الصلاة على النبى من العبادات المفروضة 2024.

يقول الله تعالى
(ان الله وملائكته يصلون على النبي يايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) صدق الله العظيم
الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .واجبة فى كل حين وجوب. بعد الصلاة و عند سماع ذكر اسمه
عليه السلام
من فضائل الصلاةعلى النبى صلى الله عليه وسلم
انها سبب الشفاعة
تمحوا السيئات وتكتب لك حسنات
سبب لقضاء الحوائج
انها سبب لتبشير العبد بالجنة
وهي سبب النجاة من اهوال يوم القيامة
وهى سبب لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم
فصلوا عليه وسلموا تسليما

اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وبارك على سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه واولاده وازواجه وذريته واهل بيته واصهاره وانصاره ومحبيه

وامته وعلينا معهم اجمعين يارحم الراحمين

اللهم صل على سيدنا محمد عدد من صلى عليه وصل على سيدنا محمد كما امرتنا بالصلاة عليه وصل عليه كما يحب ان يصلى عليه وصل على سيدنا محمد كما تحب وترضاه له
اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وبارك على سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه واولاده وازواجه وذريته واهل بيته واصهاره وانصاره ومحبيه
وامته وعلينا معهم اجمعين يارحم الراحمين

اللهم صل على سيدنا محمد فى الاولين وصل على سيدنا محمد فى الاخرين وصل على سيدنا محمد فى النبيين وصل عل سيدنا مخمد فى المرسلين وصل على سيدنا محمد فى الملا الاعلى الى يوم الدين
اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وبارك على سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه واولاده وازواجه وذريته واهل بيته واصهاره وانصاره ومحبيه
وامته وعلينا معهم اجمعين يارحم الراحمين

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى ال سيدنا محمدوعلى اهل بيته الابرار اجمعين اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله بحر انوارك ومعدن اسرارك ولسان حجتك وعروس مملكتك وخاتم انبيائك صلاة تدوم بدوامك وتبقى ببقائك صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يارب العالمين
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة دائمة مستمرة الدوام وعلى مر الليالى والايام متصلة الدوام لا انقضاء لها ولا انصرام وعلى مر الليالى والايام
اللهم صل على سيدنا محمد عدد مااحاط به علمك واحصاه كتابك وشهدت به ملائكتك وارض عن اصحابه وارحم امته انك حميد مجيد
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى ال سيدنا محمد عدد صفوف الملائكة وتسبيحهم وتقديسهم وتحمديهم وتمجديهم وتكبيرهم وتهليلهم من يوم خلقت الدنيا الى يوم القيامة
اللهم صل على سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وبارك على سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم انك حميد مجيد
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه واولاده وازواجه وذريته واهل بيته واصهاره وانصاره ومحبيه
وامته وعلينا معهم اجمعين يارحم الراحمين

العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع 2024.

السلام عليكم ورحمة الله

العبادات مبناها على الشرع والاتباع

ص -80- فصل:
العبادات مبناها على الشرع والاتباع، لا على الهوى والابتداع

فإن الإسلام مبنى على أصلين‏:‏
أحدهما‏:
‏ أن نعبد الله وحده لا شريك له‏.‏
والثانى‏:‏
أن نعبده بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، لا نعبده بالأهواء والبدع.
قال الله تعالى‏:‏ ‏{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئًا وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}‏ الآية ‏[‏الجاثية‏:‏18، 19‏]‏،وقال تعالى‏:‏‏{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}‏ ‏[‏الشورى‏:‏21‏]‏‏.‏
فليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم، من واجب ومستحب، لا نعبده بالأمور المبتدعة، كما ثبت فى السنن من حديث الْعِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ‏.‏ قال الترمذى‏:‏ حديث حسن صحيح‏.‏ وفى مسلم أنه كان يقول فى خطبته‏:‏ ‏"‏خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة‏"‏‏.‏
وليس لأحد أن يعبد إلا الله وحده، فلا يصلى إلا لله، ولا يصوم إلا لله،

الجزء الأول
مجموع فتاوي ابن تيميه – رحمه الله – ص 80

منقول

بارـــــــــــــك الله فيـــــــــــك أخـــــــــــــي

جزاك الله خيـــــــــــــرا

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mohamed ali 1992 القعدة
القعدة
القعدة

بارـــــــــــــك الله فيـــــــــــك أخـــــــــــــي

جزاك الله خيـــــــــــــرا

القعدة القعدة

و فيكم بارك الله

كتاب مصور لتعليم الاطفال العبادات 2024.

لنعلم اطفالنا التربية الصحيحة لديننا الحنيف في هده الموسوعة المصورة لتعليم الاطفال العبادات بدءا من:-فضل الوضوء. – -كيفية الوضوء. -فرائض الوضوء وسننه. -نواقض الوضوء. -الادان. -الصلاة فضلها وكيفيتها. والكثير.. القعدة رابط التحميل https://www.4shared.com/file/10428501…s7_online.html

جزاك الله خيرا…اللهم حبب الينا الايمان

معنى البدعة وإطلاقها في أبواب العبادات 2024.

متى يوصف العمل بأنه بدعة في الشرع المطهر ؟ وهل إطلاق البدعة يكون في أبواب العبادات فقط ، أم يشمل العبادات والمعاملات ؟

جـ : البدعة في الشرع المطهر هي كل عبادة أحدثها الناس ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة ولا في عمل الخلفاء الأربعة الراشدين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه . فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة بسند صحيح ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

وتطلق البدعة في اللغة العربية على كل محدث على غير مثال سابق ، لكن لا يتعلق بها حكم المنع إذا لم تكن من البدع في الدين ، أما في المعاملات فما وافق الشرع منها فهو عقد شرعي ، وما خالفه فهو عقد فاسد ، ولا يسمى بدعة في الشرع . لأنه ليس من العبادة .

نشر في مجلة الدعوة العدد 1243 في 10/7/1410 هـ .

فهرس فتاوى ومقالات بن بازرخمه الله

بارك الله فيكم…رحم الله شيخنا بن باز واسكنه فسيح جناته..اللهم امين
حفظكم المولى ورعاكم

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام انس السلفية القعدة
القعدة
القعدة

بارك الله فيكم…رحم الله شيخنا بن باز واسكنه فسيح جناته..اللهم امين

حفظكم المولى ورعاكم

القعدة القعدة

وفيكم بارك الله
حفظك الله أختي الفاضلة
إن شاء الله تكوني ممن وصفهم النبي عليه الصلاة والسلام
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قالالقعدة( بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)).
وفي رواية القعدة(قيل يا رسول الله من الغرباء ؟قال الذين يصلحون إذا فسد الناس)).
وفي لفظ آخرالقعدة( الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي )).
وفي لفظ أخر: ((هم النزاع من القبائل)) .
وفي لفظ آخر: ((هم أناس صالحون قليل في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم)).

رحم الله شيخنا بن باز واسكنه فسيح جناته

أشكرك أخي على الموضوع القيم .

العبادات وتوابعها : 2024.

نعتقد أن مباديء الفهم في الإسلام تتأسس بحسب منظومة عقدية وأخرى تشريعية ، وما نريد بيانه – هنا – هو أسس المنظومة العقدية … أو العقائد ثم صلتها بالجوانب القيمية في حياة المسلمين .
وأول مداخل العقيدة في الإسلام يقوم على أساس الحديث النبوي الشريف " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً " … ونحن نستطيع أن نبين – في هذا الصدد – كيف يمكننا " كشف الأسرار " عن هذه الأسس لتبدو في صورة ناصعة ، إذ تؤسس للمسلمين دستوراً – حقيقياً – للقيم الأخلاقية ، وذلك ببث هذه الأسس في حياة المجتمع لا أن تكون مجرد كلمات تتلى . وكم عتبنا على المسلمين تفرقتهم بين دينهم وبين العمل الجاد المثمر ، حتى حُسب – باطلاً – أن العمل من غير ضروريات الإسلام … فمُلاحَظ في حياة المسلم – المعاصر تحديداً – لا مبالاة … وربما احتقار لما يعرف اجتماعياً بـ " الواجبات العامة " ؛ فأنت – مثلاً – قد ترى مسلماً يواظب على صلاته في مسجد الحي ،أما نظافة ما حول المسجد ،أما نظافة الحي نفسه ، فأمرٌ لم يخطر له على بال ، لأنه – المصلي – فرّق بين ما هو إلهي وما هو اجتماعي ، ناسياً ، أو متناسياً ، أن الإلهي لم ينزل إلا لتنظيم ما هو اجتماعي !!! .
ونعتقد من جانبنا أن أهم قيمة رفعها الإسلام – بعد التوحيد – هي اعترافه ، واعتزازه – بالآخر ، حتى صار صحيحاً القول " كلما شدد المسلم قبضته على عقيدته الإسلامية ، ازداد شعوراً بالآخرين ، لا من حيث هم وسائل تُستغَل ، بل من حيث هم غايات في أنفسهم " .
وليس بعيداً عن الحقيقة في الإسلام أن نؤكد أن " نظرةً مدققةً متعمقةً إلى كل ركن من أركان الإسلام الخمسة تعلمنا – ضرورة – أن يتصور المسلم نفسه دائماً لا على أنه فرد مستقل منعزل ، بل على أنه – كذلك – عضو في جماعة ".
والركن الأول من أركان الإسلام الخمسة هو الشهادتان : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وهنا نجد أن هذه الشهادة قد تضمنت الاعترافَ بثلاث حقائق : أن هناك شاهداً يعلن شهادةً ما ، ومشهوداً له بهذه الشهادة ، و" آخر " تعلن الشهادة في حضرته اعترافاً بقيمته ، وإقراراً بوجوده على المستوى الوجودي والمستوى المعرفي . ولا فرق بين أن يكون هذا الـ " آخر " فرداً واحداً ، أو أن يكون مجتمعاً ، أو أن يكون أمة .
من الأهمية بمكان ألا ننظر إلى الشهادة على أنها " مجرد ألفاظ " ينطق بها المسلم وكفى ، بل يجب أن نحولها إلى " عالم من المعاني الحية نعيشها بعقول مدركة ، فلو أننا جعلنا من كلمات الشهادة أبواباً نفتحها لندخل في رحاب القيم التي وراءها ، لألفينا أنفسَنا في تيار دافق من معانٍ تتضافر ، وتتسق ، حتى ينشأ من دعائمها بناءٌ فكريٌّ كاملٌ أخلاقياً واجتماعياً" .
وأول – بل وأهم – حقائق " الشهادة " أن هناك إلهاً واحداً لا شريك له ، وذلك من قول المسلم " أشهد أن لا إله إلا الله " ، وثاني هذه الحقائق أن هناك شاهداً يعلن هذه " الشهادة " … وهو المسلم ، وثالث هذه الحقائق أن هناك " آخرين " – الفرد أو المجتمع – يهم من يعلن الشهادة أن يعرفوا أنه مسلم .
وحقيقة أخرى في " الشهادة " هي الإعلان أن الله واحدٌ لا شريك له ، وأهم ما تتميز به الذات الإلهية المقدسة من الصفات غير المتناهية ، وهي صفات متوحدة في نسق واحد ، لأن الموصوف بها – الله – واحد .
إن صفات الله تعالى يمكن تقسيمها إلى : صفات ثبوت ، وصفات فروع ؛ بمعنى أن هناك صفات بالنسبة لغيرها تعد صفات إيجابية ، وما عداها يعد نتاجاً عن هذه الصفات التي اعتبرناها أصولاً ، وهذه الصفات – صفات الأصول – سبع صفات هي : القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام .
إن الواحد منا حين يشهد بوجود الذات الإلهية فإنه – في الوقت نفسه – يشهد بذلك نفسه ضرورة وجود العلم والإرادة والقدرة … إلى آخر مجموعة الصفات التي تدل عليها أسماء الله الحسنى ، وهذه المجموعة من الصفات هي لله تعالى على نحو مطلق بغير حدود ، وهي كذلك للإنسان على نحو نسبي محدود ؛ فلله تعالى العلم كله وللإنسان بعضه ( مسألة التباين بين علم الله تعالى وعلم الإنسان ليست قاصرةً على الناحية الكمية : لله تعالى الكل وللإنسان البعض ، بل تتعدى ذلك الكم إلى الكيف : فعلم الله تعالى ليس محدثاً ، وعليه يقوم الكون ، وعلم الإنسان محدَث ويقوم بالكون بعد إيجاده ، وعلم الله تعالى لا يتغير إنْ بالزيادة أو النقصان ، بينما علم الإنسان يزيد بما يستجد عليه من علم وتذكّر ، ويقل / ينقص بما يعتريه من جهل ونسيان) . ولله التقدير على إطلاقه ، وللإنسان تقدير محدود … وهكذا وهكذا !!! .
ومعنى ذلك أن شهادة أن لا إله إلا الله هي – بالتالي – شهادة بضرورة أن تتحقق مجموعة من الصفات بصورة كاملة في الإله ، وبصورة ناقصة في الإنسان ، فمن لم يعمل على أن يكون في حياته عالماً مريداً قادراً مهيمناً عزيزاً إلخ إلخ ، كانت شهادته – برأيي – باللفظ دون المعنى .
وثاني حقائق الشهادة هي الذات الناطقة بها ، هذه الذات الإنسانية التي مهما تشابهت مع غيرها من " ذوات " بشرية ، فلابد أن تكون ذاتاً واحدة ، لأنه " مهما يكن من أمر هذا التشابه ، أو التجانس ، بين أفراد الإنسان ، فلن يكون الفرد الإنساني " ذاتاً " إلا إذا بقيت له بقيةٌ يختلف بها عن جميع من عداه ، وهي بقية لها كل الأهمية والخطورة ؛ لأنها هي التي تحدد هُويتَه ، وهي التي نعدّها مسؤولة أمام الله والناس ، وهذا الجانب الفريد من كيان الإنسان هو الذي " يشهد " بأن لا إله إلا الله .
وثالث حقائق " الشهادة " هو وجود " الآخر " ، سواء كان هذا الآخر ، فرداً ، أم مجتمعاً ، أم أمة ، فهؤلاء – جميعاً – يمثلون المحيط الإنساني الذي يعيش فيه من أعلن الشهادة ، فالأمر لا يقتصر على لفظ نلفظه بالشفاه ، بل لابد أن يجاوز ذلك إلى معانٍ نعيشها . ولننظر الفارق الشاسع بين إنسان يتصرف كما لو لم يكن في الدنيا سواه ، وإنسان يضع في اعتباره – عند كل خطوة يخطوها وفعل يؤديه – أن هنالك آخرين اعترف بهم ضمناً حين شهد ألا إله إلا الله .
إننا لا نجاوز الحقيقة الإخلاقية الدينية إذا قلنا إن شهادة أن لا إله إلا الله تولّد لنا نظماً اجتماعية وسياسية أساسها قيم أخلاقية تهتم بالفرد قدر اهتمامها بالمجتمع ، ما يمهد للقول إنه من عنصر الشهادة تنشأ لنا ضروراتٌ ثلاثة : الحقيقة الدينية ، والفردية الإنسانية ، وروابط المجتمع .
والركن الثاني من أركان الإسلام هو الصلاة ، والصلاة لها درجاتها التي ترتفع كلما كان المسلم يؤديها وسط " آخرين " ؛ ففي الصلاة حث للفرد على أن يصلي مع آخرين جماعة ، فإن تعذّر ذلك طيلة أيام الأسبوع ، أصبح الأمر فرضاً عليه يوم الجمعة ليتحقق وقوفه أمام الله مع " الآخرين " ، وكأن في ذلك عهداً مقطوعاً من الفرد أمام ربه بأنه يقرّ بألا حياة له إلا منتسباً إلى هؤلاء ، ومتآزراً معهم في صف واحد يستقبلون قبلة واحدة .
ويمكننا ملاحظة ثلاثة أمور نحسب أن الصلاة ، بغيرها … أو بنقصان ولو واحدة ، تكون بين بين !!! : الآمر ، والمأمور ، والمردودة إليه الصلاة بتوابعها :
فالآمر هو الله تعالى ، ولا يجب أن تؤدى الصلاةُ باعتبارها " رياضة " !!! أو بالنظر لفوائدها الطبية … فالجميل في العبادات أنها تؤدَّى امتثالاً لأمر الله تعالى .
والمأمور هو المسلم البالغ الذي نشدد أنه كلما كمل عقل / إدراك المرء ، كلما كان أكثر مسؤوليةً !!! . ( وهنا نختلف في تعريف البلوغ عند الكثير … حيث عرّفه بأنه الاحتلام للرجل والحيض للمرأة ، على حين أن الدين بيّنَ أن المسؤولية تدور مع العقل وجوداً وعدماً ؛ فيصبح البلوغ ، عندنا ، كمال الإدراك ، وكلما زاد المرء وعياً / إدراكاً كانت مسؤوليته أشد وأكبر … اشدكم بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ) .
وأما المردودة إليه الصلاة بتوابعها فالمجتمع بناسه : مؤمنهم وكافرهم ، وجماداته : نظامه وشوارعه ومبانيه وممتلكاته … فلا تفيد الصلاةُ من لا يتقن عمله ، ولا تفيد من يتعدى على حق غيره أياً كان هذا الحق بدءاً من الرصيف حتى اختيار الحاكم !!! … وعجيب أن أكثرنا يصلي ، ثم هو خارج صلاته يردد " أنا ومن بعدي الطوفان ".
والركن الثالث من أركان ألإسلام هو الزكاة ، وهي قدر من المال – منقوداً أو منقولاً – يوجه لآخرين في المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان المسلم . والزكاة عبارة عن تنمية بمعناها اللغوي ، فالمرء ينمو ويزكو ويسمو حين يعين " الآخرين " على النمو والزكو والسمو ، فهي – الزكاة – ليست تبعة " اقتصادية " نحو الآحرين فحسب بل هي – الزكاة – في الوقت نفسه تبعة أخلاقية وروحية … بل وحضارية أيضاً .

والركن الرابع من أركان الإسلام هو الصيام ، وفي الصيام نجد المسلمين – جميعاً – يمسكون عن الطعام في وقت واحد ويفطرون في وقت واحد ، ومن ثم يصح القول إن أمة الإسلام تكون – في رمضان – على صلة ورباط بعضها ببعض ، ما يمهد لأن تزول الحواجز كلها بين الفرد والآخرين .
والركن الخامس من أركان الإسلام هو الحج ، وفي شعيرة الحج هذه نجد أن فكرة الآخرين أوضح من أن يشار إليها ، على أن " الآخرين " هنا تتسع دائرتهم لتشمل العالم الإسلامي كله .
وبعد … فهل يحق لنا أن نسأل سؤالاً – بريئاً والله – وهو : هل يمكن اعتبار المسلم مسلماً حين يغض البصر عن " الآخرين " وجوداً وحقوقاً ؟.

باااااارك الله فيك

شكـــــــــــرآآ

موضووعــ رآآئـــ"ـــع..~~

جزآآك الله خيراآآ

~~تحيـــآتــي

..

دراسة وتحقيق قاعدة «الأصل في العبادات المنع» 2024.

التمهيد في بيان

هل الأصل في الشريعة التعبد أو التعليل؟

وتحت هذه المسألة النقاط الآتية:
1- تحرير محل النزاع.
2- الأقوال والأدلة.
3- الرأي الراجح ودليل الترجيح.
4- أثر الخلاف وثمرته.

1- تحرير محل النزاع


وذلك في أمور ثلاثة:


الأمر الأول: أن كلا من التعبد والتعليل له معنى عام ومعنى خاص.



أولا: المعنى العام لكل من التعبد والتعليل:


التعبد بمعناه العام هو: ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»([1])، وعبادته -سبحانه- هي: امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطلاق.


وبهذا يعلم أن علة التعبد العامة هي: الانقياد لأوامر الله -تعالى- وإفراده بالخضوع والتعظيم لجلاله والتوجه إليه؛ كما قال -سبحانه-: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].



وبناء على ذلك فيمكن أن يقال: الشريعة كلها تعبدية.


وأما التعليل بمعناه العام هو: ما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «حق العباد على الله إذا عبدوه ولم يشركوا به شيئًا ألا يعذبهم»([2])، وهذا يفيد أن هذه الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد عاجلا وآجلا.



ومن هنا يعلم أن أحكام الله -سبحانه وتعالى- معللة بالحِكم ورعاية المصالح، وأن جميع الأوامر والنواهي مشتملة على حِكم جليلة ومصالح عظيمة.


وبناء على ذلك فيمكن أن يقال: الشريعة كلها معللة.


ثانيًا: المعنى الخاص لكل من التعبد والتعليل:


التعبد بمعناه الخاص هو: ما لا يُعقل معناه من الأحكام على الخصوص، ولا تدرك علته، وهو ما يسمى بالأمور التعبدية.



ومثالها: تحديد أعداد الركعات في الصلوات الخمس، وتحديد مقادير الأنصبة في الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقادير ما يجب فيها، ومقادير الحدود والكفارات، وفروض أصحاب الفروض في الإرث([3]).


وهذا التعبد واقع في الشريعة؛ فإن بعض الأحكام قد تخفى علتها.
وأما التعليل بمعناه الخاص فهو: كون الحكم متضمنًا لمعنى مناسب ومصلحة يدركها العقل([4]) .


ونصوص القرآن والسنة طافحة بتعليل الأحكام ووجوه الحِكم، فمن الأمثلة على ذلك في القرآن الكريم([5]):


أنه تارة يذكر ذلك بلام التعليل الصريحة؛ كقوله -تعالى-: ﴿وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ﴾ [البقرة: 143].


وتارة يذكر "كي" الصريحة في التعليل، كقوله -تعالى-: ﴿كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الحشر: 7].



وتارة يذكر "من أجل" الصريحة في التعليل؛ كقوله -تعالى-: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [المائدة: 32].



وتارة يذكر "لعل" المتضمنة للتعليل المجردة عن معنى الرجاء المضاف إلى المخلوق؛ كقوله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].



وتارة يذكر المفعول له؛ كقوله-تعالى-: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: 89].


وتارة ينبه على السبب بذكره صريحًا؛ كقوله -تعالى-: ﴿فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 160، 161].


وتعليل أفعال الله -سبحانه- لا يلزم منه -على مذهب السلف- القول بأنه يجب على الله رعاية مصالح العباد؛ ذلك لأن السلف يثبتون لله كمال القدرة والحكمة، ولا يشبهونه بشيء من خلقه، ولأجل ذلك يقولون:



"إن الله خالق كل شيء ومليكه، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير، ويفعل -سبحانه- ما يفعل بأسباب ولحكم وغايات محمودة فله المشيئة العامة والقدرة التامة، والحكمة البالغة"([6]).


ولا يجب عليه -سبحانه- شيء فيما يحكم ويقضي؛ إذ لا يجوز قياسه على خلقه ([7]) : ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأنبياء: 23]، لذا فإن القول: بأن العلة مجرد علامة محضة لا يصح، لكونه مبنيًا على إنكار التعليل في أفعال الله، بل العلة هي الوصف المشتمل على الحكمة الباعثة على تشريع الحكم([8]).


الأمر الثاني: أن إجراء القياس في الأحكام الشرعية لا يمكن إلا بعد معرفة العلة وتعقل المعنى:


وبناء على ذلك فالقياس إنما يسوغ إجراؤه في الأحكام المعللة، وأما في الأحكام التعبدية غير المعللة فلا يمكن فيها إجراء والقياس بحال.


قال الطوفي عند بيانه لشروط القياس: "الشرط الثالث: أن يكون الأصل معقول المعنى، إذ لا تعدية بدون المعقولية، أي: ما لا يعقل معناه لا يمكن القياس فيه؛ لأن القياس تعدية حكم المنصوص عليه إلى غيره، وما لا يعقل لا يمكن تعديه، كأوقات الصلوات وعدد الركعات"([9]).


وقال الشاطبي: "ذلك أن التعبد راجع إلى عدم معقولية المعنى، وبحيث لا يصح فيه إجراء القياس.


وإذا لم يعقل معناه دل على أن قصد الشارع فيه الوقوف عند ما حدَّه لا يُتعدى"([10]).


الأمر الثالث: محل النزاع في هذه المسألة إنما هو في الأصل الغالب في أحكام الشريعة: هل هو التعبد أو التعليل؟



حيث الاتفاق واقع على أن أحكام الشريعة منها ما هو تعبدي، لا تعرف له علة، ومن هذه الأحكام أيضًا ما هو معلل بنص الكتاب والسنة.


قال الطوفي: "الأحكام إما غير معلل؛ كالتعبدات أو معلل؛ كالحجر على الصبي لضعف عقله حفظًا لماله"([11]).


فمحل الخلاف إذن فيما عدا ذلك من الأحكام: ما الأصل فيها؛ هل تحمل على التعبد أو على التعليل؟

([1])أخرجه البخاري (7/308) برقم (2856)، ومسلم برقم (30).

([2])هو تتمة للحديث السابق ولكن بلفظ: «حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا».

([3])علم أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف ص(62).

([4])انظر: شفاء العليل لابن القيم ص(190)، و***** دار السعادة (2/22)، ومذكرة الشنقيطي ص(275).

([5])انظر: ***** دار السعادة (2/22)، وشفاء العليل لابن القيم ص(188-196).

([6])انظر: مجموع الفتاوى (8/97، 99)، وشفاء العليل لابن القيم ص(206).

([7])انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (2/776).

([8])انظر: مجموع الفتاوى (8/485)، ومذكرة الشنقيطي ص(275).

([9])شرح مختصر الروضة (3/301).

([10])الموافقات (2/318).

([11])شرح مختصر الروضة (3/275).

2- الأقوال والأدلة


القول الأول: أن الغالب في أحكام الشريعة التعليل، وأن التعبد فيها قليل.


وهو مذهب الحنفية، ونسب ذلك إلى الإمام الشافعي، وقال به من الحنابلة القاضي أبو يعلي وأبو الخطاب([1]).


واستدلوا بما يأتي([2]) :


أولاً: أنَّ تعقُّل العلة وإدراك المناسبة أقرب إلى القبول من التعبد، وأدعى إلى العمل والامتثال.


ثانيًا: أن التعبد في الأحكام قليل نادر، وأن التعليل هو الأغلب، وهو المألوف في عرف الشارع، فيلحق الفرد بالأعم الأغلب، ألا وهو التعليل، وإنما يحكم بالتعبد فيما لا تظهر فيه مناسبة.


ثالثًا: العمومات الدالة على العمل بالقياس؛ فإنها تفيد أن هذه الشريعة مبناها على التعليل، وإدراك المناسبات حتى يمكن إلحاق النظير بنظيره.


القول الثاني: أن الغالب في أحكام الشريعة التعبد، وأن التعليل فيها قليل.


وهو المشهور عند الشافعية، وعلى هذا المذهب طائفة من السلف([3]).


واستدلوا بالآتي([4]):


أولاً: أن الموجب للامتثال إنما هو صيغة الأمر والنهي لا العلة.
ثانيًا: أن الالتفات إلى التعليل يضعف الانقياد، وذلك أن من لم يمتثل الأمر حتى تظهر له علته لم يكن منقادًا للأمر، وأقل درجاته أن يضعف انقياده له.
ولهذا كانت طريقة بعض السلف عدم التعرض لعلل التكاليف؛ خشية هذا المحذور.
وقد ورد في بعض الآثار: "يا بني إسرائيل لا تقولوا: لِم أمر ربنا؟ ولكن قولوا: بم أمر ربنا؟"([5]).


3- الرأي الراجح ودليل الترجيح

يظهر لي أن الراجح في هذه المسألة هو ما اختاره الإمام الشاطبي، وهو: "التفرقة بين العبادات والعادات، وأنه غلب في باب العبادات جهة التعبد، وفي باب العادات جهة الالتفات إلى المعاني، والعكس في البابين قليل"([6]).


ومستند هذا الترجيح أمران:


أولهما: أن في هذا القول جمعًا بين أدلة الفريقين، كما أن فيه توفيقًا بين القولين.


وثانيهما: أن الشاطبي قد اعتمد في اختيار هذا الرأي على استقراء الشريعة وتتبُع نصوصها وأحكامها([7]) .
وبيان ذلك على النحو الآتي:


أما أمور العبادات فمما يدل على أن الأصل فيها الالتفات إلى التعبد دون التعليل:


أن الصلوات خُصَّت بأفعال مخصوصة على هيئات مخصوصة إن خرجت عنها لم تكن عبادات.



وأن الذكر المخصوص في هيئة ما مطلوب، وفي هيئة أخرى غير مطلوب.


وأن طهارة الحدث مخصوصة بالماء الطهور وإن أمكنت النظافة بغيره، وأن التيمم وليست فيه نظافة حسية، يقوم مقام الطهارة بالماء المطهر.



وهكذا سائر العبادات كالصوم والحج وغيرهما.



فالركن الوثيق الذي ينبغي الالتجاء إليه الوقوف عند ما حُدَّ دون التعدي إلى غيره؛ لأنا وجدنا الشريعة حين استقريناها تدور على التعبد في باب العبادات فكان أصلا فيها.


فيجب أن يؤخذ في هذا الضرب التعبد دون الالتفات إلى المعاني أصلا يبني عليه وركنًا يلجأ إليه.


وأما أمور العادات فمما يدل على أن الأصل فيها الالتفات إلى المعاني والتعليل، دون التعبد:



أنا وجدنا الشارع قاصدًا لمصالح العباد، وأن الأحكام العادية وجدناها تدور مع المصلحة حيثما دارت؛ فترى الشيء الواحد يمنع في حال لا تكون فيه مصلحة، فإذا كان فيه مصلحة جاز.



فمن أمثلة ذلك: أن الدرهم بالدرهم إلى أجل يمتنع في المبايعة ويجوز في القرض.
ومن ذلك: نهيه عن الخذف([8])، وتعليل ذلك بأنه: «يفقأ العين ويكسر السن»([9]) .


وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار»([10]) .


وفي القرآن: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ [المائدة: 91] إلى غير ذلك مما لا يحصى.
وجميعه يشير بل يصرِّح باعتبار المصالح للعباد، وأن الإذن دائر معها أينما دارت؛ فدل ذل على أن العادات مما اعتمد الشارع فيها الالتفات إلى المعاني.


4- أثر الخلاف وثمرته

انبني على هذه المسألة ثلاث قواعد:


القاعدة الأولى: محل القياس في الأحكام الشرعية؛ حيث يسوغ إجراء القياس في الأحكام المعللة على وجه الخصوص دون الأحكام التعبدية، وهذا أمر واضح.
وأما ما كان من الأحكام مترددًا بين كونه تعبديًا أو معللا فهذا محل نظر وهو يفتقر إلى اجتهاد وترجيح.


قال الطوفي: "الأحكام إما غير معلل كالتعبدات، أو معلل كالحجر على الصبي لضعف عقله حفظًا لماله، أو ما يتردد في كونه معللاً أو لا، كقولنا: استعمال التراب في غسل ولوغ الكلب هل هو تعبد أم معلل؟
وخرج على ذلك الخلاف في قيام الأشنان والصابون الغسلة الثامنة مقامه:



إن قلنا: هو تعبد، لم يقم غيره مقامه، وإن قلنا: معلل بإعانة الماء على إزالة أثر الولوغ؛ قام ذلك مقامه لوجود معنى الإزالة.
وكذلك إن قلنا: هو تعبد؛ كفى بالتراب مُسمَّاه، وإن لم يعم أجزاء محل الولوغ، وإن قلنا: هو معلل؛ اشترط تعميمه به؛ عملا بمقتضى التعليل.
وكذلك غسل اليد عند الوضوء، وعند القيام من النوم إن قيل: هو عبادة، وجبت له النية، وإن قيل: نظافة لم يجب، ونظائر هذا كثير.
وبالجملة لا نقيس إلا حيث فهمنا المعنى ووجدت شروط القياس: فأما كون هذه المسألة الخاصة معللة أو غير معللة؛ فتلك مسألة أخرى خارجة عما نحن فيه يثبت فيها من الحكم بالتعبد أو التعلل ما قام عليه الدليل([11]) .


القاعدة الثانية: أن الأصل في العبادات المنع والحظر، وذلك بناء على أن الأحكام الشرعية في باب العبادات مبناها على التعبد والوقوف على ما حدَّه الشارع.


القاعدة الثالثة: أن الأصل في العادات الحل والإباحة وهذا مبني على أن الأصل في الأحكام الشرعية في باب العادات التعليل والالتفات إلى المعاني.



وقد أشار الشاطبي إلى ابتناء هاتين القاعدتين على هذين الأصلين؛ حيث قرر أن الأصل في العبادات التعبد وفي العادات التعليل ثم قال: "وإذا ثبت هذا فمسلك النفي متمكن في العبادات ومسلك التوقف متمكن في العادات"([12]) .

الفصل الأول

معنى القاعدة



وفي هذا الفصل مطلبان:
المطلب الأول: المعنى الإفرادي للقاعدة.
المطلب الثاني: المعنى الإجمالي للقاعدة.


([1])انظر: شرح التلويح (2/64)، وشرح الكوكب المنير (4/151، 152).

([2])انظر: البحر المحيط (5/208)، وشرح الكوكب المنير (4/152).

([3])انظر: شرح التلويح (2/64)، ومدارج السالكين (2/519)، وشرح الكوكب المنير (4/151، 152).

([4])انظر: مدارج السالكين (2/519)، وشرح الكوكب المنير (4/152).

([5])مدارج السالكين (2/519).

([6])الموافقات (2/396).

([7])انظر: الموافقات (2/300-306).

([8])الخذف: هو رمي الحصاة ونحوها بطرفي الإبهام والسبابة. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر (2/16)، والمصباح المنير ص(165).

([9])رواه البخاري (10/599) برقم (6220)، ومسلم برقم (1547).

([10])رواه ابن ماجة (2/784) برقم (2341) والحديث صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/443) برقم (250).

([11])شرح مختصر الروضة (3/275).

([12])الموافقات (2/396).

المطلب الأول

المعنى الإفرادي للقاعدة

وفي هذا المطلب ثلاث مسائل:


المسألة الأولى: معنى الأصل:


الأصل في اللغة: يطلق على عدة معان متقاربة، فيطلق على([1]):


1- ما يبنى عليه غيره.
2- ما مِنه الشيء، وأصل الشيء؛ أي: مادّته؛ كالوالد للولد والشجرة للغصن.
3- ما يستند وجود الشيء إليه.
4- المحتاج إليه.
وفي الاصطلاح: يطلق الأصل على معان عدة فمنها([2]) :
1- الصورة المقيس عليها، على الخلاف المعروف في القياس في تفسير الأصل، وذلك ما يقابل الفرع.
2- الرجحان؛ كقولهم: الأصل في الكلام الحقيقة، أي: الراجح عند السامع هو الحقيقة لا المجاز.
3- الدليل؛ كقولهم: أصل هذه المسألة من الكتاب والسنة، أي: دليلها، ومنه أصول الفقه، أي: أدلته.
4- القاعدة المستمرة؛ كقولهم: إباحة الميتة للمضطر على خلاف الأصل، ومنه قولهم: الأصل في الأبضاع التحريم، أي القاعدة المستمرة والحكم المطرد في الأبضاع التحريم، ومثله قولهم: الأصل في العادات الحِل.


وهذا الإطلاق هو المراد في هذا المقام؛ فقولهم: "الأصل في العبادات المنع" معناه: أن القاعدة المستمرة في العبادات هي المنع.


المسألة الثانية: معنى العبادة:


وفي هذه المسألة ثلاث نقاط.
أولاً: معنى العبادة في اللغة([3]).


العبادة في اللغة: الانقياد والخضوع والذل والطاعة.
يقال: عَبَدَ الله عبادة وعبودية انقاد له وخضع وذلَّ.
وتعبَّد: انفرد بالعبادة، والعابد: الموحِّد، وجميع ما ذكر في القرآن من العبادة فالمراد به التوحيد.
والعبودية أقوى من العبادة؛ لأنها الرضا بما يفعل الرب، والعبادة: فعل ما يرضي الرب، والعبادة تسقط في العقبى، والعبودية لا تسقط.


ثانيًا معنى العبادة في الاصطلاح:

لأهل العلم في تعريف العبادة كلمات جامعة فمن ذلك:
1- تعظيم الله وامتثال أوامره([4]).
2- اسم لما يكون المرء بمباشرته مطيعًا لربه([5]).
3- ما أمر به الشارع من غير اطراد عُرفي، ولا اقتضاء عقلي([6]).
4- فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيمًا لربه([7]).
5- الأفعال الواقعة على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع المتجاوز لتذلل بعض العباد لبعض([8]).
6- اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة ([9]) .
وهذا التعريف لشيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أحسن التعريفات وأوعاها.



ونستخلص من هذه الكلمات أن العبادة لا بد أن يجتمع فيها أمران([10]):


أولهما: الطاعة والخضوع، وهذا يتحقق بالالتزام بما شرعه الله وأمر به.
والثاني: أن يصدر هذا الامتثال مع المحبة للمعبود جل شأنه.
قال ابن القيم: "العبادة تجمع أصلين: غاية الحب بغاية الذل والخضوع.
والعرب تقول: طريق مُعبَّد، أي مذلل، والتعبد: التذلل والخضوع؛ فمن أحببته ولم تكن خاضعًا له لم تكن عابدًا له، ومن خضعت له بلا محبة لم تكن عابدًا له حتى تكون محبًا خاضعًا"([11]).


ثالثًا: أقسام العبادة:


تنقسم العبادة إلى قسمين([12]):


القسم الأول: العبادات المحضة، وهي الطاعات من الواجبات والمندوبات، وهذا النوع من العبادات لا يمكن للعقول أن تهتدي إلى تفاصيلها، وإنما سبيل الوقوف عليها هو الشرع؛ كالصلاة والصيام، والحدود وأنصبة المواريث.



ثم إن العبادات المحضة منها ما يمكن للعقل إدراك علته، ومنها ما لا تدرك علته، وهو ما يسمى بالأمور التعبدية، "ومثالها: تحديد أعداد الركعات في الصلوات الخمس، وتحديد مقادير الأنصبة في الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقادير ما يجب فيها، ومقادير الحدود والكفارات، وفروض أصحاب الفروض في الإرث"([13]).


القسم الثاني: العبادات غير المحضة: وضابطها: أنها فعل ذو وجهين؛ إذ يتصور فعلها دون قصد التعبد لله، بل على جهة الاعتياد ونحوه، كما يتصور فعلها على جهة التعبد، فهي إذن كل فعل يتقرب به إلى الله تعالى من غير الطاعات المأمور بها شرعًا.


وإنما يتصور ذلك شرعًا إذا اقترن مع الإتيان بهذه العادة نية صحيحة، أو كانت وسيلة إلى العمل الصالح وعونًا عليه.


مثال ذلك: ما ورد في قوله -تعالى-: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ [التوبة: 120].


وقوله صلى الله عليه وسلم: «ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في فِيِّ امرأتك»([14]).



فمن هذا الوجه دون غيره، يصح شرعًا التقرب إلى الله بفعل العادات.
ويجمع ذلك قاعدتان:
أولاهما: قاعدة: (الأمور بمقاصدها)([15]) .
وثانيهما: قاعدة: (للوسائل أحكام المقاصد)([16]) .
وبهذا النظر يسوغ التقرب إلى الله بجميع الأفعال والتروك.
فصارت الأقسام ثلاثة:


1- عبادات محضة، وهي معقولة المعنى.
2- عبادات محضة، وهي غير معقولة المعنى.
3- عبادات غير محضة.

تنبيهان مهمان:

التنبيه الأول: المراد بالعبادات في هذه القاعدة: التقرب إلى الله بفعل جميع العبادات، وذلك أن (ال) في لفظ العبادات للجنس؛ فيكون اللفظ للاستغراق؛ فيشمل العبادات المشروعة وغير المشروعة؛ فما ثبت في الشرع كونه عبادة فهذا النوع مستثنى من حكم المنع، باق بعد الاستثناء؛ إذ هو مأذون فيه، كما دل على ذلك قولهم: "الأصل في العبادات البطلان إلا ما شرعه الله".


وأما ما لم يثبت في الشرع كونه عبادة فهذا النوع يمنع المكلف من فعله، بل هو باطل مردود؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»([17]) .


وهذه القاعدة مع اختصارها وقلة ألفاظها دلت على النوعين معًا:
الأول: أن من تعبد الله بما شرعه -سبحانه- فعبادته مشروعة مأذون فيها.
والثاني: أن من تعبد الله بما لم يشرعه -سبحانه- فعبادته باطلة مردودة.


التنبيه الثاني: الفرق بين العبادة والطاعة([18]): الطاعة هي الانقياد، وهي الموافقة للأمر، وهي أعم من العبادة؛ لأن العبادة غلب استعمالها في تعظيم الله غاية التعظيم، بخلاف الطاعة فإنها تستعمل لموافقة أمر الله وأمر غيره، وتجوز الطاعة لغير الله في غير المعصية، ولا تجوز العبادة لغير الله تعالى.


والعبادة أخص من الطاعة؛ لأنه يعتبر فيها النية.

المسألة الثالثة: معنى المنع:

قال في "المصباح المنير": "منعته الأمر ومن الأمر منعًا فهو ممنوع منه محروم"([19]).


وهذا ما دلت عليه -كما سيأتي- ألفاظ القاعدة؛ إذ ورد: (الأصل في العبادات الحظر)، وورد أيضًا: (الأصل في العبادات البطلان).


وهذه الألفاظ كلها تدل على معنى واحد؛ إذ العبادة التي لم يأت بها الشرع محرمة ممنوعة، ثم إن وقعت فإنها تقع باطلة مردودة، فحكمها يدور بين المنع والحظر والبطلان والرد، وهذا ما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».


([1])انظر: نهاية السول (1/18)، والبحر المحيط (1/10)، والمصباح المنير ص(16)، وشرح الكوكب المنير (1/39).

([2])انظر: نهاية السول (1/18، 19)، والبحر المحيط (1/10)، وشرح الكوكب المنير (1/39).

([3])انظر: الكليات ص(650)، والمعجم الوسيط ص(579).

([4])التوقيف على مهمات التعاريف (498).

([5])أصول السرخسي (1/83).

([6])التحبير شرح التحرير (2/1001).

([7])التعريفات ص(146).

([8])التوقيف على مهمات التعاريف ص(498).

([9])مجموع الفتاوى (10/149).

([10])انظر: العبادات في الإسلام ص(32-34).

([11])مدارج لسالكين (1/85).

([12])انظر الفروق (1/269-270)، والموافقات (2/300) فما بعدها ص(396)، والاعتصام (2/73-98).

([13])علم أصول الفقه للشيخ عبد الوهاب خلاف ص(62).

([14])أخرجه البخاري (8/109) برقم (4409).

([15])انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(8).

([16])انظر: شرح تنقيح الفصول ص(449)، والفروق (2/451)، وإعلام الموقعين (3/135)، والقواعد والأصول الجامعة ص(13-19).

([17])أخرجه البخاري (5/301) برقم (2697) ومسلم برقم (1718) واللفظ له.

([18])انظر: الكليات ص(583).

([19])المصباح المنير (2/580).

المطلب الثاني

المعنى الإجمالي للقاعدة

يمكن بيان معنى قاعدة: (الأصل في العبادات المنع) إجمالا بأن يقال:



الحكم المستصحب والأصل المطرد في التقرب إلى الله هو: المنع والحظر، والرد والبطلان، إلا ما جاء به الشرع وأذن فيه من العبادات فإنه لا يأخذ حكم المنع، كما قال -سبحانه-: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21]، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي: مردود باطل.


وتوضيح ذلك: أن التقرب إلى الله لا يكون إلا بما شرع، وهذا مقتضى توحيد الله والإيمان به، وهو توحيد الاتباع، وهو أحد شرطي العمل الصالح؛ إذ لا بد لقبول العمل من شرطين: الإخلاص والمتابعة.


فهذه القاعدة تختص بالشرط الثاني، وهو شرط المتابعة.



فمن ادعى عبادة من العبادات طولب بإقامة الدليل على ثبوت هذه العبادة، وهذا الدليل لا بد أن يكون نصًا من الكتاب أو السنة.


قال ابن تيمية: "والعبادة والطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ونحو ذلك من الأسماء مقصودها واحد ولها أصلان:


أحدهما: ألا يعبد إلا الله، والثاني: أن يعبد بما أمر وشرع، لا بغير ذلك من البدع.
قال -تعالى-: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا *﴾ [الكهف: 110]، وقال -تعالى-: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 112]، وقال -تعالى-: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [النساء: 125].


فالعمل الصالح هو الإحسان وهو فعل الحسنات، والحسنات هي: ما أحبه الله ورسوله وهو ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب.


فما كان من البدع في الدين التي ليست مشروعة فإن الله لا يحبها ولا رسوله، فلا تكون من الحسنات ولا من العمل الصالح، كما أن من يعمل ما لا يجوز كالفواحش والظلم ليس من الحسنات ولا من العمل الصالح.


وأما قوله: ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا *﴾، وقوله: ﴿أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾ فهو إخلاص الدين لله وحده، وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: اللهم اجعل عملي كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا"([1]).


وقال الفضيل بن عياض في قوله: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾[الملك:2 ] قال: "أخلصه وأصوبه"، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ قال: "إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة"([2]).


تنبيهات:


التنبيه الأول: قولهم: "الأصل في العبادات المنع" فيه اختصار، وهو يحتاج إلى إكمال؛ فيقال: "الأصل في العبادات المنع إلا ما شرعه الله"، وهذا ما دلت عليه ألفاظ أخرى للقاعدة كما سيأتي.


التنبيه الثاني: قوله "الأصل في العادات الحل" فيه اختصار أيضًا، فيحتاج إلى إكمال؛ فيقال: "الأصل في العادات الحل إلا ما حرمه الله".


التنبيه الثالث: من مجموع القاعدتين بعد إكمالهما يتضح المعنى بصورة جلية، فيقال: "الأصل في العبادات المنع إلا ما شرعه الله، كما أن الأصل في العادات الحل، إلا ما حرمه الله".


ومعنى هذا: أن الأفعال التي يتقرب بها إلى الله محصورة، وهي مقصورة على مصدر واحد، فهي إنما تؤخذ من الشرع وحده، فلا يجوز لأحد أن يتعبد الله بما لم يشرعه سبحانه.


وما عدا ذلك من الأفعال العادية فهي باقية على أصلها وهو الحل والإباحة؛ فلا يجوز لأحد أن يحرم شيئًا منها.


التنبيه الرابع: أن العمل بهاتين القاعدتين مستند إلى العمل بدليل الاستصحاب، وهو المعبر عنه أحيانًا بقاعدة: (اليقين لا يزول بالشك)([3]) .


وهذا يقتضي في باب العبادات الحكم بانتفاء جميع العبادات ومنعها؛ استبقاء للأصل، وهو عدم مشروعيتها، ويقتضي أيضًا في باب العادات الحكم بحل جميع العادات والإذن فيها؛ استبقاء للأصل، وهو جواز الإقدام عليها.


هذا هو حكم الاستصحاب وهو البقاء على الأصل، ولما كان هذا الأصل متيقنًا كان التمسك بالأصل تمسكًا باليقين وعملا به.


ثم إن شرط الأخذ بالاستصحاب الذي هو التمسك بالأصل واستبقاؤه ألا يرد ناقل عن هذا الأصل ومزيل لحكمه.


التنبيه الخامس: في العمل بهذه القاعدة يظهر جليًا سعة هذه الشريعة وإحاطتها بأفعال المكلفين وتروكهم؛ إذ الشرع: ما شرعه الله، والحرام: ما حرمه الله.


وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله – عز وجل- فرض فرائض فلا تضيعوها وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء -رحمة لكم من غير نسيان- فلا تبحثوا عنها »([4]) .

([1])مجموع الفتاوى (10/172).

([2])مجموع الفتاوى (10/172، 174).

([3])انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(50).

([4])أخرجه الدارقطني في سننه (4/183) برقم (42) من كتاب الرضاع، والحديث حسَّنه النووي في الأربعين النووية، الحديث الثلاثون.

الفصل الثاني

توثيق القاعدة

وفي هذا الفصل أربعة مطالب:
المطلب الأول: صيغ القاعدة.
المطلب الثاني: القواعد الأصولية والفقهية ذات الصلة بالقاعدة.
المطلب الثالث: أدلة القاعدة.
المطلب الرابع: سياق كلام أهل العلم حول القاعدة.

المطلب الأول

صيغ القاعدة

قد يعبر عن هذه القاعدة بقولهم: (الأصل في العبادات المنع والحظر إلا ما جاء به الشارع) ([1]) أو (الأصل في العبادات البطلان إلا ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم)([2]).


وهذ الألفاظ يفسر بعضها بعضًا؛ فإن من ادعى عبادة طولب بإقامة الدليل على ثبوت هذه العبادة كما قال -سبحانه-: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21].


ومن هنا يقول الجنيد -رحمه الله تعالى-: "الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول واتبع سنته ولزم طريقته، فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه"([3]).


وربما يعبر عن القاعدة بقولهم: (الأصل في العبادات التوقيف)([4]) بمعنى أن إثبات العبادة يحتاج ولا بد إلى نص.
والتوقيف قد يراد به- وهو الغالب- النص الخاص المعين، وقد يراد به مطلق الدليل الشرعي؛ خاصًا كان أو عامًا.
فما استند من العبادات إلى توقيف فهو عبادة مشروعة، وما سوى ذلك من العبادات فهو عبادة باطلة مردودة، كما دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».


وهذا معنى قولهم: (العبادات توقيفية) ([5])، يعني أن العبادات في الشرع لا تؤخذ ولا تثبت بطريق الرأي والاجتهاد، وإنما تؤخذ من جهة الوحي المجرد.


([1])انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/269)، والقواعد والأصول الجامعة ص(29).

([2])إعلام الموقعين (1/344).

([3])مدارج السالكين (3/126).

([4])الفتاوى الكبرى (4/12، 13)، ومجموع الفتاوى (29/17).

([5])انظر: التحقيق والإيضاح ص(64).

المطلب الثاني

القواعد الأصولية والفقهية

ذات الصلة بالقاعدة



أولاً: دليل الاستصحاب:


القول بأن الأصل في العبادات المنع مبني على دليل الاستصحاب.



ويسمى استصحاب البراءة الأصلية، أو استصحاب دليل العقل، أو استصحاب العدم الأصلي.



ومعناه عند الأصوليين: "أن ما ثبت في الزمن الماضي فالأصل بقاؤه في الزمن المستقبل، وهو معنى قولهم: الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يوجد المزيل، فمن ادعاه فعليه البيان"([1]).


وذلك أن الأصل في الأحكام الشرعية بقاؤه على النفي الأصلي المستفاد من استصحاب دليل العقل، وهذا هو معنى أن الأصل فيها هو المنع والحظر، حتى يأتي دليل مغير لهذا الأصل وناقل عنه.


وهذا الناقل بالنسبة لاستصحاب المنع في باب العبادات إنما هو الدليل المثبت للمشروعية.


مثال ذلك: أن الأصل في الاجتماع للصلاة عند الكسوف هو المنع والحظر، إلا أن فِعله صلى الله عليه وسلم ذلك نقل حكم صلاة الكسوف من المنع والحظر إلى الإذن والمشروعية.


ثانيًا: قاعدة: اليقين لا يزول بالشك([2]):


هذه القاعدة إحدى القواعد الفقهية الكبرى، ومعناه: أن الأمر المتيقن يتعين الحكم باستدامته وبقائه، ولا يجوز تركه بأمر مشكوك فيه، وإنما يترك اليقين بدليل قاطع أو ظن غالب معتبر.


وقد أفادت قاعدة: (الأصل في العبادات المنع) أن الأصل المتيقن هو انتفاء العبادة وعدم ورودها في الشرع ما لم يأت الدليل المزيل لهذا اليقين، وهذا الدليل إنما هو نصوص الكتاب والسنة.


ثالثًا: قاعدة الأصل بقاء ما كان على ما كان([3]) : هذه القاعدة متفرعة عن القاعدة الكبرى: (اليقين لا يزول بالشك)، وذلك أن الأصل المتيقن في الأحكام الشرعية بقاؤها على النفي الأصلي المستفاد من استصحاب دليل العقل، حتى يأتي دليل مغير لهذا الأصل وناقل عنه.


رابعًا: قاعدة الأصل في العادات الحل([4]) :


يقابل قاعدة: (الأصل في العبادات المنع): قاعدة أخرى في باب العادات والمعاملات، ألا وهي قاعدة: (الأصل في العادات الحل).


قال ابن تيمية: "الأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى وإلا دخلنا في معنى قوله: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21].


والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾ [يونس: 59].



وقال أيضًا: فالأصل في العبادات ألا يشرع منها إلا ما شرعه الله، والأصل في العادات لا يحظر منها إلا ما حظره الله"([5]).


وقال ابن القيم: "كما أن الأصل في العبادات البطلان إلا ما شرعه الله ورسوله، وعكس هذا: العقود والمطاعم؛ الأصل فيها الصحة والحل إلا ما أبطله الله ورسوله وحرمه"([6]).


وقال أيضًا: "فالأصل في العبادات البطلان حتى يقوم دليل على الأمر، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم"([7]) .


ومن الأدلة على أن الأصل في العادات الحل ما يأتي:


1- قوله -تعالى-: ﴿الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا﴾[البقرة: 29].


2- قوله -سبحانه-: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾[يونس: 59]([8]) .


3- قال الله -تعالى-: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ * قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ *﴾ [المائدة: 101، 102].


قال ابن القيم: "ولم ينقطع حكم هذه الآية، بل لا ينبغي للعبد أن يتعرض للسؤال عما إن بدا له ساءه بل يستعفي ما أمكنه ويأخذ بعفو الله"([9]) .


4- قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله – عز وجل- فرض فرائض فلا تضيعوها وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء -رحمة لكم من غير نسيان- فلا تبحثوا عنها»([10]) .


5- قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته»([11]) .


6- قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرًا فبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، ثم تلا قوله -تعالى-: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ [الأنعام: 145]" ([12]) .


([1])البحر المحيط (6/17).

([2])انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(50).

([3])انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(51).

([4])انظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص(60).

([5])مجموع الفتاوى (29/17).

([6])اقتضاء الصراط المستقيم (1/269).

([7])أحكام أهل الذمة (2/715).

([8])إعلام الموقعين (1/344).

([9])إعلام الموقعين (1/71، 72)، وانظر منه: (1/58)، وتفسير ابن كثير (2/109)

([10])أخرجه الدارقطني في سننه، وقد تقدم في ص(39).

([11])رواه البخاري (13/264) برقم (7289) واللفظ له، ومسلم برقم (2358).

([12])رواه أبو داود (3/354) برقم (3800)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
انظر: المستدرك (4/115)، وقد رواه مرفوعًا ابن ماجة في سننه (1/1117) برقم (3367)، والترمذي (4/220) برقم (1726)، وقال: "حديث غريب لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه"، وقال: "وكأن الحديث الموقوف أصح".

المطلب الثالث

أدلة القاعدة

لقد تكاثرت الأدلة الدالة على أن الأصل في العبادات المنع، وتنوعت جهات الاستدلال عليها، بل إنها بلغت مبلغ التواتر المعنوي.



حيث تضافرت على تقرير هذه القاعدة: نصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وأقوال الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين وأئمة الهدى والدين.


كما دلت عليها طائفة من القواعد الشرعية ومقاصد التشريع.
وبهذا النظر فإن ثبوت هذه القاعدة بات ضرورة شرعية لا محيد عنها، وأمرًا معلومًا من الدين بالضرورة.
وإليك فيما يأتي شذرات يسيرة من هذه الأدلة:


أولاً: الأدلة الدالة على أن الحكم والتشريع لله وحده؛ إذ لا يجوز إثبات حكم شرعي بغير الأدلة الشرعية التي جعلها الله طريقًا لمعرفة أحكامه وهذا أصل عظيم من أصول هذا الدين([1]).


قال ابن تيمية: "… فلهذا كان دين المؤمنين بالله ورسوله أن الأحكام الخمسة: الإيجاب، والاستحباب والتحليل، والكراهية، والتحريم، لا يؤخذ إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله"([2]).


وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "وبذلك تعلم أن الحلال هو ما أحله الله، والحرام هو ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل، والعمل به بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه، كفر بواح لا نزاع فيه.


وقد دل القرآن في آيات كثيرة على أنه لا حكم لغير الله، وأن اتباع تشريع غيره كفر به، فمن الآيات الدالة على أن الحكم لله وحده:
قوله -تعالى-: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [يوسف: 40]، وقوله -تعالى-: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾ [يوسف: 67]، وقوله -تعالى-: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ﴾ [الأنعام: 57]، وقوله: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: 44]، وقوله -تعالى-: ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 26]، وقوله -تعالى-: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *﴾ [القصص: 88]، وقوله -تعالى-: ﴿لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآَخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [القصص: 70]، والآيات بمثل ذلك كثيرة"([3]).


ثانيًا: الأدلة الدالة على وجوب اتباع الوحي، والعمل بالنصوص، والاعتصام بالكتاب والسنة، بل إن هذا مقتضى توحيد الله والإيمان به:



قال ابن تيمية: "وجماع الدين أصلان: ألا نعبد إلا الله، ولا نعبده إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع.


كما قال -تعالى-: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا *﴾ [الكهف: 110]، وذلك تحقيق الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدًا رسول الله؛ ففي الأولى: أن لا نعبد إلا إياه، وفي الثانية: أن محمدًا هو رسوله المبلغ عنه فعلينا أن نصدق خبره ونطيع أمره"([4]) .


وقال ابن القيم: "إذا عرف هذا فلا يكون العبد متحققًا بـ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ [الفاتحة: 4] إلا بأصلين عظيمين:


أحدهما: متابعة الرسول.
والثاني: الإخلاص للمعبود: فهذا تحقيق إياك نعبد"([5]).
وقال شارح الطحاوية: "… فهما توحيدان، لا نجاة للعبد من عذاب الله إلا بهما، توحيد المرسِل، وتوحيد متابعة الرسول فلا نحاكم إلى غيره، ولا نرضى بحكم غيره"([6]).


والأدلة على ذلك لا تكاد تحصر فمن ذلك:


1- قوله -تعالى-: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ [الأعراف: 3].


2- قوله: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 32].


3- قوله: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ﴾ [النساء: 59].


4- قصة الرهط الثلاثة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه قال-: "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.


قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا.


فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»"([7]).


5- أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- دخل على امرأة من أحمس يقال لها زينب، فرآها لا تتكلم فقال: "ما لها لا تكلم؟" قالوا: حجَّت مصمته. قال لها: "تكلمي، فإن هذا لا يحل، هذا من عمل الجاهلية" فتكلمت فقالت: من أنت؟ قال: "امرؤ من المهاجرين" قالت: أي المهاجرين؟ قال: "من قريش" قالت: من أي قريش أنت؟ قال: "إنك لسؤول، أنا أبو بكر"([8]) .


وقد علق ابن تيمية على هذا الأثر فقال: "ومعنى قوله: "من عمل الجاهلية" أي مما انفرد به أهل الجاهلية، ولم يشرع في الإسلام.
فيدخل في هذا: كل ما اتُخذ عبادة مما كان أهل الجاهلية يتعبدون به، ولم يشرع الله التعبد به في الإسلام"([9]).


ثالثًا: الأدلة الدالة على تحريم القول على الله بغير علم:


فمن ذلك:
1- قوله -تعالى-: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].


2- وقال -سبحانه-: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ﴾ [يونس: 59].


3- وقال -تعالى-: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21].


4- وقال -سبحانه-: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]
5- قال الشافعي: "لا أعلم أحدًا من أهل العلم رخَّص لأحد من أهل العقول والآداب في أن يفتي ولا يحكم برأي نفسه إذا لم يكن عالمًا بالذي تدور عليه أمور القياس من الكتاب والسنة والإجماع والعقل، لتفصيل المشتبه"([10]).
6- وقال ابن قدامة: "نعلم بإجماع الأمة قبلهم على أن العالم ليس له الحكم بمجرد هواه وشهوته من غير نظر في الأدلة"([11]).
7- وقد خصص ابن القيم فصلا لهذه المسألة في كتابه القيم "إعلام الموقعين" فقال: "ذكر تحريم الإفتاء في دين الله بغير علم وذكر الإجماع على ذلك"([12]).


رابعًا: الأدلة الدالة على ذم الابتداع في الدين، فمن ذلك ([13]) :


1- قول الله -تعالى-: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].


فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السنة، والسبل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين على الصراط المستقيم وهم أهل البدع.


وعن مجاهد في قوله: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ قال: "البدع والشبهات".


2- قوله -تعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام: 159].


قال ابن عطية: "هذه الآية تعم أهل الأهواء والبدع والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في الجدال والخوض في الكلام".
3- حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وفي رواية لمسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».


هذا الحديث عده العلماء ثلث الإسلام؛ لأنه جمع وجوه المخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم ويستوي في ذلك ما كان بدعة أو معصية.


4- حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: "صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله؟ كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة لولي الأمر وإن كان عبدًا حبشيًا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة»"([14]) .


5- قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كفيتم"([15]) .


([1])انظر: إعلام الموقعين (1/50، 51)، وأضواء البيان (7/162، 173).

([2])مجموع الفتاوى (22/226).

([3])أضواء البيان (7/48).

([4])مجموع الفتاوى (10/234).

([5])مدارج السالكين (1/83).

([6])شرح العقيدة الطحاوية ص(217).

([7])أخرجه البخاري (9/104) برقم (5063).

([8])أخرجه البخاري (7/147) برقم (3834).

([9])اقتضاء الصراط المستقيم (1/327).

([10])إبطال الاستحسان (37).

([11])روضة الناظر (1/409، 410).

([12])إعلام الموقعين (2/184)، وانظر (1/83، 44) منه.

([13])انظر الاعتصام (1/53، 89).

([14])أخرجه أبو داود في سننه واللفظ له (4/201) برقم (4607)، وابن ماجة (1/15) برقم (42)، والترمذي (5/44) برقم (2676)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والحديث صححه الألباني في ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم ص(17) برقم (27).

([15])أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها ص(17)، واللالكائي في أصول السنة (1/86)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (1/327)، والبغوي في شرح السنة (1/214).

المطلب الرابع

سياق كلام أهل العلم حول القاعدة

قال ابن تيمية: "تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دينهم، وعادات يحتاجون إليها في دنياهم.


فاستقراء أصول الشريعة أن العبادات التي أوجبها الله أو أباحها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه.


والأصل فيه عدم الحظر فلا يحظر منه إلا ما حظره الله ورسوله.



وذلك لأن الأمر والنهي مما شرع الله تعالى، والعبادة لا بد أن تكون مأمورًا بها، فما لم يثبت أنه مأمور كيف يحكم عليه بأنه عبادة؟ وما لم يثبت من العادات أنه منهي عنه كيف يحكم عليه أنه محظور؟


ولهذا كان أصل أحمد وغيره من فقهاء الحديث: أن الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله -تعالى- وإلا دخلنا في معنى قوله: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21].


والعبادات الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه الله وإلا دخلنا في معنى قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾ [يونس: 59].


ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله وحرموا ما لم يحرمه في سورة الأنعام من قوله: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ *﴾ [الأنعام: 136-138] فذكر ما ابتدعوه من العبادات والتحريمات"([1]) .


وقال ابن القيم: "ومعلوم أنه لا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، ولا تأثيم إلا ما أثَّم الله ورسوله به فاعله، كما أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، ولا دينًا إلا ما شرعه الله.


فالأصل في العبادات البطلان: حتى يقوم دليل على الأمر، والأصل في العقود والمعاملات الصحة حتى يقوم دليل على البطلان والتحريم.


والفرق بينهما: أن الله -سبحانه- لا يعبد إلا بما شرعه على ألسنة رسله؛ فإن العبادة حقه على عباده وحقه الذي أحقه هو، ورضي به وشرعه.


وأما العقود والشروط والمعاملات فهي عفو حتى يحرمها، ولهذا نعى الله -سبحانه- على المشركين مخالفة هذين الأصلين، وهو تحريم ما لم يحرمه، والتقرب إليه بما لم يشرعه، وهو -سبحانه- لو سكت عن إباحة ذلك وتحريمه لكان ذلك عفوًا لا يجوز الحكم بتحريمه وإبطاله؛ فإن الحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه، وما سكت عنه فهو عفو"([2]) .


وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي: "القاعدة السادسة: الأصل في العبادات الحظر؛ فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله.
والأصل في العادات الإباحة؛ فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله.


وهذه القاعدة تضمنت أصلين عظيمين، ذكرهما الإمام أحمد وغيره من الأئمة، ودل عليهما الكتاب والسنة في مواضع؛ مثل قوله -تعالى- في الأصل الأول: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21].


وبيان ذلك أن العبادة هي ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب فكل واجب أوجبه الله ورسوله أو مستحب فهو عبادة يعبد الله به وحده ويدان الله به.


فمن أوجب أو استحب عبادة لم يدل عليها الكتاب ولا السنة فقد ابتدع دينًا لم يأذن الله به، وهو مردود على صاحبه؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» متفق عليه.


وتقدم أن من شروط العبادة: الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.


واعلم أن البدع من العبادات، إما أن يشرِّع عبادة لم يشرع الله ورسوله جنسها أصلا، أو شرعها الله ورسوله على صفة أو في زمان أو مكان مخصوص، ثم غيرها المغير إلى غير تلك الصفة.
كمن أوجب صلاة أو صومًا أو غيرهما من العبادات بغير إيجاب من الله ورسوله.


أو ابتدع مبتدع الوقوف بعرفة أو مزدلفة أو رمي الجمار في غير وقتها.
أو استحب مبتدع عبادة في وقت من الأوقات أو مكان من الأمكنة بغير هدى من الله وحجة شرعية.


والله تعالى هو الحاكم لعباده على لسان رسوله، فلا حكم إلا حكمه ولا دين إلا دينه"([3]) .

([1])الفتاوى الكبرى (4/12، 13).

([2])إعلام الموقعين (1/344، 345).

([3])القواعد والأصول الجامعة ص(29، 30).

الفصل الثالث

أثر القاعدة وتطبيقاتها

وفي هذا الفصل أربعة مطالب:
المطلب الأول: أسماء الله وصفاته توقيفية.
المطلب الثاني: ألفاظ الأذكار توقيفية.
المطلب الثالث: المنع من الغلو في الدين.
المطلب الرابع: مسائل متفرقة.

المطلب الأول

أسماء الله وصفاته توقيفية([1])

قال شهاب الدين القرافي: "الأصل في أسماء الله -تعالى- المنع إلا ما ورد السمع به… فإن مخاطبة أدنى الملوك تفتقر إلى معرفة ما أذنوا فيه من تسميتهم ومعاملتهم حتى يعلم إذنهم في ذلك، فالله -تعالى- أولى بذلك، ولأنها قاعدة الأدب والأدب مع الله تعالى متعين؛ لا سيما في مخاطباته"([2]) .


وقال ابن قيم الجوزية: "ما يطلق عليه -سبحانه- في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيًا؛ كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه.


فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرِد به السمع"([3]) .


وقال الشيخ محمد العثيمين: "أسماء الله -تعالى- توقيفية لا مجال للعقل فيها.


وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة؛ فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه -تعالى- من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص؛ لقوله -تعالى-: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]"([4]).

المطلب الثاني

ألفاظ الأذكار توقيفية

قال الحافظ ابن حجر: "ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس، فيجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به.
وهذا اختيار المازري قال: فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحي إليه بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها"([5]).


ومن الأدلة على ذلك ما يأتي:


الدليل الأول: عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به».


قال: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت: اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: ورسولك، قال: «لا، ونبيك الذي أرسلت»([6]).


الدليل الثاني: عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد خفت فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟» قال نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجِّله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله لا تطيقه- أو لا تستطيعه- أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» قال: فدعا الله له فشفاه([7]) .
الدليل الثالث: عن عوف بن مالك الأشجعي -رضي الله عنه- قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: «اعرضوا عليَّ رقاكم لا بأس بالرُقى ما لم يكن فيه شرك»([8]) .

المطلب الثالث

المنع من الغلو في الدين

نهى الشارع عن الغلو في العبادة بالزيادة فيها على القدر المشروع والتشدد والتنطع في الإتيان بها، بل هو بدعة ضلالة([9]).


قال ابن رجب: "إن أحب الأعمال إلى الله ما كان على وجه السداد والاقتصاد والتيسير دون ما كان على وجه التكلف والاجتهاد والتعسير، كما قال -تعالى-: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال -تعالى-: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6]، وقال -تعالى-: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يسروا ولا تعسروا»([10])، وقال صلى الله عليه وسلم: «فإنما بُعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين»"([11]) .


ومن الأمثلة على ذلك:


1- التقرب إلى الله بقيام الليل كله وترك النوم، وبصوم الدهر كله، وباعتزال النساء وترك الزواج، وقد ورد هذا في قصة الرهط الثلاثة.
2- رمي الجمار بالحجارة الكبار بناء على أنه أبلغ من الحصى الصغار([12]).
3- الوسوسة في الوضوء والغسل وتنظيف الثياب بالزيادة والإسراف، وصب الماء على المحل غير المشروع، والتنطع في ذلك والتعمق والتشديد([13]).


([1])انظر: شرح مختصر الروضة (3/447)

([2])الفروق (3/788)

([3])بدائع الفوائد (2/272)

([4])القواعد المثلى (13) وانظر منه(28).

([5])فتح الباري (11/112).

([6])أخرجه البخاري (1/97) رقم (244)، ومسلم برقم (2710).

([7])أخرجه مسلم برقم (2688).

([8])أخرجه مسلم برقم (2200).

([9])انظر مجموع الفتاوى (10/392)، والاعتصام (2/135)، وأحكام الجنائز ص(242).

([10])رواه البخاري (1/163) برقم (69)، ومسلم برقم (1734).

([11])المحجة في سير الدلجة ص(46، 47)، والحديث رواه البخاري (1/323) برقم (220).

([12])انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/288، 289).

([13])انظر: الأمر بالاتباع ص(291).

المطلب الرابع

مسائل متفرقة


المسألة الأولى: هل يُصلَّى على كل ميت صلاة غائب أم لا؟


قال الشيخ ابن عثيمين جوابًا على هذا السؤال:
"في هذا خلاف بين أهل العلم: فمنهم من يقول يُصلّى على كل ميت غائب حتى أن بعضهم قال: ينبغي للإنسان في كل مساء أن يصلي صلاة الميت وينوي بها الصلاة على كل من مات من المسلمين في ذلك اليوم في مشارق الأرض ومغاربها.


وآخرون قالوا: لا يُصلى على أحد إلا من علم أنه لم يُصلى عليه.
وفريق ثالث قالوا: يُصلى على كل من كانت له يد على المسلمين من علم نافع أو غيره.
والراجح أنه لا يُصلى على أحد إلا من لم يُصلى عليه.



ففي عهد الخلفاء الراشدين مات كثير ممن كانت لهم أياد على المسلمين، ولم يصلَّ صلاة الغائب على أحد منهم، والأصل في العبادات التوقيف حتى يقوم الدليل على مشروعيتها"([1]).


المسألة الثانية: حكم تقديم الزكاة قبل وقت وجوبها([2]):


من قال من أهل العلم: إنه لا يجوز تقديم الزكاةعلى الحول فهذا مبني على أن الأصل في العبادات التوقيف، حيث رأى أنها إحدى دعائم الإسلام فوفَّاها حقها في النظام وحسن الترتيب، ولذا فقد قاسها على الصلاة، فقال: لا يجوز تقديم الزكاة على وقتها لحظة.


ورأى سائر العلماء أن التقديم اليسير فيها جائز؛ لأنه معفو عنه في الشرع بخلاف الكثير.


المسألة الثالثة: رجل صحيح الجسم ويريد أن يُحَجِّج عن نفسه فهل الحجة صحيحة؟


وقد أجابت اللجنة الدائمة للإفتاء على هذا السؤال بما يأتي:
"لا تجوز استنابة القادر على الحج في حج واجب عليه بإجماع العلماء.
قال ابن قدامة في المغني -رحمه الله-: "لا يجوز أن يستنيب في الحج من يقدر على الحج بنفسه إجماعًا"([3]). كما لا تجوز استنابته في حج نافلة على القول الصحيح؛ لأن الحج عبادة، والأصل في العبادات التوقيف، ولم يرد في الشرع فيما نعلم ما يدل على ذلك.


وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وفي لفظ «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»([4])"([5]).


المسألة الرابعة: هل يجوز قراءة الفاتحة على الموتى؟


قال الشيخ ابن عثيمين جوابًا على هذا السؤال:



"قراءة الفاتحة على الموتى لا أعلم فيها نصًا من السنة، وعلى هذا فلا تقرأ، لأن الأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم دليل على ثبوتها وأنها من شرع الله عز وجل.


ودليل ذلك: أن الله أنكر على من شرعوا في دين الله ما لم يأذن به الله فقال -تعالى-: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى: 21].


وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» وإذا كان مردودًا كان باطلا وعبثًا يُنزّه الله – عز وجل- أن يتقرب به إليه"([6]).

([1])فتاوى إسلامية (2/44).

([2])انظر: الجامع لأحكام القرآن (16/302).

([3])المغني (3/230).

([4])أخرجه مسلم برقم (1718).

([5])فتاوى إسلامية (2/410).

([6])فتاوى إسلامية (2/94).

توزيع العبادات على مقادير الأوقات 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر الله

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

قال الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله:

اعلم أنه ليس بعد تلاوة القرآن عبادة تؤدى باللسان أفضل من ذكر الله سبحانه وتعالى، ورفع الحوائج بالأدعية الخالصة إليه تعالى، ويدل على فضل الذكر قوله تعالى: }فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ{
[البقرة: 115] وقوله: }الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ{[آل عمران: 191] وقوله تعالى: }وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ{[الأحزاب: 35].



وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه» [رواه أحمد]. وفي أفراد مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده» [رواه مسلم].


وفي ذلك أحاديث كثيرة مذكورة في فضائل الأعمال. عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما جلس قوم مجلسًا فتفرقوا على غير ذكر الله عز وجل، إلا تفرقوا عن مثل جيفة الحمار، وكان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة» [رواه أبو داود وأحمد]. وفي حديث آخر: «لا يجلس قوم مجلسًا لا يذكرون الله عز وجل ولا يصلون على النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة» [رواه الترمذي والحاكم وأحمد].


وأما فضيلة الدعاء: فقد روى أبو هريرة t، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء، وأشرف العبادة الدعاء، ومن لا يسأل الله يغضب عليه» [رواه أحمد والترمذي والحاكم]. وفي حديث آخر: «سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يُسأل» [رواه الترمذي].


وللدعاء آداب منها:

أن يتحرى الأوقات الشريفة، كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الشهور، والجمعة من الأسبوع، والسحر من الليل. ومن الأوقات الشريفة بين الأذان والإقامة، وعقيب الصلوات، وعند نزول الغيث، وعند القتال في سبيل الله، وعند ختم القرآن، وفي السجود، وعند الإفطار، وعند حضور القلب ووجله.


وعلى الحقيقة فإن شرف الأوقات يرجع إلى شرف الحالات، فإن وقت السحر وقت صفاء القلب وفراغه، وحالة السجود حالة الذل.


ومن آداب الدعاء أن يدعو مستقبلاً القبلة، ويرفع يديه ثم يمسح بهما وجهه، وأن يخفض صوته حال الدعاء. ومن آدابه أن يبدأ بذكر الله عز وجل. ومن آدابه وهو الأدب الباطن وهو الأصل في الإجابة: التوبة، ورد المظالم.

الأوراد وفضلها

في الأوراد وفضلها وتوزيع العبادات على مقادير الأوقات اعلم: أنه إذا حصلت المعرفة لله سبحانه والتصديق بوعده، والعلم بقصر العمر، وجب ترك التقصير في هذا العمر القصير، والنفس متى وقفت على فن واحد حصل لها ملل، فمن التلطف نقلها من فن إلى فن، وقد قال تعالى: }وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً{[الإنسان: 25، 26]. فهذا ونحوه مما ذكر من الآيات في ذلك يدل على أن الطريق إلى الله تعالى مراقبة الأوقات وعمارتها بالأوراد على الدوام، وقال الله تعالى: }وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا{[الفرقان: 62]، أي يخلف أحدهما الآخر ليتدارك في أحدهما ما فات في الآخر.


عدد أوراد الليل والنهار وترتيبها:

أوراد النهار سبعة، وأوراد الليل ستة، فلنذكر فضيلة كل ورد ووظيفته وما يتعلق به.


أولاً أوراد النهار:


الورد الأول: ما بين طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، وهو وقت شريف، وقد أقسم الله تعالى به فقال: }وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ{[التكوير: 18] فينبغي للمريد إذا انتبه من النوم أن يذكر الله سبحانه وتعالى فيقول: «الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا وإليه النشور». ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في أفراد البخاري.


وفي أفراد مسلم، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال: «أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر».


وإذا أصبح قال ذلك أيضًا: «أصبحنا وأصبح الملك لله…» إلى آخره، ويقول: «باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» ثلاث مرات، «رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولاً».


فإذا صلى الفجر قال وهو ثان رجله قبل أن يتكلم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير» عشر مرات. ويذكر سيد الاستغفار: «اللهم أنت ربي، لا إله إلا آنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».


ويقول: «أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفًا مسلمًا، وما كان من المشركين»، ويدعو: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر». ويدعو بدعاء أبي الدرداء: «اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، عليك توكلت، وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا. اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم». فهذه الأدعية لا يستغني المريد عن حفظها.


وينبغي له قبل خروجه إلى صلاة الفجر أن يصلي السنة في منزله، ثم يخرج متوجهًا إلى المسجد ويقول: «اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرًا، ولا بطرًا، ولا رياء، ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار، وأن تغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت» [رواه ابن ماجه]. فإذا دخل المسجد فليقل ما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم عليَّ ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك». ثم يطلب الصف الأول منتظرًا للجماعة داعيًا بنحو ما تقدم من الأذكار والأدعية.


فإذا صلى الفجر استحب أن يمكث في مكانه إلى طلوع الشمس. فقد روى أنس t، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى الفجر في جماعة، ثم قعد يذكر الله تعالى حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة» [رواه الترمذي]. وليكن وظائف وقته أربعًا: الدعاء، والذكر، والقراءة، والفكر.


وليأت بما أمكنه، وليتفكر في قطع القواطع وشغل الشواغل عن الخير ليؤدي وظائف يومه، وليتفكر في نعم الله تعالى ليتوفر شكره.


الورد الثاني: ما بين طلوع الشمس إلى الضحى، وذلك بمضى ثلاث ساعات من النهار وإذا فرض النهار اثنتي عشرة ساعة، وهو الربع، وهذا وقت شريف وفيه وظيفتان:

إحداهما: صلاة الضحى.
والثانية:ما يتعلق بالناس من عيادة مريض، أو تشييع جنازة أو حضور مجلس علم، أو قضاء حاجة مسلم. وإن لم يفعل شيئًا من ذلك تشاغل بالقراءة والذكر.


الورد الثالث:من وقت الضحى إلى الزوال، والوظيفة في هذا الوقت، الأقسام الأربعة، وزيادة أمرين:


أحدهما: الاشتغال بالكسب والمعاش وحضور السوق، فإن كان تاجرًا فليتجر بصدق وأمانة، وإن كان صاحب صنعة فليصنع بنصيحة وشفقة، ولا ينسى ذكر الله تعالى في جميع أشغاله، وليقنع بالقليل.


والثاني: القيلولة، فإنها مما تعين على قيام الليل، كما يعين السحور على صيام النهار، فإن نام فليجتهد في الانتباه قبل الزوال بقدر الاستعداد للصلاة قبل دخول الوقت.


واعلم أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، فالاعتدال أن ينام من ذلك الثلث، وهو ثماني ساعات، فمن نام أقل من ذلك لم يأمن اضطراب بدنه، ومن نام أكثر من ذلك كثر كسله، فإذا نام أكثر من ذلك في الليل فلا وجه لنومه في النهار، بل من نقص منه استوفى ما نقص في النهار.


الورد الرابع: ما بين الزوال إلى الفراغ من صلاة الظهر، وهو أقصر أوراد النهار وأفضلها، فينبغي له في هذا الوقت إذا أذن المؤذن أن يجيبه بمثل قوله، ثم يقوم فيصلي أربع ركعات، ويستحب أن يطيلهن، فإن أبواب السماء تفتح حينئذ، ثم يصلي الظهر وسننها، ثم يتطوع بعدها بأربع.


الورد الخامس:ما بعد ذلك إلى العصر، يستحب له في هذا الوقت الاشتغال بالذكر، والصلاة، وفنون الخير، ومن أفضل الأعمال انتظار الصلاة بعد الصلاة.


الورد السادس: إذا دخل وقت العصر إلى أن تصفر الشمس، وليس في هذا الوقت صلاة سوى أربع ركعات بين الأذانين، ثم فرض العصر، ثم يتشاغل بالأقسام الأربعة التي سبق ذكرها في الورد الأول، والأفضل فيه تلاوة القرآن بالتدبر والتفهم.


الورد السابع: من اصفرار الشمس إلى أن تغرب، وهو وقت شريف. قال الحسن البصري رحمه الله: كانوا أشد تعظيمًا للعشي من أول النهار، فيستحب في هذا الوقت التسبيح، والاستغفار خاصة.


وبالمغرب تنتهي أوراد النهار فينبغي أن يلاحظ العبد أحواله ويحاسب نفسه، فقد انقضت من طريقه مرحلة. وليعلم أن العمر أيام تنقضي جملتها بانقضاء آحادها. قال الحسن: يابن آدم، إنما أنت أيام، إذا مضى يومك مضى بعضك.


وليتفكر: هل ساوى يومه أمسه؟ فإن رأى أنه قد توفر على الخير في نهاره، فليشكر الله سبحانه وتعالى على التوفيق، فإن تكن الأخرى، فليتب وليعزم على تلافي ما سبق من التفريط في الليل، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وليشكر الله تعالى على صحة جسمه، وبقاء بقية من عمر يمكن فيها استدراك التقصير، وقد كان جماعة من السلف يستحبون أن لا ينقضي يوم إلا عن صدقة، ويجتهدون فيما أمكن من كل خير.


ثانيًا: أوراد الليل:


الورد الأول: إذا غربت الشمس إلى وقت العشاء، فإذا غربت صلى المغرب واشتغل بإحياء ما بين العشاءين، فقد روي عن
أنس رضي الله عنه في قوله تعالى: }تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ{[السجدة: 16]. أن هذه الآية نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا يصلون بين المغرب والعشاء. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى بعد المغرب ست ركعات ولم يتكلم فيما بينهن بسوء، عدلن له بعبادة اثنتي عشرة سنة» [رواه الترمذي].



الورد الثاني:من غيبوبة الشفق الأحمر إلى وقت النوم، يستحب أن يصلي بين الأذانين ما أمكنه، وليكن في قراءته: }الـم * تَنْزِيلُ{[السجدة: 1، 2] و }تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ{[الملك: 1]. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأهما [رواه أحمد والترمذي والحاكم] وفي حديث آخر، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة» [رواه أبي السنن].

الورد الثالث:الوتر قبل النوم، إلا من كان عادته القيام بالليل، فإن تأخيره في حقه أفضل، قالت عائشة رضي الله عنها: «من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر». [متفق عليه]، ثم ليقل بعد الوتر: «سبحان الملك القدوس» ثلاث مرات.


الورد الرابع: النوم، وإنما عددناه من الأوراد، لأنه إذا روعيت آدابه وحسن المقصود به احتسب عبادة. وقد قال معاذ t: إني لأحتسب في نومتي كما أحتسب في قومتي.


فمن آداب النوم: أن ينام على طهارة، لما روت عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام توضأ وضوءه للصلاة [رواه أبو داود والنسائي]. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن الأرواح يعرج بها في منامها إلى السماء فتؤمر بالسجود عند العرش، فما كان منها طاهرًا سجد عند العرش، وما كان ليس بطاهر سجد بعيدًا عن العرش.


ومن آدابه:أن يتوب قبل نومه، لأنه ينبغي لمن طهر ظاهره أن يطهر باطنه، لأنه ربما مات في نومه. ومنها: أن يزيل كل غش في قلبه لمسلم، ولا ينوي ظلمه، ولا يعزم على خطيئة إذا استيقظ. ومنها: أن لا يبيت من له شيء يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عنده، لأن في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده».



وينبغي له أيضًا أن لا يبالغ في تمهيد الفراش متنعمًا بذلك، فإنه يزيد في النوم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ثني له فراشه فقال: «منعتني وطأته صلاتي الليلة». وينبغي أن لا ينام حتى يغلبه النوم، فقد كان السلف لا ينامون إلا غلبة.


ومن آدابه:أن يستقبل القبلة وأن يدعو بما ورد من الأحاديث في ذلك، وأن ينام على جنبه الأيمن فمما جاء في ذلك ما روى أبو هريرة t، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما حدث بعده». فإذا وضع جنبه فليقل: «باسم ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» أخرجاه في الصحيحين.


وفي الصحيحين أيضًا، من حديث عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما: }قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ{ و }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{ و }قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{ ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات.


وفيهما من حديث البراء بن عازب t، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت» فإنك إن مت في ليلتك مت على الفطرة، وإن أصبحت أصبت خيرًا.


وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ولفاطمة: «إذا أخذتما مضجعكما أو أويتما إلى فراشكما، فسبحا الله ثلاثًا وثلاثين، واحمداه ثلاثًا وثلاثين، وكبراه أربعًا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم» [متفق عليه].


وحديث أبي هريرة في حفظ زكاة رمضان مشهور، وفيه أن شيطانًا قال له: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان. فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أما إنه قد صدقك وهو كاذب» [رواه البخاري].


وفي أفراد مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: «الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم من لا كافي له ولا مؤوي».


فإذا استيقظ للتهجد، فليدع بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ربنا لك الحمد، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت» وفي رواية: «وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت» [متفق عليه]. وليجتهد أن يكون آخر كلامه عند النوم ذكر الله تعالى؛ وأول ما يجري على لسانه عند التيقظ ذكر الله تعالى؛ فهاتان علامتان على الإيمان.


الورد الخامس: يدخل بمضي النصف الأول إلى أن يبقى من الليل سدسه وذلك وقت شريف. قال أبو ذر رضي الله عنه: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي صلاة الليل أفضل؟ فقال: «نصف الليل، وقليل فاعله» [رواه البيهقي]. وروي أن داود رضي الله عنهقال: يا رب، أية ساعة أقوم لك؟. فأوحى الله تعالى إليه،: «يا داود، لا تقم أول الليل ولا آخره، ولكن قم في شطر الليل حتى تخلو بي وأخلو بك، وارفع إليَّ حوائجك».


فإذا قام إلى التهجد، قرأ العشر الآيات من آخر سورة آل عمران، كما جاء في الصحيحين. أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وليدع بما سبق من دعائه صلى الله عليه وسلم عند قيامه من الليل، ثم يستفتح صلاته بركعتين خفيفتين، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قام أحدكم يصلي بالليل، فليبدأ بركعتين خفيفتين» [رواه مسلم]. ثم يصلي مثنى مثنى، أكثر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كانت يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، وأقلهن سبع.


الورد السادس: من السدس الأخير، وهو وقت السحر، قال الله تعالى: }وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{[الذاريات: 18]. وفي الحديث: «إن قراءة الرجل آخر الليل محضورة» [رواه مسلم وأحمد]. وجاء طاووس رحمه الله إلى رجل وقت السحر فقالوا: هو نائم، فقال: ما كنت أرى أن أحدًا ينام في السحر. فإذا فرغ المريد من صلاة السحر، فليستغفر الله عز وجل. وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يفعل ذلك.

اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال

اعلم أن السالك لطريق الآخرة لا يخلو من ستة أحوال: إما أن يكون عابدًا، أو عالمًا، أو متعلمًا، أو واليًا، أو محترفًا، أو مستغرقًا بمحبة الله عز وجل مشغولاً به عن غيره.


الأول: العابد، وهو المنقطع عن الأشغال كلها إلى التعبد، فهذا يستعمل ما ذكرنا من الأوراد، وقد تختلف وظائفه، فقد كانت أحوال المتعبدين من السلف مختلفة، فمنهم من كان يغلب على حاله التلاوة، حتى يختم في يوم ختمة، أو ختمتين، أو ثلاثًا، وكان فيهم من يكثر التسبيح، ومنهم من يكثر الصلاة، ومنهم من يكثر الطواف بالبيت.


فإن قيل: فما الأولى أن يصرف إليه أكثر الأوقات من هذه الأوراد؟ فاعلم أن قراءة القرآن في الصلاة قائمًا مع التدبر يجمع الجميع، ولكن ربما عسرت المواظبة على ذلك، والأفضل يختلف باختلاف حال الشخص، ومقصود الأوراد تزكية القلب وتطهيره، فلينظر المريد ما يراه أشد تأثيرًا فيه فليواظب عليه، فإذا أحس بملل انتقل عنه إلى غيره. قال أبو سليمان الداراني: فإذا وجدت قلبك في القيام فلا تركع، وإذا وجدته في الركوع فلا ترفع.


الثاني: العالم الذي ينتفع الناس بعلمه في فتوى، أو تدريس، أو تصنيف، أو تذكير، فترتيبه في الأوراد يخالف ترتيب العابد، فإنه يحتاج إلى المطالعة في الكتب، والتصنيف، والإفادة، فإن استغرق الأوقات في ذلك، فهو أفضل ما يشغل به بعد المكتوبات، وإنما نعني بالعلم المقدم على العبادة العلم الذي يرغب في الآخرة، ويعين على سلوك طريقها.


والأولى بالعالم أيضا أن يقسم أوقاته، لأن استغراق الأوقات في العلم لا تصبر عليه النفس، فينبغي أن يخص ما بعد الصبح إلى طلوع الشمس بالأذكار والأوراد على ما ذكرنا. ثم ما بعد طلوع الشمس إلى الضحى في الإفادة والتعليم، فإن لم يكن عنده من يتعلم، صرف ذلك الزمان إلى التفكر في العلوم، فإن صفاء القلب بعد الفراغ من الذكر وقبل الاشتغال بهموم الدنيا يعين على التفطن للمشكلات.


ثم من ضحوة النهار إلى العصر للتصنيف والمطالعة، ولا يترك ذلك إلا في وقت أكل، أو طهارة، أو مكتوبة، أو قيلولة. ومن العصر إلى اصفرار الشمس بسماع ما يقرأ عليه من تفسير، أو حديث، أو علم نافع. ومن الاصفرار إلى الغروب يشتغل بالاستغفار والتسبيح.


فيكون ورده الأول من عمل اللسان، والثاني في عمل القلب بالتفكير، والثالث في عمل العين واليد وبالمطالعة والنسخ، والرابع بعد العصر في عمل السمع لتتروح العين واليد، فإن المطالعة والنسخ بعد العصر ربما أضرا بالعين.


وأما الليل فأحسن قسمة فيه قسمة الشافعي رحمه الله، فإنه كان يقسمه ثلاثة أجزاء: الثلث الأول لكتابة العلم، والثاني للصلاة، والثالث للنوم، فأما الصيف، فربما لا يحتمل ذلك إلا إذا كان أكثر النوم بالنهار.


الثالث: حال المتعلم، فإن التعلم أفضل من التشاغل بالأذكار والنوافل، وحكم المتعلم حكم العالم في ترتيب الأوراد، لكنه يشتغل بالاستفادة حين يشتغل العالم بالإفادة، وبالتعليق والنسخ حين يشتغل العالم بالتصنيف، فإن كان من العوام كان حضوره مجالس الذكر والعلم والوعظ أفضل من اشتغاله بالأوراد المتطوع بها.


الرابع: الوالي مثل الإمام، والقاضي، أو المتولي للنظر في أمر من أمور المسلمين، فقيامه بحاجات المسلمين وأغراضهم على وفق الشرع وقصد الإخلاص أفضل من الأوراد المذكورة، لأنه عبادة يتعدى نفعها، فنبغي أن يقتصر في النهار على المكتوبات، ثم يستفرغ باقي الزمان في ذلك، ويقنع بأوراد الليل.


الخامس: المحترف، وهو محتاج إلى الكسب له ولعياله، فليس له أن يستغرق الزمان في التعبد، بل يجتهد في الكسب مع دوام الذكر، فإذا حصل له ما يكفيه عاود الأوراد.


السادس: المستغرق بمحبة الله سبحانه، فهذا ورده بعد المكتوبات حضور القلب مع الله تعالى، وهو يحركه إلى ما يريد من ورده. وينبغي أن يداوم العمل مع الأوراد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله تعالى أدومه وإن قل» [رواه البخاري ومسلم] كان النبي صلى الله عليه وسلم عمله ديمة.

قيام الليل وفضله والأسباب الميسرة لقيامه

قال الله تعالى: }تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ{[السجدة: 16]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وهو قربة إلى ربكم، ومغفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم» [رواه الترمذي والحاكم] وفي فضله أحاديث كثيرة.


قال الحسن البصري رحمه الله: لم أجد من العبادة شيئًا أشد من الصلاة في جوف الليل، فقيل له: ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهًا؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.


في الأسباب الميسرة لقيام الليل:


اعلم أن قيام الليل صعب إلا على من وفق للقيام بشروطه الميسرة له. فمن الأسباب ما هو ظاهر، ومنها ما هو باطن.


فأما الظاهر: فأن لا يكثر الأكل، كان بعضهم يقول: يا معشر المريدين، لا تأكلوا كثيرًا، فتشربوا كثيرًا، فتناموا كثيرًا، فتخسروا كثيرًا، ومنها: أن لا يتعب نفسه بالنهار بالأعمال الشاقة. ومنها: أن لا يترك القيلولة بالنهار، فإنها تعين على قيام الليل. ومنها: أن يجتنب الأوزار. قال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته.


وأما الميسرات الباطنة:فمنها: سلامة القلب للمسلمين، وخلوه من البدع، وإعراضه عن فضول الدنيا. ومنها: خوف غالب يلزم القلب مع قصر الأمل. ومنها: أن يعرف فضل قيام الليل.


ومن أشرف البواعث على ذلك الحب لله تعالى، وقوة الإيمان بأنه إذا قام ناجى ربه، وأنه حاضره ومشاهده، فتحمله المناجاة على طول القيام. قال أبو سليمان رحمه الله: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.


وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا آتاه إياه، وذلك كل ليلة».


وإحياء الليل مراتب:


إحداها: أن يحيى الليل كله، روي ذلك عن جماعة من السلف.
الثانية: أن يقوم نصف الليل، وهو مروي أيضًا عن جماعة من السلف، وأحسن الطريق في هذا أن ينام الثلث الأول من الليل، والسدس الأخير منه.


المرتبة الثالثة:أن يقوم ثلث الليل، فينبغي أن ينام النصف الأول، والسدس الأخير، وهو قيام داود عليه السلام.


ففي الصحيحين: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه» ونوم آخر الليل حسن، لأنه يذهب آثار النعاس من الوجه بالغداة، ويقلل صفرته.


المرتبة الرابعة: أن يقوم سدس الليل أو خمسه، والأفضل من ذلك ما كان في النصف الأخير، وبعضهم يقول: أفضله السدس الأخير.


المرتبة الخامسة: أن لا يراعى التقدير، فإن مراعاة ذلك أمر صعب.


ثم فيما يفعله طريقان:


أحدهما: أن يقوم أول الليل إلى أن يغلبه النوم فينام، فإذا انتبه قام، فإذا غلبه النوم نام، وهذا من أشد المكابدة، وهو طريق جماعة من السلف.


وفي الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه: ما كنا نشاء أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم مصليًا من الليل إلا رأيناه، وما كنا نشاء أن نراه نائمًا إلا رأيناه.


وكان عمر رضي الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله، حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله، فيقول: الصلاة الصلاة.


وقال الضحاك: أدركت أقوامًا يستحيون من الله في سواد هذا الليل من طول الضجعة.


الطريق الثاني: أن ينام أول الليل، فإذا أخذ حظه من النوم، قام الباقي، قال سفيان الثوري: إنما هي أول نومة، فإذا انتبهت لم أقلها يعني: لم ينم.


المرتبة السادسة: أن يقوم مقدار أربع ركعات أو ركعتين، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلوا من الليل، صلوا أربعًا، صلوا ركعتين…».


وفي سنن أبي داود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا جميعًا ركعتين، كتبا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات». وكان طلحة بن مصرف يأمر أهله بقيام الليل، ويقول: صلوا ركعتين، فإن الصلاة في جوف الليل تحط الأوزار.


فهذه طرق قسمة الليل، فليتخير المريد لنفسه منها ما يسهل عليه، فإن صعب القيام عليه في وسط الليل، فلا ينبغي أن يخل بإحياء ما بين العشاءين وورد السحر، ليكون قائمًا في الطرفين، وهذه مرتبة سابعة.


فأما من صعبت عليه الطهارة في الليل، وثقلت عليه الصلاة، فليجلس مستقبلاً القبلة، وليذكر الله تعالى، وليدع بما يقدر عليه، فإن لم يجلس فليدع وهو مضطجع.


ومن كان له ورد فغلبه النوم وفاته وقت ذلك الورد، فليأت به بعد صلاة الضحى فقد ورد ذلك في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


وليحذر من له عادة بقيام الليل أن يتركها، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو: «لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل».

الليالي والأيام الفاضلة ([1])

أما الليالي المخصوصات بمزيد الفضل التي يستحب إحياؤها، فخمس عشرة ليلة ولا ينبغي للمريد أن يغفل عنهن، لأنه إذا غفل التاجر عن موسم الربح فمتى يريح؟!


فمن هذه الليالي سبع في رمضان: الليلة السابعة عشرة، وهي التي كانت صبيحتها واقعة بدر، والست الباقية هن أوتار العشر، إذ فيهن تطلب ليلة القدر.


وأما الثماني الأخر: فأول ليلة من المحرم، وليلة عاشوراء، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف منه، وليلة سبع وعشرين منه فإنها ليلة المعراج! وليلة النصف من شعبان، وليلة عرفة، وليلتا العيدين. وقد ورد صلوات لبعض هذه الليالي وليس فيها ما يثبت.


وأما الأيام الفاضلة فتسعة عشر يومًا: يوم عرفة، ويوم عاشوراء، ويوم سبع وعشرين من رجب، وهو أول يوم هبط فيه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، ويوم سبع عشرة من رمضان كان فيه واقعة بدر، ويوم النصف من شعبان، ويوم الجمعة، ويوم العيدين، والأيام المعلومات وهي عشر ذي الحجة، والأيام المعدودات وهي أيام التشريق.


ومن فواضل الأيام في الأسبوع: يوم الاثنين، والخميس، والأيام البيض. وفيها فضل كبير.


وهذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻄﻴﻚ ﺍﻟﻒ ﻋﺎﻓﻴﻪ
ﺗﺴﻠﻢ ﻳﻤﻴﻨﻚ ﻋﺎﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ

التقويم الهجرى والعبادات الإسلامية 2024.

نحن ندعو كل المسلمين إلى الإحتفاء بأول العام الهجرى لأن العام الهجرى أو العام القمرى – أيهما شئت – هو العام الذى اختاره رب العالمين وربط به شرعه فى كل وقت وحين كما قال تعالى فى محكم التنزيل {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} التوبة36

هذا الكلام فى العام الهجرى فكل توقيتاتك وكل حساباتك فى تشريعاتك مرتبطة بهذا العام ، الصيام مرتبط بشهر من أشهر التقويم الهجرى وهو شهر رمضان: {صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ}{1}
والزكاة إذا كانت زكاة الأموال أو الذهب أو زكاة عروض التجارة التى تجب مرة كل عام هجرى فيجب حسابها عليه لا على العام الميلادى لأنى لو حسبتها على العام الميلادى سأنكسر عند الله وأُصبح مديوناً لأن العام الهجرى ثلاثمائة وخمسة وخمسون يوماً والعام الميلادى ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً وربع
فإذا حسبت زكاتى على العام الميلادى فكل عدة سنين سينكسر علىَّ زكاة سنة لله لم أؤدها ، ومن حرص الله على العام الهجرى انظروا معى: أهل الكهف كانوا من أتباع سيدنا عيسى – أى التقويم الميلادى – تَحَدَّث الله عنهم فماذا قال؟ {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ} الكهف25
ثم ذكر الهجرى: {وَازْدَادُوا تِسْعاً} الكهف25
حتى نعتز بتقويمنا الهجرى ، نحن نذكر الميلادى فقط لابد من الإثنين معاً ، وبالحسابات الدقيقة فإن ثلاثمائة سنة شمسية هى ثلاثمائة وتسعة هجرية، وهذا إعجاز لرب البرية فى الآيات القرآنية ، عاش رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة هجرية أى حوالى ستون سنة ميلادية
فكل الحسابات فى شرعنا بالتقويم الهجرى لأنه التقويم الإلهى الذى ارتبطت به كل الكائنات ، فالكائنات غير مرتبطة بالشمس بل بالقمر، والحج: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} البقرة197
وهى شوال وذو القعدة وذو الحجة ويوم عرفة يوم التاسع من ذى الحجة ولا يجوز أن يتغيرلأن هذا تقويم الله
جعل الله كل هذه التوقيتات بالهجرى حتى يمر علينا رمضان كل ثلاث وثلاثون سنة فى كل الأزمان فى الحر والبرد والخريف ، والحج يأتى فى كل الأزمان لأن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان فيكون الجو المناسب لأهل أى زمان ومكان يذهبون فيه لحج بيت الله الحرام
لكن لو كان فى الأيام الميلادية فإنه سيكون ميعاد ثابت جامد ، سيكون رحيماً بقوم وقاسى على آخرين لكن شرع الله رحمة تامة للخلق أجمعين
جعل الله حتى تشريعات النساء بالتقويم الهجرى فدورة النساء تمشى مع دورة القمر إما ثمانى وعشرون يوماً أو تسع وعشرون أو ثلاثون ولا تزيد على ذلك
ولذلك من ضمن الأسرار التى نذكرها لمن يريدون الإنجاب أو تأخر عنهم الإنجاب ، فنقول لهم: احسب أول يوم تجئ فيه الدورة للسيدات ثم احسب حتى ليلة أربع عشرة حيث تكون البويضة فى أكمل حالاتها وأتم هالتها كالقمر وتكون جاهزة للتلقيح ، وللإحتياط يتم الحساب ليالى الثانى عشر والثالث عشر والرابع عشر حيث تكون البويضة جاهزة للتخصيب فى هذه الأيام ، حتى من يريد ألا يستخدم وسائل لمنع للحمل نقول له تجنب هذه الأيام فلا يحدث حمل ، أسرار ربانية فى التشريعات الإلهية
ثم يأتى بعد ذلك عدة النساء وحمل النساء وولادة النساء كله على التقويم الهجرى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً} الأحقاف15
الحمل تسعة أشهر هجرية: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} البقرة233
بالتقويم الهجرى
وعدة النساء إذا كانت عدة طلاق: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} البقرة228
قروء وليست أشهر ، بعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاث حيضات وبعض الأئمة أخذوها على أنها ثلاثة طُهر المهم أن تأتيها الدورة ثلاث مرات
وإذا كانت عدة وفاة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} البقرة234
بالهجرى وليس بالميلادى
فكل حسابات الله حسابات قمرية لأن فيه أسرار إلهية لا يستطيع البشر اكتشافها إلا ما أباح المولى عز وجل لهم بشأنها

{1} الصحيحين البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنهم

كل ماقلته لا يدعونا للاحتفال به بل من الجيد التذكير بفضائله واستحباب صيامه وخاصة عاشوراء

وكثير من المنكرين لبدع العبادات تجدهم مقصرين في فعل السنن 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله:
واعلم أن من الاعمال ما يكون فيه خير , لاشتماله على أنواع من المشروع , وفيه أيضا شر , من بدعة وغيرها , فيكون ذلك العمل خيراً بالنسبة إلى الاعراض عن الدين بالكلية كحال المنافقين والفاسقين .

وهذا قد ابتلي به أكثر الأمة في الأزمان المتأخرة فعليك هنا بأدبين :

أحدهما : أن يكون حرصك على التمسك بالسنة باطنا وظاهرا في خاصتك وخاصة من يطيعك , واعرف المعروف وأنكر المنكر .

الثاني : أن تدعو الناس إلى السنة بحسب الإمكان .

فإذا رأيت من يعمل هذا ولا يتركه إلا إلى شر منه , فلا تدعو إلى ترك منكر بفعل ما هو أنكر منه , أو بترك واجب , أو مندوب تركه أضر من فعل ذلك المكروه , ولكن إذا كان في البدعة من الخير , فعوض عنه من الخير المشروع بحسب الإمكان .

إذا النفوس لا تترك شيئا إلا بشيء , ولا ينبغي لأحد أن يترك خيرا إلا إلى مثله أو إلى خير منه , فإنه كما أن الفاعلين لهذه البدع معيبون قد أتوا مكروها , فالتاركون أيضا للسنن مذمومون .
فإن منها ما يكون واجبا على الاطلاق , ومنها ما يكون واجبا على التقييد , كما أن الصلاة النافلة لا تجب ولكن من أراد أن يصليها يجب عليه أن يأتي بأركانها…….. ,
ومنها ما يكره المداومة على تركه كراهة شديدة , ومنها ما يكره تركه أو يجب فعله على الأئمة دون غيرهم وعامتها يجب تعليمها والحض عليها والدعاء إليها .

وكثير من المنكرين(1) لبدع العبادات تجدهم مقصرين في فعل السنن من ذلك , أو الأمر به , ولعل حال كثير منهم يكون أسوأ من حال من يأتي بتلك العادات المشتملة على نوع من الكراهة .
بل الدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه , فلا ينهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف يغني عنه , كما يؤمر بعبادة الله وينهى عن عبادة ما سواه
. النقل من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة اصحاب الجحيم ص405-406 ط دار الفضيلة

============================== =
1- قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في شرحه على هذا الكتاب:
بعض الناس ينكر البدع وهذا شيء مطلوب , لكنه لا يكون حريصا على السنن , فالذي ينبغي له الوصفان , إنكار على البدع والحرص على السنن .
فكثيرا من الناس ينكرون البدع وهذا شيء مطلوب , ولكنهم لا ينشطون في السنن , فهم فعلوا شيئا وتركوا شيئا , فينبغي لهم أن يحرصوا على السنن , وهذا حال كثير من الشباب وطلبة العلم منهم في وقتنا الحاضر , فإنهم ينكرون البدع وقد يحكمون أحيانا على بعض العبادات أنها بدعة , كصلاة التراويح وعدد ركعاتها , ثم تجدهم كسالى لا يصلون مع الناس التراويح ولا التهجد وما يحرصون على السنن , وإنما ديدنهم إنكار البدع وهذا شيئا مطلوب لكن ما يكفي هذا , فأنت إذا انكرت البدعة فعوض عنها بالسنة , وإيضا أنت إذا انكرت البدع اغرس محلها السنن في قلبك وفي قلوب الناس , ولا تجعل الأمر فراغاً فالناس سيعملون إما في الخير وإما في الشر , إما اشغلتهم بالسنة وبينتها لهم أو اشتغلوا بالبدعة .
والشيخ – ابن تيمية – نبه على شيء قال بعضهم – ممن ينكرون البدع – قد يكون حاله اسوأ ممن يفعل شيئا مما فيه شيئا من المكروه .
لأن هذا الذي يفعل شيئا من المكروه عنده شيئا من الحرص على العبادة ورغبة في الخير لكنه قد يخطئ , لكن هولاء – المنكرين – يتركون العمل نهائياً
.

مزيدا من تعليق الشيخ وفيه فوائد على الرابط

وفي السابق واللاحق من المنقول فوائد :

1- أن الكمال في الإتيان بالمشروع الصافي عزيز خصوصا في هذه الأزمان إلا من وفقه الله وقليل ما هم .
2- أن النجاة من التخليط بين المشروع وغير المشروع يكون بالعلم النافع فهو المؤدي للعمل الصالح النقي من الشوائب .
3- من عرف السنة في عمل ما فليعض عليها بالنواجذ , ولا يكون عاضاً إلا بإدمان العمل بتلك السنة .
4- أن تدعو من تستطيع لما عرفت من السنن والإجتهاد في نشرها بين الناس .
5- النفس لابد لها من عمل , فإن أشغلتها بالسنة وإلا أشتغلت بالبدعة .
6- لا ينبغي لأحد أن يترك خيرا إلا إلى مثله أو إلى خير منه .
7- البقاء على العمل المفضول بل والمكروه أحيانا خير من ترك العمل بالكلية .
8- لا يُنهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف يغني عنه , فالدين أمر ونهي ونفي وإثبات كما في كلمة التوحيد وهي أصل الدين .

والله اعلم وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان
والحمد لله رب العالمين

ماشاء الله ..
وهذه قاعدة فقهية عظيمة .. فلو عجزنا عن إزالة المنكر إلا بمنكر لكنه أقل منه مفسدة فإننا نختارأهون الشرين ..
بارك الله فيكم أخي أبا الوليد على النقل الطيب وجعله في ميزان حسناتكم .
جزاك الله خير ابا الوليد
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة VIP القعدة
القعدة
القعدة
ماشاء الله ..
وهذه قاعدة فقهية عظيمة .. فلو عجزنا عن إزالة المنكر إلا بمنكر لكنه أقل منه مفسدة فإننا نختارأهون الشرين ..
بارك الله فيكم أخي أبا الوليد على النقل الطيب وجعله في ميزان حسناتكم .
القعدة القعدة

نعم اخي العزيز علي قاعدة فقهية جزاك الله خير .

وفيك بارك

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسد الشيشان القعدة
القعدة
القعدة
جزاك الله خير ابا الوليد
القعدة القعدة

بارك الله فيك اخي اسد الشيشان على مرور العطر

فقه العبادات 2024.

القعدة بيانات الكتاب ..

العنوان فقه العباداتالمؤلف الشيخ محمد الصالح العثيميننبذة عن الكتاب

تاريخ الإضافة 25-7-1429عدد القراء 17048رابط القراءة رابط التحميل القعدة << اضغط هنا >>