سلسة الطريق الى الحق 2024.

الأصل الأول: الطريق واحد

اعلم ـ رحمك الله! ـ أن الطريق الذي يضمن لك نعمة الإسلام واحد لا يتعدد؛ لأن الله كتب الفلاح لحزب واحد فقط فقال:{أُولَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ المُفْلِحُون وكتب الغلبة لهذا الحزب وحده فقال:{وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغالِبُون}.
ومهما بحثتَ في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلن تجد تفريق الأمة إلى جماعات وتحزيبها في تكتلات إلا مذموماً، قال الله تعالى: {ولاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ. مِنَ الَّذِين فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُون}، وكيف يُقِر ربنا (عز و جل) أمة على التشتت بعدما عَصَمَها بحبله، وهو يُبرِّيء نبيّه (صلى الله عليه وسلم )منها حين تكون كذلك وتوعَّدها عليه فيقول:{إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ في شَيْءٍ إنَّما أَمْرُهُمْ إلى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهمْ بِما كانُوا يَفْعَلُون}.
وعن ابن مسعود (رصي الله عنه) قال: " خطَّ لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم )خطا، ثم قال: ( هذا سبيل الله )، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثم قال: ( هذه سبل، وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه )، ثم قرأ: {وأنَّ هَذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}" رواه أحمد وغيره وهو صحيح.
فدلّ هذا الحديث بنصه على أن الطريق واحد، قال ابن القيم: " وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بَعث به رسله وأنزل به كتبه، ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناسُ من كل طريق واستفتحوا من كل باب، فالطرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة، إلا من هذا الطريق الواحد، فإنه متّصل بالله موصل إلى الله "([1]).
قلت: ولكن كثرة بُنَيّاته العاديات تشكك فيه وتُخذِّل عنه، وإنما انحرف عنه من انحرف من الفرق استئناساً بالتَّعدُّد، وتوحُّشاً من التفرُّد، واستعجالاً للوصول، وجُبْناً عن تحمّل الطول؛ قال ابن القيم: " من استطال الطريق ضعُف مشيُه "([2]). والله المستعان

([1]) التفسير القيم (14ـ15).

([2]) الفوائد ص (90 ) ط. دار الكتب العلمية.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.