لسنوات عدة مضت كان أكثر التركيز على علاقة الأم بأطفالها، وأهمية وجودها في حياتهم للاهتمام بهم ورعايتهم، ويعود هذا للتعود على أن الأم هي المسؤول الرئيسي عن رعاية الأطفال منذ ولادتهم، وحاجتهم للالتصاق بها للإحساس بالحنان والحب والرعاية.
ولكن أين مكان الأب من تربية الأبناء؟ وهل للأب مسؤولية في تربية الأبناء؟ وهل غياب الأب عن حياة الأبناء له تأثير عليهم؟ وهل صحيح بأن الأم وحدها هي المسؤولة عن تربية الأبناء؟ لماذا يوجد لدينا هذا الكم من الشباب المراهقين اللذين يجوبون الشوارع ليلاً نهاراً من دون هدف ومن غير رقيب، ولا حسيب، ولا رادع لهم؟ هل هذا بسبب غياب دور الأب في تربيتهم؟ أم بسبب عدم وجود التفاهم والنصح والإرشاد في المنزل؟ هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها سمر محمد غندورة اختصاصية التثقيف الصحي فتقول: دعونا نتكلم عن أهمية تواجد الأب في العائلة والمشاركة في تربية الأبناء منذ نعومة أظافرهم، فوجود الأب يعني الحماية يعني الرعاية يعني القدوة يعني السلطة يعني التكامل الأسري.
الأطفال بحاجة لأن يشعروا بأن هناك حماية ورعاية وإرشاداً وتقوياً، تختلف عما وجدوه عند الأم، وبأن الأب هو الراعي الأساسي للأسرة وهو مسؤول عن رعيته. وتؤكد الدراسات التي أجريت حول أسباب فشل الأبناء في الدراسة والحياة العملية أو تزايد حالات الإدمان أو العنف أن أحد أهم الأسباب هو غياب دور الأب داخل الأسرة، إما لغيابه المستمر بسبب العمل أو غيره أو لعدم تأثيره واحتكاكه بأبنائه وترك المسؤولية كاملة ملقاة على عاتق الأم.
وينع** غياب الأب في النهاية على جميع أفراد الأسرة لإهماله لهم، وينتج عن غيابه الضياع للأبناء والخسران. فالأب هو مصدر السلطة في المنزل، وبإمكان كل أب أن يتدارك ما فات من إهمال لأبنائه وعدم متابعة، في أن يبدأ بالاهتمام بهم ويحاول مصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم، ويحاول أن يساعدهم في حل مشاكلهم، ومعرفة أصدقائهم دون التدخل المباشر في اختيارهم، ويكون لهم الصديق المخلص المتواجد حتى ولو كان غائباً.
فإذن وجود الأب في حياة الأبناء مهم جداً لإرشادهم وتقويمهم إذا انحرف أحد منهم، واستخدام الشدة والحزم إلى جانب الرفق والتسامح. فإحساس الأبناء بوجود رادع لهم إذا أخطئوا يجعلهم على حذر من الوقوع بالخطأ، واقتراب الأب من أبناءه وتمضية الوقت الكافي معهم ومحاولة تفهم مشاكلهم وطلباتهم والنقاش معهم يعطيهم الثقة في النفس، وبأن لديهم الصدر الحنون الذي يلجئون له عندما يصعب عليهم حل مشاكلهم بأنفسهم، فيبعد بهذا عنهم شبح الضياع والتوهان وحل الأمور الصعبة بالطريقة الخاطئة والتي تؤدي بهم إلى طريق السوء.
أهمية الأب
نعم الأبناء بحاجة الأم ولكن في سن معين يحتاج الأبناء إلى الأب. وقد أجريت دراسة على 17،000 طفل في جامعة أ**فورد بإنجلترا عام 2024 للميلاد ووجد أن:
– البنات اللاتي نشئن بين أم وأب كن أقل عرضة للأمراض النفسية
في حياتهن المستقبلية.
– الأولاد اللذين كانت علاقتهم جيدة مع آبائهم كانوا بعيدين عن
عن مشاكل العنف والإجرام.
– الأولاد الذين كانوا قريبين من آبائهم لم يكن لديهم مشاكل عاطفية
أو نفسية، أيضاً حياتهم المستقبلية في الدراسة وغيرها كانت أكثر استقراراً
– تدخل الأب في تربية الأطفال منذ طفولتهم جعل التواصل معهم سهلاً في جميع مراحل العمر التالية.
وهذه النتائج أظهرت أن العلاقة السليمة والتربية الصحيحة بين الآباء والأبناء لا تتوقف فقط على تواجد الأب بل على مدى تواصل الأب مع أبنائه.
وهنا نقول أن على عاتق الأب والأم أحداث التوازن النفسي للأبناء وإ**ابهم العادات والسلوكيات السليمة، والضبط والربط وتقويم السلوك الخاطئ، وأن يكونا متفاهمين في طريقة وأسلوب تربية الأطفال منذ البداية وأن يتعاونا معاً في تنشئة أبنائهما التنشئة الصحيحة حتى يشبوا بعيدين عن الأمراض النفسية والمشاكل المعقدة ويكون لديهم الثقة بالنفس والتخطيط الصحيح لمستقبل أفضل فالأسرة الطبيعية هي التي تتكون من الأب والأم والأبناء، وكل منهم له دور محدد يكمل دور الآخر لخلق أسرة سوية تسهم في بناء مجتمع ناجح.