التنبيهات المهمة في كيفية معاملة المحتضر والميت 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب السموات ورب الأرض رب العالمين، وأشهد أن نبنيا محمدًا عبده ورسوله الذي عبد ربه حتى أتاه اليقين، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.


أما بعد. فإن الحياة الدنيا زائلة، وكل نفس عليها ميتة قال سبحانه وتعالى: «أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة» وهذه الدنيا متاع الغرور قال جل وتقدس وعلا «كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور» وقال تعالى: ﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ وقد جعلها الله مطية إلى الآخرة ومعبرًا وقال لنا جل وعلا: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ وقال تعالى: ﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.


وقد عبر الله عن الأجل ونهايته، والقيامة وأهوالها، والصحف وتطايرها ذات اليمين والشمال- بِغَدٍ لقربه وسرعة هجوم الموت وقيام الساعة، ومن أجل أن لا يغتر المؤمن بطول الأمل، فقال تقدست أسماؤه ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ﴾ فلو أن كل إنسان استعد للموت وكأنه سيموت غدًا لما سوَّف في التوبة، وما أهمل العمل الصالح، ولو أن كل إنسان استعد للوقوف بين يدي الله وكأنه يوم غد لاستحيا الإنسان من ربه، وسارع حثيثًا في طاعته، ولم يصر على معصيته.


والعاصي غدًا في القيامة كأنه لم يلبث في هذه الدنيا الفانية إلا ساعة من نهار قال تقدست أسماؤه: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ *﴾ وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ


فلا إله إلا الله ما أشد حسرة المفرطين غدًا حينما يقفون بين يدي الله حفاة عراة فرادى: ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا


فلماذا يضيع العبد عمره ووقته في هذه الدنيا، ويتناسى الموت والقبر والبعث والنشور غدًا، وما من دار إلا ولها باب، والباب إلى القبر والآخرة هو الموت، فما هو إلا أن يموت العبد فيرى ما قدمت يداه ويرى بعينه الجنة والنار، فإن كان من أهل الجنة قيل له انظر إلى مكانك من النار لو أنك عصيت الله، وإن كان من أهل النار قيل له انظر إلى مكانك من الجنة لو أنك أطعت الله، وما من ميت إلا ويعرض عليه مقعده من الجنة إن كان من أهلها أو مقعده من النار إن كان من أهلها، حتى يبعثه الله.


قال سبحانه وتعالى عن آل فرعون: «النار يعرضون عليها غدوًا وعشيًا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب» والموت باب وكل الناس داخله، ألا ليت شعري بعد الموت ما الدار؟ الدار دار نعيم إن عملت لها وإن فرطت فالنار، فالله الله لا تفوتوا على أنفسكم وأهليكم من تحت مسؤوليتكم، لا تفوتوا فرصة العمل، وخذوا من الصحة للمرض، ومن الشباب للهرم، ومن الفراغ للشغل، ومن الحياة للموت الذي لا تدري في أي لحظة سينزل بك، وبما أن لمن حضره الموت على إخوانه المسلمين حقوقًا وواجبات فإليك هذا البيان لبعضها:


إجابة على ما طلب مني بيانه عن كيفية معاملة المحتضر وما ينبغي على المسلمين نحوه إلى أن يدفن في قبره، فأقول مستعينًا بالله، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب:


إن على المسلم إذا أحس بقرب أجله أن يحسن الظن بربه، وأن يرطب لسانه بذكر ربه، وأن يلهج بكلمة التوحيد لا إله إلا الله، ومن كان عند المحتضر فليراع حالته الخطيرة وليرفق به، وإن تيسر أن يمسح جببين المحتضر بخرقة مبلولة بماء فذلك مما يخفف من شدة سكرات الموت، وعلى من كان عند المحتضر أن يلقنه الشهادة برفق للحديث الذي رواه مسلم في صحيحه، وهو في السنن الأربع:« لقنوا موتاكم لا إله إلا الله»

وإن رأى المُلقن المحتضر في شدة فليبل حلقه بقطرات من الماء، قال ابن قاسم في الإحكام المجلد الثاني صفحة 18 :"ويُسن تعاهد أرفق أهله وأتقاهم وأعرفهم بمدارات المريض ببل حلقه بماء أو شراب، فيجرع الماء أو الشراب إن ظهرت أمارة تدل على احتياجه له، كأن يهش إذا فعل به ذلك، لأن العطش يغلب عند شدة النزع وقبض الروح، ويندي شفتيه بقطنة، لأن ذلك يطفئ ما نزل به أي يخفف من الشدة ويسهل عليه النطق بالشهادة".


وأجمع أهل العلم على وجوب الحضور عنده أي عند المحتضر لتذكيره وتأنيسه وتغميضه، فإذا خرجت الروح فعلى من كان عنده أن يقوم بإغماض عينيه وشد لحييه، وأن لا يقال عنده إلا خير، فإن الملائكة يؤمنون على ما يقال، لحديث أم سلمة قالت: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره، فأغمضه» رواه الإمام مسلم في صحيح.

فهذا دليل على استحباب تغميض بصر الميت، قال ابن قاسم في المصدر السابق: بإجماع المسلمين، أي على التغميض واستحبابه، وذكر أبو داود: أن أبا ميسرة أغمض عيني جعفر المعلم في حالة موته، فرآه في منامه يقول: أعظم ما كان علي تغميضك لي قبل الموت، إلى أن قال: ولأحمد عن شداد مرفوعًا :إذا حضرتم الميت فأغمضوا البصر، فإنه يتبع الروح إلى أن قال وفيه (أي في حديث أم سلمة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون» وفي حديث شداد «وقولوا خيرًا فإنه يؤمن على ما قال أهل الميت»
ويقول حال تغميضه: بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لما رواه البيهقي وغيره عن بكر بن عبد الله المزني (ولفظه):« وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ».


ويسن إذا مات شد لحييه بعصابة ونحوها، تجمع لحييه، ويربطها فوق رأسه لئلا يبقى فمه مفتوحًا، قال عمر لما حضرته الوفاة لابنه عبد الله:« إذا رأيت روحي بلغت لهاتي – وهي لحمة في أقصى الفم، أي حلقي- فضع كفك اليمنى على جبهتي، واليسرى تحت ذقني» أي شد لحيي (انتهى ببعض تصرف يسير)


وحينئذ يأتي دور الغاسل، ويجب أن يكون مسلمًا ثقة أمينًا عالمًا بأحكام الغسل، ومن فضائل تغسيل الميت أنه يغفر للغاسل (قال المنذري رحمه الله: وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غسل ميتًا فأدى فيه الأمانة- أي غسله بعنايةوطهره وستر عيوبه ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك- خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه الإمام أحمد والطبراني من رواية جابر الجعفي.


وأما دليل شرط العلم (فقال ابن قاسم) في المصدر السابق: وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِيَلِهِ- أي ليَلِ غسل الميت- «أقربكم إن كان يعلم» فدل الحديث على أن الأحق بغسل الميت من الناس الأقرب إلى الميت بشرط العلم، أن يكون عالمًا بما يحتاج إليه من العلم فيه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «فإن لم يكن يعلم فمن ترون عنده حظًا من ورع وأمانة» (رواه الإمام أحمد والطبراني) وفيه ضعف.


ثم إن كان رجلا تولى تغسيله الرجال، ولا يجوز للنساء تغسيله، إلا الزوجة فلها أن تغسل زوجها، وإن كان الميت امرأة تولى تغسيلها النساء، ولا يجوز للرجال تغسيلها، إلا الزوج فله أن يغسل زوجته، قال ابن قاسم، ويشهد لذلك قول عائشة رضي الله عنها:« لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه» رواه الإمام أحمد.


وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما يضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك، ثم صليت عليك ودفنتك» .


وقال ابن قاسم: ولأن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس ،أخرجه الإمام مالك، وأوصى جابر وعبد الرحمن بن الأسود امرأتيهما أن تغسلاهما ، رواه سعيد، وروي ابن المنذر أن عليًا غسل فاطمة ولم ينكر، وغسل أبو موسى زوجته وغيرهم، ولا خلاف في جوازه.


وإن كان الميت صغيرًا دون سبع سنين، فلكل من الرجال والنساء تغسيله، ويشترط في التغسيل أن يكون في مكان مستور عن الأنظار ومسقوف من بيت أو خيمة ونحوها إن أمكن ذلك، ويستر ما بين سرته وركبتيه وجوبًا، ولا يكشف عورته الغاسل ولا غيره ممن يساعد بصب ماء أو غيره.


ثم يجرد من ثيابه ويوضع على سرير الغسل منحدرًا نحو رجليه لينصب عنه الماء وما يخرج منه من أذى، ويرفع الغاسل رأس الميت إلى قرب جلوسه، ثم يمر بيده على بطنه ويعصره برفق ليخرج منه ما هو مستعد للخروج، ويكثر صب الماء عند ذلك ليذهب بالخارج، وإن تيسر أن يجعل مجمرًا فيه بخور كان ذلك مستحبًا.


ثم يلف الغاسل على يده اليسرى خرقة خشنة يدخلها من تحت السترة فينجي الميت، وينقى المخرج بالماء ،قال ابن قاسم في الأحكام: وذكر المروزي عن ابن سيرين أن عليًا لف على يده خرقة حين غسل فرج النبي صلى الله عليه وسلم ، ويستحب ألا يمس سائره إلا بخرقة لفعل علي رضي الله عنه، ثم ينوي توضئة الميت وتغسيله فيوضئه كوضوء الصلاة إلا في المضمضة والاستنشاق، فيكفي عنهما المسح للأسنان بخرقة مبلولة بالماء، والمنخرين بالإصبعين مبلولتين بالماء أو بخرقة.


وبعد الوضوء يغسل رأسه ولحيته بسدر مع الماء، فإن لم يتيسر فبصابون، ثم يغسل ميامن جسده، ثم يقلبه فيغسل شق ظهره الأيمن، ثم يغسل جانبه الأيسر، ثم يقلبه فيغسل ظهره الأيسر، ويستعمل السدر، لقوله عليه الصلاة والسلام لغاسلي ابنته:« اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك، إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الغسلة الآخرة كافورًا »متفق على صحته . وزاد البخاري في صحيحه« اغسلنها وترًا ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا»
مع الغسل بالسدر أو الصابون، ويستحب أن يلف على يده خرقة حال الغسل ثم ينشف، وإن كانت امرأة ضفر شعرها ثلاثة قرون، ويسدل من ورائها ، لقول أم عطية في تغسيلها لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فضفرنا شعرها ثلاثة قرون أي ضفائر، قال ابن قاسم : وروي سعيد بن منصور عنها: قال لنا أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغسلنها وترًا واجعلن شعرها ضفائر» ، ولابن حبان:« واجعلن لها ثلاثة قرون» إلى أن قال: وهذا مذهب الجمهور.


وهذه الأحاديث تدل على استحباب جعله ثلاث ضفائر من خلفها، ولا يسرح شعره أي الميت؛ لما فيه من تقطيع الشعر من غير حاجة إليه، ومرت عائشة رضي الله عنها بقوم يسرحون شعر ميتهم، فنهتهم عن ذلك، ويحرم حلق رأس الميت وشعر العانة؛ لما فيه من مس العورة، كما يحرم ختن الميت، ولا يقص شاربه، ولا تقلم أظفاره لأن أجزاء الميت مح**** فلا تنتهك بذلك، ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته في هذا شيء فيكره فعله اتفاقًا .انتهى كلامه رحمه الله مع بعض التصرف اليسير .


ثم يكفن في ثلاثة لفائف بيض، قال ابن قاسم: ولهما أي في الصحيحين عن عائشة :«كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض»


ولابن ماجة «أحسن ما زرتم الله به في قبوركم ومساجدكم البياض» وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم: «البسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم».


والمرأة في خمسة أثواب : إزار وخمار وقميص ولفافتين؛ لحديث أم عطية في غسل بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن قاسم عن أحمد وابن ماجة أنها أم كلثوم، وعند مسلم أنها زينب. انتهى كلامه.


قلت: فعلم من هذا أنهما كفنتا في خمسة أثواب، فقد قالت أم عطية «كفناها في خمسة أثواب« صححه الحافظ، وفي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أنها رضي الله عنها قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقاء يعني الإزار ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله عند الباب، معه كفنها، يناولنا ثوبًا ثوبًا» وفي إسناده مقال.


وقال ابن المنذر أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب والجمهور أنها توزر بالمئزر، ثم تلبس القميص، ثم تخمر، ثم تلف باللفافتين لفًا، وقال المجد «يشد فخذاها بمئزر تحت درع، ويلف فوق الدرع الخمار باللفافتين جمعًا بين الأخبار. ويسن أن تكفن الصغيرة في قميص ولفافتين والصبي في ثوب واحد اتفاقًا لأنه دون الرجل» انتهى نقلا مع بعض التصرف من كتاب الأحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم.


ويستحب تجمير الأكفان بالبخور بعد رشها بماء ورد ونحوه؛ لتعلق بها رائحة البخور، ثم تبسط اللفائف الثلاث بعضها فوق بعض، ثم يؤتى بالميت مستور العورة وجوبًا، فيوضع فوق اللفائف مستلقيًا، ثم يؤتى بالحنوط وهو الطيب ويجعل منه في قطن بين أليتي الميت، ويشد عليه بخرقة، ثم يجعل باقي القطن المطيب على عينيه ومنخريه وفمه وأذنيه، وعلى مواضع سجوده وجبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه ومغابن البدن والإبطين وطي الركبتين وسرته، ويجعل من الطيب بين الأكفان، وفي رأس الميت لقوله صلى الله عليه وسلم في المحرم «لا تحنطوه» أي غير المحرم حنطوه، قال ابن قاسم: ويجعل من الحنوط في قطن بين أليتيه، ويشد فوقها… إلى أن قال: كان ابن عمر يتتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك، قال الزركشي ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن طُيِّبَ الميتُ كله فحسن» لأن أنسًا رضي الله عنه طلي بالمسك، وكذا ابن عمر وغيرهما، ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن، ثم طرفها الأيمن على شقه الأيسر ثم الثانية كذلك، والثالثة ثم يجعل الفاضل من طول اللفائف عند رأسه أكثر مما عند رجليه، ثم يجمع الفاضل عند رأسه، ويرده على وجهه، ويجمع الفاضل عند رجليه فيرده على رجليه، ثم يعقد على اللفائف لئلا تنتشر وتحل العقد في القبر؛ لقول ابن مسعود «إذا أدخلتم الميت القبر فحلوا العقد» .


أما الوجه فلا يكشف لعدم الدليل في ذلك، والمرأة تكفن في خمسة أثواب إزار تؤزر به، ثم تلبس قميصًا، ثم تخمر بخمار على رأسها، ثم تلف بلفافتين.
ثم يحمل الميت إلى المصلى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنازة حتى يصلي عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان » قيل وما القيراطان قال: «مثل الجبلين العظيمين» حديث متفق على صحته من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
فيقف الإمام عند صدر الرجل محاذيًا لرأسه، ويقف وسط المرأة محاذيًا لصدرها لحديث أنس رضي الله عنه أنه صلى على جنازة رجل، فقام عند رأسه، وصلى على جنازة امرأة فقام وسطها، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .


ويسن جعلهم ثلاثة صفوف، وإن كانوا أكثر كان أفضل، قال المنذري : وعن مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب » أي وجبت له الجنة، وكان مالك إذا استقبل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف لهذا الحديث (رواه أبو داود واللفظ له وابن ماجة والترمذي، وقال حديث حسن.


وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه» (رواه مسلم في صحيحه والترمذي) وعنده: مائة فما فوقها.


ويكبر على الجنازة أربع تكبيرات يقرأ في الأولى بعد الاستعاذة الفاتحة وسورة بعدها لصحة الدليل في ذلك، ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل الصلاة عليه في التشهد (أي الصلاة الإبراهيمية) ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت بما ورد ومنه: اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم متقلبنا ومأوانا وأنت على كل شيء قدير، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله وأوسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلاً خيرًا من أهله، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وأفسح له في قبره ونور له فيه.


وإن كان المصلي عليه أنثى قال: الله اغفر لها (إلخ) بتأنيث الضمير،.
وإن كان المصلي عليه صغيرًا قال : اللهم اجعله ذخرًا لوالديه وفرطًا وأجرًا وشفيعًا مجابًا، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجرهما، وألحقه بأصلح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم.
ثم يكبر الرابعة ، ويقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.


قال بن قاسم: استحب الجمهور، أي جمهور أهل العلم أن يقف بعد التكبيرة الرابعة قليلا؛ لحديث زيد بن أرقم :«كان- أي رسول الله صلى الله عليه وسلم – يكبر أربعًا، ثم يقف أي بعد التكبيرة الرابعة ما شاء الله» ومن حديث ابن أبي أوفى: يدعو، قال أحمد: لا أعلم شيئا يخالفه، وقال المجد: لا خلاف في جوازه، أي في جواز الدعاء بعد الرابعة، فيقول: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» وكان أنس لا يدعو بدعاء إلا ختمه بهذا الدعاء، واختار بعض أهل العلم أن يقول: اللهم اغفر لنا وله، ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، ولابن ماجة عن ابن أبي أوفي رضي الله عنه مرفوعا: «كان أي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أربعًا» وهو إجماع، وفيه أنه يدعو بعد الرابعة. انتهى كلامه رحمه الله مع بعض التصرف اليسير. ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه.


والسقط إذا كان قد تم له أربعة أشهر غسل وصلى عليه، للحديث عن ابن ماجة «صلوا على أطفالكم» وحديث المغيرة مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» رواه أبو داود والحاكم وصححه، وقال ابن قاسم: إذا بلغ- أي السقط- أربعة أشهر عند أحمد والشافعي وعند الجمهور،
إذا تحرك.
فأوصيك أخي المسلم بالاستعداد للموت قبل نزوله بصالح العمل والإخلاص لله في السر والجهر، أخلص توحيدك، وأحسن صلاتك، وقم بأوامر ربك، وابتعد عما يضرك في د**** وآخرتك، وتذكر قول ربك: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ


واحذر كل الحذر من أن ينطبق عليك قوله سبحانه: ﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا ﴾ ووصيتي لك أن تتفقه في دينك قبل أن تموت، وتلقى ربك .


عليك بتفسير البغوي، وابن كثير، وعليك بالصحيحين، وبسنن أبي داود، وسنن النسائي، وزاد المعاد في هدي خير العباد، وكتاب الصلاة وحكم تاركها لابن القيم، فقد ذكر في آخر هذا الكتاب فصلا، وقال: وهاك سياق صلاته صلى الله عليه وسلم منذ أن يكبر إلى أن يسلم كأنك تراها رأى العين، ثم اختر لنفسك.


أي اقتد بنبيك صلى الله عليه وسلم ، وعليك بكتاب الأحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم، أسأل الله أن يزيدنا علمًا نافعًا، وأن يبصرنا بعيوبنا، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يقينا شرور أنفسنا، وأن يتوفانا وهو راض عنا، وأسأله جل وعلا بأسمائه وصفاته أن يجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله، وأن يجعل القبور لنا روضة من رياض الجنة، كما أسأل الله أن ينفع بهذه الرسالة، وأن يجعلها خالصة لوجهه سبحانه، صوابًا على سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، وأن يضاعف الأجر لجامعها وكاتبها وقارئها وناشرها بين إخوانه المسلمين، كما أسأله جل وعلا أن يحسن ختامنا، وأن يتوب علينا، وأن يغفر لنا ولوالدينا وأهلينا وأن يصلح نياتنا وذرياتنا، إنه على كل شيء قدير.


اللهم توفنا وأنت راض عنا، وأعذنا برحمتك من عذاب القبر والنار، من فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، اللهم صل وسلم على نبينا محمد، وأوردنا حوضه، واحشرنا في زمرته، وتحت لوائه، وأجمع بيننا وببينه، إنك على كل شيء قدير، وسلم تسليمًا كثيرًا برحمتك يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين.


وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، آمين.
بارك الله فيك

التنبيهات للأخوات المصليات 2024.

التنبيهات للأخوات المصليات
القعدة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد جمعت هذه التوجيهات للأخوات المسلمات المصليات في بيوت الله عز وجل؛ بياناً للأخطاء التي تقع منهن وتذكيراً لهن عما يغفلن عنه من الأمور، رزقنا الله وإياهن حسن العمل وقبوله.

1 – حجاب المرأة المسلمة:

المرأة كلها عورة خارج الصلاة فلا يحل لها أن تبدي شيئاً من جسمها لغير محارمها، فيجب عليها أن تستر وجهها ويديها وقدميها وجميع أجزاء بدنها وهذا هو الحجاب الذي أمرت به، قال تعالى: يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لأَزوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدنَى أَن يُعرَفنَ فَلا يُؤذَينَ [الأحزاب:59] وهو كرامة المرأة وحصنها من كل شيطان.

ويتأكد ستر المرأة إذا خرجت من المسجد، فمن النساء من تظهر يديها أو قدميها وربما وجهها أثناء ذلك وهذا فيه مخالفة لأمر الله ورسوله قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النساء يصلين مع رسول اللهالقعدة ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يُعرفن من الغلس ) [متفق عليه].

2 – عورة المرأة داخل الصلاة:

( كل المرأة عورة إلا وجهها في الصلاة ) وفي كفيها وقدميها خلاف، وذلك كله حيث يراها رجل غير محرم لها فإن كان يراها رجل غير محرم لها وجب عليها سترها كما يجب عليها سترها خارج الصلاة.

قال رسول اللهالقعدة : { لا يقبل الله صلاة حائض – أي من بلغت المحيض – إلا بخمار } [رواه الخمسة].

وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين عن حكم ظهور القدمين والكفين للمرأة في الصلاة مع العلم أنها ليست أمام الرجال ولكن في البيت؟ فأجاب بقوله: ( المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله أن المرأة البالغة الحرة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها، وعلى هذا فلا يحل لها أن تكشف كفيها وقدميها، وذهب كثير من أهل العلم إلى جواز كشف المرأة كفيها وقدميها، والاحتياط أن تتحرز المرأة من ذلك لكن لو فرض أن امرأة فعلت ثم جاءت تستفتي فإن الإنسان لا يجرؤ أن يأمرها بالإعادة ).

3 – تحريم استعمال الطيب للمرأة المصلية في المسجد:

يجب على المرأة أن تجتنب الطيب إذا خرجت إلى المسجد لقولهالقعدة : { لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات } [رواه أحمد وأبو داود]. ومعنى { تفلات } أي غير متطيبات.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللهالقعدة : { أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة } [رواه مسلم وأبو داود والنسائي]، وروى مسلم من حديث زينب امرأة ابن مسعود: { إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً }.

قال الإمام الشوكاني: ( فيه دليل على أن خروج النساء إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة وما هو في تحريك الفتنة نحو البخور )، وقال: ( قد حصل من الأحاديث أن الإذن للنساء من الرجال إلى المساجد إذا لم يكن في خروجهن ما يدعو إلى الفتنة من طيب أو حلي أو زينة ).

وقال الشيخ صالح الفوزان وفقه الله: ( وبهذه المناسبة أود أن أنبه لأمر يتعلق ببعض النساء اللاتي يحضرن إلى المساجد خلال شهر رمضان حيث يحضرن معهن مبخرة وعوداً ويتبخرن بها وهن في المسجد فتعلق الرائحة بهن فإذا خرجن للسوق وجد بهن أثر الطيب وهذا خلاف المشروع في حقهن ).

واقرئي أختي المسلمة هذا الحديث من عبدالرحمن بن الحارث بن أبي عبيد عن جده قال: ( خرجت مع أبي هريرة من المسجد ضحى فلقيتنا امرأة بها من العطر شيء لم أجد بأنفي مثله قط )، فقال لها أبو هريرة: ( عليك السلام )، فقالت: ( وعليك )، قال: ( فأين تريدين؟ ) قالت: ( المسجد )، قال: ( ولأي شيء تطيبت بهذا الطيب؟ ) قالت: ( للمسجد )، قال: ( آلله؟ ) قالت: ( آلله )، قال: ( آلله؟ ) قالت: ( آلله )، قال: ( فإن حبي أبا القاسمالقعدة أخبرني أنه لا تقبل لامرأة صلاة تطيبت بطيب لغير زوجها، حتى تغتسل غسلها من الجنابة، فاذهبي فاغتسلي منه، ثم ارجعي فصلي ) [رواه النسائي].

4 – ترك الزينة والحلي:

على المرأة ألا تخرج متزينة بالثياب والحلي. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ( لو أن رسول اللهالقعدة رأى من النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها ) [متفق عليه].

قال الإمام الشوكاني في نيل الأوطار على قول عائشة: ( لو رأى ما رأينا ): يعني من حسن الملابس والطيب والزينة والتبرج. وإنما كان النساء يخرجن في المرط والأكسية والشعلات الغلاظ.

وقال الإمام الجوزي رحمه الله: ( ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها إن سلمت في نفسها لم يسلم الناس منها، فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت بإذن زوجها في هيئة رثة وجعلت طريقها في المواضع الخالية دون الشوارع والأسواق، واحترزت من سماع صوتها ومشت في جانب الطريق لا في وسطه ).

5 – صفوف النساء:

إن كانت المرأة وحدها صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس حين صلى بهم رسول الله القعدةقال: { قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا } [رواه الجماعة إلا ابن ماجة]. وعنه: { صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي القعدةوأمي خلفنا – أم سليم – } [رواه البخاري].

وإن كان الحضور من النساء أكثر من واحدة فإنهن يقمن صفاً أو صفوفاً خلف الرجال لأنه كان يجعل الرجال في أول الصفوف والغلمان خلفهم والنساء خلف الغلمان [رواه أحمد].

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللهالقعدة : { خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها } [رواه الجماعة إلا البخاري].

ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفاً خلف الرجال ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرجال سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح. ومما يلاحظ على الأخوات المصليات أن المرأة تصلي في صف وحدها أو معها أخرى فقط، قال الشيخ محمد الصالح العثيمين: ( مما يجب التنبيه له أن بعض النسوة إذا خرجن للصلاة في المساجد مع الجماعة فإن البعض منهن يصلين منفردات خلف الصف وهذا خلاف السنة لقوله القعدة: { خير صفوف النساء آخرها….. } فتبين بذلك أن النساء يكن صفوفاً كما قال عليه الصلاة والسلام: { لا صلاة لمنفرد خلف الصف } ).

6 – الصف الأفضل للمرأة:

قال رسول الله القعدة: { خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها } [رواه الجماعة إلا البخاري]. حمل العلماء رحمهم الله هذا الحديث على ما إذا عدم الفاصل بين الرجال والنساء، أما إذا وجد ساتر وفاصل فإن الأفضلية تكون للصف الأول في حقهن، وهو اختيار الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله.

وسئل الشيخ عبدالله بن الجبرين عن هذه المسألة فقال وفقه الله: ( يظهر أن السبب في كون خير صفوف النساء آخرها هو بعده عن الرجال فإن المرأة كلما كانت أبعد عنهم كان ذلك أصين لها وأحفظ لعرضها وأبعد لها عن الميل إلى الفاحشة، لكن إذا كان مصلى النساء بعيداً عن الرجال ومفصولاً بحاجز من جدار أو سترة منيعة وإنما يعتمدن في متابعة الإمام على المكبر فإن الراجح فضل الصف الأول لتقدمه وقربه من القبلة ).

7 – تسوية الصفوف:

بعض النساء لا تهتم بتسوية الصف فقد روى البخاري ومسلم عن أنس أن النبيالقعدة قال: { سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة } فاحرصي أختي المسلمة على تسوية الصف.

8 – عدم إتمام النساء لصلاة الفرض:

بعض النساء إذا دخلت مع الإمام وقد فاتها من الصلاة ركعة أو ركعتان، فإنها تسلم مع الإمام ولا تقضي ما فاتها.

وهذا غالباً ما يكون في رمضان إذا جاءت صلاة التراويح، والصواب في ذلك أن تتم ما فاتها مع الإمام لقول النبيالقعدة : { وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا } وفي رواية { فاقضوا }. وهذا عام في الرجال والنساء.

فعلى المرأة إذا دخلت وقد فاتتها ركعة من الصلاة أو أكثر، أن تنتظر حتى يتم الإمام سلامه ثم تقوم فتقضي ما فاتها وبهذا تتم لها صلاتها.

وهذا ناتج عن الجهل بالأحكام الشرعية أو الجهل كذلك بكيفية القضاء.

9 – كيف تقضي المرأة الصلاة الفائنة؟:

إذا أدركت المرأة مع الإمام ثلاث ركعات فإنها تقوم وتأتي برابعة ثم تسلم، وإذا أدركت مع الإمام ركعتين فإنها تقوم وتأتي بركعتين – ثالثة ورابعة – وتسلم، وإذا أدركت مع الإمام ركعة واحدة فإنها تقوم فتأتي بأخرى ثم تجلس للتشهد ثم تقوم وتأتي بركعتين ثم تجلس للتشهد وتسلم وبهذا تتم صلاتها، أما إذا لم تدرك مع الإمام ركعة فإنها تصلي بعد سلام الإمام أربع ركعات… ولتعلم الأخت المسلمة أن الركعة لا تدرك إلا بإدراك الركوع.

10 – المضايقة والزحام في الصلاة:

تضايق بعض النساء بعضاً بحجة تحقيق التراص وسد الفرج مما يضايق بعض المصليات، وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله عن الأصح في تسوية الصفوف.. هل هو مساواة الأقدام برؤوس الأصابع فقط أم بمحاذاة الكعبين؟ وهل من السنة إلصاق القدم بقدم المجاور في الصف؟ فأجاب بقوله: ( الصحيح أن المعتمد في تسوية الصف محاذاة الكعبين بعضها بعضاً لا رؤوس الأصابع، وذلك لأن البدن مركب على الكعب، والأصابع تختلف الأقدام فيها، فقدم طويل وآخر صغير، فلا يمكن ضبط التساوي إلا بالكعبين، وأما إلصاق الكعبين بعضها ببعض فلا شك أنه وارد عن الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم كانوا يسوون الصفوف بإلصاق الكعبين بعضها ببعض، أي أن كل واحد يلصق كعبه بكعب صاحبه لتحقيق المساواة فقط، وليس معنى ذلك أنه يلازم هذا الإلصاق ويبقى ملاصقاً له في جميع الصلاة ).

ومن الغلو في هذه المسألة ما يفعله بعض الناس: تجده يلصق كعبه بكعب صاحبه، ويفتح قدميه فيما بينهما حتى يكون بينه وبين جاره في المناكب فرجة؛ فيخالف السنة في ذلك، والمقصود أن المناكب والأكعب تتساوى.

11 – رفع الصوت بالقراءة والتسبيح:

المشروع في حق المأموم الإسرار بالقراءة وبالتكبير والتسبيح والأدعية والأذكار، ومما يلاحظ على بعض الأخوات رفع أصواتهن بقراءة الفاتحة وبالتسبيح وهذا خلاف المشروع.

12 – أحاديث النساء في المسجد:

بعض الأخوات لا يطيب لهن التحدث إلا داخل المسجد وخاصة بين ركعات التراويح، فيتحدثن عن أنواع الطبخات، وعددها، وعن الألبسة التي اشترينها، وعن أولادهن، وغير ذلك، فيحدثن تشويشاً على المصلين والمصليات، وهذا يتنافى مع الواجب الذي يمليه عليهن رمضان.

هل جئن لصلاة التراويح، ولإراحة النفس من هموم اليوم ومشكلات البيت، أم حضرن للتحدث في أحوالهن؟!

احذرن أخواتي الفاضلات من هذا العمل لأنه يتنافى مع آداب المسجد، وآداب شهر رمضان، ومع روح العبادة. علماً بأن إيذاء المصلي والتشويش عليه بقراءة القرآن منهي عنه فكيف بالكلام الذي لا فائدة منه؟ بل إن بعض أهل العلم كره الكلام المباح في المسجد. فلتكوني أختي المسلمة على علم بهذا الأمر.

13 – إحضار الأطفال إلى المسجد:

تأتي بعض الأخوات بأطفالهن إلى المسجد فيكونون مصدر إزعاج للمصلين والمصليات أو مصدر إيذاء وتلويث للمسجد، فعدم الإتيان بهم أولى وأسلم. وأما ما يُشعر من الأحاديث على أنه في زمن رسول الله كانت النساء تأتي بأطفالهن، فلا يصح الاستدلال به على دخول الأطفال المسجد كما صرح ابن حجر وغيره من أهل العلم رحمهم الله، لكن إن أمن إزعاج الطفل وإيذاؤه وكان لابد من إحضاره فلا بأس في حضوره مع شدة ملاحظته وتعويده، على شعائر الإسلام.

أما إذا اضطرت المرأة إلى إحضار طفلها ولم تأمن إزعاجه وإيذاءه، للمُصلين فلا يجوز لها الحضور لأنها بذلك تكسب الإثم والوزر لا كما جاءت طلباً للمغفرة والأجر، بل الأفضل لها في جميع الأحوال – ولا سيما في هذه الحال – البقاء في البيت، روى الإمام أحمد في المسند قولهالقعدة : { خير مساجد النساء قعر بيوتهن } وأجمع الناس على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد.

14 – نظافة المسجد:

بعض الأخوات المسلمات المصليات لا يعتنين بنظافة المسجد، فيا أختي المسلمة حافظي على نظافة المسجد وكوني ممن ينظف المسجد فقد ثبت في ذلك الأجر العظيم. عن أنس قال: قال رسول اللهالقعدة : { عُرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد } [رواه أبو داود والترمذي]، قال ابن سلامة: ( في الحديث ترغيب في تنظيف المساجد مما يحصل فيها من القمامات القليلة ).

15 – صلاة الجنازة بالنسبة للمرأة:

بعض النساء إذا صُلي على جنازة بالمسجد لا تصلي عليها ظناً منها أن الصلاة محرمة مثل الزيارة للقبور، وهذا ليس صحيح، فإذا صُلي على جنازة فبادري بالصلاة عليها ولا يفوتك الأجر وهو القيراط – مثل جبل أحد من الأجر – كما ورد بذلك الحديث عن رسول الله أنه قالالقعدة: { من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان }، قيل: وما القيراطان؟ قالالقعدة: { مثل الجبلين العظيمين } [متفق عليه من حديث أبي هريرة].

16 – ماذا تفعل المرأة إذا سها الإمام؟:

المشروع للمرأة في هذه الحالة هو التصفيق ببطن كفها على الأخرى لقولهالقعدة : { إذا نابكم في صلاتكم شيء فليسبح الرجال وليصفق النساء } [متفق عليه من حديث سهل بن سعد].

17 – خروج النساء بعد صلاة التراويح:

بعض الأخوات اللاتي يحضرن إلى صلاة التراويح، لا ينتظرن حتى يخرج الرجال من المسجد، فتراهن يسرعن بالخروج مع الرجال، مما يؤدي إلى الاختلاط والزحام عند أبواب المسجد، فترى المرأة تتقدم بين الرجال لتبحث عن محرمها، أو عن سائقها الذي جاء بها. فينبغي للنساء أن يكن بعيدات عن الرجال، حتى لا يعرضن أنفسهن للفتنة، وأن تتأخر المرأة داخل المسجد حتى يخرج الرجال أو على العكس فتخرج المرأة قبل الرجال لما روت أم سلمة قالت: ( إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول اللهالقعدة ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله القعدةقام الرجال ) [رواه البخاري] قال الزهري: ( فنرى ذلك والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء ).


فينبغي على الإمام أن يأخذ بأحد هذين الأمرين وينبه المصلين والمصليات حتى يكون أبعد عن اختلاط النساء بالرجال.

18 – الخلوة مع السائق:

إن من الظواهر الخطيرة، والفتن العظيمة، التي ظهر خطرها وعظم ضررها، ما ابتُلي به بعض الناس في هذا الزمن من استقدام السائقين الأجانب لهذه البلاد، لغرض الخدمة في البيوت وقيادة السيارات وغيرها مما أدى إلى خلوة المرأة مع السائق، وهذا العمل محرم لما ورد عن ابن عباس قال: سمعت النبيالقعدة يخطب يقول: { لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم } فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجَّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، قالالقعدة: { انطلق فحج مع امرأتك }.

ومما يلاحظ في رمضان أن بعض النساء – هداهن الله – يحضرن إلى المسجد مع السائق لأداء صلاة التراويح مع الجماعة، ابتغاء الأجر من الله تعالى، وربما ركبت إحداهن في مقدمة السيارة مع السائق، وهذا له مخاطره العظمى.

فعلى المرأة أن تصلي في بيتها إذا لم يكن لديها محرم يأتي بها إلى المسجد، حيث إن صلاة المرأة في بيتها خير لها من أن تخرج مع السائق لأداء الصلاة في المسجد.

19 – ماذا لو حرمت عليك الصلاة وحرم عليك الصيام؟:

بعض النساء يكن على حالة حسنة في رمضان من الاجتهاد في الطاعة فإذا ما أتتها عادتها فترت وكسلت وتركت ما كانت عليه من نشاط، وهذا خطأ واضح؛ فطرق الخير كثيرة ولله الحمد: فالدعاء عبادة، والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة على النبي والاستغفار والصدقة وخدمة الصائمين وقراءة القرآن عن ظهر قلب – على الصحيح من أقوال أهل العلم – كل هذا من أنواع العبادة.

قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: ( يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن في أصح قولي العلماء لعدم ثبوت ما يدل على النهي عن ذلك، لكن بدون مس المصحف، ولهما أن يمسكاه بحائل كثوب طاهر وشبهه، وهكذا الورقة التي كتب فيها القرآن عند الحاجة لذلك ).

20 –
خروج النساء إلى الأسواق:

في العشر الأواخر من رمضان – خاصة – تمتلىء الأسواق بأفواج النساء وتكتظ الساحات العامة في الأسواق الرئيسة وسط زحام شديد.

تخرج النساء وقد انخدعن بالموضات والموديلات، فتخشى المرأة أن يخرج نوع من القماش في شهر رمضان، ولا تستطيع شراءه، أو يخرج موديل أو موضة معينة، ولم تأخذ بها. وهذا إسراف لا مبرر له وتبذير بلا تعقل وبلا تفكر، بالإضافة إلى ما يحدث من اختلاط لا مبرر له في الأسواق، ومحلات الاستهلاك، وسط أضواء الفتنة حيث السفور والاحتكاك المباشر بين الجنسين.

فآخر الشهر هو لشد المئزر لطاعة الله تعالى، لأن الأجر إنما يأخذه صاحبه عند نهاية عمله. فينبغي للأخت المسلمة أن تحرص في آخر الشهر على طاعة الله وقراءة القرآن، لا على الأسواق.

نسأل الله لنا ولهن التوفيق والسداد في دين الله، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
القعدة
القعدة
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

بارك الله فيك
القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bent bladha القعدة
القعدة
القعدة
بارك الله فيك
القعدة القعدة
و فيك البراكة الله
سررت بمرورك الطيب نورتينا بتواجدك العطرة

الله يبارك كاينا غير وحدة لي تصلي هنا ؟؟

بارك الله فيك