——————————————————————————–
ما نزل القرآن من السماء وانتصب على الأرض إلا لمصلحة الأحياء وفائدتهم، فهو دعوة للحياة ومنهج لجميع متطلباتها ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم ) الأنفال: 24
وما جعل الله الآخرة والحساب إلا ليضمن لخلقه حياة هادفة خالية من الميوعة والاستهتار ( قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) البقرة : 38
إن قراءة القرآن في المقابر ومن خلف جدران مجالس العزاء بقصد إسماع الموتى والتخفيف عنهم وإسدائهم الأجر والثواب كما هو الاعتقاد السائد لدى الكثير من المسلمين ، فإنما ذلك قولنا بأفواهنا وما انزل الله به من سلطان.
أولا: لأن القرآن الكريم وكما أسلفت لم ينزل الا للأحياء ( وما علّمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر مبين * لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين) يس: 69-70 كونهم الطرف الوحيد القادر على تلاوته والمؤهل للاستماع إليه ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )العراف:204
أما الأموات ففضلا عن انعدام مقدرتهم على التلاوة، فانه لم يعد باستطاعتنا أسماعهم أيضا ( وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور)فاطر: 22
ثم إن تلاوة القرآن أو الاستماع إليه يحتمان الاستجابة له، وهذا ما لا يمكن اعتقاد حدوثه عند الموتى، ما لم يكونوا قد أتوه في دنياهم ( إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون )الأنعام:36.
ثانيا : ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) النجم:39 . قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : " أي كما لا يحمل عليه وزر غيره ، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب بنفسه" وهو ما جعل الإمام الشافعي يذهب إلى القول بعدم صحة وصول ثواب القراءة للأموات ، لأنها ليست من عملهم وكسبهم ، وهذا الذي يؤكده القرآن في العديد من الواضع ، كقوله تعالى في سورة يس: ( اليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ) وقوله الحق في سورة فاطر: ( ولا تزر وزرة وزر أخرى ) وقوله جلّ شانه في سورة الطور : ( كل امرئ بما كسب وهين).
فماذا لو وقفنا عند هذه الظاهرة والاعتقاد الخاطئ وعقدنا العزم كلّ من موقعه وفي مجاله على اقناع الناس بعدم صوابية هذا الذي يأتون وحثهم على اسقاط هذه العادة المخالفة لذات القرآن الكريم وصريح آياته. والله من وراء القصد.
جزاك الله خير على الموضوع benarba
تقبل مروري
بارك الله فيك أخي و زادك الله حرصاً
( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون )العراف:204