لمن لا يعرف ذو القبرين الشيخ محمد يوسليماني 2024.

هو أحد أعمدة الدعوة الإسلامية في الشمال الإفريقي، وأحد أبرز رموز العمل الخيري والإصلاحي في الجزائر.
ولد يوم 05 ماي 1941 م بحي الدردارة البليدة من أبوين ينتميان إلى " عرش بني مصرى " المنتشر في جبال الأطلس البليدي.
كان والده سليمان متأثرا بالحركة الإصلاحية والشيخ الطيب العقبي على الخصوص. أمه "فاطمة الزهراء سلاّمي " ، والدها أحد أعيان بني مصرى، كان معروفا باسم السكاكري. تعلم بمدرسة

" الإرشاد " بمدينة البليدة التي كانت تحت تأثير الحركة الوطنية الجزائرية . من أساتذته الأستاذ محفوضي والأستاذ سعودي. ساهم منذ صغره في إعالة عائلته إلى جانب والده في التجارة والبناء، مما ولّد في نفسه الشعور بالمسؤولية مبكرا .

شبّ الشهيد وسط عائلة ثورية قدمت 14 شهيدا ومنهم أخوه الشهيد أحمد خريج الكلية العسكرية العراقية، كما عايش عن قرب وهو في سن 12 زيارات زعماء الثورة ومفجريها إلى مسكن صهره دوري ( زوج أخته الكبرى) التي كانت تتقاسم المسكن الكائن بطريق الشريعة مع عائلة المرحوم محمد بوضياف ، وهذا طيلة سنة 1953 وبداية 1954.

شارك في ميدان الجهاد وهو لا يتجاوز 16 سنة، حيث كُلف بالإشراف على مجموعة من المسبلين تحت قيادة المجاهد الكبير" رابح عمران " أطال الله عمره ، وتمثل نشاطه على الخصوص في تدعيم المجاهدين في الجانب المعلوماتي والمالي والتجنيد البشري.

الشهيد محمد بوسليماني و التعليم
التحق بعد الاستقلال مباشرة ( 1962 م ) بالتعليم ، ثم أصبح مديرا بمدرسة الهداية ببوعرفة ( البليدة ) سنة 1965 م ، فاستطاع أن يحولها إلى أول مدرسة جزائرية معربة بنسبة 100 % .

واصل تعليمه بالمدرسة العليا للأساتذة وعيّن عام 1972 أستاذا للأدب العربي بثانوية الفتح للبنات بالبليدة أين مارس العمل الدعوي إلى جانب الواجب التعليمي، فتكونت على يديه مرشدات المستقبل، ورائدات في العمل الاجتماعي والتربوي.

قدم مساعداته المادية والمعنوية لطلاب العلم في الجزائر وخارجها ، وكان يوصي الموسرين بكفالتهم .
نظمت الجمعية تحت قيادته الملتقى الوطني للجامعة تحت شعار " الجامعة واقع وأفاق ".

الشهيد بوسليماني و الدعوة السلامية
– عرفت ساحة الدعوة الإسلامية الشهيد بوسليماني خطيبا ومدرسا بمساجد الجزائر حيث اشتغل أستاذا منتدبا للتوجيه الديني لدى الإدارة المركزية لوزارة الشؤون الدينية منذ 1981م إلى حين استشهاده.
– كانت له علاقة وطيدة وحميمية بعلماء الإسلام داخل الجزائر وخارجها . شارك في مؤتمرات إسلامية في أوروبا وآسيا وأمريكا .
– نظم أول أسبوع للقرآن الكريم سنة 1981 بمدينة البلديدة.
– أحد مؤسسي رابطة الدعوة الإسلامية.
– خدم حجاج بيت الله الحرام إرشادا وتوجيها وإعانة مادية.
– كثيرا ما نجح في الإصلاح بين المتخاصمين ، ومنها إصلاح ذات بين الإباضية والمالكية في التسعينات بغرداية .

من أقوال الشهيد:

– كل مسلم يعيش فوق هذه الارض هو من أجل رسالة و يتحرك حاملا امانة و لن يستطيع تبليغ هذه الرسالة لأصحابها إلا إذا عاش حرقة الاسلام الصحيح و لا يمكن أن يقوى على هذه الامانة إلا إذا حركته حرقته على الدعوة برصيد قوي من التوكل على الله.
– الدعوة إلى الله سائرة و الدعوة إلى كتاب اللع تتبع طريقها لأنها لا ترتبط بالأشخاص و لا بالافراد و هؤلاء الدعة ماهم إلا وسائل لدفع دعوة الله.
– كونوا مع الله يكن معكم، واتحدوا يا إخوة الإيمان ، ان العدو لا يتوقف عن مطاردتكم ما دمتم متمسكين بكتاب الله و بسنة رسوله صلى الله عليه و سلم.

– إن خطتنا تسير على المنهاج الذي مات عليه شهداء الجزائر.
– تحابوا فيما بينكم و احرصوا كل الحرص على رابطتكم ، فهو سر قوتكم . كونوا كالجسد الواحد إذا ابتعد عنك أخوك تخشى كان جزءا عزيزا فقد منك.
– إن للشعب الجزائري هويته العربية و الاسلامية و هو يشق طريقه ليرتبط بمصدر المنبع و المنطلق "اقرأ" بغار حراء غير أن أعداءه بالاصالة و العمالة خلطوا بين باديس أبناء باريس بل اختلطت عليهم ثقافة اليزي مع ثقافة الاليزي.

الشهيد بوسليماتي و العمل السياسي
بحكم مشاركته في الثورة المباركة عيّن بعد الاستقلال على رأس اللجنة الثقافية بقسمة جبهة التحرير الوطني بالبليدة ، ثم أبعد عن الإشراف عليها نظرا لنشاطه الثقافي البعيد عن الخط الأيديولوجي الاشتراكي. عارض فرض ميثاق 1976 م على الشعب الجزائري المسلم الذي كان يرى فيه مخالفة لبيان أول نوفمبر الذي ينص على مشروع مجتمع ديمقراطي في إطار المبادئ الإسلامية .

– حكم عليه سنة 1976 م بثلاث سنوات سجنا مع ثلة من إخوانه في قضية حركة الموحدين التي كانت تدعو إلى التوجه الإسلامي وتعارض المد الاشتراكي تحت قيادة الشيخ محفوظ نحناح حفظه الله.

– أمضى مع الشيخ نحناح و جماعة من الدعاة بيانا بعنوان إلى أين يا بومدين و كان الامضاء باسم الموحدين. اشتمل على عشرة نقاط أهمها :
– لا للعفوية السياسية و التشريعية و القضائية و التنفيذية.
– نعم للاسلام عقيدة و شريعة و منهاج حياة .
– نعم للاسلام شورى و عدالة و حدة و أخوة.

فواصل نشاطه في سجون البرواقية وبوفاريك فهدى الله على يديه الكثير من المجرمين بشهادة إدارة تلك السجون.
– شارك في كتابة بيان تجمع الجامعة المركزية سنة 1982م.
– تابع أحداث أكتوبر 88 بحسن المسلم الواعي، فندد بأساليب الحقرة و إزهاق أرواح الجزائريين و نبه إلى مخاطر الفتنة الداخلية و شارك عبر المنابر و الجولات في لم شمل الجزائريين.
– أحد الفاعلين الأساسين في المسيرة المليونية النسوية للدفاع عن أصالة قانون الأسرة في نهاية الثمنينات.
– ساهم في كثير من الحوارات السياسية مع الأحزاب والفعاليات والسلطة أثناء الأزمة السياسية الجزائرية وقبلها. كان أحد مؤسسي حركة المجتمع الإسلامي ( حماس ) سنة 1990 م وهو أول نائب لرئيسها.
– اجتهد مع إخوانه في جمع الجزائريين و تحرك عبر ربوع الوطن وخارجه يدعو إلى التفاهم و التلاقي و يحذر من الفرقة و التضاد.

الشهيد بوسليماني و جمعية الارشاد و الاصلاح الوطنية
ترأس جمعية الإرشاد والإصلاح الوطنية سنة 1991م، فشهدت تحت إشرافه تجسيدا لمشاريعها القيام بنشاطات تربوية فتحت فيها الجمعية العشرات من روضات الأطفال، وكتاتيب تعليم القرآن الكريم، والورشات المهنية .
كما قامت الجمعية بالعناية باليتامى وإطعام الصائمين وكفالة المحتاجين . فتح مكاتبا وفروعا للجمعية مست جميع ولايات الوطن.
وكان دائم التنقل والزيارة للقائمين عليها مشجعا لهم وحاثا على بذل أقصى الجهود لتحقيق مشاريعها الحضارية .
كما دعا باسم الجمعية جميع أبناء الجزائر إلى الحوار الهادئ ، ونبذ التطرف الفكري والعنف بجميع أشكاله وذلك منذ اول بيان صدر عن الجمعية.

اهتم الشهيد بالشباب في التربية والتوجيه ، فأقام المخيمات الصيفية التي تهدف إلى الترفيه والتكوين والتثقيف ، كما كان بيته قبلة للعديد منهم طلبا للاستشارة في أمور الدين والحياة.

ساهم بنشاطه الخيري في تزويج الشباب للقضاء على العزوبية والعنوسة لما ينجر عنهما من أثار سلبية على المجتمع وبنيته.

وضع مشاريع عديدة ضمن النشاط المستقبلي للجمعية لتساهم في حل مشاكل الشباب في الجانب الاجتماعي والاقتصادي.

حارب الآفات الاجتماعية عامة ، والآفات التي تفتك بالشباب خاصة كالخمر والمخدرات.

شجّع النشاطات الرياضية والأعمال الفنية الهادفة وكرم بعضا من أهلها. بذل جهدا كبيرا في توجيه الطلبة والطالبات والعناية بهم.

اهتمام الشهيد بوسليماني بالجزائر وأبنائها لم يمنعه من المشاركة الوجدانية والميدانية لأبناء الأمة العربية والإسلامية في قضاياها المصيرية ، وعلى رأسها قضية فلسطين التي كان يعتبرها القضية العقيدية والمركزية لأمة العرب والمسلمين.

كما ساهم في تقديم المساعدة للشعب العراقي وتعاطف مع الكويت في محنتها، وزار المسلمين في البوسنة والهرسك في أشد أزمتها .

كما اهتم بالأقليات الإسلامية في بلاد الغرب فكان يزورها ويدعمها لتتشبث بهويتها ودينها.

الاختطاف و الاستشهاد
كان الشهيد محمد بوسليماني شديد التأثر بما وقع للجزائر في محنتها الدموية ، فلم يترك مجلسا إلا ودعا فيه إلى الصلح بين أبناء الجزائر، مقتنعا أن الخلاف بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد لا يحل بالعنف ،بل بالحوار والمحبة والتراحم ، إلا أن هذا النهج لم يعجب بعض مخالفيه من الغلاة ، فلم يراعوا في الرجل جهاده ولا إمامته ولا ريادته الدعوية ولا رمزيته الوطنية والعالمية ، فاقتحموا عليه منزله المتواضع فجر يوم الجمعة 26 نوفمبر 1993م بعد أن صلى الصبح وجلس مرتلا القرآن الكريم والمصحف بين يديه، فأفزعوا أهل بيته الذي طالما كان أيام الثورة التحريرية مأوى للمجاهدين ، وأيام الاستقلال مثابة للدعاة والعلماء الخيرين، فاختطفوه وأرادوا منه فتوى بجواز قتل المخالفين، وما علموا أنه ليس هذا الرجل الذي يشتري الدنيا بالدين ، فكان له من الله الثبات على موقفه من حرمة قتل المسلم – وهذا من المعلوم بالضرورة من الدين – فكان منهم الغدر والقتل بالسكين.

اكتشفت قوات الأمن جثته ، وتأكد الأمر بعد أن عاينها وفد من عائلته والجمعية يوم الجمعة 28 جانفي 1994 م ، ثم نقل جثمانه إلى مقبرة الدردارة بالبليدة يوم الأحد 30 جانفي 1994م.

اخريات الشهيد
– آخر ما قاله عند خروجه من بيته "إذا لم أرجع فأنا شهيد مثل أبيك و أخي أحمد".
– آخر ما قاله عند اتصاله هاتفيا بالجماعة " الحمد لله يكون أحيانا مع الشكر و احيانا مع الصبر"
. – آخر عهده بمقر الجمعية الخميس 25 نوفمبر 1993.

بارك الله فيك اخي
يعطيك الصحة اخي بارك الله فيك

بارك الله فيك اخى
يعطيك العافية بارك الله فيك
بارك الله فيك وإن كنا اليوم في أمس الحاجة له ولأمثاله
رحمه الله
بارك الله فيك أخي الفاضل ورحم الله الشهيد محمد بوسليماني وأسكنه فسيح جناته

رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه والحمد لله كان لي شرف التعرف به عن قرب فوالله كان نعم الرجل
شكرا لك أخي على الموضوع

بوركة ان شاء الله