الاختلاط في الدراسة 2024.

مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز

الاختلاط في الدراسة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد اطلعت على ما كتبه بعض الكتاب في جريدة الجزيرة بعددها رقم 3754 وتاريخ 15 4 1403 هـ الذي اقترح فيه اختلاط الذكور والإناث في الدراسة بالمرحلة الابتدائية . ولما يترتب على اقتراحه من عواقب وخيمة رأيت التنبيه على ذلك فأقول :
إن الاختلاط وسيلة لشر كثير وفساد كبير لا يجوز فعله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم « مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع » (1) . وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بالتفريق بينهم في المضاجع لأن قرب أحدهما من الآخر في سن العاشرة وما بعدها وسيلة لوقوع الفاحشة بسبب اختلاط البنين والبنات , ولا شك أن اجتماعهم في المرحلة الابتدائية كل يوم وسيلة لذلك كما أنه وسيلة للاختلاط فيما بعد ذلك من المراحل .
وبكل حال فاختلاط البنين والبنات في المراحل الابتدائية منكر لا يجوز فعله لما يترتب عليه من أنواع الشرور . وقد جاءت الشريعة الكاملة بوجوب سد الذرائع المفضية إلى الشرك والمعاصي وقد دل على ذلك دلائل كثيرة من الآيات والأحاديث , ولولا ما في ذلك من الإطالة لذكرت كثيرا منها . وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه " إعلام الموقعين " منها تسعة وتسعين دليلا . ونصيحتي للكاتب وغيره ألا يقترحوا ما يفتح على المسلمين أبواب شر قد أغلقت . نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .
ويكفي العاقل ما جرى في الدول التي أباحت الاختلاط من الفساد الكبير بسبب الاختلاط . وأما ما يتعلق بالحاجة إلى معرفة الخاطب مخطوبته فقد شرع
__________

(1) سنن أبو داود الصلاة (495),مسند أحمد بن حنبل (2/187).

(5/234)
النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يشفي بقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل » (1) فيشرع له أن ينظر إليها بدون خلوة قبل عقد النكاح إذا تيسر ذلك , فإن لم يتيسر بعث من يثق به من النساء للنظر إليها ثم إخباره بخلقها وخلقها . وقد درج المسلمون على هذا في القرون الماضية وما ضرهم ذلك بل حصل لهم من النظر إلى المخطوبة أو وصف الخاطبة لها ما يكفي , والنادر خلاف ذلك لا حكم له . والله المسئول أن يوفق المسلمين لما فيه صلاحهم وسعادتهم في العاجل والآجل وأن يحفظ عليهم دينهم وأن يغلق عنهم أبواب الشر ويكفيهم مكائد الأعداء إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
__________
(1) سنن أبو داود النكاح (2082),مسند أحمد بن حنبل (3/334).

(5/235)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.