تخطى إلى المحتوى

لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها 2024.

  • بواسطة
الى القرآن من جديد

الذي صلح به أول هذه الأمة حتى أصبح سلفاً صالحاً هو هذا القرآن الذي وصفه منزِّلُه بأنه إمام, وأنه موعظة, وأنه نور, وأنه بينات, وأنه برهان, وأنه بيان, وأنه هدى, وأنه فرقان, وأنه رحمة, وأنه شفاء لما في الصدور, وأنه يهدي للتي هي أقوم, وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, وأنه قول فصل وما هو بالهزل. ووصفه من أنزل على قلبه، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنه لا يخلق جديده, ولا يبلى على الترداد, ولا تنقضي عجائبه, وبأن فيه نبأ من قبلنا, وحكم ما بعدنا, ثم هو بعد حجة لنا أو علينا.

القرآن هو الذي أصلح النفوس التي انحرفت عن صراط الفطرة, وحرر العقول من ربقة التقاليد السخيفة, وفتح أمامها ميادين التأمل والتعقل, ثم زكى النفوس بالعلم والأعمال الصالحة, وزينها بالفضائل والآداب. والقرآن هو الذي أصلح بالتوحيد ما أفسدته الوثنية, وداوى بالوحدة ما جرحته الفرقة واجترحته العصبية, وسوى بين الناس في العدل والإحسان, فلا فضل لعربي – إلا بالتقوى – على عجمي, ولا لملك على سوقة إلا في المعروف, ولا لطبقة من الناس فضل مقرر على طبقة أخرى.


والقرآن هو الذي حل المشكلة الكبرى التي يتخبط فيها العالم اليوم ولا يجد لها حلاًّ, وهي مشكلة الغنى والفقر.فحدد الفقر كما تحدد الحقائق العلمية, وحث على العمل كما يحث على الفضائل العملية, وجعل بعد ذلك التحديد للفقير حقًّا معلوماً في مال الغني يدفعه الغني عن طيب نفس لأنه يعتقد أنه قربة إلى الله, ويأخذه الفقير بشرف لأنه عطاء الله وحكمه, فإذا استغنى عنه عافه كما يعاف المحرم, فلا تستشرف إليه نفسه, ولا تمتد إليه يده.


والقرآن هو الذي بلغ بهم إلى تلك الدرجة العالية من التربية, ووضع الموازين القسط للأقدار, فلزم كل واحد قدره, فكان كل واحد كوكباً في مداره, وأفرغ في النفوس من الأدب الإلهي ما صير كل فرد مطمئناً إلى مكانه من المجموع, فخوراً بوظيفته, منصرفاً إلى أدائها على أكمل وجه, واقفاً عند حدوده من غيره, عالماً أن غيره واقف عند تلك الحدود, فلا المرأة متبرمة بمكانها من الرجل لأن الإسلام أعطاها حقها واستوقن لها من الرجل, واستوثق منه على الوفاء, ولا العبد متذمر من وضعه من السيد لأن الإسلام أنقذه من ماضيه فهو في مأمن, وحدد له يومه فهو منه في عدل ورضى, وهو بعد ذلك من غده في أمل ورجاء, ينتظر الحرية في كل لحظة وهو منها قريب, ما دام سيده يرى في عتقه قربة وطريقاً إلى الجنة وكفارة للذنب.


كذلك وضع القرآنة الحدود بين الحاكمين والمحكومين, وجعل القاعدة في الجميع هذه الآية:{ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}وأن في نسبة الحدود إلى الله لحكمة بالغة في كبح أنانية النفوس.


القرآن إصلاح شامل لنقائص البشرية الموروثة, بل اجتثاث لتلك النقائص من أصولها. وبناء للحياة السعيدة التي لا يظلم فيها البشر, ولا يهضم له حق, على أساس من الحب والعدل والإحسان. والقرآن هو الدستور السماوي الذي لا نقص فيه ولا خلل: فالعقائد فيه صافية والعبادات خالصة, والأحكام عادلة, والآداب قويمة, والأخلاق مستقيمة, والروح لا يهضم لها فيه حق, ولا يضيع له مطلب.


هذا القرآن هو الذي صلح عليه أول هذه الأمة وهو الذي لا يصلح آخرها إلا عليه…


فإذا كانت الأمة شاعرة بسوء حالها, جادة في إصلاحه, فما عليها إلا أن تعود إلى كتاب ربها فتحكمه في نفسها, وتحكم به, وتسير على ضوئه, وتعمل بمبادئه وأحكامه, والله يؤيدها ويأخذ بناصرها وهو على كل شيء قدير.

المصدر: (آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي)

احسن الله إليكي أختي
فالعودة إلى القرأن هو الحل الوحيد الذي يعيدنا إلى ما كنا عليه سابقا و لكننا تماطلنا و انحرفنا فماذا تنتظر من أمة سلاحها القرأن و هي معرضة عنه
نسأل الله ان يردنا إليه ردا جميلا

جزاك الله خير اخي نفعني الله واياكم بما نقرا وننقل
شروط الانتفاع بالقرآن
للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله

إذا أردتَ الانتفاعَ بالقرآنِ فاجمعْ قلبكَ عند تلاوتهِ وسماعهِ، وألقِ سمعَكَ، واحضُر حضورَ من يخاطِبُه به من تكلَّمَ به سبحانه منه إليه؛ فإنه خطابٌ منه لك على لسانِ رسولِهِ، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق:37]
وذلك؛ أنَّ تمامَ التأثيرِ لمّا كان موقوفاً على مُؤثِّرٍ مُقتضٍ، ومَحَلٍّ قابلٍ، وشرطٍ لحصولِ الأثرِ، وانتفاء المانعِ الذي يمنعُ منه، تضمَّنتِ الآيةُ بيان ذلك كلِّهِ بأوجزِ لفظٍ وأبينهِ وأدلِّهِ على المرادِ:

فقوله: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ﴾ إشارةٌ إلى ما تقدّمَ من أولِ السورةِ إلى ههنا، وهذا هو المؤثر.

وقوله: ﴿ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ فهذا هو المحلُّ القابلُ، والمرادُ به: القلب الحي الذي يعقلُ عن الله؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ . لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا ﴾ أي: حيُّ القلب.

وقوله: ﴿ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ﴾ أي: وجَّه سمعَه، وأصغى حاسةَ سمعِهِ إلى ما يقالُ له، وهذا شرطُ التأثُّر بالكلام.

وقوله: ﴿ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ أي: شاهدُ القلبِ حاضرٌ غيرُ غائب.

قال ابن قتيبة: استمَعَ كتابَ اللهِ وهو شاهدُ القلبِ والفهم، ليسَ بغافلٍ ولا ساهٍ.

وهو إشارةٌ إلى المانعِ من حصولِ التأثيرِ، وهو سهو القلبِ وغيبتُه عن تعقُّلِ ما يُقالُ له، والنظرِ فيه وتأمُّلِه.

فإذا حصلَ المؤثِّرُ وهو: القرآن،

والمحل القابل وهو: القلب الحي،

ووجِدَ الشرطُ وهو: الإصغاء.

وانتفى المانع وهو: اشتغال القلب، وذهوله عن معنى الخطاب، وانصرافه عنه إلي شيء آخر: حصل الأثر؛ وهو الانتفاع والتذكُّر.

من كتاب الفوائد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.