هنا نستقبل مشاركاتكم 2024.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

هنا نستقبل مشاركاتكم

وفقكم الله

بسم الله الرحمن الرحيم

بارك الله فيكم على المسابقة ، نبدأ على بركة الله

البدعة في اللغة:
قال ابن فارس: (الباء والدال والعين أصلان: أحدهما ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال، والآخر: الانقطاع والكلال). [مقاييس اللغة: بدع]
والبدعة: الشيء المخترع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مّنَ ٱلرُّسُلِ} [الأحقاف:9]. [لسان العرب: بدع]
البدعة في الشرع:
قال الشافعيُّ: "والبدعة ما خالف كتابًا أو سُنة أو أثرًا عن بعض أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-" [إعلام الموقعين: 1/80].
قال العزُّ بن عبد السلام: "فعلُ ما لم يُعهد في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" [قواعد الأحكام: 2/172].
قال ابن الجوزي: "البدعة عبارة عن فعلٍ لم يكن؛ فابتدع". [تلبيس إبليس: ص 16]
قال ابن رجب: "والمراد بالبدعة: ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه، فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة". [جامع العلوم والحكم: 2/127].
قال الشاطبيُّ: "طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى". [الاعتصام: 1/51].
طريقة في الدين، الطريقة: ما أُعِدَّ للسير عليه، وقُيِّدت بالدين لأنَّ صاحبها يضيفها إليه.
مخترعة: أي جاءت على غير مثالٍ سابق، لا تعرف في الدين.
تضاهي الشرعية: تشبهها وليست منها.
يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد: لأنه المقصود منها
أيضا نعرف البدعة لغة وشرعًا
البدعة لغة: الشيء المخترع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ ٱلرُّسُلِ} [الأحقاف:9]، ومنه قول عمر رضي الله عنه: (نعمت البدعة)([1])، وقول الشافعيّ: "البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنّة فهو مذموم"([2]).
قال ابن رجب: "وأمّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنّما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لمّا جمع النّاس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: (نعمت البدعة هذه)"([3]).
والتعب والكلال ومنه أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أبدع بي فاحملني ([4])، فقال: ((ما عندي)) فقال رجل: يا رسول الله! أنا أدّله على من يحمله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله)) ([5]).
والبدعة شرعًا: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعيّة، يُقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى([6]).
(طريقة في الدين) الطريقة والطريق السبيل، وقيَّدت بالدين لأنَّها فيه تُخترع، وإليه يضيفها صاحبُها.
(مخترعة) أي طريقة ابتدعت على غير مثال سابق.
(تضاهي الشرعيّة) يعني: أنَّها تشابه الطريقة الشرعيَّة من غير أن تكون في الحقيقة كذلك؛ من التزام كيفيَّات وهيئات معيَّنة.
(يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى)؛ لأنّ أصل الدخول فيها يحثّ على الانقطاع إلى العبادة والترغيب في ذلك([7]).
قال ابن رجب: "فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة، والدين منه بريء"([8]).
وقال: "والمراد بالبدعة: ما أحدث ممّا لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأمّا ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة"([9]).
قال ابن حجر: "والمراد بقوله: ((كل بدعة ضلالة)) ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام"([10]).
مقارنة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي للبدعة:
المعنى اللغوي أعمّ من المعنى الشرعي، فالعلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق؛ إذ كل بدعة في الشرع يطلق عليها لغة أنها بدعة، وليس كل ما يطلق عليه في اللغة أنه بدعةٌ بدعةً في الشرع.
والبدعة في الشرع ملازمة لصفة الضلالة؛ للحديث الوارد: ((كل بدعة ضلالة))([11])، وأما البدعة بمعناها اللغوي فليست كلها ملازمة لوصف الضلالة.
ــــــــــــ
الهوامش:
([1]) أخرجه البخاري في صحيحه (2016).
([2]) انظر: فتح الباري (13/253).
([3]) جامع العلوم والحكم (128/12.
([4] ) جامع العلوم والحكم (2/128).
([5]) أخرجه مسلم (1893).
([6]) الاعتصام (1/37).
([7]) انظر: علم أصول البدع لعلي حسن (ص 24-25).
([8]) جامع العلوم والحكم (1/128).
([9]) جامع العلوم والحكم (2/127)
([10]) فتح الباري (13/254).
([11]) تقدم تخريجه (ص 1).
**************************
سؤال:
عن معنى البدعة وعن ضابطها؟ وهل هناك بدعة حسنة؟ وما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة"؟.

الجواب:
البدعة شرعًا ضابطها "التعبد لله بما لم يشرعه الله"، وإن شئت فقل: "التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا خُلفاؤه الراشدون" فالتعريف الأول مأخوذ من قوله تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]. والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي، عليه الصلاة والسلام،: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور"، فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه. أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعُرف فهذه لا تسمى بدعة في الدّين وإن كانت تُسمى بدعة في اللغة، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وليس في الدين بدعة حسنة أبدًا، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها أو يبعثها بعد تركها، أو يفعل شيئًا يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء:

الأول: إطلاق السنة على من ابتدأ العمل وبدل له سبب الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على التصدق على القوم الذين قدموا عليه صلى الله عليه وسلم وهم في حاجة وفاقة، فحثّ على التصدق فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي، عليه الصلاة والسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" فهذا الرجل سنَّ سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع.

الثاني: السُنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه سنّها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده.

الثالث: أن يفعل شيئًا وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا دخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". والله أعلم.

مصدر الفتوى: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين، 2/291، رقم الفتوى في مصدرها 346
*******
إياكم ومحدثات الأمور

الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الفضل وله الثناء الحسن وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وبعد.

قال الشيخ عبد الله حفظه الله:

فإن من المهم معرفة تحديد البدعة المذمومة حتى لا تلتبس بالبدعة الحسنة ولا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه المشوشون فإنهم لبَّسوا الأمور على الناس بقولهم عن الأمر الذي لا يعجبهم إنه بدعة ويحملون على ذلك حديث العرباض بن سارية: وإياكم ومحدثات الأمور فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة…الخ هذا الحديث الصحيح هؤلاء المشوشون يحملونه على اشياء ليست داخلة تحت هذا الحديث وإنما هي تدخل تحت حديث: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها…الخ الذي رواه مسلم وذاك الحديث رواه أبو داود والترمذي وكلا الحديثين صحيح الإسناد وإن كان حديث مسلم هذا: من سن في الإسلام سنة حسنة أقوى إسنادا من ذلك الحديث والحديثان ليس بينهما تعارض عند من يفهم، من فهم معنى البدعة التي ذمها رسول الله في قوله وكل بدعة ضلالة لا يُطبِّقُ ذلك على السنة الحسنة التي عناها رسول الله بقوله: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها فالقاعدة عند علماء الحديث وعلماء الأصول أنه إذا تعارض في الظاهر حديثان صحيحان يُجمع بينهما يُوفق بينهما يُفسر هذا تفسيرا لائقًا به ويفسر هذا تفسيرا لائقًا به فيكون كلا الحديثين معمولا بهما وهذا هو طريق أهل الحديث وأهل أصول الفقه، فمن الفهم الفاسد مَن يفهم من حديث: وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة أنه يشمل كل ما لم يفعله رسول الله فمن كان هذا فهمه فقد أفسد على الناس أمور دينهم وزاغ هو في حد نفسه زيغًا كبيرًا. فتعريف البدعة التي عناها رسول الله بقوله: وكل بدعة ضلالة ما أُحدث على خلاف الكتاب والسنة والإجماع ما أُحدث أي ما فعله الناس ولم يفعله رسول الله ولا أمر به وكان مخالفا للقرءان والحديث فهذا هو البدعة التي ذمها رسول الله بقوله: وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة هذا مَحْمِلُ هذا الحديث على هذا يُحمل هذا الحديث حديث: وكل بدعة ضلالة على ما أُحدث مما يُخالف الكتاب والسنة والإجماع ثم هذا أيضا إما محرّم وإما أكثر من مجرد التحريم فإنه قد تصل بعض البدع إلى الكفر ومن البدع ما يصل إلى الكراهة هذا تعريف البدعة المذمومة.

وأما البدعة التي سماها رسول الله: سنة حسن في حديث جرير بن عبد الله البجلي الذي رواه مسلم فهي ما أحدثه أهل العلم على وفاق القرءان والحديث والاجماع فمن هنا أحدث السلف والخلف أشياء لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت على وفاق القرءآن والحديث فعُدَّت سنة حسنة وتسمى بدعة حسنة وتسمى بدعة مستحبة، العلماء يطلقون عليها العبارات الثلاث بدعة حسنة وبدعة مستحبة وسنة حسنة من هذا نقط المصاحف، القرءان الكريم أملاه رسول الله على من كتب عنه الوحي القرءاني فلم ينقطوه كتبوه بغير نقط كذلك عثمان بن عفان في خلافته لما كتب ست نسخ أو خمس نسخ كانت غير منقوطة هذه المصاحف التي كتبها عثمان بن عفان وَوَجَّه بعضا منها إلى الأمصار كالبصرة ومكة واتخذ لنفسه واحدا منها هذه كانت غير منقوطة بعد ذلك نقط المصاحف رجل من التابعين يقال له يحيى بن يعمر رضي الله عنه وكان من العلماء المحدثين الثقات.

هذا الكتاب يذكر وهو كتاب معتمد معروف عند السلف والخلف اسمه كتاب المصاحف تأليف عبد الله ابن أبي داود هذا أبو داود الذي هو أحد أصحاب الكتب الستة له ابن يسمى عبد الله هو ألفه، هنا باب نقط المصاحف: حدثنا عبد الله قال حدثنا محمد بن عبد الله المخزومي قال حدثنا أحمد بن نصر بن مالك قال حدثنا الحسن بن الوليد عن هارون بن موسى قال: أول من نقط المصاحف يحيى بن يعمر أما إذا قيل لكم كيف يترك الرسول ما كتب عنه من القرءان غير منقوط؟ يقال لهم في ذلك حكمة وهي أن القرءان أنزل على الرسول بعدة أوجه اللفظ الواحد الرسول قرأه مرة بالتاء ومرة بالياء ومرة بلفظ المفرد ومرة بلفظ الجمع [يعملون] ببعض المواضع الرسول قرأ يعملون بالياء ثم قرأ أيضا بالتاء [تعملون] فلما كتب غير منقوط صار صالحا بأن يُقرأ بالياء وبأن يُقرأ بالتاء ونحو ذلك من الحكم لهذا كتب من لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منقوط كذلك عثمان بن عفان كتب تلك المصاحف أي استنسخها بغير تنقيط يُقال نَقَّط ويقال نَقَطَ كِلا الوجهين صحيح، ثم أصحاب رسول الله الذين كانوا عندما نقط يحيى بن يعمر المصاحف ما اعترضوا عليه بل رضوا بذلك وأعجبهم لأن فيه تسهيلا على الناس ثم كان الاعتماد في القراءة عند الصحابة وكذلك التابعون على التلقي الشفوي هذا يتلقى من أصحاب رسول الله في هذه القراءة وءاخر يتلقى القرءان بالقراءة الثانية وهذا يتلقى بالقراءتين من استاذه الذي أقرأه القرءان كان اعتمادهم على التلقي الشفوي كانوا يعتمدون على الحفظ لذلك الذي يعتمد في القراءة على المصحف لا يُسمى مقرئا ولا قارئا يُسمى مُصحفيا فرقا بين الذي تلقى من أهل المعرفة من أهل التجويد كما تُلقيَ من لفظ رسول الله فرقا بينه وبين الذي يقرأ في المصحف بدون تلقي يتلقى الشىء القليل منه خمس سور أو ستة سور من القصار أو نحو ذلك ثم ما سوى ذلك يتخذ المصحف مقرئا له هذا الذي يُسمونه مصحفي لا يسمونه مقرئا كذلك في الحديث الذي يتلقى من أفواه أهل المعرفة ثم يضبطه كتابا على النسخة الأصلية هذا يُسمى محدثا أما الذي يعتمد على المطالعة في المؤلفات في الحديث من غير تلقي من أفواه أهل المعرفة أو القراءة عليهم، كانت عادة علماء الحديث إما أن يسمع الحديث من الذي سمع من رسول الله ثم الآخر يتلقى من الذي سمع مِن مَن سمع من أصحاب رسول الله ثم الذي بعده كذلك يتلقى من هذا الذي تلقى مِن مَن تلقى من أصحاب رسول الله وهكذا، هذا الذي أخذ الحديث بالتلقي سَماعا من لفظ المحدث أو المحدثُ يُعطيه كتابه الذي ضبطه الذي دَوَّنَ فيه أحاديثه التي رواها مِن مَن تلقى عنهم يُعطيه يقرأ في هذا على هذا المحدث يقرأ فإن وجد منه غلطا يرده. وبعضهم كانوا يستنسخون من هذه الأصول التي عند المحدثين ثم يعرضونها على الأصل على النسخة الأصلية فيعتمدون عليها بعد ذلك، فمن كان تلقيه لعلم الحديث على هذه الطريقة يُقال له محدث أما من لم يكن على هذه الطريقة إنما اشترى كُتُبا ثم طالع بنفسه هذا يُقال له الصحفيٌّ لا يُسمى محدثا.

ثم حصل من أصحاب رسول الله غيرُ هذا مما هو سُنة حسنة ويُقال له بدعة مستحبة وبدعة حسنة ما حصل من بعض الصحابة وهو أن أحد أصحاب رسول الله يُقال له خبيب وهو من الأنصار من أهل المدينة، الكفار كفار مكة قبل أن يفتح رسول الله مكة لما كان المشركون هم متغلبين على مكة كان لهم ثأر منه لأنه قتل بعض أقرباء هؤلاء الكفار كفار مكة في الجهاد فأسره الكفار قتلوه صبرا أي أسيرا وهو أسير مأسور في أيديهم قتلوه عندما ساقوه للقتل قال لهم أمهلوني حتى أصلي ركعتين فصلى ركعتين، قال أبو هريرة رضي الله عنه: فكان خبيب أول من سن الصلاة عند القتل معناه قبل خبيب ما أحد فعل هذا الفعل وهو صلاة ركعتين عند القتل ولا قال رسول الله لأصحابه إذا قدمكم الكفار للقتل فصلوا ركعتين لم يقل الرسول ما أخذه من قول رسول الله من نص رسول الله إنما خبيب وجد هذا الأمر موافقا للقرءان والحديث فرضي به، فهذا الفعل الصحابة أٌعجبوا به من غير أن يكون قال الرسول لأصحابه إذا قدمكم المشركون للقتل فصلوا ركعتين من غير أن يكون سبق من رسول الله ذلك من غير أن يكون سبق منه هذا القول هو فعله هذا الصحابي رضي الله عنه هذا من جملة السنة الحسنة والبدعة التي تسمى البدعة الحسنة والبدعة المستحبة.

فمن هذه الحادثة حادثة صلاة خبيب رضي الله عنه ركعتين عندما قُدم للقتل وحادثة تنقيط المصاحف التي أول من فعلها يحيى بن يَعمر يُعْلَمُ بطلان قول هؤلاء لما يُنكرون على الناس أشياء هي من البدع الحسنة هذا ما فعله الرسول، هذا ما فعله الرسول ليشوشوا بذلك على الناس، هؤلاء إذا أردتم أن تُبكـتوهم قولوا لهم هذه المصاحف التي تتخذونها منقوطة أم غير منقوطة؟ فإن قالوا منقوطة هذا التنقيط ما فعله الرسول ما قال للذين كتبوا من لفظه نقطوها ما قال ولا الصحابة فعلوا ذلك فهذا الشئ لم يفعله الرسول ولا أمر به نصا وأنتم لا نراكم تتجنبون هذه المصاحف بل تستعملونها وتتخذونها في بيوتكم فإن كنتم صادقين فابدؤا بكشط المصاحف، إزالة النقط عنها، وأسماء السور أيضا في أوائل السور، أسماء السور ما كانت مكتوبة في مصاحف عثمان ما كتب في أول البقرة سورة البقرة، في أول ءال عمران ما كان مكتوبا في تلك المصاحف التي كتبها الصحابة كل هذا أزيلوه جردوا القرءان من كل هذا من النقط ومن أسماء السور ومن الإعراب كذلك، كانوا أول ما فعلوا بعض الأعمال في المصحف كانوا بين ءاية وءاية ثلاث نقط كانوا يضعون ثم بعد ذلك تحولوا إلى وضع دائرة مع الأرقام، كذلك لم تكن في مصاحف الصحابة كتابة عدد ءايات السورة أما اليوم هذه المصاحف فيها التنقيط فيها ذكر أنها مدنية أو مكية وفيها أشياء أخرى وفيها التعشير أي وضع علامة على كل عشر ءايات، كذلك علامة على كل حزب وعلى كل جزء ورقم الصفحة كل هذا ما كان أيام الرسول ما فعله الرسول ما أمر بفعل ذلك.
أرجوا أني وفقت في بحثي هذا ، مشكورين على المسابقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أقدم لكم بحثي ومشكورين جزيل الشكر على المسابقة

وربي يبارك فيكم

حمل البحث من هنا|-)
https://file6.9q9q.net/Download/51638…—–.doc.@@@@

السلام عليكم و رحمة الله

البدعة هي ما لم يكن له دليل من الكتاب والسنة من الأشياء التي يُتقرب بها إلى الله.

تعريف البدعة لغة وشرعًا

البدعة لغة: الشيء المخترع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مّنَ ٱلرُّسُلِ} [الأحقاف:9]، ومنه قول عمر رضي الله عنه: (نعمت البدعة)([1])، وقول الشافعيّ: "البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنّة فهو مذموم"([2]).
قال ابن رجب: "وأمّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنّما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر رضي الله عنه لمّا جمع النّاس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: (نعمت البدعة هذه)"([3]).
والتعب والكلال ومنه أنّ رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أبدع بي فاحملني ([4])، فقال: ((ما عندي)) فقال رجل: يا رسول الله! أنا أدّله على من يحمله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله)) ([5]).
والبدعة شرعًا: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعيّة، يُقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى([6]).
(طريقة في الدين) الطريقة والطريق السبيل، وقيَّدت بالدين لأنَّها فيه تُخترع، وإليه يضيفها صاحبُها.
(مخترعة) أي طريقة ابتدعت على غير مثال سابق.
(تضاهي الشرعيّة) يعني: أنَّها تشابه الطريقة الشرعيَّة من غير أن تكون في الحقيقة كذلك؛ من التزام كيفيَّات وهيئات معيَّنة.
(يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى)؛ لأنّ أصل الدخول فيها يحثّ على الانقطاع إلى العبادة والترغيب في ذلك([7]).
قال ابن رجب: "فكل من أحدث شيئًا ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه فهو ضلالة، والدين منه بريء"([8]).
وقال: "والمراد بالبدعة: ما أحدث ممّا لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأمّا ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعًا، وإن كان بدعة لغة"([9]).
قال ابن حجر: "والمراد بقوله: ((كل بدعة ضلالة)) ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام"([10]).
مقارنة بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي للبدعة:
المعنى اللغوي أعمّ من المعنى الشرعي، فالعلاقة بينهما العموم والخصوص المطلق؛ إذ كل بدعة في الشرع يطلق عليها لغة أنها بدعة، وليس كل ما يطلق عليه في اللغة أنه بدعةٌ بدعةً في الشرع.
والبدعة في الشرع ملازمة لصفة الضلالة؛ للحديث الوارد: ((كل بدعة ضلالة))([11])، وأما البدعة بمعناها اللغوي فليست كلها ملازمة لوصف الضلالة.

***************************

ما حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ وهل يصح لمن رأى هذا التقسيم أن يحتج بقول الرسول: "من سن سنة حسنة في الإسلام…" الحديث، وبقول عمر: "نعمت البدعة هذه…"؟ نرجو في ذلك الإفادة، جزاكم الله خيرًا.
ليس مع من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة دليل؛ لأن البدع كلها سيئة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" [رواه النسائي في "سننه" (3/188 ـ 189) من حديث جابر بن عبد الله بنحوه، ورواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) بدون ذكر: ((وكل ضلالة في النار)) من حديث جابر بن عبد الله. وللفائدة انظر: "كتاب الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة رحمه الله تعالى (ص93) وما بعدها].

وأما قوله صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704 ـ 705) من حديث جرير بن عبد الله]، فالمراد به: من أحيا سنة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك بمناسبة ما فعله أحد الصحابة من مجيئه بالصدقة في أزمة من الأزمات، حتى اقتدى به الناس وتتابعوا في تقديم الصدقات.

وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه"[رواه البخاري في "صحيحه" (2/252) من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري]؛ فالمراد بذلك البدعة اللغوية لا البدعة الشرعية؛ لأن عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح، وصلاة التراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم[انظر: "صحيح البخاري" (2/252) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وبقي الناس يصلونها فرادى وجماعات متفرقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيا عمر تلك السنة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيعتبر فعله هذا بدعة لغوية لا شرعية؛ لأن البدعة الشرعية محرمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع [للفائدة: انظر: كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة (ص 93 ـ 95)].

مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/171، رقم الفتوى في مصدرها: 94.

****************************** *

عن معنى البدعة وعن ضابطها؟ وهل هناك بدعة حسنة؟ وما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة"؟.

البدعة شرعًا ضابطها "التعبد لله بما لم يشرعه الله"، وإن شئت فقل: "التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا خُلفاؤه الراشدون" فالتعريف الأول مأخوذ من قوله تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]. والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي، عليه الصلاة والسلام،: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور"، فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه. أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعُرف فهذه لا تسمى بدعة في الدّين وإن كانت تُسمى بدعة في اللغة، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وليس في الدين بدعة حسنة أبدًا، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها أو يبعثها بعد تركها، أو يفعل شيئًا يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء:

الأول: إطلاق السنة على من ابتدأ العمل وبدل له سبب الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على التصدق على القوم الذين قدموا عليه صلى الله عليه وسلم وهم في حاجة وفاقة، فحثّ على التصدق فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي، عليه الصلاة والسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" فهذا الرجل سنَّ سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع.

الثاني: السُنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه سنّها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده.

الثالث: أن يفعل شيئًا وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا دخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". والله أعلم.

مصدر الفتوى: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين، 2/291، رقم الفتوى في مصدرها: 346.

****************************** *********

ذكرتم فضيلتكم أن كل بدعة ضلالة، وأنه ليس هناك بدعة حسنة، والبعض قسم البدعة إلى خمسة أقسام: بدعة واجبة، وبدعة مندوبة، وبدعة محرمة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة؛ فما هو الرد على هؤلاء؟

الرد أن هذه فلسفة وجلد مخالفان لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "كل بدعة ضلالة" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/592) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو جزء من حديث طرفه: "كان رسول الله ص إذا خطب…".]، وهم يقولون: ما كل بدعة محرمة! فهذه فلسفة في مقابل كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وتعقيب على كلامه.

أما ما ذكروه من بعض الأمثلة وأنها بدعة حسنة؛ مثل جمع القرآن ونسخ القرآن؛ فهذه ليست بدعة، هذه كلها تابعة لكتابة القرآن، والقرآن كان يكتب ويجمع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه متممات للمشروع الذي بدأه الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فهي داخلة فيما شرعه.

كذلك ما قالوه من بناء المدارس، هذا كله في تعليم العلم، والله أمر بتعليم العلم، وإعداد العدة له، والرسول أمر بذلك؛ فهذا من توابع ما أمر الله به.

لكن البدعة هي التي تحدث في الدين، وهي ليست منه؛ كأن يأتي بعبادة من العبادات ليس لها دليل من الشرع، هذه هي البدعة.

مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/176، رقم الفتوى في مصدرها: 97.

****************************** ******

أخذ الناس يبتدعون أشياء ويستحسنونها، وذلك أخذًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "من سن سنة حسنة في الإسلام؛ فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة…" إلى آخر الحديث؛ فهل هم محقون فيما يقولون؟ فإن لم يكونوا على حق؛ فما مدلول الحديث السابق ذكره؟ وهل يجوز الابتداع بأشياء مستحسنة؟ أجيبونا عن ذلك أثابكم الله.

البدعة هي ما لم يكن له دليل من الكتاب والسنة من الأشياء التي يُتقرب بها إلى الله.

قال عليه الصلاة والسلام: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" [رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (ج3 ص167) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وفي رواية: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (ج3 ص1343 ـ 1344) من حديث عائشة رضي الله عنها].

وقال عليه الصلاة والسلام: "وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" [رواه الإمام أحمد في "مسنده" (4/126، 127)، ورواه أبو داود في "سننه" (4/200)، ورواه الترمذي في "سننه" (7/319، 320)؛ كلهم من حديث العرباض بن سارية].

والأحاديث في النهي عن البدع والمحدثات أحاديث كثيرة ومشهورة، وكلام أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم من المحققين كلام معلوم ومشهور وليس هناك بدعة حسنة أبدًا، بل البدع كلها ضلالة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "وكل بدعة ضلالة".

فالذي يزعم أن هناك بدعة حسنة يخالف قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة"، وهذا يقول: هناك بدعة ليست ضلالة! ولا شك أن هذا محادٌ لله ولرسوله.

أما قوله صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها" [رواه الإمام مسلم في "صحيحه" (2/704، 705) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه]؛ فهذا لا يدل على ما يقوله هؤلاء؛ لأن الرسول لم يقل من ابتدع بدعة حسنة، وإنما قال: "من سن سنة حسنة"، والسنة غير البدعة، السنة هي ما كان موافقًا للكتاب والسنة، موافقًا للدليل، هذا هو السنة؛ فمن عمل بالسنة التي دل عليها الكتاب والسنة؛ يكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ يعني: من أحيا هذه السنة وعلمها للناس وبينها للناس وعملوا بها اقتداءً به؛ فإنه يكون له من الأجر مثل أجورهم، وسبب الحديث معروف، وهو أنه لما جاء أناس محتاجون إلى النبي صلى الله عليه وسلم من العرب، عند ذلك رق لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأصابه شيء من الكآبة من حالتهم، فأمر بالصدقة وحث عليها، فقام رجل من الصحابة وتصدق بمال كثير، ثم تتابع الناس وتصدقوا اقتداءً به؛ لأنه بدأ لهم الطريق، عند ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة؛ فله أجرها وأجر من عمل بها"؛ فهذا الرجل عمل بسنة، وهي الصدقة ومساعدة المحتاجين، والصدقة ليست بدعة؛ لأنها مأمور بها بالكتاب والسنة، فهي سنة حسنة، من أحياها وعمل بها وبينها للناس حتى عملوا بها واقتدوا به فيها؛ كان له من الأجر مثل أجورهم.

مصدر الفتوى: المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، 1/173، رقم الفتوى في مصدرها: 96.

****************************** *******

نطلب من الأخ علي أبو عبد الرحمان و الأخت الفقيرة إلى الله أن لا يأخدوا بعين الإعتبار شرط أن يكون البحث غير مطول و هذا نظرا لأهمية الموضوع وخاصة في عصرنا و ما ظهر فيه من فساد وبدع ونظرا للإختلاف القائم بين العلماء في الفصل في هذا الباب بارك الله فيكما وجزاكم ألف خير إن شاء الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وأصل مادة " بدع " للاختراع على غير مثال سابق ، ومنه قول الله تعالى
{ َبدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [ البقرة : 117 ]
أي مخترعهما من غير مثال سابق متقدم ، وقوله تعالى : { مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ}
[ الأحقاف : 9 ] أي ما كنت أو من جاء بالرسالة من الله إلى العباد بل تقدمني كثير من الرسل ، ويقال ابتدع فلان بدعة يعني ابتدأ طريقة لم يسبقة إليها سابق . وهذا أمر بديع ، يقال في الشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن ، فكأنه لم يتقدمه ما هو مثله ولا ما يشبهه .

ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة ، فاستخراجها للسلوك عليها هو الابتداع ، وهيئتها هي البدعة وقد يسمى العلم المعمول على ذلك الوجه بدعة ، فمن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة ، وهو إطلاق أخص منه في اللغة حسبما يذكر بحول الله .

ثبت في علم الأصول أن أحكام المتعلقة بأفعال العباد وأقوالهم ثلاثة :
1- حكم يقتضيه معنى المر ، كان للإيجاب أو الندب .
2- حكم يقتضيه معنى النهي ، كان للكراهة أو التحريم .
3- حكم يقتضيه معنى التخيير ، وهو الإباحة .
فأفعال العباد وأقوالهم ، لا تعدو هذه الأقسام الثلاثة : مطلوب فعله ومطلوب تركه ، ومأذون في فعله وتركه . والمطلوب تركه لم يطلب تركه إلا لكونه مخالفاً للقسمين الأخيرين لكنه على ضربين :
أحدهما : أن يطلب تركه وينهي عنه لكونه مخالفة خاصة مع مجرد النظر عن غير ذلك ، وهو إن كان محرماً سمي فعلاً معصية وإثماً ، وسمي فاعله عاصياً وآثماً وإلا لم يسم بذلك ، ودخل في حكم العفو حسبما هو مبين في غير هذا الموضوع ، ولا يسمى بحسب الفعل جائزاً ، لأن الجميع بين الجواز والنهي ، جمع بين متنافيين .
والثاني : أن يطلب تركه وينهي عنه لكونه مخالفاً لظاهر التشريع من جهة ضرب الحدود ، وتعيين الكيفيات ، والتزام الهيئات المعنية أو الأزمنة المعنية مع الدوام ونحو ذلك .

وهذا هو الابتداع والبدعة ، ويسمى فاعله مبتدعاً ، فالبدعة إذن : عبارة عن طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية بقصد السلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى ، وهذا على رأي من لا يدخل العادات في معنى البدعة ، وإنما يخصها بالعبادات ، وأما على رأي من أدخل الأعمال العادية في معنى البدعة فيقول : البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية ولا بد من بيان ألفاظ هذا الحد . فالطريقة ، والطريق والسبيل والسنن هي بمعنى واحد وهو ما رسم للسلوك علية وإنما قيدت بالدين لأنها فيه تخترع وإليه يضيفها صاحبها وأيضاً فلو كانت طريقة مخترعة في الدنيا على الخصوص لم تسم بدعة كإحداث الصنائع والبلدان التي لا عهد بها فيما تقدم .

ولما كانت الطرائق في الدين تنقسم – فمنها ماله أصل في الشريعة ومنها ما ليس له أصل في الشريعة . خص منها ماهو المقصود بالحد وهو القسم المخترع ، أي طريقة ابتدعت على غير مثال تقدمها من الشارع ، إذ البدعة إنما خاصتها أنها خارجة عما رسمه الشارع ، وبهذا القيد انفصلت عن كل ما ظهر لبادي الرأي أنه مخترع مما هو متعلق بالدين ، كعلم النحو والتصريف ومفردات اللغة وأصول الفقه وأصول الدين ، وسائر العلوم الخادمة للشريعة .فإنها وإن لم توجد في الزمان الأول فأصولها موجود في الشرع ، إذا لأمر بإعراب القرآن منقول ، وعلوم اللسان هادية للصواب في الكتاب والسنة فحقيقتها إذاً أنها فقه التعبد بالألفاظ الشرعية الدالة على معانيها كيف تأخذ وتؤدى .
وأصول الفقه إنما معناها استقراء كليات الأدلة حتى تكون عند المجتهد نصب عين وعند الطالب سهلة الملتمس . وكذلك أصول الدين ، وهو علم الكلام ، إنما حاصلة تقرير لأدلة القرآن والسنة أو ما ينشأ عنها في التوحيد وما يتعلق به ، كما كان الفقه تقريراً لأدلتها في الفروع العبادية .

أن صاحب البدعة إنما يخترعها ليضاهي بها السنة حتى يكون ملبساً بها على الغير ، أو تكون هي مما تلتبس عليه بالسنة ، إذ الإنسان لا يقصد الاستتباع بأمر لا يشابه المشروع ، لأنه إذ ذاك لا يستجلب به في ذلك الابتداع نفعاً ولا ضرراً ، ولا يجيبة غيرة إليه .
ولذلك تجد المبتدع ينتصر لبدعته بأمور تخيل التشريع ولو بدعوى الاقتداء بفلان المعروف منصبة في أهل الخير .
إن النفوس قد تمل وتسأم من الدوام على العبادات المرتبة ، فإذا جدد لها أمر لا تعهده ,حصل بها نشاط آخر لا يكون لها مع البقاء على الأمر ، لذلك قالوا : ( لكل جديد لذة ) بحكم هذا المعنى ، كمن قال : (( كما تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور ، فكذلك تحدث لهم مرغبات في الخير بقدر ما حدث لهم من الفتور )) .
وفي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه : { فيوشك قائل أن يقول ما هم بمتبعي فيتبعوني وقد قرأتك القرآن فلا يتبعني حتى ابتدع لهم فإن ما ابتدع ضلالة } [ أخرجه أو داود 4611 ]
وقد تبين بهذا القيد أن البدع لا تدخل في العبادات فكل ما اخترع من الطرق في الدين مما يضاهي المشروع ولم يقصد به التعبد فقد خرج عن هذه التسمية ، كالمغارم الملزمة على الأموال وغيرها

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
تقدم بهذا البحث الموجز الذي ارجو ان يفيد الجمع الذي يقراه قبل كل شيء.
و ما توفيقي الا بالله رب العالمين.
البدعة في الشرع المطهر هي كل عبادة أحدثها الناس ليس لها أصل في الكتاب ولا في السنة ولا في عمل الخلفاء الأربعة الراشدين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : القعدة من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد القعدة متفق على صحته ، وقوله صلى الله عليه وسلم : القعدة من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد القعدة أخرجه مسلم في صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه . القعدة فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة القعدة رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة بسند صحيح ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة .

وتطلق البدعة في اللغة العربية على كل محدث على غير مثال سابق ، لكن لا يتعلق بها حكم المنع إذا لم تكن من البدع في الدين ، أما في المعاملات فما وافق الشرع منها فهو عقد شرعي ، وما خالفه فهو عقد فاسد ، ولا يسمى بدعة في الشرع . لأنه ليس من العبادة .
قسَّم الشيخ النووي رحمه الله في شرحه موضوع البدعة إلى خمسة أقسام :
( 1 ) بدعة واجبة . ومثالها : نظم أدلة المتكلمين على الملاحدة .
( 2 ) المندوبة . ومثالها : تصنيف كتب العلم .
( 3 ) المباحة . مثالها : التبسط في ألوان الطعام .
( 4 ) ( 5 ) الحرام والمكروه . وهما واضحان .
والسؤال : يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : القعدة كل بدعة ضلالة القعدة أرجو توضيح ذلك مع ما يقصده الشيخ النووي رحمه الله . بارك الله فيكم .
ج1 : هذا الذي نقلته عن النووي في تقسيمه البدعة إلى خمسة أقسام قد ذكره جماعة من أهل العلم ، وقالوا : إن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة : واجبة ومستحبة ، ومباحة ، محرمة ، مكروهة . وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن البدعة كلها ضلالة وليس فيها تقسيم بل كلها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ضلالة ، قال عليه الصلاة والسلام القعدة كل بدعة ضلالة القعدة هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ومنها ما رواه مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول في خطبته : القعدة أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة القعدة وجاء في هذا المعنى عدة أحاديث من حديث عائشة ومن حديث العرباض بن سارية وأحاديث أخرى ،
وهذا هو الصواب ، أنها لا تنقسم إلى هذه الأقسام التي ذكر النووي وغيره بل كلها ضلالة ، والبدعة تكون في الدين لا في الأمور المباحة ، كالتنوع في الطعام على وجه جديد لا يعرف في الزمن الأول ، فهذا لا يسمى بدعة من حيث الشرع المطهر وإن كان بدعة من حيث اللغة ، فالبدعة في اللغة هي الشيء المحدث على غير مثال سبق ، كما قال عز وجل القعدة بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ القعدة يعني مبتدعها وموجدها على غير مثال سابق ، لكن لا يقال في شيء أنه في الشرع المطهر بدعة إلا إذا كان محدثا لم يأت في الكتاب والسنة ما يدل على شرعيته ، وهذا هو الحق الذي ارتضاه جماعة من أهل العلم وقرروه وردوا على من خالف ذلك .
أما تأليف الكتب وتنظيم الأدلة في الرد على الملحدين وخصوم الإسلام فلا يسمى بدعة؛ لأن ذلك مما أمر به الله ورسوله وليست ذلك بدعة ، فالقرآن الكريم جاء بالرد على أعداء الله وكشف شبههم بالآيات الواضحات ، وجاءت السنة بذلك أيضا بالرد على خصوم الإسلام ، وهكذا المسلمون من عهد الصحابة إلى عهدنا هذا . فهذا كله لا يسمى بدعة بل هو قيام بالواجب وجهاد في سبيل الله وليس ببدعة ، وهكذا بناء المدارس والقناطر وغير هذا مما ينفع المسلمين لا يسمى بدعة من حيث الشرع؛ لأن الشرع أمر بالتعليم ، فالمدارس تعين على التعليم ، وكذلك الربط للفقراء؛ لأن الله أمر بالإحسان إلى الفقراء والمساكن ، فإذا بني لهم مساكن وسميت ربطا فهذا مما أمر الله به ، وهكذا القناطر على الأنهار ، كل هذا مما ينفع الناس وليس ببدعة ، بل هو أمر مشروع ، وتسميته بدعة إنما يكون من حيث اللغة؛ كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح لما جمع الناس على إمام واحد وقال : ( نعمت البدعة هذه ) ، مع أن التراويح سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وحث عليها ورغب فيها ، فليست بدعة بل هي سنة ، ولكن سماها عمر بدعة من حيث اللغة؛ لأنها فعلت على غير مثال سابق؛ لأنهم كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده يصلون أوزاعا في المسجد ليسوا على إمام واحد ، هذا يصلي مع اثنين وهذا يصلي مع ثلاثة ، وصلى بهم النبي عليه السلام ثلاث ليال ثم ترك وقال : القعدة إني أخشى أن تفرض عليكم صلاة الليل القعدة فتركها خوفا على أمته أن تفرض عليهم ، فلما توفي صلى الله عليه وسلم أُمن ذلك ، ولذا أمر بها عمر رضي الله عنه .
فالحاصل أن قيام رمضان سنة مؤكدة وليست بدعة من حيث الشرع . وبذلك يعلم أن كل ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله فإنه يسمى بدعة وهي بدعة ضلالة ، ولا يجوز فعلها ، ولا يجوز تقسيم البدع إلى واجب وإلى سنة وإلى مباح . . . إلخ؛ لأن ذلك خلاف الأدلة الشرعية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق إيضاح ذلك . والله ولي التوفيق .

أختي الفاضلة نزولا عند رغبتك كان الموضوع غير مطول ونزولا عند رغبتك ثانية ها هي الأمثلة في الخاتمة، والله المستعان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد
فاعلم أن أول من أصل في البدع هو الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه الاعتصام ، وكل من جاء بعده عالة عليه، رحمة الله على كل العلماء.
ثم أما بعد:
الفصل الأول : تعريف البدعة :
المبحث الأول : لغة : إحداثُ شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة وقيل الاختراع على غير مثال سابق كما قال تعالى "قل ما كنت بدعا من الرسل" أي لست أول من جاء بالرسالة من عند الله وفي تعريف آخر بدع الشيء يبدعه بَدْعًا وابتدعه: أنشأه وبدأه، والبدعة: الحدث، وما ابتدع من الدين بعد الإكمال ومن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة ، وهذا مجمل ما جاء في تعريفها.(انظر قواميس اللغة كلمة بَدَعَ)
المبحث الثاني : اصطلاحا : قال الشاطبي : "هي طريقة مخترعة في الدين تضاهي الطريقة الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله" ، وإضافتها للدين من قبيل المقيد ، إذ لو كانت في أمور الدنيا فهي اختراع جائز كاتخاذ السجون، والأكل بالملاعق والشوكة … أما ما يتعلق به الخطاب الشرعي، فيتعلق به الابتداع.
تضاهي الطريقة الشرعية من غير أن تكون كذلك لأن صاحبها يضاهي بها السنة حتى يكون ملبسا بها على الغير أو تكون هي ما تتلبس عليه بالسنة ، وأما المبالغة في التعبد لله فهي الحث على الانقطاع للعبادة والترغيب في ذلك ولها أوجه، منها ما يحدث في بعض المساجد من التزام كيفية أو هيئة معينة للذكر بصوت واحد، وتخصيص يوم عاشوراء بأكل معين أو ذكر معين، والاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم. ومنها التزام عبادات معينة في أوقات معينة ، كالتزام إخراج الزكاة في عاشوراء وقد حال الحول قبل ذلك. ويخرج بالقيد العادة. أما سائر العلوم الخادمة للشريعة كالنحو والصرف وغيرها فإنَّها وإن لم توجد في الزمان الأوَّل فأُصولها موجودة في الشرع.

والابتداع كما يقع بالفعل يقع بالترك: أو البدعة التركية وتارك المطلوبات الشرعية على ضربين أن يتركها لغير التدين إما كسلاً أو تضييعاً أو ما أشبه ذلك من الدواعي النفسية. فهذا الضرب راجع إلى المخالفة للأمر، فإن كان في واجب فمعصية وإن كان في ندب فليس بمعصية، إذا كان الترك جزئياً، وإن كان كلياً فمعصية. والثاني أن يتركها تديناً. فهذا الضرب من قبيل البدع حيث تدين بضد ما شرع الله.

الفصل الثاني ذمِّ البدع وأقسام نشوئها
المبحث الأول : الأدلة على ذم البدعة :
نقتصر على آية وحديث ودليل عقلي :
-قول الله تعالى: ))وأنَّ هذا صِراطِي مُسْتقِيماً فاتَّبِعُوهُ ولاَ تَتَّبِعُوا السُبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عنْ سَبِيلِهِ، ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(( [الأنعام 153] فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه وهو السُّنَّة، والسبل هي سبل أهل الاختلاف الحائدين عن الصراط المستقيم وهم أهل البدع.

-وفي الصحيح عن حذيفة رضي الله عنه أنَّه قال: يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر؟ قال: ((نعم قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي)) قال فقلت: هل بعد ذلك الشر من شر؟ قال: ((نعم دعاة على نار جهنم من أجابهم قذفوه فيها)) قلت: يا رسول الله، صِفْهم لنا. قال ((نعم هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)) قلت: فما تأْمرني إن أدركت ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)) قلت: فإن لم يكن إمام ولا جماعة؟ قال: ((فاعتزل تلك الفِرقَ كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) رواه البخاري ومسلم.

-أنَّ الشريعة جاءت كاملة لا تحتمل الزيادة ولا النقصان وحال لسان المبتدع إنَّ الشريعة لم تتم، وأنَّه بقي منها أشياءُ يجب أو يستحب استدراكها، لأنَّه لو كان معتقداً لكمالها وتمامها من
كلِّ وجه، لم يبتدع ولا استدرك عليها. وقائل هذا ضال عن الصراط المستقيم.

المبحث الثاني: أقسام نشوء البدع
البدعة تنشأُ عن أربعة أوجه:
الأول : أن يخترعها المبتدع وهو الحقيق باسم البدعة
الثاني: أن يعمل بها العالم على وجه المخالفة، فيفهمها الجاهل مشروعة وهو يشبه التنصيص بالقول.
الثالث: أن يعمل بها الجاهل مع سكوت العالم عن الإنكار، وهو قادر عليه، فيفهم الجاهل أنَّها ليست بمخالفة ، وهو كالثاني في التنصيص ، وتكون المخالفة فيهما بالذات والبدعة من خارج
الرابع: من باب الذرائع، وهي أن يكون العمل في أصله معروفاً، إلا أنَّه يتبدل الاعتقاد فيه مع طول العهد بالذكرى، فالمحظور الأول غير واقع فيه بالعرض فلذلك كانت من باب الذرائع.

الفصل الثالث : تقسيم البدع :
وهو أطول الفصول ، ومربط الفرس في الموضوع.
اختلف العلماء في تقسيم البدع بين مجيز ومانع ، ولكل فريق أدلته نسوقها باختصار :
المبحث الأول: القائلون بالتقسيم وأدلتهم:
الدليل الأول: ما في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله قوله صلى الله عليه وسلم: ((من سنَّ سُنَّةً حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها لا ينقص ذلك من أُجورهم شيئاً، ومن سنَّ سُنَّةً سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا))
أي من اختراعها من نفسه لكن بشرط أنْ تكون حسنة فله من الأجر ما ذكر، فليس المراد: من عمل سُنَّةً ثابتةً ، وهو تجويز للابتداع.
-الدليل الثاني: قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح ((نعم البدعة هي)) البخاري ، وهو صريح في استحسان بعض البدع.
-الدليل الثالث: أجمع الصحابة على جَمْعِ القرآن وكَتْبِه في المصاحف، وعلى جمع الناس على المصاحف العثمانية، واطِّراح ما سوى ذلك من القراءَات التي كانت مستعملة في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن في ذلك نصٌ ولا حَظْر.(والإجماع حجة)
الردّ على الأدلة :
أما الحديث الأول فبالرجوع إلى سبب ورود الحديث يتبين أن المراد منه ليس الاختراع والحديث بتتمته فيه سبب الورود وهو: عن جرير بن عبد الله قال كنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار فجاءَه قوم حفاة عراة مجتابي النِّمار – أو العباء – متقلدي السيوف، عامتهم مضر-بل كلهم من مضر، فَتَمَعَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذَّن وأقام، فصلَّى ثم خطب فقال: ((يَا أيُّها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ))النساء1 والتي في سورة الحشر18: ((اتَّقُوا الله وَلْتَنْظُر نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ)) تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّه، من صاع تمره، حتى قال: ولو بِشِق تمرة)) قال: فجاءَه رجل من الأنصار بصُرَّة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت. قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتهلَّل كأنَّه مُذْهَبَةٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سن في الإسلام سُنَّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أنْ ينقص من أُجورهم شيٌ، ومن سَنَّ سُنَّةً سيئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أنْ ينقص من أوزارهم شيءٌ)) رواه مسلم.
فدل على أنَّ السُّنَّةَ ها هنا مثل ما فعل ذلك الصحابي وهو العمل، بما ثبت كونه سُنَّةً.
قوله: ((من سن سُنَّةً حسنةً ومن سن سُنَّةً سيئةً)) لا يمكن حمله على الاختراع من أصل، لأنَّ كونها حسنة أو سيئة لا يُعرف إلا من جهة الشرع، لأنَّ التحسين والتقبيح مختص بالشرع، لا مدخل للعقل فيه وهو مذهب أهل السُّنَّةِ، وإنَّما يقول بالتحسين والتقبيح بالعقل المبتدعة، فلزم أنْ تكون السُّنَّةُ في الحديث إمَّا حسنة في الشرع وإمَّا قبيحة بالشرع، فلا يَصْدُقُ إلا على مثل الصدقة المذكورة، وما أشبهها من السنن المشروعة، وتبقى السُّنَّةُ السيئة مُنَزَّلة على المعاصي التي ثبت بالشرع كونها معاصي. وعلى البدع لأنَّه قد ثبت ذمها والنهي عنها بالشرع.
-وأما قول عمر ، فله أصل في الشرع أيضا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى التراويح بأصحابه ليالي، ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم وبقي الناس يصلونها فرادى وجماعات متفرقة، فأعاد عمر جمعهم على إمام واحد ، وأحيا السنة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع.
-وأما الثالث : فهو من قبيل المصالح المرسلة (وهي جلب مصلحة راجحة ليس في الشرع ما ينفيها)، وليس بدعة ، وما دون جمع المصحف فهو وارد في السنة ككتابة العلم…
المبحث الثاني : القائلون بمنع التقسيم وأدلّتهم:
-أشهر دليل لهم قوله صلى الله عليه وسلم ((وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)) رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)) رواه النسائي. وكل عند الأصوليين من ألفاظ العموم ، فتشمل كل بدعة من غير استثناء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى "ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة ((كل بدعة ضلالة)) بسلب عمومها، فهذا من مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم أقرب إلى التأويل".
-أن أدلة ذم البدع جاءت مطلقة عامة على كثرتها , لم يقع فيهااستثناء ألبته , ولم يأت فيها شيء مما يقتضي أن منها ما هوهدى , ولا جاء فيها: كل بدعةضلالة إلا كذا وكذا…ولاشيءمن هذه المعاني فلو كان هناك بدع يقتضيالنظر الشرعي فيهاأنها حسنة , لذكر ذلك في آية أو حديث , لكنه لا يوجد فدلعلى أنتلك الأدلة بأسرها على حقيقة ظاهرها من الكلية والعموم الذي لا يتخلف عن مقتضاه فرد من الأفراد.
-سد الذرائع: وذلك أن القول بالبدع الحسنة يفتح باب الابتداع على مصراعيه , ولا يمكن معه رد أيبدعة , لأن كل صاحب بدعة سيدعي أنبدعته حسنة.
-إجماع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم علىذمها وتقبيحهاوالهروب عنها , وعمن اتسم بشيء منها , ولميقع منهم في ذلك توقف ولااستثناء فهو بحسب الاستقراءإجماع ثابت يدل دلالة واضحة على أن البدعكلها سيئة ليس فيهاحسن.
– ومن العلماء من قسَّم البدع بأقسام أحكام الشريعة الخمسة ولم يعدوها قسماً واحداً مذموماً، فجعلوا منها ما هو واجب ومندوب ومباح ومكروه ومحرَّم.
جاء في رد للشيخ ابن باز رحمه الله عن سؤال حول تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام كما ذكره النووي رحمه الله "…وهذا هو الصواب، أنها لا تنقسم إلى هذه الأقسام التي ذكرالنووي وغيره بل كلها ضلالة، والبدعة تكون في الدين لا في الأمور المباحة، كالتنوعفي الطعام على وجه جديد لا يعرف في الزمن الأول، فهذا لا يسمى بدعة من حيث الشرعالمطهر، وإن كان بدعة من حيث اللغة، فالبدعة في اللغة هي الشيء المحدث على غير مثالسبق، كما قال عز وجل ((بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ))، يعني مبتدعها وموجدها على غير مثال سابق، لكن لا يقال في شيء أنه فيالشرع المطهر بدعة إلا إذا كان محدثا لم يأت في الكتاب والسنة ما يدل على شرعيته،وهذا هو الحق الذي ارتضاه جماعة من أهل العلم وقرروه وردوا على من خالف ذلك…".

خاتمة:
نسوق بعض الأمثلة عن البدع الواقعة في زماننا هذا تعليما للجاهل، وتنبيها للغافل، وتذكيرا للناسي، فما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان وأستغفر الله من خطأي :
1- المرأة الأمريكية (أمينة ودود) التي أمّت الرجال في صلاة الجمعة ، وصلى خلفها الرجال والنساء في صف واحد بشبهة جواز إمامة المرأة وعمدتهم في ذلك أحاديث لا يصلح الاستدلال بها في الباب.
2- يوم عاشوراء وما يتعلق به ، من تخصيصه عيدا ، إلى تخصيص إخراج الزكاة فيه ، إلى الاكتحال ووضع الحناء ، أو تخصيصه بمأكل ومشرب ولباس وذكر…
3- ومن البدع التي تحدث في المساجد ، رفع صوت المكبرات يوم الجمعة بالقرآن ، والذكر الجماعي قبل الصلاة أو بعده ، والزخرفة التي أصبحت أكبر الطامات.
4- ومن البدع في الجنائز : إتباعها بالتهليل والتكبير ، ومنها تأخير الجنازة لا لعذر شرعي كانتظار أحد من أهله ، ومنها نقل الميت من مكان إلى آخر من دون سبب شرعي، وخاصة الشهداء كما فُعل بشهداء ثورة الجزائر، أو الدفن في صندوق وغيره، ومنها ما يحدث في المقابر من ضحك وغيره أثناء الجنازة، ومنها أيضا المواعظ التي يلقيها بعض الأئمة في المقابر بعد الدفن أو قراءة الفاتحة، ومنها صنع أهل الميت الطعام للناس، ومنها تخصيص اليوم الثالث واليوم الأربعين….
5- ومن البدع في الطهارة : التلفظ بالنية عند الوضوء وترك الكلام ، ومنها ما يفعله بعض كبار السن عندنا من قول لا إله إلا الله محمد رسول الله عند غسل الوجه، ومنها مكوث المرأة النفساء أربعين يوما وإن طهرت قبل ذلك….
6- ومن بدع السلام: الانحناء ، ومنها قول صباح الخير وغيرها قبل السلام عليكم.

ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث عظيم يجب أن يعلمه كل صاحب بدعة يقول فيه صلى الله عليه وسلم (( إن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة، حتى يدع بدعته )). رواه الطبراني والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة وغيرهما بسند صحيح ، وحسنه المنذري ، وهو مخرج في السلسلة الصحيحة.
إن باب البدع واسع وعظيم، لا يشمله بحث صغير، مع ما فيه من التقصير، نسأل الله القبول والعفو عن الزلل، إنه جواد كريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبها عبد الحق الجزائري.

مصادر البحث من كتاب الاعتصام للشاطبي ، ومختصره لصاحبه السقاف ، وبعض فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، وفتاوى الشيخ ابن باز ، والشيخ العثيمين ، والشيخ الفوزان ، وبعض هيئة كبار العلماء. ورسالة البدعة في الميزان لصاحبها أبي عبد الرحمن الشحي،…رحم الله الأموات منهم والأحياء.
أما تخريج الأحاديث وترقيم السور فمنقولة بواسطة أصحابها.

بارك الله في جهودكم اخوتي في الله

فقط تمنيت لو ارفقتم بعض الامثلة من واقعنا المعاش
لا بأس

اخ joe من فضلكم انقل الموضوع من الرابط و الا لن يؤخذ بعين الاعتبار

وفقكم الله

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن وصلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وبعد.
أبدأ بحثي هذا راجيا من الله أن أكون قد وفقت ولو بجزء بسيط مما هوا مطلوب مني في المسابقة

البدعة في اللغة :
قال الخليل بن أحمد الفراهيدي : (البَدع : إحداثُ شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة) (1).
ويقول الراغب : (الابداع : هو إنشاء صفةٍ بلا احتذاء واقتداء) (2)، والابداع أصلٌ ثانٍ للبدعة ، وهو مأخوذ من «أبدع» .
وينصّ الاَزهري على أنّ «الابداع» أكثر استعمالاً من «البَدع» وهذا لايعني أنّ استعمال «البدع» خطأ ، فيقول في ذلك : (و «أبدع» أكثر في الكلام من «بَدَعَ» ولو استعمل «بَدَعَ» لم يكن خطأ) (3).
وقال ابن فارس : (البدع له أصلان : ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال ، والآخر الانقطاع والكلال) (4).
____________
(1) العين ، للفراهيدي 2 : 54 .
(2) معجم مفردات ألفاظ القرآن الكريم ، للراغب الاصفهاني : 36 .
(3) تهذيب اللغة ، للازهري 2 : 241 .
(4) المقاييس ، لابن فارس 1 : 209 مادة (بَدَع) .

وقال الفيروزآبادي : (البِدعة : الحدث في الدين بعد الاكمال ، أو مااستحدث بعد النبي من الاَهواء والاَعمال) (1)
وعلى هذا الاَساس تقول من «البَدع» : (بدعتُ الشيء إذا انشأته) (2) .
كما تقول من (الابداع) : ابتدع الشيء : أي «أنشأه وبدأه» (3) وتقول أيضاً : (أبدعتُ الشيء أي اخترعته لا على مثال) (4).
و «أبدعَ» الله تعالى الخلق «إبداعاً» : أي خلقهم لاعلى مثال سابق ، و«أبدعتُ» الشيء و «ابتدعته» استخرجته وأحدثته ، ومن ذلك قيل للحالة المخالفة «بدعة»، وهي اسم من «الابتداع»، كالرفعة من الارتفاع (5).
ومن أسماء الله تعالى «البديع» : وهو الذي فطر الخلق مُبدِعاً لا على مثال سابق(6) .
يقول سبحانه وتعالى : ( بَدِيعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ ) أي مبتدعها ومبتدئها لا على مثال سابق (7).
إنّ الامعان في التعريفات المارة لكلمة «البدعة» يوضح بجلاء أنّ معناها في اللغة : هو الشيء الذي يبتكر ويخترع من دون مثال سابق ويبتدأ به بعد أن لم يكن موجوداً في السابق.
___________
(1) القاموس ، للفيروزآبادي 3 : 6 مادة (بَدَعَ) .
(2) جمهرة اللغة ، لابن دريد 1 : 298 .
(3) لسان العرب ، لابن منظور 8 : 6 مادة (بدع) .
(4) الصحاح ، للجوهري 3 : 1183 مادة (بدع)
(5) المصباح المنير ، للفيومي1 : 38 مادة (بدع) .
(6) مجمع البحرين ، للطريحي 1 : 163 مادة (بدع) .
(7) النهاية ، لابن الاثير 1 : 106 . والآية من سورة البقرة 2 : 117 .

البدعة في القرآن الكريم
وردت البدعة بمعناها اللغوي والاصطلاحي الشرعي في عدة مواضع من القرآن الكريم .
والملاحظ أنّها وردت في بعض المواضع من القرآن الكريم بصورة مباشرة، وبعضها الآخر ورد من خلال دلالة الجملة القرآنية على مفهوم (التغيير في الدين) زيادة وإنقاصاً ، وسنورد أمثلةً عن كلا الصورتين .
الصورة الاُولى :
1 ـ (… ورَهبَانِيَّةً ابتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيهِمْ إلاّ ابتِغَآءَ رِضوَانِ اللهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا…)(1).
____________
(1) كشف الارتياب للسيد محسن الامين العاملي : 143 .

الآية الشريفة هنا توضح أنَّ «الرهبانية» كانت من مبتدعات الرهبان ، وأنّها لم تكن مفروضة عليهم من قبل ، وإنّما تكلّفوها من عند أنفسهم .
2 ـ ( قُلْ ما كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُسُلِ ومَآ أدرِي مَا يُفعَل بِي وَلا بِكُم… ) (2).
وهناك اتجاهان في تفسير الآية الشريفة ، يذهب أحدهما إلى أنّ المقصود هو أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ليس أول رسول يرسله الله إلى قومه برسالته.
ويذهب الآخر إلى أنّ المراد : ما كنتُ مبدِعاً في أقوالي وأفعالي مالم يسبقني إليه أحد من الرسل .
وقد ذهب العلاّمة الطباطبائي في تفسيره «الميزان» إلى ترجيح الاتجاه الثاني بقوله : (والمعنى الاَول لا يلائم السياق… فثاني المعنيين هو الاَنسب ، وعليه فالمعنى : لستُ أُخالف الرُسل السابقين في صورة أو سيرة وفي قول أو فعل ، بل أنا بشر مثلهم فيَّ من آثار البشرية ما فيهم وسبيلهم في الحياة سبيلي) (3).
3 ـ قوله تعالى : ( بَديِعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ وإذَا قَضَى أمراً فإنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) (4).

____________

(1) الحديد 57 : 27 .
(2) الاحقاف 46 : 9 .
(3) الميزان في تفسير القران ، للطباطبائي 18 : 190 .
(4) البقرة 2 : 117 .

4 ـ وقوله تعالى : ( بَدِيعُ السَمَوَاتِ والاَرضِ أنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ.. ) (1).
والآيتان المتقدمتان تفيدان معنى الخلق لا على مثال سابق وهو المعنى اللغوي لكلمة «بَدَع» ، التي مرّت الاشارة إليها فيما تقدم .
الصورة الثانية :
أما ما ورد في القرآن الشريف من إشارة إلى البدعة بمعنى «التغيير في الدين» فهو كثير ، لكننا نشير إلى بعض الآيات الشريفة :
1 ـ ( قُلْ أرَأيتُم مَّا أَنزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلتُم مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُل ءَآللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفتَرُونَ ) (2).
والآية واضحة في دلالتها على التحريف زيادة أو إنقاصاً ، وقد وردت الآية في وصف عمل المشركين حين حرّموا بعض ما أنزل الله عليهم من الرزق وحلّلوا البعض الآخر ، فقد حرّموا السائبة والبَحيرة والوَصيلة من غير أن يأتيهم بذلك أمر إلهي ، ويوضح هذه الحقيقة قوله تعالى في ذيل الآية المتقدمة : ( ءَآللهُ أذِنَ لَكُم أمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) .
2 ـ كما جاء ما يدل على التحريف في قوله تعالى : ( ولا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ السِنَتُكُم الكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إنَّ الَّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لا يُفلِحُونَ ) (3).
والآية الشريفة واضحة الدلالة مثل سابقتها على مفهوم التحريف

___________

(1) الانعام 6 : 101 .
(2) يونس 10 : 59 .
(3) النحل 16 : 116 .

والافتراء كذباً على الله سبحانه وتعالى شأنه .
3 ـ إنّ تحريف النصّ الالهي أمر خطير حتى جاء في القرآن الشريف على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (… قُلْ مَا يَكُونُ لِي أنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلقَآء نَفْسِي إنْ أتَّبِعُ إلاّ ما يُوحَى إليَّ إنّي أخَافُ إنْ عَصيْتُ رَبّي عَذَابَ يَومٍ عَظيمٍ ) (1).

وفي الآية الشريفة دلالة واضحة وصريحة على قُدسية الاَمر الالهي الوارد عبر الوحي ، وأنَّ تحريف هذا النصّ أو تبديله أمرٌ خطير يورد صاحبه موارد الهلكة والخسران المبين إلى الدرجة التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إنِّي أخَافُ إنْ عَصَيتُ رَبّي عَذَابَ يَومٍ عَظِيمٍ ) .
4 ـ وجاء في القرآن الكريم ما يدل على تحقّق الابتداع بدعوى الزيادة أو النقصان في الاَحكام الاِسلامية كما في قوله تعالى : ( وَمَنْ أظلَمُ مِمِنَّ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أو كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفلِحُ الظَّالِمُون ) (2).
إنَّ الكذب من المحرمات والموبقات التي وعد الله عليها النار ، والبدعة من أفحش الكذب ، لاِنّها افتراء على الله ورسوله ، والمفتري مبتدع لاَنه يريد أن يقول عن شيء ليس من الدين إنّه من الدين ، فيزيد فيه ما ليس منه ، أو يقول عن شيء إنّه ليس من الدين وهو من الدين ، فينقص من الدين شيئاً هو منه .
البدعة في السُنّة المطهّرة
فيما تقدم استعرضنا بصورة موجزة الآيات القرآنية الشريفة الدالة على
__________
(1) يونس 10 : 15 .
(2) الانعام 6 : 21 .

مفهوم البدعة والتحذير منها ، وسنستعرض في هذا الفصل ما ورد من أحاديث وروايات منقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وسوف لن يقتصر إيرادنا للاَحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على فريق معيّن من المسلمين بل سنحاول ذكر الروايات الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن طريق الفريقين .
1 ـ ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «لا يذهب من السُنّة شيء حتى يظهر من البدعة مثله ، حتى تذهب السُنّة وتظهر البدعة ، حتى يستوفي البدعة من لا يعرف السُنّة ، فمن أحيى ميتاً من سنتي قد أمُيتت ، كان له أجرُها وأجرُ من عمل بها ، من غير أن ينقص من أُجورهم شيئاً ، ومَنْ أبدَعَ بدعة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها ، لا ينقص من أوزارهم شيئاً» (1).
2 ـ وعن جابر قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهل له ثم قال : «أما بعد فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله ، وأنّ أفضل الهدي هدي محمد ، وشر الاُمور محدثاتها وكلّ بدعة ضلالة..» (2).
3 ـ وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله : «لا ترجعنَّ بعدي كفاراً ، مرتدين ، متأولين للكتاب على غير معرفة ، وتبتدعون السُنّة بالهوى لاَن كل سُنّة وحدث وكلام خالف القرآن فهو ردّ وباطل» (3).
4 ـ وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «يأتي على الناس زمان وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين ، السُنّة فيهم بدعة ، والبدعة فيهم سُنّة»(1)….
___________
(1) كنز العمال ، لعلاء الدين الهندي 1 : 222 | 1119 .
(2) مسند أحمد 3 : 310 طبعة دار الفكر ـ بيروت . سنن ابن ماجه 1 : 21 باب اجتناب البدع والجدل طبعة دار الجيل ـ بيروت . جامع الاُصول ، لابن الاَثير : 5 الفصل الخامس الخطبة 3974 .
(3) خصائص الاَئمة ، للشريف الرضي : 75 .

5 ـ وعنه صلى الله عليه وآله وسلم : «من أدى إلى أُمتي حديثاً يُقام به سُنّة ، أو يثلم به بدعة، فله الجنة» (2).
6 ـ وجاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : «إياك أن تسنَّ سنة بدعة ، فإنّ العبد إذا سنَّ سنةً سيئة ، لحقهُ وزرها ، ووزر من عمل بها»… (3).
7 ـ وعن عرباض بن سارية قال : صلّى بنا رسول الله الفجر ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة… قال : «أوصيكم بتقوى الله… وإيّاكم ومحدثات الامور ، فإنّ كلَّ محدثة بدعة ، وإنّ كلَّ بدعة ضلالة» (4).
8 ـ وروى مسلم في صحيحه : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خطب احمرّت عيناه وعلا صوته ، واشتد غضبه ، حتى كأنه منذر جيشٍ ، يقول : «صبّحكم ومسّاكم ـ ويقول ـ بُعثِتُ أنا والساعة كهاتين ـ ويقرن بين إصبعيه : السبابة والوسطى ، ويقول ـ أما بعد ، فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هَديُ محمد ، وشرّ الاُمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة ـ ثم يقول ـ أنا أولى بكلِّ مؤمن من نفسهِ ، من ترك مالاً فلاَهله ، ومن ترك دَيناً أو ضياعاً فإليَّ وعليّ».. (5).
9 ـ وروى ابن ماجه : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا يقبل الله لصاحب بدعة
____________
(1) جامع الاخبار ، لتاج الدين الشعيري : 125 .
(2) بحار الانوار ، للمجلسي 2 : 152 | 43 باب 19 .
(3) بحار الانوار ، للمجلسي 74 : 104 | 1 باب 5 .
(4) مسند أحمد 4 : 126 ـ 127 . وبحار الانوار 2 : 263 فقد وردت نفس النصوص مع زيادة «وكل ضلالة في النار» .
(5) جامع الاصول ، لابن الاثير : 5 . الفصل : 5 الخطبة 3974 .

صوماً ، ولا صلاة ، ولا صدقة ، ولا حجّاً ، ولا عمرة ، ولا جهاداً» (1).
10 ـ وروى مسلم عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ» (2).
11 ـ وعن جرير بن عبدالله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : «من سنَّ في الاِسلام سُنّة حسنة فعُمل بها بعده ، كُتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أُجورهم شيء ، ومن سنَّ في الاِسلام سُنّة سيئة فعمل بها بعده كُتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء».. (3).
12 ـ وعن حذيفة انه قال : يا رسول الله هل بعد هذا الخير شرّ ؟ قال : «نعم ، قوم يستّنون بغير سنّتي ويهتدون بغيرهداي».. (4).
13 ـ وعن مالك في موطأه عن أبي هريرة قال : إنّ رسول الله خرج إلى المقبرة فقال : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ـ إلى أن قال ـ فلُيذادنَّ رجال عن حوضي كما يُذاد البعير الضال ، أناديهم ألا هلّم ! ألا هلّم ! ألا هلّم ! فيقال : إنّهم قد بدّلوا بعدك ، فأقول : فسحقاً ، فسحقاً، فسحقاً».. (5).
14 ـ وروى الكليني عن محمد بن جمهور رفعهُ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا ظهرت البدع في أُمتي فليُظهِر العالِم علمه ، فمن لم يفعل
__________
(1) سنن ابن ماجه 1 : 25 باب اجتناب البدع والجدل .
(2) صحيح مسلم 5 : 132 ، كتاب الاقضية الباب 8 . ومسند أحمد 6 : 270 .
(3) صحيح مسلم 8 : 61 كتاب العلم .
(4) صحيح مسلم 5 : 206 كتاب الامارة .
(5) موطأ مالك : كتاب الصلاة باب جامع الوضوء | 26 . وصحيح مسلم 1 : 150 .

فعليه لعنة الله» (1).
15 ـ وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من أتى ذا بدعةٍ فعظّمهُ فإنما يسعى في هدم الاِسلام»(2).
16 ـ وبالاسناد السابق قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة» قيل: يا رسول الله ، وكيف ذلك ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : «انّه اُشرِبَ في قلبه حبّها»(3).
17 ـ وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال : «خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس فقال : أيُّها الناس إنّما بَدْءُ وقوع الفتن ، أهواءٌ تُتَّبع ، وأحكام تُبتدع ، يُخالف فيها كتاب الله ، يتولى فيها رجال رجالاً ، فلو أنّ الباطل خلص لم يُخف على ذي حجى ، ولو أنّ الحق خلص لم يكن اختلاف ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معاً فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى» (4) .
18 ـ الحسن بن محبوب رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام : إنّه قال : «إنّ من أبغض الخلق إلى الله عزّ وجلّ لرجلين : رجل وكلّه الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل ، مشغوف بكلام بدعة ، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن أفتتن به ، ضال عن هَدي من كان قبله ، مضل لمن اقتدى به في حياته
________
(1) الكافي ، للكليني 1 : 54 | 2 باب البدع .
(2) المصدر السابق : ح3 .
(3) الكافي ، للكليني 1 : 54 | 4 .
(4) المصدر السابق 1 : 55 | 1 الباب السابق .

وبعد موته ، حمّال خطايا غيره ، رهنٌ بخطيئته» (1).
19 ـ وروى عمر بن يزيد عن الاِمام الصادق عليه السلام إنّه قال : « لا تصحبوا أهل البدع ولا تجالسوهم فتصيروا عند الناس كواحدٍ منهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : المرءُ على دين خليله وقرينه» (2).
20 ـ وروى داود بن سرحان عن الاِمام الصادق عليه السلام قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم ، وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة ».. (3).
21 ـ وعنه عليه السلام قال : « ما أُحدثت بدعة إلاّ ترك بها سُنّة ، فاتقوا البدع والزموا المَهْيَع ، إنَّ عوازم الاُمور أفضلها وإنّ محدثاتها شرارها » (4).
22 ـ وعن الصادق عليه السلام أنّه قال : « من تبسّم في وجه مبتدع فقد أعان على هدم دينه» (5).
23 ـ وعنه عليه السلام أنّه قال : « من مشى إلى صاحب بدعة فوقّره فقد مشى في هدم الاِسلام »(6).
24 ـ وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قوله : «…فاعلم أنَّ أفضل عباد الله عند الله إمامٌ عادلٌ هُدِيَ وهَدى فأقام سُنّةً

___________

(1) الكافي ، للكليني 1 : 54 | 6 باب البدع .
(2) الكافي ، للكليني 2 : 375 | 3 باب مجالسة أهل المعاصي .
(3) الكافي ، للكليني 2 : 375 | 4 باب مجالسة أهل المعاصي .
(4) بحار الانوار ، للمجلسي 2 : 264 | 15 . نهج البلاغة : خطبة 145 . والمَهْيَع : الطريق البيّن .
(5) المصدر السابق 8 : 23 الطبعة القديمة .
(6) المصدر السابق 2 : 304 | 45 .

معلومةً وأمات بدعةً مجهولةً ، وأنّ السُنن لنيرةٌ ، لها أعلامٌ ، وأنّ البدع لظاهرةٌ ، لها أعلام . وأنَّ شرّ الناس عند الله إمام جائر ضَلَّ وضُلَّ به ، فأمات سُنّةً مأخوذةً ، وأحيا بدعةً متروكةً» (1).
25 ـ وقال عليه السلام : « أوِّهِ على اخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه ، وتدّبروا الفرض فأقاموه ، أحيوا السُنّة وأماتوا البدعة » (2).
26 ـ وقال عليه السلام : « إنّما الناس رجلان : متبع شرعة ، ومُبتدع بدعة» (3).
27 ـ وقال عليه السلام أيضاً : « طوبى لِمَن ذلّ في نفسهِ وطاب كَسبُه ـ إلى أنْ قال ـ وعزل عن الناس شرّه ووَسَعته السُنّة ولم يُنسَب إلى البدعة».. (4).
28 ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إذا رأيتم صاحب بدعة فاكفهرّوا في وجهه ، فإنّ الله ليبغض كل مبتدع ولا يجوز أحد منهم على الصراط ، ولكن يتهافتون في النار مثل الجراد والذباب »(5).
29 ـ وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « من غشّ أُمتي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، قالوا : يا رسول الله وما الغش ؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم : ان يبتدع لهم بدعة فيعملوا بها ».. (6).
30 ـ وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : « من أحدث حدثاً ، أو آوى محدثاً ،

__________

(1) نهج البلاغة : الخطبة 164 .
(2) نهج البلاغة : الخطبة 182 .
(3) المصدر السابق : الخطبة 176 .
(4) المصدر السابق : قسم الحكم ، الرقم 123 .
(5) جامع الاصول ، لابن الاثير 9 : 566 . كنز العمّال ، للمتقي الهندي 1 : 221 | 1118.
(6) المصدر السابق .

فعليه لعنة الله ، والملائكة ، والناس أجمعين ، لا يُقبل منه عدل ولا صرف يوم القيامة ، فقيل : يا رسول الله : ماالحدث ؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : من قتل نفساً بغير نفسٍ ، أو مثَّل مثلة بغير قودٍ ، أو ابتدع بدعة بغير سنة » (1).

31 ـ وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال : « وأما أهل السُنّة فالمتمسكون بما سنّه الله لهم ورسوله ، وإن قلّوا ، وأما أهل البدعة فالمخالفون لاَمر الله تعالى وكتابه ولرسوله ، والعاملون برأيهم وأهوائهم ، وإنْ كثروا ، وقد مضى منهم الفوج الاول ، وبقيت أفواج ، وعلى الله فضُّها واستيصالها عن جدبة الاَرض ».. (2)‌ .

32 ـ وسأل رجل أمير المؤمنين علياً عليه السلام عن السُنّة ، والبدعة ، والفرقة والجماعة ، فقال عليه السلام : « أمّا السُنّة : فسنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمّا البدعة ، فما خالفها ، وأمّا الفرقة ، فأهل الباطل وإنْ كثروا ، وأمّا الجماعة ، فأهل الحق وإن قلّوا».. (3).

33 ـ وعنه عليه السلام : « .. أدنى ما يكون به العبدُ كافراً ، مَنْ زَعم أنَّ شيئاً نهى الله عنه ، أنَّ الله أمر به ونصبه ديناً يتولّى عليه ، ويزعم أنّه يعبد الذي أمره به ، وإنّما يعبد الشيطان » (4).

34 ـ وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأياً ، فيحبُّ عليه ويُبغض ».. (5).
____________
(1) معاني الاخبار ، للصدوق ، تحقيق علي أكبر الغفاري : 265 .
(2) كنز العمال ، لعلاء الدين الهندي 16 : 184 | 44216 .
(3) تحف العقول ، للحرّاني ، تحقيق علي أكبر الغفاري : 211 .
(4) الكافي ، للكليني 2 : 414 | 1 باب ادنى ما يكون به العبد مؤمناً أو كافراً أو ضالاً.
(5) ثواب الاعمال وعقابها ، للصدوق ، تحقيق علي أكبر الغفاري : 578 | 3

وكل ذلك يؤكد خطورة البدعة على الدين ووحدة المسلمين .
ونجد من المناسب بعد إيراد الروايات المتقدمة استعراض ما دلّت عليه ، في نقاط:

1 ـ إنّ كلَّ بدعة ضلالة ، وإنّ كلَّ ضلالة في النار .
2 ـ روى مسلم عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خطب احمرّت عيناه.. إلى أن يقول وخير الهدي هدي محمد.. الخ ، وهذا يوضح أنَّ ثورة الغضب عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلوّ صوته ليس إلاّ للتصرّف المبتدع في رسالته ، وليس في مطلق شؤون الحياة .
3 ـ جاء في الرواية إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لقوم بدّلوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « فسحقاً » يكررها ثلاث مرات ، والمقصود بالتبديل أنهم بدّلوا في دين الله الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .
4 ـ دلّت الروايات المتقدمة على أنّ البدع إذا ظهرت فإن على العالم أن يُظهر علمه ، ليُسهم في كشف البدع وزيفها ومواجهتها ، وإلاّ فعليه لعنة الله.
5 ـ كما دلت على عدم قبول توبة صاحب البدعة .
6 ـ ودلّت أيضاً على أنَّ انتشار البدع وظهورها سيؤدي ذلك إلى ترك السُنّة وضياعها التدريجي.

يطول بنا المقام حين نحاول استقصاء دور أئمة أهل البيت عليهم السلام في مواجهة البدع ومحدثات الاَُمور والضلالات التي نشأت منذ أول يوم ارتحل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الملاَ الاَعلى ، فقد كانوا وخلال مختلف الاَدوار التي مرّت بها الاُمّة الملاذ والمنهل الذي يجد عنده الصادي الرواء، والمتعطش للعلم والمعرفة ما يروي به حبّه للعلم من مصادره الاَصيلة الحيّة المتصلة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
إنّ في حياة أمير المؤمنين علي عليه السلام ومواقفه قبل خلافته وتسلّمه العملي للسلطة وفي حياة ابنه الامام الحسن عليه السلام والامام الحسين عليه السلام وبقية الاَئمة الطاهرين آيات باهرات من المواقف التي بقيت خالدة على مرَّ التاريخ . لكننا مع ذلك نكتفي ـ وانسجاماً مع طبيعة الاختصار في هذا البحث ـ بإيراد مجموعة من النصوص الواردة عنهم عليهم السلام والتي عالجت أو تصدّت لبدعة محدثة من الاَُمور ليست من الدين في شىء ، وسوف نوزع تلك النصوص الشريفة على موضوعاتها المتعلقة بها تيسيراً للتناول .
أولاً : الجبر والتفويض :
من المقولات المحدثة في هذه الاُمّة مقولة الجبر التي روّج لها

الاَمويون لتثبيت سلطانهم ، وتبنّتها طائفة من المسلمين ، الاَمر الذي دعا إلى ظهور مقولة مضادة تقف في الطرف الآخر منها ، وهي مقولة التفويض المطلق التي قال بها المعتزلة ، وطال النزاع الكلامي بين أصحاب المقولتين ، فكان لكلِّ منها أتباع يروّجون لها ، فكانتا سبباً في اضطراب عقيدي كبير وفتن واسعة ، فتصدى أئمة أهل البيت عليهم السلام للمقولتين معاً ، في دور طويل من الكفاح في دفع الشبهات ، وهداية الناس إلى المحجة البيضاء والصراط المستقيم ، ومن كلماتهم عليهم السلام في هذين المقولتين :
1 ـ عن الاِمامين الباقر والصادق عليهما السلام قالا : « إنَّ الله عزَّ وجل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقهُ على الذنوب ثم يعذبهم عليها ، والله أعزّ من أن يريد أمراً فلا يكون قالَ فسُئلا عليهما السلام : هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة ؟ قالا : نعم ، أوسع مما بين السماء والاَرض» (1).
2 ـ عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : «الله تبارك وتعالى أكرم من أن يكلّف الناس ما لا يطيقونه ، والله أعزّ من أن يكون في سلطانه ما لا يريد »(2) .
3 ـ عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام أنّه قال : «إنّ الناس في القدر على ثلاثة أوجه ، رجل يزعم أنَّ الله عزّ وجل أجبر الناس على المعاصي ، فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر ، ورجل يزعم أنَّ الاَمر مفوّض اليهم ، فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو كافر ، ورجل يزعم أنَّ الله كلّف العباد ما يطيقون ولم يكلّفهم ما لا يطيقون ، وإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله ، فهذا مسلم بالغ..» (1).

___________

(1) التوحيد ، للصدوق : 360 | 3 باب 59 .
(2) التوحيد ، للصدوق : 360 | 4 باب 59 .

4 ـ عن محمد بن عجلان قال : قلتُ لاَبي عبدالله عليه السلام : فوَّض الله الاَمر إلى العباد ؟ فقال : «الله أكرم من أن يفوّض إليهم ، قلتُ : فأجبر الله العباد على أفعالهم ؟ فقال : اللهُ أعدل من أن يجبر عبداً على فعلٍ ثم يعذّبه عليه »(2) .
5 ـ عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، وقد ذُكر عنده الجبر والتفويض ، فقال عليه السلام : «ألا أعطيكم في هذا أصلاً لا تختلفون فيه ، ولا تخاصمون عليه أحداً إلاّ كسرتموه ؟ قلنا : إنّ رأيت ذلك ، فقال عليه السلام : إنّ الله عزَّ وجل لم يُطَع باكراه ، ولم يُعصَ بغلبة ، ولم يُهمل العباد في ملكه ، هو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العبادُ بطاعته لم يكن الله عنها صادّاً، ولا منها مانعاً ، وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل ، وإن لم يحل وفعلوه ، فليس هو الذي أدخلهم فيه ـ ثم قال عليه السلام ـ من يضبط حدود هذا الكلام فقد خَصَم من خالفه» (3).

الخاتمة
أيها المسلمون: اعلموا أن من ابتدع في الدين فقد شرع ما لم يأذن به الله كل من ابتدع في الدين فقد شرع ما لم يأذن به الله واجترأ على مقام الألوهية. الألوهية التي انفرد بها الرب سبحانه وتعالى، ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته أشد التحذير من الابتداع في الدين حفاظًا منه صلى الله عليه وسلم على إيمان الأمة ونقاء العقيدة ورأفة منه صلى الله عليه وسلم بأمته وخوفًا عليها من أن تقع فيما وقع فيه من قبلها من الزيادة والابتداع في الدين والتشريع فيه بما لم يأذن به الله، حذر النبي صلى الله عليه وسلم بل كان أكثر ما يحذر من الابتداع في الدين، وكان من كلامه دائمًا قوله صلى الله عليه وسلم(إن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)[1][1] هذا كان من كلامه في كثير من الأحيان وفي رواية أنه قال صلى الله عليه وسلم (غير أنكم ستحدثون ويحدث لكم فكل محدثة ضلالة وكل ضلالة في النار)[2][2]. وأخبر أمته بوقوع الفتن من بعده وتتابع الأهواء والبدع وأوصى صلى الله عليه وسلم أمته بتلك الوصية العظيمة النفيسة بقوله صلى الله عليه وسلم (فإن من يعش منكم بعدي فسوف يرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ) وقال صلى الله عليه وسلم (وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة ضلالة وكل ضلالة في النار)[3][3].
ـــــــــــــــــــــــ
[4][1]أخرجه مسلم في صحيحه (867) (2/295).
[5][2]أخرجه اللالكائي (1/77).
[6][3]أخرجه أحمد (4/126-127). وابو داود (4607) والترمذي (2676).

المراجع مكتوبة تحت كل فقرة

بارك الله فيكم على هذا الموضوع والمسابقة وربي يجازيكم كل خير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.