رضا الله وفتحه 2024.

ماذا فعلنا حتى اختار الله لنا الإسلام ديناً؟ وماذا أنفقنا حتى اختار الله لنا القرآن كتاباً؟ وماذا قدمنا حتى خصنا الله بالإيمان والإسلام؟ لم نُقدِّم قليلاً ولا كثيراً ولكنها عناية الله وفضل الله وتكريم الله الذي خصَّنا به نحن جماعة المؤمنين

ولكي نعلم هذه النعمة وقدرها ننظر للرجل الذي وهب حياته للدفاع عن نبيِّكم الكريم وهو عمَّه أبو طالب وأخذ على عاتقه طوال حياته أن يُدافع عنه ضد الكافرين وأن يحميه من المشركين، فأراد النبي أن يُكافأه فدعا الله له أن يهديه ، فأجابه الله ليبيِّن لنا ما تفضل به علينا فقال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ} القصص56

فعلمنا أن الهداية من الله ، فيا أخي المهتدي إلى دين الله والعارف برسول الله والمصدق بكتاب الله ، لو عشت عمرك كله لا تجد لقمة عيش تسد جَوْعتك ولا ثوب يستر عورتك ولكن مِتَّ على قول لا إله إلا الله محمد رسول الله ، ماذا فاتك من خير الدنيا؟ ماذا ينقصك من نعيم الدنيا بعد أن مِتَّ على خير الكلام وعلى هَدْي سيِّد الأنام وعلى وسام السعادة يوم لقاء الملك العلام؟

إن خير هديِّه وخير نعمة أنعم بها علينا الله هي نعمة الإيمان ولكننا لا ندري قيمتها ولا نعرف حقيقتها لأننا صرنا كبقية الخلق ننظر ونبحث عما يُشْبع بطوننا وعما به نفتخر في شبابنا وعن الرَّياش الذي نُؤسس به بيوتنا وظنَّنا أن تلك هي النِّعم العظمى التي يتفضل بها الله على أحبابه

حتى وصل الأمر بجهلائنا أنهم جعلوها مقياس رضا الله، فيقولون فلان رضي الله عنه لأن الله رزقه سبعين ألف جنيه أو رزقه سفرية إلى السعودية أو رزقه كذا في الأرض أو في المال أو غيرها من عوالم الدنيا الدنيِّة ، وظننا أن ذلك دليل على رضا الله وهذا خطأ فلو كان المال ومُتع الدنيا دليل على رضا الله ما أعطى الكافرين ما نشاهده من هذه النعم ، فقد أعطاهم الدنيا لهوانها عليه ، أما الدليل على رضا الله فتجدوه في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقهْهُ فِي الدينِ وَيُلْهِمْهُ رُشْدَهُ}{1}

والدليل على رضا الله أن يفتح الله قلبك فتفتح كتاب الله وتقرأه في الليل والنهار ولا تملّ منه بل تريد الاستكثار لأنك تحسّ فيه برضا الواحد القهار ، والدليل على رضا الله أن يفتح الله عليك باب العمل الصالح لأنه هو المتْجر الرابح الذي يجعلك تخرج من الدنيا فتجد سعْيك مشكوراً فيقول الله تعالى لك ولأمثالك {وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً} الإنسان22

فالله تعالى يقول هذا لمن سعى في العمل الصالح ، أما من يسعى في الدنيا ويكدّ فيها فإنه لا ينال إلا ما كُتب له ولا يأخذ منها إلا ما قدَّره الله له ، فإن كان ذلك على حساب دينه فقد خسر الدنيا والآخرة ، فالفتح الحقيقي والرضا الحقيقي من الله على العبد أن يُلْهمه الطاعة وأن يُوفِّقه لعمل البر ولعمل الخير ، فإن وفَّقه الله لذلك فهذا دليل على إنَّه دخل في قول الله تعالى: {رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} البينة8

هذه النعمة ، نعمة الهداية ونعمة الإيمان ، مَنْ سببها؟ ومَنْ الذي أوصلها إلينا؟ ومَنْ الذي بسببه جعلنا الله مسلمين ومؤمنين؟ إنه سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبسببه وصلتنا كلمات الله وبه عرفنا الله ومنه تعلَّمنا أحكام الله وبفضله اهتدينا إلى طاعة الله فهو الذي علَّمنا الطاعة وهو الذي أمرنا بالخيرات وهو الذي بين لنا المنكرات والمحظورات وحذَّرنا منها بأبلغ بيان وأجْلى بُرْهان ، حتى قال صلى الله عليه وسلم: {قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى المحجة الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِها ، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ}{2}

فنحن نحتفل في هذه الأيام بدين الإسلام ، هذا الدين الذي خصَّنا الله به وأكرمنا الله به ، لا نحتفل برسول الله لشخصه ولا لذاته ولكن للهداية التي وصلت معه إلينا من الله والرسالة التي بلَّغها لنا من الله فنحتفل في الحقيقة بهذه الرسالة وهذا الفضل ، وقد أمرنا الله جميعاً أن نفرح بهذا الفضل العظيم وبهذا الدين القويم وبهذا الخير العميم فقال لنا عز شأنه: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} يونس58

لابد أن نفرح بفضل الله علينا وبرحمة الله إلينا بهذا الدين القويم ، فنفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه سبب هذه النعم ، وقد قال في ذلك سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : {أصبحنا وما بنا من نعمة ظاهرة أو باطنة في دين أو دنيا إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم سببها وهو الذي أوصلها إلينا}

فالله كان يستطيع أن يُلْهمنا بهذا الدين من غير واسطة وأن يعلِّمنا القرآن وحْيا من لدنه ، لكنَّه عندما اختار سيِّد الأولين والآخرين ليُجْري على يديه هذا الفتح ويُقدِّر عليه هذا البِّر ، كان ذلك لخصوصية فيه ومزيِّة يقول فيها الله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء107

فالحمد لله الذي خصَّنا بالرحمة العُظْمى لجميع العالم

{1} رواه الشيخان وأحمد عن معاوية والترمذي عن ابن عباس والبزَّار عن ابن مسعود والبيهقي عن أنس
{2} مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة عن العرباض بن سارية

تسلم ايدك على الطرح الجيد وجزاك الله كل خير
اللهم لك الحمد على نعمة الاسلام
وصلى الله ةسلم وبارك على سيد البشرية محمد ابن عبد الله
بارك الله فيك وجازاك خير الجزاء على الموضوع القيم

القعدة اقتباس القعدة
القعدة
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن العجوز القعدة
القعدة
القعدة

(1) في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقهْهُ فِي الدينِ وَيُلْهِمْهُ رُشْدَهُ}{1}

{1} رواه الشيخان وأحمد عن معاوية والترمذي عن ابن عباس والبزَّار عن ابن مسعود والبيهقي عن أنس

………………………… ……………………….
(2)هذه النعمة ، نعمة الهداية ونعمة الإيمان ، مَنْ سببها؟ ومَنْ الذي أوصلها إلينا؟ ومَنْ الذي بسببه جعلنا الله مسلمين ومؤمنين؟ إنه سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبسببه وصلتنا كلمات الله وبه عرفنا الله ومنه تعلَّمنا أحكام الله وبفضله اهتدينا إلى طاعة الله فهو الذي علَّمنا الطاعة وهو الذي أمرنا بالخيرات وهو الذي بين لنا المنكرات والمحظورات وحذَّرنا منها بأبلغ بيان وأجْلى بُرْهان ، حتى قال صلى الله عليه وسلم: {قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى المحجة الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِها ، لاَ يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلاَّ هَالِكٌ}{2}

………………………… …………..
(3) فنحن نحتفل في هذه الأيام بدين الإسلام ، هذا الدين الذي خصَّنا الله به وأكرمنا الله به ، لا نحتفل برسول الله لشخصه ولا لذاته ولكن للهداية التي وصلت معه إلينا من الله والرسالة التي بلَّغها لنا من الله فنحتفل في الحقيقة بهذه الرسالة وهذا الفضل ، وقد أمرنا الله جميعاً أن نفرح بهذا الفضل العظيم وبهذا الدين القويم وبهذا الخير العميم فقال لنا عز شأنه: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} يونس58

(4) لابد أن نفرح بفضل الله علينا وبرحمة الله إلينا بهذا الدين القويم ، فنفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه سبب هذه النعم ، وقد قال في ذلك سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : {أصبحنا وما بنا من نعمة ظاهرة أو باطنة في دين أو دنيا إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم سببها وهو الذي أوصلها إلينا}
…………………………

(5) فالله كان يستطيع أن يُلْهمنا بهذا الدين من غير واسطة وأن يعلِّمنا القرآن وحْيا من لدنه ، لكنَّه عندما اختار سيِّد الأولين والآخرين ليُجْري على يديه هذا الفتح ويُقدِّر عليه هذا البِّر ، كان ذلك لخصوصية فيه ومزيِّة يقول فيها الله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء107

فالحمد لله الذي خصَّنا بالرحمة العُظْمى لجميع العالم


{2} مسند الإمام أحمد وسنن ابن ماجة عن العرباض بن سارية

القعدة القعدة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

أخي حسن العجوز هذه مجموعة من الأسئلة و التعليقات أرجوا من الله أن يتسع لها صدرك، و حينها سيكون ذلك من كريم خلقك.
(1)النقطة الأولى
في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقهْهُ فِي الدينِ وَيُلْهِمْهُ رُشْدَهُ}{1}

ذكر أنه

رواه الشيخان وأحمد عن معاوية والترمذي عن ابن عباس والبزَّار عن ابن مسعود والبيهقي عن أنس.
فهل رواه الشيخان بزيادة (و يلهمه رشده)؟
و هل يمكن حينها ذكر أرقام الحديث بهذه الزيادة في كل من الصحيحين؟

(2) النقطة الثانية:
هل فعلا بفضل رسول الله عليه الصلاة و السلام اهتدينا،يعني هكذا استقلالا كما ذكر المؤلف عفى الله عنه، أم أن الفضل أولا و أخرا في الهداية و غيرها من النعم لله تعالى، وهو كما أثبته صاحب الموضوع في البداية، مما يجعل خاتمة الموضوع و خلاصته لا تتوفق مع بداياته و مقدمته، و للذكرى و الذكرى تنفع المؤمنين، كان الصحابة رضي الله عنهم بل و حتى النبي البشير النذير صلى الله عليه و سلم كثيرا ما يرتجز بشعر عبد الله بن رواحة و فيه:
والله لولا الله ما اهتدينا … و لا صُمنا و لا صَلينا.
فهذا رسول الهدى محمد يعلنها صريحة أن الهداية محض منة ربانية الفضل فيها لله تعالى وحده، و هناك أدلة كثيرة من القرأن و السنة و قد ذُكر بعض منها في أصل الموضوع تكفي العاقل المتأمل و المتسبصر المسترشد في معرفة هذا الأصل العظيم من أصول الاعتقاد.

(3) النقطة الثالثة
زعم المؤلف أنه يحتفل في هذه الأيام يعني يوم المولد و لست أدري هل تعدد يوم المولد فصار أياما؟
يقول هو يحتفل بدين الاسلام، و هذه والله عجيبة أرد عليها في النقاط الأتية:


1- أعياد المسلمين توقفية عند الفقهاء الأربع من أئمة المذاهب و هي لا تعدوا أن تكون اثنين أو ثلاث، فمن أي فقه أُستنبط الاحتفال بالاسلام في يوم المولد؟ أم أن هذا من الاجتهاد الصائغ الذي يمليه الاستحسان بزعم أن في الاسلام بدعة حسنة، و أن هذا من التجديد في الدين؟
2-
أن الاختلاف في يوم مولده عليه الصلاة و السلام قائم منذ زمن، و قد عُد قول من قال أنه في الثاني عشر من ربيع الأول من أضعف الأقوال(و يأتي بيان ذلك فيما بعد بإذنه تعالى) بل إن المحقيقين من أهل السير رجحوا كون هذا اليوم يوم وفاته بدلا عن مولده عليه الصلاة و السلام، فهل يجعل يوم الاحتفال بالاسلام في يوم وفاة رسول الهدى محمد صلى الله عليه و سلم؟

و سأدرج التتمة لنفاستها من كلام العلامة ابن عثيمين رحمه الله رحمة واسعة و فيها بعض الرد على النقطة الرابعة.
يقول رحمه الله:


3- أما من الناحية التعبدية فإننا نقول: الاحتفال بالمولد ماذا يريد به المحتفلون؟ أيريدون إظهار محبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ إن كانوا يريدون هذا فإظهار محبته بإظهار شريعته عليه الصلاة والسلام والالتزام بها، والذود عنها وحمايتها من كل بدعة.
4-
أم يريدون ذكرى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ فذكرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصلة فيما هو مشروع كل يوم: فالمؤذنون يعلنون على المنائر أشهد أن محمداً رسول الله، والمصلون في كل صلاة يقول المصلى: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته

5-
أم يريد هؤلاء أن يكثروا من الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإظهار مناقبه؟ فنقول: نعم هذه الإرادة ونحن معهم نحث على كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونحث على إظهار مناقبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أمته؛ لأن ذلك يؤدي إلى كمال محبته وتعظيمه واتباع شريعته. ولكن هل ورد هذا مقيداً بذلك اليوم الذي ولد فيه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ أم إنه عام في كل وقت وحين؟
6-
اقرأ قول الله عز وجل: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) فهل نحن متبعون للمهاجرين والأنصار في إقامة هذا المولد، بل في إقامة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ فالجواب: لا؛ لأن الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين من بعدهم لم يقيموا هذا الاحتفال ولم يندبوا إليه أبداً
7-
أفنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منهم؟ أم هم غافلون مفرطون في إقامة هذا الحق للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ أم هم جاهلون به لا يدرون عنه؟ كل هذا لم يكن؛ لأن وجود السبب مع عدم المانع لابد أن يحصل مقتضاه، والصحابة لا مانع لهم من أن يقيموا هذا الاحتفال، لكنهم يعلمون أنه بدعة، وأن صدق محبة الرسول عليه الصلاة والسلام في كمال اتباعه .
8-
فإذا كان الإنسان صادقاً في محبة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي اعتقاده أنه سيد البشر فليكن ملتزماً بشريعته:ما وجد في شريعته قام به، وما لم يوجد أعرض عنه، هذا خالص المحبة وهذا كامل المحبة.
9-
ثم إن هذه الموالد يحصل فيها من الاختلاط والكلمات الزائدة في الغلو برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حتى أنهم يترنمون بالبردة المضافة إلى البوصيري وفيها يقول: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به …سواك عند حلول الحادث العمم __ كيف يقول: ما لي من ألوذ به سواك …عند حلول الحادث العظيم؟ هل هذا صحيح؟ هذا يعني أن هذا الذي أصيب بالحادث لا يرجع إلى الله عز وجل ولا يلوذ بالله عز وجل، وهذا شرك .
10-
ثم إنه يحصل بهذا الاحتفال بالمولد أشياء تشبه حال المجانين: سمعنا أنهم بينما هم جلوس إذا بهم يفزون ويقومون قيام رجل واحد، ويدَّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر في هذا المجلس وأنهم قاموا احتراماً له، وهذا لا يقع من عاقل فضلاً عن مؤمن، أشبه ما به جنون! فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في قبره لا يخرج إلى يوم البعث، كما قال الله عز وجل: (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)
والخلاصة أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يصح من الناحية التاريخية ولا يحل من الناحية الشرعية، وأنه بدعة، وقد قال أصدق الخلق وأعلم الخلق بشريعة الله: (كل بدعة ضلالة) . وإني أدعو إخواني المسلمين إلى تركه والإقبال على الله عز وجل، وتعظيم سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشريعته، وألا يحدث الإنسان في دين الله ما ليس من شريعة الله.وأنصحهم أن يحفظوا أوقاتهم وعقولهم وأفكارهم وأجسامهم وأموالهم من إضاعتها في هذا الاحتفال البدعي فنسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً الاتباع، نسأل الله تعالى إيماناً لا كفر معه، ويقيناً لا شك معه، وإخلاصاً لا شرك معه، واتباعاً لا ابتداع معه.

الدليل على رضا الله أن يفتح الله قلبك فتفتح كتاب الله وتقرأه في الليل والنهار ولا تملّ منه بل تريد الاستكثار لأنك تحسّ فيه برضا الواحد القهار ، والدليل على رضا الله أن يفتح الله عليك باب العمل الصالح لأنه هو المتْجر الرابح الذي يجعلك تخرج من الدنيا فتجد سعْيك مشكوراً فيقول الله تعالى لك ولأمثالك {وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً} الإنسان22

ان الله هو مسهل امور الخير ومفرج الهموم

بارك الله فيك على المعلومات القيمة

في تتمة الرد على النقطة الرابعة أريد بارك الله فيك ان أمكنك تخريجا لهذا الأثر المنسوب الى ابن عباس رضي الله عنه و لو نقلا عن المحقيقين الأفذاذ من أهل السنة الكرام، مع ذكر حكم المحدثين عليه.
أعني أثر: {أصبحنا وما بنا من نعمة ظاهرة أو باطنة في دين أو دنيا إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم سببها وهو الذي أوصلها إلينا}
…………………………

أما النقطة الخامسة، أقول اقتضت حكمة الله إرسال الرسل، ذلك أنه لما كان العقل البشري لا يتمكن من عبادة الله تعالى على الوجه الذي يرضاه ويحبه، وكذلك لا يستطيع التنظيم والتشريع المناسب للأمة على اختلاف طبقاتها؛ إذ لا يحيط بذلك إلا الله وحده؛ كان من حكمة الله ورحمته أن أرسل الرسل وأنزل الكتب لإصلاح الخلق وإقامة الحجة عليهم، قال تعالى: {رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ ومُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165].

فحكمة إرسال الرسل تتلخص في..
الأول: إقامة الحجة على الخلق، حتى لا يحتج أحد على الله فيقول {لَوْلا أَرْسَلْتَ إلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ ونَخْزَى} [طه:134]، لقد قطع الله هذه الحجة من أساسها بإرسال الرسل وتأييدهم بالآيات البينات الدالة على صدقهم، وصحة نبوتهم وسلامة طريقتهم.

الثاني: توجيه الناس وإرشادهم لما فيه الخير والصلاح لهم في دينهم ودنياهم؛ فإن الناس مهما أوتوا من الفهم والعقل والذكاء لا يمكنهم أن تستقل عقولهم بالتنظيم العام المصلح للأمة بأكملها، كأمة متماسكة متكافئة متساوية في إعطاء ذي الحق حقه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثلي كمثل رجل استوقد ناراً فلما أضاءت ما حولها جعل الفَرَاش -وهي الدواب التي تقع في النار– يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقتحمون فيها» (رواه البخاري)، فالرسل يذودون الناس عما يضرهم ويدعونهم إلى ما ينفعهم.

الثالث: جمع الأمة على دين واحد ورجل واحد، فإن انقياد الناس لما يشاهدونه من الآيات المؤيدة للأنبياء أسرع وأقوى وأشد تماسكاً؛ فإنهم يجتمعون عليه عن عقيدة راسخة وإيمان ثابت فيحصل الصلاح والإصلاح.
و منه يفهم أنه خلاف الحكمة من الخلق القاء الحق الى القلوب بالإلهام هكذا استقلالا لكل الخلق (كما يزعمه بعض دعاة الصوفية و الذين يقولون أنهم يأخذون من العلم اللادني من غير وسيط حتى جعلوا قراءة صلاة الفاتح خير من كذا و كذا ختمة للقرأن) و الا فما مفاد الأمر و النهي و النعيم و العذاب والجنة و النار و الله تعالى يقول في محكم تنزيله (أيحسب الانسان أن يترك سدى) أي لا يؤمر و لا ينهى كما جاء عن الفضيل ابن عياض رحمه.
الحقيقة الكلام يطول و أردت مجرد الاستفسار عمّا وجب عليه الاستفسار و التنبيه لما حقه ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.