سمعت أن من الأفعال التي تصدر من المسلم وتضحك رب العالمين 2024.

سمعت أن من الأفعال التي تصدر من المسلم وتضحك رب العالمين أن يقوم الرجل من الليل فيصلي قيام الليل ثم يوقظ زوجته ليصليا قيام الليل. وأن الله جل وعلا إذا ضحك من عبد لا يحاسبه. فهل ما ذكرته هذا صحيح؟
وهل يجوز أن يؤم الرجل زوجته في قيام الليل يوميا؟ أم يصلي بها أياما ويترك إمامتها أياما أخري؟

الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد وردت أحاديث تدل على أن قيام الليل من الأفعال التي يضحك منها الرب عز وجل وهذه فضيلة عظيمة لمن يقوم من الليل، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل، والقوم إذا صفوا للصلاة، والقوم إذا صفوا للقتال. رواه أحمد في مسنده.

وروى الطبراني وغيره من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم: الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه، فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله ويكفيه فيقول الله: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه، والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل، فيقول: يذر شهوته ويذكرني ولو شاء لرقد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام في السحر في ضراء وسراء.

وأما ما ذكرته من ضحك الرب عز وجل ممّن أيقظ أهله وصلى بها في جماعة فلا نعلم من نصوص السنة ما يدل عليه.

وأما ما ذكرته من كون الله تعالى إذا ضحك لعبد فلا حساب عليه، فقد روى أحمد في مسنده هذا الحديث وصححه الألباني رحمه الله ولفظه: وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه.

وأما قيام الرجل جماعة مع زوجته فقد ورد في نصوص السنة ما يدل على مشروعيته، فروى أبو داود في سننه أنه صلى الله عليه وسلم قال: إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاً كُتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات.

وهذا وإن دل على مشروعية قيام الرجل مع زوجته في جماعة، ولكن لا ينبغي المداومة على هذا، فإنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم بأهله في جماعة، والأصل أن فعل النوافل في جماعة في غير رمضان ممّا لا تشرع المواظبة عليه. وانظر الفتوى رقم: 56928.

والله أعلم.

القعدة

(✿◠‿◠)

لا تنسونى بدعوه بظهر الغيب من قلوبكم

فوائد النظر إلى الوالدين 2024.

بأن يدعو لهما بالرحمةوالمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما
يحكي أن رجلا من بني سلمة جاء إلىالنبي صلى الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهمابه من بعد موتهما ؟
قال: نعم. الصلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما، وإيفاءٌبعهودهما من بعد موتهما، وإكرام صديقهما

وصلة ال! رحم التي لا توصل إلا بهما) ابنماجه
وحثَّ الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظمالأوقات
فقال: –ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقومالحسابإبراهيم: 41
وقال: –رب اغفر لي ولوالديولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمناتنوح: 28

بارك الله فيككككككككك

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرح بسكرية القعدة
القعدة
القعدة

بارك الله فيككككككككك

القعدة القعدة

القعدة

السلام عليكم ورحمة الله

وهاهو مقطع فيديوا ماثر عن الوالدين

بارك الله فيك
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سفيان اسلام القعدة
القعدة
القعدة
السلام عليكم ورحمة الله

وهاهو مقطع فيديوا ماثر عن الوالدين

القعدة القعدة

قصة مؤثرة جداااااااااااااااااااااااااااا اااااااااا

بارك الله فيك

كيف زنت تلك المرأة؟! 2024.

كيف زنت تلك المرأة؟!

لاتحزن ( أبو مهند )


بسم الله الرحمن الرحيم

كيف زنت تلك المرأة ؟ و من الذي زنى بها ؟
لقد زنت تلك المرأة بكل سهولة و بساطة .

لقد تحملت تلك المرأة أوزارها و أوزار غيرها .
( لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ )
لقد فتنت تلك المرأة الرجال و أسرت قلوبهم. فمن هي ؟
أتدرون من هي ؟
إنها هذه المرأة :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كل عين زانية , والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي زانية )) وفي رواية (( أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا منها ريحاً فهي زانية ))صحيح أبوداود وأحمد والترمذي والنسائي .

القعدة

نعم يا أختي الفاضلة . بمجرد رشة عطر تعرضتي للوعيد الشديد , بمجرد رشة عطر أسرتي قلوب الرجال .
أختي الكريمة أختي الموقرة تأملي في هذا الحديث :
لقيَ أبو هريرة رضي الله عنه امرأةً فوجد منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعصار ، فقال : يا أمة الجبار ! جئت من المسجد ؟

قالت : نعم .
قال : وله تطيبت ؟
قالت : نعم .
قال : إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول : لا تُقبل صلاةٌ لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني .
" حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة "
ليذهب أثر الطيب وتذهب رائحته .

القعدة

و ليتها توقفت على العطور في هذا الزمان بل الأمر أشد و أمر . الآن تخرج المرأة و قد لبست عباءة ضيقة و مخصرة و تنقبت بنقاب لو كشفت و جهها لربما كان أقل فتنة من هذا النقاب .
لقد أخرجت زينتها و ذهبت تتباهى بها بين الرجال في الأسواق .

القعدة

تفكري أختي في هذا الحديث :
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة. رواه مسلم.

فإذا كانت المرأة مأمورة بترك التطيب و هي ذاهبة لأعظم عبادة و في أعظم مكان فكيف بمن ذهبت للسوق أو لغيره ؟؟؟؟؟؟

و ماذا كان يفعل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في من تطيبت ؟؟

كان يضربها بالدرة و يقول : تتطيبن و قد علمتن أن قلوب الرجال عند أنوفهم .

فماذا لو رأى عمر بعض نساء هذا الزمان إذا ذهبت للسوق ؟

أصلح الله أحوالنا و أحوال نساء المسلمين في كل مكان .

أخوكم في الله ::
أبو مهند (( لاتحزن ))

جزاك الله خيرا على هذا الكلام الرائع ..و أن شاء الله كل من تقرأ موضوعك و قد كانت تتعطر أن تستفيد منه و تمتنع عن الطيب و العطر ..
و بارك الله فيك
كلام في قمة الروعة
جزاك الله خيرا اخي الكريم
بارك الله فيك على هذه النصيحة
وجزيت خير الجزاء
اشكر كم جميعا ع تفاعلكم مع المساهمة

كلمتي المتوضعة الى المجموعة الدينية الرائعة، مع نصيحة لكل من على المنتدى. 2024.

كلمتي المتوضعة الى المجموعة الدينية الرائعة مع نصيحة لكل من على المنتدى.

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد
فأول ذي بدء، أحب أن أشيد بما تقوم به المجموعة الدينية من نشطات مؤتلفة و منظمة منسجمة، جاءت في شكل سلسلة من النصائح النافعة، والتوجيهات المسددة التي تعالج واقع الأمة، و تسعى إلى رفع الغبن و الهون و الهوان، إلى أني كنت أحبذ أن يكون أول نشاط للمجموعة عقديا يأتي على الدعوة إلى التوحيد و نبذ مظاهر الشرك، التي عششت و فرخت في بيوت كثير من المسلمين، بعد أن امتلأت قلوبهم و عقولهم عمى عن أساس هذا الدين وركنه و مرتكزه و أصله الأصيل المتعين في إخلاص التوحيد لرب العبيد، لكن كان هذا فيما أحسب عن غير قصد ولعدم اطلاع أكثر القائمين على المجموعة المباركة على مظاهر الشرك التي تعد أخطر على دين المرء من كل ما ذكر، ولعلنا نتدارك هذا الأمر معا لأهميته و عدم الاستغناء عن التنويه به و التحذير مما يخالفه إذ (إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، فإن شاء الله أكون قد أبنت عن أمر مهم من غير أن أصير جرحت أو مسست بكرامة الأفاضل من إخواني و أخواتي .


أما عن فكرة الومضات فهي صدقا و بلا مجاملة تعجبني كثيرا، كما بعثت في نفسي السرور و الفرح الكبير، ولأول مرة أرى على المنتديات على رغم كثرة طرقي لها مشاركات بطريقة الومضات، فجزى الله خيرا من كان سببها و منشئ فكرتها.

ثم النصيحة العامة لكل من على المنتدى و الومضة الشخصية و خذوها عني و انسبوها لي؛ أننا :
إن كنا حقيقتاإخوانا متعاونين و على الحق مؤتلفين و للكتاب و السنة داعين و ناصرين و للسلف الصالح متابعين و لأثارهم و سيرهم متّبعين، لن يضرنا أحد أبد الآبدين، سواء من جيلنا هذا أم من جيل الذين يرثون العلم ممن سيكون هم خلفنا و نحن سلفهم، حينها لعلنا سنكون تحت التراب لا يدرى عنا و لا ينفعنا يومئذ إلا ما قدمنا بإخلاص و اجتهاد لهذا الدين.

فأنصح إخواني و أخواتي ألا تُذهبوا كلماتكم و كتابتكم و كل جهودكم سدى، فتذهب أدراج الرياح بأنفس أوقاتكم، فضلا عن أن تكون على غير الصواب و السداد، مشوبة بالرياء و السمعة و حب الظهور، ممتلئة بالجهل و الغي و الضلال، نتاج تسويل النفس و تلاعب الشيطان و إملاء الهوى، سواء على هذا القسم الجليل أو في باقي الأقسام، إذ لا يحصل صاحبها منها إلا أوزار تليها أوزار، سيئات تعلوها سيئات، ذنوب متراكمات مع تلكم السالفات، فانتبهوا يا أولي العقول و الدرايات، والخطاب موجه إلى معاشر الإخوة و لا نعفي منه الفاضلات من الأخوات.


ثم إني أوصيكم و نفسي بتقوى الله، فإنه سألكم عني و سائلي عنكم، و والله إني لست أتشرف للإشراف و لا أنا مسرور به، لعلمي عن تقصيري و كثرة تفريطي، لكنه جهد المقل، و بذل العبد الضعيف الذي لا حول و لا قوة له إلا بمولاه، مع قلة الزاد و نفاد العتاد، ودخول الحرب الضروس مع النفس ثم مع الأهواء المضلة و البدع المنكرة خاصة في زمن كثرت فيه الفتن و قل فيه المعين، فلا تلموني إن رأيتم مني تقصيرا، و أعينوني ووجهوني و أنصحوني فما أنا إلا منكم و ما أنتم إلا مني، قال تعالى( و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر) و قال عز في علاه ( و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون)، ولأن المؤمنون نصحة و المنافقون غششة، كان من شأن المؤمن النصح لأخيه في حين المنافق يكتمه و يهضمه هذا الحق، كما من شأن المؤمن أن يدل أخاه على أوضح السبل و أفضل الطرق و قد ثبت في الحديث أن ( الدال على الخير كفاعله) فلكم بمثل ما دللتم عليه و نصحتم به، و كذلك المؤمن دأبه النفع في الحياة إذ المؤمن كالغيث أينما وقع نفع، فلنكن إخوانا في الله و لنكن كما قال عليه الصلاة و السلام (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة).
اللهم إنا نسألك التوفيق و القبول أنت أرحم الراحمين و أحكم الحاكمين .
أخوكم الفقير إلى عفو ربه أبو ليث ابن محمد الجزائري الأثري.

السلآم عليكم ورحمة الله وبركــآته
أستآذنآ الفآضل"أب ليــث"
كثّر الله من أمثآلكـ ،
ورزقنــآ وإيآكـ الإخلآص في القول والعمــل
وسنعود لآحقآ ان شالله ,..
لموآصلــة القرآءة بتمحيص وشديد تفحّص ،
بآرككـ الرحمــن أينمــآ كنت وحيثمــآ حللت ،
نحسبكـ كــآلغيث أينمآ وقع نفــع ، والله حسيبكـ ،
وبالنسبة لكل النقاط التي تفضلت بالإشآرة إليهآ،
فلي عودة حتميــة لآحقآ ،
حتّى أردّ بمآ ينآســب المقــآم ،
إعذرنــآ أستآذنــآ فالوقت يخــرمنــآ ،


ومـــضــة:
اليوم قد شُهِدْ والغد مآ وُجِدْ والأمس قد وُئِدْ ،
فمـــآذآ لــه سَنُــعِدْ ؟؟!!
الفقيره لعفــو ربّهــآ

حيّــآكـ الله وبيّــآكـ وفي الفردوس الأعلـى جمعنــآ وإيّــآكــ

بارك الله فيك اخى وفى كل اعضاء المجموعة الدينية
اسال الله ان يجعل كل اعمالكم خالصة لوجهه الكريم
وبارك الله فيكم ونفع بكم

وجزاكم الله خير ورقكم العلم النافع

بارك الله فيك اخي و جزاك الله خيرااا

نسال الله تعالى التوفيق و الاخلاص في القول و العمل و القبول الحسن ا ن شاء الله

اللهم ثبتنا على دينك و على سنة الحبيب المصطفى و سدد خطانا الى ما فيه الخير

بارك الله فيك اخي ..اعاننا الله واياكم على اتباع منهج اهل السلف ..ونسال الله ان يجعلنا من المخلصين الصادقين ونعوذبالله من النفس الامارة بالسوء وان يبعد الله عنا الرياء …
السلآم عليكم ورحمــة الله وبركــآته
أستآذنا "أب ليث"
لقد عدتُ كمآ وعدتُ
أتشكــركـ جزيلآ عــلى تشجيعكـ لخطوآت المجموعة المبآركة -بإذن الله-
ليس نيآبة عنهم ، لأنني لست بالمقآم الذي يؤهلنــي لهذآ ،
ولكــن لأن تشجيعآتكـ تبثّ فينــآ الحمــىس أكثر فأكـثر ،
وتزرع الأمــل في أن المجمــوعــة ستثمر قرييبآ ،
وبالنسبة لملآ حظتك حول عدم تطرق موآضيعنــآ للمسآئل العقآئديــة ،
فأظنهــآ مســألة وقــت وتحتآج إلى تفكــير طويل ،
ونحن في الفترة الأخيرة ، نقص توآجدنــآ وقلّ كثييرآ ،
وهذآ لمــشآغل الدنيــآ ، لكـــن سنعــود عمآ قريب_ان شالله_ بنفس متجدّد ،وبصورة نقيّة قويّة، تمآمآ كمآ ظنكم فينآ القعدة ،
والبــركــة في المسآبقآت الرآئدة التي تقيمــهآ دوريّـــآ ،
مآشآء الله ، انتفعت بهآ كثيرآ ، فالله لآ يحــرمــكـ الأجــر ،
ولقد فتحت لي عبآرآتكـ العدييد من أبوآب الفــهــم ،
وتفتّقت عن أفكــآر عدييدة ، بإذن الله ستُنْشَرُ لآحقآ ،
فقــط نستجدي بعــض الوقــــت ، بَرَكَتــــَهُ مُحِقَتْ للأسف الشديد!!!القعدة
وبالنــسبــة للومــضآت ، فنتمنّى كثييرآ لو يتوسّع العمــل بهآ ،
ولآ تبقى محصورة على النطآق الضيق جدآ (صآحبهآ وبعض الأفآضل)
بوركـــت أستآذنــآ ولآ حرمنـــآ جهــودكـ ،
ورزقنــآ المــولى وإيـآكـ الإخلآص في القــول والعمــل ،
وأعاننا الله وإيآكــمــو على التنآصح والأخذ بالنصيحــة ،
وغفر لنــآ ولوآلديكــم ولوآلدينـآ
ورزقنــآ وإيآكــم الجنــآن ،
لقد أذكــيتَ للأمــآنة فورة حمآس دآخــلي ،
فالله لآ يحرمكـ الأجــر ، ويخليكـ في سبيل نشر الدين ، ورفع الرّآيــة

ومـــضــــة:
إن عمر الإنسان أنفس كنز يملكه ولحظاته محسوبة عليه، وكل لحظة تمر معمورة بعمل مفيد فقد أخذ حظه منها وربحها،وكل لحظة تمر فارغة فقد غبن حظه منها وخسرها… فالرشيد الرشيد هو من أحسن استعمال ذلك الكنز الثمين فعمَّر وقته بالأعمال،والسفيه السفيه من أساء التصرف فيه فأخلى وقته من العمل.
عبد الحميد بن بآديس_رحمـه الله-

حيـــّـــآكـ الله وبيّـــآكـ وفي الفردوس الأعلــى جمعنــآ وإيّـــآكـ

السلام عليكم ورحمة الله

بارك الله الله فيك وسدد خطاك ونفك الله بك غيرك

وجعلنا الله وإياكم ممن يتبع الهدى

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صحْوَةُ أَمَة القعدة
القعدة
القعدة

السلآم عليكم ورحمة الله وبركــآته
أستآذنآ الفآضل"أب ليــث"
كثّر الله من أمثآلكـ ،
ورزقنــآ وإيآكـ الإخلآص في القول والعمــل
وسنعود لآحقآ ان شالله ,..
لموآصلــة القرآءة بتمحيص وشديد تفحّص ،
بآرككـ الرحمــن أينمــآ كنت وحيثمــآ حللت ،
نحسبكـ كــآلغيث أينمآ وقع نفــع ، والله حسيبكـ ،
وبالنسبة لكل النقاط التي تفضلت بالإشآرة إليهآ،
فلي عودة حتميــة لآحقآ ،
حتّى أردّ بمآ ينآســب المقــآم ،
إعذرنــآ أستآذنــآ فالوقت يخــرمنــآ ،


ومـــضــة:
اليوم قد شُهِدْ والغد مآ وُجِدْ والأمس قد وُئِدْ ،
فمـــآذآ لــه سَنُــعِدْ ؟؟!!
الفقيره لعفــو ربّهــآ

حيّــآكـ الله وبيّــآكـ وفي الفردوس الأعلـى جمعنــآ وإيّــآكــ

القعدة القعدة

بارك الله فيكم، و نفع بكم، ووفقكم و سددكم.

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة iman88 القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيك اخي و جزاك الله خيرااا

نسال الله تعالى التوفيق و الاخلاص في القول و العمل و القبول الحسن ا ن شاء الله

اللهم ثبتنا على دينك و على سنة الحبيب المصطفى و سدد خطانا الى ما فيه الخير

القعدة القعدة

و فيك بارك الله.
أسأل الله أن يتقبل دعائك.

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الطيب الجزائري84 القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيك اخي ..اعاننا الله واياكم على اتباع منهج اهل السلف ..ونسال الله ان يجعلنا من المخلصين الصادقين ونعوذبالله من النفس الامارة بالسوء وان يبعد الله عنا الرياء …
القعدة القعدة

اللهم أاامين.
جزاكم الله خيرا.

أين تجب التحية؟ 2024.

أين تجب التحية ؟
إن التحية واجبة عند دخول بيوتنا وهى السلام على من فى البيت فهى تحية مباركة طيبة من عند الله وفى هذا قال تعالى بسورة النور "فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على انفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة"
والتحية وهى التسليم على أهل البيوت التى هى ملك لغيرنا أيضا واجبة كما قال تعالى بنفس السورة :
"يا أيها الذين امنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها "
كما تجب التحية فى أى مكان يحيينا فيه الأخرون كما قال تعالى بسورة النساء :

"وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "

بارك الله فيك اخي على النقل
لكن أرجوالانتباه وحذف الروابط التي خلف الكلمات التي تؤدي الى منتدى آخر
ولكي تختفي كل الروابط ضلل نصك ثم اضغط على هذه الايقونة القعدة

تحياتي

ينقل إلى القسم الخاص به
شكرا على الموضوع

هيا ابدأ الأن 2024.

هيا ابدأ الأن
السلام عليكم ورحمة الله
——————————————–

* ‏من لم يتقدم يتقادم ..
ومن لم يتجدد يتبدد..
ومن لم يتطور يتدهور..

* ابدأ اليوم و(غيـّر) نفسك
تعلم مهارة جديدة
التحق بدورة تطويرية
تخلص من عادة سلبية
ارسم خطة لحياتك

رتب وقتك
نظم أعمالك
أعد هيكلة أصدقائك.
اقرأ كتابا ممتعا
اصنع ابتسامة على شفاه من تحب.
أترك أثراً قبل الرحيل.

* هيا ابدأ فمكانك ليس في القاع بل على (القمم)

* هيا اصعد سُـلـّم (النجاح) ولاترض بالدون فلا يرضى بالدون إلا من كان (دوناً)

* بالعزيمة والتخطيط تصبح أماني اليوم=حقائق الغد

* لا تسوف
لا تؤجل
لا تتردد
بل اليوم فابدأ

رسالة الى تارك الصلاة !! 2024.

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله الطيبين الطاهرين وبعد …..

لـمـاذا لا تـصـلـي ؟؟ لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أن الله عز وجل يامرك بالصلاة ؟ … قال تعالى : (حافظوا على الصلوات

والصلاةالوسطى وقوموا لله قانتين ).


لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أن الصلاة وصية النبي صلى الله عليه واله وسلم عند خروجه من الدنيا ؟ …قال رسول الله صلى الله عليه

وسلم وهو يلفظ انفاسه الأخيرة : ( الصلاة الصلاة وما ملكت ايمانكم ).

لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أن الصلاة ***** كل خير ؟ …قال ابن القيم : (الصلاة مجلبة للرزق ، حافظة للصحة ، دافعة للأذى ، طاردة

للأدواء ، مقوية للقلب ، حافظة للنعم ، دافعة للنقم ، جالبة للبركة ،مبعدة من الشيطان ، مقربة من الرحمن ).

لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أن النبي صلى الله عليه واله وسلم وصف تارك الصلاة بالكفر ؟ …قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (

بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة )

لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أن تارك الصلاة مع المجرمين في جهنم ؟ …قال تعالى : ( كل نفس بما كسبت رهينة إلا اصحاب اليمين في

جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نكن من المصلين ).

لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أن الصلاة مكفرة للذنوب ؟ …قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : ( ما من مسلم يتطهر فيتم الطهور

الذي كتب الله فيصلي الخمس الا كانت كفارة لما بينهن ).

لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أن المحافظة على الصلاة سبيل لدخول الجنة ؟…قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : ( من حافظ على

الصلوات الخمس ، ركوعهن ، وسجودهن ، ومواقيتهن ، وعلم انهن حق من عند الله دخل الجنة ، او قال وجبت الجنة ، او قال حرم على

النار ).

لماذا لا تصلي ؟؟. . . إذا علمت : أنها أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من أعماله ؟ …قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : ( إن أول

ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن صحت فقد افلح وانجح ، وإن فسدت فقد خاب وخسر ، فإن انتقص من فريضته شيئ

قال الرب عز وجل : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل منها ما انتقص من الفريضة ؟ ثم تكون سائر اعماله على هذا )

كما أن الأمر لا يقتصر على تارك الصلاة فقط ضف الى ذلك اضاعة الصلاة و التكاسل لأدائها

قال تعالى:﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)﴾( سورة مريم )

﴿ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى ﴾( سورة التوبة:53)


لذلك الوضع الإسلامي اليوم وضعٌ سيئ مجتمع فيه انحراف فيه تقصير فيه عدوان فيه غش فيه ابتزاز أموال فيه كبر فيه خيانة

فيه كذب فيه دجل فيه نفاق والصلاة قائمة ليست هذه العبادة التي أرادها الله

قال تعالى: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)﴾( سورة مريم)

فالصلاة عماد الدين وغرة الطاعات ومعراج المؤمن إلى رب الأرض والسماوات وأول ما يحاسب المرء يوم القيامة عن صلاته فإن

صحت سلم ونجا وإلا خاب وخسر.

القعدة

كيف تعمر صلتك بربك ؟ 2024.

بين يدي الموضوع

لماذا الحديث عن الصلة بالله عز وجل؟

لأن لم يُصب هذه الأمة ما أصابها من ويلات ونكبات ومصائب إلا بسبب تفريطها في علاقتها مع ربها، مما نتج عنه ضعف في همتها وقوتها وضعف في إيمانها ويقينها.

قال تعالى: }وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ{.
ولن يرتفع عنها ما حل بها إلا بإعمار هذه الصلة بربها وخالقها وبارئها.

بسم الله الرحمن الرحيم


توطئة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين، وبعد:

فإن العبد التقي يفرح بالقرب من أولياء الرحمن ويأنس بهم، لما يرى من أثر ذلك على نفسه من تثبيت على الحق وزيادة في الخير وقوة في رد الباطل وغيرها من المنافع الكثيرة التي يحصل عليها العبد بصحبة إخوانه وأحبابه في الله، وهذه الثمرات لم تكن إلا لكونهم أولياء الرحمن، كيف وإن كان هذا القرب والقوة في الصلة بالله وحده المتفرد بكمال الجمال والجلال. ولله المثل الأعلى-؟!! لا ريب أن الأنس يكون أعظم والنعيم أشمل، لا سيما في هذه الدنيا المليئة بالمنغصات والمكدرات، حينما يبحث المرء عن ملجأ أو ملاذ، فلا يرى أقوى من جناب ربه فيهرب من ضيق صدره بالهموم والغموم والأحزان التي تعتريه في هذه الدار من جراء نفسه وما يتعلق بماله وبدنه وأهله وعدوه، يهرب من ضيق صدره بذلك كله إلى سعة فضاء الثقة بالله تبارك وتعالى، وصدق التوكل عليه، وحسن الرجاء لجميل صنعه به وتوقع المرجو من لطفه وبره.

قال ابن القيم رحمه الله: ومن أحسن كلام العامة قولهم: لا هم مع الله، قال تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{.

قال الربيع بن خُثَيْم: يجعل له مخرجًا من كل ما ضاق على الناس.

وقال أبو العالية: مخرجًا من كل شدة، وهذا جامع لشدائد الدنيا والآخرة ومضايق الدنيا والآخرة، فإن الله يجعل للمتقي من كل ما ضاق على الناس واشتد عليهم في الدنيا والآخرة مخرجًا.

وقال الحسن: مخرجًا مما نهاه عنه }وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{ أي كافي من يثق به في نوائبه ومهماته، يكفيه كل ما أهمه. ا هـ . ([1]).

وللصلة بالله عز وجل، والانطراح بين يديه ومناجاته نعيم عظيم ولذة لا تساويها لذة، لا يحرمها إلا من أهان نفسه بالاتصال بمن هم دونه من المخلوقات والجمادات والضعفاء والعاجزين، والذين لا يملكون لأنفسهم صرفًا ولا عدلاً فكيف بغيرهم؟!

وكلما كانت الصلة بالله عامرة كانت الولاية والإيمان بالله أقوى، وكان النعيم واللذة أعظم، ولا ريب أن كل عبد مؤمن يأمل ويسعى جاهدًا لإعمار هذه الصلة بالله عز وجل الذي بيده ملكوت السموات والأرض.

ولعلِّي أتناول هنا بعض أسباب تقوية الصلة بالكبير المتعال سبحانه وتعالى، لعلها تكون سببًا في إصلاح حالنا ومآلنا ولا يعني ذكرها الحصر، وإنما ذلك جهد المقل وأول هذه الأسباب وأهمها:

السبب الأول: تحقيق التوحيد وتمحيصه:

والتوحيد الخالص الذي فطر الناس عليه، هو جماع السعادة، ومجتمع الطاعة والصلة بالله في الدنيا، و***** الجنة في الآخرة متمثلاً في كلمة الإخلاص لا إله إلا الله محمد رسول الله، والنطق بـ«لا إله إلا الله» يقتضي أن تقدم محبته سبحانه ومحبة رسوله على جميع المحاب، حيث لا تساويها ولا تزاحمها محبة أيًّا كانت، قال تعالى: }قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ{ [التوبة: 24].

قال الشيخ صالح الفوزان: «والمحبة هي أصل دين الإسلام الذي تدور عليه رحاه، فبكمال محبة الله يكمل دين الإسلام وبنقصها ينقص توحيد الإنسان»([2]).

وقال سبحانه: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ{ [البقرة: 165].

قال الإمام ابن القيم رحمه الله على هذه الآية: «أخبر تعالى أن من أحب من دون الله شيئًا كما يحب الله تعالى فهو من اتخذ من دون الله أندادًا في الحب والتعظيم».

وقال الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله: «وفيه أن من اتخذ نِدًا تساوي محبته محبة الله، فهو الشرك الأكبر». ا هـ.

وأطلق الله تعالى الإيمان على الذين ارتفعت محبة الله في قلوبهم على كل المحاب مهما كانت، وتجريد المحبة لله من دقائق أسرار التوحيد التي قل من يسلم منها – إلا من رحم ربي، لأنها من أعمال القلوب التي لا يطلع عليها إلا الذي يعلم ما تخفي الصدور ولكن أثرها ظاهر على الجوارح، وذلك أن من أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من رضاه، وتكون جميع المحاب تبعًا لمحبته سبحانه ويكون المعبد موفقًا لا يحب إلا ما يحب الله ورسوله، ولا يكره إلا ما يكره الله ورسوله فيلتم شمل قلبه ويجتمع على ربه، فيحبه ربه ويكون معه في كل أحواله، فلا يكله إلى نفسه طرفة عين، فيحميه من نفسه الأمارة بالسوء وهواه وشيطانه – نسأل الله من فضله -.
قال ابن القيم في نونيته:

فالقلب مضطر إلى محبوبه الـ

أعلى فلا يغنيه حب ثاني

وصلاحه وفلاحه ونعيمه

تجريد هذا الحب للرحمان

فإذا تخلى منه أصبح حائرًا

ويعود في ذا الكون ذا هيمان

قال الشعبي: إذا أحب الله عبدًا لم يضره ذنب.

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: وتفسير هذا الكلام أن الله – عز وجل – له عناية بمن يحبه، من عباده، فكلما زلق ذلك العبد في هوة الهوى أخذ بيده إلى نجوة النجاة، ييسر له أسباب التوبة، وينبهه على قبح الزلة فيفزع إلى الاعتذار، ويبتليه بمصائب مكفرة لما جنى.اهـ ([3]).

بيد أن محبة الله لربه تحتاج إلى براهين وأدلة.

قال الحسن: قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: إنا نحب ربنا حبًّا شديدًا، فأحب الله أن يجعل لحبه علمًا، فأنزل الله تعالى: }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ{ [آل عمران: 31].

ومن هنا يُعلم أنه لا تتم شهادة أن لا إله إلا الله، إلا بشهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا علم أنه لا تتم محبة الله إلا بمحبة ما يحبه، وكراهة ما يكرهه فلا طريق إلى معرفة ما يحبه وما يكرهه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم المبلغ عن الله، باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه، فصارت محبة الله مستلزمة لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه ومتابعته.

قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله: «ومن علامات صدق محبة العبد لله ما ذكره الله بقوله: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ{ [المائدة: 54]، فذكر في هذه الآية الكريمة لمحبة الله أربع علامات:

العلامة الأولى: أن المحبين لله يكونون أذلة على المؤمنين؛ بمعنى أنهم يشفقون عليهم ويرحمونهم ويعطفون عليهم؛ قال عطاء رحمه الله: «يكونون للمؤمنين كالوالد لولده».

العلامة الثانية: أنهم يكونون أعزة على الكافرين؛ أي يظهرون لهم الغلظة والشدة والترفع عليهم، ولا يظهرون لهم الخضوع والضعف.

العلامة الثالثة: أنهم يجاهدون في سبيل الله بالنفس واليد والمال واللسان؛ لإعزاز دين الله وقمع أعدائه بكل وسيلة.

العلامة الرابعة: أنهم لا تأخذهم في الله لومة لائم؛ فلا يؤثر فيهم ازدراء الناس لهم ولومهم إياهم على ما يبذلون من أنفسهم وأموالهم لنصرة الحق؛ لقناعتهم بصحة ما هم عليه، وقوة إيمانهم ويقينهم؛ فكل محب يؤثر فيه اللوم فيضعفه عن مناصرة حبيبه فليس بمحب على الحقيقة». اهـ ([4]).

إن الذين حققوا قول: «لا إله إلا الله» وأخلصوا في قولها وصدقوا قولهم بعملهم، فلم يلتفتوا إلى غير الله محبة ورجاء وخشية وخوفًا وطاعة وتوكلاً، هم الذين صدقوا في قول «لا إله إلا الله» وهم عباد الله حقًّا الذين لاذوا بربهم وقويت علاقتهم بخالقهم فتنعموا بالصلة به سبحانه وبطاعة أوامره واجتناب نواهيه، وهم الذين حماهم المولى من عبادة الشيطان والهوى، وهم عباد الرحمن الذين قال الله عنهم في كتابه: }إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ{ [الحجر: 42].

أما من قال «لا إله إلا الله» بلسانه، ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعله قوله، ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى: }وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ{ [ص: 26].

فالهوى يشتت صاحبه ويهيم به في كل واد، مرة يعبده للمال وأخرى للباس، ثم لأهل المال والرئاسة، وهكذا يفرق قلبه في كل ما لذ وطاب من نعيم الدنيا المؤقت الزائل لا محالة، وفي النهاية يهوي به في نار جهنم، بعد أن جعله يكره ما يحب الله ويرضاه، وقدح في توحيده من الشرك ما يكون سببًا لحبوط عمله عياذًا بالله، قال تعالى: }ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ{ [محمد: 28]، هذا نص في أن محبة ما يكرهه الله وبغض ما يحبه محبط للعمل.

[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][1][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]تهذيب مدارج السالكين. [/FONT]

[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][2][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص(273).[/FONT]

[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][3][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT][FONT="]الجامع المنتخب من رسائل ابن رجب. [/FONT]

[FONT="]([/FONT][FONT="][FONT="][4][/FONT][/FONT][FONT="]) [/FONT]الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص(76).

قال الحسن: اعلم أنك لن تحب الله حتى تحب طاعته. اهـ. فهنيئًا لمن عصى هواه وأطاع ربه وتنعم بتوحيده واجتمع قلبه عليه سبحانه، جعلنا الله منهم … آمين.

وما أجمل قول عامر بن قيس: «أحببت الله حبًّا سهَّل عليَّ كل مصيبة ورضاني بكل قضية، فلا أبالي معه ما أمسيت عليه وما أصبحت».

ولعلي ركزت هنا على توحيد المحبة لقلة من يعتني به وكثرة الزاهدين فيه في عصرنا، والله المستعان.

وبهذا نعلم أن الأساس لإعمار الصلة بالله تبارك وتعالى هو سلامة العقيدة من كل شوائب الشرك بأنواعه فالعقيدة الصحيحة – جعلنا الله من أهلها – يكفر الله بها الخطايا فقد روى الترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة»([1]).

السبب الثاني: المحافظة على الصلاة والإكثار من النوافل:
الدنيا سجن المؤمن يشعر فيها بالضيق، فإذا دخل في الصلاة وجدها قرة عينه ونعيم روحه وجنة قلبه ومستراحه في الدنيا.

وهذا النعيم الذي يجده العبد لكون الصلاة صلة بين العبد وربه، وتذكر العبد بدوام مراقبته لله عز وجل فيحسن باطنه كما يحسن ظاهره، وإذا اجتمع للعبد طهارة الظاهر
والباطن انشرح صدره وارتاحت نفسه وتحققت له الحياة الطيبة مهما فعلت به الدنيا.
وتكرار الصلاة في اليوم والليلة خمس مرات يطهر العبد من غفلات قلبه وزلات لسانه ومقترحات جوارحه التي هي سبب كل همٍّ وغمٍّ يصيب المرء، ولهذا كانت الصلاة خير عون في الدنيا والدين، قال تعالى: }وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ{ [البقرة: 45].

وقال سبحانه: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ{ [البقرة: 153].

أما طهارة الظاهر فبالوضوء الذي هو ***** للصلاة، وهو من أسباب مغفرة الذنوب التي هي سبب للمصائب والمحن، وهي الحائل بين العبد وبين كمال الاستمتاع بنعيم الصلة بالله عز وجل، ولذا أمرنا به قبل الشروع في الصلاة، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ{ حتى قوله تعالى: }مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{ [المائدة: 6].

فقوله تعالى: }يُطَهِّرَكُمْ{ يشمل طهارة ظاهر البدن بالماء الطاهر، وطهارة الباطن من الذنوب والخطايا.

وقوله تعالى: }وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ{ يدل أنه إذا غفرت الخطايا وكفرت السيئات فقد تمت النعمة على العبد، ويشهد لذلك قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في سورة الفتح: }لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ{.

وليس بعد مغفرة الخطايا والذنوب إلا دخول الجنة والنجاة من النار؛ نسأل الله من فضله.

وقد تكاثرت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بتكفير الخطايا بالوضوء ومنه حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ، فأحسن الوضوء، خرجت خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره»([2]).

ثم إن العبد إذا وقف بين يدي ربه وقد أقام الصلاة بشروطها وأركانها وواجباتها وخشوعها وسننها، وأقبل بقلبه وقالبه مخبتًا منيبًا إلى ربه، فلا بد أن تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر … فيفلح، ويأنس بالقرب من الكبير المتعال الرحيم الرحمن، وهذا الفضل والمنة لا يناله كل مصلٍّ، بل إن الرجل الواحد ليختلف حاله في بعض الصلوات.

قال حسان بن عطية: «إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض، وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل والآخر ساه غافل، فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله وبينه وبينه حجاب لم يكن إقبالاً ولا تقريبًا، فما الظن بالخالق عز وجل؟! وإذا أقبل على الخالق عز وجل وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس، والنفس مشغوفة بها ملأى منها، فكيف يكون ذلك إقبالاً وقد ألهته الوساوس والأفكار، وذهبت به كل مذهب؟!».

ولذا عد بعض الصالحين من سلف هذه الأمة الصلة بالله تعالى عن طريق السجود بين يدي الله من النعيم الحقيقي الذين أحبوا البقاء في هذه الدنيا لأجله.

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: «لولا ثلاث لأحببت أن أكون في بطن الأرض لا على ظهرها: لولا إخوان لي يأتوني ينتقون طيب الكلام، كما ينتقى طيب التمر، أو أعفر وجهي ساجدًا لله عز وجل، أو غدوة أو روحة في سبيل الله عز وجل».

ولقد سمعت كثيرًا من قصص الذين هداهم الله لاعتناق هذا الدين بعد أن كانوا يتخبطون في ظلمات الكفر، فوجدت أن سبب إسلامهم والدخول في نعيم هذا الدين هو سماعهم للأذان خمس مرات في اليوم والليلة وأداء الصلوات في المساجد، فاللهم لك الحمد والمنة.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة نور».

قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: «الصلاة نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي حشره، ولهذا تجد أكثر الناس نورًا في الوجوه أكثرهم صلاة، وأخشعهم فيها لله عز وجل، فهي نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ الإنسان عليها، وأن يحرص عليها، وأن يكثر منها حتى يكثر نوره، وعلمه وإيمانه … إلى آخر كلامه رحمه الله».

وكلما وفق العبد لكثرة السجود حظي بالقرب من ربه أكثر، قال تعالى: }وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ{، ولقد كانت الصلاة قرة عين حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهي محض لذته وفرحه وسروره وبهجته، ولذا كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قام إلى الصلاة؛ لأن فيها انشراح صدره وسعادته قال الله تعالى: }وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{ [الحجر: 97-99].

وهكذا كل من قرت عينه بصلاته في الدنيا، قرت عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة وقرت عينه به أيضًا في الدنيا، ومن قرت عينه بالله قرت به كل عين، ومن لم تقر عينه بالله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات!!

ونعيم الصلاة وحلاوتها قد وجدها أهل الإكثار من النوافل لا سيما أهل طول التهجد في الليل.

قال بعض السلف: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.

وقال آخر: ما أعلم شيئًا أقر لعيون العابدين في الدنيا من التهجد في ظلمة الليل.
ولكن قد يقول قائل: كيف السبيل إلى ذوق هذه اللذة والتمتع بهذه الحلاوة مع ما يجده الإنسان من المشاق من القيام لصلاة الفجر، وإرغام النفس أحيانًا على الإكثار من النوافل والقيام لصلاة الليل؟!

وقد وجدت الجواب عند الشيخ محمد المنجد وفقه الله … فقال: إن الوصول إلى مرحلة يكون فيها العابد لربه كالماء الذي يجري في المنحدرات؛ هذه لا تتم من أول الأمر ولا يصل إليها العبد من أول العبادة والعمل، بل يصل إليها بعد تدريب ومكابدة ومشقة ومجاهدة ولذلك فإن اللذة والتنعم بالطاعة تحصل بعد الصبر على التكره والتعب أولاً، فإذا صبر وصدق في صبره وصل إلى مرحلة اللذة التي تكون العبادة بعدها عنده كجريان الماء في منحدره، ومن عرف هذا عرف الطريق، ويمكن للفرد أن يشعر بالتلذذ بالطاعة أحيانًا وتشق عليه أحيانًا وأن نفسه تتقلب حتى تستقر على التلذذ بالطاعة دائمًا ومن فقه هذا التدرج عرف كيف يصل ؟. اهـ ([3]).

ثم بعد ذلك تسهل عليه كل مشقة وتهون عليه كل صعوبة ومن أجمل ما قيل في شأن الصلاة من أقوال السلف قول بكر المزني: من مثلك يا ابن آدم؟! متى شئت تطهرت ثم ناجيت ربك، ليس بينك وبينه حجاب ولا ترجمان.

السبب الثالث: العيش مع القرآن:

}أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا{. العيش مع القرآن وشغل القلب بالتفكير في معنى ما يقرأ والتدبر له، والتجاوب مع كل آية بالمشاعر، والدعاء والاستغفار والرجاء هذا هو المقصود الأعظم والمطلوب الأهم من إنزال القرآن.

قال حذيفة رضي الله عنه: «صليت مع الرسول صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ»([4]).

فلا شيء أنفع للقلب وأجلب لمحبة الله وأقوى للصلة بالله عز وجل من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والشكر والصبر وسائل أعمال القلوب، وهو الذي يزجر عن الصفات المذمومة والأفعال القبيحة التي تفسد القلب وتهلكه، بل وتفسد الحياة كلها.

قال الحسن البصري رحمه الله: «أنزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً» بقدر ما يفرح المؤمن حينما يرى ازدياد أعداد حفظة كتاب الله بقدر ما يحزن حينما يرى قلة المطبقين لأحكامه الوقافين عند حدوده.

قال قتادة: «لم يجالس هذا القرآن أحدٌ إلا قام عنه بزيادة أو نقصان».

وهذا نداء من القلب أوجهه لأهل القرآن فأقول: إن الله امتن عليكم بالهداية لتلاوة وحفظ كتابه حين حرم غيركم! وهذه نعمة اختصكم بها ليبتليكم ويرى أثرها عليكم، ولكي تؤدوا شكرها وتتخذوا كتاب ربكم منهجًا لحياتكم.

قال الحسن البصري: «إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل ويطبقونها بالنهار».

فحينما يحفظ المسلم }وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ{ يبحث عن معنى الهمز واللمز، ثم يسأل ربه أن يعينه على اجتنابه …، وهكذا فلا يمر بآية إلا ويبحث عن معناها في مظانها ويسأل ربه أن ييسر له الوقوف عند حدودها…

ومن الكتب النافعة المعينة على تدبر القرآن كتاب «مفاتيح تدبر القرآن» للشيخ د. اللاحم.

وهناك بعض الأمور المعينة على التدبر، منها:

1- جمع القلب عند تلاوته وسماعه، واستحضار أنه خطاب من الملك سبحانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

2- الاستعاذة قبل البدء بالقراءة فهي تطرد الشيطان الذي يحول بينك وبين التدبر.
3- الجهر بالقراءة.
4- ترتيل الآيات بالقراءة.
5- قراءة التفسير لفهم معاني الآيات
6- ربط الآيات بالواقع وتنزيلها عليه.
7- القراءة في صلاة الليل قال تعالى: }إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا{ [المزمل: 6].

السبب الرابع: كثرة ذكر الله:

أما كثرة ذكر الله باللسان والقلب والحال فهي حياة الروح وروح الحياة ونصيب العبد من نعيم وقوة الصلة بالله بحسب نصيبه من ذكر ربه، وهي سبب الفلاح قال تعالى: }وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{.

كما أن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق، فإن المنافقين قليلو الذكر لله عز وجل، قال الله عز وجل في المنافقين: }وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا{ [النساء: 142].

([1]) رواه أحمد برقم (2080)، والترمذي: كتاب الدعوات، باب في فضل التوبة والاستغفار، رقم (3540).

([2]) رواه مسلم: كتاب الطهارة، باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء، رقم (245).

([3]) بتصرف من محاضرته «المحبة» وهي إحدى محاضرات «سلسلة أعمال القلوب».

([4]) رواه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم (772).

وقال كعب: من أكثر ذكر الله برئ من النفاق، ولهذا – والله أعلم – ختم الله سورة المنافقين بقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{ [المنافقون: 9].


فإن في ذلك تحذيرًا من فتنة المنافقين الذين غفلوا عن ذكر الله عز وجل فوقعوا في النفاق». اهـ ([1]).


وقد أثنى الله على أهل ذكره ومدحهم، وأخبر نبيه أنه فوق منزلة الجهاد، وجعل سبحانه هذا الذكر حتى بعد العبادات العظيمة وخاتمة الأعمال الصالحة:



وبعد الصيام }وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{.
وبعد الحج }فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ{.
وبعد الصلاة }فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ{.
وبعد الجمعة إذا انقضت }فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا{.


وهكذا فالذكر هو الأصل الذي لأجله أُمرنا بالأعمال الصالحة }وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي{ فإذا أردنا قوة الصلة به سبحانه فلنكثر من ذكره على كل حال، ونسأله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وكلما أكثر العبد من ذكر ربه أحبه وفاز بمعيته وسبق غيره، وعلق البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه»([2]).


وإذا أحيا العبد قلبه بذكر الله أحب طاعته لأنها تقربه من ربه وكلما قرب منه ازداد أنسه وأبغض معصيته واستقبحها مهما صغرت، بل هي عنده عظيمة لأنها تبعده من ربه وتفقده من النور الذي به يحيا بحسب معصيته، وإذا أحيا العبد قلبه بذكر الله خشع في صلاته وسائر عباداته، وكان موفقًا للإحسان فيها.

السبب الخامس: سؤال الله وحده والانطراح بين يديه:

قال تعالى: }وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ{ يقول شيخ الإسلام رحمه الله: «والرب سبحانه أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه، وأفقر ما تكون إليه، والخلق أهون ما تكون عليهم أحوج ما تكون إليهم، لأنهم كلهم محتاجون في أنفسهم فهم لا يعلمون حوائجك؛ ولا يهتدون إلى مصلحتك، بل هم جهلة بمصالح أنفسهم، فكيف يهتدون إلى مصلحة غيرهم».اهـ


وسؤال الله وحده قضية مهمة مهملة، وهي أولى ما نربي عليها أنفسنا وأولادنا وأهلينا فالإنسان له حوائج لا تنتهي، ومسائل لا تنقضي، فإذا كان لا يسأل إلا الله تعالى، فإنه يكون دائم الصلة به، وذلك يفتح له باب معرفة الله تعالى، وهذه المعرفة وتلك الصلة من خلال التضرع والسؤال الملح، تفتح للإنسان من أبواب الرحمة والإيمان ما لم يكن يعلم، فيجد لذة الإيمان وحلاوة المناجاة فالقرب من الرحيم الكريم العظيم يورث النفس طمأنينة وسعادة، بخلاف الذي لا يسأل الله تعالى كثيرًا … فإنه يفقد نعيم هذه الصلة بربه … وإذا لم يسأل ويذكر العبد ربه، سأل وذكر خلقه، وسؤال المخلوقين وذكرهم بلية وداء؛ كما يُذكر عن عبد الله بن عون قوله: «ذكر الناس داء، وذكر الله دواء».


ويُذكر عن بعض السلف قوله: «إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه، فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي، خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك، لأن النفس لا تريد إلا حظها، فإذا قضيت انصرفت.



وصدق الله حين قال: }فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا{، كما أن المؤمن إذا كان لا يسأل إلا الله عرف الله تعالى حق المعرفة من إجابته له، فما يسأل ربه شيئًا من الخير إلا أعطاه، فإذا جرب سؤاله على الدوام، رأى كيف يكون إكرام الله له من حيث الإجابة أو صرف السوء، أو ادخار الحسنات له.


وهذا مما يولد في قلبه محبة ربه، حيث يراه محسنًا رحيمًا به، رءوفًا، كريمًا، جوادًا عفوًا، توابًا، برًا، رزاقًا فسبحانه.


فالقلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، والذي يعتاد سؤال الله يعرف مدى إحسان الله تعالى إليه في قضاء حوائجه كلها، ولكن ينبغي أن تكون علاقة المؤمن بربه موصولة في وقت الرخاء، حتى يكون جديرًا بالإجابة في وقت الشدة، ويبين هذا ويوضحه الحديث الذي خرجه الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد، فليكثر الدعاء في الرخاء»([3]).


وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه: «إذا كان الرجل دَعَّاء في السراء، فنزلت به ضراء، فدعا الله عز وجل قالت الملائكة: صوت معروف فشفعوا له، وإذا كان ليس بدعَّاء في السراء، فنزلت به ضراء فدعاء لله عز وجل قالت الملائكة: صوت ليس بمعروف فلا يشفعون له».


وقد قال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس: «تعرَّف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة»([4])، قال ابن رجب رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث: إن العبد إذا اتقى الله وحفظ حدوده وراعى حقوقه في حال رخائه وصحته، فقد تعرَّف بذلك إلى الله، وكان بينه وبينه معرفة، فعرفه ربه في الشدة وعرف له عمله في الرخاء، فنجاه من الشدائد بتلك المعرفة.



وهذه معرفة خاصة تقتضي القرب من الله عز وجل ومحبته لعبده، وإجابته لدعائه، وليس المراد بها المعرفة العامة فإن الله لا يخفى عليه حال أحد من خلقه … وهذا التعرف الخاص هو المشار إليه من الحديث الإلهي: «ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه» إلى أن قال: «ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه»([5]).


إذن … إذا كان العبد موفقًا إلى كثرة الانطراح بين يدي ربه في الرخاء والسراء حافظًا لحدوده راعيًا لحقوقه في صحته، ولا يعرف التذلل إلى المخلوقين، غنيًّا عنهم جميعًا فقيرًا إلى مولاه، فإن الله تعالى يكون معه على كل حال ولا يتخلى عنه أبدًا في وقت الشدة، ولا شدة يلقاها المؤمن في الدنيا أعظم من شدة الموت، وهي أهون مما بعدها إن لم يكن مصير العبد إلى خير، وإن كان مصير العبد إلى خير فهي آخر شدة يلقاها … ولذا كان بعض السلف يستحبون أن يكون للمرء خبيئة من عمل صالح، لتكون الشدة أهون عليه عند نزول الموت.


السبب السادس: كثرة الإنابة والتوبة:

إذا كانت معصية الرحمن هي التي تقصي عن الله عز وجل وإذا كان العبد كثير الخطأ والزلل … وكل ابن آدم خطاء وكل ذنب يرتكبه يبعده ويضعف إحساسه بنعيم الصلة بربه، ولما كانت التوبة والإنابة هي سبيل التخلص من مغبة الذنوب، كان حريًا بالعاقل أن يكثر منها، نعم … يكثر منها لأن الله يحب التوابين، والتواب صاحب التوبة الكثيرة، ولذا فقد تضمنتها سورة الفاتحة التي نقرأها في صلاتنا (17) سبع عشرة مرة في اليوم والليلة.



قال ابن القيم رحمه الله: «ومن أعطى الفاتحة حقها علمًا وحالاً ومعرفة علم أنه لا تصح له قراءتها على العبودية إلا بالتوبة النصوح، فإن الهداية التامة إلى الصراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذنوب ولا مع الإصرار عليها، ولذا فلا تصح التوبة إلا بعد معرفة الذنب والاعتراف به وطلب التخلص من سوء عواقبه أولاً وآخرًا».اهـ([6]).


ولكن لا بد أن نعلم جميعًا أن لا سبيل إلى التوبة النصوح إلا بتوفيق الله سبحانه وتعالى وفضله ومنته للهداية إلى الطريق المستقيم، ولا سبيل للهداية إلى الطريق المستقيم إلا بالاعتصام بالله عز وجل واللجوء إلى الله تعالى بأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ومصداق ذلك قول المولى تعالى: }وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ{ [آل عمران: 101].
وقال سبحانه: }وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ{ [الحج: 78]، أي متى اعتصمتم بالله تولاكم، وإذا تولاكم نصركم على أنفسكم وعلى الشيطان، وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد حتى تفارق روحه جسده.



والتوبة المقبولة الصحيحة لها علامات ذكرها ابن القيم رحمه الله.. منها:



أن يكون العبد التائب بعد التوبة خيرًا مما كان عليه قبلها.
أن لا يزال الخوف مصاحبًا له لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسول لقبض روحه }أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ{ [فصلت: 30].


ومنها انخلاع القلب وتقطعه ندمًا وخوفًا، وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها، وهذا تأويل ابن عيينة لقوله تعالى: }لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ{ تقطعها بالتوبة.



ومنها كسرة خاصة تحصل للقلب لا يشبهها شيء ولا تكون لغير المذنب… تكسر القلب بين يدي الرب كسرة تامة، قد أحاطت به من جميع جهاته، وألقته بين يدي ربه طريحًا ذليلاً خاشعًا، فليس شيء أحب إلى الله من هذه الكسرة، والخضوع والتذلل والإخبات والانطراح بين يديه، والاستسلام له، فلله ما أحلى قوله في هذه الحال: «أسألك بعزك وذلي إلا رحمتني، أسألك بقوتك وضعفي، وبغناك عني، وفقري إليك، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيد سواك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعو دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذل لك قلبه».


حتى قال رحمه الله تعالى: «فمن لم يجد ذلك في قلبه فليتهم توبته وليرجع إلى تصحيحها، فما أصعب التوبة الصحيحة بالحقيقة وما أسهلها باللسان والدعوى!! وما عالج الصادق بشيء أشق عليه من التوبة الخالصة الصادقة ولا حول ولا قوة إلا بالله»([7]).


ولفضل التوبة وشأنها العظيم دعانا الرحمن إليها في كتابه الكريم، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [التحريم: 8].

السبب السابع: إعمال عبادة التفكر:

سُئل أعرابي: بم عرفت ربك؟ فرد بجواب المتفكر: بنقض العزائم وصرف الهمم.
التفكر … تلك العبادة القلبية المهملة مع أن ربنا سبحانه وتعالى أمر بالتفكر والتدبر، وأثنى على المتفكرين بقوله: }إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{.
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وقال وهب بن منبه: ما طالت فكرة امرئ إلا فهم، وما فهم إلا علم، وما علم إلا عمل.
والتفكر في آيات الله يدفع العبد لتعظيم الخالق ومحبته وإجلاله.
قال بشر الحافي: لو تفكر الناس في عظمة الله لما عصوه.
وكلما استكثرنا من معرفة عجائب آلاء الله وخلقه ومصنوعاته، كانت معرفتنا بجلال الصانع أتم، ومن عرف الله قرب منه وخشيه، لأن العلم النافع يزيد في الخشية، قال سبحانه: }إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ{، قال عمر بن عبد العزيز: إنما العلم مخافة الله.


وكذا التأمل في آيات الله الكونية ومخلوقاته العظيمة كالسماوات والأرض، والليل والنهار، والشمس والقمر، وهذا الإنسان المخلوق من نطفة، وكذا عجائب الجواهر المودعة في الجبال، والبحار العميقة المكتنفة لأقطار الأرض وما في البحر من العجائب أضعاف ما نشاهده في البر!!
فلننظر مثلاً إلى اللؤلؤ والمرجان كيف أنبته الله في صم الصخور تحت الماء!!
وإلى السفن كيف ساقتها الرياح وأمسكها الله تعالى على وجه الماء!!
وأعجب من ذلك الماء فإنه حياة كل ما على الأرض من حيوان ونبات، فلو احتاج العبد إلى شربة ماء ومنع منها لبذل في تحصيلها جميع خزائن الدنيا لو ملك ذلك، ثم إذا شربها ومنع خروجها لبذل مثله في إخراجها!!
وغيرها من نعم الله وآلائه الجسيمة التي لو أمعنا النظر فيها حصل لنا الإدراك الواعي لوحدانية الله وتفرده بالملك والقدرة وأنه صاحب الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ومن ثم وجدنا نعيم اللجوء إلى مالك الملك الذي لا يعجزه شيء وهو العالم بنا وبما يصلحنا وما فيه الخير لنا.


وكذلك فإن التفكر رائد يهدي صاحبه إلى طريق ربه ويحول بينه وبين الانصراف عنه. وإذا كان التفكر بهذه المنزلة، وثمرته بتلك المكانة، فالمصيبة كبيرة حين يحرم الإنسان ذلك الجانب من العبادة، فالذي يمر على الآية العظيمة والخلق الباهر، والعبرة الموقظة دون أن يتأثر بها أو يعتبرها أو يقف عندها، دل ذلك على تجمد تفكيره وإدراكه وتبلد شعوره وإحساسه، وكان بمنزلة من فقد العقل أو البصر أو كما وصفهم الرب عز وجل: }أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ{، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور.



قال تعالى: }سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ{[الأعراف: 146].


وفي معنى الصرف:



قال الفريابي: أمنع قلوبهم التفكر في أمري.
وقال الحسن: معنى الصرف هنا أن الله جل جلاله يمنع هؤلاء الأشقياء من التفكر في أمر الله عز وجل … والتفكر عمل قلبي تأتي الجوارح تبعًا له، وهو عبادة تحتاج إلى نية وبذل وجهد وقصد، ثم إنه يأتي بحمل النفس على ذلك والمحاولة وتكرار ذلك، لأن التكرار يورث التعود، ومما يعين على التفكر الصمت والسكون والخلوة بالنفس حتى يسبح الفكر في آفاق التذكر والتدبر بلا شواغل ولا قواطع.



ومن أيسر مجالات التفكر النظر في النفس الإنسانية وعجيب صنع الله بها وتغير مراحلها وأحوالها }وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ{.


قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أو لستم ترون أن أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى …، فميت يُبكى، وآخر يُعزى، وصريع مُبتلى، وعائد يعود، وآخر بنفسه يجود، وطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بمغفول عنه، وعلى أثر الماضي يمضي الباقي».


ومما ينبغي التنبيه عليه أن التفكر المحمود هو التفكر في آلاء الله، أما التفكر في ذات الله فهو ممنوع لأن العقول تتحير في ذلك، والله سبحانه وتعالى أعظم من أن تمثله العقول بالتفكير أو توهمه القلوب بالتصوير، فهو سبحانه: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{.


وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله» [رواه البيهقي].

السبب الثامن: طلب العلم النافع، وحضور حلق الذكر:

وأقصد بالعلم النافع كل ما عاد على صاحبه بالقرب من ربه وزيادة إيمانه ويقينه بخالقه حتى العلوم المختلفة في معرفة أسرار الكون ودقائق صنع الله وبديع إتقانه، مع أن أرقى العلوم وأنفعها للعبد العلم المستمد من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من مسائل العقائد والحلال والحرام والفضائل والمعارف المتنوعة … وكلما ازداد العبد علمًا كلما ازداد رفعة عند ربه في الدنيا والآخرة، قال تعالى: }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{، في الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»([8]) قال الآجري في مقدمة كتابه أخلاق العلماء «إن الله عز وجل وتقدست أسماؤه اختص من خلقه من أحب فهداهم للإيمان ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب فتفضل عليهم فعلمهم الكتاب والحكمة، وفهمهم في الدين وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر المؤمنين».


ومن أعظم أبواب العلم التي يحصل بها قوة الصلة بالله تعالى وقوة الإيمان به، العلم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وشرف العلم بحسب شرف معلومه وشدة الحاجة إليه، ولا سبيل إلى معرفة الرب سبحانه إلا بمعرفة أسمائه ونعوته التي تعرف بها سبحانه إلى عباده من الكتاب والسنة الصحيحة، أما ما سوى هذان المصدران فلا يجوز الأخذ منه؛ لأن أسماءه سبحانه وصفة كلها توقيفية لا تثبت لله إلا بدليل من القرآن أو السنة الصحيحة، وبحسب معرفة العبد ربه تكون محبته له وخضوعه وطاعته وبالتالي يقينه وإيمانه، فأسماء الرب عز وجل ونعوته تثمر في القلب العبودية وقوة الصلة به سبحانه، ولكل صفة عبودية خاصة يشهدها القلب ثم يظهر مقتضاها على الجوارح، وبيان ذلك أن العبد إذا علم تفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة فإن ذلك يثمر له عبودية التوكل عليه باطنًا ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا.


وإذا علم بأن الله سميع بصير عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات والأرض، وأنه يعلم السر وأخفى ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فإن هذا يثمر له حفظ اللسان والجوارح وخطرات القلب عن كل ما لا يرضي الله، وأن يجعل تعلقات هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه.



وإذا علم بأن الله غني كريم برٌّ رحيم واسع الإحسان فإن هذا يوجب له قوة الرجاء، والرجاء يثمر له أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه وإذا علم بكمال الله وجماله أوجب له محبة خاصة وشوقًا عظيمًا إلى لقاء الله وهذا يثمر التنعم بأنواع كثيرة من العبادة، فلا بد للعبد إذا أراد أن يقوي صلته بربه ويحسن علاقته به أن يعلم أن ربه قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال، منزه عن المثال، بريء من النقائض والعيوب، له كل اسم حسن وكل وصف كمال، فعال لما يريد، آمر، ناه، متكلم بكلماته الدينية والكونية، أكبر من كل شيء، أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، وأقدر القادرين، وأجود الأجودين.



قال ابن القيم رحمه الله: «من أعز أنواع المعرفة: معرفة الرب سبحانه بالجمال، وأتمهم معرفة من عرفه بكماله وجلاله وجماله سبحانه، ليس كمثله شيء في سائر صفاته، ويكفي في جماله أنه إذا كشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سبحاته ما انتهى إليه بصره من خلقه، ويكفي في جماله أن كل جمال ظاهر وباطن في الدنيا والآخرة من آثار صنعه، فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال؟ ويكفي في جماله أن لنور وجهه أشرقت الظلمات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء الطائف: «أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة»([9]) قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ليس عند ربكم ليل ولا نهار نور السماوات والأرض من نور وجهه فهو سبحانه نور السموات والأرض، ويوم القيامة إذا جاء الفصل والقضاء تشرق الأرض بنوره».


وقال ابن القيم رحمه الله: «فإن العبد يترقى من معرفة الأفعال إلى معرفة الصفات، ومن معرفة الصفات إلى معرفة الذات، فإذا شاهد شيئًا من حسن جمال الأفعال استدل به على جمال الصفات، ثم استدل بجمال الصفات على جمال الذات ».اهـ. بتصرف.


أما حضور حلق الذكر والجلوس مع أهل الذكر فهو حياة للقلب وتخلص من الغفلة المميتة، فلا بد للعبد أن يحرص على حضور مجالس الذكر ويقبل عليها كما يحرص الجائع على حضور وليمة أو مأدبة بل أشد، فمجالس الذكر؛ تغذي الأرواح؛ وتعلي الهمم؛ وتحي القلوب، قال تعالى: }وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28].


وجاء في الحديث الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن أقعد مع قوم يذكرون الله منذ صلاة الغداة (الفجر) حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة»([10]).


وأهل الذكر هم أهل الآخرة ومجالسهم هي رياض الجنة وهم أهل الخير الذين يدلون صاحبهم وجليسهم إليه ويحببونه له، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «ذهب الذاكرون بالخير كله»، ومجالس الذكر مجالس الملائكة التي فيها تنزل السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة وحسبنا أنها مجالس يحبها الله ورسوله، أما مجالس أهل الدنيا فهي مجالس اللهو والغفلة وهي مجالس الشيطان التي فيها تقسو القلوب وتغطيها الغفلة التي تبعد العبد عن ربه وتجره إلى المعاصي وتحدث بينه وبينه وحشة لا تزول إلا بالذكر ومجالسة أهله وهذه المجالس حسرة يوم القيامة على أصحابها كما أن الغفلة تضعف تعظم الرب سبحانه.


قال ابن القيم: «إن حجاب الهيبة لله عز وجل رقيق في قلب الغافل».


وفرق بين مجلس يقوم منه العبد وقد زاد إقباله على ربه واشتاق إلى مناجاته والانطراح بين يديه وسؤاله نعيم الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، والاستعاذة به من النار وما قرب إليها من قول وعمل، وازداد حبه للطاعة ووجد طعمها وحلاوتها وبغضه للمعصية وانخلع من قلبه حب الدنيا وتعلق قلبه بما عند الله والدار الآخرة، وبين مجلس يقوم منه العبد وقد زاد إقباله على حطام الدنيا وشرهه باللباس والأثاث والزينة الزائفة وقد زهد في العمل الصالح المقرب لرضا الرحمن ودخول الجنان وتعلق قلبه بما في أيدي أهل الدنيا من بريق المتاع القليل … ومن ثم هانت على نفسه المعصية في سبيل الحصول على المتاع القليل وثقلت عليه الطاعة وفقد طعمها وحلاوتها وقد يكون ممن يقول يوم القيامة: }وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا{ [الفرقان: 27-29].


والعاقل الفطن من يختار المجلس النافع في الدنيا والآخرة.


السبب التاسع: دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة سلف الأمة والتأمل فيها:


يكفينا أن ربنا عز وجل أقسم على كمال هذا الرسول وعظمة أخلاقه وأنه أكمل مخلوق بقول: }ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ{ [القلم: 1-4].


وهذا مما يدفعنا لدراسة سيرة حبيبنا صلى الله عليه وسلم التي هي سبب للهداية إلى الطريق المستقيم وفي تأمل حاله صلى الله عليه وسلم وسيرته وحياته وعبادته وكذا صحابته من بعده رضوان الله عليهم وعبادتهم ووصفهم للنعيم الذي يجدونه بالصلة بربهم وأثر ذلك على حياتهم وانتصارهم على عدو الله وعدوهم وانتصارهم قبل ذلك على أنفسهم والشيطان كل ذلك مما يعلي الهمة ويحفز المشمرين على السير في الطريق الذي سار عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده، ويحث على اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده ويحصل ذلك من خلال قراءة النصوص الواردة الثابتة في الكتاب والسنة، قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «ومنهم من يهتدي بمعرفته بحاله صلى الله عليه وسلم وما فطر عليه من كمال الأخلاق والأوصاف والأفعال، وأن عادة الله أن لا يخزي من قامت به تلك الأوصاف والأفعال لعلمه بالله ومعرفته به، وأنه لا يخزي من كان بهذه المثابة، كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها له صلى الله عليه وسلم: «أبشر لن يخزيك الله أبدًا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكلّ، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق»([11]).

([1]) الوابل الصيب (164).

([2]) ذكره في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: }لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ{، ترجمة الباب.

([3]) رواه الترمذي: كتاب الدعوات، باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، رقم (3382).

([4]) رواه أحمد برقم (2800).

([5]) رواه البخاري: كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم (6502).

([6]) تهذيب مدارج السالكين (1/179).

([7]) تهذيب مدارج السالكين.

([8]) رواه البخاري: كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا، رقم (71)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، رقم (1037).

([9]) الطبراني في الدعاء، (1/315)، وتاريخ دمشق (49/152).

([10]) رواه أحمد برقم (21690)، وأبو داود: كتاب العلم، باب في القصص، رقم (3667)، وحسنه الألباني.

([11]) رواه البخاري: كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، رقم (4)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب من بدء الوحي إلى رسول الله r، رقم (160).

وسلف هذه الأمة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتابعيهم بإحسان أهل الصدر الأول من الإسلام هم خير القرون، وهم أهل المواقف العظام، وهم حملة الدين ونقلته لمن جاء بعدهم من العالمين، وأقوى الناس صلة بربهم وإيمانًا ويقينًا وأرسخهم علمًا يخص منهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين خصهم الله برؤيته وأكرمهم بسماع صوته فأخذوا الدين منه غضًّا طريًا، فاستحكمت به قلوبهم واطمأنت نفوسهم وثبتوا عليه ثبوت الجبال ولم يزلّوا أو يرتابوا بعد وفاة نبيهم صلى الله عليه وسلم لأن قلوبهم معلقة بخالقهم ولذلك لما كانت الفاجعة عظيمة عليهم لما توفي حبيبهم المصطفى صلى الله عليه وسلم وقام بهم أقوى هذه الأمة إيمانًا بعد المصطفى أبو بكر الصديق قام بهم خطيبًا قائلاً: «من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، ثم تلا: }وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ{ [آل عمران: 144]، أيقظت قلوب الصحابة رضوان الله عليهم المعلقة بربهم دائمة الصلة بالله عز وجل أيقظتها من عظم المصاب، فثبتوا على هذا الدين وسيروا الجيوش الجرارة وفتحوا الدنيا بلا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكفي في بيان فضلهم أن الله خاطبهم بقوله: }كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ{.

ومن تأمل سيرهم وعرف محاسنهم وما كانوا عليه من قوة في الصلة بالكبير المتعال بالإقبال على الطاعة والتنافس في فعل الخير وشدة تعبدهم لربهم وإعراضهم عن الدنيا الفانية، وإقبالهم على الآخرة الباقية، من تأمل حالهم استصغر نفسه وعلت همته، وقويت عزيمته إلى صدق التأسي بهم ولو لم يحصل من ذلك إلا محبتهم ورغبة التحلي بصفاتهم لكفى لأنه جاء في الحديث: «المرء يحشر مع من أحب» [رواه الترمذي].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «ومن كان بهم أشبه كان ذلك منه أكمل».
وبعد ذكر أسباب نعيم وقوة الصلة بالله تعالى على سبيل المثال لا الحصر، بقي أن نعرف شيئًا من الثمرات التي يحصل عليها العبد الذي منَّ عليه ربه بالقرب منه … فمنها:

أولاً: الخشوع لله تعالى لا سيما في الصلاة:

وهي من خيرة الثمرات التي يجنيها العبد قوي الصلة بربه الذي أعلن العبودية لله ونبذ ما سواه واستقام عليها، قال تعالى: }وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ{، قال الحسن البصري: الخوف الدائم في القلب وفي قوله تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{.

قال الحسن: كان خشوعهم في قلوبهم فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا لذلك الجناح، ومن عرف ربه حق المعرفة خشع له وتذلل لأمره واستسلم لحكمه ولم يعارضه برأي أو شهوة، ومن معاني الخشوع التي هي ثمرة الصلة العامرة بالله.

قال الجنيد: تذلل القلوب لعلام الغيوب.

قال ابن القيم: الحق أن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم والمحبة والذل والانكسار.
وقيل: الخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية، وتارة من فعل البدن كالسكون.
وقيل: معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة … كما أن العبد الخاشع لربه متواضع لإخوانه ويرقب آفات النفس والعمل، ويرى الفضل لكل ذي فضل ويطالع عيوب نفسه ونقصها مما قد يصيبها من العجب وضعف اليقين، وتشتت النية.

والعبد الخاشع دائم تصفية القلب من مراءاة الخلق حافظًا لحرمات ربه وحرمات خلقه، وخير نعيم يظفر به؛ الخشوع في الصلاة الذي أمنية ورغبة كل مؤمن.

فما أن تتشبع نفس العبد بضغوط الحياة وتوشك أن تتفجر حتى تتنفس في الصلاة نسيم الراحة وتزفر نكد الحياة مطمئنة سعيدة وتقف بين يدي ربها خاشعة مخبتة ذليلة، ثم تنصرف من الصلاة قد نالت الفلاح في الدنيا والآخرة.

قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «من تواضع لله تخشعًا، رفعه الله يوم القيامة، ومن تطاول تعظمًا، وضعه الله يوم القيامة» ومن خشع قلبه تولى عنه الشيطان.

ثانيًا: حفظ الله للعبد في الدنيا والآخرة:

فإن المؤمن إذا كانت صلته بربه عامرة بحفظ حدود الله وتقواه فإن الجزاء من جنس العمل … وحفظ الله تعالى لعبده يتضمن نوعين:

أ- حفظ الله له في مصالح دنياه، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله.
ب- حفظ الله للعبد في دينه كحفظ جوارحه وقلبه عما حرم الله.

أما النوع الأول: أن يحفظه الله في صحة بدنه ويمتعه بقوته وعقله وماله، قال بعض السلف: العالم لا يخرف وتأولوا بعضهم على ذلك قوله تعالى: }ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ{ أنه أرذل العمر }إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ{ كان أبو الطيب الطبري قد جاوز المائة سنة وهو ممتع بقوته فوثب يومًا من سفينة كان فيها إلى الأرض وثبة شديدة فعوتب على ذلك، فقال: هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر، فحفظها الله علينا في الكبر.

وقد يحفظ الله العبد بصلاحه في ولده، وولد ولده، كما قيل في قوله تعالى: }وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا{ إنهما حفظًا بصلاح أبيهما.

كما يحفظ الله العبد الذي حفظه من شر كل من يريده بأذى من الجن والإنس كما قال تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا{ قالت عائشة رضي الله عنها: يكفيه غمّ الدنيا وهمها. وكتبت رضي الله عنها إلى معاوية: «إن اتقيت الله كفاك الناس، وإن اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئًا».

أما النوع الثاني من الحفظ وهو أشرفها وأفضلها:

حفظ الله لعبده في دينه، وإيمانه في حياته من الشبهات المردية والبدع المضلة، والشهوات المحرمة، ويحفظه عليه عند موته، فيتوفاه على الإسلام.

وقد ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه أن يقول عند منامه: «اللهم؛ إن قبضت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين»([1]).

وفي حديث عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمه أن يقول: «اللهم احفظني بالإسلام قائمًا، واحفظني بالإسلام قاعدًا، واحفظني بالإسلام راقدًا، فلا تطع فيَّ عدوًا ولا حاسدًا»([2]).

وروي عن ابن عباس في قوله تعالى: }يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ{، قال: يحول بين المرء وبين المعصية التي تجره إلى النار.

ومن أنواع حفظ العبد في دينه: أن العبد قد يسعى في سبب من أسباب الدنيا – إما الولايات أو التجارات أو غير ذلك – فيحول الله بينه وبين ما أراده لما يعلم له من الخيرة في ذلك وهو لا يشعر مع كراهته لذلك.

وقد أخبر الله أنه ولي المؤمنين وأنه يتولى الصالحين وذلك يتضمن أنه يتولى مصالحهم في الدنيا والآخرة، ولا يكلهم إلى غيره، قال سبحانه: }ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ{ [محمد: 11].

وقال سبحانه: }أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ{ [الزمر: 36].

كان بعض السلف يدور على المجالس ويقول: «من أحب أن تدوم له العافية فليتق الله».

وقال العمري الزاهد؛ لمن طلب منه الوصية: كما تحب أن يكون الله لك، فهكذا كن لله عز وجل.

فمن قام بحقوق الله عليه فإن الله يتكفل له بالقيام بجميع مصالحه في الدنيا والآخرة، ومن أراد أن يتولى الله حفظه ورعايته في أموره كلها فليراع حقوق الله عليه، ومن أراد ألا يصيبه شيء مما يكره فلا يأت شيئًا يكرهه الله منه.

وهو سبحانه أكرم الأكرمين، ويجازي بالحسنة عشرًا ويزيد، ومن تقرب منه شبرًا تقرب منه ذراعًا، ومن تقرب منه ذراعًا تقرب منه باعًا، ومن أتاه يمشي أتاه هرولة.

وقد قال الله تعالى في الحديث الإلهي الذي رواه البخاري: «ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها»([3]).

إذن … كلما ازداد العبد قربًا من ربه بالطاعات حمى الله جوارحه من المحرمات ووفقه لفعل الطاعات.

ثالثًا: القناعة بالعيش والرضا بالقليل:

إن من كان عامر الصلة بربه قد ذاق حلاوة طاعته والإيمان به وتعلق قلبه بالله وبما أعده لعباده الصالحين من نعيم لا ينفد، انصرفت نفسه من النعيم الذي ينفد … وكفاه من الدنيا زاد المسافر وقنع باليسير … فعزف عن حطام الدنيا رغبة فيما عند الله وهو واضع نصب عينيه قول ربه تبارك وتعالى: }وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى{ [طه: 131].

ثم يتأمل قول الله تعالى: }زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{ والزهر أسرع النباتات ذبولاً وخرابًا، وقول تعالى: }قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا{، فهو قنوع بما رزقه الله لأنه يعلم أن عطاء الدنيا ليس مقياسًا لرضا ربه، ويعلم أن الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة ولو كانت كذلك ما سقى منها كافرًا شربة ماء ويعلم أن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من يحب.

ويتذكر حياة أحب العباد إلى الله … محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فيزداد قناعة بما رزقه ربه، قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم وحشوه ليف»، وعنها رضي الله عنها؛ أنها قالت لعروة: «ابن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين, وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، فقلت: ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان؛ التمر والماء …» الحديث، وحديث فضالة بن عُبيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «طوبى لمن هُدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافًا وقنع»([4]).

رابعًا: الصبر بأنواعه والرضا بالقضاء:

إن عامر الصلة بربه يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن ربه لا يقضي له قضاءً إلا كان ذلك القضاء خيرًا له، فهو مسلم لأمر ربه مستسلمًا لحكم ربه، صابرًا على أي مصاب ينزل به لأن ما نزل به قد أراده الله، فهو بين يدي ربه يفعل به ما شاء، فهو مؤمن بالقدر ومن آمن بالقدر ذهب همه وحزنه.
وقد دل على هذا المعنى القرآن الكريم في قوله تعالى: }لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ{، قال الضحاك: «عزاهم لكيلا تأسوا على ما فاتكم، لا تأسوا على شيء من أمر الدنيا أعطيناكموه، فإنه لم يكن يزوي عنكم».

يزوي: يطوي.

فإذا نظر القريب من ربه إلى القضاء والقدر في حكم الله ورحمته، وأنه غير متهم في قضائه دعاه ذلك إلى الرضا بالقضاء، قال تعالى: }مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ{، قال علقمة في هذه الآية: هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم بها ويرضى.

خامسًا: الثبات عند الفتن وعند شدة الموت وفي الآخرة حتى دخول الجنة:

إن الله تعالى له عناية خاصة بالعبد القريب منه فيثبته سبحانه في كل أحواله لا سيما عند ورود أعاصير الفتن؛ ولأنه قوي الإيمان بربه, ولا يزل ويهلك عند ورود الفتن إلا ضعفاء الإيمان الذين أبعدتهم ذنوبهم المتراكمة عن خالقهم فوكلهم إلى أنفسهم عياذًا بالله، قال تعالى: }يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ{ [إبراهيم: 27].

قال ابن سعدي رحمه الله في تفسير الآية: يخبر الله تعالى أنه يثبت عبده المؤمنين الذين قاموا بما عليهم من الإيمان القلبي التام الذي يستلزم أعمال الجوارح ويثمرها فيثبتهم الله في:

1- الحياة الدنيا: عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله ويرضاه على هوى النفس ومرادها.

2- وفي الآخرة: عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي والخاتمة الحسنة وفي القبر عند سؤال الملكين، بالجواب الصحيح، إذا قيل للميت: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ هداهم للجواب الصحيح، بأن يقول المؤمن: «الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد نبي» }وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ{ عن الصواب في الدنيا والآخرة، وما ظلمهم الله ولكنهم ظلموا أنفسهم لبعدهم عن ربهم وطاعتهم هوى أنفسهم.

ولا شدة تمر على العبد أعظم من شدة الموت وهي أهون مما بعدها إن لم يكن مصير العبد إلى خير، وإن كان مصيره إلى خير فهي آخر شدة يلقاها، فمن كان الله أنيسه في خلواته في الدنيا، فإنه يرجى أن يكون أنيسه في ظلمات اللحود وإذا فارق الدنيا وتخلى عنها.

وكذلك أهوال القيامة وأفزاعها وشدائدها إذا تولى الله عبده المطيع له القريب منه في الدنيا أنجاه الله من ذلك كله، قال قتادة في قوله تعالى: }وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا{، قال: من الكرب عند الموت، ومن أفزاع يوم القيامة، وقال زيد بن أسلم في قوله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا{، قال: يبشر بذلك عند موته وفي قبره ويوم يبعث, فإنه لفي الجنة، وما ذهبت فرحة البشارة من قلبه.

وقيل في هذه الآية: بلغنا أن المؤمن حين يبعثه الله من قبره يتلقاه ملكاه اللذان معه في الدنيا، فيقولان له: لا تخف ولا تحزن، فيؤمّنُ الله خوفه، ويقرّ الله عينه، فما من عظيمة تغشى الناس يوم القيامة إلا وهي للمؤمن قرة عين، لما هداه الله ولما كان عمل في الدنيا.اهـ

حتى إذا اقترب من دخول الجنة استقبلته الملائكة تهنئه بسلامة الوصول ويقال له كما يقال لغيره من المؤمنين }سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ{ [الرعد: 24].

نسأل الله من فضله … وهكذا فالثمرات أكثر من ذلك منها سلامة الصدر للمسلمين، والغيرة على دين الله، وخشية الله في الغيب والشهادة وحفظ حدود الله، وأعظمها دخول الجنة والتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم.

اللهم اجعلنا من أوليائك المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

الخاتمة

وبعد … فإن القرب من المولى تعالى والصلة به سبحانه لا تكون عامرة إلا باتباع شرع الله عز وجل والإخلاص له سبحانه وفعل أوامره واجتناب نواهيه وحفظ حدوده وكلما زاد العبد من النوافل زاد قربًا من ربه ونعيمًا باتصاله به، وإن العبد مهما أوتي من قوة في جسده أو عقله، فلن تغنيه عن عون ربه وتوفيقه، ومهما تنعم بأنواع المتاع فلن تغنيه عن نعيم الصلة بربه والقرب منه الذي هو نعيم القلب الحقيقي.

فهنيئًا لمن كانت صلته بربه عامرة، هنيئًا له النعيم في الدنيا والآخرة والحفظ والثبات على الحق وولاية الرحمن وقوة الإيمان.

والخسران والبوار لمن تشبث بالقوة الواهية من دون الله تعالى }مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{ [العنكبوت: 41-42].

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم.

([1]) رواه البخاري: كتاب الدعوات، باب التعوذ والقراءة عند المنام، رقم (6320)، ومسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع، رقم (2714).

([2]) رواه الحاكم في المستدرك (1/706)، وابن حبان في صحيحه (3/214).

([3]) رواه البخاري: كتاب الرقاق، باب التواضع، رقم (6502).

([4]) رواه أحمد برقم (23426)، والترمذي: كتاب الزهد، باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه، رقم (2349)، وقال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ.

احذري حبيبتي في الله هذا الشر 2024.

حياكن الله أخواتي في الله

إن الله عز و جل مثلما فضل بعض العباد على بعض ، وشرّف بعض الأزمنة على بعض وجعل لبعض الأماكن حرمةً دون بعض …فإنه عز وجل أحب بعض الأماكن وأبغض بعض .

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : "حب البلاد إلى الله مساجدها ، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها". رواه مسلم .

قال الإمام النووي – رحمه الله – أحب البلاد إلى الله مساجدها ؛ لأنها بيوتُ الطاعات ، وأساسُها على التقوى . وقوله : وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ؛ لأنها محل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة وإخلاف الوعد والإعراض عن ذكر الله.و الفتن و الخصومات.. والمساجد محل نزول الرحمة بينما الأسواق هي أماكن الغفلة.

حبيبتي في الله ..لقد كانت الأسواق تذكر السلف الصالح بالآخرة, فإن ابن مسعود رضي الله عنه كان كلما ما خرج إلى السوق و مرّ على الحدادين ورأى ما يُخرجون من النار إلا جعلت عيناه تسيلان .وكان عمرو بن قيس إذا نظر إلى أهل السوق بكى ، وقال : ما أغفل هؤلاء عما أُعِـدّ لهم …و كان ابن سيرين يدخل السوق ليذكر الله ساعة و يقول لعل الله يغفر لي لأنها ساعة غفلة أي غفلة العباد عن ذكر الله في السوق……فبماذا تذكرنا نحن ياللأسف؟؟ فمعظم من يدخل الأسواق منشغل لاه بالدنيا بل أصبح الآن هاجس الناس الأكبر تتبع الجديد وشراءه والتباهي

اعلمي حبيبتي في الله … أن كثرة الأسواق علامة من علامات الساعة…و هذا مانلحظه في أيامنا هذه..بين كل سوق وسوق سوق ..قال عليه الصلاة والسلام : لا تقوم الساعة حتى تظهر الفتن ، ويكثر الكذب ، وتتقارب الأسواق ، ويتقارب الزمان ، ويكثر الهرج . قيل: وما الهرج ؟ قال : القتل . رواه الإمام أحمد وابن حبان وصححه الألباني

فالأسواق إن كانت مبغوضة عند الله , فتنة على الرجال فكيف يسلم منها النساء؟..لقد ابتلي المجتمع المسلم بكثرة خروج المرأة للأسواق .."إدمان التسوق" بحجة الشراء أو بدونه …فهذه تريد أن تُروح عن نفسها…و أخرى تريد أن تتباهى أمام صديقاتها بمشترياتها..و تلك تريد أن تُعاكِس وتُعاكَس…فتريهن متزينات متعطرات و حتى المتحجبات..وياللأسف لم يسلمن من هذه الظاهرة.. فتن مابعدها فتن…والله المستعان رأيتهن يتساهلن في خلع الملابس في محلات الملابس لمعرفة المقاسات…و يمازحنا الباعة…و يخضعن بالقول …و حتى الأطفال والرضع لم يسلموا من دخول الأسواق ..فالأم عوض أن ترعى ابنها وتحافظ عليه من ضربات الشمس ولفح البرد ,تجدينها تتسكع به في الأسواق….و ربما كان ميتا من الجوع أو العطش أو النعاس…فقط لتشبع رغبتها هي دون أن تبالي نحن لا ننكر أننا مضطرات أحيانا للتسوق…وأعيدها مضطرات أي للضرورة القسوى, لا للتسكع…وتضيع الوقت فإن وُجد من يقضي طلباتك .. فلما التردد على الأسواق ؟؟

وكم يحز في النفس سماح الرجال لنسائهم بكثرة التردد على الأسواق فقد تخرج كل يوم للسوق فماهذا التساهل الغريب من أولياء الأمور و الأزواج…فإن كان الرسول صلى الله عليه و سلم قد قال لتلك المرأة و هي تسأله للخروج من أجل عبادة "الصلاة "…صلاتك في بيتك خير …فماذا عسانا نقول بعد قول الرسول صلى الله عليه و سلم ….فالحذر الحذر من هذا الشر ..فهل بعدما علمنا أن الأسواق أبغض الأماكن إلى الله و شرها نتساهل في كثرة التردد عليها بل لا والله نخشى ونخاف أن يباغتنا الموت فيها والله نسأل حسن الخاتمة .

وأشدّ ما تكون فتنُ الأسواق في رمضان وخاصة في العشر الأواخر من رمضان ، والتي هي أفضل ليالي الشهر بل أفضل ليالي العام فتضيع أوقات المرأة بين السوق والمطبخ… وتتدافع النساء في تلك الأيام على شراء ملابسِ العيد ..و مستلزمات الحلوى…فتخرج بالليل والنهارو تضيع الساعات في المحلات فلا قرآن ولا قيام وتنسى أن رمضان شهر العتق و الفوز بالجنان…لا شهر الشهوات والعصيان وقد خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له.. فيمكن للمرأة إن اضطرت شراء حاجاتها وحاجات أولادها أن يكون ذلك قبل شهر رمضان.. حتى تستغل رمضان في العبادة ومضاعفة الحسنات ,كذلك يتم تدوين الطلبات بورقة وترتيب الأفكار حتى يتم توفير الجهد والوقت أثناء قضاء الطلبات …و لا تنسي الذكر في السوق حتى يكتب لك أجر عبادة الله في غفلة الناس وأن يُخصص يومٌ في الأسبوع للشراء أو يوم في كل أسبوعين أو حتى في الشهر .وثمتثل قول الله " وقرن في بيوتكن " ويكون في وقت إما في الصباح أو قبل عطلة الأسبوع لتجنب الزحام..والأفضل من كل هذا أن توكل عملية الشراء للولي إن أمكن ..و أخيرا ردع النفس فما كل ماتشتهي تشتري .

و نسأل الله السلامة لنا و لكل المسلمين

منقووول للأمانة
القعدة

جزاك الله خيرا

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفاء والمروة القعدة
القعدة
القعدة

جزاك الله خيرا

القعدة القعدة
وجزاك الفردوس الأعلى غاليتي
القعدة

أمسك عليك لسانك 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي أحسن خلق الإنسان وعدَّله، وألهمه نور الإيمان فزينه به وجملَّه، وعلَّمه البيان فقدَّمه به وفضله , وأمدَّه بلسان يترجم به عما حواه وعقله، والصلاة والسلام على من أرسله ربه وأكرمه، وبالقرآن الكريم أرسله، وعلى آله وأصحابه ما كبرَ اللهَ عبدٌ وهلله، وبعد:



فاللسان من نعم الله العظيمة، ولطائف صنعه الغريبة، فهو صغير الحجم عظيم الطاعة والجرم، إذ لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان، وهو رحب الميدان، ليس له مرد ولا لمجاله منتهى أو حد، له في الخير مجال رحب، وله في الشر ذيل سحب، فمن أطلق لسانه وأهمله مرخي العنان سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى جرف هار إلى أن يضطره إلى البوار، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع، فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة، ويكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله.



وقد تساهل كثير من الناس في حفظ ألسنتهم، وأطلقوا لها العنان، فمنهم من وظف لسانه في سب الناس وشتمهم، ومنهم من استعمله في الحرام من الغناء والكذب والغيبة والنميمة والمراء والجدال وشهادة الزور، ومنهم من أطال لسانه في إغضاب الله عز وجل، وكم تساهل الناس في الاحتراز من آفاته وغوائله، والحذر من مصائده وحبائله، وكم عبد غير الله باللسان. وكم أحدثت به البدع. وكم تقطعت به أرحام وتحطمت به أوصال, وكم تفرقت به قلوب بل ونزفت دماء وقتل أبرياء. وكم عذب به مظلومون , وكم طلقت به نساء بريئات,وكم نهبت به أموال، وكم قذفت به محصنات, وإنا لله وإنا إليه راجعون..



من أجل هذا–أخي الحبيب- رأينا أن نكتب عن اللسان مبينين خطره وفضيلة حفظه وما يعين على حفظه وثمراته، ومحذرين من آفاته ومساوئه.


مَنْ صمت نجا

أعلم – أخي الحبيب-أن اللسان خطره عظيم، ولا نجاة من خطره إلا بالصمت، ولهذا مدح النبي صلى الله عليه وسلم الصمت وحث عليه فقال صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا» [رواه أحمد وصححه الألباني] وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» [متفق عليه].



وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، ما النجاة؟ قال: «أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك» [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنك لن تزال سالما ما سكت، فإذا تكلمت كتب لك أو عليك» [رواه الطبراني وصححه الألباني].



وقال أحد الصحابة: «الصمت عبادة من غير عناء، زينة من غير حلي، هيبة من غير سلطان، به تستغني عن الاعتذار، وبه تستر عيوبك».



وقال بعض السلف: الزم الصمت، فإنه يكسبك صفو المحبة، ويؤمنك سوء المغبة، ويلبسك ثوب الوقار، ويكفيك مؤنة الاعتذار.



وقال آخر: اعقل لسانك إلا عن حق توضحه، أو باطل تدحضه، أو حكمة تنشرها، أو نعمة تشكرها.



ومما يدل على فضل الصمت أن الكلام أربعة أقسام: قسم هو ضرر محض، وقسم هو نفع محض، وقسم فيه ضرر ومنفعة، وقسم ليس فيه ضرر ولا منفعة.


فأما الذي هو ضرر محض فلابد من السكوت عنه، وكذلك ما فيه ضرر ومنفعة لا تقي بالضرر، وأما ما لا منفعة فيه ولا ضرر، فهو فضول، والاشتغال به تضييع زمان وهو عين الخسران، فلا يبقى إلا القسم الرابع وهو ما كان نفعا محضاً.



يقول الإمام الغزالي: (فإن قلت: فهذا الفضل الكبير للصمت ما سببه؟ فاعلم أن سببه كثرة آفات اللسان…. وهي سباقة إلى اللسان لا تثقل عليه، ولها حلاوة في القلب، وعليها بواعث من الطبع ومن الشيطان، والخائض فيها قلما يقدر أن يمسك اللسان فيطلقه بما يحب ويكفه عما لا يحب. ففي الخوض خطر، وفي الصمت سلامة، فلذلك عظمت فضيلته).

آفات اللسان

* آفات اللسان كثيرة جداً، وهي منتشرة – للأسف – بين الناس، ومنها:



1- الكلام فيما لا يعنيك: وهذه آفة منتشرة بين الناس، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذرنا منها بقوله:«من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه»، وقال: «أكثر الناس ذنوبا أكثرهم كلاماً فيما لا يعنيه».

وحدِّ الكلام فيما لا يعنيك أن تتكلم بكلام لو سكت عنه لم تأثم ولم تستضر به في حال ولا مال، أو تسأل غيرك فيما لا يعنيك، أو تسال عن مسألة لا حاجة لك إليها. والذي لا يعني هو الفضول كله على اختلاف أنواعه، والذي يعني المرء من الأمور هو ما تعلق بضرورة حياته في معاشه مما يشبعه ويرويه ويستر عورته، ويعف فرجه، ونحوه مما يدفع الضرورة دون ما فيه تلذذ وتنعم.



ويلحق بهذه الآفة فضول الكلام، وهو الزيادة فيما يعني على قدر الحاجة، وهو مذموم أيضا، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «طوبى لمن أمسك الفضل من لسانه، وأنفق الفضل من ماله»، فانظر كيف قلب الناس الأمر في ذلك، فامسكوا فضل المال، وأطلقوا فضل اللسان.



* وسبب هذه الآفة: حرص المرء على معرفة ما لا حاجة به إليه، أو المباسطة بالكلام على سبيل التودد، أو إشغال الأوقات بحكايات لا فائدة فيها.



* وعلاجها: أن يعلم المرء أن الموت بين يديه، وأنه مسئول عن كل كلمة، وأن أنفاسه رأس ماله، وأن لسانه شبكة يقدر أن يقتنص بها الحور العين، وأن يلزم نفسه السكوت عن بعض ما يعنيه حتى يعتاد لسانه ترك ما لا يعنيه.



2- الخوض في الباطل: وهو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال النساء ومجالس الخمر ومقامات الفساق، وحكاية البدع والمذاهب الفاسدة، فإن كل ذلك مما لا يحل الخوض فيه، وهو حرام، وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث بلال بن الحارث: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة» [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].



3- المراء والجدال والخصومة: وهذا كله منهي عنه، وقد قال الله تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ{[البقرة: 204، 205] وقال }وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{[العنكبوت: 46]. وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم» [رواه البخاري].



وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الفجور في الخصومة من علامات النفاق فقال: «أربع من كن فيه كان منافقاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها»… ومنها «إذا خاصم فجر» [متفق عليه].


فينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن المراء والجدال والخصومة، لأن ذلك مما يوغر الصدور، ويهيج الغضب، ويزرع الحقد في النفوس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا..» [رواه أبو داود وصححه الألباني].



4- الفحش والسب واللعن وبذاءة اللسان: وكل هذا مذموم ومنهي عنه، قال صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا بالبذيء» [رواه أحمد وصححه الألباني]. وقال صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» [متفق عليه] وقال: «لا يرمي رجل رجلا بالفسوق، ولا يرميه بالكفر، إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» [رواه البخاري].


وللأسف: فإن هذه الأشياء من الأمور التي انتشرت كثيرا في هذا الزمان خاصة بين الشباب، مع أن المسلم مطالب أن ينزه لسانه من الفحش، وأن يطهره من البذاءة، وأن يجله من ذكر العورات، وما يستقبح من الألفاظ والعبارات.



5- التقعر في الكلام وتكلف السجع والفصاحة: وهذا تكلف ممقوت، وتصنع مذموم، ولا باعث عليه إلا الرياء وإظهار الفصاحة والتميز بالبراعة، وكل ذلك مذموم يكرهه الشرع، ويزجر عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «…وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة: الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون» قالوا: قد علمنا الثرثارون والمتشدقون: فما المتفيهقون؟ قال: «المتكبرون» [رواه الترمذي وحسنه الألباني] وقال: «إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل الباقرة – أي البقرة – بلسانها» [رواه أحمد وصححه الألباني].



6- السخرية والاستهزاء والتنابز بالألقاب: وهذا محرم، لقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{[الحجرات: 11]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» [رواه مسلم].



والسخرية تعني الاستهانة والتحقير والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك، ويكون ذلك بالقول والفعل والإشارة والإيماء.



7- الغناء والشعر: والغناء من أكبر الآفات التي أبتلي بها الناس، وهو يحسن الكلام القبيح ويزينه للناس، فيزداد قبولهم له، وإقبالهم عليه، كما أنه يحث الشباب على العشق والغرام وإضاعة العمر فيما يعود بالخسران والهلاك، والأدلة على تحريمه كثيرة منها قوله تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ{[لقمان: 6] ولهو الحديث هو الغناء كما ذكر ذلك جمع من السلف. وقال صلى الله عليه وسلم: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف…» [رواه البخاري تعليقاً].



أما الشعر- وهو من الآفات المنتشرة أيضا – فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم قبيحه ومدح حسنه، فقال: «لأن يمتلئ جوف رجل قيحاً يريه خير له من أن يمتلئ شعراً» [متفق عليه] وهذا ينسحب على الشعر القبيح الذي يدعو إلى الزنا والفاحشة، ويحث على القبيح من الأفعال، وفيه ذكر للنساء، أو مدح بما ليس في الممدوح، أو هجاء… الخ.



أما إذا كان الشعر يدعو إلى الأخلاق الطيبة، والعادات الحسنة، فهذا حسن، وهو المقصود في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر لحكمة» [رواه البخاري].



8- الكذب: وهو جماع كل شر، وأصل كل ذم، لسوء عواقبه وخبث نتائجه وهو من قبائح الذنوب، وخصلة من خصال النفاق، وقد جاءت آيات الله تعالى محذرة منه حاثة على ضده وهو الصدق، يقول تعالى: }إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ{[النحل: 105] وقال: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ{[التوبة: 119].



وقال صلى الله عليه وسلم «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً. وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً» [متفق عليه].



9- المزاح: وهو يسقط الهيبة، ويخل بالمروءة، ويجرئ السفهاء، وقد قيل: «من كثر مزاحه، زالت هيبته» وهذا ينسحب على كثير المزاح، أما قليله الذي فيه إيناس للجليس، وإزالة للوحشة، ونفي للملل والسآمة، بشرط ألا يقول المازح إلا حقا ولا ينطق إلا صدقاً، فمباح، لحديث أبي هريرة قال: قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا؟ قال: «نعم غير أني لا أقول إلا حقا» [رواه الترمذي وصححه الألباني].


وللأسف فقد كثرت هذه الآفة بين الناس حتى رأينا من يتخذها حرفة، مع أن كثرتها تؤدي إلى الضحك الذي يميت القلوب.



10- الغيبة: وهي خصلة ذميمة لا تصدر إلا عن نفس دنيئة، وهي كما عرفها النبي صلى الله عليه وسلم: «ذكرك أخاك بما يكره» [رواه مسلم]، وهي محرمة، وكبيرة من الكبائر، وذمها الله بقوله: }وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ{[الحجرات: 12] وهي لا تقتصر على اللسان فحسب، بل قد تكون بالإشارة بالعين أو اليد أو نحو ذلك.



* والأسباب الباعثة عليها كثيرة منها: التشفي من الآخرين، ومجاملة الرفقاء، والحسد، وكثرة الفراغ، والإعجاب بالنفس، والغفلة عن التفكر في عيوبها، وقلة الخوف من الله سبحانه وتعالى.



* وعلاج الغيبة أن يعلم المغتاب أنه متعرض لسخط الله تعالى ومقته، وأن الغيبة محبطة لحسناته يوم القيامة، فإنها تنقل حسناته إلى من اغتابه، وأن يتدبر المغتاب عيوب نفسه ويشتغل بإصلاحها، وألا يرضى الغيبة لغيره كما لا يرضاها لنفسه، وأن يصرف وقته في طاعة الله وعبادته بدلا من أن يصرفه في غيبة الناس، وأن يندم ويتوب ويتأسف على ما فعله، ثم يستحل المغتاب ليخرج من مظلمته.



11- النميمة: وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد، وهي أيضا لا تصدر إلا من نفس دنيئة، وفيها إفشاء للأسرار، وهتك للأستار، وتقطيع للأرحام، وإفساد للروابط بين الناس، وقد ذمها الله بقوله: }هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ{[القلم: 11]، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النمام لا يدخل الجنة، وأنه يعذب في قبره، وقال: «ألا أنبئكم ما العَضْة؟ هي النميمة، القالة بين الناس» [رواه مسلم].



وكل من حملت إليه النميمة يجب عليه ستة أمور: الأول: ألا يصدق النمام، لأنه فاسق. والثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له، ويقبح له فعله. والثالث: أن يبغضه في الله الرابع: ألا تظن بأخيك الغائب السوء. الخامس: ألا يحملك ما حكي لك على التجسس. والسادس: ألا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه، ولا تحكي نميمته.



12- إفشاء السر: وهي آفة منهي عنها لما فيها من الإيذاء والتهاون بحقوق الآخرين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة»[رواه أبو داود وحسنه الألباني]، وقال: «المجالس بالأمانة»[رواه أحمد وحسنه الألباني].



فينبغي للمسلم أن يكون حافظاً للسر، معروفاً عند الناس بحفظه، وأن يراعي حرمة المجالس، وأن يحفظ حقوق الآخرين، فلا يفشي سرهم، ولا يحكي أخبارهم، لأن ذلك ضرب من ضروب الخيانة.



13- شهادة الزور: وهي كبيرة من كبائر الذنوب بل من أكبر الكبائر، يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا: قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس وكان متكئاً فقال: ألا وقول الزور. قال: فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت» [متفق عليه] وقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله: }وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ{[الفرقان: 72].



14- القذف: وصاحبه ملعون في الدنيا والآخرة، وله عذاب عظيم، قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{[النور: 23] وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «…ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال، وليس بخارج» [رواه أحمد وصححه الألباني].



والقاذف عليه في الدنيا ثمانون جلدة، وتسقط شهادته، لقوله تعالى: }وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا{[النور: 4].



15- اليمين الكاذبة عمداً: فعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على مال امرئ مسلم بغير حقه، لقي الله وهو عليه غضبان» ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله عز وجل: }إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا{[متفق عليه] وقال: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة». فقال رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله؟ قال: «وإن قضيباً من أراك» [رواه مسلم].



16- وهناك آفات أخرى للسان غير ما ذكر نذكر منها إجمالاً: البهتان والافتراء، والحلف بغير الله، والتعيير والتوبيخ، والنياحة على الميت، وإخلاف الوعد، والطعن في الأنساب، وغير ذلك كثير.

حفظ اللسان ملاك الخير

* قد عرفت – أخي المسلم – كيف يدخل اللسان صاحبه في النار بما يجر عليه من الكذب والغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء، إلى غير ذلك من الآفات كما مر بنا، فلا عجب بعد هذا أن يكون حفظ اللسان ملاك الخير كله، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل بعد أن ذكر له الإسلام والصلاة والجهاد ثم قال: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟» قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه ثم قال: «كف عليك هذا» فقال معاذ: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم – أو قال: على مناخرهم – إلا حصائد ألسنتهم؟ !»[رواه الترمذي وابن ماجه وصحيحه الألباني].



فحفظ اللسان إذا هو ملاك الخير كله، وسبيل الفلاح في الدنيا والآخرة.


أمور تعين على حفظ اللسان



*وهنا أمور تعينك- أخي الحبيب – على حفظ لسانك عن الآفات، نذكر منها:



1- التعوذ بالله من شر اللسان: فعن شكل بن حميد رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله , علمني تعوذا أتعوذ به. قال: فأخذ بكفي فقال: «قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي» [رواه أحمد وصححه الألباني].



2- استحضار ثمرات حفظ اللسان في الدنيا والآخرة: فهذا مما يعين على حفظ اللسان عن الآفات، والصبر على جهاده للتخلص منها.



3- استحضار مساوئ عدم حفظ اللسانوأنها محبطة لحسناتك يوم القيامة، ومثقلة لميزان سيئاتك، فهذا مما يشجع على حفظ اللسان من الآفات، ويقوي العزيمة على ذلك.



4- الصلاة، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتكفر السيئات، وآفات اللسان من المنكر، قال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى ربكم، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» [رواه أحمد وصححه الألباني].



5- الإكثار من الصمت: ففيه نجاة من الآفات، قال صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا».

6- الدعاء: وهو الملجأ العظيم الذي يلجأ العبد فيه لربه يدعوه ويبتهل إليه أن يحفظ عليه لسانه من الآفات المهلكة.



7- الاشتغال بالطاعات: فهي تملأ الفراغ، وتسد السُبل أمام تلبيس الشيطان للمعاصي وآفات اللسان، وتعود المرء ألا يصرف وقته في سواها.



8- مصاحبة من يصونون ألسنتهم ويحفظونها من المعاصي، وعدم الجلوس مع من يطلقون ألسنتهم بالكذب والغيبة والنميمة والسب واللعن والسخرية والاستهزاء.



9- أن تقطع كل الأسباب الباعثة على آفات اللسان كالغضب والحسد والكبر والغرور والمباهاة وتزكية النفس والتعلق بغير الله، وتحاول معالجة نفسك منها، والاشتغال بعيوبك عن عيوب الناس.


ما يعين على حفظ اللسان عند الغضب



* ولما كان كثير من آفات اللسان تقع عندما يكون الإنسان غاضبا رأينا أن نذكر بعض الأمور التي تعين على حفظ اللسان وقت الغضب، ومنها:



1- السكوت: لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا غضب أحدكم فليسكت» [رواه أحمد وصححه الألباني].



2- أن يجلس الغضبان إن كان قائماً، فإن لم يذهب الغضب فليضطجع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس , فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع» [رواه أبو داود وصححه الألباني].



3- أن يقول الغضبان: أعوذ بالله، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا غضب الرجل فقال: أعوذ بالله سكن غضبه»[رواه الطبراني وصححه الألباني].


من ثمرات حفظ اللسان

1- الفوز برضوان الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما كان يظن أن يبلغ ما بلغت، يكتب الله له رضوان إلى يوم يلقاه..».

2- أنه قد ضمن الجنة إذا حفظ فرجه أيضا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة» [رواه البخاري].



3- أنه من أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقربهم منه مجلساً يوم القيامة.



4- أنه من أفضل المسلمين، فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن أي المسلمين أفضل؟ فقال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده»[متفق عليه].



5- أنه ناج من عذاب الله تعالى: لقوله صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا»

6- أنه من أفضل الجهاد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله عز وجل» [رواه أبو نعيم وصححه الألباني].



7- العلاقة الطيبة مع الناس.
8- راحة النفس من المتاعب والهموم والمشاكل.
9- الفوز بحب الله تعالى وحب أهل السماء، ووضع القبول له في الأرض.



نسأل الله تعالى أن يطهر قلوبنا من النفاق وألسنتنا من الآفات، وأن يصلح أعمالنا، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
***