|| دروس للشيخ إبراهيم الدويش || السبيل إلى سلامة الصدر وتنقية القلب 2024.

القعدة
الكتاب : دروس للشيخ إبراهيم الدويش
المؤلف : إبراهيم بن عبد الله الدويش

السبيل إلى سلامة الصدر وتنقية القلب
الدعاء
أن تدعو الله بصدق وإلحاح أن يرزقك قلباً سليماً محباً للآخرين، فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أسألك قلباً سليماً) وردد يا أخي الحبيب! {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر:10] واسأل الله حسن الخلق، (فإن العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم) ، وما وصل أولئك الرجال إلى ما وصلوا إليه إلا بسخاء الأنفس، وسلامة الصدر، والنصح للأمة كما ذكرنا.
فاحرص على الدعاء لإخوانك، وما أجمل العفو، فقل قبل منامك: اللهم من سبني أو شتمني أو ضربني فإني قد عفوت عنه لوجهك الكريم، ما أجمل أن تردد هذه الكلمات في نفسك كل ليلة، فإذا نمت نمت بقلب سليم، وإذا مت مت بقلب سليم.
ثم أتبع هذه الكلمات بقولك: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، أسألك بالله يا أخي الحبيب! هل ستكون أحلم من الله جل وعلا؟! فكما عفوت أنت عن خلقه فسيعفو الله عنك إن شاء الله، ثقةً بالله، فالله أحلم وأعظم وأكرم، فاعف عن عباد الله يعف الله عنك، طهر قلبك من الحقد والغل على الآخرين؛ تجد أن الله سبحانه وتعالى يحفظك ويوفقك ويعلي درجتك.
الحذر من غفلة القلب
احذر! الغفلة عن القلب، وراقبه مراقبةً جيدةً، واعلم أن تنقية القلب من الغل والحقد يحتاج إلى ترويض نفس وطول مجاهدة ومراقبة، فإذا وجدت في قلبك على أحد، فابحث عن الأسباب، وصارح نفسك ولا تستجب لباعث الهوى فيها، وعليك بهضم النفس، واسأل الله العون والتوفيق.
إحسان الظن بالآخرين
أحسن الظن بالآخرين والتمس لهم الأعذار، فإن لم تجد فقل: لعل لأخي عذراً لا أعلمه.
قيل: إن أبا إسحاق نزع عمامته يوماً وكانت بعشرين ديناراً، وتوضأ في دجلة فجاء لص فأخذها وترك عمامةً رديئةً بدلها، فطلع الشيخ فلبسها وما شعر حتى سألوه وهو يدرس في درسه! فقال: لعل الذي أخذها محتاج!
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
الصبر والتحمل
فإن الاحتمال مقبرة المتاعب، وتمثل قول الشاعر:
إذا أدمت قوارصكم فؤادي صبرت على أذاكم وانطويت
وجئت إليكم طلق المحيا كأني ما سمعت ولا رأيت
العفو والصفح

{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى:40] .
ومن علامته -كما ذكرنا- الدعاء لإخوانك، خاصةً من كان بينك وبينه جفوة أو شحناء، حاول أن تدعو له مع أنني أعلم أن هذا لا يطاق، لكن جرب وحاول أن تدعو لإخوانك، وأرغم نفسك والشيطان على الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة والتوفيق والهداية.
وكما يقول عبد الله بن أحمد: ربما سمعت أبي في السحر يدعو لأقوام بأسمائهم.
وإني لأعجب أن ينام المسلم ملء جفنيه، وبينه وبين أخيه شحناء أو جفوة، وقد تأتيه المنية تلك الليلة، وما أجمل قول المقنع الكندي:
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبين بني عمي لمختلف جداً
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظت غيوبهم وإن هم هووا غيي هويت لهم رشداً
ولا أحمل الحقد القديم عليهم وليس كريم القوم من يحمل الحقدا


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.