عندما بدأ العرب المسلمون بنشر الدين الإسلامي وتحرير الشعوب المستعبدة وجدوا
أنفسهم في حاجة الى بناء مدن جديدة تلبي حاجتهم وتحمل طابعهم وتعكس عقيدتهم .
مدن تتوفر فيها كل الأهداف الأمنية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية والصحية .
فالبناء فكر وسلوك هما انعكاس للعقيدة التي يحملها الفرد .
فلم يكن بناءهم جزافاً وبشكل عشوائي وإنما بنيت بعد التشاور بين الذين يفهمون أكثر
من غيرهم في فن تخطيط المدن .
وتمثلت الخطوة الأولى بالإنتقاء المدروس للموقع الذي تتوفر فيه الشروط الموضوعية
المطلوبة ، ثم يحدد مكان المسجد وهو نقطة تجمع المسلمين ، ففيه تقام الصلاة خمس
مرات وإليه يأوي عابر السبيل ومن في حاجة للمساعدة ، فهو مؤسسة دينية إجتماعية
أساسية في تكوين المدينة . وبقرب المسجد بنيت دار الإمارة وحولهما تتوزع الأحياء
بإنتظام يفصل بينها طرق وأزقة محددة قياساتها .ووصل الإهتمام ببناء هذه المدن حتى بمواصفات البيوت وعدد غرفها ، كل ذلك مكتوب وموثق وما على القائم بالبناء إلا التنفيذ
كان ذلك في عصر الخليفة عمر بن الخطاب وكان لعمر ومن شاورهم في الأمر قصد ،
وهو ان تعبر هذه المدن عن عقيدة سكانها التي تدعوا الى الحب والتآزر وان يكونوا كالجسد الواحد ، وأن لايتجاوزوا القصد ولا يدنوا من الإسراف والأمة في طور الإعداد
وهي في حاجة لكل درهم ولكل فرد في المجتمع .
إن تجاوز القصد ليس من صفة المسلم ، خاصة إذا كان التجاوز لايتناسب مع دخله الشرعي ، إذ ان ذلك يؤدي الى البحث عن مصادر للدخل تكون في الأغلب غير مشروعة . فالكسب المشروع حسب الأخلاق الأسلامية لايؤدي الى لاثراء السريع .
ثم أضيف للمدينة الأسلامية الحمامات العامة والأسواق وكانت تحاط بسور تتخلله
الأبواب لحمايتها .
ولنا في مدننا العريقة المنتشرة من المحيط الى الخليج عبرة في ذلك .