الايمان بالرسل واليوم الاخر 2024.

الإيمـان بالرسـل
الإيمان بالرسل : هو التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولاً يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يعبد من دونه ، وأن جميعهم صادقون أتقياء أمناء وأنهم بلغوا البلاغ المبين وأقاموا حجة الله على العالمين .
و الرسل: جمع رسول بمعنى مرسل، أي مبعوث بإبلاغ شيء.
والمراد هنا : من أوحي إليه من البشر بشرع وأمر بتبليغه .
وأول الرسل : نوح وأخرهم محمد صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى :{إِنّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىَ نُوحٍ وَالنّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ}21 وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه في حديث الشفاعة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الناس يـأتون إلى آدم ليشفع لهم فيعتذر إليهم ويقول: ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله وذكر تمام الحديث وقال الله تعالى في محمد صلى الله عليه وسلم : {مّا كَانَ مُحَمّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ وَلَـَكِن رّسُولَ اللّهِ وَخَاتَمَ النّبِيّينَ}22
ولم تخل أمة من رسول يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه أو نبي يوحي إليه بشريعة من قبله ليجددها ، قال الله تعـالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلّ أُمّةٍ رّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الْطّاغُوتَ }23.
والرسل : بشر مخلوقون ليس لهم من خصائـص الربوبية والألوهية شيء، قال الله تعـالى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد الرسل وأعظمهم جاهاً عند الله {قُل لاّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاّ مَا شَآءَ اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسّنِيَ السّوَءُ إِنْ أَنَاْ إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}24 .
وتلحقهم خصائـص البشرية من المرض والموت والحاجة إلى الطعام والشراب وغير ذالك ، قال الله تعـالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في وصفه لربه تعالى: {وَالّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالّذِي يُمِيتُنِي ثُمّ يُحْيِينِ}25 ، وقال في النبي محمد صلى الله عليه وسلم :"إنمـا أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني".
وقد وصفهم الله تعـالى بالعبودية له في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال تعالى في نوح صلى الله عليه وسلم : {إِنّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً}26 ، وقال في النبي محمد صلى الله عليه وسلم : {تَبَارَكَ الّذِي نَزّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىَ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}27 ، وكذا في بقية الأنبياء والرسل عليهم السلام.
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بـأن رسالتهم حق من الله تعالى فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع ،
كما قال الله تعالى: {كَذّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}28 فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذبوه ، وعلى هذا فالنصارى الذين كذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبون للمسيح بن مريم غير متبعين له أيضا ، لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم ينقذهم الله به من الضلالة ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم مثل: " محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح " عليهم الصلاة والسلام وهؤلاء الخمسة هم أولوا العزم من الرسل . قال تعالى : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النّبِيّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ}29
وأما من لم نعلم اسمه منهم فنؤمن به إجمالا قال الله تعـالى : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ مِنْهُم مّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مّن لّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} 30
الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس قال الله تعـالى: {فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتّىَ يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمّ لاَ يَجِدُواْ فِيَ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مّمّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً}1. وللإيمان بالرسل ثمرات جليلة منها:
الأولى : العلم برحمة الله تعالى وعنايته بعباده حيث أرسل إليهم الرسل ليهدوهم إلى صراط الله تعالى ويبينوا لهم كيف يعبدون الله، لأن العقل البشري لا يستقل بمعرفة ذلك.
الثانية: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى .
الثالثة: محبة الرسل عليهم الصلاة والسلام وتعظيمهم والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى ، ولأنهم قاموا بعبادته وتبليغ رسالته والنصح لعباده.
وقد كذب المعاندون رسلهم زاعمين أن رسل الله تعالى لا يكونون من البشر، وقد ذكر الله تعالى هذا الزعم وأبطله بقوله: {وَمَا مَنَعَ النّاسَ أَن يُؤْمِنُوَاْ إِذْ جَآءَهُمُ الْهُدَىَ إِلاّ أَن قَالُوَاْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رّسُولاً * قُل لَوْ كَانَ فِي الأرْضِ مَلآئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنّينَ لَنَزّلْنَا عَلَيْهِم مّنَ السّمَآءِ مَلَكاً رّسُولاً}32.
الإيمـان باليومالآخر
الإيمان باليوم الآخر : هو التصديق الجازم بكل ما أخبر به الله تعالى في كتابه ، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته مما يكون بعد الموت من فتنة القبر ، وعذابه ونعيمه والبعث والحشر والصحف والحساب والميزان والحوض والصراط والشفاعة والجنة والنار وما أعد الله تعالى لأهلها جميعاً وما يكون بين يدي الساعة من علامات صغرى وكبرى .
واليوم الآخر: يوم القيامة الذي يبعث الناس فيه للحساب والجزاء وسمي بذلك لأنه لا يوم بعده، حيث يستقر أهل الجنة في منازلهم وأهل النار في منازلهم.
والإيمان باليوم الآخر يتضمن ثلاثة أمور:

الأول: الإيمان بالبعث وهو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس لرب العالمين حفاة غير منتعلين، عراة غير مستترين، غرلا غير مختتنين ، قال الله تعالى : {كَمَا بَدَأْنَآ أَوّلَ خَلْقٍ نّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنّا كُنّا فَاعِلِينَ}33. والبعث حق ثابت دل عليه الكتاب والسنة وإجمـاع المسلمين، قال تعالى: {ثُمّ إِنّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيّتُونَ * ثُمّ إِنّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ}34،وقال النبي صلى الله عليه وسلم (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا)35. وأجمع المسلمون على ثبوته ، وهو مقتضى الحكمة حيث تقتضي أن يجعل الله تعالى لهذه الخليقة معاداً يجازيهم فيه على ما كلفهم به على ألسنة رسله ، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}36 ، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم{إِنّ الّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدّكَ إِلَىَ مَعَادٍ}37.
الثاني: الإيمان بالحساب والجزاء ، يحاسب العبد على عمله ويجازى عليه، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة وإجمـاع المسلمين، قال الله تعالى:{إِنّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ * ثُمّ إِنّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}38.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه (39) ويستره ، فيقول : أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا؟ فيقول نعم أي رب ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى أنه قد هلك، قال: قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، فيعطى كتاب حسناته ، وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق {هَـَؤُلآءِ الّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىَ رَبّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظّالِمِينَ}"40 . متفق عليه.
وقد أجمع المسلمون على إثبات الحساب والجزاء على الأعمال وهو مقتضى الحكمة.
الثالث: الإيمان بالجنة والنار وأنهما المآل الأبدي للخلق. فالجنة دار النعيم الـتي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين الذين آمنوا بما أوجب الله عليهم الإيمان به، وقاموا بطاعة الله ورسوله مخلصين لله متبعين لرسوله، فيها من أنواع النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، قال الله تعالى: {إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ أُوْلَـَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ * جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ جَنّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً رّضِىَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبّهُ}41 ، وقال تعالى:{فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مّآ أُخْفِيَ لَهُم مّن قُرّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}42.
وأما النار فهي دار العذاب التي أعدها الله تعالى للكافرين الظالمين الذين كفروا به وعصوا رسله ، فيها من أنواع العذاب و النكال مالا يخطر على البال، قال الله تعالى: {وَاتّقُواْ النّارَ الّتِيَ أُعِدّتْ لِلْكَافِرِينَ}43 ، وقال: {إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً}44.
وللإيمان باليوم الآخر ثمرات جليلة منها :
الأول : الرغبة في فعل الطاعة والحرص عليها رجاءً لثواب ذلك اليوم.
الثانية : الرهبة من فعل المعصية ومن الرضى بها خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
الثالثة : تسلية المؤمن عما يفوته من الدنيا بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
وقد أنكر الكافرون البعث بعد الموت زاعمين أن ذلك غير ممكن وهذا الزعم باطل دل على بطلانه الشرع والحس والعقـل.
أما الشرع فقد قال الله تعالى : {زَعَمَ الّذِينَ كَفَرُوَاْ أَن لّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىَ وَرَبّي لَتُبْعَثُنّ ثُمّ لَتُنَبّؤُنّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ}45 ، وقد اتفقت جميع الكتب السماوية عليه.
وأما الحس فقد أرى الله عباده إحياء الموتى في هذه الدنيا، وفي سورة البقرة خمسة أمثلة على ذلك ومنها:
المثال الأول : قوم موسى حين قالوا له لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم ، وفي ذلك يقول الله تعالى مخاطباً بني إسرائيل: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَىَ لَن نّؤْمِنَ لَكَ حَتّىَ نَرَى اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمّ بَعَثْنَاكُم مّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلّكُمْ تَشْكُرُونَ}46.
المثال الثاني : في قصة القتيل الذي اختصم فيه بنو إسرائيل. البقرة : 73
المثال الثالث: في قصة الذين خرجوا من ديارهم فراراً من الموت وهم ألوف فأماتهم الله تعالى ثم أحياهم. البقرة : 243
المثال الرابع : في قصة الذي مر على قرية ميتة فاستبعد أن يحييها الله تعالى فأماته الله تعالى مئة سنة ثم أحياه. البقرة:259
المثال الخامس: في قصة إبراهيم الخليل حين سأل الله تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى. البقرة :260
فهذه أمثلة حسية واقعة تدل على إمكان إحياء الموتى. وقد سبقت الإشارة إلى ما جعله الله تعالى من آيات عيسى بن مريم في إحياء الموتى وإخراجهم من قبورهم بإذن الله تعالى.

وأما دلالة العقل على إمكان البعث فمن وجهين:
الأول : أن الله تعالى فاطر السماوات والأرض وما فيهما خالقهما ابتداء والقادر على ابتداء الخلق لا يعجز عن إعادته ، قال الله تعالى : {وَهُوَ الّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ}47.
الثاني : أن الأرض تكون ميتة هامدة ليس فيها شجرة خضراء فينزل عليها المطر فتهتز خضراء حية فيها من كل زوج بهيج والقادر على إحيائها بعد موتها قادر على إحياء الأموات، قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزّتْ وَرَبَتْ إِنّ الّذِيَ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الْمَوْتَىَ إِنّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}48.
ويلتحق بالإيمان باليوم الآخر : الإيمان بكل ما يكون بعد الموت مثل:
(أ) فتنة القـبر:
وهي سؤال الميت بعد دفنه ، عن ربه ودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فيقول المؤمن ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ويضل الله الـظالمين فيقول الكافر هاه هاه لا أدري . ويقول المنافق أو المرتاب (49) لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.
(ب) عذاب القبر ونعيمه:
فأما عذاب القبر فيكون للظالميـن من المنافقين والكافرين ، قال الله تعالى: {وَلَوْ تَرَىَ إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُوَاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوَاْ أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}50 ، وقال تعالى في آل فرعون: {النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوَاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدّ الْعَذَابِ}51 . وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذوا بالله من عذاب القبر .
وأما ، نعيم القبر فللمؤمنين الصادقين قال الله تعالى: {إِنّ الّذِينَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}52.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المؤمن إذا أجاب الملكين في قبره: " ينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة ، قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره " رواه أحمد وأبو داود في حديث طويل.
وقد ضل قوم من أهل الزيغ أنكروا عذاب القبر ونعيمه زاعمين أن ذلك غير ممكن لمخالفته الواقع ، قالوا فإنه لو كشف عن الميت في قبره لوجد كما كان عليه والقبر لم يتغير بسعة ولا ضيق .
وهذا الزعم باطل بالشرع والحس والعقل :
أما الشرع فقد سبقت النصوص الدالة على ثبوت عذاب القبر ونعيمه. وفي صحيح البخاري . من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بعض حيطان ، المدينة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما وذكر الحديث وفيه : أن أحدهما كان لا يستتر من البول وأن الآخر كان يمشي بالنميمة.
وأم الحس فإن النائم يرى في منامه أنه كان في مكان فسيح بهيج يتنعم فيه، أو أنه كان في مكان ضيق موحش يتـألم منه، وربما يستيقـظ أحيانا مما رأى و مع ذلك فهـو على فراشه في حجرته على ما هو عليه، والنوم أخو الموت، ولهذا سماه الله تعالى وفاة، قال الله تعالى: {اللّهُ يَتَوَفّى الأنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا وَالّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِـهَا فَيُمْسِكُ الّتِي قَضَىَ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُخْرَىَ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى}53.
وأما العقل فإن النائم في منامه يرى الرؤيا الحق المطابقة للواقع وربما رأى النبي صلى الله عليه وسلم على صفته ومن رآه على صفته فقد رآه حقا، ومع ذلك فالنائم في حجرته على فراشه بعيدا عما رأى فإذا كان هذا ممكنا في أحوال الدنيا أفلا يكون ممكنا في أحوال الآخرة ؟؟!

هذه السلسلة هي من خير ما أنتقي في العقيدة فاستفيدوا منها لا تنسونا من صالح دعائكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.