بمولده إنشق إيوان كِسرى وانطفأت نار المجوس جزء ثامن 2024.

غزوة الطائف

وأما رئيس هوزان وهو مالك بن عوف النصري فإنه حين انهزم جيشه دخل مع ثقيف حصن الطائف ورجع صلى الله عليه وسلم من حنين فلم يدخل مكة حتى أتى الطائف فحاصرهم فقيل بضع وعشرون ليلة وقيل بضع عشرة ليلة قال ابن حزم وهو الصحيح لا شك قلت ما أدري من اين صحح هذا بل كأنه أخذه من قوله صلى الله عليه وسلم لهوزان حين أتوه مسلمين بعد ذلك لقد كنت أستأنيت بكم عشرين ليلة وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال فحاصرناهم أربعين يوما يعني ثقيفا فاستعصوا وتمنعوا وقتلوا جماعة من المسلمين بالنبل وغيره وقد خرب صلى الله علي وسلم كثيرا من أموالهم الظاهرة وقطع أعنابهم ولم ينل كبير شيء فرجع عنهم فأتى الجعرانة فأتاه وفد هوزان هنالك مسلمين وذلك قبل أن يقسم الغنائم فخيرهم صلى الله عليه وسلم بين ذراريهم وبين أموالهم فاختاروا الذرية فقال صلى الله عليه وسلم أما ما كان لي ولبني المطلب فهو لكم قال المهاجرون والأنصار وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وقومهما حتى أرضاهما وعوضهما صلى الله عليه وسلم وأراد العباس بن مرداس السلمي أن يفعل كفعلهما فلم توافقه بنو سليم بل طيبوا ما كان لهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فردت الذرية على هوزان وكانوا ستة آلاف فيهم الشيماء ينت الحارث بن عبد العزى من بني سعد ابن بكر بن هوزان وهي أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فأكرمها وأعطاها ورجعت إلى بلاد مختارة لذلك وقيل كانت هوزان متوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برضاعتهم إياه ثم قسم صلى الله عليه وسلم بقيته على المسلمين وتألف جماعة من سادات قريش وغيرهم فجعل يعطي الرجل المائة بعير والخمسين ونحو ذلك وفي صحيح مسلم عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى يومئذ صفوان بن أمية ثلاثمائة من الإبل وعتب بعض الأنصار فبلغه فخطبهم وحدهم وامتن عليهم بما أكرمهم الله من الإيمان به وبما أغناهم الله به بعد فقرهم وألف بينهم بعد العدواة التامة فرضوا وطابت أنفسهم رضي الله عنهم وأرضاهم وطعن ذو الخويصرة التميمي واسمه حرقوص فيما قيل على النبي صلى الله عليه وسلم في قسمته وصفح عنه صلى الله عليه وسلم وحلم بعد ما قال له بعض الأمراء ألا نضرب عنقه فقال لا ثم قال إنه سيخرج من ضئضئ هذا قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لم قتلهم واستعمل صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف النصري على من أسلم من قومه وكان قد أسلم وحسن إسلامه وامتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصيدة ذكها ابن إسحاق واعتمر صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ودخل مكة فلما قضى عمرته ارتحل إلى المدينة وأقام للناس الحج عامئذ عتاب بن أسيد رضي الله عنه فكان أول من حج بالناس من أمراء المسلمين

غزوة تبوك

وتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء والذرية ومن عذره الله من الرجال ممن لا يجد ظهرا يركبه أو نفقة تكفيه فمنهم البكاؤون وكانوا سبعة سالم بن عمير وعلبة بن زيد وأبو ليلى عبدالرحمن بن كعب وعمرو بن الحمام وعبدالله بن المغفل المزني وهرمي بن عبدالله وعرباض بن سارية الفزاري رضي الله عنهم وتخلف منافقون كفرا وعنادا وكانوا نحو الثمانين رجلا وتخلف عصاة مثل مرارة بن الربيع وكعب بن مالك وهلال بن أمية ثم تاب الله عليهم بعد قدومه صلى الله عليه وسلم بخمسين ليلة فسار صلى الله عليه وسلم فمر في طريقه بالحجر فأمرهم أن لا يدخلوا عليهم بيوتهم إلا أن يكونوا بكاين وأن لا يشربوا إلا من بئر الناقة وما كانوا عجنوا به من غيره فليطعموه للإبل وجازها صلى الله عليه وسلم مقنعا فبلغ صلى الله عليه وسلم تبوك وفيها عين تبض بشيء من ماء قليل فكثرت ببركته مع ما شوهد من بركة دعائه في هذه الغزوة من تكثير الطعام الذي كان حاصل الجيش جميعه منه مقدار العنز الباركة فدعا الله عز وجل فأكلوا منه وملؤ وكل وعاء كان في ذلك الجيش وكذا لما عطشوا دعا الله تعالى فجاءت سحابة فأمطرت فشربوا حتى رووا واحتملوا ثم وجدوها لم تجاوز الجيش ومن آيات أخر كثيرة احتاجوا إليها في ذلك الوقت ولما انتهى إلى هناك لم يلق غزوا ورأى أن دخولهم إلى أرض الشام بهذه السنة يشق عليهم فعزم على الرجوع وصالح صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة صاحب أيلة وبعث خالدا إلى أكيدر دومة فجيء به فصالحه أيضا ورده ثم رجع صلى الله عليه وسلم وبعد رجوعه أمر بهدم مسجد الضرار وكان قد أخرج من دار خدام بن خالد وهدمه بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخو بني سالم أحد رجال بدر وآخر معه اختلف فيه وهو المسجد الذي نهى الله رسوله أن يقوم فيه أبدا وكان رجوعه من هذه الغزاة في رمضان من سنة تسع وأنزل فيها عامة سورة التوبة وعاتب الله عز وجل من تخلف عنه صلى الله عليه وسلم فقال عز وجل ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه الآية التي تليها ثم قال وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون فبان لك من هذا واتضح ما اختلف فيه وهو أن الطائفة النافرة هم الذين يتفقهون في الدين بصحبتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة وإذا رجعوا أنذروا قومهم ليحذروا مما تجدد بعدهم في الدين والله سبحانه وتعالى أعلم فصل ولما أنزل الله عز وجل على رسوله قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة ومن حولهم من الأعراب إلى الجهاد وأعلمهم بغزو الروم وذلك في رجب من سنة تسع وكان لا يريد غزوة إلا ورى بغيرها إلا غزوته هذه فإنه صرح لهم بها ليتأهبوا لشدة عدوهم وكثرته وذلك حين طابت الثمار وكان ذلك في سنة مجدبة فتأهب المسلمون لذلك وأنفق عثمان بن عفان رضي الله عنه على هذا الجيش وهو جيش العسرة مالا جزيلا فقيل ألف دينار وقال بعضهم إنه حمل على ألف بعير ومائة فرس وجهزها أتم جهاز حتى لم يفقدوا عقالا ولا خطاما رضي الله عنه ونهض صلى الله عليه وسلم في نحو من ثلاثين ألفا واستخلف على المدينة محمد بن مسلمة وقيل سباع بن عرفطة وقيل علي بن أبي طالب رضي الله عنه والصحيح أن عليا كان خليفة له على النساء والذرية ولهذا لما آذاه المنافقون فقالوا تركه على النساء والذرية لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكا إليه ذلك فقال ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وقد خرج معه عبد الله بن أبي رأس النفاق ثم رجع من اثناء الطريق

قدوم وفد ثقيف

وقدم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان هذه السنة فأسلموا وكان سبب ذلك أن عروة بن مسعود سيدهم كان قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من حنين والطائف وقبل وصوله إلى المدينة فأسلم وحسن إسلامه واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجوع إلى قومه ليدعوهم إلى الله عز وجل فأذن له وهو يخشى عليه فلما رجع إليهم ودعاهم إلى الإسلام رموه بالنبل فقتلوه ثم إنهم ندموا ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثوا وفدهم إليه في رمضان كما قدمنا وكانوا ستة فأول من بصر بهم المغيرة بن شعبة الثقفي وكان يرعى فترك ذلك وأقبل بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمهم في الطريق كيف يسلمون عليه وسبق أبو بكر الصديق رضي الله عنه المغيرة وبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم فأنزلهم عليه الصلاة والسلام في المسجد وضرب لهم فيه قبة وكان السفير بينهم وبينه خالد سعيد بن العاص وكان الطعام يأتيهم من عند النبي صلى الله عليه وسلم فلا يأكلونه حتى يأكل خالد قبلهم فأسلموا واشترطوا أن تبقى عندهم طاغيتهم اللات وأن لا تهدم فلم يجبهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك وسألوا أن يخفف عنهم بعض الصلوات فلم يجبهم إلى ذلك فسألوا أن لا يهدموا بأيديهم طاغيتهم فأجابهم إليه وبعث معهم أبا سفيان صخر بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدمها فهدماها وعظم ذلك على نساء ثقيف واعتقدوا أن يصيبهم منها سوء وقد سخر بهم المغيرة بن شعبة حين هدمها فخر صريعا وذلك بتواطؤ منه ومن أبي سفيان ليوهم أن ذلك منها ثم قام يبكتهم ويقرعهم رضي الله عنه فأسلموا وحسن إسلامهم وجعل صلى الله عليه وسلم إمامهم أحد الستة الذين قدموا عليه وهو عثمان بن أبي العاص وكان أحدثهم سنا لما رأى من حرصه على قراءة القرآن وتعلمه الفرائض وأمره أن يتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا وأن يقتدي بأضعفهم

حجة الصديق وتواتر الوفود وبعث الرسل

وبعث صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج هذه السنة وأردفه عليارضي الله عنه بسورة براءة وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان وينبذ إليهم عهودهم الا من كان ذا عهد مقدر فعهده الى مدته وتواترت الوفود هذه السنة وما بعدها على رسول الله صلى الله عليه وسلم مذعنة بالاسلام وداخلين في دين الله أفواجا كما قال الله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا وبعث صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل الى اليمن ومعه أبوموسى الأشعري رضي الله عنهما وبعث الرسل الى ملوك الأقطار يدعوهم الى الاسلام وانتشرت الدعوة وعلت الكلمة وجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا

حجة الوداع

نذكر فيه ملخص حجة الوداع وكيفيتها بعون الله ومنه وحسن توفيقه وهدايته فنقول وبالله التوفيق صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم الخميس لست بقين من ذي القعدة من سنة عشر بالمدنية ثم خرج منها بمن معه من المسلمين من أهل المدينة ومن تجمع من الأعراب فصلى العصر بذي الحليفة ركعتين وبات بها وأتاه آت من ربه عز وجل في ذلك الموضع وهو وادي العقيق يأمره عن ربه عز وجل أن يقول في حجته هذه حجة في عمرة ومعنى هذا أن الله أمره أن يقرن الحج مع العمرة فاصبح صلى الله عليه وسلم فأخبر الناس بذلك فطاف على نسائه يومئذ بغسل واحد وهن تسع وقيل إحدى عشرة ثم اغتسل وصلى في المسجد ركعتين وأهل بحجة وعمرة معا هذا الذي رواه بلفظه ومعناه عنه صلى الله عليه وسلم ستة عشر صحابيا منهم خادمة أنس بن مالك رضي الله عنه وقد رواه عنه صلى الله عليه وسلم ستة عشر تابعيا وهو صريح لا يحتمل التأويل إلا أن يكون بعيدا وما عدا ذلك مما جاء من الأحاديث الموهمة التمتع أو ما يدل على الإفراد فلها محل غير هذا تذكر فيه والقرآن في الحج عند أبي حنيفة هو الأفضل وروي فيه عن الإمام أحمد بن حنبل قول وعن الإمام أبي عبدالله الشافعي وقد نصره جماعة من محققي اصحابه وهو الذي يسهل به الجمع بين الأحاديث كلها وبين العلماء من أوجه والله أعلم وساق صلى الله عليه وسلم الهدي من ذي الحليفة وأمر من كان معه هدي أن يهل كما أهل صلى الله عليه وسلم وسار صلى الله عليه وسلم والناس بين يديه وخلفه وعن يمينه وشماله أمما لا يحصون كثرة كلهم قدم ليأتم به صلى الله عليه وسلم فلما قدم صلى الله عليه وسلم مكة طاف للقدوم ثم سعى بين الصفا والمروة وأمر الذين لم يسوقوا هديا أن يفسخوا حجهم الى عمرة ويتحللوا حلالا تاما ثم يهلوا بالحج وقت خروجهم الى منى ثم قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة فذلك هذا أنه لم يكن متمتعا قطعا خلافا لزاعمي ذلك من أصحاب الإمام احمد وغيرهم وقدم علي رضي الله عنه من اليمن فقال صلى الله عليه وسلم بم أهللت قال بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إني سقت الهدي وقرنت روى هذا اللفظ أبو داود وغيره من الأئمة بإسناد صحيح فهذا صريح في القرآن وقدم علي رضي الله عنه من اليمن هديا وأشركه صلى الله عليه وسلم في هديه أيضا وكان حاصلها مائة بدنة ثم خرج صلى الله عليه وسلم الى منى فبات بها وكانت ليلة الجمعة التاسع من ذي الحجة ثم أصبح فسار الى عرفة وخطب تحت سمرة خطبة عظيمة شهدها من أصحابه نحو من أربعين ألفا رضي الله عنهم أجمعين وجمع بين الظهر والعصر ثم وقف بعرفة ثم بات بالمزدلفة وجمع بين المغرب والعشاء ليلتئذ ثم أصبح فصلى الفجر في أول وقتها ثم سار قبل طلوع الشمس الى منى فرمى جمرة العقبة ونحر وحلق ثم افاض فطاف بالبيت طواف الفرض وهو طواف الزيارة واختلف اين صلى الظهر يومئذ وقد أشكل ذلك على كثير من الحفاظ ثم حل من كل شيء حرم منه صلى الله عليه وسلم وخطب ثاني يوم النحر خطبة عظيمة أيضا ووصى وحذر وأشهدهم على أنفسهم أنه بلغ الرسالة فنحن نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا دائما الى يوم الدين ثم أقبل صلى الله عليه وسلم منصرفا الى المدينة وقد أكمل الله له دينه

وفاته صلى الله عليه وسلم

فأقام بها بقية ذي الحجة والمحرم وصفر ثم ابتدأ به صلى الله عليه وسلم وجعه في بيت ميمونة يوم خميس وكان وجعا في رأسه الكريم وكان أكثر ما يعتريه الصداع عليه الصلاة والسلام فجعل مع هذا يدور على نسائه حتى شق عليه فاستأذنهن أن يمرض في بيت عائشة رضي الله عنها فأذن لهن فمكث وجعا أثني عشر يوما وقيل أربعة عشر يوما والصديق رضي الله عنه يصلي بالناس بنصه صلى الله عليه وسلم واستثنائه له من جيش أسامة الذي كان قد جهزه صلى الله عليه وسلم إلى الشام لغزو الروم فلما حصل الوجع تربصوا لينظروا ما يكون من أمره صلى الله عليه وسلم وقد صلى عليه الصلاة والسلام خلف الصديق جالسا وقبض صلى الله عليه وسلم ضحى يوم الإثنين من ربيع الأول فالمشهور أنه الثاني عشر منه وقيل مستهله وقيل ثانية وقيل غير ذلك وقال السهيلي ما زعم أنه لم يسبق إليه من أنه لا يمكن أن تكون وقفته يوم الجمعة ذي الحجة ثم تكون وفاته يوم الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول بعده سواء حسبت الشهور كاملة أم ناقصة أم بعضها كاملا وبعضها ناقصا وقد حصل له جواب صحيح في غاية الصحة ولله الحمد أفردته مع غيره من الأجوبة وهو أن هذا إنما وقع بحسب اختلاف رؤية هلال ذي الحجة في مكة والمدينة فرآه أهل مكة قبل أولئك بيوم وعلى هذا يتم القول المشهور لله الحمد والمنة وكان عمره يوم مات صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين سنة على الصحيح قالوا ولها مات أبو بكر وعمر وعلي وعائشة رضي الله عنهم ذكره أبو زكريا النووي في تهذيبه وصححه وفي بعضه نظر وقيل كان ستين وقيل خمسا وستين وهذه الأقوال الثالثة في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما فاشتدت الرزية بموته صلى الله عليه وسلم وعظم الخطب وجل الأمر وأصيب المسلمون بنبيهم وأنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك وقال إنه لم يمت وإنه سيعود كما عاد موسى لقومه وماج الناس وجاء الصديق المؤيد المنصور رضي الله عنه أولا وآخرا وظاهرا وباطنا فأقام الأود وصدع بالحق وخطب الناس وتلا عليهم وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا ويسجزي الله الشاكرين وكأن الناس لم يسمعوها قبل ذلك فما من أحد إلا يتلوها ثم ذهب المسلمون به إلى سقيفة بن ساعدة وقد اجتمعوا على إمرة سعد بن عبادة فصدهم عن ذلك وردهم وأشار عليهم بعمر بن الخطاب أو بأبي عبيدة ابن الجراح فأبيا ذلك والمسلمون وأبى الله ذلك أيضا فبايعه المسلمون رضي الله عنهم هناك ثم جاء فبايعه الناس البيعة العامة على المنبر ثم شرعوا في جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه في قميصه وكان الذي تولى ذلك عمه العباس وابنه قثم وعلي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وشقران مولياه يصبان الماء وساعد في ذلك أوس ين خولي الأنصاري البدري رضي الله عنهم أجمعين وكفنوه في ثلاثة أثواب قطن سحولية بيض ليس فيها قميص وصلوا عليه أفرادا واحدا واحدا لحديث جاء في ذلك رواه البزار والله أعلم بصحته أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بذلك وقال الشافعي إنما صلوا عليه مرة بعد مرة أفذاذا لعظم قدره ولمنافستهم أن يؤمهم عليه أحد قال الحاكم أبو أحمد فكان أولهم عليه صلاة العباس عمه ثم بنو هاشم ثم المهاجرون ثم الأنصار ثم سائر الناس فلما فرغ الرجال صلى الصبيان ثم النساء ودفن صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وقيل ليلة الأربعاء سحرا في الموضع الذي توفي فيه من حجرة عائشة لحديث رواه الترمذي عن أبي بكر رضي الله عنه وهذا هو المتواتر تواترا ضروريا معلوما من الدفن الذي هو اليوم داخل مسجد المدينة

حجه وإعتماره صلى الله عليه وسلم

لم يحج صلى الله عليه وسلم بعدما هاجر إلا حجته هذه وهي حجة الاسلام وحجة الوداع وكان فرض الحج في السنة السادسة في قول بعض العلماء وفي التاسعة في قول آخرين منهم وقيل سنة عشر وهو غريب وأغرب منه ما حكاه إمام الحرمين في النهاية وجها لبعض الأصحاب أن فرض الحج كان قبل الهجرة وأما عمره فكن أربعا الحديبية التي صد عنها وعمرة القضاء بعدها ثم عمرة الجعرانة ثم عمرته التي مع حجته وقد حج صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة مرة وقيل أكثر وهو الأظهر لأنه كان صلى الله عليه وسلم يخرج ليالي الموسم يدعو الناس الى الله تعالى صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا دائما الى يوم الدين

عدد غزاوته وبعوثه

أما غزواته فروى مسلم من حديث عبدالله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي عن أبيه قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن وعن زيد بن أرقم قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة وأما محمد بن إسحاق فقال كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعا وكانت بعوثه وسراياه ثمانيا وثلاثين وزاد ابن هشام في البعوث على ابن اسحاق والله اعلم

أعلام نبوته

في أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم على سبيل الإجمال لأن تفصيله يحتاج الى مجلدات عديدة وقد جمع الأئمة في ذلك ما زاد على ألف معجزة فمن أبهرها وأعظمها القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وإعجازه من جهة لفظه ومعناه أما لفظه ففي اعلى غايات فصاحة الكلام وكل من ازدادات معرفته بهذا الشأن ازداد للقرآن تعظيما في هذا الباب وقد تحدى الفصحاء والبلغاء في زمانه مع شدة عداوتهم له وحرصهم على تكذيبه بأن يأتوا بمثله أوبعشرسورمن مثله أو بسورة فعجزوا وأخبرهم أنهم لا يطيقون ذلك أبدا بل قد تحدى الجن والإنس قاطبة على أن يأتوا بمثله فعجزوا وأخبرهم بذلك فقال الله تعالى قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا الى غيرذلك من الوجوه المثبتة لإعجازه وأمامعناه فإنه في غاية التعاضد والحكمة والرحمة والمصلحة والعاقبة الحميدة والاتفاق وتحصيل أعلى المقاصد وتبطيل المفاسد الى غير ذلك مما يظهر لمن له لب وعقل صحيح خال من الشبه والأهواء نعوذ بالله منها ونسأله الهدى ومن ذلك انه نشأ بين قوم يعرفون نسبه ومرباه ومدخله ومخرجه يتيما بين أظهرهم أمينا صادقا بارا راشدا كلهم يعرف ذلك ولا ينكره إلا من عاند وسفسط وكابر وكان أميا لايحسن الكتابة ولا يعانيها ولا أهلها وليس في بلادهم من علم الأولين ولا من يعرف شيئا من ذلك فجاءهم على رأس أربعين سنة من عمره يخبر بما مضى مفصلا مبينا يشهد له علماء الكتب المتقدمة البصيرون بها المهتدون بالصدق بل أكثر الكتب المنزلة قبله قد دخلها التحريف والتبديل ويجيء ما أنزل الله عليه مبينا لذلك مهيمنا عليه دالا على الحق منه وهو مع ذلك في غاية الصدق والأمانة والسمت الذي لم ير أولو الألباب مثله صلى الله عليه وسلم والعبادة لله والخشوع له والذلة له والدعاء اليه والصبر على أذى من خالفه واحتماله وزهده في الدنيا وأخلاقه السنية الشريفة من الكرم والشجاعة والحياء والبر والصلة صلى الله عليه وسلم الى غير ذلك من الأخلاق التي لم تجتمع في بشر قبله ولا بعده إلا فيه فبالعقل يدرك أن هذا يستحيل أن يكذب على أدنى مخلوق بأدنى كذبة فكيف يمكن أن يكون مثل هذا قد كذب على الله رب العالمين الذي قد أخبر هو بما لديه من أليم العقاب وما لمن كذب عليه وافترى هذا لا يصدر إلا من شر عباد الله وأجرئهم وأخبثهم ومثل هذا لا يخفى أمره على الصبيان في المكاتب فكيف بأولي الاحلام والنهى الذين بذلوا أنفسهم واموالهم وفارقوا أولادهم وأوطانهم وعشائرهم في حبه وطاعته رضي الله تعالى عنهم وصلى الله عليه وسلم في تعاقب الليل والنهار ومن ذلك ما أخبر صلى الله عليه وسلم به في هذا القرآن وفيما صح عنه من الأحاديث من الغيوب المستقبلة المطابقة لخبره حذو بالقذة مما يطول استقصاؤه ها هنا ومن ذلك ما أظهره الله تعالى على يديه من خوارق العادات الباهرة فمن ذلك ما أخبر عز وجل عنه في كتابه العزيز من انشقاق القمر وذلك أن المشركين سألوه آية وكان ذلك ليلا فأشار إلى القمر فصار فرقين فسألوا من حولهم من الأحياء لئلا يكون قد سحرهم فأخبروهم بمثل ما رأوا وهذا متواتر عنه عند أهل العلم بالأخبار وقد رواه غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومن ذلك ما ظهر ببركة دعائه في أماكن يطول بسطها وتضيق مجلدات عديدة عن حصرها وقد جمع الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى كتابا شافيا في ذلك مقتديا بمن تقدمه في ذلك كما اقتدى به كثيرون بعده رحمه الله تعالى من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم دعا الله تعالى في السخلة التي كانت مع ابن مسعود في الرعي وسمى الله وحلبها فدرت عليه فشرب وسقى أبا بكر وكذلك فعل في شاة أم معبد ودعا للطفيل بن عمروا فصارت له آية في طرف سوطه نور يلمع يرى من بعد وكذلك حصل لأسيد بن الحضير وعباد بن بشر الأنصاري وقد خرجا من عنده في ليلة ظلماء ودعا الله على السبعة الذين سخروا منه وهو يصلي فقتلوا ببدر ودعا على ابن أبي لهب فسلط عليه السبع بالشام وفق دعائه عليه السلام ودعى على سراقة فساخت يدا فرسه في الأرض ثم دعا الله فأطلقها ورمى كفار قريش في بدر بقبضة من حصباء فأصاب كلا منهم شيء منها وهزمهم الله وكذلك فعل يوم حنين سواء وأعطى يوم بدر لعكاشة بن محصن جذلا من حطب فصار في يده سيفا ماضيا وأخبر عمه العباس وهو أسير بما دفن هو وأم الفضل من المال تحت عتبة بابهم فأقر له بذلك وأخبر عمير بن وهب بما جاء له من قتله معتذرا بأنه جاء في فداء أسارى بدر فاعترف له بذلك وأسلم من وقته رضي الله عنه ورد يوم أحد عين قتادة بن النعمان الظفري بعد أن سالت على خده وقيل بعدما صارت في ديه فصارت أحسن عينيه فلم تكن تعرف من الأخرى وأطعم يوم الخندق الجم الغفير الذين يقاربون ألفا من سخلة وصاع شعير ببيت جابر كما أطعم يومئذ من تمر يسير جاءت به ابنة بشير وكذلك أطعم نحو الثمانين من طعام كادت تواريه يده المكرمة وكذلك فعل يوم أصبح عروسا بزينب بنت جحش وأما يوم تبوك فكان أمرا هائلا أطعم الجيش وملأوا كل وعاء معهم من قدر ربضة العنز طعاما وأعطى أبا هريرة رضي الله عنه مزودا فأكل منه دهره وجهز منه في سبيل الله شيئا كثيرا ولم يزل معه إلى أيام مقتل عثمان وأشياء أخرى من هذا النمط يطول ذكرها مجردة وسنفرد لذلك إنشاء الله تعالى وبه الثقة مصنفا على حده ودعا الله تعالى لما قحطوا فلم ينزل عن المنبر حتى تحدر الماء على لحيته صلى الله عليه وسلم من سقف المسجد وقد كان قبله لا يرى في السماء سحابة ولا قزعة ولا قدر الكف ثم لما استصحى لهم إنجاب السحاب عن المدينة حتى صارت المدينة في مثل الإكليل ودعا الله على قريش فأصابهم من الجهد ما لا يعبر عنه حتى استرحموه فعطف عليهم فأفرج عنهم وأتي بإناء فيه ماء ليتوضأ به فرغب إليه أقوام هناك أن يتوضؤوا معه فوضع يده في ذلك الإناء فما وسعها ثم دعا الله فنبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم وكذلك فعل يوم الحديبية وكان الجيش ألفا وأربعمائة قال جابر ولو كنا مائة ألف لكفانا وكذلك فعل في بعض أسفاره بقطرة من ماء في سقاء قال الراوي لما أمرني أن أفرغها في الوعاء خشيت أن يشربها يابس القربة فوضع يده فيها ودعا الله تعالى فنبع الماء من بين أصابعه لأصحابه حتى توضؤوا وشربوا وكذلك بعث سهمه الى عين الحديبية فوضعت فيها فجاشت بالماء حتى كفتهم وكذلك فعل يوم ذات السطيحيتين سقى أصحابه وتوضؤوا وأمر بعضهم فاغتسل من جبابة كانت عليه ولم ينقص من تلك المزادتين اللتين للمرأة شيء فذهبت الى قومها فقالت رأيت اليوم أسحر أهل الأرض أو إنه لنبي ثم أسلمت وأسلم قومها رضي الله عنهم في كثير من هذا النمط يطول بسطه وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله تعالى

الإخبار بالغيوب المستقبلية

وقد أخبر بالغيوب المستقبلية المطابقة لخبره كما أخبر الله عزوجل في كتابه من إظهار دينه وإعلاء كلمته واستخلاف الذين آمنوا وعملوا الصالحات من أمته في الأرض وكذلك كان وأخبر بغلبة الروم فارس في بضع سنين فكان كذلك وأخبر صلى الله عليه وسلم قومه الذين كانوا معه في الشعب أن الله قد سلط على الصحيفة الأرضة فأكلتها إلا ما كان من ذكر الله وكان كذلك وأخبر يوم بدر قبل الوقعة بيوم بمصارع القتلى واحدا واحدا فكان كما أخبر سواء بسواء وأخبر أن كنوز **رى وقيصر ستنفق في سبيل الله فكان كذلك وبشر أمته بأن ملكهم سيمتد في طول الأرض فكان كذلك وأخبر أنه لا تقوم الساعة حتى تقاتل أمته قوما صغار الأعين ذلف الأنوف كأن وجهوهم المجان المطرقة وهذه حلية التتار فكان كذلك وأخبر بقتال الخوارج ووصف لهم ذا الثدية فوجد كما وصف سواء بسواء وأخبر أن الحسن بن علي رضي الله عنهما سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين فكان كذلك وأخبر بأن عمارا ستقتله الفئة الباغية فقتل يوم صفين مع علي رضي الله عنهما وأخبر بخروج نار من أرض الحجاز تضيء لها أعناق الإبل ببصرى وكان ظهور هذه في سنة بضع وخمسين وستمائة وتواتر امرها وأخبرت عمن شاهد إضاءة أعناق الإبل ببصرى فصلى الله على رسوله كلما ذكره الذاكرون وأخبر بجزئيات كانت وتكون بين يدي الساعة يطول بسطها وفيما ذكرنا كفاية إن شاء الله وبه الثقة

بشارة الكتب السماوية المتقدمة برسول الله صلى الله عليه وسلم

وفي الكتب المتقدمة البشارة به كما أخبر الله تعالى ان ذلك في التوارة والإنجيل مكتوب وكما أخبر عن نبيه عيسى عليه السلام أنه قال ومبشرا برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد وروى البخاري عن عبدالله بن عمرو وأنه وجد صفته في التوارة صلى الله عليه وسلم وذكرها وفي التوارة اليوم التي يقر اليهود بصحتها في السفر الأول أن الله تعالى تجلى لإبراهيم وقال له ما معناه فاسلك في الأرض طولا وعرضا لولدك تعظيما ومعلوم أنه لم يملك مشارق الأرض ومغاربها إلا محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيح عنه أنه قال إنه زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي مازوي لي منها وفيه أيضا إن الله تعالى قال لإبراهيم إن اسحاق يكون لك منه نسل وأما إسماعيل فإني باركته وكثرته وعظمته وجعلت ذريته بنجوم السماء الى أن قال وعظمته بماذماذ أي بمحمد وقيل بأحمد وقيل جعلته عظيما عظيما وجعل حذا وفيه إن الله وعد إبراهيم أن ولده إسماعيل تكون يده عالية على كل الأمم فكل الأمم تحت يده وبجميع مساكن إخوته يسكن وقد علم اهل الكتاب وغيرهم أن إسماعيل لم يدخل قط الشام ولا علت يده على إخوته وإنما كان هذا لولده محمد صلى الله عليه وسلم ولا ملك الشام ومصر من العرب أحد قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإن فتحهما كان في خلافة الصديق والفاروق رضي الله عنهما وفي السفر الرابع من التوارة التي بأيديهم اليوم ما معناه نبي أقيم لهم من أقاربهم من أخيهم مثلك يا موسى أجعل نطقي بفيه ومعلوم لهم ولكل أحد أن الله عزوجل لم يبعث من نسل إسماعيل سوى محمد صلى الله عليه وسلم بل لم يكن في بني إسرائيل نبي يماثل موسى إلا عيسى عليه السلام وهم لا يقرون بنبوته ثم ليس هو من إخوتهم بل هو منتسب إليهم بأمه صلوات الله وسلامه عليه فتعين ذلك في محمد صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ما ختمت به التوارة في اخر السفر الخامس ما معناه جاء الله من سيناء وأشرق من ساعير واستعلى من جبال فاران ومعنى هذا أن الله جاء شرعه ونوره من طور سيناء الذي كلم موسى عليه وأشرق من ساعير وهو الجبل الذي ولد به عيسى عليه السلام وبعث فيه واستعلى من جبال فاران وهي مكة بدليل أن الله أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم أن يذهب بإسماعيل الى جبال فاران وقد استشهد بعض العلماء على صحة هذا بأن الله سبحانه أقسم بهذه الأماكن الثلاثة فترقى من الأدنى الى الأعلى في قوله تعالى والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين ففي التوراة ذكرهن بحسب الوقوع الاول فالأول وبحسب ما ظهر فيهن من النور وفي القرآن لما أقسم بهن ذكر منزل عيسى ثم موسى ثم محمد صلاة الله وسلامه عليهم اجمعين لأن عادة العرب إذا أقسمت ترقت من الأدنى الى الأعلى وكذا **ور داود عليه السلام والنبوءات الموجودة الآن بأيدي أهل الكتاب فيها البشارات به صلى الله عليه وسلم كما يخبر بذلك من أسلم منهم قديما وحديثا وفي الإنجيل ذكر الفا رقليط موصوفا بصفات محمد صلى الله عليه وسلم سواء بسواء وأما كلام أشعيا وأرميا فظاهر جدا لكل من قرأه ولله الحمد والمنة والحجة البالغة

أولاده

أما أولاده فذكورهم وإناثهم من خديجة بنت خويلد رضي الله عنها إلا إبراهيم فمن مارية القبطية وهم القاسم وبه كان يكنى لأنه أكبر أولاده ثم زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم بعد النبوة عبدالله ويقال له الطيب والطاهر لأنه ولد في الاسلام وقيل الطاهر غير الطيب وصحح ذلك بعض العلماء ثم إبراهيم من مارية ولد له صلى الله عليه وسلم بالمدينة في السنة الثامنة وتوفي عن سنة وعشرة أشهر فلهذا قال صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا في الجنة وكلهم مات قبله إلا فاطمة رضي الله عنها توفيت بعده بيسير قيل ستة أشهر على المشهور وقيل ثمانية أشهر وقيل سبعون يوما وقيل خمسة وسبعون يوما وقيل ثلاثة أشهر وقيل مائة يوم وقيل غير ذلك وصلى عليها علي وقد ورد في حديث أنها اغتسلت قبل موتها بيسير وأوصت ألا تغسل بعد موتها وهو غريب جدا وروي أن عليا والعباس وأسماء بنت عميس زوجة الصديق وسلمى أم رافع وهي قابلتها غسلوها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.