المكفوفون في الأدب العربي .البصيرة قبل البصر منقول من مجلة الرافد 2024.

القعدة المكفوفون في الأدب العربي…البصيرة قبل البصر ..منقول من مجلة الرافد

المكفوفون في الأدب العربي
البصيـرة قبل البصر
مجلة الرافد العدد : 171 -نوفنبر 2024 – ذو الحجة 1445

إن من أعظم نعم الله عز وجل التي امتنّ بها علينا نعمةَ البصر، وهل يستوي الأعمى والبصير؟
والدنيا ـ كما هو معلوم ـ دارُ ابتلاء وامتحان، قد يبتلي الله فيها الإنسانَ بفقد البصر، لكنه ـ جل وعلا ـ يعوّضه الجنة، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ، ثُمَّ صَبَرَ عَوَّضْتُهُ الْجَنَّةَ يُرِيدُ عَيْنَيْهِ(1).
مع ذلك تبقى البصيرةُ هي المقياسَ والأساس، فكثيرٌ من الناس لهم أعينٌ لا يبصرون بها، فيكون أعمى في هذه الدنيا }وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً{(2)، وتراه معرضاً عن ذكر الله، وربُّ العزة يقول :}وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{ (3).
وكثير من الناس من حُرم نعمة البصر، ونورَ العين، لكنه ما حُرم نورَ القلب، وذكاءَ العقل، وفصاحةَ اللسان، فابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما بعد ما ذهب بصرهُ يقول:
إنْ يأخُذِ الله مـن عينيَّ نُورَهُـما…
ففِي لِسانِي وقلبي مِنْهُما نـورُ
قلبي ذَكيٌّ وعَقلي غَيْرُ ذي دَخَلٍ…
وفي فمي صارمٌ كالسَّيفِ مأثورُ (4)
وفي نفس المعنى، بل بتوافقٍ في الشطر الأول من البيت الأول قال عز الدين أحمد بن عبد الدائم:
إن يُذهبِ الله من عينيّ نورَهما…
فإن قلبـي بصيـرٌ مـا به ضررُ
أرى بقـلبي دنيـاي وآخرتي…
والقلبُ يُدرك مـا لا يدرك البصرُ(5)
وأحدُ الخطباء المعاصرين كان أعمى، وسئل مرة :هل تجلس أمام التلفاز ؟، فأجاب: إن الله تبارك وتعالى أكرمني بفقد البصر حتى لا أرى ما يغضبه، ثم أنشأ يقول:
رأيت العمـــــى أجراً وذخــراً وعصمة
وإنــــــي إلى تلك الثلاث فقيــــرُ
يعيّرني الأعـــــــــداءُ والعيبُ فيهمُ
وليس بعيبٍ أن يُقــــــال ضريـــرُ
إذا أبصر المرءُ المـــــروءة والــــوفا
فإنّ عمى العينين ليس يَضيـــــــــر (6)

والشاعر الضريرُ نصر علي سعيد يرى أن كثيراً من المبصرين يمشون في درب الحياة بلا هدف ولا هدى، ويرى كثيراً من العميان متوهجين في بصيرتهم، ويملؤون الدنيا عطاءً، وها هو يبحث عن قلبٍ لا حرابَ فيه في زمن الذئاب البشرية يقول:
كـم من ضريرٍ مبصرٍ متوهّجٍ
يعطي ويعطي والمدى وهّابُ
وترى ألوف المبصرين بلا هدىً
لكأنـما فوق العيون حجابُ
وأسـيرُ في درب الحياة لعلَّني
أحظى بقلـبٍ ليس فيه حِراب
فالناس تنهش بعضها بشراهةٍ
لكأنهم ـ يـا ويلتاهُ ـ ذئابُ (7 )
ويأتينا الشاعرُ علي بن عبد الغني الحصريُّ بصورةٍ بديعة عندما جعل سوادَ العين يزيد سواد القلب، ليصبحا مجتمعين على الفهم والفطنة:
وقالوا قد عَميتَ فقلت: كلا…
وإني اليوم أبصَرُ من بصيرِ
سوادُ العين زاد سـوادَ قلبي …
ليجتمعا على فهم الأمورِ (8)
وقد يولد الإنسانُ أعمى، وقد يفقد بصرَه فيما بعد، فمن الحالة الأولى الشاعر بشار بن برد، حيث وُلد وهو أعمى بل حتى وهو جنين كما يقول، وأخذ يعلل ذلك بالذكاء، وأن ضياءَ العين عندما غاض أتى مرادفاً ورافداً للقلب، قال:
عَمِيتُ جنيناً والذَّكاءُ مـنَ العَمَى …
فجِئتُ عجيبَ الظَنِّ للعِلم موئلا
وغاضَ ضـياءُ العينِ للعلمِ رافـداً …
لقلبٍ إِذا ما ضيَّع الناسُ حَصَّلا
وشِعرٍ كَنَوْرِ الرَّوْضِ لاءَمْتُ بَـيْنَهُ …
بقولٍ إِذا ما أحزَنَ الشِّعرُ أَسْهلا (9)
ومن الحالة الثانية الشاعرُ صالح بنُ عبد القدوس، الذي فقد عينه فرثاها بأروع كلمات الرثاء، وأودع قصيدته التاليةَ روائع الحكم :
عزاءكِ أيهـا العـينُ السكوبُ …

ودمعك إنـها نُـوَبٌ تنوبُ
وكنتِ كريمتي وسـراجَ وجهي …
وكانت لي بـك الـدنيا تطيب
فإن أكُ قد ثكلتكِ فـي حياتي …
وفارقني بـك الإلف الـحبيبُ
فكلّ قــرينة لا بُـد يـوماً …
سيشعب إلـفَها عنها شـعوب
على الدنيا السلامُ فما لشـيخٍ…
ضريرِ العيـن في الدنيا نصيبُ
يموت المرءُ وهـــو يُعدّ حياً…
ويخلف ظنَّـه الأمـلُ الكذوب
يمنّيني الطبيبُ شــفاء عينـي…
ومـا غيـر الإله لهـا طبيب
إذا ما مات بعضك فابكِ بعضاً…
فإن البعض من بعضٍ قـريبُ(10)
وعندما نتأمل في شعر العميان نرى أن بعضهم أتى بصورٍ يعجز عنها المبصرون، مما يجعلنا في غاية التعجب! ونقول: كيف لو كان هذا الأعمى مبصراً؟!! وفارس هذا المضمار رهينُ المحبسين أبو العلاء المعريُّ، الذي كلما تحدث أحدٌ عن الشعر والعمى يخطر على البال، والذي عناه المتنبي ـ كما يقول ـ في بيته المشهور:
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كـلماتي من به صممُ
وحسبُك من وصفه قصيدتُه التي يصف فيها الليل وعروسه الزّنجية، ومنها:
قوله:
ليلتي هـذه عروسٌ من الزّنـ …
ج عليها قـلائدٌ مـن جمان
وسهيلٌ كوجنة الحبّ فـي اللو…
ن وقلب المحب فـي الخفقان
ثم شاب الدّجى وخاف من الهج…
ر فغطى المشيب بـالزعفران(11)
وكثيرةٌ هي الصور الفريدة البديعة التي أتى بها الشعراءُ العميان، والتي يعجز عنها المبصرون..
ونطرح سؤالاً هنا؟ هل الحب والعشق مقصور على المبصرين؟ والجواب: طبعاً لا، لأن العشق لا يميز بين أعمى وبصير، وما أروع قولَ بشار بن برد في هذا المجال:
يا قَوْمُِ أُذْنِي لِبَعْضِ الـحـيِّ عَـاشِقَةٌ
والأُذْنُ تَعْشَقُ قَبْـلَ العَيْنِ أَحْيَاناً
قَالُوا: بِمَنْ لاَ تَرَى تَهْذِي؟ فَقُلتُ لَهُمْ:
الأُذْنُ كاَلْعَيْنِ تُوفي القَلبَ مَا كانَا(12)
والإنسان يحب عادة فتاة حوراءَ عيناءَ، نجلاءَ كحلاءَ، فهل هناك من الشعراء من أحب فتاة عمياءَ؟!.
ويأتي الجواب أيضاً بأن الحب لا يعرف أعمى ولا بصيراً، فهذا الشاعر أحب امرأة عمياء، وأتى بتعليل لطيفٍ وهو أن محبوبته العمياءَ لا ترى الشيبَ عندما يلوح في فَوديه، يقول ابنُ قزل يتغزل في عمياء:
قالوا: تعـشّقتها عمـياءَ؟ قلـت لهم:…
ما شانـها ذاك فـي عيني ولا قدحا
بل زاد وجـديَ فيـها أنـها أبـداً…
لا تعرف الشيبَ في فَودي إذا وضحا
إن يجرحِ السيفُ مسلولاً فلا عجبٌ..
وإنما اعجبْ لسيف مغمدٍ جـرحا (13)
ونرى أن بعض الشعراء العميان حالتُهُم تُدمع العين، وتُحزن الفؤاد، فابن التعاويذي، يرى نفسه مقبوراً في منزله، ليلُه ونهارُه سواءٌ، وحالته تبكي العذول، وتُدمع العيون، يقول:
فها أنا كالمقبور في كسر منزلي…
سواءٌ صباحي عنده ومسائي
يرق ويبكي حاسدي ليَ رحمةً …
وبُعـداً لـها من رقةٍ وبكاء
وهكذا كنا في جولة سريعة مع من فقد بصره، ولا يزال نور شعره متوهّجا مدى الأيام، بل لا يزيده مرورُ الأيام إلا صقلا وجمالا وبهاء……….
وما علينا في الختام إلا أن نحمد الله على نعمه وآلائه، وعلى نعمة البصر العظيمة، ولكن ـ كما قلنا ـ البصرُ ليس كلَّ شيء فالأهمُّ البصيرة، ولا عجبَ عندما نرى في الدنيا بصيراً يسقط في حفرة، وأعمى يمشي بلا اصطدام، وما أروع ما قاله الشاعرُ إبراهيم علي بديوي:
قل للبصير وكان يحذر حفرةً
فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟
بل سـائل الأعـمى خطا بين الزَّحا
م بلا اصطـدامٍ: مــن يقود خطاكا؟
فاللهم متعْنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منّا، وارزقنا نعمة البصيرة المنيرة، والهديَ المستقيم، إنك سميع مجيب.
(1) ـ حديث صحيح، انظر شرح السنة للبغوي، ج 3، ص : 21
(2) ـ سورة الإسراء: 72
(3) ـ سورة طه: 124
(4) ـ كتاب الحيوان، الجاحظ، باب الشعر في الخصب والجدب، ج: 1، ص: 216
(5) ـ نكث الهميان في نكت العميان، الصفدي، ص:24، 25
(6) ـ آخر لقاء مع (20) عالماً ومفكراً إسلامياً، جمع وإعداد: محمد خير رمضان يوسف، ط: 1، 1445 هـ، 2024م، دار ابن حزم ص: 51
(7 ) ـ جريدة الفداء. عدد: 11957تاريخ: 15102017 م
(8) ـ نكث الهميان في نكت العميان، الصفدي، ص: 24
(9) ـ نور القبس، المرزباني، ج: 1 ص: 54
(10) ـ المستطرف من كل فن مستظرف: شهاب الدين محمد بن أحمد أبي الفتح الأبشيهي، ط: 3 دار صادر ص: 669 ـ 670
وانظر: ربيع الأبرار، الزمخشري، ج: 1 ص : 413
(11) ـ نصرة الثائر على المثل السائر، الصفدي ج: 1 ص: 44
(12) ـ خزانة الأدب، عبد القادر البغدادي، ج : 1 ص: 385
(13) ـ نكث الهميان في نكت العميان، الصفدي، ص :25
الكاتب : مصطفى قاسم عباس

https://www.arrafid.ae/arrafid/p19.html رابط المجلة
[/align]

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كـلماتي من به صممُ

حتى الاولاد الصغار تلقاهم حافظين هاد البيتينً

مرسسسسسسي

البصيرة النورانية 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

انظر للصحابة رضي الله عنهم أجمعين كيف حُلَّت مشكلاتهم على يد سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بالبصيرة النورانية التي أعطاها له مولاه {أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} وهذه البصيرة مع المؤمنين ومع من بعدهم فقال {أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} كل مؤمن له نصيبه من هذه البصيرة ليمشوا على المنهاج القويم والهدي الكريم والصراط المستقيم

فرأى صلي الله عليه وسلم أن إصلاح العالم ليس في كثرة الأموال ولا في كثرة المزروعات ولا في بعض الصناعات ولا في شاهق البنايات ولا تجهيز الجيوش المدربة بالأسلحة والمعدات إذاً فكيف يأتي الإصلاح يا سيدي يا رسول الله؟ قال بأن كل شخص في المجتمع معه شيء في صدره لو صلح هذا الشيء الذي فينا كلنا سوف تنصلح الدنيا ولكن إذا لم نصلح هذه المنطقة وهذا الأمر امتلأت الدنيا بالمشاكل والأرض أصبحت كلها فساد فسنحارب بعض ونقاتل بعض ويزيد الحقد منا على بعض ويزيد التنافس بيننا وبين بعض وتصير الحروب مستمرة ولن تنتهي

لكن كل المشاكل فيم يكمن حلها؟ {أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلا وَهِيَ الْقَلْبُ}[1] كل مؤمن له جسد صغير وجماعة المؤمنين يمثلون جسد آخر كبير{مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ تَدَاعَى سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى}[2] إذا احتاج عضو الكل يعاونه وإذا حزن أحد الكل يخفف عنه وإذا فرح أحد الكل يشاركه فرحته كلهم جسد واحد

فاجتهد صلي الله عليه وسلم بنور البصيرة وأعطانا هذا الحل أنا أقول هذا الكلام والأيام قادمة وسنرى أنه لا حل يصلح لمشاكلنا أو مشاكل بلدنا ولا مشاكل المسلمين إلا إذا رجعنا لهذا الحل الذي وضعه أمير الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وسلم ما رأيكم في الرجل الذي يتاجر حالياً ويترك سبعين أو ثمانين مليون جنيه وترك ثلاثة أو أربعة أولاد لم يتطهر فيهم القلب ولا الفؤاد؟ سيكونون راضين أم لا؟ لن يرضوا مع أنهم عندهم ما يكفيهم وليسوا محتاجين وعندهم الخير الكثير

إذاً العبرة ليست في الكثرة ولكن العبرة في القناعة والرضا بالمقسوم الذي قسمه الرزاق وهو الحي القيوم {ارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ}[3] هكذا حقاً فسيدنا رسول الله حل كل مشاكل هؤلاء بإصلاح القلب ما الذي يسبب المشاكل بين الناس ويفسد العلاقات من الأساس؟ الحقد المسطور في القلب والحسد إذا أصيب به القلب والأنانية إذا تسلطت على الإنسان والشح إذا سيطر على جنان الإنسان هذه هي المعضلات التي تسبب المشاكل في كل المجتمعات

إن لم نكن سنقضي على هذه الأمراض وتنتهي هذه الأعراض فلن تنتهي هذه المشاكل وسنظل كما نرى في خلافات ومشاكل وفرقة وتمزق وتشرذم في كل زمان ومكان وحتى القيم التي أتى بها لنا نبينا من الله وهي كانت البقية الباقية المحافظة على النسيج الاجتماعي ها نحن نذبحها وننهي عليها ونخرج الفردية والأنانية وأفعال الجاهلية التي قد أتت لنا

لأن الذي يحفظ المجتمع من أعمال الجاهلية القيم الإسلامية توقير الصغير للكبير وعطف الكبير على الصغير وبر الوالدين وصلة الأرحام وإعالة الأيتام هذه هي القيم الإسلامية التي أسس عليها حبيبنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم السلام المجتمع الإسلامي لكننا نريد حملة تطهير شاملة نريد أن نطهر المجتمع كله ليس من المجرمين ولكن من دوافع الشر من دوافع السلوك العدواني ومن دوافع السلوك السيئ الدوافع التي أشرنا إليها الآن وهي في القلب {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ}

وكلمة نزعنا دليل على أن هذه الصفات السيئة متمسكة ومتمكنة وتحتاج إلى قوة في اقتلاعها فلا تراخي ولا تهاون بل تحتاج إلى قوة في اقتلاع هذه الأوصاف التي بيَّن الله أن بسببها فسدت الأحوال في السموات والأرض فما الذي أخرج إبليس من الجنة؟ مرض الكِبر أصيب بمرض الكبر حيث أمره الله بالسجود لآدم فاستكبر ورفض فأخرجه الله من الجنة والنبي صلي الله عليه وسلم قال {لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ}[4]

ومرض الكبر في هذه الأيام زاد في النفوس عن الحد فالناس تقول طالما معي فلوس في جيبي وعندي كل شيء في بيتي فلست محتاجا لأحد ويقولون (الذي معه فلوس يدوس على الروس) لماذا؟ كلنا محتاجون لبعض فهل فينا واحد سيدخل الجنة إلا إذا صلى عليه أربعون من إخوانه المسلمين وشيعوه إلى مثواه الأخير فبم دخل الرجل الجنة؟ بشفاعة إخوانه قَالَ الْحَسَنُ {اسْتَكْثِرُوا مِنَ الأَصْدِقَاءِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ لَهُمْ شَفَاعَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[5]

كل رجل من المسلمين له شفاعة وربما أخ لا تنتبه له وربما تستهزئ الناس به لكن له كلمة مسموعة عند الله {كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ}[6] فيجب ألا تخاصم أحدا من المسلمين حتى تدخل في شفاعة هذا أو هذا فتكون ضمنت الفوز يوم الدين ليس بالأعمال لأنه لن يدخل أحد الجنة بعمله قال صلي الله عليه وسلم {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ بِعَمَلِهِ قِيلَ: وَلا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلا أَنَا إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ} وفي رواية {إِلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ}[7]

الناس تاهت في هذا الزمان عن الحق وتاهت عن ما ينفعها {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} إذاً فمن الذي سينفعني هنا؟ الصاحب الصالح الصادق الذي قال فيه الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} فها نحن متقين لله ألا يكفي هذا؟ لا ولكن لا بد من مصاحبة الصادقين ابحثوا عنهم وإياكم أن تتركوهم لأن الذي سيجلس معهم حتى ولو جاء في آخر المجلس أو أتى لحاجة يقول الله {هُمُ الْقَوْمُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ }[8] بدأ النبي صلي الله عليه وسلم مع أصحابه حتى طهرت قلوبهم لبعضهم فلا أحقاد ولا أحساد وطهرهم من الغل والشح والكره وكل الصفات التي تفسد المودة بين المؤمنين
[1] الصحيحين البخاري ومسلم وسنن ابن ماجة عن النعمان بن بشير [2] الصحيحين البخاري ومسلم ومسند الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه [3] سنن الترمذي وابن ماجة ومسند الإمام احمد عن أبي هريرة رضي الله عنه [4] صحيح مسلم وسنن الترمذي وأبي داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه [5] معالم التنزيل تفسير البغوي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه [6] صحيح البخاري وسنن الترمذي وأبي داود عن أنس رضي الله عنه [7] مسند الإمام أحمد وسنن البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه [8] صحيح مسلم وسنن الترمذي ومسند الإمام أحمد
أمراض الأمة وبصيرة النبوة

منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرة النبوة]

اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً

القعدة