الأخوَّة في الله بين الأمل المنشود والواقع الأليم .من أروع ما قرأت 2024.

الحمد لله
أولاً:
الأخوَّة في الله ، والحب في الله ، من أعظم شعائر الدين ، وأوثق عرى الإيمان ، وقد جاء في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يبين ذلك ويوضحه بأجلى صورة ، وأحلى عبارة ، ويكفينا في ذلك بعض الآيات والأحاديث ، ومنها :
قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/ من الآية 10 .
وقوله : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران/ 103 .
وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .
رواه البخاري ( 16 ) ومسلم ( 43 ) .
قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – :
الخصلة الثانية : أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، والحب في الله من أصول الإيمان ، وأعلى درجاته ، … وإنما كانت هذه الخصلة تالية لما قبلها ؛ لأن مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما : فقد صار حبُّه كله له ، ويلزم من ذلك أن يكون بغضه لله ، وموالاته له ، ومعاداته له ، وأن لا تبقى له بقية من نفسه وهواه ، وذلك يستلزم محبة ما يحبه الله من الأقوال ، والأعمال ، وكراهة ما يكرهه من ذلك ، وكذلك من الأشخاص .
" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 49 – 51 ) باختصار .
[color="rgb(255, 140, 0)"]ثانياً:[/color]
لو كان حبُّ المسلم لأخيه حبا لله تعالى : لما اشتكى مشتكٍ من أفعال بعض من لم يذق حلاوة الإيمان ، ومن جعل ميزان حبَِّه للآخرين : اللغة ، أو اللون ، أو البلد ، أو الحزب والجماعة ، أو المال ، أو حسن الصورة : فقد خاب وخسر ، واستعمل ميزانَ ظلم ، وليس بمستنكر بعدها ما يصدر منه من تصرفات تجاه إخوانه ، [color="rgb(255, 140, 0)"]وأما إن كان ميزانه في الحب في الله : الاستقامة ، والخلُق : فليبشر بثواب جزيل ، وفضل عميم ، من ربه الكريم .[/color]
عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).
رواه أبو داود ( 3527 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الملا علي القاري في " مرقاة ال****** شرح مشكاة المصابيح " :
ولما كانت الأغراض الفاسدة في المحبة منحصرة في أنها إما أن تكون للقرابة – على ما هو مركوز في الطبائع – ، أو للمال – من حيث إنه مطمح الأطماع – : اقتصر عليهما ، والمقصود : تحسين النية ، وتزيين الطوية .
انتهى
ثالثاً:
لتعلم أخي حقيقة الأمر ، وواقع الأخوَّة ، وحتى لا تجد الأوهامُ مجالاً رحباً في نفسك : اعلم أن الظفر بأخ في الله يتصف بمشاعر النبل ، والصدق ، والأمانة ، وغيرها من الصفات الحسنة : عملة نادرة ، فلا تتعب نفسك بالبحث عن أخ يمتلك الصفات الجميلة كاملة ، فارض بما هو موجود مما يشوبه كدر ، ويعتريه نقص ، [color="rgb(139, 0, 0)"]ولستَ أنت الكامل لتبحث عن مثلك [/color]، فما منَّا إلا وفيه نقص ، وعيوب ، يستحيي أن تظهر لأحد ، فضلاً أن يطلب كمالها في غيره .
إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه
قال ابن حزم الأندلسي – رحمه الله – :
ومن الأسباب المتمناة في الحب : أن يهب الله عز وجلَّ للإنسان صديقاً مخلصاً ، لطيف القول ، بسيط الطَّوْل ، حسَن المأخذ ، دقيق المنفذ ، متمكن البيان ، مرهف اللسان ، جليل الحِلم ، واسع العلم ، قليل المخالفة ، عظيم المساعفة ، شديد الاحتمال ، صابراً على الإدلال ، جم الموافقة ، جميل المخالفة ، محمود الخلائق ، مكفوف البوائق ، محتوم المساعدة ، كارهاً للمباعدة ، نبيل الشمائل ، مصروف الغوائل ، غامض المعاني ، عارفاً بالأماني ، طيب الأخلاق ، سري الأعراق ، مكتوم السر ، كثير البر ، صحيح الأمانة ، مأمون الخيانة ، كريم النفس ، صحيح الحدس ، مضمون العون ، كامل الصون ، مشهور الوفاء ، ظاهر الغناء ، ثابت القريحة ، مبذول النصيحة ، مستيقن الوداد ، سهل الانقياد، حسن الاعتقاد ، صادق اللهجة ، خفيف المهجة ، عفيف الطباع ، رحب الذراع ، واسع الصدر ، متخلقاً بالصبر ، يألف الإمحاض [أي : إخلاص الود] ، ولا يعرف الإعراض ، يستريح إليه ببلابله ، ويشاركه في خلوة فكره ، ويفاوضه في مكتوماته ، وإن فيه للمحب لأعظمَ الراحات .
وأين هذا ؟!

فإن ظَفِرَتْ به يداك : فشدهما عليه شد الضنين ، وأمسك بهما إمساك البخيل ، وصنه بطارفك وتالدك ، فمعه يكمل الأنس ، وتنجلي الأحزان ، ويقصر الزمان ، وتطيب النفس ، ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عوناً جميلا ، ورأياً حسناً .
" طوق الحمامة " ( ص 164 ) .
هذه هي الصفات المتمناة في الأخ المحبوب في الله ، وقبل أن أطلبها في غيري أسأل نفسي : هل هي محقَّقَة فيَّ ؟ وإذا كنَّا نفتقد أخاً مثل الصحابي سعد بن الربيع الذي يعرض على أخيه عبد الرحمن بن عوف شطر ماله وشطر نسائه : فإننا نفتقد أكثر لمثل عبد الرحمن بن عوف الذي تعفف عن مال أخيه وذهب ليعمل بكد يديه .
فلتعش واقعك أخي ، واقعا يقول لك : إن ثمة خللا في الأخوة في الله ، وفي الحب في الله ، وذاك له أسباب كثيرة متشابكة ، من ضعف الإيمان ، وانتشار الحزبية ، والعصبية ، والجهل ، وحب الذات ، والتعلق بالدنيا ، ونقص الثقة في الآخرين .. ، قال الله تعالى – واصفاً حال الإنسان – : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) الأحزاب/ 72 .
سألتُ الناسَ عن خلٍ وفيٍ فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسكْ إن ظفِرت بذيل حُر فإن الحرَّ في الدنيا قليل
ولا يعني هذا أن تيأس من أن تجد أخاً صادقاً صدوقاً ، حبيباً محبّاً ، لكننا نتكلم عن واقع مرير ، وأخوَّة اعتراها نقص شديد ، وليست الشكوى من قلة الإخوان فقط في هذا الزمان ، بل هي كذلك في القرون الأولى ، فعليك أن تعيش مع هذا ، وأن تعلم أن الناس لا يخلون من عيوب ، وكما قيل " من طلب أخاً بلا عيب : بقي بلا أخ " !
وَمَن لا يُغَمِّض عَينَه عَن صَديقِهِ وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهوَ عَاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ يَجِدها وَلا يَسلَم له الَّهرَ صَاحِبُ
فاحرص أن تكون أنت الأنموذج الجميل للإخوَّة الصادقة ، في دينك ، وخلقك ، واعلم أنك ستجد – إن شاء الله – من يكون أخاً لك على مثل ما أنت عليه .
واعلم أنه إذا كانت الأخوَّة في الله الحقيقية قليلة في هذا الزمان : فإن الباحث عنها أقل من القليل .
واستمع لشكوى من إمام في العلم مثل شكواك ، وانظر كيف عالجها ، في كلام يشبه ما ذكرناه آنفاً من واقع الحال ، مع التنبيه أن هذا الإمام كان يعيش في القرن السادس ! .
قال ابن الجوزي – رحمه الله – :
كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .
ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .
فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .
إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .
فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .
فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .
وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة : فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .
وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .
فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .
وقد قال الفضيل بن عياض : إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .
وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .
والسبب في نسخ حكم الصفا : أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .
والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فاخبُرهُ : تَقْلَهُ – أي : إن اختبرته : تبين لك منه ما يبعدك عنه – .
" صيد الخاطر " ( ص 391 ، 392 ) .

والله الموفق

منقول بتصرف بسيط

baraka ellah fik w nafa3a bik akhi el fadil
mawdo3 raw3aaaaaaaaa

++++++++

السلام عليكم ورحمة الله
رضي الله عنك اخ سلفي
من اروع ما قرأت عن المحبة في الله
واظنني بفضل الله اجد في اختي في الله هذه الصفات
فاللهم لا تحرمنا من فضلك
جزاكم الله خيرا ونفع بكم

نسـال الله أن يجمع بين كل الاخوة في الله بالهداية و الرحمتة
مشكور على طرح الموضوع
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قلب القرأن القعدة
القعدة
القعدة

baraka ellah fik w nafa3a bik akhi el fadil
mawdo3 raw3aaaaaaaaa

++++++++

القعدة القعدة

وفيكم بارك الله
وفقكم الله

بارك الله فيك أخي زكرياء على الطرح الهادف

و ما أحوجنا الى اخوة صادقة في الله تجمعنا

اللهم اجعلنا من الذين يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله
شكرا اخي الفاضل
جزاك الله خير
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دعوني وربي القعدة
القعدة
القعدة

السلام عليكم ورحمة الله
رضي الله عنك اخ سلفي
من اروع ما قرأت عن المحبة في الله
واظنني بفضل الله اجد في اختي في الله هذه الصفات
فاللهم لا تحرمنا من فضلك
جزاكم الله خيرا ونفع بكم

القعدة القعدة

بارك الله فيكم وآدام الله المحبة بينكم
شكرا لمروركم

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مابقاش بزاف.dz القعدة
القعدة
القعدة
نسـال الله أن يجمع بين كل الاخوة في الله بالهداية و الرحمتة
مشكور على طرح الموضوع
القعدة القعدة

اللهم امين بارك الله فيكم على المرور الطيب وفقكم الله

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة moha le sage القعدة
القعدة
القعدة

بارك الله فيك أخي زكرياء على الطرح الهادف

و ما أحوجنا الى اخوة صادقة في الله تجمعنا

القعدة القعدة

وفيكم بارك الله اخي الكريم محمد سررت لمرورك اخي الكريم حفظكم الله من كل سوء

الأخوَّة في الله بين الأمل المنشود والواقع الأليم .من أروع ما قرأت 2024.

الحمد لله
أولاً:
الأخوَّة في الله ، والحب في الله ، من أعظم شعائر الدين ، وأوثق عرى الإيمان ، وقد جاء في كتاب الله تعالى ، وفي سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يبين ذلك ويوضحه بأجلى صورة ، وأحلى عبارة ، ويكفينا في ذلك بعض الآيات والأحاديث ، ومنها :
قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) الحجرات/ من الآية 10 .
وقوله : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران/ 103 .
وعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) .
رواه البخاري ( 16 ) ومسلم ( 43 ) .
قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – :
الخصلة الثانية : أن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، والحب في الله من أصول الإيمان ، وأعلى درجاته ، … وإنما كانت هذه الخصلة تالية لما قبلها ؛ لأن مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما : فقد صار حبُّه كله له ، ويلزم من ذلك أن يكون بغضه لله ، وموالاته له ، ومعاداته له ، وأن لا تبقى له بقية من نفسه وهواه ، وذلك يستلزم محبة ما يحبه الله من الأقوال ، والأعمال ، وكراهة ما يكرهه من ذلك ، وكذلك من الأشخاص .
" فتح الباري " لابن رجب ( 1 / 49 – 51 ) باختصار .
[color="rgb(255, 140, 0)"]ثانياً:[/color]
لو كان حبُّ المسلم لأخيه حبا لله تعالى : لما اشتكى مشتكٍ من أفعال بعض من لم يذق حلاوة الإيمان ، ومن جعل ميزان حبَِّه للآخرين : اللغة ، أو اللون ، أو البلد ، أو الحزب والجماعة ، أو المال ، أو حسن الصورة : فقد خاب وخسر ، واستعمل ميزانَ ظلم ، وليس بمستنكر بعدها ما يصدر منه من تصرفات تجاه إخوانه ، [color="rgb(255, 140, 0)"]وأما إن كان ميزانه في الحب في الله : الاستقامة ، والخلُق : فليبشر بثواب جزيل ، وفضل عميم ، من ربه الكريم .[/color]
عَن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ ، وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا ، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).
رواه أبو داود ( 3527 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الملا علي القاري في " مرقاة ال****** شرح مشكاة المصابيح " :
ولما كانت الأغراض الفاسدة في المحبة منحصرة في أنها إما أن تكون للقرابة – على ما هو مركوز في الطبائع – ، أو للمال – من حيث إنه مطمح الأطماع – : اقتصر عليهما ، والمقصود : تحسين النية ، وتزيين الطوية .
انتهى
ثالثاً:
لتعلم أخي حقيقة الأمر ، وواقع الأخوَّة ، وحتى لا تجد الأوهامُ مجالاً رحباً في نفسك : اعلم أن الظفر بأخ في الله يتصف بمشاعر النبل ، والصدق ، والأمانة ، وغيرها من الصفات الحسنة : عملة نادرة ، فلا تتعب نفسك بالبحث عن أخ يمتلك الصفات الجميلة كاملة ، فارض بما هو موجود مما يشوبه كدر ، ويعتريه نقص ، [color="rgb(139, 0, 0)"]ولستَ أنت الكامل لتبحث عن مثلك [/color]، فما منَّا إلا وفيه نقص ، وعيوب ، يستحيي أن تظهر لأحد ، فضلاً أن يطلب كمالها في غيره .
إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه
قال ابن حزم الأندلسي – رحمه الله – :
ومن الأسباب المتمناة في الحب : أن يهب الله عز وجلَّ للإنسان صديقاً مخلصاً ، لطيف القول ، بسيط الطَّوْل ، حسَن المأخذ ، دقيق المنفذ ، متمكن البيان ، مرهف اللسان ، جليل الحِلم ، واسع العلم ، قليل المخالفة ، عظيم المساعفة ، شديد الاحتمال ، صابراً على الإدلال ، جم الموافقة ، جميل المخالفة ، محمود الخلائق ، مكفوف البوائق ، محتوم المساعدة ، كارهاً للمباعدة ، نبيل الشمائل ، مصروف الغوائل ، غامض المعاني ، عارفاً بالأماني ، طيب الأخلاق ، سري الأعراق ، مكتوم السر ، كثير البر ، صحيح الأمانة ، مأمون الخيانة ، كريم النفس ، صحيح الحدس ، مضمون العون ، كامل الصون ، مشهور الوفاء ، ظاهر الغناء ، ثابت القريحة ، مبذول النصيحة ، مستيقن الوداد ، سهل الانقياد، حسن الاعتقاد ، صادق اللهجة ، خفيف المهجة ، عفيف الطباع ، رحب الذراع ، واسع الصدر ، متخلقاً بالصبر ، يألف الإمحاض [أي : إخلاص الود] ، ولا يعرف الإعراض ، يستريح إليه ببلابله ، ويشاركه في خلوة فكره ، ويفاوضه في مكتوماته ، وإن فيه للمحب لأعظمَ الراحات .
وأين هذا ؟!
فإن ظَفِرَتْ به يداك : فشدهما عليه شد الضنين ، وأمسك بهما إمساك البخيل ، وصنه بطارفك وتالدك ، فمعه يكمل الأنس ، وتنجلي الأحزان ، ويقصر الزمان ، وتطيب النفس ، ولن يفقد الإنسان من صاحب هذه الصفة عوناً جميلا ، ورأياً حسناً .
" طوق الحمامة " ( ص 164 ) .
هذه هي الصفات المتمناة في الأخ المحبوب في الله ، وقبل أن أطلبها في غيري أسأل نفسي : هل هي محقَّقَة فيَّ ؟ وإذا كنَّا نفتقد أخاً مثل الصحابي سعد بن الربيع الذي يعرض على أخيه عبد الرحمن بن عوف شطر ماله وشطر نسائه : فإننا نفتقد أكثر لمثل عبد الرحمن بن عوف الذي تعفف عن مال أخيه وذهب ليعمل بكد يديه .
فلتعش واقعك أخي ، واقعا يقول لك : إن ثمة خللا في الأخوة في الله ، وفي الحب في الله ، وذاك له أسباب كثيرة متشابكة ، من ضعف الإيمان ، وانتشار الحزبية ، والعصبية ، والجهل ، وحب الذات ، والتعلق بالدنيا ، ونقص الثقة في الآخرين .. ، قال الله تعالى – واصفاً حال الإنسان – : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) الأحزاب/ 72 .
سألتُ الناسَ عن خلٍ وفيٍ فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسكْ إن ظفِرت بذيل حُر فإن الحرَّ في الدنيا قليل
ولا يعني هذا أن تيأس من أن تجد أخاً صادقاً صدوقاً ، حبيباً محبّاً ، لكننا نتكلم عن واقع مرير ، وأخوَّة اعتراها نقص شديد ، وليست الشكوى من قلة الإخوان فقط في هذا الزمان ، بل هي كذلك في القرون الأولى ، فعليك أن تعيش مع هذا ، وأن تعلم أن الناس لا يخلون من عيوب ، وكما قيل " من طلب أخاً بلا عيب : بقي بلا أخ " !
وَمَن لا يُغَمِّض عَينَه عَن صَديقِهِ وَعَن بَعضِ ما فيهِ يَمُت وَهوَ عَاتِبُ
وَمَن يَتَتَبَّع جاهِداً كُلَّ عَثرَةٍ يَجِدها وَلا يَسلَم له الَّهرَ صَاحِبُ
فاحرص أن تكون أنت الأنموذج الجميل للإخوَّة الصادقة ، في دينك ، وخلقك ، واعلم أنك ستجد – إن شاء الله – من يكون أخاً لك على مثل ما أنت عليه .
واعلم أنه إذا كانت الأخوَّة في الله الحقيقية قليلة في هذا الزمان : فإن الباحث عنها أقل من القليل .
واستمع لشكوى من إمام في العلم مثل شكواك ، وانظر كيف عالجها ، في كلام يشبه ما ذكرناه آنفاً من واقع الحال ، مع التنبيه أن هذا الإمام كان يعيش في القرن السادس ! .

قال ابن الجوزي – رحمه الله – :
كان لنا أصدقاء ، وإخوان ، أعتد بهم ، فرأيت منهم من الجفاء ، وترك شروط الصداقة ، والأخوَّة : عجائب ، فأخذت أعتب .
ثم انتبهت لنفسي ، فقلت : وما ينفع العتاب ، فإنهم إن صلحوا : فللعتاب ، لا للصفاء .
فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرتُ فرأيت الناس بي معارف ، وأصدقاء في الظاهر ، وإخوة مباطنين ، فقلت : لا تصلح مقاطعتهم .
إنما ينبغي أن تنقلهم من " ديوان الأخوة " إلى " ديوان الصداقة الظاهرة " .
فإن لم يصلحوا لها : نقلتَهم إلى " جملة المعارف " ، وعاملتهم معاملة المعارف ، ومن الغلط أن تعاتبهم .
فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك .
وجمهور الناس اليوم معارف ، ويندر فيهم صديق في الظاهر ، فأما الأخوَّة والمصافاة : فذاك شيء نُسخ ، فلا يُطمع فيه .
وما رأى الإنسان تصفو له أخوَّة من النسب ، ولا ولده ، ولا زوجته .
فدع الطمع في الصفا ، وخذ عن الكل جانباً ، وعاملهم معاملة الغرباء .
وإياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ؛ فإنه مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره ، وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك .
وقد قال الفضيل بن عياض : إذا أردت أن تصادق صديقاً : فأغضبه ، فإن رأيته كما ينبغي : فصادقه .
وهذا اليوم مخاطرة ؛ لأنك إذا أغضبت أحداً : صار عدواً في الحال .
والسبب في نسخ حكم الصفا : أن السلف كان همتهم الآخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الأخوة ، والمخالطة ، فكانت دِيناً لا دنيا .
والآن : فقد استولى حب الدنيا على القلوب ، فإن رأيت متملقاً في باب الدين : فاخبُرهُ : تَقْلَهُ – أي : إن اختبرته : تبين لك منه ما يبعدك عنه – .
" صيد الخاطر " ( ص 391 ، 392 ) .

والله الموفق

منقول بتصرف بسيط

الله المستعان و عليه التكلان، نسأل الله ان يجعلنا ممن صفو حقا من الاخوان، و ن يكون ذلك خالصا لوجهه ابتغاء منه لا للمرتبة و المنقبة عند من نراهم و نحسبهم من الخلان.
الله المستعان و عليه التكلان، نسأل الله ان يجعلنا ممن صفو حقا من الاخوان، و ن يكون ذلك خالصا لوجهه ابتغاء الفضل منه وحده، لا للمرتبة و المنقبة عند من نراهم و نحسبهم من الخلان.

جمانة .وهدفها المنشود قصة رائعة للعبرة منقول 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمانة شغالة إندونيسية . وهي زوجة السائق الخاص لإحدى العائلات .
كنت أراها عند صديقة لي . ودائما أراها متعبة وتعمل بتباطؤ . فقد بلغت من العمر الخامسة والخمسين . ثم أصيبت بمرض السكري .

سألت صديقتي مرة : أما آن لهذه المسكينة أن ترتاح ؟؟ أجابت : أولادها بالجامعة , كان الله في عونها .
آخر مرة سألت عن جمانة : ابتسمت صديقتي وقالت : جمانة ارتاحت وجلست في منزلها . قلت يحق لها فقد تعبت كثيرا ً . لمعت عينا صديقتي ببريق غريب تفاجأت منه . وابتسمتْ ابتسامة أغرب . قلت : ماوراءك ؟ قالت : جمانة حققت هدفها , فهدأ بالها واطمأنت نفسها فتوقفت عن العمل .
قلت : وما كان هدفها ؟ تعليم أولادها ؟ هل تخرجوا ؟ ذهبتْ إلى أحد الأدراج وأخرجتْ منه صورة مسجد جميل أنيق صغير كتب على حَجَر رخامي كبير في مقدمته عبارة بالخط الأسود : مسجد جمانة !!
قلت ُ : ما هذا ؟ قالت : هذا هو هدف جمانة الذي حققته . لقد كان هدفها أن تبني مسجدا ً من تعبها وعرقها ليكون صدقة جارية لها وبركة في حياتها وبعد مماتها .

"""""""""""""""""""""

عندما سمعت الخبر دارت بي الدنيا ولفت . وصغرت نفسي أمام عيني . أحسست أنني قزمة أمام عملاق : اسمه جمانة الشغالة … جمانة الشغالة وضعت لنفسها أهدافا ً سامية نبيلة أخروية وليس مجرد هذف او حلم حلمت به وتقاعست ثم تمنت ان يفتح الله لها أبواب الرزق لتحققه . بل أتبعت الهدف سعيا ً حثيثا ً , وعملا ً دؤوبا ً . وهمة لا تنقطع .

وانا الآن أتساءل : إذا كان هذا هو هدف شغالة أمية غير عربية . فما هي أهدافنا نحن العرب الذين نقرأ القرآن بمهارة ونفهم مافيه . نحن الذين تعلمنا . وأنعم الله علينا بنعم كثيرة .

ما هي أهدافنا ؟؟؟؟ ـــ بناء منزل أكبر من منزل أختي ! ـــ شراء سيارة أفخم من سيارة أخي ! ــــ توسيع تجارتي ــــ تعليم أولادي الطب والهندسة ليقولوا : أم الطبيب وأم المهندس . ــــ التخريب على صاحبتي , أو نسيبتي , أو قريبتي ,أو جارتي , أو كلهن . وإفساد هنائها , وإظهارها بأنها فاشلة وأنني أنجح منها ! ــــ هدفي الأكبر حاليا ً عرس قريبتي القادم : سأرتدي فيه أغلى الملبوسات وسأتزين بأثمن المجوهرات .. حتى أبدو فيه أجمل الحاضرات .! ــ شغلي الشاغل وجل اهتمامي أن أقبع في منزلي : أمضغ اللبان وأتشدق بالكلام على هاتف أو نت , وأصرخ بوجه جمانة أخرى أحتقرها وأهينها بعقلي الفارغ ونفسي المريضة . ومن يدري !! قد تكون عند الله أفضل مني وأرفع منزلة !

"""""""""""""""""""""""

تعسا ً لنا ولأهدافنا تعسا ً لنا ولحضارتنا المزيفة تعسا ً لعقولنا التي تعفنت وتجرثمت وتآكلت !!!!!

"

"""""""""""""""""""""""

قصة جمانة جرتني لموضوع هام جدا ً . جعلتني أتفكر في الموازين ..
والمفاضلات :مَن ْ أفضل ُ مِنْ مَن ْ ؟؟؟ بعبارة أخرى : مَن الخاسر ؟؟ ومَن الرابح ؟؟ هناك موازين الدنيا وهي حسية , مرئية , مادية , آنية . وهناك موازين الآخرة وهي موازين أخروية , إيمانية , غيبية . من سيحدد الرابح والخاسر ؟؟ لنشاهد هذه الأمثلة : سمية أم عمار : يعذبها أبو جهل حتى تموت . والرسول صلى الله عليه وسلم يصبرهم ويقول : صبرا ً آل ياسر فإن موعدكم الجنة

صهيب بن سنان أعطى قريش كل ما يملك ليهاجر ويلحق برسول الله فيقول له الحبيب المصطفى : ربح البيع يا أبا يحيي !!ابن ملحان : يدخل الرمح في ظهره فيخرج من بين ثدييه فيقول فرحا ً : فزت ورب الكعبة .

ذو البجادين : أخذ عمُه كل أمواله . وعندما مات وأدخله رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره قال : اللهم إني أمسيت عنه راضيا ً فارض َ عنه . يقول ابن مسعود : يا ليتني كنت صاحب الحفرة .
هؤلاء في نظر أهل الدنيا خاسرون . ولكن بموازين الآخرة ربحوا الفردوس الأعلى لو نظرنا إلى قصة ماشطة ابنة الفرعون . فقد آمنت بالله ربا ً فألقاها فرعون المتأله في الزيت المغلي مع أبنائها , وما تراجعت عن عقيدتها . في موازين أهل الدنيا : ربح الفرعون وخسرت الماشطة . أما موازين الآخرة فتقول غير ذلك .

في الحديث الشريف : مر الرسول صلى الله عليه وسلم برائحة طيبة فقال: ما هذه الرائحة ياجبريل ؟ قال: هذه رائحة ماشطة وأولادها . تعبق رائحة الماشطة في السماء والفراعنة يتجلجلون في أصل الجحيم . وأحيانا ً يكون الربح في الدنيا هو عين الخسارة في الآخرة .. فكل ربح من حرام هو خسارة مهما كبر وعظم . في قصة الغلام والساحر والملك . قصة أصحاب الأخدود , كلنا نعرفها . قال الملك : باسم رب الغلام . مات الغلام . إلا ان الناس صاحوا صيحة واحدة : آمنا برب الغلام . لقد ربح الملك ومات الغلام . ولكن ربحه كان عين الخسارة حتى في الدنيا قبل الآخرة . فقد خسر ملكه وشعبه وكل شيء . وربح الغلام .

ولو عدنا إلى قصة جمانة : في موازين دار الفناء جمانة خاسرة : خسرت صحتها , وأرهقتها في العمل لتبني مسجدا ً لا يعود عليها في الدنيا بربح أو ريع . ولكن ميزان دار البقاء يقول ان جمانة هي الرابح الأكبر . فقد جعلت لنفسها صدقة جارية تدر عليها الربح الوفير بعد مماتها .. حيث ستأتيها الأرباح تتوالى .. مادام المسجد قائما ً يرفع فيه ذكرُ الله . ويمجدُ فيه اسمه . أما الخاسرة الحقيقية فهي التي تجلس لتحتقر جمانة وأمثالها , تظلمهم وتسومهم سوء العذاب . فتمنع عنهم الخير وحتى حقوقهم تمنعها . وتجلب لهم البؤس والشقاء . من تفعل ذلك خاسرة حتى ولو كان بين يديها خدم وحشم . وتحت تصرفها المليارات . ولن ينفعها كل ذلك شيئا .

ما نفع فرعونَ موسى تأليهُه لنفسه : فأغرقه الله في اليم . وحشره في جهنم . وجعله عبرة وموعظة للناس في الدنيا . ما نفع قارون َ أموالُه التي تنوء بحمل ******ها العصبة أولو القوة .. فخسف الله به وبداره الأرض . لن ينفعنا يوم القيامة مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . القلب السليم هو إخلاص النية وتحديد الهدف . ان تكون النية لله والهدف هو الآخرة . 8-مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ [الشورى 20]

فأي حرث نريد ؟ حرث الدنيا أم الآخرة ؟ منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة . استغرب الصحابة وقال بعضهم : ماكنا نعلم أن بيننا من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية . فماذا نريد ؟ علينا ان نحدد هدفنا ومسارنا . علينا تحديد الغاية والاتجاه . فالاتجاه الصحيح هو التوجه إلى الله فهو الغاية وهو الهدف . ولو كان الهدف لغير الله فلن تنفعنا عبادتنا ولو كانت أمثال أُحُد . لن تنفعنا صلاتنا ولا صيامنا ولا صدقاتنا ستكون سرابا ً ووهما ً . فهيا بنا نفر إلى الله دعونا نفر من نوايا مهزوزة , وأهداف مشوشة , وتكالب على الدنيا إلى نوايا ثابتة , وأهداف محددة علوية , وتفان ٍ في طلب الآخرة . دعونا نفر من كبريائنا وعنجهيتنا

من مظاهر الدنيا التي أكلت قلوبنا من جاهلية عفنة سيطرت على عقولنا . هيا بنا نفر إلى الله عسى أن يقبلنا ويرفع قدرنا ويُعلي شأننا . منقول للفائدة.

شكرا لك اختي الغالية وجزاك الله خيرا على هذه القصة
في وقتنا الحالي قصص وحكايات ذات عبرة كبيرة في حياتنا
تحياتي

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العاشقة لبلدها القعدة
القعدة
القعدة

شكرا لك اختي الغالية وجزاك الله خيرا على هذه القصة

في وقتنا الحالي قصص وحكايات ذات عبرة كبيرة في حياتنا

تحياتي

القعدة القعدة

مشكورة اختي عاشقة بلدها على مرورك العطر.