تخطى إلى المحتوى

سنة الله في الظالمين 2024.

إن الظالمين المعتدين، مهما طغوا وتجبروا وبغوا فلا بد لهم من نهاية مريرة. و الظالمين قد تخدعهم قوتهم وسطوتهم المادية، فينسون قوة الله وجبروته، فيهلكهم الله عز وجل.
فالبغي إذا تمرد وتكبر فإنه يهلك نفسه بنفسه فيهيئ الله المستضعفين المعتدى عليهم أن يسحقوا هذا الباطل كما حكى الله عن بني إسرائيل : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)[1]. وهنا يذكر سيد قطب ـ رحمه الله ـ كلاماً جميلاً ، قائلاً :" إنه حين كان بنو إسرائيل يؤدون ضريبة الذل لفرعون وهو يقتل أبناءهم ويستحي نساءهم لم تتدخل يد القدرة لإدارة المعركة . فهم لم يكونوا يؤدون هذه الضريبة إلا ذلاً واستكانة وخوفاً. فأما حين استعلن الإيمان ، في قلوب الذين آمنوا بموسى واستعدوا لاحتمال التعذيب وهم مرفوعو الرؤوس يجهرون بكلمة الإيمان في وجه فرعون دون تلجلج ودون تحرج ، ودون اتقاء للتعذيب . فأما عند ذلك فقد تدخلت يد القدرة لإدارة المعركة. وإعلان النصر الذي تم قبل ذلك في الأرواح والقلوب " .
فدلت هذه على أنه حين يتمحض الشر والفساد ويقف الخير عاجزاً لا يستطيع دفع صائل الطغيان و التجبر فإن الله يهيئ سبب يهلك به هذا الطاغية . وهكذا كانت نهاية و مصير الطاغية فرعون : ( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد )[2]. وتأمل قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) فهو سبحانه يرصد عمل هذا الطاغية ـ وكل إنسان ـ حتى يجازيه ، فالله عز وجل راصد لا يفوته شيء . مطلع على تمرد هذا الطاغية وتسلطه وتمرده. فليطمئن قلب المؤمن ولا يوجل ، فإن الله معه راصد للطغيان والشر والفساد.
قد سمعنا وعلمنا أن هذا الطاغية كان قويا جبارا عنيدا لا يستطيع احد قهره، وقد كان اليوم غير مذكور إلا للعبرة والعظة
وقوم هود الذين بلغوا من القوة ما
لم تبلغه أمة مثلهم ، حتى قالوا من فرط قوتهم ( من أشد منا قوة) وقد أصبحوا تماثيل وأحاديث للناس،كذلك إمبراطوريات أخرى راحت واندثرت وأصبحت في خبر كان.
ومن سنة الله مع الظالمين أنه يمهلهم في غيهم وطغيانهم (وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ)
[3]. فيستدرج الله الطغاة ليزدادوا إثماً (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ، وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)[4]. فالله سبحانه وتعالى يمهل لهؤلاء الطغاة ويمدهم بأسباب القوة ، والقدرة على الحرب كيداً ومكراً بهم لا حباً لهم ونصراً ، ثم يأخذهم على حين غرة وثبت في الحديث :"إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ".
وهذه هي سنة الله في الذين ظلموا، ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) . صدق الله العظيم.

: سورة القصص الآية 5.[1]

: سورة الفجر الآيتان 13/14.[2]

: سورة الحج الآية 48. [3]

: سورة القلم الآيات 44/45.[4]

غفرانك ربي
شكرا على المرور
نورت الصفحة اخي …شكرا لك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.