العبادة المفقودة مراقبة الله عز وجل 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الرقيب ، وأشهد أن لا إله إلا الله الحسيب ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللبيب ، صلى الله وسلم عليه وعلى كل صاحب وحبيب . . وبعد :
للدين ثلاثة مراتب ، جاء ذكرها في الحديث المتفق على صحته من حديث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ ، لاَ يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ، وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ : أَخْبِرْنِى عَنِ الإِسْلاَمِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " الإِسْلاَمُ : أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً " ، قَالَ : صَدَقْتَ ، قَالَ : فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِيمَانِ ؟ قَالَ : " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ " ، قَالَ : صَدَقْتَ ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِحْسَانِ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . . . . . الحديث وفي آخره قَالَ : " فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ " [ متفق عليه ] .
من هذا الحديث نعلم أن مراتب الدين كما وردت :
الإيمان ، والإسلام ، والإحسان .
وسوف نتحدث في هذه العجالة عن مرتبة المراقبة والخشية وهي الإحسان .
فالإحسان معناه مراقبة الله تعالى في السر والعلن ، مراقبة من يحبه ويخشاه ، ويرجو ثوابه ويخاف عقابه ، بالمحافظة على الفرائض والنوافل ، واجتناب المحرمات والمكروهات .
والمحسنون : هم السابقون بالخيرات المتنافسون في فضائل الأعمال .
أما أدلته فهي كثيرة :
من الكتاب قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [ النحل : 128 ] .
ومن السنة ما جاء في حديث جبريل عليه السلام أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم فقال : أخبرني عن الإحسان . فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم : " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " .
ومقام المراقبة ركن واحد ، وهو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، أن تكون عابداً لله على النحو الذي أمر اللهُ جل وعلا به وأمر به رسولُه ، فلتعلم أن الله جل وعلا مطلع عليك ، عالم بحالك ، يرى ويبصر ما تعمل وتقول ، يعلم ظاهر عملك وخفيه ، يعلم خلجات صدرك ، ويعلم تحركات أركانك وجوارحك .

قصة في المراقبة :
كان هناك رجل اسمه نوح ابن مريم كان ذي نعمة ومال وثراء وجاه، وفوق ذلك صاحب دين وخلق، وكان له ابنة غاية في الجمال، ذات منصب وجمال. وفوق ذلك صاحبة دين وخلق.
وكان معه عبد اسمه مبارك، لا يملك من الدنيا قليلا ولا كثيرا ولكنه يملك الدين والخلق، ومن ملكهما فقد ملك كل شيء.
أرسلَه سيده إلى بساتين له، وقال له اذهب إلى تلك البساتين واحفظ ثمرها وكن على خدمتها إلى أن آتيك.
مضى الرجل وبقي في البساتين لمدة شهرين.
وجاءه سيده، جاء ليستجم في بساتينه، ليستريح في تلك البساتين.
جلس تحت شجرة وقال يا مبارك، أتني بقطف من عنب.
جاءه بقطف فإذا هو حامض.
فقال أتني بقطف آخر إن هذا حامض.
فأتاه بآخر فإذا هو حامض.
قال أتني بآخر، فجاءه بالثالث فإذا هو حامض.
كاد أن يستولي عليه الغضب، وقال يا مبارك أطلب منك قطف عنب قد نضج، وتأتني بقطف لم ينضج.
ألا تعرف حلوه من حامضه ؟
قال : والله ما أرسلتني لأكله وإنما أرسلتني لأحفظه وأقوم على خدمته.
والذي لا إله إلا هو ما ذقت منه عنبة واحدة.
والذي لا إله إلا هو ما رقبتك ، ولا رقبت أحداً من الكائنات، ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
أعجب به، وأعجب بورعه وقال الآن أستشيرك، والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششه، والمستشار مؤتمن.
وقد تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت ؟
فقال مبارك:
لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب.
واليهود يزوجون للمال.
والنصارى للجمال.
وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يزوجون للدين والخلق.
وعلى عهدنا هذا للمال والجاه.

والمرء مع من أحب، ومن تشبه بقوم فهو منهم.
أي نصيحة وأي مشورة ؟
نظر وقدر وفكر وتملى فما وجد خيرا من مبارك، قال أنت حر لوجه الله (أعتقه أولا).
ثم قال لقد قلبت النظر فرأيت أنك خير من يتزوج بهذه البنت.
قال أعرض عليها.
فذهب وعرض على البنت وقال لها:
إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، ورأيت أن تتزوجي بمبارك.
قالت أترضاه لي ؟
قال نعم.
قالت : فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
فكان الزواج المبارك من مبارك.
فما الثمرة وما النتيجة ؟
حملت هذه المرأة وولدت طفلا أسمياه عبد الله، لعل الكل يعرف هذا الرجل.
إنه عبد الله ابن المبارك المحدث الزاهد العابد الذي ما من إنسان قلب صفحة من كتب التاريخ إلا ووجده حيا بسيرته وذكره الطيب.
إن ذلك ثمرة مراقبة الله عز وجل في كل شي.
أما والله لو راقبنا الله حق المراقبة لصلح الحال، واستقامة الأمور .

خطورة معصية الخلوة :
لابد لكل إنسان أن يخلو بنفسه أحياناً ، لأي غرض من الأغراض ، من الناس من يخلوا بنفسه لمعاتبتها ومحاسبتها ، ومنهم من يخلو لمعصية الله لأن الناس لا يرونه ، ومن من يبتعد عن الناس قليلاً يقرأ ويكتب ويسمع ما ينفعه ويزيده قرباً من ربه تبارك وتعالى وهكذا الناس في خلواتهم تختلف مشاربهم وأغراضهم .
وهذا حديث عظيم الخطورة لمن انتهك حرمات الله في الخلوات ، لا يراقب الله تعالى ، ولكن يراقب البشر الذين لا ينفعونه ولا يضرونه شيئاً ، ونسي أن الله معه يسمع ويرى :
عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : " لأَعْلَمَنَّ أَقْوَاماً مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضاً ، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُوراً " ، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا ، جَلِّهِمْ لَنَا ، أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ ، قَالَ : " أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ ، وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا " [ رواه ابن ماجة وصحح إسناده البوصيري ، وصححه الألباني في الصحيحة 2/18 ] .
اللهم لا تجعلنا منهم ، اللهم لا تجعلنا منهم ، اللهم لا تجعلنا منهم ، يا حي يا قيوم ، يا ذا الجلال والإكرام .
وعلى النقيض من أولئك الذين يعصون الله في الخلوة هذه نتيجة من يخاف الله في الخلوة ودعته نفسه والشيطان للمعصية ، ولكن تنهاه مراقبته لله أن يعصيه طرفة عين فكانت النتيجة الظل الظليل يوم القيامة ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ : إِمَامٌ عَادِلٌ ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ ، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا فِي الْمَسْجِدِ ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا ، فَقَالَ : إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَمْ تَعْلَمْ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ " [ متفق عليه ] .
ألا فاعلم أيها المسلم أنك إذا خلوت ساعة أو لحظة أن الله معك ، فلا تجعله سبحانه أهون الناظرين إليك ، فإن فعلت فقد ارتكبت أمراً عظيماً ، وخطراً جسيماً ، وجرماً كبيراً .
وإذا ظننت أن الله لا يراك فذلك هو الكفر والعياذ بالله ، لأنك عطلت صفات عظيمة من صفات الله تعالى ، جاء ذكرها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأجمع عليها العلماء قاطبة ، وهي أن الله سبحانه سميع بصير .
***** سميع : أي أن الله عز وجل متصف بالسمع ، فهو سبحانه يسمع جميع الأصوات ، على تفنن الحاجات واختلاف اللغات ، فلو أن الناس كلهم من أولهم إلى آخرهم قاموا في صعيد واحد ، كلهم من زمن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وسألوا الله وتكلموا جميعاً في لحظة واحدة ، لسمعهم جميعاً دون أن يختلط عليه صوت بصوت ، أو لغة بلغة ، أو حاجة بحاجة ، فيسمع سبحانه الجميع ، مع أن لغاتهم مختلفة ، وحاجاتهم متباينة ، وأصواتهم متغايرة ، بينما الإنسان لو تكلم عنده اثنان ، وبلغة واحدة ، لاختلط عليه كلامهما ، ولاحتاج أن يُسكِت أحدهما ليسمع كلام الآخر ، كما قال تعالى : { مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ }[ 2 ] .
***** والله جل وعلا بصير : أي متصف بالبصر ، يرى سبحانه كل شيء من فوق سبع سماوات ، يرى دبيب النملة السوداء ، على الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء .
لو كان ليل دامس ، ونملة سوداء ، على صخرة سوداء ، ودنوت منها واقتربت وحلَّقت بعينيك فإنك لا تراها ، لكنَّ الله عز وجل يراها من فوق سبع سماوات ، بل يرى جريان الدم في عروقها ، ويرى سبحانه كلَّ جزء من أجزائها ، فهو سميع بصير ، يسمع كلَّ الأصوات ، ويرى جميع المخلوقات .
ولأن المسلم يؤمن بهذه الصفة وغيرها من صفات الله تعالى ، فإن ذلك ولا ريب سيؤثر على سلوكه وعمله ، رأى أحد السلف رجلاً وامرأة في ريبة ، فاكتفى بقوله لهما : إنَّ الله يراكما ، سترنا الله وإياكم ، ذكَّرهما بهذه العقيدة التي تؤثر عليهما غاية التأثير في استقامة العمل إن كان لهما قلب .
فتذكر يا عبد الله . . تذكري يا أمة الله . . أن الله سميع بصير ، فاحذر أن تغفل عن ذلك ، فتختفي منهم وتستتر عنهم لترتكب معصية ، وتنسى أن الله سبحانه وتعالى يسمعك ويراك ، قال تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [ النساء108 ] .

تذكر أن الله يراك :
وقد ورد أن امرأة راودها رجل عن نفسها فأبت فأكرهها، فأرادت أن تعظه بأعظم موعظة وهي مراقبة ربه، لأنه لم يجن هذه الجناية إلا لأنه لم يراقب الله ونسي أن الله يراه، وبعد الإجبار قالت له: أغلق جميع الأبواب، فأغلق جميع الأبواب المحسوسة التي بينه وبين الناس _ الأبواب البشرية _ ونسي أن الباب الذي بينه وبين الله مفتوح ومكشوف، فقالت له: هل أغلقت جميع الأبواب؟ قال: لم يبق باب إلا وأغلقته، فقالت له: بقي باب مفتوح لم تغلقه! قال: أي باب؟! قالت: بقي الباب الذي بيننا وبين الله مفتوح، ألا تخاف الله؟ . . فارتعد وخاف ووجل فتركها خوفًا من الله الذي يراه حيث ما كان، وتاب هذا الرجل واستقام حاله .
فينبغي أن نعلم يقينًا أن هذا الباب مفتوح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ويجب أن تعلم أن ما يسترك من الله ظلام ولا سحاب ولا سقف ولا غطاء، أنت مكشوف لله عز وجل على الدوام، ألا تستحي من الله! لو كان أحدنا مع رجل صالح هل سيسمعه الكلام المحرم؟ ستقولون: لا, بل يترك الكلام المحرم من أجل هذا الرجل الصالح، وهل سيعمل السيئة مع الرجل الصالح؟ لا، لا يعلمها من أجل الرجل الصالح.
عن سعيد بن يزيد الأزدي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: " أوصيك أن تستحيي من الله عز وجل كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك " [ رواه أحمد وغيره ، وصححه الألباني ، انظر حديث رقم : 2541 في صحيح الجامع ] ، " فالاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى ، وَتَحْفَظَ الْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى " .
لو أن الناس راقبوا ربهم في منازلهم هل ستبقى الأجهزة المحرمة في البيوت؟ الجواب: لا.
لو أن الناس راقبوا ربهم هل يأخذ إنسان مال إنسان آخر؟ الجواب: لا.
لو أن الناس راقبوا ربهم هل يوجد في المحاكم معاملات من ظالم على مظلوم؟ الجواب: لا ، لكن ضعفت مراقبتنا لله في كثير من أمور حياتنا فعصين ربنا في الخلوات ، فرحماك يارب البريات .
أيها المسلم . . أيتها المسلمة . . نحن مأمورون بمراقبة الله تعالى على كل حال ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ " [ رواه الترمذي وقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] .

إن الله يسمعك ويراك :
تأهب أيها العبد للقاء الله تعالى بمراقبته في كل شؤون حياتك ، واحذر من الرياء فهو نقيض المراقبة ، احذر الإنترنت والفضائيات والجوال في الخلوات فإنها بئس الجليس ، ما لم تتق الله في نفسك ، وتراقبه في تصرفك ، واقرأ إن شئت :
قوله تعالى : { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } [ يونس61 ] .
ويقول سبحانه وتعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } [ النساء108 ] .

ثمار المراقبة :
أيها المؤمن، إن عينَ اللهِ تلاحقُك أينما ذهبت، وفي أي مكان حللت، في ظلامِ الليل، وراء الجدران، وراء الحيطان، في الخلوات في الفلوات، ولو كنتَ في داخلِ صخورٍ صم، هل علمتَ ذلك واستشعرتَه ؟ فاتقيتَ اللهَ ظاهراً وباطنا ؟ فكانَ باطنُك خيرُ من ظاهرِك .

إذا ما خلوت الدهرَ يوما فلا تقل……خلوتُ ولكن قل علي رقيبُ
ولا تحسبنَ اللهَ يغفلُ ساعةً………..ولا أن ما تخفيه عنه يغيبُ

للمراقبة ثمار عظيمة منها :
1- أن المراقبة من أسباب دخول الجنة :
2- أن بها يكسب العبد رضا الله سبحانه وتعالى عنه :
3- أنها من أعظم البواعث على المسارعة إلى الطاعات :
4- أن بها يحصل العبد على معيّة الله وتأييده :
ه- أنها تعين على ترك المعاصي والمنكرات:
6- أنها من أفضل الطاعات وأغلاها :
7- أنها من خصال الإيمان وثمراته :
8- أن بها يسعد العبد وتصلح أحواله في الدارين.
اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة ، اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك ، اللهم مُنَّ علينا بمراقبتك في السر والعلانية ، يارب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

احترام الكبير . القيمة المفقودة 2024.

قيمة احترام الكبير من القيم الإسلامية العظيمة التي يتعبد المسلم بها إلىالله عز وجل، وهي ليست مجرد تقاليد صارمة، أو إجراءات حزم عسكري، بل سلوكيات راقيةنؤديها عن طيب خاطر، ورضاء نفس، والتماس أجر، وابتغاء ثواب،

آداب عامة بحق الكبير:
أن توقره وتحترمه وتجله وتضعه في مكانة كبيرة تليقبه.
أن تحرص على إكرامه.
أن تتجنب المزاح غير اللائق معه.
أن تتجنب كل السلوكيات التي تغضبه.
الكبير يستشفع بمقامه وبسنه.
استقبال الكبير:
أن تنهض من مكانك وتقوم لاستقباله عند قدومه.
أن تستقبله بالفرح والتهليل والترحاب.
أن تحرص على عدم الدخول قبله.
مجلس الكبير:
أن تجلسه في أفضل مكان.
أن تتجنب الجلوس في المكان المعد لتكرمته إلابإذنه.
أن تسلم على القوم عامة وتخصه بالتحية.
أن تتجنب الجلوس في مكان أعلى منه.
أن تتجنب الجلوس أثناء وقوفه إلا بموافقته.
أن تتجنب مد رجليك أمامه، وألا تضع رجلاً على رجلبحضرته.
أن تتجنب النوم أو الاضطجاع بحضرته إلابإذنه.
ألا تشير عنده بيدك، وألا تغمز بعينك فيحضرته.
أن تحرص على عدم الخروج من مجلسه إلا بإذنه.
ألا تفشي له سرًّا.
الكبير في مجلس العلم:
أن تحسن الاستماع، وأن تحرص على حضور الذهن والقلب أثناءالشرح، وأن تصغي له بكل جوارحك.
أن تقدِّم له التوقير والاحترام والإجلال.
ألا تبتدئ بالكلام عنده إلا بإذنه، وألا تكثر عليه فيالسؤال.
ألا تلحَّ عليه إذا كسل، وألا تراجعه إذا امتنع، وألا تأخذبثوبه إذا نهض.
أن تقبِّل يد العلماء الصالحين العاملينبعلمهم.
أن تدع رأيك لرأي معلمك؛ فإن خطأ المعلم أنفع من صوابالمتعلم.
أن تستأذن قبل الحديث، وألا تقاطع زميلك، وألا تحدث منبجوارك أثناء الشرح، وألا تسأل عما تعرف.
عدم إحداث شغب أو ضجيج في مجلسه، يقول الإمام الشافعي: "كنت أصفح الورقة بين يدي الإمام مالك صفحًا رفيقًا له؛ لئلا يسمع وقعها)، وقالالربيع تلميذ الشافعي: "واللّه ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر"، وكان هذااحترامًا وتوقيرًا وتبجيلاً للأستاذ المعلم.
مخاطبة الكبير أثناء الحديثوالحوار:
أن تخاطبه بلطف وأدب.
ألا تخاطبه باسمه المجرد، بل بلقب من ألقابه: (الأستاذالدكتور- المهندس- أستاذنا الفاضل- معلمنا الجليل- شيخنا المحترم- عمي العزيزحضرتك- فضيلتك…).
أن تخفض صوتك عند التحدث بحضرته.
ألا تضع يدك في جيبك أثناء التحدث معه.
أن تحرص على عدم مقاطعته أثناء كلامه، وألا تدر لهظهرك.
ألا تطلب منه بطريقة الأمر، بل تستأذن منه ما تريده بأسلوبمهذب.
الكبير في المواصلات:
أن تحرص على المسارعة بفتح باب السيارة له عند الركوب،وكذلك عند النزول: (دخل زيد بن ثابت على جنازة، فقربوا إليه دابة ليركبها، فجاء عبدالله بن عباس فأخذ بزمام الدابة، فقال زيد بن ثابت له: خل عن الدابة يا ابن عم رسولالله، فقال عبد الله بن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل مع العلماء، فقبل زيد يده، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل مع آل بيت نبينا- صلى الله عليه وسلم).
أن تجلسه في أفضل مكان.
أن تساعده في حمل أمتعته.
أن تقوم له وتجلسه.
الأكل مع الكبير:
أن تحرص على أن يبدأ الطعام أولاً.
أن تتجنب تناول الطعام مما يليه.
أن تقوم على خدمته.
أثناء المسير: حقوق الكبير فيالطريق:
أن تحرص على عدم المشي أمامه إلا أن تسترشد لهالطريق.
أن تساعده في حمل أمتعته.
أن تأخذ بيد الشيخ الكبير، وترشده عند عبورالطريق.
الكبير والزيارة:
حُسن تحري وقت الزيارة، وألا تتصل عليه في أوقات راحته إلالضرورة.
ألا تطيل عليه في الحديث.
أن تتجنب استخدام الهاتف في حضرته إلا بإذنه.
الكبير وشئون حياتك:
أن تعمل بتوجيهات الكبير في كل أمر إلا فيالمعصية.
أن تحرص على مشاورته في كل الأعمال والأمور.
أن تقبل نصيحته بنفس راضية من غير تضجر ولا تبرم ولاملل.
أثناء النوم والراحة:
أن تحافظ على الهدوء في أوقات راحته.
الكبير والسلبيات:
أن تتجنب لومه أو النظر إليه بغضب إذا عمل عملاً لايعجبك.
ألا تلحَّ عليه إذا كسل، وألا تراجعه إذاامتنع.
ألا تبحث عن أخطائه.
أن تقبل معذرته إن أخطأ أو زلَّ.
ألا تعرض عنه أو تظهر الملل من طول صحبته.
(الاحترام) قيمة رائعة تجعل للحياة روحًا وقيمةً ونظامًاراقيًا، وهذه القيمة كطبيعة كل القيم جب أن تكون ثابتةً ومستقرةً ودائمةً، ولاتتغير بتغير الزمن أو الظروف والأحوال، بل يجب أن يكون الالتزام بها سلوكًاطبيعيًّا، يحرص الجميع عليه برضاء نفس وطيب خاطر وبنية التعبد لله تعالى؛ فتكونالنتيجة رقي السلوك وعظم الأجر.

بارك الله فيكم…حفظكم المولى ورعاكم وكفاكم ووقاكم

اااامين يارب العالمين بارك الله فيك اختنا ام انس على مروركم العطر ووفقكم المولى لما فيه خير البلاد والعباد

شكرا لك صديقي عادل على هذه النصائح الطيبة

المملكة المفقودة 2024.

المملكة المفقودة

صلاح المجتمع يتوقف على صلاح الأسرة، وصلاح الأسرة يتوقف بدوره على صلاح المرأة وقيامها بدورها العظيم داخل البيت. كل مرة ترى فيها مدرسا فاسدا أو عاملا فاسدا أو ضابطا فاسدا أو طبيبا فاسدا أو قاضيا فاسدا أو وزيرا فاسدا، اعلم أن وراءه امرأة تخلت عن دورها في البيت فخرج على المجتمع هذا الفساد العريض الذي نشتكي منه جميعا. ربة البيت ليست امرأة عاطلة، ولكنها تقوم بوظيفة رفيعة الشأن عظيمة القدر لا يملك المجتمع – أي مجتمع – بديلا عنها لحفظ كيان الأسرة من الانهيار والتداعي. وإن قيام المرأة على وظيفتها النبيلة داخل الأسرة، لا يعطل نصف المجتمع كما يدعي الجهلة الأغبياء، وإنما يحمي المجتمع كله من التصدع.

منذ حوالي خمسين سنة أصدرت الأمريكية "بيتي فريدان" كتابها الشهير "الأنوثة الخفية" (أو لغز الأنوثة The Feminine Mystique ) ليكون بداية لثورة اجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية. وامتد هذا الأثر فيما بعد وبدرجات متفاوتة لسائر بلاد العالم. بعض المفكرين الغربيين وعلماء الاجتماع وصفوا ذلك الكتاب بأنه أهم كتاب صدر في القرن العشرين على الإطلاق (تقييم جريدة النيويورك تايمز على سبيل المثال). في ذلك الكتاب، شنت الكاتبة حملتها الصاخبة التي تدافع فيها عن حقوق المرأة وتطالب بمساواتها مع الرجل في فرص العمل وفي مستويات الأجور، ورأت أن اكتفاء المرأة برعايتها للأسرة لا يناسب ذكاءها ومواهبها وقدراتها، وأن أعمال البيت فيها قهر للمرأة وحبس لملكاتها وقدراتها.

وفي سياق حشد الحجج والبراهين على رؤيتها الجديدة وصفت فريدان النساء الأمريكيات في بداية الستينيات من القرن الماضي بأنهن (نساء يقضين اليوم ينقلن أطفالهن إلى المدرسة، ويمسحن ويلمعن البلاط، ويخبزن خبزهن، ويخطن ملابسهن وملابس أطفالهن، ويملأن ماكينة الغسيل وماكينة التجفيف بالملابس). وانتقدت فريدان (زيادة صفحات المكياج والزينة والتجميل في مجلات المرأة وكأن المرأة خلقت لتتجمل. وركزت إعلانات المكانس الكهربائية على صور نساء تجملن قبل أن يبدأن كنس البيت، وكأن هذا دليل على شرف المرأة). كما أطلقت فريدان صرخاتها المتكررة (مسح البلاط ووضع البطاطس في الفرن لا يحتاجان إلى ذكاء وجهد فكري، ولا يتحديان طاقة المرأة الكاملة. المرأة مخلوق بشري يجب أن يتحرر ليبدع، ولا إبداع قبل التحرر). والغريب أن فريدان لم تعارض عمل المرأة في البيت، كما لم تعارض إنجاب الأطفال وتربيتهم، لكنها قالت إن ذلك غير كاف ولم تتردد من السخرية من النساء اللاتي لهن أسر كبيرة، وقالت في كتابها (المرأة التي كانت تنجب طفلين، وأصبحت تنجب الآن أربعة أطفال، أو خمسة، أو ستة. كانت تريد وظيفة، وأصبحت وظيفتها الآن إدارة دار حضانة).

كان هذا الكتاب شرارة البدء في تغييرات جذرية في علاقة المرأة بالرجل، وفي علاقة المرأة بالزواج وتكوين الأسرة عموما. وفي الحقيقة فإن فريدان لم تدع أبدا إلى تفكك العائلة، لكنها كانت دائمة الشكوى من (روتينية الحياة العائلية عندما تكون كلها داخل البيت)، والغريب أنها راهنت على شيئين متناقضين تماما:

الأول: أن قضاء كل اليوم في البيت يقلل من قيمة المرأة.

الثاني: أن المرأة لن تستغني عن عائلتها إذا عملت خارج البيت.

ولقد أدت هذه الحركة الفكرية والتي تطورت إلى حراك اجتماعي واسع تمثل في المنظمة القومية Now (أي: حقوقنا الآن)، أدت إلى آثار كارثية على المجتمع الأمريكي وعلى كل مجتمع اتبع أثره. وقد انتبه كثير من المفكرين والإصلاحيين في الغرب إلى خطورة هذه الحركة النسائية على المجتمع، ووجد بعضهم أسبابا شخصية وراءها (بعضهم اتهم فريدان لأنها يهودية، بأنها لها أجندة خاصة بإثارة الاضطرابات الاجتماعية في العالم، وبعضهم اتهمها بأنها حسدت الجميلات اللواتي يجلسن في بيوتهن ويهتممن بزينتهن، لأنها لم تكن جميلة. حتى وكالة اسوشييتد برس، عندما نشرت خبر وفاتها، أشارت إلى "قامتها القصيرة، وأنفها الكبير، وعينيها الغائرتين". واتهمها آخرون بأنها دعت النساء لمنافسة الرجال لأنها كرهت الرجال منذ أن رفض صديقها في الجامعة أن يتزوجها بسبب قبحها).

وهذه الاتهامات لا تعنينا كثيرا، لأن هذه المرأة بنفسها تراجعت عن تلك الآراء وتحولت تقريبا إلى النقيض قبل وفاتها، لأنها رأت الآثار المدمرة على المجتمع الأمريكي لعزوف المرأة عن الزواج وكراهيتها لرعاية الأسرة، ثم للعداوة التي نشأت بينها وبين الرجل. وقد أصدرت بيتي فريدان عام 1997 كتابا تنقض فيه الأفكار التي خدعت بها الملايين من النساء قبل ذلك. أصدرت فريدان كتابا بعنوان: تجاوز مسألة الجنس (Beyond Gender). في هذا الكتاب اعترفت فريدان بالتناقض الذي أفرزته الحركة النسوية، واكتشفت أن حقوق النساء تم اكتسابها على حساب الرجل، فالرجال يفقدون فرص العمل والدخل لصالح النساء في كل المواقع الإدارية والتنفيذية. وحاولت أن تتبرأ من مسئوليتها، وقالت إنها كانت تهدف فقط لتوسيع الخيارات أمام النساء في حين كان للبعض من معاصريها من الناشطات في الحركة النسائية أجندة مختلفة، فبدلاً من أن تضع المرأة الأسرة والأطفال أولاً وضعت النساء أنفسهن أولاً. وبدلاً من أن يتم إصلاح الميزات ومقاومة المظالم قامت الحرب بين الجنسين والتي طغت فيها النساء وأسأن مثلما أسيء إليهن ابتداءً وكانت النتيجة تخلي الرجال عن مسئولياتهن، فعندما يعاني الرجل تعاني الأسرة أيضًا، وحين يتخلى الرجل (أو يُخلّى ويهمَّش) تعاني النساء معاناة جديدة مضافة.

ووصفت بيتي فريدان العلاقات الاجتماعية الجديدة التي أفرزتها الحركة النسوية بأنها كانت "سياسة الكراهية" التي تنامت واستعصت على السيطرة، وتساءلت ببراءة مفتعلة (يا ترى كيف تحولت النسوية إلى حركة إصلاحية مغايرة للمصلحة العامة وبذا انقسمت أمريكا إلى حلبة صراع بين قبائل بعد أن تفتت المجتمع وفقد بالنسوية خيطه الناظم بعد أن دمرت النسوية المجتمع والجماعة الوطنية.) والعجيب أن هذه المرأة امتلكت الجرأة لتقف على بقايا أطلال هذا المجتمع وتنادي بتحول نوعي في النموذج المعرفي Paradigm shift ليتم تجاوز الوعي بالنوع والهوية الجنسية إلى رؤية جديدة للتحرر تجمع الرجال والنساء معًا لتحقيق الصالح العام، هذا الصالح العام الذي اكتشفت فريدان أخيرا أنه لا يكون إلا في دعم الأسرة واسترداد المجتمع المتماسك المتراحم، هذه العودة التي تنظر لها بعض الناشطات في الحركة النسوية اللاتي يسرن بالدفع الذاتي ويرفضن المراجعة والتقويم باحتقار وازدراء واشمئزاز بالغ.

هذه التجربة الثرية، التي تكشف لرائدتها كيف هدمت القيم الاجتماعية الفطرية فوق رؤوس الجميع لم تتعلم منها نساء المسلمين والعرب، فقد انتقلت لبلادنا وثقافتنا عدوى الحركات النسائية في الغرب التي قامت عندهم لتطالب بمساواة المرأة بالرجل في سوق العمل وفرص التوظيف، وتتمرد على وجود المرأة في البيت. هذه الحركات البائسة أحدثت ثورة اجتماعية في الغرب وأحدثت انقلابا جذريا في الأسرة الغربية كانت نتائجه وخيمة عليهم، وبدأت الأصوات تعلو في العشرين سنة الأخيرة لتحذر من هذا الانفلات الاجتماعي، وتنادي بإيجاد البديل للتفكك الاجتماعي وعزوف الرجال والنساء عن الزواج وإنجاب الأولاد. وحتى رواد الحركات النسائية – كما رأينا – تراجعن عن آرائهن لما رأين من النتائج المفجعة لخروج المرأة من البيت، ولاحتقار وظيفة "ربة البيت" لعشرات السنين. وللأسف الشديد فإن نساء في بلادنا تلقفن دعوة الحركات النسائية الغربية تلقف الأعمى، ورددن أقوالهن كالببغاوات فأوقعن مجتمعاتنا الإسلامية والعربية في معارك وهمية مفتعلة بين الرجال والنساء.

انظر مثلا إلى فعاليات وأنشطة المجلس القومي للمرأة في مصر، وهو المجلس الذي يتمتع بصلاحيات مالية وسياسية واسعة. أنشطة وانجازات هذا المجلس لا تخرج عن دفع المرأة أكثر إلى خارج بيتها وأسرتها، والتلويح لها بفرص التدريب والعمل وورش التأهيل لخوض الانتخابات والمشاركة في المحافل الدولية، ولا تجد أثرا في أنشطة هذا المجلس ولا كلمة واحدة لتأهيل المرأة لرعاية أولادها وأسرتها. وكأن المرأة لا تحتاج تأهيلا لزواجها أو لتتعلم أصول التربية لأطفالها، أو لفنون رعاية بيتها، أو لتتطور معارفها وثقافتها وأصول دينها. هذه الجوانب لا يضيع فيها المجلس القومي للمرأة أوقاته الثمينة وجهوده الغالية.

المرأة إذا اضطرت للعمل، فلا خلاف في جواز خروجها ولكن بالضوابط الشرعية التي تحفظ لها كرامتها. أما أن تظن المرأة أن مجرد خروجها للعمل يحقق لها ذاتها وطموحها وشخصيتها .. إلى آخر مصطلحات هذه الاسطوانة المشروخة، فإن كل هذا يتحقق فعلا لا قولا، داخل مملكة المرأة في بيتها، حيث عزها وكرامتها وانجازاتها العظيمة لمجتمعها، والتي لا يمكن أن يقوم بدورها رجل ولا مربية ولا دار حضانة ولا شاشات التليفزيون. كم أشعر بالشفقة عندما أرى النساء يركضن في الصباح الباكر في الشوارع وخلف وسائل المواصلات المختلفة، وظاهر من أعمارهن أنهن تركن خلفهن بيوتا هي في أمس الحاجة لوجودهن ورعايتهن.

الأسرة تحتاج لزوجة وأم يخيم جهدها على أجنحة هذه المملكة المفقودة. إن أعظم استثمار لجهد المرأة أن تكون سندا لزوجها في ميادين الحياة، وأن تكون حاضنة لأولادها تدفع بهم أفرادا صالحين إلى المجتمع الكبير. هنيئا لكل امرأة موفقة لهذه الإنجازات الرفيعة، هنيئا لها في الدنيا لأنها سترى مردود ذلك وفاء من زوجها وأولادها وأحفادها، وهنيئا لها في الآخرة عندما تُسأل غدا أمام ربها لأنها راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها.

جنة دلمون المفقودة 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اقدم اليكم صور عن جنة دلمون المفقوده …

شباك التذاكر 13 دينار للكبار و5 دينار للصغار ..بحريني :yahoo:

اليكم الصوره

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

القعدة

مرحبا بيك ختي عربية

نورتي الموضوع

شكرا
مكانش وحدا كيفها في الجزائر
مرحبا بيك خويا بلال

الجزائر جميلة بطبيعتها

تحياتي