كانت رأس الخيمة تعرف سابقا بمدينة جلفار، وهي مدينة تعمل بالملاحة والبحر، ومنها أشهر البحارة العرب شهاب الدين أحمد بن ماجد، الذي اشتهر بابتكار تقنيات جديدة في الملاحة وعمل على تطوير البوصلة، كما أنه قام بمساعدة البحار البرتغالي فاسكو دي جاما في التغلب على المشكلات التي تعتري الإبحار باتجاه الهند وذلك في نهاية القرن الخامس عشر، وعرفت جلفار لدى العديد من الرحالة والمؤرخين المسلمين، وعرفت بجانب شهرتها بالملاحة بوجود المراعي الخصبة الأمر الذي جعلها تشتهر بتربية الأغنام، وتعد بموقعها القريب من مضيق هرمز خاصرة مهمة في تأمين الخليج العربي، ولذلك اشتهرت قبائل رأس الخيمة بتمسكها بتقاليد قتالية وعسكرية عتيدة، تمثلت في العديد من الممارسات الاجتماعية، ولعل الرقصات الشعبية التي تشبه الاصطفاف لدخول معركة تمثل أحد الملامح الثقافية لأهالي رأس الخيمة.
استوطن الإنسان هذه المنطقة من زمن طويل، فتوجد في المدينة العديد من الآثار التاريخية التي تؤكد وجود الحضارة في عصور قديمة، إلا أنها دخلت مرحلة جديدة من تاريخها مع ظهور الإسلام، وتبقى التسمية مرتبطة بالخيمة التي كانت تنصبها الملكة الزباء على أحد الجبال العالية، مع أن هذه الرواية لا تكتسب شهرة تاريخية وليس ممكنا نفيها أو تأكيدها، إلا أن المدينة كانت تشتهر بالخيام مع وجود بعض المباني، وفي العصر الإسلامي الأول كانت المدينة الموقع الذي انطلق منها الفتح الإسلامي تجاه الأقاليم الجنوبية من الإمبراطورية الفارسية، حيث توجه والي الخليفة عمر بن الخطاب عثمان بن أبي العاص الثقفي على رأس جيش بحري للسواحل الفارسية ليحقق أكثر من انتصار مهم في المنطقة.
مع بدء حركة الكشوفات الجغرافية الأوروبية تطلع البرتغاليون لتأمين طريقهم تجاه الهند والسيطرة على منفذ بحري مهم، وكانت المدن العمانية أحد الأهداف الأساسية للبرتغاليين، وتحولت المدينة إلى أحد مراكز المقاومة في الخليج، وبعد سنوات من الحكم البرتغالي تمكن السلطان ناصر بن مرشد اليعربي من استعادة المدينة، وضمها إلى الدولة اليعربية، وكما قاومت المدينة المطامع البرتغالية تصدت أيضا للفرس والهولنديين، وفي تلك المرحلة بدأت المدينة تتبع لسلطان قبائل القواسم القوية في الجزء الداخلي من عمان، وكذلك فإن رأس الخيمة تشتهر بجبالها العالية التي مثلت دائما قاعدة مهمة للمجاهدين، وفيها تستوطن قبائل الشحوح التي بقيت لقرون، وما زالت، محتفظة بمجموعة من المظاهر المرتبطة بالتاريخ القتالي للمدينة، حيث ما زالت تعتمد على أسلوب المناداة القديم الذي كان متبعا للتجمع لمواجهة العدوان الخارجي.
تعد رأس الخيمة حاليا مدينة عصرية، تعد عاصمة إمارة رأس الخيمة التي انضمت لعضوية الإمارات العربية المتحدة، وتحاول المنافسة مع مدن الإمارات والخليج العربي في الأنشطة التجارية، حيث أنها غير منتجة للنفط، ويسكن المدينة أكثر من مائتي ألف نسمة بحسب آخر الاحصائيات، وتعد نسبة الأجانب من سكانها منخفضة قياسا ببقية مدن الإمارات، وبالمدينة العديد من المصانع الكبيرة والأسواق التجارية ويوجد بها أكثر من جامعة وفروع لجامعات عالمية مختلفة، وخارج المدينة التي أخذت الصورة العصرية في الفترة الأخيرة توجد مجموعة من المناطق الطبيعية المميزة بأشجارها وحيواناتها النادرة وخاصة الغزلان والمها العربية، وكذلك الأشجار النادرة لوقوعها في طرف منطقة الأمطار الموسمية في الخليج.