الله كل خير
على هذا الطرح القيم
وفي ميزان حسناتك

أربعه لا يغفر لهم ليلة القدر 2024.

أربعه لا يغفر لهم ليلة القدر
.
.
.
…….
… فقالوا: ومــن هــــؤلاء الأربعة ؟
قال مدمن خمر ،
وعاق لوالديه ،
وقاطع الرحم ،
ومشــاحن !!
قيل يا رسول الله ومن المشاحن ؟
قال هو المصارم :
يعني الذي لا يكلم أخاه فوق ثلاثة أيام ..
ولا يغفر لمن أغتاب حتى يسامحه من اغتابه ..
اللهم أني سامحت ,, عفيت عن كل من أغتابني فاعفوا عني يغفر ال

نقلته للافادة القعدة

مشكورة أختي أنرت عقولنا و قلوبنا دام عطائك وكرمك
معلومات جديدة علي….. ورائعة بورك فيك كما بورك في زيت الزيتون
وأنا مثلك

اللهم أني سامحت ,, عفيت عن كل من أغتابني فاعفوا عني يغفر ال
بارك الله فيك وجزاكي الله كل خير

*And God bless you too ;Thank you

I hope that you have benefited him
القعدة

بارك الله فيك أختي الكريمة
في إنتظار جديدكي دوما ودائما

اللّهم اغفر لجميع المسلمين
بارك الله فيك أختي وجزاك خيراااا

اللهم اغفر لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب
القعدة

بارك الله فيكِ على الإفادة
دمتِ بخير أختي

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ★Dαяĸ-Sтαя★ القعدة
القعدة
القعدة

بارك الله فيك أختي الكريمة
في إنتظار جديدكي دوما ودائما

القعدة القعدة

And God bless you too ;Thank you
القعدة

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هبة فلسطين القعدة
القعدة
القعدة


بارك الله فيكِ على الإفادة
دمتِ بخير أختي

القعدة القعدة

القعدة
And God bless you too ;Thank you
all that just for benefited all of us

ليلة القدر خير من الف شهر 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، مفضل الأماكن والأزمان على بعضها بعضا ،الذي أنزل القرآن في الليلة المباركة ، والصلاة والسلام على من شد المئزر في تلك الليالي العظيمة المباركة ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه الغر الميامين .. أما بعد
لقد اختص الله تبارك وتعالى هذه الأمة المحمدية على غيرها من الأمم بخصائص ، وفضلها على غيرها من الأمم بأن أرسل إليها الرسل وأنزل لها الكتاب المبين كتاب الله العظيم ، كلام رب العالمين في ليلة مباركة هي خير الليالي ، ليلة اختصها الله عز وجل من بين الليالي ، ليلة العبادة فيها هي خير من عبادة ألف شهر ، وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر .. ألا وهي ليلة القدر مبيناً لنا إياها في سورتين
قال تعالى في سورة القدر :{ إنا أنزلناهُ في ليلةِ القدر *وما أدراكَ ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ من ألفِ شهر * تَنَزلُ الملائكة والروحفيها بإذن ربهم من كلِ أمر *سلامٌ هي حتى مطلع الفجر }
وقال تعالى في سورة الدخان :{ إنا أنزلناهُ في ليلةٍ مباركةٍ إنا كنا مُنذٍرين * فيها يُفرَقُ كلُ أمرٍ حكيم }

سبب تسميتها بليلة القدر

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
أولا : سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما تقول فلان ذو قدر عظيم ، أي ذو شرف
ثانيا : أنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة ، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام ، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه .
ثالثا : وقيل لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه

علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة

العلامات المقارنة
  1. قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس بها إلا من كان في البر بعيداً عن الأنوار
  2. الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدر في تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي
  3. أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا
  4. أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .
  5. أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي
العلامات اللاحقة
  1. أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها في بقية الأيام ، ويدل لذلك حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا شعاع لها ) -رواه مسلم
فضائل ليلة القدر
  1. أنها ليلة أنزل الله فيها القرآن ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر }
  2. أنها ليلة مباركة ، قال تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة }
  3. يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى { فيها يفرق كل أمر حكيم }
  4. فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر}
  5. تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة والرحمة والمغفرة ، قال تعالى { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر }
  6. ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولا يخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى { سلام هي حتى مطلع الفجر }
  7. فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) – متفق عليه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بارك الله فيك….
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيرالدين19 القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيك….
القعدة القعدة

وفيك بركة اخى وشكرا للمرور العطر

موضوع رائع اشكرك جزيل الشكر
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورالدين 1993 القعدة
القعدة
القعدة
موضوع رائع اشكرك جزيل الشكر
القعدة القعدة

العفو اخى شكرا للمرور

النهي عن سب القدر 2024.

مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز

النهي عن سب القدر
الحمد لله وحده, والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وبعد:
فقد اطلعت على ما نشر في جريدة الرياض العدد 4887 الصادر في 17 9 1401 هـ تحت زاوية قصة اجتماعية بعنوان "قسوة القدر" بقلم قماشة الإبراهيم , وقد ورد في القصة المذكورة قول الكاتبة: (إننا في هذه الحياة ليس لنا حقوق, إننا أعمار يلهو بها القدر, حتى يملها, فيلقي بها إلى العالم الآخر, والقدر يلهو أحيانا بدموعنا وضحكاتنا) .
وهذا الكلام مناف لكمال التوحيد, وكمال الإيمان بالقدر, فإن القدر لا يلهو, والزمن لا يعبث, وإن كل ما يجري في هذه الحياة هو بتقدير الله وعلمه, والله سبحانه هو الذي يصرف الليل والنهار, وهو الذي يقدر السعادة والشقاء, حسب ما تقتضيه حكمته وقد تخفى تلك الحكمة على الناس; لأن علمهم محدود, وعقولهم قاصرة عن إدراك تلك الحكمة الإلهية, وكل ما في الوجود مخلوق لله, خلقه بمشيئته وقدرته, وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن, وهو الذي يعطي ويمنع, ويخفض ويرفع, ويعز ويذل, ويغني ويفقر, ويضل ويهدي, ويسعد ويشقي, ويولي الملك من يشاء, وينزعه ممن يشاء, وقد أحسن كل شيء خلقه, وكل أفعال الخالق وأوامره ونواهيه, لها حكمة بالغة وغايات محمودة, يشكر عليها سبحانه, وإن لم يعرفها البشر لقصور إدراكهم.

وقد ورد في الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى: « يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار » (1) وفي رواية « لا تسبوا الدهر فإني أنا الدهر » (2) وفي رواية « لا يقل ابن آدم: يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما » (3) وقد
__________
(1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4549),صحيح مسلم الألفاظ من الأدب وغيرها (2246),سنن أبو داود الأدب (5274),مسند أحمد بن حنبل (2/238),موطأ مالك الجامع (1846).
(2) صحيح مسلم الألفاظ من الأدب وغيرها (2246),مسند أحمد بن حنبل (2/496),موطأ مالك الجامع (1846).
(3) صحيح مسلم الألفاظ من الأدب وغيرها (2246),مسند أحمد بن حنبل (2/275),موطأ مالك الجامع (1846).

(1/146)
كان العرب في الجاهلية ينسبون إليه ما يصيبهم من المصائب والمكاره, فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر, وأبادهم الدهر, فإذا أضافوا إلى الدهر ما نالهم من الشدائد, سبوا فاعلها فكان مرجع سبها إلى الله عز وجل, إذ هو الفاعل في الحقيقة للأمور التي يصفونها, فنهوا عن سب الدهر وقد نقل هذا التفسير للحديث بهذا المعنى عن الشافعي , وأبي عبيد , وابن جرير , والبغوي وغيرهم.
وأما معنى قوله: أقلب الليل والنهار يعني أن ما يجري فيهما من خير وشر بإرادة الله وتدبيره وبعلم منه تعالى وحكمة, لا يشاركه في ذلك غيره, ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن, فالواجب عند ذلك حمده في الحالتين, وحسن الظن به سبحانه وبحمده, والرجوع إليه بالتوبة والإنابة, قال تعالى: { وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } (1)
وقد أورد الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, بابا في كتاب التوحيد سماه: (باب من سب الدهر فقد آذى الله ) أورد فيه هذا الحديث وبين أنه يشتمل على عدة مسائل:
1 – النهي عن سب الدهر.
2 – تسميته أذى لله.
3 – التأمل في قوله: فإن الله هو الدهر .
4 – أنه قد يكون سابا ولو لم يقصده بقلبه.
وعلى هذا فإن الكاتبة – سامحها الله – أخطأت عندما نسبت القسوة إلى الدهر في عنوان قصتها; لأن القدر – كما سبق – لا يتصرف, وإنما الله سبحانه هو المقدر للأشياء عن حكمة بالغة, والله جل وعلا لا يوصف بالقسوة, بل هو جل وعلا رحيم بعباده, وهو أرحم بهم من الوالدة بولدها, كما ورد في الحديث الصحيح « الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها » (2) فيجب
__________
(1) سورة الأنبياء الآية 35
(2) سنن ابن ماجه الزهد (4297).

(1/147)
أن ننزه أقلامنا عن الوقوع في مثل هذه المزالق, امتثالا لأمر الله وأمر رسوله, وإكمالا للتوحيد, وابتعادا عما ينافيه أو ينافي كماله, ووسائل الإعلام – كما هو معروف – واسعة الانتشار وعظيمة التأثير على الناس, وكثرة ترديدها لمثل هذه الكلمات ينشرها بين الناس, ويجعلهم يتساهلون في استعمالها, وخاصة النشء مع ما في استعمالها من المحذور.
نسأل الله أن يهدينا إلى الصراط المستقيم, ويجنبنا زلات القلم واللسان, إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

(1/148)

جملة من الأخطاء يقع فيها بعض الصائمين تتعلق بليلة القدر 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
ألا وإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
أما بعد :
فهناك جملة من الأخطاء يقع فيها بعض الصائمين تتعلق بليلة القدر ، أحببت التنبيه عليها لنحذرها ونحذر منها :
فمن الأخطاء :
أن بعض الصائمين يغفلون عن تحري وطلب ليلة القدر
وهي في أوتار العشر الأواخر من رمضان قال صلى الله عليه وسلم عن رمضان (( فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر فإن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي))
وقال صلى الله عليه وسلم (( التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر ))
ومن الأمور التي تفوت على المسلم أجراً كثيراً :
أنه لا يقول الدعاء المأثور الوارد في ليلة القدر فعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال صلى الله عليه وسلم (( قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ))
ومن الأخطاء :
زيادة كلمة ((كريم)) في هذا الدعاء فنسمع بعضهم يقول : اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني !!
وهي زيادة غير ثابتة في الحديث
وقد أوضحت ذلك مفصلاً في بحث خاص متعلق بهذا الحديث بعنوان حديث عائشة في دعاء ليلة القدر رواية ودراية
ولا يقال : إنها زيادة حسنة !
لأننا نقول هي من باب الأذكار النبوية التي يجب فيها التقيد بالذكر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
اعتقادهم أن ليلة القدر لا بد من نزول المطر فيها !
قال ابن المنير : نحن نرى كثيراً من السنين ينقضي رمضان دون مطر مع اعتقادنا أنه لا يخلو رمضان من ليلة القدر انتهى .
وقال عبيد الله المباركفوري : قوله (في ماء وطين) علامة جعلت له يستدل بها عليها انتهى .
فهذا يدل على أن نزول المطر ليس شرطاً لليلة القدر .


ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
ظنهم أن من علامات ليلة القدر وصباحها :
  • أن ماء البحر يكون عذباً .
  • وظنهم أن الكلاب لا تصيح فيها .
  • وأن الحمير لا تنهق فيها .
  • وأن الأشجار تضع فروعها على الأرض .
  • وأن الواحد يرى النور فيها ساطعاً حتى في الأماكن المظلمة .
  • وأن الملائكة تسلم على أهل المساجد .
  • وأنهم يرون قناديل ومصابيح تنزل من السماء وأن السماء تتشقق.
فهذه العلامات المذكورة لم تثبت في السنة النبوية
فلا يجوز إثباتها من العلامات إلا بدليل شرعي ؛ لأنها أمور غيبية توقيفية .
وقد بينت السنة الصحيحة أمارات تلك الليلة :
ا/ أنها في أوتار العشر الأواخر .
قال صلى الله عليه وسلم (( التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر))
2/ أن الشمس تطلع في صبيحتها بلا شعاع ضعيفة حمراء حتى ترتفع ثم يأتي الشعاع بعد إرتفاعها
قال أبي بن كعب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأماراتها (( فأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها كأنها طست حتى ترتفع))
وفي رواية بلفظ (( تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء ))
3/ أن الملائكة ليلتها أكثر من عدد الحصى
قال صلى الله عليه و سلم (( ليلة القدر سابعة أو تاسعة و عشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى ))
4/ أن ليلتها مشرقة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم
قال صلى الله عليه وسلم (( ليلة القدر ليلة بلجة ؛ – أي مشرقة – لا حارة ولا باردة ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها))
وقال صلى الله عليه و سلم (( ليلة القدر ليلة سمحة طلقة ؛ – أي سهلة طيبة – لا حارة ولا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء))
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (( أكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين فقيل له بأي شيء علمت ذلك فقال بالآية التى أخبرنا رسول الله (( أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطست لا شعاع لها ))
فهذه العلامة التى رواها أبي بن كعب عن النبى صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات فى الحديث وقد روي فى علاماتها :
أنها ليلة بلجة منيرة
وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد انتهى
ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصائمين :
اعتقادهم أن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين !
وهذا خلاف السنة !!
والصحيح أن ليلة القدر أخفاها الله لحكمة أرادها لأجل أن يجتهد المسلم في العشر الأواخر من ليالي رمضان طلباً لهذه الليلة فيكثر عمله ويجمع بين كثرة العمل في سائر ليالي العشر الأواخر من رمضان مع مصادفة ليلة القدر بفضائلها وكرائمها وثوابها فيكون جمع بين الحسنين .
فإن قيل :
قال صلى الله عليه وسلم : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ؟
فالجواب :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال أيضاً : إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر
وقال صلى الله عليه وسلم (( تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( تحروا ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين ))
وقال صلى الله عليه وسلم (( اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان))
فهذه الأحاديث أفادت أن ليلة القدر متنقلة في أوتار العشر الأواخر .
فهذه جملة من الأخطاء التي أردت التنبيه عليها .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أخوكم المحب
أحمد بن عمر بن سالم بازمول
الأحد 22 رمضان 1445هـ
00 : 3 ظهرا.
نقلا عن موقع سحاب.

فضل ليلة القدر 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

قد مضت سنة الله عز وجل في مخلوقاته أنه يختار ما يشاء، قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68]، فاختار من الشهر شهر رمضان، ومن ليالي الشهر ليالي العشر الأواخر، ومن هذه الليالي المفضلة ليلة القدر فهي خيار من خيار من خيار.

لماذا سميت ليلة القدر؟

1- لأن الله يقدر فيها الأرزاق وأمور العباد وتأخذ الملائكة صحائف الأقدار عاماً كاملاً من ليلة القدر إلى ليلة قدر أخرى، فلا يبقى جليل ولا حقير إلا كتب الله أمره عاماً كاملاً، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ(3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3-4] .

2- لأن الله أنزل فيها القرآن وهو أعظم ما يكون من الكتب قدراً.

3- لأن الإنسان يعظم قدره فيها إذا أحياها، لذلك قد تكتب السعادة لإنسان بعد إحيائها قال تعالى:
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3] إحياؤها أفضل من عبادة 84 عاما.

4- لأن الأرض تضيق والقدر هو التضييق كما قال تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق:7]، أي ضيق عليه لأن الأرض تضيق من كثرة الملائكة التي نزلت من السماء.
والصحيح أن كل ذلك واقع في ليلة القدر كما ثبت في النصوص.

ماهي الحكمة من إخفاء ليلة القدر وعدم معرفتها؟

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر فتلاحا رجلان فقال: « إني خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحا فلان وفلان لعل ذلك أن يكون خيرا، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» [مصنف بن أبي شيبة] ..

ما هذا الخير…

قال العلماء:

1- أنه لو علم الأخيار والأشرار لتسلط الأشرار على الناس بالدعاء.

2- ربما أنهم يسألوا فتن الدنيا التي تكون سببا في شقائهم في دنياهم وأخراهم.

3- بيان الصادق في طلبها من المتاكسل لأنّ الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليالي من أجل أن يدركها.

4- كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال لأنّه كلما كثر العمل كثر الثواب.

في أي ليلة هي؟؟

يقول الشيخ محمد الشنقيطي: " اختلف العلماء رحمهم الله على أكثر من أربعين قول في تحديد ليلة القدر والسبب في ذلك ورود الأحاديث المختلفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحديدها، وتعارض الأثار عن الصحابة رضي الله عنهم.

والقول الأقوى أنّها في الوتر من العشر الأواخر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في العشر الآواخر من رمضان ليلة القدر في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة» [رواه البخاري].

ونقول كما علق الشيخ صالح اللحيدان: أن على الإنسان أن يجتهد العشر كلها لأنّه قد يكون حساب الشهر عندنا يختلف، فتكون ليلة 27 عندنا هي 28 والله أعلم ".

علامات ليلة القدر

لليلة القدر علامات.. والدليل قول عائشة رضي الله عنه: «قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ماذا أقول فيها؟ قال: قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» [رواه الترمذي].

قال العلماء هذا يدل أن لها علامات وإلّا لما قالت: أريتها!!

فما علاماتها؟ يقول الشيخ بن عثمين رحمه الله في الشرح الممتع:

علامات مقارنة

1- قوة الإضاءة في تلك الليلة وهذه العلامة لا يحس فيها بالمدن.

2- الطمأنينة أي طمأنينة القلب وإنشراح الصدر من المؤمن فإنّه يجد راحة وطمأنينة في هذه الليلة أكثر ما يجده في بقية الليالي.

3- الرياح تكون فيها ساكنة.

4- المنام.. أنه قد يري الله الإنسان في المنام كما حصل مع بعض الصحابة.

5- اللذة.. أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر من غيرها من الليالي.

علامات لاحقة

الشمس تطلع صبيحتها ليس لها شعاع .. صافية.

يعلق الشيخ الشنقيطي: " سبب ذلك – والله أعلم – أن الملائكة تصعد بعد الفجر إلى السماء بعد أن كانت على الأرض فتحجب شعاع الشمس، لأن الله أخبر أن الملائكة تتنزل في ليلة القدر ".

أهم الوصايا في هذه العشر

إتباع هدى النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه قالت: «كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله» [متفق عليه].

– شد مئزره: كناية عن ترك النساء.. وقيل: أي جد واجتهد في العبادة.

– أحيا ليله: قال بعد العلماء: " ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام في ليالي العشر أبداً، أي أن صلاته تستمر من بعد العشاء يحيي ليله إلى أن يندلج الفجر ".

– أيقظ اهله: أنه يوقظ من في بيته لشدة إهتمامه بهذه الليلة حتى لا يفوتهم الخير (نوقظ الخدم والأطفال المميزين).

اعتقاد خاطيء: بعض الناس يعتقد أن ليلة القدر أنها ساعة في الليل أو في الثلث الأخير،.. وهذا خطأ.. ليلة القدر تبدأ من غروب الشمس إلى طلوع الفجر قال تعالى : {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ } [القدر : 5 ].

تفسير سورة القدر

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} أي القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.

{فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} أي ليلة الشرف والتعظيم.

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} هذه الصيغة يستفاد منها التفخيم أي ما أعلمك بليلة القدر وشرفها.

{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي العمل الصالح فيها من صلاة وتلاوة ودعاء خير من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، والمراد بالخير هو ثواب العمل فيها وما ينزل الله فيها من الخير والبركة.

{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} ذكر الله ما يحدث في هذه الليلة أن الملائكة تنزل شيئا فشيئا لأنهم سكان السموات والسموات سبع، ونزول الملائكة في الأرض عنوان الرحمة والخير والبركة ولهذا إذا امتنعت الملائكة من دخول مكان قد يخلو من البركة والخير كالمكان الذي فيه صور.

{بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} أي بكل أمر يأمرهم الله به وهو ما قضاه الله في هذا السنة.

{سَلَامٌ هِيَ} وصفها الله بالسلام لكثرة من يسلم فيها من الآثام وعقوباته – قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبة».

{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي هي سالمة من الشر كله من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.

هذا ونسأل الله أن يجعلنا ممن يوفقون لقيامها ويعيننا على ذلك، ونسأله أن يجعل قيامنا بين يديه خير قيام، ونسأله إخلاصا لوجهه وخشوعا بين يديه فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم» [رواه ابن ماجه].

وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

من إعداد سلسلة العلامتين

منقول للفائدة موقع اهل السنة والجماعة

القعدة

وهنا السورة تفسير ابن كثير
سورة القدر.
يخبر تعالى أنه أنزل القرآن {ليلة القدر} وهي الليلة المباركة التي قال اللّه عزَّ وجلَّ: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} وهي من شهر رمضان، كما قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، قال ابن عباس: أنزل اللّه القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم قال تعالى معظماً لشأن ليلة القدر التي اختصها بإنزال القرآن الكريم فيها، فقال: {وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر}. روى ابن أبي حاتم، عن مجاهد أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ذكر رجلاً من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل ألف شهر، قال: فعجب المسلمون من ذلك قال: فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر} التي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل اللّه ألف شهر (أخرجه ابن أبي حاتم)، وروى ابن جرير، عن مجاهد قال: كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح، ثم يجاهد العدّو بالنهار حتى يمسي، ففعل ذلك ألف شهر، فأنزل اللّه هذه الآية {ليلة القدر خير من ألف شهر} قيام تلك الليلة، خير من عمل ذلك الرجل (أخرجه ابن جرير عن مجاهد موقوفاً). وقال سفيان الثوري: بلغني عن مجاهد ليلة القدر خير من ألف شهر قال: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر، وعن مجاهد: ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر، وقال عمرو بن قيس: عملٌ فيها خير من ألف شهر، وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر هو اختيار ابن جرير، والصواب، كقوله صلى اللّه عليه وسلم: "رباط ليلة في سبيل اللّه خير من ألف ليلة فيما سواه من المنازل" (أخرجه أحمد). وفي الحديث الصحيح في فضائل رمضان قال عليه السلام: "فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم" (أخرجه أحمد والنسائي) ولما كانت ليلة القدر تعدل عبادتها عبادة ألف شهر، ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" (أخرجه الشيخان). وقوله تعالى: {تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم تعظيماً له، وأما الروح فقيل: المراد به ههنا جبريل عليه السلام، فيكون من باب عطف الخاص على العام، وقيل: هم ضرب من الملائكة كما تقدم في سورة النبأ، واللّه أعلم. وقوله تعالى: {من كل أمر} قال مجاهد: سلام هي من كل أمر، وقال سعيد بن منصور عن مجاهد في قوله: {سلام هي} قال: هي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً، أو يعمل فيها أذى، وقال قتادة: تقضى فيها الأمور، وتقدر الآجال والأرزاق، كما قال تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم}. وروى أبو داود الطيالسي، عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال في ليلة القدر: "إنها ليلة سابعة، أو تاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى" (رواه الطيالسي). وقال قتادة وابن زيد في قوله: {سلام هي} يعني هي خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر، وأمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة، كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية لا برد فيها ولا حر، والشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال في ليلة القدر: "ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة وتصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء" (أخرجه الطيالسي)، وعن جابر بن عبد اللّه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "إني رأيت ليلة القدر فأنسيتها وهي في العشر الأواخر من لياليها وهي طلقة بلجة، لا حارة ولا باردة، كأن فيها قمراً لا يخرج شيطانها حتى يضيء فجرها".
فصل.
اختلف العلماء هل كانت ليلة القدر في الأمم السالفة أو هي من خصائص هذه الأمة؟ فقال الزهري: حدثنا مالك أنه بلغه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أُرِيَ أعمار الناس قبله أو ما شاء اللّه من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أُمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه اللّه ليلة القدر خيراً من ألف شهر (أخرجه مالك)، وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصيص هذه الأمة بليلة القدر، وقيل: إنها كانت في الأمم الماضين كما هي في امتنا، ثم هي باقية إلى يوم القيامة وفي رمضان خاصة لا كما روي عن ابن مسعود ومن تابعه من علماء أهل الكوفة من أنها توجد في جميع السنة، وترتجى في جميع الشهور على السواء، وقد ترجم أبو داود في سننه على هذا فقال: (باب بيان أن ليلة القدر في كل رمضان)، ثم روى بسنده عن عبد اللّه بن عمر قال: سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا أسمع عن ليلة القدر؟ فقال: "هي في كل رمضان" (أخرجه أبو داود)، وقد حكي عن أبي حنيفة رحمه اللّه رواية أنها ترتجى في كل شهر رمضان وهو وجه حكاه الغزالي.
فصل.
ثم قد قيل: إنها تكون في أول ليلة من شهر رمضان، وقيل: إنها تقع ليلة سبع عشرة، وهو قول الشافعي، ويحكى عن الحسن البصري، ووجهوه بأنها ليلة بدر، وكانت ليلة جمعة هي السابعة عشرة من شهر رمضان، وفي صبيحتها كانت وقعة بدر، وهو اليوم الذي قال اللّه تعالى فيه: (يوم الفرقان). وقيل: ليلة تسع عشرة، يحكى عن علي وابن مسعود، وقيل: ليلة إحدى وعشرين لحديث أبي سعيد الخدري قال: اعتكف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في العشر الأول من رمضان، واعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه، فأتا جبريل فقال: الذي تطلب أمامك، ثم قام النبي صلى اللّه عليه وسلم خطيباً صبيحة عشرين من رمضان، فقال: "من كان اعتكف معي فليرجع فإني رأيت ليلة القدر، وإني أنسيتها وإنها في العشر الأواخر في وتر، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء"، وكان سقف المسجد جريداً من النخل، وما نرى في السماء شيئاً، فجاءت قزعة، فمطرنا فصلّى بنا النبي صلى اللّه عليه وسلم، حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تصديق رؤياه في صبح إحدى وعشرين" (أخرجه الشيخان). قال الشافعي: وهذا الحديث أصح الروايات، وقيل: ليلة ثلاث وعشرين، وقيل: تكون ليلة خمس وعشرين لما رواه البخاري عن عبد اللّه بن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى" (أخرجه البخاري) فسره كثيرون بليالي الاوتار، وهو أظهر وأشهر، وحمله آخرون على الأشفاع. وقيل: إنها تكون ليلة سبع وعشرين، لما رواه مسلم في صحيحه عن أُبي بن كعب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنها ليلة سبع وعشرين، قال الإمام أحمد: عن زر: سألت أُبي بن كعب قلت: أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، قال: يرحمه اللّه لقد علم أنها في شهر رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف، قلت: وكيف تعلمون ذلك؟ قال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا بها، تطلع ذلك اليوم لاشعاع لها يعني الشمس (أخرجه أحمد ورواه مسلم بنحوه). وهو قول طائفة من السلف، ومذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللّه، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضاً، وقيل: إنها تكون في ليلة تسع وعشرين، روى الإمام أحمد بن حنبل عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ليلة القدر، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "في رمضان فالتمسوها في العشر الأواخر فإنها وتر إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين أو في آخر ليلة" (أخرجه أحمد). وعن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال في ليلة القدر: "إنها في ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين، وإن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى" (أخرجه أحمد). وقيل: إنها تكون في آخر ليلة لما تقدم من هذا الحديث آنفاً، ولما رواه الترمذي والنسائي من حديث عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "في تسع يبقين أو سبع يبقين أو خمس يبقين أو ثلاث يبقين أو آخر ليلة يعني التمسوا ليلة القدر" (أخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حسن صحيح). وفي المسند من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في ليلة القدر: "إنها آخر ليلة".
فصل.
قال الشافعي في هذه الروايات: صدرت من النبي صلى اللّه عليه وسلم جواباً للسائل إذا قيل له: أنلتمس ليلة القدر في الليلة الفلانية؟ يقول: "نعم"، وإنما ليلة القدر ليلة معينة لا تنتقل، وروي عن أبي قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر؛ وهذا الذي حكاه عن أبي قلابة هو الأشبه، واللّه أعلم. وقد يستأنس لهذا القول بما ثبت في الصحيحين عن عبد اللّه بن عمر أن رجالاً من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر (أخرجاه في الصحيحين)، وفيهما أيضاً عن عائشة رضي اللّه عنها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" (أخرجه الشيخان، واللفظ للبخاري). ويحتج الشافعي أنها لا تنتقل وأنها معينة من الشهر بما رواه البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" (أخرجه البخاري)، وجه الدلالة منه أنها لو لم تكن معينة مستمرة التعيين لما حصل لهم العلم بعينها في كل سنة، إذ لو كانت تنتقل لما علموا تعيينها إلا ذلك العام فقط، اللهم إلا أن يقال إنه إنما خرج ليعلمهم بها تلك السنة فقط، وقوله: "فتلاحى فلان وفلان فرفعت" فيه استئناس لما يقال: إن المماراة تقطع الفائدة والعلم النافع، كما جاء في الحديث: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" وقوله: "فرفعت" أي رفع علم تعينها لكم، لا أنها رفعت بالكلية من الوجود، كما يقوله جهلة الشيعة، لأنه قد قال بعد هذا: "فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"، وقوله: "وعسى أن يكون خيراً لكم" يعني عدم تعينها لكم فإنها إذا كانت مبهمة اجتهد طلابها في ابتغائها في جميع محال رجائها، فكان أكثر للعبادة بخلاف ما إذا علموا عينها، فإنها كانت الهمم تتقاصر على قيامها فقط، وإنما اقتضت الحكمة إبهامها لتعم العبادة جميع الشهر في ابتغائها، ويكون الاجتهاد في العشر الأخير أكثر، ولهذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه اللّه عزَّ وجلَّ، ثم اعتكف أزواجه بعده، عن ابن عمر: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان (أخرجاه في الصحيحين)، وقالت عائشة: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله، وشد المئزر، ولمسلم عنها: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهد في غيره، وهذا معنى قولها وشد المئزر، وقيل: المراد بذلك اعتزال النساء، ويحتمل أن يكون كناية عن الأمرين لما رواه الإمام أحمد، عن عائشة قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا بقي عشر من رمضان شد مئزره، واعتزل نساءه، وقد حكي عن مالك رحمه اللّه أن جميع ليالي العشر في تطلب ليلة القدر على السواء، لا يترجح منها ليلة على أُخرى، والمستحب الإكثار من الدعاء في جميع الأوقات وفي شهر رمضان أكثر، وفي العشر الأخير منه، ثم في أوتاره أكثر، والمستحب أن يكثر من هذا الدعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، لما رواه الإمام أحمد عن عبد اللّه ابن بريدة أن عائشة قالت: يا رسول اللّه: إن وافقت ليلة القدر فما أدعو؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" (أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة).

بارك الله فيك
مع اني ما قرات تفسير ابن كثير
القعدة
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة البتول القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيك
مع اني ما قرات تفسير ابن كثير
القعدة القعدة

وفيك بارك اشكرك علر المرور جزاك الله خير

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة chagra khaled القعدة
القعدة
القعدة
القعدة
القعدة القعدة

وفيك بارك اخي خالد

دعـــاء ليــلة القـــدر
اللهم يا رحمن يا معلم القرآن يا خالق الإنسان ومعلمه البيان.. سبحانك يا رب لا بشيء من الآئك يا رب نكذب..

فلك الحمد كله..
ولك الشكر كله..
وبيدك الخير كله..
واليك يرجع الأمر كله..
علانيته وسره..
انك على كل شيء قدير..
إنك على ما تشاء قدير.
يا من قال لحبيبه حسبك الله..
يا من قال لحبيبه فسيكفيكهم الله..
يا من قال لحبيبه واصبر وما صبرك إلا بالله..
يا من أفرد بالحب والعبادة يا الله..
يا من لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء..
يا من لا يضر مع اسمه داء..
يا من أرسلت محمداً من غار حراء..
وأنعمت عليه وعلى خلقك في ليلتي القدر والإسراء..
وأنجيت إبراهيم من النار وجعلته من العتقاء..
وأنقذت يونس بالتسبيح والطاعة ابن أبى الأنبياء..
وأنقذت يوسف من الجب وصرفت عنه كيد النساء..
ونصرت اليتيم ابن الذبيحين سيد الأنبياء..
يا من نصرت محمدا على الأعداء.
اللهم يا من نصرت محمدا..
انصر أمة محمد على الأعداء..
ولا تعاملنا يا ربنا بما فعل السفهاء..
وانصر إخواننا المجاهدين في كل الأرجاء.
نعوذ بك يا ربنا من جهد البلاء..
وشماتة الأعداء..
ومن عضال الداء.
نسألك يا ربنا مرافقة الأنبياء..
وعيش السعداء..
ومنازل الشهداء..
والنصر على الأعداء..
يا من يجيب المضطر إذا دعاه..
يا أرحم الراحمين.
اللهم أهدنا وأهد بنا..
واجعلنا هداة مهتدين..
لا ضالين ولا مضلين.
اللهم أصلحنا وأصلح بنا واجعلنا صالحين مصلحين بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
يا من يجير ولا يجار عليه..
أجرنا من النار ومن خزي النار..
ومن كل عمل يقربنا إلى النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار برحمتك يا عزيز يا غفار.
سبحانك تسمع كلامنا وترى مكاننا و لا يخفى عليك شيء من أمرنا.
نسألك مسألة المسكين ونبتهل أليك ابتهال الخاضع المذنب الذليل.. ندعوك دعاء من خضعت أليك رقبته..
وذل لك جسمه..
ورغم لك أنفه..
وفاضت لك عيناه.
يا من يجيب المضطر إذا دعاه..
لاتكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك لاتكلنا إلى أدعياء الحضارة ومضللي الدين..
إنك إن تكلنا إليهم تكلنا إلى ضعف وعورة..
وظلم وخطيئة..
فلا نهلك وأنت رجاؤنا..
ولا نثق إلا في رحمتك يا أرحم الراحمين..
يا من لا يظلم أحدا.
اللهم أهلك الظالمين بالظالمين..
وأخرجنا من بينهم سالمين يا أكرم الأكرمين..
يا رب العالمين يا من بيده ملكوت كل شيء يا عليما لا يعذب عن علمه شيء..
يا مهيمنا لا يشذ عن سلطانه شيء..
يا من رحمته وسعت كل شيء.
نسألك اللهم إلا تدع لنا ذنبا إلا غفرته..
ولا عيبا إلا سترته..
ولا مريضاً إلا شفيته..
ولا أسيراً إلا فككت أسره..
ولا عسيراً إلا يسرته..
ولا تائباً إلا قبلته ولا دعاءاً إلا استجبته..
ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته..
ولا عدوا إلا قصمته..
ولا عدواً إلا أهلكته..
ولا عدواً إلا أخذته..
ولا منفقاً في سبيلك إلا أخلفته..
ولا طالباً إلا وفقته..
ولا حاجه من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضاً..
ولنا فيها صلاح إلا يسرتها برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم يا غنى يا حميد..
أغننا بحلالك عن حرامك..
وبطاعتك عن معصيتك..
وبفضلك وجودك وكرمك عمن سواك.
اللهم من عمل على عزة الإسلام والمسلمين فأعزه..
ومن عمل على ذلة الإسلام والمسلمين فأذله. اللهم أذله في الدنيا والآخرة بقوتك وجبروتك يا جبار.
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد في الأولين وفى الآخرين..
وفى كل وقت وحين..
وفى الملأ الأعلى إلى يوم الدين. اللهم أرزقنا شفاعته..
وأوردنا حوضه..
ولا تحرمنا زيارته..
واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً. اللهم يا قاضى الحاجات ويا مجيب الدعوات اقض حوائجنا وحوائج السائلين.
يا من أنزلت القرآن الكريم في ليلة القدر..
أكرمنا في هذه الليلة المباركة..
وألطف بنا في هذه الليلة المباركة..
وأجرنا من النار في هذه الليلة المباركة..
وانصرنا على القوم الكافرين ببركة هذه الليلة المباركة.
يا أرحم الراحمين يا سامع الدعاء يا سامع الدعاء يا سامع الدعاء..
ما لنا سواك نرجوه..
مالنا سواك ندعوه..
نسألك يا ربنا خير ما سألك منه عبدك ونبيك محمد (صلى الله عليه وسلم)..
ونعوذ بك يا ربنا من شر ما أستعاذك منه عبدك ونبيك محمد (صلى الله عليه وسلم).
نسألك يا ربنا من الخير كله عاجله وأجله ما علمنا منه وما لم نعلم..
ونعوذ بك يا ربنا من الشر كله عاجله وأجله ما علمنا منه وما لم نعلم.
نسألك يا ربنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا..
يا رب العالمين.
اللهم إنك عفو تحب العفو كريم تحب العفو فأعفو عنا.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا.
اللهم أنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم

كيف تكون محتسبآ في ليلة القدر
قل رسول الله صلى الله عليه وسلم .. من قام ليلة القدر إيمانآ واحتسابآ غفر له ماتقدم من ذنب
.. صدق رسول الله صلوات ربي عليه
فكيف أكون محتبآ هذه الليله ليغفر الله سبحانه وتعالى لي ماتقدم من ذنبي؟؟
اولآ:نؤدي صلاة العشاء ثم التراويح كامله في المسجد
ثانيآ: نعود للبيت وبعد الأستراحه والأسترخاء نبدأ العمل بقراءة القرآن الكريم والأستغار والذكر والتسبيح والدعاء نقول:
1.. استغفر الله الذي لاإله الا هو الحي القيوم واتوب اليه(مائة مره) ا

2..(اللهم أنت ربي لا إله الا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك مااستطعت أعوذ بك من شر ماصنعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فأغفر لي فإنه لايغفر الذنوب الا انت (عشر مرات

اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات (مائة مره)

أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له يحي ويميت وهو على كل شيء قدير(مائة مره)

لاإله الا الله(مائة مره)

سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والقعدة(مائة مره)

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم(مائة مره)..

حسبي الله ونعم الوكيل(مائة مره)..

لاحول ولا قوة الا بالله(مائة مره)..

اللهم صل على سيدنا محمد(مائة مره)

لاإله الا الله الملك الحق المبين (مائة مره).

تقرأ من القرآن مااستطعت وإن ضاق عليك الوقت فاقرأ سورة الكهف.. يس.. الواقعه.. تبارك.. المعارج الزلزله .. الكافرون.. الأخلاص.. المعوذات..
تقوم وتؤدي صلاة التهجد وعلى قدر استطاعتك إما في المسجد وإما في البيت واقلها 4 ركعات ولا حد لأكثرها و20 ركعه في المتوسط المقبول..
..(تدعو الله ماتشاء للدنيا وللأخره فإن أبواب السماء مفتوحه لك وأهم الدعاء (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعفو عني

اللدال على الخير كفاعله… الرجاء نشرها بين المسلمين ليعم الخير والثواب على الجميع

بارك الله فيك اخي وجزاك الله كل خير

ليلة القدر 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

فضل ليلة القدر

ليلة القدر ، أفضل ليلي السنة ، لقوله تعالي: {إنا أنزلناه في ليلة القدر • وما أدراك ما ليلة القدر • ليلة القدر

خير من ألف شهر}.

أي العمل فيها ، من الصلاة والتلاوة ، والذكر ، خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر . أخرج

البخاري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من صام رمضان إيماناً

واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه

وسميت بليلة القدر : لعظم قدرها وشرفها . استحباب طلبها ويستحب طلبها في الوتر ، من العشر الأواخر

من رمضان ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في طلبها في العشرة الأواخر

أخرج الشيخان ، عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تحروا ليلة القدر في

الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) أخرجه البخاري ومسلم . قال ابن حجر في الفتح – بعد أن أورد الأقوال

الواردة في ليلة القدر- : وأرجحها كلها ، أنها في وتر من العشر الأخيرة ، وأنها تنتقل كما يفهم من أحادث

هذا الباب .. وأرجاها أوتار العشر ، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ، ليلة أحدى وعشرين ، أو ثلاث

وعشرين ، على ما في حديث أبي سعيد وعبدالله بن أنس .. وأرجاها عند الجمهور ، ليلة سبع وعشرين

قال العلماء : الحكمة في إخفاء ليلة القدر ، ليحصل الآجتهاد في التماسها ، بخلاف ما لو عينت لها ليلة

لأقتصر عليها . قيامها والدعاء فيها روى أحمد ، وأبن ماجه والترمذي ، عن عائشة رضي الله عنها قالت :

قلت يا رسول الله ! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ، ما أقول فيها ؟ قال قولي : اللهم إنك عفو تحب

العفو فاعف عني

علامات ليلة القدر

ذكر الشيخ بن عثيمين رحمه الله أن لليلة القدر علامات مقارنة وعلامات لاحقة

العلامات المقارنة

1.قوة الإضاءة والنورفي تلك الليلة ، وهذه العلامة في الوقت الحاضر لا يحس

بها إلا من كان في البر بعيداً عن

الأنوار

2.الطمأنينة ، أي طمأنينة القلب ، وانشراح الصدر من المؤمن ، فإنه يجد راحة

وطمأنينة وانشراح صدر في

تلك الليلة أكثر من مما يجده في بقية الليالي

3 أن الرياح تكون فيها ساكنة أي لا تأتي فيها عواصف أو قواصف ، بل بكون الجو مناسبا

4."أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة رضي الله عنهم .

5.أن الانسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي

العلامات اللاحقة

1.أنالشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع ، صافية ليست كعادتها

في بقية الأيام ، ويدل لذلك

حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنها تطلع يومئذ ٍ لا

شعاع لها ) -رواه مسلم

نسأل الله العلي العظيم أن يبلغنا وإياكم ليلة القدر ويغفرلنا

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

بارك الله فيك اختي
وفيك بركة يا أخي
يسلمو اختي فلة على الموضوع
ليلة القدر خير من الف شهر
ولازم الانسان يكسب هدا اليوم
نحن في العشر الاواخر و اتمنى ان يجتهد الاعضاء في ادراكها.
الله يبلغنا و إياك ليلة القدر و يعتقنا من النار يارب
عمل رائع
تحياتي

أسأل الله أن يحصنك بالقرآن
ويبعد عنك الشيطان
وييسر لك من الأعمال ما يقربك فيها إلى عليين
وأن يصب عليك من نفحات الإيمان
وعافية الأبدان ورضا الرحمن
ويجعل لقيانا في أعالي الجنان

شكرا اللهما امين
شكرا فلة على هذا الموضع الذي يخص ليلة القدر وماأعظمها من ليلة نسأل اله أن يرزقنا قبول الدعاء فيها
موضوعك *فل *يا فلة شكرا جزيلا على الافادة تقبل الله منا جميعا الصيام و القيام و غفر لنا جميعا ان شاء الله في هده الليلة المباركة
بارك الله فيك عزيزتي .

أهمية عقيدة القضاء والقدر 2024.

أهمية عقيدة القضاء والقدر

موضوع القضاء والقدر موضوع مهم؛ لأنه يتعلق بحياة جميع الناس، فما من إنسان يعيش في هذه الحياة، ويسير في مناكبها على أي ديانة كان، وفي أي اتجاه اتجه في حياته العملية أو العقدية أو غيرها؛ إلا وقضية القضاء والقدر عنده من القضايا التي تشغل باله في كل وقت. ومن ثم فإن الله تبارك وتعالى بين لنا هذه المسألة في كتابه أتم بيان، كما أوضحها لنا رسوله صلى الله عليه وسلم على منهج صحيح. وأول ما يتبادر إلى الذهن حول أهمية القضاء والقدر أنه من أركان الإيمان، ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سئل عن الإيمان أجاب بالأركان الستة، وختمها بالإيمان بالقدر خيره وشره. والله تبارك وتعالى أخبرنا في كتابه العزيز أنه خلق كل شيء وقدره، وأن كل ما يجري في هذا الكون فهو بتقديره تبارك وتعالى على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
ومن هنا فإن أركان الإيمان وما يتعلق بهذه الأركان من الأمور التي ينبغي لكل مسلم أن يتدبرها وأن يتعلمها وأن يتعمق فيها، وأن يكون إدراكه لها إدراك العالم البصير، وخاصة طلاب العلم؛ لأننا نجد جميع المسلمين -والحمد لله- يؤمنون بهذه الأركان، ولكن الإيمان المبني على الفهم الصحيح من الأدلة نجد الناس يتفاوتون فيه.
ومهمة طالب العلم والداعية إلى الله سبحانه وتعالى هو ألا يكون إيمانه بهذه الأركان إيمان معرفة مجردة، وإنما يكون إيمانه بها بفهم دقيق عميق بحيث يكون داعية إلى الله سبحانه وتعالى، ومن ضمن ما يدعو إليه أن يبين للناس هذه الأركان، وأن يوضح ما يتعلق بمقتضياتها، وما يتعلق بآثارها في حياة الإنسان .. إلى آخره. وهذه مسألة مهمة جداً؛ لأن فهم العقيدة بأدلتها، وفهم منهج السلف رحمهم الله تعالى بأدلتهم ومنهجهم أمر آخر غير الإيمان المجرد الذي ربما يؤمن به الإنسان وهو سائر في حياته، فحينما يأتي إنسان ملحد أو ضال أو منحرف ليعرض انحرافه أو شبهته، ففي هذه الحالة لا يتمكن من الرد عليه ودحر باطله وبيان الحق من الباطل فيما يقول إلا من تعمق بدراسة العقيدة الإسلامية من جميع جوانبها، وفهمها بأدلتها على منهج السلف الصالح رحمهم الله تعالى.

فحينما نقول: إن الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان، فالمقصود أن على المسلمين وعلى الدعاة إلى الله منهم خاصة وطلاب العلم أن يفقهوا هذا الركن وغيره على وفق فقه السلف.
كثرة الانحرافات في باب القضاء والقدر:
مسألة القضاء والقدر من المسائل التي كثرت فيها الانحرافات، وتعددت فيها أقوال الطوائف، فصار بيان الحق من الباطل فيها مهماً، لو نظرنا إلى ما قبل الإسلام مثلاً لوجدنا أن الفلاسفة والوثنيين بل ومشركي العرب كل منهم خاضوا في مسألة القضاء والقدر، حتى إن مسألة الاحتجاج بالقدر التي نسمعها إلى الآن لو تأملنا في كتاب الله تعالى لوجدنا أن المشركين قد احتجوا بالقضاء والقدر على شركهم: ((سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا ))[الأنعام:148]، فربطوا شركهم بالقدر، واحتجوا بالقدر على شركهم، ولا شك أن حجتهم باطلة كما سيأتي إن شاء الله تعالى. جاءت رسالة الإسلام، ونزل القرآن العظيم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، وفهم الصحابة العقيدة الفهم السليم؛ لأنهم حضروا التنزيل، وشافهوا الرسول صلى الله عليه وسلم وتلقوا عنه، ثم جاء بعدهم من يتكلم بلا علم في قضايا العقيدة ومنها: قضية القضاء والقدر.
ولقد حدثت انحرافات خطيرة جداً في القرن الأول في أواخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، واستمر الانحراف والتفرق في موضوع القضاء والقدر، وظهرت الطوائف التي لاكته على حسب معتقداتها ومسلماتها فنشأ انحراف خطير. وفي العصر الحاضر نجد أن الفلسفات المعاصرة كلها تجعل قضية القضاء والقدر من قضاياها الأساسية، التي تبلور بها ومن خلالها مناهجها وفلسفاتها، فهناك أصحاب مبدأ الحتمية، والجبرية، وهناك أصحاب مذهب الحرية التامة، وهكذا. كل صورة في عصر من العصور نجد في السابق ما يشابهها، فلما كثرت الانحرافات في هذا الباب كان لزاماً بيان الحق في هذه المسألة، وبحثها على وفق منهج السلف رحمهم الله تعالى.
الشرع مرتبط بالقدر
الإيمان بالقضاء والقدر ليس من الأمور الخبرية التي يسلم بها الإنسان أو لا يسلم بها وفقط، وإنما هو من الأمور التي لا تنفك عن حياة الإنسان العملية، بمعنى: أن الشرع مرتبط بالقدر، وكل من اختل فهمه في عقيدة القضاء والقدر سيختل توازنه في تطبيقه لقضية الأمر والنهي والشرع الذي شرعه الله تبارك وتعالى، وهذا نحسه ونلمسه دائماً من أولئك الذين يحتجون بالقدر أحياناً.
فقضية القضاء والقدر من القضايا المرتبطة ارتباطاً متيناً بقضية ما سيفعله الإنسان، أو ما أمر به وما نهي عنه على مقتضى الشريعة الإسلامية.
ومن هنا كان أولئك الذين يحتجون بالقضاء والقدر أول ما يحتجون به على انحرافهم في اتباع الأمر والنهي، فلما كانت قضية القضاء والقدر قضية عقدية مرتبطة بقضية الشرع وحياة الإنسان العملية، بل واستقراره النفسي في سيره إلى ربه تبارك وتعالى؛ كان من المهم ألا نترك مثل هذه القضية وأن نعرض لها على وفق منهج سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى.
حكم الخوض في القدر :
بعض الناس قد يقول: إن الخوض في القدر هو خوض فيما لا علم للإنسان به، ويقولون: إن القدر سر من أسرار الله، وينبغي الكف عن البحث فيه، ويحتجون لذلك بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا) وهذا الحديث رواه الطبراني وغيره، وهو حديث حسن بمجموع طرقه. والعلماء الذين عرضوا لمثل هذه القضية اختلفوا فيها إلى منهجين أو طريقتين: فبعضهم ظن أن دلالة هذا الحديث تقتضي أنه يجب الإمساك عن القدر تماماً، وأنه يجب الكف عن الخوض والكلام فيه، وقال: إن هذا مهم جداً لمن آثر السلامة.
وبعضهم قال: يجوز الخوض في القدر والكلام فيه، وضعف هذه الأحاديث. والذي نرجحه أن هذه الأحاديث تصل بمجموع طرقها إلى درجة الحسن، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم فيها هو نهي واضح لا ينصب على بحث القدر على المنهج الصحيح؛ لأن الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان، وجاءت فيه أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وردت فيه آيات كثيرة في القرآن العظيم، فهل معنى ذلك أننا منهيون أن نبحث في معاني هذه الآيات وهذه الأحاديث؟ الجواب: لا، بل إن في الحديث ما يدل على مسألة القضاء والقدر وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الحديث: (إذا ذكر أصحابي فأمسكوا)، فما معنى وجوب الإمساك عن ذكر الصحابة؟ هل معنى ذلك أننا لا نتحدث عن الصحابة وأنسابهم وأسمائهم وجهادهم وأحوالهم وأقوالهم .. إلى آخره؟! لا، بل الواضح أن المقصود بذلك: إذا ذكر الصحابة بباطل، وصار الناس يخوضون فيهم بين مخطئٍ لهم وقائل فيهم بما لا يجوز، وخاصة ما جرى بينهم رضي الله عنهم وأرضاهم؛ فواضح جداً أن هذا من الخوض الذي لا يجوز، وقد كان سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى إذا ذكروا مثل هذه القضايا المتعلقة بالصحابة يقولون: تلك دماء طهر الله منها أيدينا فيجب أن نطهر منها ألسنتنا، فلا نخوض فيهم بالباطل. كذلك أيضاً القضاء والقدر، فمعرفته، ومعرفة الأدلة حوله، وأنه ركن من أركان الإيمان، وما يقوي الإيمان فيه، هذه من المسائل المتعلقة بالقدر التي يجوز الخوض فيها، بل مما يزيد الإيمان فيها أن يدرسها الإنسان ويتعمق فيها. لكن إذا جاء خائض ليخوض في باب القدر بالباطل، ويأتي ليقول: لماذا قدر الله؟ لماذا كذا؟ لماذا كذا؟ ثم يأتي محتجاً ومعترضاً . . إلى آخره، ففي هذه الحالة ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وإذا ذكر القدر فأمسكوا).

الهدف من دراسة قضية القضاء والقدر وفهمها
بعض الناس قد يظن أن بحث مسألة القضاء والقدر لا يكون إلا حينما يراد للأمة الاستكانة والخضوع، بمعنى: أنه إذا ابتليت الأمة بالمصائب، وتسلط عليها الأعداء من كل جانب، وصار المسلمون ضعفاء، فمن الأنسب أن نقول لهم: ما جرى إنما هو بقضاء الله وقدره، وعليكم أن تؤمنوا بالقضاء والقدر، وهذا الأمر لا يمكن أن ينفك عنكم أبداً .. إلى آخره، كما حكي عن بعض الناس أنه قال مثل هذا الكلام إبان الحروب الصليبية، فلما هجم الصليبيون على العالم الإسلامي تلك الهجمة الشرسة قال بعضهم: إن هذا من القضاء والقدر، وما دام أنه من القضاء والقدر فيجب أن نستسلم له! ونحن نقول: إن بحثنا لمثل هذه القضية، وفي مثل هذه الظروف التي تمر بالأمة الإسلامية، ليس مقصده شيئاً من هذا، بل العكس تماماً؛ لأن الإيمان بالقضاء والقدر والفهم الصحيح له هو الذي يحول الإنسان من إنسان متبلد إلى إنسان مقدام شجاع، وهذه مسألة سنعرض لها؛ لأن بعض مسائل العقيدة أحياناً تفهم على غير وجهها مثل: مسألة المهدي ، ونزول عيسى، فإذا درست أحاديث المهدي ومجيئه في آخر الزمان، وأنه يملأ الأرض عدلاً، ثم ينزل عيسى ويقتل الدجال .. إلخ، يتبلور في أذهان بعض الناس أنه ينبغي أن ينتظر المهدي، وينتظر نزول عيسى ابن مريم، وأن علينا أن نسكت، وأن الدنيا لا تزيد إلا ظلماً، والاستسلام هو الأولى، والسكوت هو الأولى، وعليك بخويصة نفسك .. إلى آخره!
نقول: هذا من الفهم الخاطئ لقضية المهدي ولمسألة نزول عيسى ابن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا بهذا، والصحابة الذين فهموا هذا، هل جاء في أذهانهم مثل هذه المفاهيم؟! لا، بل عملوا في حياتهم على مقتضى شرع الله؛ لتغيير الواقع، وللنهوض بالأمة الإسلامية بحسب جهدهم وبحسب مقدرتهم، ووفقهم الله سبحانه وتعالى؛ لأنهم كانوا مخلصين في مقاصدهم، وكانوا أيضاً متبعين لشرع الله تعالى في أعمالهم وفي مناهجهم. ومن هنا تجد أن قضية القضاء والقدر عند بعض العلماء لا يمكن أن تمر في ذهنه أنها تدعوه إلى الكسل والتواني، سواءً كان هذا على مستوى الفرد أو على مستوى الأمة، حتى إن عبدالقادر الجيلاني يؤثر عنه أنه قال: ليس الرجل الذي يسلم للأقدار -أي: يستسلم- وإنما الرجل الذي يدفع الأقدار بالأقدار. وهذه قضية واضحة جداً.
كل منا لو نظر في حياته لوجد أنه مضطر إلى هذا، فإذا كنت في أمورك العادية تدفع الأقدار بالأقدار حتى قدر الجوع تدفعه بقدر آخر وهو الأكل، وقدر العطش تدفعه بقدر آخر وهو الشرب والري، وهكذا. كذلك قدر المعصية إذا وقعت تصبح قدراً فإنك تدفعها بقدر آخر وهو الطاعة والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى كما سيأتي.
الطرق الصحيحة في دراسة مسائل القضاء والقدر
من المسائل المتعلقة بالمقدمات المتعلقة بقضية القضاء والقدر هي المنهج الصحيح لدراسة القضاء والقدر. مسألة المنهج الصحيح لدراسة القضاء والقدر يجب أن تدرس دراسة مستقلة؛ لأنها تتعلق بالقضاء والقدر وبغيره، وكل خلط وانحراف في هذا الباب وفي غيره من أبواب الإيمان إنما منشؤه الخلط في المنهج، وانظروا إلى الفرق الإسلامية التي انحرفت، وانظروا إلى المذاهب المعاصرة التي انحرفت، فستجدوا من أسباب انحرافها أن منهجها في تلقي هذه العقيدة وفي فهمها منهج خاطئ. ومن هنا فإنني لن أشير مطيلاً في هذه القضية؛ لأنها قضية تحتاج إلى محاضرات مستقلة، والحمد لله فإن هناك كتيبات وهناك محاضرات تبين مثل هذه المسألة، ولكن الذي أود أن أشير إليه في باب القضاء والقدر هو ثلاثة أمور في المنهج:
الأمر الثالث المتعلق بمنهج دراسة القضاء والقدر: أن الدارس المتفهم لهذه القضية يجب عليه أن يربطها ربطاً تاماً بربه تبارك وتعالى، يربطها بعدل الله، وحكمة الله، ورحمة الله، وصفات الله تبارك وتعالى، فقضية القضاء والقدر مرتبطة بصفات الله تبارك وتعالى الكاملة، فهو سبحانه وتعالى له الكمال المطلق في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته، فلا ينبغي لإنسان يدرس هذه القضية وكأنه يجعل ربه تبارك وتعالى في قفص الاتهام كواحد من البشر، سبحان الله عما يصفون، بل يجب عليه أن ينظر إلى المسألة من منظار أنه عبد وأن الله رب، وأن يعرف جيداً أن هذه القضايا متعلقة بأسماء الله تعالى وصفاته وكماله، والله تبارك وتعالى هو الذي أحاط بكل شيء علماً، وهو على كل شيء قدير، وهو بكل شيء عليم سبحانه وتعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]. وهو سبحانه الذي أراد أن ينشئ هذا الكون، وأن يوجد هذا الإنسان، وهو الذي اقتضت إرادته أن تنتهي هذه الدنيا، وأن تنكدر النجوم، وتتشقق السماء، وتكور الشمس، وأن يتغير العالم، هو الذي أراد ذلك، وهذا أمر كائن لا محالة، فلننظر إلى هذه المسألة من منظار العقيدة الصافية المفهومة فهماً صحيحاً، وخاصة ما يتعلق منها بأسماء الله تبارك وتعالى وصفاته.
الأخذ من الكتاب والسنة
الأمر الأول: أن عقيدة القضاء والقدر يجب أن تؤخذ من الكتاب والسنة أولاً، ويستعان بما كتبه علماء الإسلام في فهم ما جاء في الكتاب والسنة، بمعنى: أن الإنسان الذي يريد أن يفهم هذه القضية فعليه أن ينطلق من هذا المنطلق، قراءة الكتاب العزيز وتفسيره، وقراءة سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفهمها بحيث يستنتج الإنسان في النهاية استنتاجاً متلائماً مترابطاً حول هذه القضية، التي هي قضية القضاء والقدر؛ لأن مسألة القضاء والقدر من المسائل التي كثر الخوض فيها من جانب الفلاسفة ومن جانب المتكلمين، خاض الفلاسفة فيها جميعاً، خاض فيها الصوفية على مختلف أصنافهم، خاض فيها المتكلمون من معتزلة وأشاعرة، خاض فيها مختلف الطوائف من الفرق كالروافض والزيدية وغيرهم، كل خاض في هذه القضية، وهذه الكتب تجد منهجها توجيه هذه القضية توجيهاً منحرفاً، وأقرب مثال على ذلك، من هم أقرب الناس إلى أهل السنة والجماعة، وهم الأشاعرة والماتريدية، لو جئت إلى قضية القضاء والقدر لوجدت أن مناهجهم فيها كثير من الخلط، ولم تصف لهم هذه المسألة؛ لأنهم عندما واجهوا المعتزلة في بعض القضايا أدى بهم الأمر إلى أن يقعوا في الطرف الآخر من المسألة، بينما المنهج الحق هو الوسط لا هذا ولا هذا، وستأتي الإشارة إلى أشياء من هذا إن شاء الله تعالى. إذاً: على الإنسان أن يرجع أولاً إلى الكتاب والسنة في العقيدة عموماً، وفي قضية القضاء والقدر خصوصاً.
الأمر الثاني: أن هناك مجالاً في باب القضاء والقدر لا مدخل للإنسان فيه أبداً، وهو الذي سماه بعض العلماء: سر القدر، قال الطحاوي رحمه الله تعالى: والقدر سر الله لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل، هذه القضية يجب أن نعرفها وأن نؤمن بها؛ لكن لا يجوز أن نضعها في غير محلها كما يفهم البعض، مدار قضية أن القدر سر الله، وأن في القدر ما لا يمكن للإنسان أن يبحث فيه: هو التقدير الأزلي من الله سبحانه وتعالى، وهو أن الله تبارك وتعالى هو الذي اختار أن يوجد الناس في هذه الحياة على الابتلاء: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [هود:7] .. وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً [الأنبياء:35]. لأن السائل قد يسأل هنا ويقول: لماذا لم يجعلهم الله مهتدين؟ والله تعالى أجاب عن ذلك في كتابه العزيز فقال لمحمد صلى الله عليه وسلم: وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْجَاهِلِينَ [الأنعام:35]، لو أراد الله سبحانه وتعالى لجعل الناس كلهم مؤمنين مثل الملائكة: لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، ولكن الله -وهو الذي له المشيئة المطلقة- أراد ذلك لحكمٍ كثيرة، أراد الله أن يوجد البشر على هذه الأرض، وأن يكونوا مكلفين، وأن يكون منهم أهل استقامة واتباع؛ ليكونوا يوم القيامة من أهل الجنة، وطائفة أخرى أهل انحراف وكفر؛ ليكونوا يوم القيامة من أهل السعير. فمن قال: لماذا لم يجعل الله الناس كلهم مهتدين؟ مثل من جاء ليقول: لماذا لم يجعل الله الأرض على هذا الشكل؟ هذا سؤال لا نسأله نحن، وسيأتي إن شاء الله ما يبين أن الإيمان بهذه القضية من المواطن المهمة جداً لسلامة قلب الإنسان واستقراريته، وبقيت قضايا أخرى تتعلق بمشيئة الإنسان، وهل له حجة على الله؟ وهذه مسائل واضحة تمام الوضوح كما سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى. إذاً: على الإنسان ألا يعترض على أصل المشيئة الإلهية، بمعنى: لا يأتي قائل يقول: لماذا أغنى الله هذا وأفقر هذا؟ لماذا هذا يعيش إلى مائة سنة وذاك يعيش عشر سنوات فقط أو عشرين أو ثلاثين؟ لماذا الله تبارك وتعالى أضل وهدى، وجعل الناس صنفين؟ هذه من الأسئلة التي هي موطن سر القدر، والقدر متعلق بمشيئة الله تبارك وتعالى النافذة.
تعريف القضاء والقدر لغة واصطلاحاً
بعد هذه المقدمات الأربع ننتقل إلى المسألة الأولى من المسائل التي نحب أن نبينها، ألا وهي: مسألة تعريف القضاء والقدر، ولا نريد أن نخوض في المعاني اللغوية لمسألة معنى كلمة قضى، ومعنى كلمة قدر، وإنما أحب أن أشير هنا إلى كتاب ابن فارس الذي يسمى بمعجم مقاييس اللغة، وهو من أهم الكتب التي جمعت بين فقه اللغة وبين معنى اللغة، ومعاني الكلمات، فهو يحرص دائماً على بيان علاقة الحروف بالكلمة. ومن هنا فإنني سأشير إشارة صغيرة إلى قول ابن فارس في معنى كلمة قضى حيث قال: القاف والضاد والحرف المعتل أصل صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته، وهذا المعنى واضح الدلالة جداً في علاقته بالقضاء والقدر، وإن كان القضاء والقدر له معانٍ أخرى معروفة كثيرة: فيأتي بمعنى الأمر قال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ [الإسراء:23] أي: أمر. ويأتي بمعنى الحكم كما في قوله تعالى: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ [طه:72] في قصة سحرة فرعون، أي: احكم ما أنت حاكم، ما أنت تريد. ويأتي بمعنى الفراغ كما قال الله تعالى: فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت:12] أي: أنه سبحانه وتعالى فرغ من خلقهن وتسويتهن. ويأتي بمعنى الأداء تقول: قضى فلان صلاته، أي: أداها يقول سبحانه: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ [البقرة:200] أي: إذا أديتم مناسككم. ويأتي بمعنى الإعلام كما في قول الله تعالى: وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ [الإسراء:4]، أي: أوحينا وأخبرنا وأعلمنا .. إلى آخر المعاني التي هي معروفة في اللغة العربية. ولكن الذي يهمنا في هذا أن مجمل هذه المعاني ذات ارتباط بالمعنى الأساسي الذي نريده، وهو أن معنى كلمة القضاء مرتبطة بالقدر، فهي دالة على أن الله سبحانه وتعالى قضى هذا الأمر وفرغ منه، ودالة على أن الله أحكم هذا الأمر ونفذه، ودالة على أن الله سبحانه وتعالى قد قدر أن يجري قضاءه كما قدره سبحانه وتعالى. وكذلك كلمة القدر يقول فيها ابن فارس في كتابه المهم معجم مقاييس اللغة: القاف والدال والراء أصل صحيح يدل على مبلغ الشيء ونهايته. ومن هنا فإن القدر يطلق على الحكم والقضاء كما في حديث الاستخارة الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخره يقول الداعي: (فاقدره لي ويسره لي). وحينما يحرك الدال: (قَدَر) يكون بمعنى الطاقة، كما قال تعالى: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ [البقرة:236]. ويأتي القدر بمعنى التضييق كما في قول الله تعالى: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:87]، في قصة يونس، أي: ظن أن لن نضيق عليه.
وأيضاً يأتي من التقدير كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (فإن غم عليكم فاقدروا له)، ويوضحه الرواية الأخرى: (فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً). فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فاقدروا له) أي: قدروا له عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوماً، وهذا يتعلق بمسألة فقهية معروفة.
إذاً : إذا نظرنا إلى المعاني اللغوية للقضاء والمعاني اللغوية للقدر نجد أن لها علاقة واضحة بمعنى القضاء والقدر الذي نحن بصدده.
فإذا كان هذا معناهما لغة فما معناهما اصطلاحاً؟ لم يرد تعريف مستقل دقيق لهذا، وإنما جمع العلماء رحمهم الله تعالى ما يتعلق بالأشياء التي يجب الإيمان بها في باب القضاء والقدر، وبينوا من خلالها معنى القضاء والقدر.
ومن هنا فيمكن أن نقول: إن المقصود بالقضاء والقدر: هو تقدير الله تعالى الأشياء في القدم، وعلمه سبحانه وتعالى بأنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة، وكتابته سبحانه لذلك، ومشيئته له، ثم وقوع هذه الأشياء على مقتضى إرادته ومشيئته وخلقه لها سبحانه وتعالى. وهذا التعريف يشمل عدة مسائل: الأولى: الإيمان بعلم الله الأزلي التام بأن الله سبحانه وتعالى علم في الأزل ما الخلق فاعلون.
الثانية: الإيمان بأن الله تبارك وتعالى كتب -كما ورد في النصوص- في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة -وهو اللوح المحفوظ- ما هو كائن إلى يوم القيامة.
الثالثة: الإيمان بأن الله تعالى له المشيئة النافذة، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
الرابعة: الإيمان أنه لابد أن تقع هذه الأشياء على وفق ما علمها وكتبها وأرادها، والإيمان بأن الله تعالى خالقها، أي: أن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء. إذاً: تترتب هذه الأمور على هذا الترتيب: علم أزلي، ثم كتابة لهذا الأمر، ثم مشيئة إلهية لابد أن تنفذ، ثم وقوع المقدور، وأن الله تعالى هو خالقهم، فكل ما يقع في هذا الكون فهو مخلوق لله كما قال تبارك وتعالى في كتابه العزيز: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد:16]، سبحانه وتعالى، وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان علاقة هذه القضية بإرادة الإنسان وقدرته.
مراتب القدر :
الإيمان بالقضاء والقدر يقتضي من العبد أن يؤمن بأربع مراتب دل عليها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والمتتبع للنصوص الواردة في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم يجد أن هذه المراتب الأربع كاملة قد ورد الإخبار عنها بما يقتضي نسبتها إلى الله سبحانه وتعالى، وهذه المراتب الأربع هي التي أشرنا إليها إجمالاً في التعريف وهي:
الأولى: مرتبة العلم.
الثانية: مرتبة الكتابة.
الثالثة: مرتبة المشيئة.
الرابعة: مرتبة الخلق. فهذه المراتب الأربع كلها لله سبحانه وتعالى، وقد دلت على ذلك الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ونحن هنا نشير إلى بعض الأدلة على هذه المراتب. والإيمان بالقضاء والقدر قد وردت فيه آيات وأحاديث كثيرة جداً، منها: قول الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ[القمر:49]. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (وتؤمن بالقدر خيره وشره)، ويقول في الحديث الآخر: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله تعالى، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)وهذا حديث صحيح رواه الترمذي وغيره.
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم -كما في حديث علي رضي الله عنه-: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله بعثني بالحق، ويؤمن بالموت، وبالبعث بعد الموت، ويؤمن بالقدر) وهذا أيضاً رواه الترمذي . وعن طاوس رحمه الله تعالى قال: أدركت ناساً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر، ثم قال: وسمعت عبدالله بن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، أو الكيس والعجز) ومعنى الكيس: الهمة والنشاط، والعجز: هو عجز الإنسان، فكل شيء بقضاء الله سبحانه وتعالى وقدره، وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث هن أصل الإيمان: الكف عمن قال: لا إله إلا الله، ولا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد باق منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال ، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار)، وهذا الحديث رواه أبوداود .. إلى آخر الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإيمان بالقدر بإجمال.
أدلة مرتبة الخلق
الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء في هذا الكون، ومن ذلك أفعال العباد، فالله خالق العباد وخالق أفعالهم. وهذه المسألة -خلق أفعال العباد- هي مسألة القضاء والقدر التي صار فيها الكلام الطويل بين أهل السنة والجماعة وبين المعتزلة، والأدلة على إثباتها كثيرة، ومنها: قول الله تبارك وتعالى في قصة إبراهيم لما كسر أصنامهم وجاءوا إليه فقال لهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام: أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ[الصافات:95-96] أي: خلقكم وعملكم، هذه إذا كانت (ما) مصدرية.
وهناك قول آخر: أن (ما) موصولة، أي: خلقكم وخلق العمل الذي تعملونه. وأيضاً قول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [غافر:62]، وقوله تعالى أيضاً: قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد:16]، وقوله تبارك وتعالى: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الزمر:62] .. إلى آخر الأدلة الكثيرة الواردة في كتاب الله تعالى. ومن الأحاديث الواردة ما يرويه زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها) وهو في صحيح مسلم، والشاهد قوله: (اللهم آت نفسي تقواها، وزكها) فالفاعل هو الله تعالى، فهو الذي يطلب منه ذلك، وهذا هو معنى قول الله تبارك وتعالى: فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا[الشمس:8]، قال سعيد بن جبير في تفسير هذه الآية: فالخلق لله، والإنسان قادر على سلوك أيهما شاء، وهو ومخير. وقال ابن زيد في معنى هذه الآية: جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى، وخذلانه إياها بالفجور. وورد حديث صحيح رواه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد، ورواه البيهقي أيضاً في الأسماء والصفات، ورواه الحاكم في المستدرك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يصنع كل صانع وصنعته) ، قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ[الصافات:96]، وهذا حديث صحيح.. إلى آخر الأدلة التي تدل على أن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء. هذه المراتب الأربع عند أهل السنة والجماعة لابد أن يؤمن بها الإنسان، ناسباً لها لله الواحد القهار علماً وكتابة ومشيئة وخلقاً.

أدلة مرتبة المشيئة:
مرتبة الإرادة والمشيئة -الإرادة الكونية والمشيئة الكونية- المقصود بهذه المرتبة أنه يجب على المؤمن قضيتين: أن كل ما يقع في هذا الكون فهو بمشيئته تبارك وتعالى فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. وأنه لا يخرج شيء عن مشيئته مهما كان.
إذاً: مشيئة الله شاملة نافذة عامة في كل ما يقع في هذا الكون. ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ [المائدة:48]، فلو شاء الله تبارك وتعالى لجعل الناس أمة واحدة لا يختلفون أبداً؛ لكن شاء الله أن يبتلينا بالتفرق فنفذت مشيئته. ويقول تبارك وتعالى في قصة شعيب لما قال له قومه: فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنتَ مِنْ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ[هود:32-33]. وأيضاً يقول تبارك وتعالى عن موسى أنه قال: ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ[يوسف:99]، وقال موسى: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً[الكهف:69]، وقال الله تعالى لنبيه: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً * إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ[الكهف:23-24]. ويقول تبارك وتعالى: قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران:26]. ويقول تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ[آل عمران:6]. ويقول تبارك وتعالى في باب الإرادة الكونية: فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ[الأنعام:125]. إذاً: هذه المشيئة والإرادة الكونية هي شاملة لكل شيء، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنْ الْجَاهِلِينَ [الأنعام:35]، كما قاله تعالى مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن الأحاديث الواردة في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم -وهذا في صحيح البخاري – : (اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء) ، فأمر بالشفاعة، وأخبر أن الذي سيقع هو ما شاءه الله سبحانه وتعالى. والنبي صلى الله عليه وسلم أقر علي بن أبي طالب حين سأله الرسول هو وزوجه فاطمة رضي الله عنهما وقال لهما: (ألا تصليان؟ فأجابه علي بقوله: أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، قال علي: فانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئاً، ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول: وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً [الكهف:54])، فالشاهد هنا إثبات المشيئة؛ لأن علياً احتج بالمشيئة، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كأنه لم يرض بهذا الاحتجاج وإن كان حقاً، ومن ثم قرأ: ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً[الكهف:54]). وللعلماء أقوال حول معنى هذا الحديث منها: أنه قال ذلك تسليماً لعذرهما، وأنه لا عليهما.
ومنها: أنه تعجب من سرعة جوابه وعدم موافقته .. إلى آخره.
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن قلوب العباد -أو قلوب بني آدم- كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك).
وأيضاً لما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: (ما شاء الله وشئت، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجعلتني لله نداً؟ -وفي بعض الألفاظ: أجعلتني لله عدلاً؟- بل ما شاء الله وحده)، فالنبي عليه الصلاة والسلام ينفي أن تكون له مشيئة مع مشيئة الله، وإنما المشيئة هي مشيئة الله وحده، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. ويقول تعالى عن سائر العباد: وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ[الإنسان:30]، فمشيئة العباد إنما هي داخلة تحت مشيئة الله تبارك وتعالى.
أدلة مرتبة الكتابة
الله تبارك وتعالى كتب مقادير المخلوقات في اللوح المحفوظ، وهذا الكتاب هو الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، كما في قوله تبارك وتعالى: مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:38]، على القول الصحيح في تفسير هذه الآية بأن المقصود بالكتاب هو اللوح المحفوظ، وإن كان هناك قول آخر بأن المقصود به هو كتاب الله القرآن. ومن الأدلة التي تدل على إثبات الكتابة قول الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105]، فربنا تبارك وتعالى أخبر أن هذا مكتوب مسطور في كتبه، وهذه المرتبة المهمة شاملة للكتابة الشرعية والقدرية. فالكتابة القدرية: أن الله سبحانه وتعالى كتب ما يقع لعباده، ومثال الكتابة الشرعية أن الله سبحانه وتعالى قال: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ[النور:55]. وكذلك أيضاً من الأدلة التي تدل على إثبات الكتابة قول الله تبارك وتعالى في قصة أسارى بدر: لَوْلا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ[الأنفال:68] أي: فلولا أن الله تبارك وتعالى قد قدر وسبق في كتابه أنه قد أحل للصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم الغنائم، وأن الله تبارك وتعالى قد رفع عن هذه الأمة العذاب الكامل الذي يستأصل شأفتهم لجرى ما ذكره الله تعالى في هذه الآية: لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [الأنفال:68]. ومثله قول الله تعالى في هذه الآية التي تجمع بين المرتبتين: العلم، والكتابة: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70]، فهذه الآية أشارت إلى المرتبتين كلتيهما. ويقول تعالى: وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [النمل:75] أي: ما من أمر خفي أو سر من الأسرار سواءً كان في السماوات أو في الأرض إلا في كتاب مبين، فقد أحاط هذ الكتاب بكل شيء، والأدلة في السنة على ذلك كثيرة منها: حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) وهذا واضح الدلالة على أن الله كتب ذلك قبل خلق السماوات والأرض. وأيضاً الحديث الطويل الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة والنار -وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة- قال: فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ قال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة، ثم قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى[الليل:5-10]) وهذا الحديث في صحيح البخاري، والأحاديث والنصوص الواردة في هذا الباب كثيرة جداً.
أدلة مرتبة العلم :
أدلة الإيمان بمراتب القدر الأربع كثيرة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فمرتبة العلم أدلتها كثيرة. يقول الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[الأنعام:59].
وورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن بعض المغيبات، فذكر أن هناك أموراً خمسة من أمور الغيب لا يعلمها إلا الله تعالى، فالرسول صلى الله عليه وسلم -وهو رسول الله- لا يعلم إلا ما أعلمه الله.
ففي هذه الآية: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ)، دلالة على أن العلم عند الله، وإذا أراد تعالى أن يعلم أحداً من خلقه أعلمه ببعض علمه، عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاَّ مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً[الجن:26-28].
ومع ذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل أحياناً فيجيب بقوله: (الله أعلم) كما سئل عن أطفال المشركين فقال: (الله أعلم بما كانوا عاملين). فالأدلة على إثبات علم الله تعالى كثيرة جداً وواضحة في كتاب الله العزيز. ومن السنة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران بن حصين رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أَعُلِم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم، قال: ففيم يعمل العاملون؟ قال: كل ميسر لما خلق له) أي: قد علمهم الله سبحانه وتعالى. وهذا الحديث رواه مسلم في صحيحه.
وعن علي رضي الله عنه وأرضاه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالساً وفي يده عود ينكت به -يعني: يخط به أو يحرث به- فرفع رأسه فقال: ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار، قالوا: يا رسول الله! ففيم العمل أفلا نتكل؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى[الليل:5-6] .. إلى قوله: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى[الليل:10])، وهذا الحديث أيضاً في صحيح مسلم .
الفرق بين القضاء والقدر
العلماء لما تحدثوا عن الفرق بينهما قال بعضهم: إنه لا فرق بينهما، فيأتي القضاء بمعنى القدر، ويأتي القدر بمعنى القضاء، أي: قد يذكر القضاء ويراد به القدر، ويذكر القدر لوحده ويراد به القضاء. وبعضهم فرق بينهما بقوله: إن القضاء: هو الحكم بالكليات على سبيل الإجمال الأزلي. والقدر: هو الحكم بوقوع الجزئيات التي من تلك الكليات كما قدرها سبحانه وتعالى.
وبعضهم عكس الأمر فقال: القدر: هو التقدير الكامل الشامل، والقضاء: هو التفصيل والتقطيع.
والصحيح أن هذه الأقوال التي فرقت بين القضاء والقدر لا دليل عليها، بل القدر يأتي بمعنى القضاء، والقضاء يأتي بمعنى القدر، وإذا جمعنا بينهما فإن كلاً منهما بمعنى الآخر، وهذا لا إشكال فيه؛ لأنه لم يرد في ذلك نص يوضح هذا.
ودلالة اللغة العربية في مسألة الفرق بينهما تدل على أن كلاً منهما يستعمل استعمالات أخرى، ومن استعمالاتهما أن يكون القضاء بمعنى القدر الذي نحن بصدده.
من أقوال السلف في باب القدر
روى أبو داود في سننه بإسناد صحيح إلى خالد الحذاء قال: قلتُ : يا أبا سعيد! أخبرني هل آدم للسماء خلق أم للأرض؟ قال: لا، بل للأرض. قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة؟ قال: لم يكن له منه بد. قلت: أخبرني عن قوله تعالى: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ[الصافات:162-163]؟ قال: إن الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا من أوجب الله عليه الجحيم. وهذا رواه أبو داود في كتاب السنة: باب لزوم السنة.
وهذا يثبت بأن السلف رحمهم الله تعالى يؤمنون بالقضاء والقدر. والله تبارك وتعالى قال: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً[البقرة:30]، فصدق قدره؛ لأنه لابد أن يكون هذا الإنسان في هذه الأرض. ومن هنا نجد أن آدم عليه الصلاة والسلام لما سأله موسى وقال له: (كيف أخرجتنا من الجنة؟ فأجابه آدم عليه الصلاة والسلام بقوله: أتلومني في شيء قد كتبه الله علي قبل أن أخلق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى). وفي هذا الحديث لم يحتج آدم بالقدر على المعصية، وإنما احتج بالقدر على المصيبة؛ لأنه من المعلوم أن آدم لما سأله موسى كان قد تاب وتاب الله عليه ومحي عنه الذنب، وهو ليس بحاجة إلى أن يحتج بالذنب، ولكن لما سأله موسى أجاب آدم بالقدر السابق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فحج آدم موسى).
ومن هنا قالوا: يجوز الاحتجاج بالقدر في حالتين:
الحالة الأولى: في حالة المصائب التي تصيب الإنسان.
الحالة الثانية: فيما إذا أذنب الإنسان وتاب إلى الله واستغفره ورجع وعمل الحسنة بعد تلك السيئة، فيجوز أن يقول: إن تلك المعصية كانت بقضاء وقدر، أما أن يحتج بالقدر مسوغاً لها فهذا لا يقبل. وروى أبو داود بسند صحيح إلى عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى: فإنه كتب إلى أحد أصحابه رسالة يقول فيها: كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر فعلى الخبير -بإذن الله- وقعت، ما أحدث الناس من محدثة، ولا ابتدعوا من بدعة، هي أبين أثراً ولا أثبت أمراً من الإقرار بالقدر، لقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء يتكلمون به في كلامهم، وفي شعرهم يعزون به أنفسهم على ما فاتهم، ثم لم يزده الإسلام بعد إلا شدة، ولقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين، وقد سمعه منه المسلمون، فتكلموا به في حياته وبعد وفاته يقيناً وتسليماً لربهم، وتضعيفاً لأنفسهم أن يكون شيء لم يحط به علمه، ولم يحصه كتابه، ولم يمض فيه قدر، وإنه مع ذلك لفي محكم كتابه، منه اقتبسوه ومنه تعلموه .. إلخ.
وهذا أثر من عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى يبين أن الإيمان بالقدر هو سبيل السلف في أن الأمر كله لله سبحانه وتعالى، فإذا جاء المعتزلة أو القدرية أو غيرهم لينحرفوا في هذا الباب ، وليقولوا: إن هذا ظلم أو هذا كذا أو هذا كذا؛ فهذا كله لا يقبله السلف وإنما يرفضونه رفضاً تاماً.
ومن هنا فإننا نجد أن السلف رحمهم الله تعالى كانوا شديدين جداً على أولئك الذين ضلوا في مسألة القضاء والقدر، ولم تكن محل إشكال عندهم، روى أبو داود في كتاب السنة: باب لزوم السنة -وهو حديث حسن الإسناد- أن عبدالله بن عمر كتب إلى صديق له من أهل الشام كان يكاتبه: إنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إلي! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر).
ومن هنا كانت للسلف مواقف قوية في هذا الباب، وقد تكلم غيلان القدري أحد القدرية مع ربيعة بن عبدالرحمن (ربيعة الرأي) الإمام المشهور، فقال له: يا أبا عثمان ! أيرضى الله عز وجل أن يعصى؟ فقال له ربيعة: أفيعصى قصراً؟! فسكت. وكلمة غيلان: أفيرضى ربنا أن يعصى؟ هي مبنية إشكال عندهم سيأتي بيانه بعد قليل في مسألة التفريق بين الإرادة والرضا، لكن انظر إلى الجواب: (أفيعصى قصراً؟) أي: لا تحل أنت المشكلة بمشكلة أخرى، وهذا ما وقع فيه كل من الجبرية والمعتزلة، وهذا الأثر رواه اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة برقم (1265).
ومن قصص عمر بن عبدالعزيز مع هذا الرجل القدري وهو غيلان الدمشقي أنه لما بلغه قوله بالقدر استدعاه عمر بن عبد العزيز فقال له: يا غيلان ويحك ما هذا الذي بلغني عنك؟! قال: يكذب عليّ يا أمير المؤمنين، ويقال علي ما لا أقول. قال: ما تقول في العلم؟ أي: علم الله الأزلي. قال: نفذ العلم. فقال له عمر بن عبدالعزيز : أنت مخصوم، اذهب الآن فقل ما شئت، يا غيلان! إنك إن أقررت بالعلم خصمت، وإن جحدته كفرت، وإنك إن تقر به فتخصم، خير لك من أن تجحده فتكفر. ثم قال له: اقرأ (يس). فقرأ: وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ[يس:9] .. إلى آخر قصته مع غيلان.
وهذا القول من عمر بن عبدالعزيز من أعظم ما ورد في باب القدر عن السلف، وفيه فقه مذهب السلف، وبيان الرد على مذهب المعتزلة؛ لأن المعتزلة يقرون بالعلم، فإذا أقروا بالعلم فما فائدة أن يأتوا ويقولوا: الإنسان حر مختار إذا كان لا يقع شيء إلا وفق علم الله سبحانه وتعالى؟! وسيأتي بيان شيء من ذلك.
ورواية عمر بن عبدالعزيز مع غيلان رواها عبدالله بن الإمام أحمد في كتابه السنة برقم (948)، وأيضاً اللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة برقم (1325). وأورد اللالكائي هنا أيضاً برقم (1339) في كتاب شرح اعتقاد أهل السنة حكاية عن رجل اتفق مع رجل أن يعبر الشاطئ وأن يعطيه كذا من المال، فصار الرجل يعوم ليعبر الشاطئ، فلما قرب منه قال الرجل: عبرت والله، ما بقي له إلا قليل. فقال له ذلك الرجل: قل: إن شاء الله. قال: شاء أو لم يشأ. قال: فأخذته الأرض وابتلعته. وأيضاً أورد اللالكائي قصة الجارية التي كانت سيدها قدرياً، وكان يقول إذا أتته بقدح من ماء: إنني يمكنني أن أشربه أو ألا أشربه، كأنه يقرر أنه سيشرب هذا القدح شاء الله أولم يشأ! فهذه الجارية أعطته الماء مرة وهو يريد أن يشربه، وكان قد قال لها: إن لم أشربه فأنت حرة لوجه الله؛ فضربت القدح فسقط على الأرض وسال الماء؛ فعتقت الجارية، وكانت تسمى بمولاة السنة. والقدر كان عند السلف رحمهم الله تعالى أمر مسلم، حتى إن أحد أئمة المعتزلة -وهو عمرو بن عبيد– كان جالساً مع أصحابه في أحد المرات، فجاء أعرابي ووقف وقال: إن ناقتي سرقت؛ فادعوا الله أن يردها علي. فقال عمرو بن عبيد المعتزلي القدري: اللهم إنك لم ترد أن تسرق فسرقت، فردها عليه.
انتبه لكلمة: (لم ترد أن تسرق)؛ فهو يعتقد أن هناك أشياء لا يريدها الله، وهو يقصد الإرادة الكونية، وليست الإرادة الدينية، فالأعرابي بفطرته قال له: لا حاجة لي في دعائك! قال: لماذا؟ قال: إذا كان الله أراد ألا تسرق فرغماً عنه سرقت، فأخاف أن يريد أن ترد فرغماً عنه لا ترد علينا، فلا حاجة في دعائك.
أعرابي على الفطرة خصم هذا الشيخ المعتزلي الذي أمضى في الفلسفة وعلم الكلام وقتاً طويلاً؛ لأن الأمر بيد الله سبحانه وتعالى وبقدره.
علاقة القدر بالإنسان
بعد هذا ننتقل إلى مسألة أخرى تتعلق بمذهب أهل السنة والجماعة في باب القدر، وهي علاقة القدر بالإنسان. نحن في الفقرات السابقة شرحنا وأوضحنا علاقة القدر بالله سبحانه وتعالى، وقلنا:
إن مراتب القدر الأربع يجب على العبد أن يؤمن بها، وأن هذا هو مقتضى الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره من الله تعالى.. لكن بالنسبة للإنسان نفسه هل له إرادة ومشيئة وقدرة أو ليس له ذلك؟
هنا نذكر نقطتين هامتين:
النقطة الأولى: أن الإنسان غير مجبور على فعله، ولم يرد عن السلف رحمهم الله تعالى حتى كلمة الجبر، لم ترد في النصوص، وإنما الوارد (الجَبْل) يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأشج عبدالقيس : (إن فيك خلقين جبلت عليهما: الحلم والأناة) . فالله سبحانه وتعالى يخلق الإنسان على جبلة، لكن لفظ (جبر) لم يرد، حتى إن أباعبيد وهو أحد أئمة اللغة قال: إن لفظ الجبر في باب القدر لفظ مولد، يعني: لم يأت إلا بعد استكمال النصوص الشرعية من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إذاً: قضية أن الإنسان مجبور لم ترد في النصوص، وإنما الوارد في النصوص أشياء أخرى كما في قضية المشيئة: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ[الإنسان:30]. وورد في النصوص الختم والطبع، قال الله تعالى: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصف:5]، وقال تعالى: وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ[النساء:155]، ويقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ[البقرة:6-7]، والختم والطبع الوارد في كتاب الله تبارك وتعالى إنما هو عقوبة وجزاء لمن لم يسلك الطريق الصحيح، ولهذا لا تجد نصاً يفيد أن الله يطبع على القلب ابتداءً، وإنما يرد الطبع وزيغ القلب إذا لم يترك الإنسان المعصية، وهذه تكون من باب العقوبات الإلهية، فالله تعالى يعاقب العبد إذا فعل المعصية بأن يفعل معاصي أخرى، وتكون هذه عقوبة له على المعصية الأولى.
النقطة الثانية: أننا لو نظرنا إلى قضية الإنسان وأفعاله لوجدنا أن الله سبحانه وتعالى في باب المحافظة والتكليف فرق بين عدة أشياء بالنسبة للإنسان، هناك أشياء تقع في الإنسان مثل كونه يولد في وقت كذا، أو يولد طويلاً، أو يولد قصيراً، أو يولد ولونه أسمر أو لونه أحمر أو لونه أبيض، أو كون الإنسان يعيش خمسين سنة أو أربعين سنة، أو كون الإنسان يعيش بأعضاء متكاملة بعضها أقوى من بعض، هذه الأمور التي تجري في الإنسان أوجدها الله سبحانه وتعالى له بدون إرادة منه، لهذا فهو لا يحاسب عليها، فلا يأتي الإنسان يحاسب الله ويقول: لماذا كنت أسود أو أحمر أو غير ذلك..؟!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته …~_

اولا بارك الله فيك على اسهام الدائم هنا في تعريف بقيم الدين الحقة

ثانيا :

توحشتك يا اخي و ان شاء الله راك بخير وعافية

تهلا في روووحك

ثالثا :

ارجو من الله ان يرزقناالقلب الذي يحمل الايمان بالقضاء و القدر خيييييييييره و شررررره

ربنا لا يحرمكم الاجر االجزيييييييييييل

تقبل مرووووري

اخووووك من العاصمة *أمير الخير* ^_

حياك الله و بياك و جعل الجنة مستقرك و مثواك.
أهلا بالأخ الطيب أمير الخير، و الله مثلكم من المرء يفرح بقدومهم بعد الذهاب و بإيابهم بعد الغياب.
لا طال غيابك عنا أيها الحبيب.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

أخي ابو ليث جزاك الله كل خير و جعل هذا العمل في ميزان حسناتك

موضوع يستحق القراءة و الفهم العميق

حقا جهد يستحق الشكر

بالتوفيق أخي ابى ليث

مشكووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووووور
بارك الله فيك اخي
لم اكمل الموضوع لكن برك الله

لكن في بعض احيان يجهل انسان وينسي ان كلمصيب هي قضاء وقدر

تلمس ليلة القدر 2024.

ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر؟!
فما المراد بالقدر؟ وما فضلها، وما هي أرجح لياليها؟ وما يفعل فيها؟

ط§ظ„ظ…ط±ط§ط¯ ط¨ط§ظ„ظ‚ط¯ط±
ظ…ط§ ظˆط±ط¯ ظپظٹ ظپط¶ظ„ظ‡ط§
ظپظٹ ط£ظٹ ط§ظ„ظ„ظٹط§ظ„ظٹ طھظ„طھظ…ط³ ظ„ظٹظ„ط© ط§ظ„ظ‚ط¯ط±طں
ط§ظ„ط£ظ‚ظˆط§ظ„ ط§ظ„ظ…ط±ط¬ظˆط­ط© ط£ظˆط§ظ„ط´ط§ط°ط©
ط§ظ„ط¹ظ…ظ„ ظپظٹظ‡ط§
ط£ظپط¶ظ„ ظ…ط§ ظٹظ‚ط§ظ„ ظپظٹظ‡ط§ ظ…ظ† ط§ظ„ط¯ط¹ط§ط،
ط¹ظ„ط§ظ…ط§طھظ‡ط§
لما قصرت أعمار هذه الأمة
عن أعمار الأمم السابقة،
حيث أصبحت أعمارهم تراوح بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز
ذلك كما أخبر الصادق المصدوق، عوضهم ربهم بأمور أخر كثيرة
منها منحهم هذه الليلة، وهي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر
، أي أن قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر من غيرها،
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
المراد بالقدر
سميت ليلة القدر بذلك
لعدة معان، هي:
1. لشرفها وعظيم قدرها عند الله.
2. وقيل لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، لقوله تعالى: "فيها يفرق كل أمر حكيم".
3. وقيل لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر.
4. وقيل لأنها نزل فيها كتاب ذو قدر، بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، وأمة ذات قدر.
5. وقيل لأن للطاعات فيها قدراً عظيماً.
6. وقيل لأن من أقامها وأحياها صار ذا قدر.
والراجح أنها سميت بذلك لجميع هذه المعاني مجتمعة وغيرها، والله أعلم.
ما ورد في فضلها
يدل على فضل هذه الليلة العظيمة وعظيم قدرها وجليل مكانتها
عند الله ورسوله ما يأتي:
من القرآن
1. نزول سورة كاملة فيها، وهي سورة القدر، وبيان الأعمال فيها
خير من الأعمال في ألف شهر ما سواها.
2. قوله تعالى:" فيها يفرق كل أمر حكيم. أمراً من عندنا إنا كنا منزلين"،
حيث يقدر فيها كل ما هو كائن في السنة، وهو تقدير ثان،
إذ أن الله قدر كل شيء قبل أن يخلق الخلائق بخمسين ألف سنة.
السنة القولية والعملية
"من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
أنه صلى الله عليه وسلم
كان يعتكف ويجتهد في الليالي المرجوة فيها ما لا يجتهد في
غيرها من ليالي رمضان ولا غيره، حيث كان صلى الله عليه وسلم
كما صح عن عائشة رضي الله عنها:
"إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله".
في أي الليالي تلتمس ليلة القدر؟

تلتمس ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان،
خاصة في الوتر منها، سيما ليلتي إحدى وعشرين وسبع وعشرين،
وأرجحها ليلة سبع وعشرين.
فعن عمر رضي الله عنهما
أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان
متحريها فليتحرها في السبع الأواخر".
2
وعند مسلم:
"التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أوعجز
فلا يغلبن على السبع البواقي".
وعن عائشة رضي الله عنها كذلك:
"تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"
3
ذهب علي، وابن مسعود،
وابن عباس،
وعائشة من الصحابة،
والشافعي وأهل المدينة ومكة
من الأئمة
إلى أن أرجى لياليها ليلتا إحدى وعشرين وثلاث وعشرين،
وقد رجح ذلك ابن القيم رحمه الله.
وذهب أبي بن كعب رضي الله عنه
إلى أنها ليلة سبع وعشرين،
وكان يحلف على ذلك، ويقول:
"بالآية أوالعلامة التي أخبرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها".
4
وفي مسند أحمد عن ابن عباس أن رجلاً قال:
"يا رسول الله، إني شيخ كبير عليل يشق عليَّ القيام، فمرني
بليلة لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر؛ قال: عليك بالسابعة"
5
وعن ابن عمر يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم:
"من كان متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين"، أوقال:
"تحروها ليلة سبع وعشرين".
ومن الناس من قال:
إن وقع في ليلة من أوتار العشر جمعة فهي أرجى من غيرها،
ولا دليل عليه، والله أعلم.

الأقوال المرجوحة أوالشاذة
6
ما ذكرنا سابقاً هو المعتمد عند أهل العلم،
وعليه عامة أهل السنة سلفاً وخلفاً،
وهناك أقوال مرجوحة أوشاذة
عن ليلة القدر، وهي:
1. أنها رفعت.
2. أنها في كل سبع سنين مرة.
3. أنها في كل السنة.
4. أنها في الشهر كله.
5. أنها في أول ليلة منه.
العمل فيها
أحب الأعمال لمن وفق وحظي
بليلة القدر ما يأتي:
1. أداء الصلوات المكتوبة للرجال مع جماعة المسلمين، سيما الصبح والعشاء.
2. القيام، أي الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم:" من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه".
7
3. الدعاء.
4. قراءة القرآن.
5. اجتناب المحرمات، دقيقها وجليلها.
ويمكن للمرء أن يجمع بين هذه كلها في الصلاة إذا أطال القيام، وسأل الله الرحمن واستعاذ به من النيران كلما مر بآية رحمة أوعذاب.
قال سفيان الثوري رحمه الله:
(الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة، قال:
وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة لعله يوافق).
قال ابن رجب:
(ومراده ـ أي سفيان ـ أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي
لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً، وقد كان
النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان،
ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل،
ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة
والدعاء والتفكر، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر
وغيرها، والله أعلم؛ وقد قال الشعبي في ليلة القدر
: ليلها كنهارها؛ وقال الشافعي في القديم:
أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها)..
8

أفضل ما يقال فيها من الدعاء
أفضل ما يقال فيها من الدعاء:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني؛ يردده ويكثر منه داخل الصلاة
وبين تسليمات القيام وفي سائر ليلها ونهارها.
فعن عائشة رضي الله عنها
أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم:
"أرأيتَ إن وفقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: قولي:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
9
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم:
"أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك"
10
وبما يسره الله له من الدعاء والذكر.

علاماتها
هناك بعض العلامات التي يستدل بها البعض على
ليلة القدر، ويعوزها كلها الدليل القاطع، وإنما هي
اجتهادات وتخمينات لا يعتمد عليها، من تلك العلامات:
1. طلوع الشمس في صبيحتها من غير شعاع، كما استدل
على ذلك أبي بن كعب رضي الله عنه.
2. وكان عبدة بن لبابة يقول: هي ليلة سبع وعشرين؛
ويستدل على ذلك بأنه قد جرب ذلك بأشياء وبالنجوم،
والشرع لا يثبت بالتجارب.
وروي عنه كذلك أنه ذاق ماء البحر
ليلة سبع وعشرين فإذا هو عذب.
3. أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة.
4. أن الكلاب لا تنبح فيها وكذلك الحمير لا تنهق فيها.
5. أن يرى نور.
6. الملائكة تطوف بالبيت العتيق فوق رؤوس الناس.
7. استجاب الله دعاء البعض في ليلة سبع وعشرين،
وإجابة الدعاء ليست دائماً علامة صلاح، فالله كريم يجيب
دعوة المضطر ولو كان فاسقاً أوفاجراً، وربما تكون إجابة
الدعاء في بعض الأحيان من باب الاستدراج.
وأخيراً احذر أخي الصائم أن ينسلخ رمضان ولم تكن من المغفور
لهم، فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال:
"آمين، آمين، آمين!"، قيل: يا رسول الله، إنك صعدت المنبر فقلت
"آمين، آمين، آمين"، قال: "إن جبريل أتاني، فقال: من أدرك شهر
رمضان فلم يغفر له، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت
: آمين؛ ومن أدرك أبويه أوأحدهما فلم يبرهما، فمات، فدخل النار،
فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين؛ ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك،
فمات، فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين؛ فقلت: آمين"
11
واعلم أن الأعمال بخواتيمها، فإذا فاتك الاجتهاد في أول
الشهر فلا تغلب على آخره، ففيه العوض عن أوله.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام
على خير عباد الله أجمعين، وعلى آله وصحبه وأزواجه
الطاهرين الطيبين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين،
وعنا معهم بعفوه وفضله وكرمه، آمين.

بارك الله فيك اختي الكريمة
على الموضوع الرائع والقيم
بارك الله فيك وجزاك الله كل خير
بارك الله فيكم
بلغني الله و إياكم ليلة القدر

بارك الله فيك اختي الكريمة وجعلها الله في ميزان حسناتك انشاء الله

+التقييم

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني50 القعدة
القعدة
القعدة

بارك الله فيك اختي الكريمة وجعلها الله في ميزان حسناتك انشاء الله

+التقييم

القعدة القعدة
و فيك اخيي الفاضل
لاهنت و لا حرمك ربي الاجر
و مرورك اغلى تقييم

بارك الله فيك..وجزاك الله الجنة.
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الملكة المشاغبة القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيك..وجزاك الله الجنة.
القعدة القعدة
و إياكي اخيتي
مرورك شرف لي ووسام على صدري

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمينة16 القعدة
القعدة
القعدة

بارك الله فيكم
بلغني الله و إياكم ليلة القدر

القعدة القعدة
انشاء الله ربي يحفضك من كل مكروه اختي امينة

اختي امين لوكان تسقط عليكي فداذا تطلبي منها هههههههههههههههه

اسف اخي علي تطفلي

تقبلي مروري البسيط