تخطى إلى المحتوى

معوقات التزام المسلم في بلاد الغرب 2024.

يمكن أن نصف المسلمين في بلاد الغرب، أو من يمكن أن نطلق عليهم أقليات مسلمة، بين متدين متمسك بدينه، حصَّل قدرًا من الثقافة الإسلامية التي تجعله يقيم فرائض دينه، وينأى بنفسه عن كل ما يناقض الشرع الإسلامي؛ وبين مسلم بالهوية فقط، لا يعلم من دينه سوى قشور سطحية لا تؤهل صاحبها لكي يكون ملتزمًا حق الالتزام. ولكن ما هي المعوقات التي تحول بين مسلمي الغرب وبين الالتزام والتدين، والسير حسب الشريعة الإسلامية قولاً وعملاً؟
التدين والالتزام من الفطرة: خلق الله تعالى الناس جميعًا على فطرة نقية تحب الخير والرشاد، وتنفر من الشر والضلال، فالتدين والالتزام جزء من الفطرة، بل هو الفطرة النقية التي تفطر الله الناس عليها، قال الله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم:30]، قال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية: ‘إنه تعالى فطر خلقه على معرفته وتوحيده وأنه لا إله غيره’ ا.هـ.

وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة وعبد الله بن وهب رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ‘ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟’، فالتدين الحق هو التزام الحق بكل ما أمر به الله ورسوله من دون إفراط أو تفريط، وهو فطرة في كل إنسان.

الجهل بأمور الدين: إن الكثير من المسلمين الذين يعيشون في بلاد الغرب يجهلون فرائض دينهم ولا يعرفون ما هو المعلوم من الدين بالضرورة، وهذا جهل يرجع إلى التقصير الفادح من قبل المؤسسات الدعوية الإسلامية، التي تعجز أن توفر لهؤلاء دروسًا تعليمية أو كتبًا إرشادية بلغاتهم، لتعليمهم أساسيات الدين الإسلامي في الوقت الذي لا تكل أو تمل المؤسسات التنصيرية من تشويش أفكار المسلمين لتجعلهم مسلمين بالهوية فقط، ومن هذا المنبر الإعلامي المتميز نوجه نداءً إلى كل المؤسسات الدعوية الإسلامية أن تشمر عن ساعد النشاط والجد، وأن تسعى جاهدة لإنقاذ هؤلاء من الجهل المطبق بأحكام الشرع الإسلامي، وما حدث أخيرًا في أمريكا من قيام امرأة بإمامة المصلين في صلاة الجمعة بمن فيهم من الرجال يدل على عدم فهم أمور الدين، وهذا يتطلب دعاة يتقنون اللغات ويحسنون الحوار ويفقهون الأحكام، ليوضحوا للمسلمين في تلك الديار ما غاب عنهم من فقه وأحكام حتى لا تضيع هويتهم.

التخوف من الالتزام: قد يكتفي بعض المسلمين في الغرب إن لم يكن الكثير منهم بالقول إنني مسلم، من دون إلزام نفسه بأي تكاليف شرعية أو مشاركة لإخوانه في عمل اجتماعي أو دعوي، وذلك نتيجة للجو العام المشاع، والكراهية المتزايدة تجاه المسلمين بعد ما استجد من أحداث وصراعات على الساحة الدولية، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بأمريكا فالمسلم عند عامة الغربيين هو الإرهابي المخرب المدمر القاتل، وقل ما شئت من الأوصاف التي تروج لها كل وسائل الإعلام الغربية بجميع أشكالها المقروءة المسموعة والمرئية، حتى المسلم في مخيلتهم رمز الفساد والشر، لذا فإن المسلم في تلك البلاد يحاول قدر الإمكان إبعاد نفسه عن دائرة الضوء، التي بسببها قد يتعرض إلى التوقيف والاعتقال والمضايقات المستمرة هو وأهله والتي قد تصل إلى الترحيل من البلاد.

صورتان متناقضتان: بعضهم يصبغ نفسه بالصبغة الأوروبية فيجاري الغربيين في كل شيء من دون مراعاة لأحكام الإسلام الذي ينتمي إليه، فهو يسمي أبناءه بأسماء غربية، ويمارس العادات الغربية في الملبس والهيئة، وقد يتناول الأطعمة والأشربة المحرمة من دون مبالاة، وقليلاً من يتذكر أن عليه فرائض وأركانًا لا بد وأن يؤديها مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج وغير ذلك، ولا نحكم على الجميع بهذا الحكم، فإن منهم من يلتزمون بدينهم أشد من التزام الكثيرين من الذين يعيشون في البلدان الإسلامية، فالرجل يربي أبناءه على مائدة القرآن الكريم والتربية الإسلامية، والمرأة المسلمة تلتزم العفة والطهارة، ولا تفرط في حجابها الذي تعتبره دينها وحياتها، وقد رأينا الانتفاضة والثورة التي قامت وما قعدت حتى الآن حين قررت السلطات الفرنسية منع المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس. والكثير أيضًا من مسلمي الغرب يمتنع عن تناول الأطعمة والأشربة المحرمة، ويبحث دائمًا عن الحلال.

أماكن العبادة والملتقيات: يجد المسلمون في الغرب صعوبات كبيرة في إيجاد مكان يتجمعون فيه للصلاة خاصة صلاة الجمعة، فيضطرون إلى استئجار أماكن مثل جراجات السيارات والحدائق والشقق، في الوقت الذي لا يسمح لهم فيه ببناء مساجد، وهذا يظهر العنصرية التي يتعرض لها المسلمون من قبل أدعياء الحرية، هذه العنصرية تشمل الحرمان من الوظائف والإجراءات الأمنية التي يتعرضون لها، إذا ما تم تنظيم تجمع أو ملتقى أو مؤتمر يخص المسلمين أو يبحث شؤونهم.

واجبنا تجاه إخوة العقيدة كبير، والحمل ثقيل على المؤسسات والحكومات والمنظمات الإسلامية، لتمدهم بما يعينهم على الاستقامة وبما يؤهلهم للرد على افتراءات الغرب واتهاماتهم المتواصلة للإسلام وشريعته ولا أظن صعب المنال إذا ما أخذناه مأخذ الجد والاهتمام.

أسأل الله العظيم ..
الرحمن الرحيم ..
المنان الكريم ..
رب العرش العظيم ..
الملك العليم ..
أن يدخلك جنة النعيم ..
ويحفظك من الشيطان الرجيم ..
ويعتق رقبتك من عذاب النار الأليم ..
ويحفظ بدنك سليم ..
ويهديك صراطه المستقيم ..
ويسقيك من عين تسنيم ..
ولا يطعمك من طعام الأثيم ..
ولا يذوقك من عذاب الجحيم ..
*******

باررك الله فيكم على الموضوع المميز …
فعلا أخي الفاضل فهذه بالجملة ما يعوق المسلم عن أن يلتزم حق الالتزام خاصة وأن المسلم يكون في بلاد الغرب فالفتن من حوله كثيرة والشبهات عظيمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.