أسباب سلامة الصدر 2024.

أسباب سلامة الصدر

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)) ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً*يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)). أما بعد :

معاشر المؤمنين : إن سلامة الصدر للمؤمنين والبعد عن التشاحن والبغضاء مطلب عظيم، كل صادق يتمناه، ويود معرفة الطريق إليه ليكون ممن أثنى الله عليهم بقوله: ((وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)) .
إن سلامة الصدر لها أسباب نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسرها لنا بمنه وكرمه.
من أسباب سلامة الصدر : الإخلاص، لأن من أخلص دينه لله فلن يغضب إلا لله عز وجل، ولن يحمل في نفسه لإخوانه المسلمين إلا المحبة الصادقة، يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم.
ومنها: رضى العبد عن ربه وامتلاء قلبه به، قال الإمام ابن القيم رحمه الله في الرضى: "إنه يفتح للعبد باب السلامة، فيجعل قلبه سليما نقيا من الغش والدغل والغل ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم"، ولذلك فإن من لم يرض عن الله بل كان ساخطا، فقلبه عن السلامة بمنأى، فالحسد من ثمرات السخط، ولذا قيل: إن الحاسد عدو نعمة الله سبحانه وتعالى.
ومنها: قراءة القرآن وتدبره، قال الله جل وعلا: ((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ))[الإسراء:82] وقال سبحانه وتعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ))[يونس:57] إن الذي يتدبر كتاب الله سبحانه وتعالى يجد فيه مصير البغي والشحناء والبغضاء، وعاقبة المتقين المتحابين في الله سبحانه وتعالى، كما في قصة ابني آدم وقصة يوسف عليه السلام مع إخوته.
ومن أسباب سلامة الصدر: الصدقة، فهي تطهر القلب وتزكي النفس، قال الله سبحانه وتعالى: ((خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا)) وروي عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: (داووا مرضاكم بالصدقة).
ومنها: الدعاء، فيدعو العبد ربه أن يسلم قلبه من الغل لأهل الإيمان، قال ربنا سبحانه وتعالى: ((((وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا)) وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يدعو ربه فيقول: (واسلل سخيمة قلبي) خرجه الإمام أبو داود.
ومنها: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر –أي: غله-؟ صوم ثلاثة أيام من كل شهر) خرجه الإمام النسائي.
ومنها: النصيحة، فإذا أخطأ لك فلا تجعل ذلك في قلبك، بل صارحه وانصح له، فقد يكون معذورا في فعله ويدري من الأمور ما لا تدريه، ولا حرج بحمد الله في النصيحة والرد على من وقع في خطأ، ولكن على المسلم أن يحسن نيته وأن يكون قصده إظهار الحق لا غير، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "ومن الفروق بين الناصح والمؤنب: أن الناصح لا يعاديك إذا لم تقبل نصيحته، بل يقول: قد وقع أجري على الله قبلت أو لم تقبل ويدعو لك بظهر الغيب، ولا يذكر عيوبك ولا يبينها في الناس والمؤنب بضد ذلك" انتهى كلامه رحمه الله. والواجب على المسلم أن يقبل النصيحة إن كانت بحق وألا يستكبر عن اتباع الهدى، والواجب على المسلم أن يقبل النصيحة إن كانت بحق، وأن لا يستكبر عن اتباع الهدى، بل شعاره ((سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)).
ومن أسباب سلامة الصدور: الهدية، لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا).
ومنها: إفشاء السلام، لقول النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم: (أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
ومن ذلك: الاعتذار للإخوان وحسن الظن بهم، رأى عيسى عليه السلام رجلا فقال له: "سرقت؟ قال: كلا والله الذي لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عيني"، قال عمر رضي الله عنه: "ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا"، وقال بعضهم: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم".
ومنها: السعي في للإصلاح بين المؤمنين، وإزالة ما بين الإخوان والأقارب من بغضاء، ((لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ)).
ومنها: تعويد النفس على العفو في المواضع التي يحمد فيها العفو ويحسن.

ومنها: أن يعتذر ممن ظلمه في مال أو عرض أو بدن، ويطلب منه الصفح والعفو، حتى تسلم الصدور وتزول الشحناء، وإن لم يفعل ويتحلل منه اليوم فإن الله يقتص للمظلوم من ظالمه، في يوم لا تخفى فيه على الله خافية، وما ربك بظلام للعبيد.
إلى ديان يوم الدين نمضي ** وعند الله تجتمع الخصوم
ومنها : أن يوطن نفسه على حب الخير لأهل الإسلام، فيسر إذا حصلت لإخوانه نعمة ويرجو ويفرح أن يزيد خيرهم، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، يقول ربنا سبحانه وتعالى: ((وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.