كيف تستطيع البعد عن المعاصي 2024.

كيف تستطيع البعد عن المعاصي بإذن الله

——————————————————————————–

1– الدعاء ..
وهو أعظم دواء , وأنفع علاج لكل بلاء .. يا أيها التائب .. يا أيتها التائبة يامن يريد ترك الذنوب ..ارفع يديك إلى الذي يسمع الدعاء ويكشف البلاء … لعل الله أن يرى صدقك ودموعك وتضرعك فيعينك ويمنحك القوة على ترك الذنوب قال تعالى ): وقال ربكم أدعوني استجب لكم )( وقال تعالى )( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) ..

2- المجاهدة …

لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة .. إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر ومصابرة , ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب وربنا تبارك وتعالى يقول( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .

3- معرفة عواقب المعصية ونتائجها …

إنك كلما تفكرت في النتائج المترتبة على الذنوب فإنك حينها تستطيع تركها .. فمن عواقب الذنوب ( الهم والغم والحزن والاكتئاب والضيق والوحشة بينك وبين الله وغيرها من عواقب الذنوب ..

4- البعد عن أسبابها ومقوياتها ….

فإن كل معصية لها سبب يدفع لها ويقويها , ويساهم في الاستمرار فيها , ومن أصول العلاج البعد عن كل سبب يقوي المرض .

5- الحذر من رفيق السوء …

فإن بعض الشباب يريد ترك المعصية ولكن صديقه يدفعه وفي الحديث الصحيح ( المرء على دين

خليله فلينظرأحدكم من يخالل ( .

6- تذكر فجأة الموت …

(كل نفس ذائقة الموت )

فهل تخيلت أن الموت قد يأتيك وأنت تنظر إلى القنوات ؟؟ لو جائك الموت وأنت نائم عن الصلاة ؟؟ حينها ماذا تتمنى ؟؟ ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون – لعلي أعمل صالحا فيما تركت ) ..

7- تذكر عندما توضع على مغسلة الأموات ..

عندما توضع على السرير لكي يغسلونك .. وأنت جثة هامدة .. لا تتحرك … وهم يحركونك..هناك لن تنفعك الذنوب ولا السيئات .

8- تذكر عندما تحمل على الأكتاف ..

سوف يحملونك وأنت جنازة … فيا سبحان الله أين قوتك ؟؟ أين شبابك ؟ أين كبريائك ؟ أين أصدقائك ؟؟ لن ينفعك هناك إلا عمل صالح قد فعلته .

9- تذكر عندما توضع في القبر ..

هناك يتركك الأهل والأصحاب ولكن أعمالك ستدخل معك في قبرك .. فيا ترى ما هي الأعمال التي ستكون معك في قبرك .. هل هي القنوات؟ والملهيات ؟ والصور والمجلات؟؟

10- تذكر العرض على الله ….

( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ). ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) ..

11- إذا أردت أن تترك المعصية فتذكر المرور على الصراط ..

ذلك الجسر الذي يوضع على متن جهنم .. ( أحد من السيف .. وأدق من الشعرة ) قال تعالى ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ) ..

12- تذكر الميزان الذي يوضع يوم القيامة …

وتوزن فيه الحسنات والسيئات … إنه ميزان دقيق .. ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )..

13- تذكر الحوض الذي يكون لنبينا صلى الله عليه وسلم …

طوله شهر وعرضه شهر, أحلى من العسل وأبيض من اللبن , وأطيب من المسك , من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا , إن ذنوبك قد تمنعك من الشرب من ذلك الحوض , فاترك الذنوب الآن .

14- معرفة حقارة الدنيا ….

( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) فكيف تؤثر الدنيا ******* على الآخرة الباقية , التي لانهاية لها , كيف تعمل معصية قد تحرمك من جنة عرضها السماوات والأرض ؟؟

15- تذكر اسم الرقيب ….

( وكان الله على كل شيء رقيبا ) فالله يراقبك .. ويعلم بحالك .. ويراقبك تحركاتك .. ونظراتك .. وسمعك .. وقلبك ( والله يعلم مافي قلوبكم ) فإذا دفعتك نفسك للذنوب فقل لنفسك ( إن الله يراني ).

16- تذكر شهادة الجوارح عليك ..

تذكر يا أخي قبل أن تفعل أي معصية أن الجوارح التي سوف تعمل المعصية بها أنها ستشهد عليك وستفضحك ليس هنا بل في أرض المحشر ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )

17- تذكر كتابة الملائكة لأعمالك …

فالملائكة تكتب أعمالك وأقوالك كما قال تعالى ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون )

ولا يخفى عليهم شيء , وتستمر الملائكة في كتابة أعمالك حتى تخرج روحك من الحياة ,

18- املأ فراغك ….

بأي شيئ نافع من أمور الدين أو الدنيا المباحه سواء ( لعب أو رياضة أو زيارة ونحو ذلك) واعلم إن الفراغ سبب في بداية الضياع والانحراف فلابد من الحرص على استغلال الوقت بما ينفع .

19- طلب العلم ….

لأن العلم ينير لك الطريق فتعرف به الخير من الشر .

20- التفكير في الفوائد المترتبة على ترك الذنوب ….

فمنها : انشراح الصدر وسلامة الروح وصفاء النفس ومحبة الله والفوز بالجنة وغير ذلك .

21- تذكر قصص الهالكين …..

نعم إذا حدثتك نفسك بالذنوب فتذكر أولئك الشباب الذين ماتوا على ذنوبهم فهذا مات وهو يعزف العود , وهذا مات وهو يستمع إلى شريط الغناء , وآخر مات وهو تارك للصلاة , فمن لهم الآن وهم في قبورهم ؟؟

22- تذكر لو كنت من أهل النار ….

اعاذنا الله منها يوم تقلب في النار , قال تعالى ( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا )

23- تذكر أن الجوارح من النعم ….

فهل تذكرت ذلك الذي فقد سمعه أو بصره أو يده أو قدمه ؟ إن هؤلاء يتمنون أن تعود لهم جوارحهم لكي يستمتعوا بها ولكي يستخدموها فيما يرضي الله تعالى , ولكنك أخي وأنت يا أختاه ممن يبارزون الله بارتكاب الآثام بهذه الجوارح , فأين شكر النعم ؟ .

24- تذكر أنت لماذا موجود ….

حينها تعرف الغاية من سبب وجودك إن الغاية من وجودك هي ( العبادة ) كما قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) فأنت لم تخلق لتلعب أو لتمرح أو.. بل لتعبد الله , فهل قمت بهذه الغاية ؟ أم أنك أضعت حياتك في اللهو واللعب ؟

25- الصدق مع الله …

واعلم بأن من صدق مع الله في ترك الذنوب فسوف يشرح الله صدره ويفتح له أبواب التوبة .

26- أن تعلم أن الشيطان يريد إضلالك ….

وسيفعل كل ما يستطيع لأجل أن يعيدك إلى تلك الذنوب فا ا ستعذ بالله منه ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ).

27- ترك الصغائر ….

لأن الذي يتساهل في ارتكاب الصغائر سيقع في الكبائر .

28- إلقاء جميع آثار الجاهلية ….

فلابد أن تزيل كل ما تبقى من آثار الجاهلية من الذنوب مثل ( الصور سواء صور المجلات أوصور النساء في الجوال وغيرها .

29- اعلم أن الهداية لا تأتيك …..

بل يلزمك أن تبحث عنها وتسعى لتحقيقها وتثبيتها في قلبك , وفي الحديث القدسي

( يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته )

وسائل تعينك على ترك المعاصي 2024.

القعدة

1- الدعاء:
وهو أعظم دواء، وأنفع علاج لكل بلاء.. يا أيها التائب! يا أيتها التائبة! يا من يريد ترك الذنوب! ارفع يديك إلى الذي يسمع الدعاء، ويكشف البلاء.. لعل الله أن يرى صدقك، ودموعك، وتضرعك؛ فيعينك ويمنحك القوة على ترك الذنوب. قال الله تعالى: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ".

2- المجاهدة:
لا تظن أن ترك المعصية يكون بين يوم وليلة.. إن ذلك يحتاج إلى مجاهدة وصبر، ومصابرة. ولكن اعلم أن المجاهدة دليل على صدقك في ترك الذنوب؛ وربنا تبارك وتعالى يقول: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ".

3- معرفة عواقب المعصية:
كلما تفكرت في النتائج المترتبة على الذنوب. فإنك حينها تستطيع تركها.. ومن عواقب الذنوب في الدنيا فقط: الهم، والغم، والحزن، والاكتئاب، ونقص البركة، وتكاثر المصائب، وعقوق الذرية إلخ…

4– البعد عن أسبابها:
فإن كل معصية لها سبب يدفع لها ويقويها، ويساهم في الاستمرار فيها، ومن أصول العلاج: البعد عن كل سبب يقوي المرض.

5– الحذر من رفيق السوء:
فإن بعض الشباب يريد ترك المعصية، ولكن صديقه يدفعه إليها. وفي الحديث الصحيح: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل".

6- تذكر فجأة الموت:
قال تعالى: "كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ" فهل تخيَّلت أن الموت قد يأتيك وأنت تنظر إلى القنوات!؟ أو لو جاءك الموت وأنت نائم عن الصلاة!؟ حينها، ماذا تتمتنى!؟؟.. "حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّيأَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ".

7- تذكر شهادة الجوارح عليك:
تذكر يا أخي، قبل أن تفعل أي معصية، أن الجوارح التي سوف تمارس بها المعصية ستشهد عليك، وستفضحك.. ليس هنا، بل في أرض المحشر: قال تعالى: "الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَاكَانُوا يَكْسِبُونَ".
اضيف: استغلال الوقت وخاصة الفراغ وملئه بما يرضي الله كالدكر او قراءة القران وحتى القيام بهواية.

تنوي المعصية..؟؟ تمهل.. وتأمل!

قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر:

– تفكَّرت في سبب دخول جهنم فإذا هو المعاصي. فنظرت في المعاصي فإذا هي حاصلة من طلب اللذات. فنظرت في اللذات فرأيتها خُدَعاً ليست بشيء، وفي ضمنها من الأكدار ما يصيِّرها نغصاً فتخرج عن كونها لذاتٍ.
فكيف يتبع العاقل نفسه ويرضى بجهنم لأجل هذه الأكدار!؟
– لو ميَّز العاقل بين قضاء وطره لحظةً وانقضاء باقي العمر بالحسرة على قضاء ذلك الوطر، لما قرب منه ولو أُعطيَ الدنيا. غير أن سكرة الهوى تحول بين الفكر وبين ذلك.
– ما من عبد أطلق نفسه في شيء ينافيه التقوى ـ وإن قلَّ ـ إلا وجد عقوبته عاجلة أو آجلة. ومن الاغترار أن تسيء فترى إحساناً فتظن أنك قد سومحت، وتنسى: "مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ".

جريدة الشروق

شكرا يا اخي بارك الله فيك و ادخلك فسيح جنانه

المعاصي سبب لتسلط الاعداء بقلم الشيخ رضا بوشامة 2024.

إنَّ أمة الإسلام في هذه الأوقات تمرُّ بأزمات وقلاقل كثيرة، اجتاحتهم فتن كثيفة، فاضطربت الأمور وانقلبت الموازين، فلا تكاد حربٌ تضع أوزارَها في صِقع من أصقاع المسلمين إلا واشتعلت في نواحي أخرى منه، فتن وحروب، وتدمير وتقتيل، مصائب متعددة ومحنٌ متنوعة في كثير ربوع دول الإسلام إلا ما رحم الله، تكالَبَ الأعداءُ على هذه الأمة وكادوا لها ولعقيدتها ودينها بكلِّ كيد، وما ذلك منهم إلا حسدا مِن عند أنفسهم، وإبعادا لأبناء هذه الأمَّة عن دينهم.
قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء﴾، وقال: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾.
فالكافر يَوَدُّ من المسلم أن يكفرَ كما كفر، وأن يتَّبع هُداه إلى سقر، فلا يَقِرُّ له قرار ولا يطمأنَّ له بال حتى ينسلخ المسلم من هُويَّته ودينه وأصالته.
فمِن أجل ذلك تكالبت كلُّ قوى الأعداء بشتى الوسائل والإمكانات لتضليل المسلمين عن دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم وقِيَمِهم، فغزوا بلدانهم بكل أنواع الغزو.
غزوٌ مسلَّح في مناطق معدودة من بلاد الإسلام، وإثارةٌ للفتن والقلاقل بين أبناء الدين الواحد، فتُثار النعرات، وتسال الدماء، ويُستعمل التفجير والتدمير والقتل والفتك بالأنفس والأعراض والأموال.
غزو فكريٌّ أشعله الكفَّار لزلزلة عقول المسلمين والعبث بأفكارهم، ولإزاحة الإيمان والعقيدة السليمة من قلوبهم، وإبعادهم عن يقينهم في الله وكتابه ورسوله ونقلة دينه من خير الصِّحاب وعلماءِ الدين من فقهاءَ ومحدِّثين، فانحرفَ كثيرٌ من مثقفيهم ـ زعموا ـ وشبابِهم بل وكبارهم نساء ورجالا عن جادة الحقِّ والصواب، ومالوا إلى عقائدَ دخيلة على هذا المجتمع، تنادي بالكفر بالله والتشكيك في كلام الله وكلام نبيِّه عليه الصلاة والسلام، فصار المسلمُ يَسمع كلمةَ الكفر تُقال وتُنشر عبر وسائل الإعلام على لسان من يتكلمون بلغتنا ويدينون وينتسبون إلى ديننا، لكنهم أشد على هذه الأمة من الكفار، وازداد هذا الأمرُ شدة باسم الحرية الدينية من خلال الوسائل السريعة في هذا الزمان الفظيع لنشر المعلومات وإيصال الأفكار بأقرب طريق وأيسره، مِن قنوات كافرة وفضائيات ملحدة ومواقع آثمة فتهدَّمت الأفكار وتاهت العقول واحتارت الألباب، فصار كثير من الناس بين زائغ عن الحقِّ وشاكٍّ في صدق أكرم الخلق.
وغزو أخلاقي في محاولات شنيعة من أعداء الدِّين لنسف ومحو الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية من قلوب الشباب والناشئة خاصَّة، بجعلهم مَرتَعًا للشهوات البهيمية يعيشون من أجل الشهوات المحرَّمة والفساد الأخلاقي بكلِّ أنواعه كالزِّنا واللواط وشرب الخمور والمخدرات؛ مِن غير مُراعة لدينٍ ولا قِيَمٍ ولا آدابٍ ومروءات؛ وقد مكر الكفَّار بالمسلمين في هذا المجال مكرًا شنيعاً من خلال ما يبثُّونه مِن أفلامٍ هابطة وصُورٍ ماجنة وأغانٍ خليعة آثمة تحرِّك في النفوس الشهوات والنزوات، فانعدمت الأخلاق في كثير من المجتمعات بين الرجال والنساء والشباب والشابات، فأصبحنا لا نفرِّق بين المسلم والفاجر، للتشابه في الظاهر والباطن.
غزوٌ عاطفي ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، أظهروا للمسلمين أنهم أهلُ حقٍّ وعدل وأخلاق وإنسانية وحبٍّ للخير وسِلم وسلام، وأنهم أرأفُ بمجتمعاتهم من وُلاة أمورهم، ما يريدون إلا ليرفعوا عنهم الظلم والطغيان، وينهضوا بتلك البلدان إلى مصافِّ التقدم والعمران، فخدعوا كثيرا من الشعوب بتلك العبارات النمَّاقة والشعارات البرَّاقة فاتخذوهم أولياء وفتحوا لهم قلوبهم، وظنُّوا أنهم المخرجُ مما هم فيه من البلاء والمصائب والمظالم، فكانت النتيجة أن استولوا على بلدانهم وأخذوا خيراتهم، والواقع خير شاهد، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون﴾.
فهذه حال المسلمين اليوم مع الكافرين، غزوٌ بكلِّ أنواعه وفي جميع مجالاته، بالعَداء والخداع، والمكر والإفساد، فنجحت مخططاتُهم أيَّما نجاح، حيث أصبحت أكثرُ بلاد المسلمين مَرتَعًا خَصْبًا لكلِّ كفر وفكر هدَّام، وخُلق ذميم شَنيع، فانتشر الجهل والشرك، والبدع والمعاصي وسوءُ الأخلاق والفعال، والموبقات والشقاق والخلافات، مع تحذير الله تعالى في كتابه مِن الكفار وكيدِهم، والمنافقين وشرورِهم، ورَسْم النبيِّ صلى الله عليه وسلم المنهجَ الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم ليسلمَ من الانجرار وراء تلك الدعوات الهدامات.
ففي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ»، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: اليَهُودَ، وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ».

وتشبيهُه صلى الله عليه وسلم اتباعَ المسلمين لسَنن وطرق الكافرين بسلوك جُحر الضَّب لشدَّة ضِيقه ونَتَن ريحه وخُبثه، وكذلك عقائدُ الأمم الفاسدة التي انتشرت بين المسلمين، وأخلاقُهم الذَّميمة وعاداتُهم الفاسدة تفوح منها رائحةُ النَّتَن وتمرِّغ أنوفَنا في مستنقَعات من الوحَل، حتى أصبحت الآثامُ والرذائلُ عاداتٍ وفضائل.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال: «يوشِكُ الأُممُ أن تَداعَى عليكم كما تَداعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها. فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغثاء السَّيلِ، ولَينْزِعَنَّ اللهُ مِن صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ اللهُ في قلوبِكم الوَهْنَ. فقال قائلٌ: يا رسُولَ الله، وما الوهْنُ؟ قال: حبُّ الدُنيا وكراهيةُ الموتِ». رواه أبو داود وأحمد وغيرهما.
وقد وقع ما ذكر في الحديث فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ وَظَهَرَ الضَّرَرُ، تداعت وتكالبت الأمم الكافرة على هذه الأمة، وما ذاك إلا لابتعادها عن دينها وعقيدتها، واستبدال ذلك بالمناهج الفاسدة في كلِّ أمورها، ورضاها بالدُّون والذلِّ، وكراهيتها للموت وحبِّها للدنيا وزخارفها.
فإن قال قائل: ما دُمنا على الحقِّ ودينِ الله الإسلام، فنحن أحسنُ حظًّا من الكافرين الذي كفروا بالله وعاندوا أمرَه وألحدوا في آياته، فلِم نصرَهم الله على المسلمين، والمسلمون أحسنُ منهم بتوحيدهم لله ولو كانوا عاصين.
فجواب هذا السؤال في كتاب الله وسيرةِ رسوله عليه الصلاة والسلام؛ إذ وقع مثلُه لمن كانوا خيرَ أمَّة أُخرجت للناس، فضرب الله بهم مثلاً لمن عصى أمرَه وترك طاعتَه.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: «وَهَذِهِ الْمُشْكِلَةُ اسْتَشْكَلَهَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَفْتَى اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِيهَا، وَبَيَّنَ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ بِفَتْوَى سَمَاوِيَّةٍ تُتْلَى فِي كِتَابِهِ جَلَّ وَعَلَا. وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ مَا وَقَعَ بِالْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ: فَقُتِلَ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنُ عَمَّتِهِ، وَمُثِّلَ بِهِمَا، وَقُتِلَ غَيْرُهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَقُتِلَ سَبْعُونَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَجُرِحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشُقَّتْ شَفَتُهُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ، وَشُجَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ … اسْتَشْكَلَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ، وَقَالُوا: كَيْفَ يَنَالًُ مِنَّا الْمُشْرِكُونَ وَنَحْنُ عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا؟ قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾، فِيهِ إِجْمَالٌ بَيَّنَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا – إِلَى قَوْلِهِ – لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾.
فَفِي هَذِهِ الْفَتْوَى السَّمَاوِيَّةِ بَيَانٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ سَبَبَ تَسْلِيطِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هُوَ فَشَلُ الْمُسْلِمِينَ، وَتَنَازُعُهُمْ فِي الْأَمْرِ، وَعِصْيَانُهُمْ أَمْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِرَادَةُ بَعْضِهِمُ الدُّنْيَا مُقَدِّمًا لَهَا عَلَى أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». أضواء البيان (540/3).
وما ذكره رحمه الله جاء بيانُه في سيرته عليه الصلاة والسلام، روى البخاري في صحيحه عن البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ ـ وَكَانُوا خَمْسِينَ رَجُلًا ـ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا، حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا القَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ»، فَهَزَمُوهُمْ، … ثم قال: فَقَالَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْرٍ: الغَنِيمَةَ أَيْ قَوْمِ … الغَنِيمَةَ، ظَهَرَ أَصْحَابُكُمْ، فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُمْ مَا قَالَ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّ النَّاسَ، فَلَنُصِيبَنَّ مِنَ الغَنِيمَةِ، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ، فَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا، فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ».
فهؤلاء هم خيرُ أمة أُخرجت للناس ابتلاهم الله تعالى بهزيمة قاسية يومَ أحُد وكان سببَ فشلهم تنازُعُهم وعِصيانُهم لأمر نبيِّهم عليه الصلاة والسلام، بل عاقَبهم بذلك لأمرٍ فعلوه قبل ذلك بعام في غزوة بدر، لما أسروا المشركين في هذه الغزوة العظيمة تشاوروا في قتلهم أو أخذ الفداء من أهالِيهم فاختاروا الفداءَ، فعاتبهم الله في ذلك وقال: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيم لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيم﴾.
روى أحمد في المسند عن عُمَر بن الخطاب قال: «غَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ وَإِذَا هُمَا يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبَكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنَ الْفِدَاءِ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ـ لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ ـ وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ﴾ مِنَ الْفِدَاءِ، ثُمَّ أُحِلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمُ.
قال عمر: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ، وَفَرَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ».
فهاتان مخالفتان إحداهما يوم بدر والأخرى يوم أُحُد مكَّنت المشركين من المسلمين فقتلوا مَن قتلوا منهم وهم خيرُ الناس وأفضلُهم عند الله، بل أدْمَوا رأسَ رسول الله وكسروا سنَّ خير خلق الله، فكيف الحالُ بأمَّة تَسبَح في بحر المخالفات والشركيات، والبدع والمنكرات، والآثام والمحرَّمات، ثم ترجو النصرَ من الله والتمكين في الأرض، وتستغرب كيدَ الأعداء وتسلُّطَ الكفار، واستيلاءَ المنافقين والفجَّار.
فمَن رام الفلاحَ والعِزَّةَ فليرجع إلى دين الله، وليُقلع عن المعاصي، وليعمل بالطاعة، فمَن لم ينتصر على نفسِه بإقام صلاة الفجر في وقتها، كيف يكون أهلاً لأن ينتصرَ على عدوِّه؟! ولا يتحقَّق ذلك إلا بالإيمان والإسلام الصادق.
وفي مسند أحمد وغيره عن فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ».
نسأل الله أن يردَّ المسلمين إلى دينهم ردًّا جميلا، وأن يخذل الكافرين والمشركين ويجعل ندبيرهم تدميرهم، والحمد لله رب العالمين.

بارك الله فيك

الي من اتعبته المعاصي 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين

أخواني وأخواتي

السلام عليكم ورحمة الله

إلى من أتعبته المعاصي ..!

أخي الكريم ،

أحيي فيك النفس التي تلوم صاحبها على المعصية ، فأنت صاحب قلب مؤمن أحرقته المعصية ، وناداه نداء الفطرة السليم أن يعود إلى ربه وخالقه وأن يعود إلى رشده وصلاحه .ومن الذي ماساء قط ؟
لولم يرد الله إجابة دعائك ،، لما ألهمك دعائك له ..
فما أفقرنا إلا ليغنينا ،، وما أماتنا إلا ليحيينا ..

قال ابن القيم رحمه الله :

إن في القلب شعث : لا يلمه إلا الإقبال على الله، وعليه وحشة: لا يزيلها إلا الأنس به في خلوته، وفيه حزن : لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق: لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار منه إليه، وفيه نيران حسرات : لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لقائه ، وفيه طلب شديد: لا يقف دون أن يكون هو وحده المطلوب ، وفيه فاقة: لا يسدها الا محبته ودوام ذكره والاخلاص له، ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا!!

أخي ! ألم يأتيك وقت شعرت فيه بالحزن دون سبب ، أو ألم دون مسبب ، وبالغربة وسط الاهل، وبالوحشة بين الأصحاب، وبالملل وسط أسباب النعيم.
كم نحن محتاجون لأن نكون قريبون من ربنا عز وجل !

هذه الحياة حياة قصيرة لياليها تمضي سريعا ولذاتها تنقضي ، فليس فيها لذة كاملة بل جميع اللذات فيها نكد ، ابتلانا اللي بها ليختبرنا أينا أحسن عملا ؟

وما مثل الحياة الدنيا إلا كما قال تعالى : (( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ))

مثل أهل الدنيا في غفلتهم كمثل قوم ركبوا سفينة فانتهوا إلى جزيرة معشبة فخرجوا لقضاء الحاجة فحذرهم الملاح من التأخر فيها وأمرهم أن يقيموا بقدر حاجتهم وحذرهم أن يقلع بالسفينة ويتركهم ، فبادر بعضهم فرجع سريعا فصادف أحسن الأمكنة وأوسعها فاستقر فيه ، وانقسم الباقون فرقا الأولى استغرقت في النظر إلى أزهارها المورقة وأنهارها المطردة وثمارها الطيبة وجواهرها ومعادنها ، ثم استيقظ فبادر إلى السفينة فلقي مكانا دون الأول فنجا في الجملة ، الثانية كالأولى لكنها أكبت على تلك الجواهر والثمار والأزهار ولم تسمح نفسه لتركها فحمل منها ما قدر عليه فتشاغل بجمعه وحمله فوصل إلى السفينة فوجد مكانا أضيق من الأول ولم تسمح نفسه برمي ما استصحبه فصار مثقلا به ، ثم لم يلبث أن ذبلت الأزهار ويبست الثمار وهاجت الرياح فلم يجد بدا من إلقاء ما استصحبه حتى نجا بحشاشة نفسه ، الثالثة تولجت في الغياض وغفلت عن وصية الملاح ثم سمعوا نداءه بالرحيل فمرت فوجدت السفينة سارت فبقيت بما استصحبت في البر حتى هلكت ، والرابعة اشتدت بها الغفلة عن سماع النداء وسارت السفينة فتقسموا فرقا منهم من افترسته السباع ومنهم من تاه على وجهه حتى هلك ومنهم من مات جوعا ومنهم من نهشته الحيات ، قال : فهذا مثل أهل الدنيا في اشتغالهم بحظوظهم العاجلة وغفلتهم عن عاقبة أمرهم . وما أقبح من يزعم أنه بصير عاقل أن يغتر بالأحجار من الذهب والفضة والهشيم من الأزهار والثمار وهو لا يصحبه شيء من ذلك بعد الموت

تُطل علينا الفتن صباح مساء تغرينا بمظهرها البراق وشكلها الجذاب ، فيدعونا الشيطان إلى السفور والعصيان والخروج عن أمر الله ورسوله ، باقتراف ما حرم الله بحجة البحث عن السعادة المنشودة ، فهل هذا هو طريق السعادة ؟

رأينا الكثير من الشخصيات التي أبهرنا مظهرها وكأنهم رمز للسعادة في هذه الحياة ، لكن عندما علمنا حقيقة ما يعيشون فيه من ضيق ونكد ، لم نستغرب ذلك لأنه جل وعلا كلامه الحق : (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ، ونحشره يوم القيامة أعمى ))

مغنية ألهت العالم بغنائها ثم تموت منتحرة ، وممثلة كان الجميع يعتبرونها رمزا للسعادة ألقت بنفسها من عمارة ، ورجل مشهور كان من أشهر من يلقي محاضرات عن السعادة مات منتحرا والقائمة تطول ! جميعهم فقد الإيمان في قلبه ..

ثم تمر السنون وتنقضي ولننظر إلى من مات قريبا ، ماذا بقي في سجل أعماله لايبقى إلا الأعمال الصالحة .!

جميع ملذات الدنيا وجميع المعاصي سجلها المَلَك عليه ثم سيحاسب بها يوم القيامة ولن تنفعه في قبره ، بل يتمنى حسنة واحدة .! ولن يستطيع أن يرجع إلى الدنيا لحظة واحدة !
فالفرصة أعطيت له وانتهت ..

كل منا يخطئ ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ))

فليس العيب في أن يذنب الإنسان لكن العيب في أن يصر على الذنب ويترك لنفسه العنان .
كم هو حريص ذلك الشيطان أن يغري ابن آدم ، ويلعب عليه بالحيل والخطوات الشيطانية فإذا ما بدأ الإنسان في إصلاح نفسه جاء الشيطان وقال له أن إنسان منافق ! تظهر يوما الإستقامة ويوما أنت بوجه آخر .

وكثيرا ما يحصل هذا الأمر للكثير منا – إذا مالحل ياشيطان ؟
يقول لك الحل هو أن تترك طريق الاستقامة ويصبح لك وجه واحد هو الوجه السيء !
شكرا لك ياشيطان على هذه النصيحة ..!
لمااذا لم يكن الحل المقترح هو الابتعاد عن المعاصي ؟ والانضمام إلى ركب الصالحين ؟ فلننتبه من لعب إبليس .

إن طريق الجنة محفوف بالمكاره لكن الله سبحانه تعهد لمن جاهد نفسه أن يعينه قال تعالى ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين))

والصبر له طعم وعاقبته حلوة المذاق ..ومن سلك الطريق سيصل إن شاء الله
ومن قال لك كن وسطا ، لا تكون ملتزم ، إن الوسط هو أن تعيش في ظل رحمة الرحمن حتى يصل الإنسان إلى جنة عرضها السماوات والأرض .. ففي يوم القيامة ((فريق في الجنة وفريق في السعير)) !! ليس هناك خيار آخر ! وعبر الأزمنة والعصور أهل الاستقامة هم أسعد الناس ظاهر وباطنا .
قال أحد السلف : والله لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف .

أخي الفاضل

سؤال يهمنا جميعا كيف نصبر على المعاصي في ظل هذه الشهوات ؟

أقول : هناك معسكران ..

معسكر حلاوة الإيمان والخوف من الله ….. ومعسكر الهوى والشيطان
فإذا أردنا نصر احدهما فإننا نقويه .

فمعسكر الشيطان نضعفه بأي طريقة ممكنة ومن ذلكـ :

(1) إغلاق جميع الأبواب التي قد تقويه فيبتعد الإنسان عن الأماكن والمواضع التي تزيد من الفتنة عليه وهو أعلم بحاله مثل القنوات أو بعض مواقع الانترنت أو غيرها من مصادر الشر كرفقاء ورفيقات السوء أو مجتمع السوء وأن يحاول أن يجاهد نفسه في ذلك .
يقول الإمام الشافعي رحمه الله :
إذا لم أجد خلا تقيًا فوحدتي *** ألذُّ وأشهى من غوي أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمناً *** أقر لعيني من جليس أحاذره
(2) أن يفكر الإنسان في المفاسد التي تحصل من جراء ما يفعله سواءً عاجلا أو آجلا .

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها … من الحرام، ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتها، … لا خير في لذة من بعدها النار

ثم يبقى معسكر الدين وتقويته ومن أمثلة ذلك :

(1) أن يعظم الإنسان مهابة الله في قلبه فلا يجعل الله عزوجل أهون الناظرين إليه !
(2) أن يتذكر المرء أنه محب لله عزوجل ومن يحب ربه لا يفعل ما يغضبه !
(3) أن يتذكر الإنسان إحسان الله عليه فسبحانه أعطى الإنسان الصحة والعافية والمنظر الجميل والمال والثياب ثم يعصيه الإنسان بها ؟!
(4) أن يحذر الإنسان ويتقي مواضع السخط للرب عزوجل فيخاف من غضبه وانتقامه .
(5) أن يتذكر الإنسان أن ما سيفعله من المصيبة ستضعف وتنقص إيمانه
(6) أن يتذكر الإنسان لذة الانتصار على النفس والهوى والشيطان .
(7) أن يتذكر الإنسان ما سيعوضه الله من اللذة في قلبه قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا )
(8) أن يتذكر الإنسان معية الله عزوجل فهو يراقبك في كل لحظة .
(9) الإنسان قد يأتيه الأجل في أي لحظة ، فهل سيرضى أن يأتيه ملك الموت وهو على هذه الحالة من المعصية ؟ وكم أخذ الموت من أحياء في ريعان شبابهم .!
(10) أن يدافع الإنسان الخواطر السيئة من فتح للقنوات أو بعض مواقع الانترنت أو الذهاب مع رفقة السوء ممن يساعدون على المعصية .
(11) أن يوجه الإنسان طاقته إلى ما ينفع من الأعمال الصالحة وفي كل مجال الكثير من البرامج التي قد يستفيد منها الإنسان أو يطور الإنسان نفسه في أي مجال .
(12) أن يتذكر الإنسان أن الدنيا زااائلة . فينبغي للإنسان أن يتزود من الطاعة لأن الآخرة دار لا تصلح للمفاليس .

ثم اعلم أن طريق الاستقامة هو طريق السعادة في الدارين ، ومن جربه يدعوا ربه دوما أن يثبته لأنه عرف معنى الصفاء ، ومعنى القرب من الله عزوجل ، وأن يعيش حياة إيمانية يصبح ويمسي ولسانه يلهج بذكر الله ، والقلوب كلها تدعو له ، ويكتب الله محبته في قلوب الخلق ، ويبارك له في أمور حياته كلها في دراسته وزواجه ووظيفته وكل شؤونه .

لأنه :
من وجد الله فماذا فقد ؟ ومن فقد الله فماذا وجد ؟

ابدأ حياتك بذكر الله عزوجل وبدعائه ، واجعل لك ورد يومي من القرآن ففيه النور والهدى واحرص على تدبره، ولو شيئا بسيطا تطرد به الشيطان ، وتبارك به يومك ، وحافظ على الصلاة على وقتها بخشوع ، ثم اجعل بينك وبين أي طريق يوصلك للمعصية حواجز حتى لا تصل إليها ، وأنت أيتها المرأة حافظي على حجابك كما كنت فهو يعني الكثير ، لا تنظر إلى المتساقطين حولك ، كن أنت القدوة ، واحرص أن تبتعد قدر المستطاع عن أي مجتمع يضرك أكثر مما ينفعك ، فإن لم يكن إلا مجتمع السوء فكن أنت القدوة ولك أجر كل من رآك ، ولا عليك بكلامهم فأنت تريد إرضاء ربك وجنة عرضها السماوات والأرض ، ثم إذا دعاك الشيطان أو رفيق السوء إلى أي معصية قل بصوت عال :

لا وألف لا

هناك بعض المخيمات الصيفية والربيعية فيها بعض الدعاة استفد منها ، وإن زلت بك القدم يوما ، فلا تيأس عد إلى الطريق ، ولو تكرر ذلك كثيرا ، فارجع إلى الطريق فبالمجاهدة سيهديك ربنا للطريق ( والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا ) .

وأبشر بسعادة دائمة ، وتوفيق من الله عزوجل

وفقك الله في الدارين ورزقنا وإياك حلاوة الإيمان ، وهدانا جميعا إلى صراطه المستقيم وثبتنا حتى نلقاه ..

أخوكم متير
منقوووول

لا يوجد احد اتعبته المعاصي ..الحمد لله

انتظر مروركم لكم سلام

شكرا .اخي منير على الموضوع
العفو اخت حورية البحر

مشكورة علي مرورك

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
ومن منا لم تتعبه المعاصي؟
فالمعاصي تتعب لما تتبعها….اللهم ابعد عنا المعاصي
بارك الله فيك اخي على الموضوع
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة dirsir القعدة
القعدة
القعدة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
ومن منا لم تتعبه المعاصي؟
القعدة القعدة

شاكر مرورك dirsir
بارك الله فيك

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عاشقة الجهاد القعدة
القعدة
القعدة
فالمعاصي تتعب لما تتبعها….اللهم ابعد عنا المعاصي
بارك الله فيك اخي على الموضوع
القعدة القعدة

طبعا المعاصي تتعب حين نتعبها
ولكن نبقي حارصين علي ان لا نتركها تستريح لكي لا تهاجم
بارك الله فيك عاشقة الجهاد

أثار الدنوب والمعاصي 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا فصل مختصر من كتاب (الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي) للإمام ابن القيم الجوزية "رحمه الله" والكتاب غني عن التعريف.
واختصرت ما يتطرق للمعاصي وأضرارها، وأوردتها في أرقام متسلسلة كما سيقت؛ لترتيب النقاط ولتيسير القراءة والاطلاع.

يقول الإمام رحمه الله:

وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة، ما لا يعلمه إلا الله.

1. حرمان العلم. فإن العلم نور يقذفه الله في القلب، والمعصية تطفئ ذلك النور.

2. حرمان الرزق. وفي المسند (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

3. وحشة يجدها العاصي في قلبه لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلا، لو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تفِ بتلك الوحشة.
وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة، وما لجرُحٍ بميتٍ إيلامُ.

4. الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس لا سيما أهل الخير منهم.
فتقع بينه وبين امرأته وولده وأقاربه، وبينه وبين نفسه، فتراه مستوحشا من نفسه.
وقال بعض السلف: إني لأعصي الله فأرى ذلك في خلق دابتي وامرأتي.

5. تعسير أموره.

6. ظلمة يجدها في قلبه، حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم.

7. أن المعاصي توهن القلب والبدن.

8. حرمان الطاعة.

9. أن المعاصي تقصّر العمر وتمحق بركته.

10. أن المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضا،
حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها،
كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها،
وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها.

11. أنها تضعف القلب عن إرادته،-وهو من أخوفها على العبد-
فتقوى إرادة المعصية وتضعُف إرادة التوبة شيئا فشيئا،
إلى أن ينسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية.

12. أنه ينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة.
فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له ولا كلامه فيه.

13. أن كل معصية من المعاصي، فهي ميراث عن أمة من الأمم التي أهلكها الله عز وجل.
فالعلو في الأرض والإفساد ميراث فرعون وقومه. واللوطية ميراث قوم لوط. وهكذا

14. أن المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه.
قال الحسن البصري: هانوا عليه فعصوه، ولو عزوا عليه لعصمهم.
وإذا هان العبد على الله لم يكرمه أحد،
قال الله تعالى في سورة الحج: (ومن يهن الله فماله من مكرم).

15. أن العبد لا يزال يرتكب الذنوب حتى تهون عليه وتصغر في قلبه،
وذلك علامة الهلاك.

16. أن غيره من الناس والدواب يعود عليه شؤم ذنبه،
فيحترق هو وغيره بشؤم الذنوب والظلم.

17. أن المعصية تورث الذل فإن العزّ كل العزّ في طاعة الله تعالى،
قال تعالى في سورة فاطر: (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا).
أي فليطلبها بطاعة الله فإنه لا يجدها إلا في طاعته.
قال الحسن البصري: … فإن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم
أبى الله إلا أن يذل من عصاه.

18. أن المعاصي تفسد العقل فإن للعقل نورا والمعصية تطفئ نور العقل.

19. أن الذنوب إذا تكاثرت طبع على قلب صاحبها فكان من المغفلين،
كما قال تعالى في سورة المطففين: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)

20. حرمان دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ودعوة الملائكة فإن الله سبحانه أمر نبيه أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات.

21. ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياة للقلب، وهو أصل كل خير،
وذهابه ذهاب كل خير بأجمعه.
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحياء خير كله"
وقال: "ومما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحِ فصنع ما شئت".

22. أنها تستدعي نيسان الله لعبده وتركه وتخليته بينه وبين نفسه وشيطانه، وهنالك الهلاك الذي لا يرجى معه نجاة.
قال تعالى: (يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعلمون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون)

23. أنها تزيل النعم وتحل النقم،
فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبب ذنب، ولا حلت به نقمه إلا بذنب،
كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع بلاء إلا بتوبة.
وقد قال تعالى: (وما أصبكم من مصيبة فما كسبت أيدكم ويعفوا عن كثير).

24. أنها تصرف القلب عن صحته واستقامته إلى مرضه وانحرافه،

فلا يزال مريضا معلولا لا ينتفع بالأغذية التي بها حياته وصلاحه،
فإن تأثير الذنوب في القلوب كتأثير الأمراض في الأبدان.

فأين هذا من نعيم من يرقص قلبه طربا وفرحا وأنسا بربه واشتيقا إليه وارتياحا بحبه وطمأنينة بذكره؟
حتى يقول بعضهم: مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا لذيذ العيش فيها، وما ذا قوا أطيب ما فيها.
ويقول الآخر: لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيف. ويقول الآخر: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة.
فيا من باع حظه الغالي بأبخس الثمن، وغبن كل الغبن في هذا العقد وهو يرى أنه غبن، إذا لم تكن لك خبرة بقيمة السلعة فاسأل المقومين،
فيا عجبا من بضاعة معك، الله مشتريها، وثمنها الجنة، والسفير الذي جرى على يده عقد التبايع وضمن الثمن عن المشتري؛ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بعتها بغاية الهوان.
منقول للافادة
اللهم جنبنا المعاصي
اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك

الهم أهدينا الى طرقك المستقيم

ولا تجعلنا من القوم الظالمين

كرهتك أيَّتها المعاصي!! 2024.

كرهتك أيَّتها المعاصي!!

كرهتك أيَّتها المعاصي!!

هذه كلمات انبعثت من قلب تائب، كان أسيراً للمعاصي يوماً ما، لكنه نجح في الهروب من أسرها، فأرسل إليها هذه الكلمات قائلاً :

كرهتك أيتها المعاصي . .

لأنك خدعتني بلذّة متعتك العاجلة التي توهمت في تجرعها أملاً بالحصول على السعادة، غير أنها أورثتني الشقاء، بعدما اكتشفت أنني ما تجرعت سوى غصَّة شوكٍ قد نشبت في صدري؛ فضيقت منافذه، وجعلت الكآبة هي كل ما يسيطر على حياتي ووجداني!!

كرهتك . . لأنك قوَّيت عجزي، وأوهنت عزيمة الخير في قلبي، فجعلتيني ذليلاً، استشعر ذلي وهواني في قرارة نفسي!!

كرهتك . . لأنك أظلمت قلبي، حينما أطفأت نور الإيمان في جنباته، وأشعلتي جمر وساوس الشيطان في صدري!!

كرهتك . . لأنك حرمتيني رزق ربي، فضاقت علي الدنيا بما رحبت، وهانت في أعين الناس مكانتي ومنزلتي!!

كرهتك . . لأنك نذير الشؤم إلى نفسي، والسبب في كل نازلةٍ تقع عليًّ في دربي!!

كرهتك . . لأنك أذهبت بغفلتك نور بصري وعقلي، فضللت الطريق المؤدية إلى رضوان ربي!!

كرهتك . . لأنك ضيعت أيام عمري، وقد كان بإمكاني استثمارها في مرضاة ربي!!

كرهتك . . لأنك مكَّنت عدو الله من نفسي!! فأطعته وقد حذرني منه ربي!!

كرهتك ولن أرجع إليك ما حييت . . فلقد فتح لي ربي أبواب رحمته، فما كان من سوء أفعالك . . قد محوته بإذن الله بصدق توبتي، واغتنامي لرحمات ربي!!

وها أنا الآن أنعم بين إخواني بطاعة الله!!

فمرحباً بك نسمات الطاعة الجميلة!!

فأنت أنسي . . ودليلي إلى رحمات ربي!!

واشهدي أيام حياتي . . بل ودوِّني شهادتك عند دخولي قبري!!

أنني قد كرهتك أيَّتها المعاصي . . وجعلت عداوتك نصب عيناي ما حييت!!

بل . . وحتى ألقى ربي!!

آثار الذنوب والمعاصي: 2024.

آثار الذنوب والمعاصي:

بسم الله الرحمن الرحيم

آثار الذنوب والمعاصي:

فقد قال الله تعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ) (سورة آل عمران:132) ونهانا عن معصيته وحذرنا من ذلك؛ فالمعصية تحرم الرزق، وتمنع التوفيق، وتذهب بالنعمة، وتخرب الديار العامرة، فكم أحلَّت من محنة ونقمة، فلها سواد في الوجه، وظلمة في القبر، ولها وهن في البدن، وبغضة في قلوب الخلق، قال الفضيل – رحمه الله -: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي، وخادمي، وامرأتي، وفأر بيتي!

صاحب المعصية بعيد عن الله، ومن كان بعيداً عن ربه كان بعيداً عن قلوب الخلق.

كان حبيب العجمي – رحمه الله – تاجراً فمر بصبيان فقال بعضهم: قد جاء آكل الربا، فنكس رأسه، وقال: يا ربِّ أفشيت سري إلى الصبيان؟ فرجع فجمع ماله كله، وقال: يا ربِّ، إني قد اشتريت نفسي منك بهذا المال فأعتقني، فلما أصبح تصدق بالمال كله وأخذ في العبادة، ثم مرَّ ذات يوم بأولئك الصبيان، فقال بعضهم: اسكتوا قد جاء حبيب العابد، فبكى.

كما أن المعاصي تُذل صاحبها للناس وكذلك تذله يوم القيامة – وهو الذُل الأعظم – فقد أبى الله إلا أن يذل من عصاه، لذلك كانوا يدعون الله أن ينقلهم من ذُل المعصية إلى عزّ الطاعة.

ولما كثرت المعاصي في الأرض اليوم ظهرت الأمراض الغريبة، وتفشت بين الناس، وعمَّ الفساد البرَّ والبحرَ بما كسبت أيديهم، ومُحقت البركات، وكثرت الزلازل.

والمعاصي سبب للهزيمة والتسليط، فهل أُغرق قوم نوح وفرعون، وعذبت عاد بالريح، العقيم، وثمود بالصيحة، وهل جُعل عالي بلدة قوم لوط سافلها إلا بالذنوب والمعاصي ومخالفة الأنبياء؟ قال الله: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (سورة العنكبوت:40).

ليس بين الله وبين خلقه قرابة، ولكنه تعالى حليم وكان ذُله لأهل الكفر آتياً، قال جبير: لما فتحت قبرص رأيت أبا الدرداء جالساً وحده يبكي فقلت يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله؟ قال: "ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله، إذا هم تركوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى".

المعاصي تضعف الدين، وتجر للفتنة، وتوجب غضب الرب، وتغمس صاحبها في النار، وإنها تقلب الموازين وتنكس الفطر، وتسود القلب، وتطفئ نور الوجه، فيرى صاحب المعصية القبيح حسناً والحسن قبيحاً، والمعروف منكراً، والمنكر معروفا، والمعاصي بريد الكفر كما أن الحمى بريد الموت، فهذا يؤدي إلى هذا.

والمعاصي لها كآبة كما قال الحسن: "إن العبد ليعمل الذنب فما يزال به كئيباً" كما يسلب صاحب المعصية الهدى والعلم كما قال الله: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ (سورة الصف:5) ثم الخطر كل الخطر في سوء الخاتمة.

ومن تدبر أحوال العالم وجد أن كل صلاح في الأرض سببه توحيد الله وعبادته، وكل شرٍّ في العالم وفتنة وبلاء وقحط فسببه المعصية.

إن العاصي إذا أراد الخروج من الدنيا أنَّى يوفق لحسن خاتمة؟ لذلك لا بد من ترك الذنوب، والتوبة إلى علام الغيوب، والله خلق النفس البشرية وهو يعلم أنها تعصي، كل ابن آدم خطّاء، لكن هل هو سريع الأوبة؟ كثير التوبة؟ لا يصر؟ هل هو يعمل الحسنات بعد السيئات حتى يكفرها كما قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) (سورة هود:114)؟ هل هو صادق في توبته فيندم ويقلع ويعزم؟

قال الفضيل – رحمه الله -: إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي، وخادمي، وامرأتي، وفأر بيتي!

سبحان الله ….. ما كان ايمانهم و صدقهم ؟؟

اسمح لي اخي ابو خالد

جمع والله طيب يرق به القلب

جزيت عنا خيرا و الله

وقد يعاقب الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها أو لفعله المعاصي التي نهاه الله عنها 2024.

السؤال :
قال الله تعالى : (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)

وهذا يعني أنه سبحانه ألزم نفسه بنفسه إطعام كل ما يدب على هذه الأرض من إنسان أو حيوان أو حشرات إلخ ، فبماذا نفسر المجاعة التي تجتاح بعض بلدان قارة أفريقيا وغيرها؟

الجواب:

"الآية على ظاهرها ، وما يُقَدِّر الله سبحانه من الكوارث والمجاعات لا تضر إلا من تم أجله ، وانقطع رزقه ، أما من كان قد بقي له حياة أو رزق فإن الله يسوق له رزقه من طرق كثيرة ، قد يعلمها وقد لا يعلمها ، لقوله سبحانه : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وقوله :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ) ،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) .

وقد يعاقب الإنسان بالفقر وحرمان الرزق لأسباب فعلها من كسل وتعطيل للأسباب التي يقدر عليها ، أو لفعله المعاصي التي نهاه الله عنها ، كما قال الله سبحانه :
(مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ).
وقال عز وجل : (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) ،
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)
رواه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة بإسناد جيد .

وقد يبتلى العبد بالفقر والمرض وغيرهما من المصائب لاختبار شكره وصبره لقول الله سبحانه : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)

وقوله عز وجل :
(وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
والمراد بالحسنات في هذه الآية : النعم ، وبالسيئات : المصائب . وقول النبي صلى الله عليه وسلم :
(عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن)
أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة . وبالله التوفيق"

مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز
رحمه الله

منقول

هل يجوز أن تصرف الزكاة إلى ذوي المعاصي من المسلمين؟ 2024.

بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال
هل يجوز أن تصرف الزكاة إلى ذوي المعاصي من المسلمين؟

الجواب
نعم، يجوز صرفها في أهل المعاصي من المسلمين، لكن لا تصرف للكفرة غير المؤلفة، أما المؤلفة قلوبهم من الكفرة، فيعطون أيضاً من الزكاة، كما قال الله -جل وعلا-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ) (60) سورة التوبة. الآية، أما العاصي، فهو خيرٌ من الكافر، فإن أعطاه لعل الله يهديه بسبب العطية الصدقة، لعل الله يهديه، ويرده إلى الصواب بسبب إحسان قريبه إليه بالزكاة إذا كان فقيراً، ولكن كونه يعتني بالطيبين، والمعروفين بالخير من الفقراء أولى من العصاة، هم أحق بالزكاة من العصاة، وإن صرفها لهم للعصاة يرجو بذلك أن يهديهم الله، ويؤلفهم بهذا على الخير، فهو مشكور مأجور، ولكن مهما كانت الحال، فإنه يلتمس الأفضل، فالأفضل من الفقراء من أقاربه حتى يعطيهم الزكاة؛ ليعينهم على طاعة الله، ويسد حاجتهم عن الحاجة إلى الناس، وإذا صرفها للفقير من العصاة بقصدٍ صالح؛ لعل الله يهديه؛ لعل الله أن يمن عليه بالرجوع إلى الحق هذا أمرٌ حسن. جزاكم الله خيراً، إذا كانوا من القبوريين، أو كانوا من تاركي الصلاة؟ لا يعطون من الزكاة إلا إذا كان من السادة الرؤساء الذين إذا أعطوا يرجى إسلامهم، أو يرجى إسلام نظرائهم معهم، أو يرجى قوة إيمانهم إذا كانوا مسلمين، فهم من المؤلفة، إذا كان يرجى في عطيته دخوله في الإسلام إن كان كافراً، أو قوة إيمانه إذا كان ضعيف الإيمان، أو إسلام نظرائه إذا أعطي قال نظرائه سوف يعطونا إذا أسلمنا، فيسلمون. جزاكم الله خيراً

الشيخ ابن باز رحمه الله

بارك الله فيك
بارك الله فيك

آثار ترك المعاصي 2024.


سبحان الله رب العالمين ‏.‏ لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلا إقامة المروءة وصون العرض وحفظ الجاه وصيانة المال الذي جعله الله قواما لمصالح الدنيا والآخرة، ومحبة الخلق وجواز القول بينهم وصلاح المعاش وراحة البدن وقوة القلب وطيب النفس ونعيم القلب وانشراح الصدر ، والأمن من مخاوف الفساق والفجار ، وقلة الهم والغم والحزن ، وعز النفس عن احتمال الذل، وصون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية ، وحصول المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار ، وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب ، وتيسير ما عسر على أرباب الفسوق والمعاصي ، وتسهيل الطاعات عليه، وتيسير العلم والثناء الحسن في الناس ، وكثرة الدعاء له، والحلاوة التي يكتسبها وجهه، والمهابة التي تلقى له في قلوب الناس ، وانتصارهم وحميتهم له إذا أوذي وظلم، وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب ، وسرعة إجابة دعائه ، وزوال الوحشة التي بينه وبين الله ، وقرب الملائكة منه، وبعد شياطين الإنس والجن منه ، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه، وخطبتهم لمودته وصحبته، وعدم خوفه من الموت ، بل يفرح به لقدومه على ربه ولقائه له ومصيره إليه، وصغر الدنيا في قلبه، وكبر الآخرة عنده، وحرصه على الملك الكبير ، والفوز العظيم فيها، وذوق حلاوة الطاعة ووجد حلاوة الإيمان ، ودعاء حملة العرش ومن حوله من الملائكة له، وفرح الكاتبين به ودعاؤهم له كل وقت ، والزيادة في عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته، وحصول محبة الله له وإقباله عليه وفرحه بتوبته، وهكذا يجازيه بفرح وسرور لا نسبة له إلى فرحه وسروره بالمعصية بوجه من الوجوه‏.‏

فهذه بعض آثار ترك المعاصي في الدنيا فإذا مات تلقته الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة ، وبأنه لا خوف عليه ولا حزن، وينتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة كان الناس في الحر والعرق، وهو في ظل العرش ، فإذا انصرفوا من بين يدي الله أخذ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين وحزبه المفلحين و‏ «‏ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم‏» ‏‏.

الفوائد_الإمام شمس الدين أبي عبد الله بن قيم الجوزية