بسم الله الرحمن الرحيم
………………………… …….. / تتمة الموضوع
فائـــــــــــــــــدة من ذهب – للحفظ –
يقول شيخ الإسلام بن تيمية – رحمة الله عليه –
* وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف وأقوال المرجئة والجهمية ، لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية والمرجئة في الإيمان ، وهو مُعَظّمٌ للسلف وأهل الحديث ، فيظن انه يجمع بينهما ، أو يجمع بين كلام أمثاله وكلام السلف *
– مجموع االفتاوى – – 7 / 228 –
فهذه قاعدة جليلة من شيخ الإسلام بن تيمية شيخ السلفية الحقة ، فلا تعجب أخي الكريم إذا ما وجدت من يتمسك بالسلفية في سلوكه وتعظيمه للحديث وأهل السلف وهو في مسألة الإيمان يرى رأي المرجئة على طريقة جهم بن صفوان والصالحي وحماد وتلاميذه ،
بل لقد استشرى شر بعضهم حتى جعلوا أنفسهم أوصياء على السلفية ورموا كل من خالفهم في هذه المسألة بأنه خارجي أو تكفيري
لا لشيئي إلا لأنهم لا يرون الكفر إلا بالتكذيب أو الجحود فبدلوا قولا غير الذين قيل لهم وجاءوا بإفك عظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله
تقسيم آخر للكفر
الكفر الاعتقادي والكفر العملي
هذا التقسيم هو قول شيخ الإسلام بن قيم الجوزية والذي سبق وان نقلنا قوله رحمة الله عليه وتقسيمه السالف الذكر للكفر
وقد جاء هذا التقسيم من الشيخ رحمة الله عليه في معرض الحديث عن كفر تارك الصلاة
ولا شك انه تقسيم سلفي ورد لغرض في نفس الشيخ من اجل توضيح مسالة بعينها
وهو تقسيم مجمل في عبارته ومعناه .
ولقد درج أهل البدع والأهواء الأخذ بمجمل كلام أهل العلم للتلبيس والتعمية دون ذكر مرادهم الخفي في ذلك ، وكلام شيخ الإسلام بن قيم الجوزية رحمة الله عليه كلام نفيس لا غبار عليه في بابه ولا يتعارض مع ما ذكره بصيغة التفصيل عند تقسيمه للكفر في كتابه مدارج السالكين
وللمشرف على موقع ميراث السنة كلمة طيبة في الموضوع ننقلها كما هي بدون تصرف
* و ممن أخطأ من أهل السنة في مسألة الكفر والإيمان ينسبون ظلما وعدوانا كلام التفريق بين الكفر العقدي والكفر العملي إلى العلامة الجهبذ ابن قيم رحمه الله عليه أنه يقول : الكفر العقدي كفر أكبر والعملي كفر أصغر! وهذا خطأ فاحش وجناية كبيرة على أهل السنة والجماعة وعلماء السلف كابن قيم رحمه الله تعالى وغيره من الكبار، لأنه قد صدرت عنه أقوال ونقولات ومقاطع تنطق بخلاف
ما نسب إليه ظلما وعدوانا، والذي ذهب إليه ابن قيم حقيقة في مجمل ما كتبه بخطه هو خلاف ما نسب إليه من طرف من لم يفهم كلامه وتقولاته الواضحة على ضوء العقيدة السديدة والمنهج الرشيد الذي نافح وذب عنه هو وشيخه ابن تيمية رحمهما الله طول حياتهما حتى لحقا بالله تبارك وتعالى … *
انتهى كلام مشرف موقع ميراث السنة
فالحقيقة الإيمانية عند شيخ الإسلام بن قيم الجوزية وعند سائر علماء السلف مركبة من قول وعمل وقسم القول إلى قسمين والعمل إلى قسمين أيضا
فاستوجب أن يكون للكفر تقسيم مشابه
فكفر العمل فيه ما يضاد الإيمان وما لا يضاده
وكفر القول كذلك
فقال رحمة الله عليه
فلأيمان العملي يضاده الكفر العملي
والإيمان الاعتقادي يضاده الكفر الاعتقادي
فيستلزم من هذا عنده أن يكون الكفر نوعين.، وبعبارة أبسط
كفر خاص بقول القلب ومنه التكذيب والجحود ، وكفر خاص بعمل القلب
فالإمام بن قيم الجوزية ذكر هذا التقسيم وهذا الاصطلاح في معرض ترجيح احد القولين للمتنازعين في كفر تارك الصلاة ، فتنبه معي الى هذه الملاجظة ، ..فلقد ذكر قبل الخوض في التفصيل أدلة الفريقين ثم شرع في التفصيل بتعريف الإيمان وشعبه وحقيقته وأقسامه
والكفر وحقيقته وأقسامه وشعبه ثم ذكر هذا المصطلح مصطلح الكفر الاعتقادي والكفر العملي
ورجح أدلة قول المكفرين لتارك الصلاة
قال رحمة الله عليه :
* والمقصود أن سلب الإيمان لتارك الصلاة أولى من سلبه عن مرتكب الكبائر ،وسلب اسم الإسلام عنه أولى من سلبه عمن لم يسلم المسلمون من لسانه ويده ، فلا يسمى تارك الصلاة مسلما ولا مؤمنا وإن كان معه شعبة من شعب الإسلام والإيمان
نعم يبقى أن يقال ، هل ينفعه ما معه من الإيمان في عدم دخوله النار ؟
فيقال ينفعه إن لم يكن المتروك شرطا في صحة الباقي واعتباره، وإن كان المتروك شرطا في اعتبار الباقي لم ينفعه * – كتاب الصلاة –
وفي هذا جواب لمن جعلوا أعمال لجوارح كلها شرط كمال في صحة الإيمان، متحججين بما نقلوه عن شيخ الإسلام الحافظ بن حجر في المسألة وسننقلها في معرض رد الشبهات ، وخالفوا بذلك أهل السلف في أن أعمال الجوارح ركن من الإيمان وان منها ما هو شرط صحة في الإيمان ومنها ما هو شرط كمال …
إن الجنوح إلى تقسيم الكفر إلى كفر عملي وكفر اعتقادي في هذا العصر ، مع بعد الناس عن صحيح اللغة واستيعاب نصوص السلف من حيث دلالتها الشرعية يعتبر مجازفة كبيرة في بيان ذلك وشبهة يتلقفها ضعاف القلوب يدندنون بها في كل ناد وفي كل واد ..؟
والصواب الذي هو اقرب إلى منهج السلف في بيان عقيدتهم الصحيحة أن نأخذ في تفصيل مسائل الاعتقاد بالأقرب إلى عقول الناس
فتقسيم الكفر إلى كفر أصغر وكفر اكبر أو كفر دون كفر هو المصطلح السلفي الذي درجوا عليه في بيان هذا الأمر
لان اللفظ إذا كان مفهوما في معناه ومعصوما ، ثم ورد لفظ يدل على نفس الفهم ومعناه غير معصوم أو عصمتة قليلة في حقه وجب طرحه وعدم حمله على اللفظ المفهوم المعصوم ، أو حتى مزاحمته ،
قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله عليه .
* فإذا لم يكن اللفظ منقولا ولا معناه معقولا ، ظهر الجفاء والأهواء *
– درء تعارض العقل والنقل –
والمصطلح السلفي – كفر دون كفر – هو اللفظ المفهوم المعصوم وقد قال به
عبد الله بن عباس رضي الله عنه ، في رد شبهات الخوارج عندما جنحوا إلى مجمل النص في تأويل قول الله جل وعلا
– إن الحكم إلا لله – وصارت دينا في أهل الأهواء والمبتدعة
وقال به أيضا من التابعين : عكرمة وطاووس … ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، والبخاري والترمذي ، وابن جرير الطبري ، وعلماء التفسير عموما ، قديما وحديثا ، احمد بن عمر القرطبي ،والقاضي عياض ، وابن تيمية في كل كتبه ، والشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ ، والشنقيطي ، والشيخين بن باز وبن عثيمين رحمة الله عليهما وكثير من أهل السلف قديما وحديثا ..
يقول الشيخ محمد رشيد رضا رحمة الله عليه في تفسير المنار
* وقد اصطلح علماء الأصول والفروع على التعبير بلفظ الكفر عن الخروج من الملة ، وما ينافي دين الله الحق ، دون لفظي الظلم والفسق ولا يسع أحدا منهم إنكار إطلاق القرآن لفظ الكفر على ما ليس كفرا في عرفهم ، ولكنهم يقولون كفر دون كفر *
قال الإمام البخاري رحمة الله عليه :
حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة .ح.قال وحدثني بشر قال : حدثنا محمد عن شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال :
لما نزلت * الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم *
قال أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
أيّناَ لم يظلم ؟
فانزل الله جل وعلا :
* إن الشّركَ لظُلمٌ عظيم *
قال الحافظ رحمة الله عليه :
* ووجه الدلالة منه إن الصحابة فهموا من قوله جل وعلا : – بظلم –
عموم أنواع المعاصي ، ولم ينكر عليهم النبي ذلك وإنما بين لهم أن المراد أعظم أنواع الظلم وهو الشرك
فالحديث فيه فائدة عظيمة :
أن الصحابة رضوان الله عليهم مذهبهم فهم الأخبار على ظاهرها دون تأويل ، فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك الظاهر بظاهر آخر يبين المراد ، ولم ينكر عليهم فعلهم وتصورهم
وهذا دأب السلف أن لا يشذوا عن فهم ظاهر النص إلا بنص أو وحي ظاهر، وان الجنوح لتأويل النصوص والمجمل منها يعتبر زلة في الفهم والعقل…