وكذلك تفعل الدنيا بأهلها !! فهل من متعظ؟
يااااااااا الله..على تقلبات الزمان وغدر الدنيا التي هي دنيا من الدناءة والدنو ؛سبحان مغير الأحوال ومقلب الليل والنهار
لـكـل شــئ إذا مــا تـــم نـقـصـان*** فـلا يغتـر بطيـب العـيـش إنـسـان
هـي الأمــور كـمـا شاهدتـهـا دول *** مـن سـره زمــن سـاءتـه أزمــان
وهـذه الـدار لا تبقـى عـلـى أحــد*** ولا يـدوم علـى حــال لـهـا شــان
اين الملوك ذوى التيجان من يمن*** وأيــن مـنـهـم أكـالـيـل وتـيـجـان
يا غافلا ولـه فـي الدهـر موعظـة*** إن كنت فـي سنـة فالدهـر يقظـان
يـا مـن لـذلـة قــوم بـعـد عزتـهـم *** أحـــال حـالـهـم جـــور وطـغـيـان
بالأمس كانوا ملوكـا فـي منازلهـم*** واليوم هم في بـؤس الـذل إخـوان
إن كنت ظالما فاحترس فان دورك آت؟
إن كنت لا تحكم بما أنزل الله فيوشك الله أن يأخذك كما أخذ الذين من قبلك ؛ هؤلاء نسوا الله فأنساهم الله أنفسهم وأملى الله لهم حتى إذا أخذهم لم يفلتهم ؛ أخذهم أخذ عزيز مقتدر وسلط على كل منهم من يذيقه من نفس كأس الذل الذي سقوا منه شعوبهم ولكل ظالم نهاية..أما كان لهم في سلفهم عبرة وآية ويقول تعالى في الحديث القدسي مخاطبا الدنيا ( إني قضيت عليكِ حين خلقتك ألا تدومي لأحد ولا يدوم لكِ أحد )
يا نيافة الملوك ويا سيادة الرؤساء
إنمـا الدنـيـا فـنـاء ليس للدنيـا ثبـوت
إنمـا الدنيـا كبـيـت نسجتـه العنكبـوت
كل ما فيها لعمـري عن قريب سيموت
ولقـد يكفيـك منهـا أيهـا العاقـل قــوت
يا كل متكبر جبار..الدنيا كمثل غيث أعجب الكفار ، يعنى الزراع ـ نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما واسألوا هؤلاء إن كنتم لقولي غير مصدقين( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون..)
( الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون )، ( الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله عز وجل )
هي الدنيـا تقـول بمـلء فيهـا حذار حذار من بطشي وفتكي
فـلا يغرركمـو مـنـى ابتـسـام فقولي مضحك والفعـل مبكـى
قال على بن أبى طالب رضي الله عنه ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا.
الدنيا إذا حلت أوحلت وإذا كست أوكست وإذا أينعت نعت وإذا جلت أوجلت ، واسألوا هؤلاء إن كنتم لا تعلمون أو إن كنتم لكلامي مكذبين( إن في ذلك لآيات لأولى النهى )
هؤلاء منهم من سلط الله عليه الكفار فقتلوه وهو أحسنهم حالا ومنهم من خرج هاربا فارا ذليلا من بلده ..جزاءا وفاقا ومنهم من هو تحت المساءلة والمحاكمة ليذوق وبال أمره وينتظره السجن الذي طالما ألقى فيه أناس لا لشئ إلا لأنهم يقولون لا إله إلا الله( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد )؟!
عن أبى موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقي على ما يفني.
لو كانت الدنيا خزف يبقى والآخرة ذهب يفنى لكان ينبغي إيثار خزف يبقى على ذهب يفنى فكيف والدنيا خزف يفنى والآخرة ذهب يفنى.
هل عرفتم حقيقة الدنيا ؟
فكونوا من أبناء الدنيا ومن الفطنين العاقلين ولتكن لكم في هؤلاء آية
إن لله عــبـــادا فــطــنــا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظـروا فيهـا فلمـا علمـوا أنهـا ليسـت لحـى وطـنـا
جعلـوهـا لـجـة واتـخـذوا صالح الأعمال فيها سفنا
قال: فمرا على وجوههما حتى مرا بظباء فدعا عيسى عليه السلام ظبياً منها فذكاه فأكلا منه، ثم قال عيسى عليه السلام للظبي: قم بإذن الله، فإذا هو يشتد. فقال الرجل: سبحان الله! فقال عيسى عليه السلام: بالذي أراك هذه الآية من أكل الرغيف الثالث? فقال: ما كانا إلا رغيفين!
قال: فمضيا على وجوههما فمرا بنهر عظيم عجاج، فأخذ عيسى عليه السلام بيده فمشيا على الماء حتى جاوزا الماء فقال الرجل: سبحان الله! فقال عيسى عليه السلام: بالذي أراك هذه الآية من أكل الرغيف الثالث? فقال: ما كانا إلا رغيفين.
فخرجا حتى أتيا قرية عظيمة خربة، وإذا قريب منها ثلاث لبنات من ذهب، فقال الرجل: هذا مال! فقال عيسى عليه السلام: أجل هذا مال، واحدة لي وواحدة لك وواحدة لصاحب الرغيف.. فقال الرجل: أنا صاحب الرغيف! فقال عيسى: هي لك كلها!
ففارقه فأقام عندها ليس معه ما يحملها عليه، فمر به ثلاثة نفر فقتلوه وأخذوا الثلاث لبنات، فقال اثنان منهم لواحد: انطلق إلى القرية فأتنا منها بطعام. فذهب فقال أحد الباقيين للآخر: تعال نقتل هذا إذا جاء ونقتسم هذا بيننا! فقال الآخر: نعم. وقال الذي ذهب: أجعل في الطعام سماً فأقتلهما وآخذ اللبن! ففعل، فلما جاء قتلاه وأكلا من الطعام الذي جاء به، فماتا. فمر بهم عيسى ومعه الحواريون فأشار إليهم وهم حولها مطروحون، فقال: هكذا تفعل الدنيا بأهلها! ما أقسى الدنيا على أهلها..فهؤلاء لم يشكروا نعمة الله إذ أنعم الله عليهم فلم يشكروا نعم الله وقابلوها بالجحود والنكران وقد آتاهم الله الملك والسلطان فلم يؤدوا شكر هذه النعم وابتلاهم فرسبوا في الاختبار فكان الخزي والهوان.
كما فعل أصحابنا..منهم من كان طبالا فمن الله عليه وآتاه المال والجاه والمنصب ولكنه لم يعترف بنعمة الله ولم يؤد شكرها.
يذكرني بقصة الأقرع والأبرص والأعمى..أعرف أنى أطلت عليكم لكن نختم بها لما فيها من عظة وعبرة:
جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن ثلاثة في بني إسرائيل (أبرص وأقرع وأعمى) أراد الله أن يبتليهم (يختبرهم) فبعث إليهم ملكاً .
يأتي الملك الرجل الأبرص
الملك : أي شئ أحب إليك ؟. الأبرص : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عن الذي قد قذرني الناس .
يمسحه الملك ، فيذهب عنه قذرة ، ويعطي لوناً حسناً ، وجلداً حسناً
الملك : فأي المال أحب إليك ؟ .
الأبرص : الإبل .
يعطي ناقة عشراء حاملاً
الملك : بارك الله لك فيها .
يأتي الملك الرجل الأقرع.
الملك : أي شئ أحب إليك ؟ .
الأقرع : شعر حسن ويذهب عن الذي قذرني الناس .
يمسحه الملك فيذهب عنه داؤه ويعطي شعراً حسناً.
الملك : فأي المال أحب إليك ؟ .
الأقرع : البقر .
يعطى بقرة حاملاً .
الملك : بارك الله لك فيها .
يأتي الملك الرجل الأعمى
الملك : أي شئ أحب إليك ؟ .
الأعمى : أن يرد الله إلى بصري ، فأبصر به الناس .
يمسحه الملك ، فيرد الله إليه بصره
الملك : فأي المال أحب إليك .
الأعمى : الغنم .
يعطى شاة والداً حاملاً
كان لهذا وادٍ من الإبل ، ولهذا وادٍ من البقر ، ولهذا وادٍ من الغنم.
يأتي الملك الرجل الأبرص في صورة أبرص
الملك : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيراً أتبلغ عليه في سفري ،( أصل به إلى أهلي .)،
الأبرص (في ضيق) : الحقوق كثيرة .
الملك (في استغراب) : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يقذرك الناس . فقيراً فأعطاك الله .
الأبرص ( في إنكار) : إنما ورثت هذا المال كابر عن كابر . (أباً عن جد( .
الملك : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
ثم يأتي الملك الرجل الأقرع في صورة أقرع
الملك : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك الشعر الحسن والمنظر الحسن والمال ، بقرة أتبلغ بها في سفري .
الأقرع (في ضجر) : الحقوق كثيرة .
الملك (متعجباً) : كأني أعرفك ، ألم تكن أقرع يقذرك الناس ؟ .
الأقرع (في استكبار) : إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر ( أباً عن جد).
الملك : إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت .
يأتي الملك الرجل الأعمى في صورة أعمى .
الملك : رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك ـ شاة أتبلغ بها في سفري .
الأعمى ( شاكراً معترفاً) : قد كنت أعمى فرد الله إلىّ بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك اليوم ( لا أعارضك) بشئ أخذته لله عز وجل .
الملك : أمسك مالك ، فإنما أبتليتم( اختبرتم) فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك
فهكذا الدنيا تفعل بأهلها..فاحذروا الدنيا !!
فإن كنت ظالما فتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم( إن الله ليملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) فالله يمهل ولا يهمل .. إن كنت ظالما فتأهب فدورك آت لا محالة أو تب وأقلع إن أردت النجاة وليكن لك في هؤلاء عبرة.
وصلى اللهم على سيدنا محمد
شكر الله لك جهدك
واااااااااصلي
سلامي
|