بمولده إنشق إيوان كِسرى وانطفأت نار المجوس جزء عاشر 2024.

صفته الظاهرة

في صفته الظاهرة وقد صنف العلماء في هذا الباب فأحسن من جمع في ذلك الإمام أبو عيسى محمد بن عيس بن سورة الترمذي رحمه الله تعالى أعني كتاب الشمائل وتبعه العلماء والأئمة وقد استوعى ذلك بأسانيد وشرحه مطولا الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله تعالى وشيخنا الإمام الحافظ أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال وقد ذكر الشيخ أبو زكريا النووي في تهذيبه فصلا مختصرا فيه فقال كان صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ولا القصير ولا الأبيض الأمهق ولا الآدم ولا الجعد القطط ولا البسط وتوفي وليس في رأسه عشرون شعرة بيضاء وكان حسن الجسم بعيد ما بين المنكبين له شعر الى منكبيه وفي وقت الى نصف أذنيه كث اللحية شثن الكفين أي غليظ الأصابع ضخم الرأس والكراديس في وجهه تدوير أدعج العينين طويل أهدابهما أحمر المآقي ذا مشربة وهي الشعر الدقيق من الصدر الى السرة كالقضيب إذا مشى كأنما ينحط من صبب أي يمشي بقوة والصبب الحدور يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر كان وجهه كالقمر حسن الصوت سهل الخدين ضليع الفم سواء الصدر والبطن أشعر المنكبين والذراعين وأعالي الصدر طويل الزندين رحب الراحة أشكل العينين أي طويل شقهما منهوس العقبين أي قليل لحم العقب بين كتفيه خاتم النبوة كزر الحجلة وكبيضة الحمامة وكان إذا مشى كأنما تطوى له الأرض ويجدون في لحاقه وهو غير مكترث وكان يسدل شعر رأسه ثم فرقه وكان يرجله ويسرح لحيته ويكتحل بالإثمد كل ليلة في كل عين ثلاثة أطراف عند النوم أحب الثياب اليه القميص والبياض والحبرة وهي ضرب من البرود فيه حمرة وكان قميصه صلى الله عليه وسلم الى الرسغ ولبس في وقت حلة حمراء وإزارا ورداء وفي وقت ثوبين أخضرين وفي وقت جبة ضيقة الكمين وفي وقت قباء وفي وقت عمامة سوداء وأرخى طرفيها بين كتفيه وفي وقت مرطا أسود أي **اء ولبس الخاتم والخف والنعل وقال انس بن مالك رضي الله عنه ما مسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط ولا قال لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم أفعله ألا فعلت كذا رواه مسلم وقال عبدالله بن سلام لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه فلما نظرت اليه عرفت ان وجهه ليس بوجه كذاب صلى الله عليه وسلم صلاة دائمة الى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا

أخلاقه الظاهرة

وأما أخلاقه الظاهرة فقد قال الله سبحانه ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم قد ألزم نفسه ألا يفعل إلا ما أمره به القرآن ولا يترك إلا ما نهاه القرآن فصار امتثال أمر ربه خلقا له وسجية صلوات الله وسلامه عليه الى يوم الدين وقد قال الله تعالى إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم فكانت أخلاقه صلى الله عليه وسلم أشرف الأخلاق وأكرمها وأبرها وأعظمها فكان أشجع الناس وأشجع ما يكون عند شدة الحروب وكان أكرم الناس وأكرم ما يكون في رمضان وكان أعلم الخلق بالله وأفصح الخلق نطقا وأنصح الخلق للخلق وأحلم الناس وكان صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعا في وقار صلوات الله وسلامه عليه الى يوم الدين قالت قيلة بنت مخرمة في حديثها عند أبي داود فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم المتخشع في جلسته ارتعدت من الفرق وفي السيرة أنه صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة يوم الفتح جعل يطأطىء رأسه من التواضع حتى إن مقدم رحله ليصيب عثنونه وهو من شعر اللحية وكان أشد حياء من العذراء في خدرها ومع ذلك فأشد الناس بأسا في أمر الله وروي عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم أنا الضحوك القتال وهكذا مدح الله عز وجل أصحابه حيث قال تبارك وتعالى محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم

الأماكن التي حلها

في ذكر الأماكن التي حلها صلوات الله وسلامه عليه وهي الرحلات النبوية قدم الشام مرتين الأولى مع عمه أبي طالب في تجارة له وكان عمره إذ ذاك ثنتي عشرة سنة وكان من قصة الحبر وتبشيره به ما كان من الآيات التي رآها مما بهر العقول وذلك مبسوط في الحديث الذي رواه الترمذي مما تفرد به قراد أبو نوح واسمه عبدالرحمن ابن غروان وهو إسناد صحيح ولكن في متنه غرابة قد بسط الكلام عليه في موضع آخر وفيه ذكر الغمامة ولم أر لها ذكرا في حديث ثابت أعلمه سواه المقدمة الثانية في تجارة لخديجة بنت خويلد وصحبته مولاها ميسرة فبلغ أرض بصرى فباع ثم التجارة ورجع فأخبر ميسرة مولاته بما رأى عليه صلى الله عليه وسلم من لوائح النبوة فرغبت فيه وتزوجته وكان عمره حين تزوجها على ما ذكره أهل السير خمسا وعشرين سنة وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى فاجتمع بالأنبياء وصلى بهم فيه ثم ركب الى السماء ثم إلى ما بعدها من السموات سماء سماء ورأى الأنبياء هناك على مراتبهم ويسلم عليهم ويسلمون عليه ثم صعد الى سدرة المنتهى فرأى هناك جبريل عليه السلام على الصورة التي خلقه عليها له ستمائة جناح ودنا الجبار رب العزة فتدلى كما يشاء على ما ورد في الحديث فرأى من إيات ربه الكبرى كما قال تعالى لقد رأى من آيات ربه الكبرى وكلمه ربه سبحانه وتعالى على أشهر قولي أهل الحديث ورأى ربه عزوجل ببصره على قول بعضهم وهو اختيار الامام أبي بكر خزيمة من أهل الحديث وتبعه في ذلك جماعة من المتأخرين وروى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنها أنه رآه بفؤاده مرتين وأنكرت عائشة ام المؤمنين رضي الله عنه رؤية البصر وروى مسلم عن أبي ذر قلت يا رسول الله رأيت ربك فقال نور أنى أراه وإلى هذا مال جماعة من الأئمة قديما وحديثا اعتمادا على هذا الحديث واتباعا لقول عائشة رضي الله عنها قالوا هذا مشهور عنها ولم يعرف لها مخالف من الصحابة إلا ما روي عن ابن عباس أنه رآه بفؤاده ونحن نقول به وما روي في ذلك من إثبات الرؤية بالبصر فلا يصح شيء من ذلك لا مرفوعا بل ولا موقوفا والله أعلم ورأى الجنة والنار والآيات العظام وقد فرض الله سبحانه عليه الصلاة ليلتئذ خمسين ثم خففها الى خمس وتردد بين موسى عليه السلام وبين ربه جل وعز في ذلك ثم أهبط الى الأرض الى مكة الى المسجد الحرام فأصبح يخبر الناس بما رأى من الآيات من الأيات فأما الحديث الذي رواه النسائي في أول كتاب الصلاة أخبرنا عمرو بن هشام حدثنا مخلد هو ابن يزيد عن سعيد بن عبدالعزيز حدثنا يزيد بن أبي مالك حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوها عند منتهى طرفها فركبت ومعي جبريل عليه السلام فسرت فقال أنزل فصل ففعلت فقال أتدري أين صليت صليت بطيبة و إليها المهاجر ثم قال انزل فصل فصليت فقال أتدري أين صليت صليت بطور سيناء حيث كلم الله موسى ثم قال انزل فصل فصليت فقال أتدري أين صليت صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى ثم دخلت بيت المقدس فجمع لي الانبياء فقدمني جبريل حتى أممتهم ثم صعد بي إلى السماء الدنيا وذكر بقية الحديث فإنه حديث غريب منكر جدا وإسناده مقارب وفي الأحادي الصحيحة ما يدل على نكارته والله أعلم وكذلك الحديث الذي تفرد به بكر بن زياد الباهلي المتروك عن عبدالله بن المبارك عن سعيد بن ابي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة أسري بي قال لي جبريل هذا قبر أبيك إبراهيم أنزل فصل فيه لا يثبت أيضا لحال بكر بن زياد المذكور وهذا الحديث الذي رواه ابن جرير في أول تاريخه من حديث أبي نعيم عمر ابن الصبح أحد الكذابين المعترفين بالوضع عن مقاتل بن حيان عن عكرمة عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ذهب الى يأجوج ومأجوج فدعاهم الى الله عزوجل فأبوا أن يجيبوه ثم انطلق به جبريل عليه السلام الى المدينتين يعني جابلق وهي مدينة بالمشرق وأهلها من بقايا عاد ومن نسل من آمن منهم ثم الى جابرس وهي بالمغرب وأهلها من نسل من آمن من ثمود فدعا كلا منهما الى الله عزوجل فآمنوا به وفي الحديث أن لكل واحدة من المدينتين عشرة آلاف باب ما بين كل بابين فرسخ ينوب كل يوم على كل باب عشرة آلاف رجل يحرسون ثم لا تنوبهم الحراسة بعد ذلك الى يوم ينفخ في الصور فو الذي نفس محمد بيده لولا كثرة هؤلاء القوم وضجيج أصواتهم لسمع الناس من جميع أهل الدنياهذه وقعة الشمس حين تطلع وحين تغرب ومن ورائهم ثلاث أمم منسك وتافيل وتاريس وفيه أنه صلى الله عليه وسلم دعا هذه الثلاث أمم فكفروا وأنكروا وهم مع يأجوج ومأجوج وذكر حديثا طويلا لا يشك من له أدنى علم أنه موضوع وإنما نبهت عليه ها هنا ليعرف حاله فلا يغتر به ولأنه من ملازم ما ترجمنا الفصل به ومن توابع ليلة الإسراء والله اعلم فصل وهاجر صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة .

سماعاته

قد قدمنا أنه صلى الله عليه وسلم سمع كلام ربه عز وجل وخطابه له ليلة الإسراء حيث يقول صلى الله عليه وسلم فنوديت أن قد أتممت فريضتي وخففت عن عبادي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي هي خمس وهي خمسون فمثل هذا لا يقوله إلا رب العالمين كما في قوله تعالى لموسى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فأعبدني وأقم الصلاة لذكري قال علماء السلف وأئمتهم هذا من أول الدلائل على أن كلام الله غير مخلوق لأن هذا لا يقوم بذات مخلوقة وقال جماعة منهم من زعم أن قوله تعالى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فأعبدني مخلوق فهو كافر لأنه بزعمه يكون ذلك المحل المخلوق قد دعا موسى الى عبادته وقد بسط هذا في غير هذا الموضع وقد روى صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أحاديث كثيرة كحديث يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته الحديث وقد رواه مسلم وله أشباه كثيرة وقد أفرد العلماء في هذا الفصل مصنفات في ذكر الأحاديث الإلهية فجمع زاهر بن طاهر في ذلك مصنفا وكذلك الحافظ الضياء أيضا وجمع علي بن بلبان مجلدا رأيته يشتمل على نحو من مائة حديث وقد ذهب جماعة من أهل الحديث والأصول أن السنة كلها بالوحي لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى وهذه المسألة مقررة في كتب الأصول وقد أتقنها الحافظ أبو بكر البييهقي في كتابه المدخل الى السنة واختلفوا هل رأى ربه سبحانه كما قدمنا وقد رأى جبريل عليه السلام هناك على صورته وكان قد رآه قبل ذلك منهبطا من السماء الى الأرض على الصورة التي خلق عليها وذلك في ابتداء الوحي وهو المعني بقوله تعالى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدني فالصحيح من قول المفسرين بل المقطوع به أن المتدلي في هذه الآية هو جبريل عليه السلام كما أخرجاه في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ذاك جبريل فقد قطع هذا الحديث النزاع وأزاح الإشكال وقد قدمنا أنه اجتمع بالأنبياء ورآهم على مراتبهم ورأى خازن الجنة وخازن النار وشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التي تليها وتلقاه المقربون في الأخرى وفي السنن أنه صلى الله عليه وسلم قال ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا قالوا يا محمد مر أمتك بالحجامة تفرد به عباد بن منصور وفي حديث آخر إلا قالوا مر أمتك يستكثروا من غراس الجنة سبحان الله والحمد لله الحديث وهما غريبان ونزل عليه جبريل عليه السلام بالقرآن عن الله عز وجل على قلبه الكريم وفي الصحيحين أنه أتاه ملك الجبال يوم قرن الثعالب برسالة من الله تعالى فقال إن شاء أن يطبق عليهم الأخشبين فقال بل أستأني بهم وفي صحيح مسلم أن ملكا نزل بالآيتين من آخر سورة البقر وفي مغازي الأموي عن أبيه قال وزعم الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يجمع الأقباض وجبريل عن يمينه إذ أتاه ملك من الملائكة قال يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السلام ومنه السلام وإليه السلام فقال الملك إن الله يقول لك إن الأمر الذي أمرك به الحباب بن المنذر فقال صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام أتعرف هذا قال ما كل أهل السماء أعرف وإنه لصادق وما هو بشيطان وهذا وإن كان إسناده ليس بذاك إلا أن له شاهدا وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نزل على أدنى مياه بدر قال له الحباب بن المنذر يا رسول الله إن كنت نزلت هذا المنزل بأمر الله فذاك وإن كنت إنما نزلته للحرب والمكيدة فليس بمنزل قال للحرب والمكيدة قال فانطلق حتى تجلس على أدنى المياه من القوم ونعور ما وراءنا من المياه كما تقدم في قصة بدر وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم حدث عن قس بن ساعدة الإيادي بما سمعه يقول بسوق عكاظ وفي سنده نظر وفي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس أنه صلى الله عليه وسلم حدث على المنبر عن تميم الداري بقصة الدجال

السماع منه

وسمع منه أصحابه بمكة والمدينة وغيرهما من البلدان التي غزا إليها وحلها كعرفة ومنى وغير ذلك وقد سمع منه الجن القرآن وهو يقرأ بأصحابه بعكاظ وجاؤوه فسألوه عن أشياء ومكث معهم ليلة شهدها عبدالله بن مسعود إلا أنه غير مباشر لهم لكنه كان ينتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان محوط عليه لئلا يصيبه سوء فأسلم منهم طائفة من جن نصيبين رضي الله عنهم اجمعين وقد روينا في الغيلانيات خبرا من حديث رجل منهم يقال له عبدالله سمحح وفي إسناده غرابة وقد جاءه جبريل في صورة رجل أعرابي فحدثه عن الإسلام والإيمان والإحسان وأمارات الساعة

عدد المسلمين حين وفاته وعدد من روى عنه من الصحابة

قال الإمام أبو عبدالله الشافعي رحمه الله توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفا ثلاثون ألفا بالمدنية وثلاثون ألفا في غيرها وقال الحافظ أبو زرعة عبيد الله بن عبدالكريم الرازي رحمه الله تعالى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف وقال الحافظ أبو عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري روى عنه صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف صحابي قلت قد أفرد الأئمة أسماء الصحابة في مصنفات على حدة كالبخاري في أول تاريخه الكبير وابن أبي خيثمة والحافظ أبي عبدالله بن مندة والحافظ أبي نعيم الأصبهاني والشيخ الإمام أبي عمر بن عبدالبر وغيرهم وقد أفرد أبو محمد بن حزم أسماءهم في جزء جمعه من كتاب الإمام بقي بن مخلد الأندلسي رحمه الله تعالى وذكر ما روى كل واحد منهم وسنفرد ذلك في فصل بعد إن شاء الله تعالى ونضيف اليه ما ينبغي إضافته وإن يسر الكريم الوهاب ذكرت من المسانيد والسنن ما روى كل صحابي من الأحاديث وتكلمت على كل منها وبينت حاله من صحة وضعيف إن شاء الله تعالى وبه الثقة وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم

خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم

في ذكر شيء من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لم يشاركه فيها غيره قد أكثر أصحابنا وغيرهم من ذكر هذا الفصل في أوائل كتب النكاح من مصنفاتهم تأسيا بالإمام أبي عبدالله صاحب المذهب فإنه ذكر طرفا من ذلك هنالك وحكى الصيمري عن أبي علي بن خيران أنه منع من الكلام في خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام النكاح وكذا في الإمامة ووجهه أن ذلك قد انقضى فلا عمل يتعلق به وليس منه من دقيق العلم ما يقع به التدريب فلا وجه لتضييع الزمان برجم الظنون فيه وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بعد حكايته ذلك وهذا غريب مليح والله أعلم وقال إمام الحرمين قال المحققون وذكر الخلاف في مسائل الخصائص خبط لا فائدة فيه فإنه لا يتعلق به حكم ناجز تمس الحاجة اليه وإنما يجري الخلاف فيما لا نجد بدا من إثبات حكم فيه فإن الأقيسة لا مجال لها والأحكام الخاصة تتبع فيها النصوص وما لا نص فيه فالخلاف فيه هجوم على الغيب من غير فائدة وقال الشيخ أبو زكريا النووي الصواب الجزم بجواز ذلك بل باستحبابه ولو قيل بوجوبه لم يكن بعيدا إذ لم يمنع من إجماع وربما رأى جاهل بعض الخصائص ثابتا في الصحيح فيعمل به أخذا بأصل التأسي فوجب بيانها لتعرف فلا مشاركة فيها وأي فائدة أعظم من هذه وأما ما يقع في أثناء الخصائص مما لا فائدة فيه اليوم فقليل جدا لا تخلو أبواب الفقه عن مثله للتدرب ومعرفة الأدلة وأما جمهور الأصحاب فلم يعرجوا على ما ذكره ابن خيران وإمام الحرمينن بل ذكروا ذلك مستقصى لزيادة العلم لا سيما الإمام أبو العباس أحمد بن أبي أحمد بن القاص صاحب كتاب التلخيص وقد رتب الحافظ أبو بكر البيهقي على كلامه في ذلك سننه الكبير ولكن فرع كثيرا من ذلك على أحاديث فيها نظر سأذكرها إن شاء الله تعالى وقد رتبوا الكلام فيها على أربعة أنحاء الأول ما وجب عليه دون غيره الثاني ما حرم عليه دون غيره الثالث ما أبيح له دون غيره الرابع ما اختص به من الفضائل دون غيره فذكروا في كل منها أحكام النكاح وغيرها وقد رأيت أن أرتبها على نوع آخر أقرب تناولا مما ذكروا إن شاء الله تعالى فأقول وبالله التوفيق الخصائص على قسمين أحدهما ما اختص به عن سائر إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين الثاني ما اختص به من الأحكام دون أمته القسم الأول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.