أسرار التفوق الدراسي للأبناء 2024.

أسرار التفوق الدراسي للأبناء

يكتسب كتاب "دليل الآباء لتفوق الأبناء" أهمية خاصة؛ لأنه يحتوي على إجابات لعدد لا بأس به منالتساؤلات التي تؤرق الوالدين فيما يخص تعليم وتفوق أبنائهم. فالكتاب يؤكد لنا معكل دراسة أو تجربة ناجحة يسردها أن مفتاح النجاح الدراسي بيد الوالدين، فتفوقالأبناء وتميزهم دراسيًا ليس مستحيلاً إذا أدرك الوالدان أن للنجاح المدرسي "عادات" يمكن اكتسابها بغض النظر عن مستوى المدرسة ومستوى المدرسين.

النجاح.. عادة

في المقدمة يأخذنا الكاتبان: جاك ينج بلود وزوجته مارشا إلى مدارس ما وراءالبحار ـ إلى الهند؛ ليقصا علينا تجربة "كيفين" ذلك التلميذ الذي فشل في ترجمةذكائه إلى نجاح مدرسي، فقد أدرك والداه أن المدارس لا تكافئ سوى أنواع خاصة منالذكاء، مما قد يؤدي إلى الإحباط وتقويض الثقة بالنفس، فعمدا إلى تعليمه كيفيةتحديد الأوقات للقيام بواجباته المدرسية، وكيف يصبر ويثابر ويبذل كل طاقة لديه. نجحالوالدان نجاحًا باهرًا، فقد تفوق "كيفين" وحقق في الجامعة أعلى الدرجات، حتى صارمطلوبًا كمهندس ومقاول مبانٍ، حتى قبل تخرجه. ما قام به والدا "كيفين" يسمىالاستغراق أو المشاركة الإيجابية التيتعتبر بحق مفتاح النجاح، ليس الدراسي فحسب، بلالنجاح في الحياة بصورة عامة، ويؤكد لنا الكاتب أنه لا يهم إن كان الوالدان منالعاملين أو لا،

أو إن كانت مدرسة الابن /الابنة من المدارس الذائعة الصيتأم من المدارس الحكومية المتواضعة، فعن طريق المشاركة الإيجابية، وعن طريق التزاموتكريس الوقت والطاقة عبر فترة طويلة نسبيًّا، سيكسب الابن عادات النجاح المدرسي: المثابرة والعمل الجاد، والتحديد الجيد للأوقات والأولويات، والقدرة على مواجهةالمواقف الصعبة دونما ارتباك، وأهم من هذا وذاك: الثقة بالنفس.

الاستغراقالإيجابي:

أما الفصل الأول؛ فيشرح فيه الكاتبان حقيقة علمية، توصلت لهاالدراسات في الخمس عشرة سنة الماضية: الاستغراق، ومشاركة الوالدين الإيجابيةلابنهما لها أكبر التأثير عليه، بخاصة على نجاحه المدرسي، ويسبقان في الأهميةالمدرسين ومستوى المدرسة. فالرسالة إذًا واضحة؛ إن كنت ترغب في أن يمضي ابنك بطريقةجيدة في المدرسة فعليك بالاستغراق والمشاركة، بمعنى أن تمنحه الوقت الكافي كل يوم،وعليك العناية والاهتمام بواجباته الدراسية.

من بين تلك الدراسات، دراسة عنعشر عائلات أمريكية سوداء بشيكاغو، من سكان الأحياء الفقيرة متشابهة في معظمالنواحي اجتماعيًّا واقتصاديًّا، إلا أن خمسًا من هذه العائلات كان لديها أطفال ضمنأفضل 20% في فصلهم الدراسي، بينما كان أطفال العائلات الخمس الأخرى ضمن أسوأ 20% فيالفصل. لقد كان الفرق بين المتفوقين وغير المتفوقين هو ما أداه الوالدان معأطفالهم، وهو ما لخصه الوالدان في النقاط التالية:

1- التحدث باستمرار معأطفالهم.

2- التشجيع القوي لمتابعة الأداء الدراسي.

3- إقامة حدودواضحة داخل البيت.

4- خلق بيئة محفزة ومساعدة داخل البيت.

5- متابعة طريق قضاء الأطفال لأوقاتهم وتوجيههم.

وبالتالي، جاءت النتائج؛لتؤكد أن كافة العائلات مهما كان دخلها أومستواها التعليمي والمادي والاجتماعيتستطيع أن تتخذ خطوات محددة وواضحة من شأنها أن تساعد الأطفال على التعلم بصورةمتميزة.تعلم المشي.. نموذج يُحتذى إلا أن السبب الرئيسي لعدم استغراق ومشاركةالوالدين لأبنائهم هو عدم معرفتهما مدى أهمية ذلك لنجاح الطفل في التعليم، فبدلاًمن الاستغراق والمشاركة الإيجابية يقوم معظم الآباء بإضاعة الوقت في أعمال لا طائلمنها مثل: تعنيف الأطفال، أو أداء الواجب بدلاً منهم، أو الضغط عليهم لكي يحصلواعلى الدرجات المرتفعة بأي ثمن، ودفعهم إلى الشعور بالذنب، بل وعقابهم لحصولهم علىالدرجات المنخفضة، وهذا أول شيء علينا ألا نقوم به.

ثم ينقلنا الكاتبان إلىالخطوة الثانية؛ ألا وهي "إحياء نموذج مشاركتنا لأطفالنا حينما كانوا يتعلمونالمشي". وببساطة في الأسلوب، وبحجة علمية مقنعة للجميع يسأل الكاتبان القارئ: "هليمكن لك أن تتصور أن تُوقف طفلاً ثم تقول له: امشِ! وعندما يقع تقوم برفعه من علىالأرض وتضربه وتقول له: لقد طلبت منك أن تمشي. كلا إنك توقف الطفل إلا أنه يترنحقليلاً في اليوم الأول، فتتملكك الإثارة وتصيح: لقد وقفت لقد وقفت! ثم نقومبمعانقته وتقبيله أيضًا! وهكذا يومًا بعد يوم، حتى يدرك الصغير أن الأمر يشكل صفقةجيدة، فيبدأ بتحريك رجله أكثر وأكثر، وإن كان يواصل التعثر إلى أن يتمكن من المشيفي النهاية".

وبتذكر هذه المواقف، سوف ندرك أن العديد من الأشياء التي يقومبها الوالدان مفيدة ومؤثرة وصحيحة بمفردات نظرية "التلقين والتعليم". وعلى ذلك يكونالمفهوم الكامل الذي على الوالدين أن يتبنياه هو تشجيع الطفل على القيام بالمجهودبصورة متكررة ومعادة، ويمكن لهذا الأمر أن يتم بطرق متعددة ومتنوعة:

1 أنيُظهر الوالدان الاهتمام والحماس لجهود أطفا لهم.

2 إظهار الإثارة والإعجابتجاه أدنى تقدم يحرزه الطفل.

3 تشجيع كافة الجهود المعادة والمتكررة،وتجاهل كافة المحاولات غيرالموفقة أو الفاشلة.

ولو قام الوالدان بتشجيعأطفالهم على هذا النحو، فإنهم بذلك يمارسون عنصرين أساسين، معروفين في علم النفسالتربوي: التدعيم. التخلص من سلوك ما.

4 التدعيم عن طريق الاهتمام الكامللكل مجهود يقوم به الطفل، وإبداء الإعجاب عندما

يبدي الطفل، ولو أدنى تقدم.

5التخلص من سلوك ما، وذلك بتجاهل وعدم التعليق على إخفاقات الصغير، والنظرإلى مرات الفشل على أنها خطوات ضرورية من أجل النجاح الحقيقي. إن الآباء، بعدمإبداء اهتمامهم بالفشل، يسمحون بذلك للطفل بألا يعطي لفشله ـ هو الآخرـ أي اهتمام.

ماذا وراء إخفاق الوالدين؟ ولكن لماذا يخفق كثير من الآباء في تحقيق ذلك؟

(1)
عدم وضوح أو تحديد الأهداف:

هل هدفنا تحقيق الابن لأعلىالدرجات وتفوقه الدراسي فحسب؟ أم أن هدفنا أبعد من ذلك، وهو بناء شخصية متكاملة،عندها القدرة على مجابهة الحياة، وإثبات ذاتها والتميز في حياتها العامة؟ علينا أننخفف من اهتمامنا بالنتائج المباشرة للامتحانات، وأن نركز على قيمة "العمل" وليسالدرجات، ونعطي العمل الأولوية الحقيقية. فمجرد أن يصبح العمل الجاد عادةً راسخةلدى أبنائنا، فإن بقية الخصال الطيبة سوف تتحقق تلقائيًّا من كسب المهارة في تلقيالعلم إلى زرع الثقة في النفس.

فليس المطلوب التركيز على النتائج أو علىالدرجات، بل على "بذل المجهود" والتشجيع والاهتمام بأي مجهود مهما صغر.

(2) الحاجة إلى إعلاء قيمة العمل الجاد بدلاً من الموهبة:

هناك سبب ثانٍ لإخفاقالآباء في مهمتهم هذه، وذلك يكمن في رؤية الآباء لمفهوم الموهبة مقابل العمل الجاد. أظهرت الدراسات أن عددًا لا بأس به من الآباء ما يزالون يرون "الموهبة" والقدراتالشخصية هي المسئولة عن سوء أداء أبنائهم، وما يحتاجه الآباء فعلاً هو إعلاء قيمةالعمل الجاد بدلاً من الموهبة. هذه هي النتيجة التي توصل إليها "بنجامين بلوم" حينما اختار 120 شابًا من أكثر الشباب تألقًا والتزامًا، من بينهم:

سباحوالأوليمبياد، باحثون ذائعو الصيت، أبطال في التنس، عازفو بيانو، نحاتون حاصلون علىأعلى الشهادات وبعض الجوائز. فبالرغم من أن والديهم قد جاءوا من أوساط اجتماعيةواقتصادية مختلفة؛ فإنهم تشابهوا في تقديرهم للعمل الجاد والمثابرة، وتوضيحهملأولادهم أن المثابرة أهم من الموهبة والمقدرة الشخصية.

التوقعات الإيجابية

ثم يعود بنا الكاتبان مرة أخرى إلى "تجربة تعلم المشي"، فتوقع النجاح( والذي يسميه الكاتب الإيمان بالطفل) من قبل الوالدين، والمعتقدات الإيجابية،والتوقعات والأماني لها أهميتها في مساعدة الطفل على تعلم العمل الجاد، وهذا أحدأهم الأشياء التي على الوالدين التمسك بها؛ فالتوقعات الإيجابية بخصوص الأطفال تقومبتشكيل الأداء بطريقة قوية وفعالة.

يقول الباحث "ألبرت مصربيان" إن 93% ممانوصله إلى الآخرين، عما نحب أو نكره، لا يكْمُن في الكلمات التي ننطق بها، ولكن فينغمة الصوت وتعبيرات الوجه، فمشاعرنا سرعان ما تصل إلى الطفل حتى دون أن نترجمهاإلى كلمات منطوقة، ولكن كيف يمكن تغيير مشاعرنا وصورتنا السلبية إلى مشاعر وتوقعاتإيجابية. الأمر سهل: التركيز دائمًا ودومًا بصورة علنية في أثناء حديث الذاتبالتركيز على مواطن القوة في الطفل وخصاله الإيجابية. لا بد من أن يتم ذلك عن طريقتمرين جاد للتغيير (حديث النفس أو الذات) بأن يؤكد الوالدان لأنفسهما أن ابنهم طيب،عاطفي، يحبهم ،

إيجابي في تعامله مع الآخرين، وأن يُقدِّروا محاولاتهلاسترضائهم.

ولكي يكون لهذه الأمور أثرها وفعاليتها؛ ستحتاج إلى ترديدهامرات عديدة؛ ولذا ـ كما ينصحنا الكاتبان ـ عليك بكتابتها وتسجيلها، حتى يمكن لكتذكرها، وعليك بالاحتفاظ بها معك في داخل (جيبيك) أينما ذهبت، وعليك بوضعها فيأماكن يمكن لك فيها أن تشاهدها أو تلمحها. قم بقراءتها، ورددها لنفسك. كررها بصوتمرتفع وفي صمت أيضًا، وعندما تردد هذه التوكيدات، رددها مصاحبة للمشاعر بإحساس صادقوكأنك تعنيها فعلاً. عليك ترديدها بأكثر قدر من الإحساس والاقتناع.

إنناجميعًا، كآباء وأمهات، نحتاج إلى توقعات إيجابية وحنان وحب صادق؛ كي ننجح فيالمشاركة الإيجابية والاستغراق مع أبنائنا، إنه جوهر العلاقة بين الآباءوالأبناء

موضوع رائع
من
عضو اروع

الف شكر على التميز

في انتظار جديدك

..
..
..
..
تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.