السؤال (53): فضيلة الشيخ، ما هي أبرز خصائص الفرقة الناجية؟
الجواب : أبرز خصائص الفرقة الناجية هي التمسك بما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام في العقيدة ، والعبادة ، والأخلاق، والمعاملة ، هذه الأمور الأربعة تجد الفرقة الناجية بارزة فيها .
ففي العقيدة: تجدها متمسكة بما دل عليه الكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، من التوحيد الخالص في ربوبية الله وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
وفي العبادات : تجد هذه الفرقة متميزة في تمسكها التام وتطبيقها لما كان النبي عليه الصلاة السلام عليه في العبادات ، في أجناسها ، وصفاتها ، وأقدارها ، وأزمنتها ، وأمكنتها ، وأسبابها ، فلا تجد عندهم ابتداعاً في دين الله ، بل هم متأدبون غاية التأدب مع الله ورسوله ، لا يتقدمون بين يدي الله ورسوله ، في إدخال شيء من العبادات لم يأذن به الله عز وجل.
تجدهم أيضاً في الأخلاق متميزين عن غيرهم بحسن الأخلاق ، بمحبة الخير للمسلمين، بانشراح الصدر ، بطلاقة الوجه، بحسن المنطق، إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق ومحاسنها.
وفي المعاملات تجدهم يعاملو الناس بالصدق والبيان اللذين أشار إليهما النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا، بورك لهما في بيعهما ، وإذا كذبا وكتما ، محقت بركة بيعهما"(31)، فهذه الميزة والعلامة لأهل السنة والجماعة ، للفرقة الناجية التي كانت على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
تأثير نقص بعض الخصائص
السؤال (54) : فضيلة الشيخ، لكن هل يلزم توافر أو تكامل هذه الخصائص في الأمور الأربعة وهي : العقيدة ، والعبادة ، والأخلاق، والمعاملات ، دون نقص؟ وهل إذا نقص منها شيء يخرج الإنسان بذلك من الفرقة الناجية أم أن النقص لا يخرجه من ذلك؟
الجواب : النقص من هذه لا يخرج الإنسان عن كونه من الفرقة الناجية، لكن كما قال تعالى: (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا )(الأنعام: 132) ، ربما الإخلال في جانب التوحيد، أو جانب البدع، يخرج الإنسان عن هذه الفرقة الناجية ، مثل أن يدخل في عباداته أو يكون الإخلال بالإخلاص، وكذلك في البدع، لكن في مسألة الأخلاق والمعاملات، فالإخلال بها لا يخرج الإنسان من هذه الفرقة الناجية وإن كان آثماً على إخلاله بذلك.
السؤال (55): فضيلة الشيخ ، هل هناك إضافة حول خصائص هذه الفرقة الناجية؟
الجواب : الحقيقة أنه ليس هناك من إضافة ، لأن الأصول الأربعة التي ذكرناها واضحة وكافية ، لكن قد نحتاج إلى تفصيل في مسألة الأخلاق ، فإن من أهم ما يكون من الأخلاق : اجتماع الكلمة ، والاتفاق على الحق الذي أوصانا الله به سبحانه وتعالى في قوله : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ )(الشورى: 13).
وأخبر أن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً أن محمداً صلى الله عليه وسلم بريء منهم ، فقال الله عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ )(الأنعام: 159) ،فاتفاق الكلمة وائتلاف القلوب من أبرز خصائص الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة ، فهم أعني الفرقة الناجية إذا حصل بينهم خلاف ناشئ عن اجتهاد في الأمور الاجتهادية ، لا يحمل بعضهم على بعض حقداً ولا عداوة ولا بغضاء ، بل يعتقدون أنهم إخوة ، حتى وإن حصل بينهم هذا الخلاف ، حتى إن يصلى الواحد منهم خلف الشخص، يعتقد المأموم أنه ليس على وضوء، ويعتقد الإمام أنه على وضوء ، مثل أن يصلي الواحد منهم خلف شخص أكل لحم إبل، وهذا الإمام يعتقد أنه لا ينقض الوضوء ، والمأموم يعتقد أنه ينقض الوضوء فيرى أن الصلاة خلف ذلك الإمام صحيحة، وإن كان هو لو صلاها بنفسه لرأى أن صلاته غير صحيحة،كل هذا لأنهم يرون أن الخلاف الناشئ عن اجتهاد فيما يسوغ فيه الاجتهاد ليس في الحقيقة بخلاف، لأن كلا من المختلفين قد تبع ما يجب عليهما إتباعه من الدليل الذي لا يجوز له العدول عنه، فهم يرون أن أخاهم إذا خالفهم في عمل ما إتباعاً للدليل ، هو في الحقيقة قد وافقهم ، لأنهم هم يدعون إلى إتباع الدليل أينما كان ، فإذا خالفهم موافقة للدليل عنده، فهو في الحقيقة قد وافقهم،لأنه تمشى على ما يدعون إليه ، ويهدفون إليه، من تحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ولا يخفى على كثير من أهل العلم ، ما حصل من الخلاف بين الصحابة في مثل هذه الأمور ، حتى في عهد نبيهم صلى الله عليه وسلم ولم يعنف أحداً منهم ، فإنه عليه الصلاة والسلام لما رجع من غزوة الأحزاب، وجاءه جبريل ، وأشار إليه أن يخرج إلى بني قريظة الذين نقضوا العهد، ندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فقال: "لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة"(32). فخرجوا من المدينة إلى بني قريظة، وأرهقتهم صلاة العصر ، فمنهم من أخر صلاة العصر حتى وصل إلى بني قريظة بعد خروج الوقت، ولم يصل إلا بعد غروب الشمس ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"ومنهم من صلى الصلاة لوقتها ، وقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد منا المبادرة للخروج ، ولم يرد منا أن نؤخر الصلاة عن وقتها ، وهؤلاء هم المصيبون، لكن مع ذلك لم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم واحدة من الطائفتين ، ولم يحمل كل واحد على الآخر عداوة أو بغضاء بسبب اختلافهم في فهم هذا النص.
لذلك أرى أن الواجب على المسلمين الذين ينتسبون إلى السنة أن يكونوا أمة واحدة، وألا يحصل بينهم تحزب ، هذا ينتمي إلى طائفة ما ، والآخر ينتمي إلى طائفة أخرى ، والثالث إلى طائفة ثالثة وهكذا، بحيث يتناحرون فيما بينهم بأسنة الألسن، ويتعادون ويتباغضون من أجل اختلاف يسوغ فيه الاجتهاد ، ولا حاجة إلى أن أنص على طائفة بعينها، ولكن العاقل يفهم ويتبين له الأمر ، فأرى أنه يجب على أهل السنة والجماعة أن يتحدوا حتى وإن اختلفوا فيما يختلفون فيه مما تقتضيه النصوص حسب أفهامهم، فإن هذا أمر فيه سعة ولله الحمد، والمهم ائتلاف القلوب ، واتحاد الكلمة ، ولا ريب أن أعداء المسلمين يحبون من المسلمين أن يتفرقوا ، سواء كانوا أعداء يصرحون بالعداوة أو أعداء يتظاهرون بالولاية للمسلمين أو للإسلام ، وهم ليسوا كذلك ، فالواجب أن نتميز بهذه الميزة التي هي ميزة الطائفة الناجية وهي الاتفاق على كلمة واحدة.
( لذلك أرى أن الواجب على المسلمين الذين ينتسبون إلى السنة أن يكونوا أمة واحدة، وألا يحصل بينهم تحزب ، هذا ينتمي إلى طائفة ما ، والآخر ينتمي إلى طائفة أخرى ، والثالث إلى طائفة ثالثة وهكذا، بحيث يتناحرون فيما بينهم بأسنة الألسن، ويتعادون ويتباغضون من أجل اختلاف يسوغ فيه الاجتهاد ، ولا حاجة إلى أن أنص على طائفة بعينها، ولكن العاقل يفهم ويتبين له الأمر ، فأرى أنه يجب على أهل السنة والجماعة أن يتحدوا حتى وإن اختلفوا فيما يختلفون فيه مما تقتضيه النصوص حسب أفهامهم، فإن هذا أمر فيه سعة ولله الحمد، والمهم ائتلاف القلوب ، واتحاد الكلمة ، ولا ريب أن أعداء المسلمين يحبون من المسلمين أن يتفرقوا ، سواء كانوا أعداء يصرحون بالعداوة أو أعداء يتظاهرون بالولاية للمسلمين أو للإسلام ، وهم ليسوا كذلك ، فالواجب أن نتميز بهذه الميزة التي هي ميزة الطائفة الناجية وهي الاتفاق على كلمة واحدة).
أعجبتني صراحة كثيرا فاقتبستها لزيادة التركيز عليها و فهم معناها الظاهر و الذي و الله لو عملنا بما جاء فيها من النصح لكفانا شرا كثيرا و خطرا مستطيرا.