خطابات المستعمرين.. وثائق وتحليل
الخطاب الأنجلو- أمريكي
الخطاب الأنجلو- أمريكي
وفي تلفزيون "نحو الحرية" وجه بوش وبلير رسالتين للعراقيين يوم (8 من صفر 1445 هـ = 10 إبريل 2024م) أي بعد يوم واحد من سقوط بغداد تحت نير الاحتلال الأنجلو أمريكي:
رسالة بوش:
رسالة بوش:
بوش
"أنا جورج دبليو بوش رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. في هذه اللحظة يتم خلع صدام حسين ونظامه من السلطة. وهكذا ينتهي عصر من الخوف والقسوة دام لفترة طويلة. وإن القوات الأمريكية وقوات التحالف تعمل الآن داخل بغداد. ولن نتوقف حتى تذهب عصابة صدام الفاسدة. وسرعان ما سوف تكون حكومة العراق ومستقبل بلادكم بين أيديكم.
إن أهداف تحالفنا واضحة ومحددة؛ فسوف ننهي نظاما وحشيا طالما كانت اعتداءاته وأسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها خطرا شديدا على العالم. وسوف تقوم قوات التحالف بالمساعدة على حفظ الأمن وسيادة القانون حتى يستطيع العراقيون أن يعيشوا في أمان وأمن. وسوف نحترم تقاليدكم الدينية العريقة التي تتحلى بالمساواة والمودة. وهي الأسس الرئيسية التي يرتكز عليها مستقبل العراق. وسوف نساعدكم في بناء حكومة مسالمة وممثلة تحمي حقوق كل المواطنين. وعندئذ سوف تغادر قواتنا العسكرية. وسوف تتقدم العراق للأمام كدولة موحدة مستقلة لها سيادتها، حيث تستعيد مكانتها في العالم إذ تحظى باحترام وتقدير الجميع.
وإن الولايات المتحدة وشركاءها في التحالف يقدرون ويحترمون شعب العراق. فإننا نتخذ إجراءات لم يسبق لها مثيل لحماية أرواح المواطنين العراقيين الأبرياء. كما أننا بدأنا في تزويد الطعام والمياه والأدوية لكل من هم في حاجة. فإن عدونا الوحيد هو نظام صدام الوحشي، وذلك النظام هو عدوكم أنتم أيضا.
وسوف يبدأ عهد جديد في العراق ولن تعود فيه بلادكم أسيرة لإرادة ديكتاتور قاس. وسوف تكونون أحرارا لبناء حياة أفضل بدلا من بناء المزيد من قسوة صدام وأولاده. وسوف تكونون أحرارا لمتابعة الازدهار الاقتصادي دون مشقة العقوبات الاقتصادية. كما ستتمتعون بحرية السفر والتعبير عن آرائكم حسبما تريدون وحرية الانخراط في الشئون السياسية للعراق. كما أن كل مواطني بلادكم من أكراد وشيعة وتركمان وسنيين وغيرهم سوف يتحررون من الاضطهاد الرهيب الذي طالما عانى منه الكثيرون. فقد أوشك الكابوس الذي جلبه صدام أن ينزاح عن بلادكم فأنتم شعب طيب موهوب. وأنتم أبناء بل ورثة الحضارة العظيمة التي طالما ساهمت نحو الإنسانية جمعاء. وتستحقون أفضل بكثير من أن يحكمكم طاغية وما يحيط به من فساد وما يستخدمه من غرف التعذيب. إنكم تستحقون أن تعيشوا أحرارا وإنني أؤكد لكل مواطن عراقي أن بلادكم سوف تصبح حرة أبية قريبا".
إن أهداف تحالفنا واضحة ومحددة؛ فسوف ننهي نظاما وحشيا طالما كانت اعتداءاته وأسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها خطرا شديدا على العالم. وسوف تقوم قوات التحالف بالمساعدة على حفظ الأمن وسيادة القانون حتى يستطيع العراقيون أن يعيشوا في أمان وأمن. وسوف نحترم تقاليدكم الدينية العريقة التي تتحلى بالمساواة والمودة. وهي الأسس الرئيسية التي يرتكز عليها مستقبل العراق. وسوف نساعدكم في بناء حكومة مسالمة وممثلة تحمي حقوق كل المواطنين. وعندئذ سوف تغادر قواتنا العسكرية. وسوف تتقدم العراق للأمام كدولة موحدة مستقلة لها سيادتها، حيث تستعيد مكانتها في العالم إذ تحظى باحترام وتقدير الجميع.
وإن الولايات المتحدة وشركاءها في التحالف يقدرون ويحترمون شعب العراق. فإننا نتخذ إجراءات لم يسبق لها مثيل لحماية أرواح المواطنين العراقيين الأبرياء. كما أننا بدأنا في تزويد الطعام والمياه والأدوية لكل من هم في حاجة. فإن عدونا الوحيد هو نظام صدام الوحشي، وذلك النظام هو عدوكم أنتم أيضا.
وسوف يبدأ عهد جديد في العراق ولن تعود فيه بلادكم أسيرة لإرادة ديكتاتور قاس. وسوف تكونون أحرارا لبناء حياة أفضل بدلا من بناء المزيد من قسوة صدام وأولاده. وسوف تكونون أحرارا لمتابعة الازدهار الاقتصادي دون مشقة العقوبات الاقتصادية. كما ستتمتعون بحرية السفر والتعبير عن آرائكم حسبما تريدون وحرية الانخراط في الشئون السياسية للعراق. كما أن كل مواطني بلادكم من أكراد وشيعة وتركمان وسنيين وغيرهم سوف يتحررون من الاضطهاد الرهيب الذي طالما عانى منه الكثيرون. فقد أوشك الكابوس الذي جلبه صدام أن ينزاح عن بلادكم فأنتم شعب طيب موهوب. وأنتم أبناء بل ورثة الحضارة العظيمة التي طالما ساهمت نحو الإنسانية جمعاء. وتستحقون أفضل بكثير من أن يحكمكم طاغية وما يحيط به من فساد وما يستخدمه من غرف التعذيب. إنكم تستحقون أن تعيشوا أحرارا وإنني أؤكد لكل مواطن عراقي أن بلادكم سوف تصبح حرة أبية قريبا".
خطاب بلير:
بلير
"يسرني أن أتمكن من التحدث إليكم اليوم وأن أخبركم أن نظام صدام حسين ينهار، وأن سنوات الوحشية والقمع والخوف قد وصلت إلى نهايتها، وأن مستقبلا جديدا أفضل يطل في الأفق كمنارة لشعب العراق.
إننا لم نرغب أن نخوض هذه الحرب ولكن رفض صدام تسليم أسلحة الدمار الشامل، لم يتح لنا خيارا سوى أن نفعل ذلك. والآن بدأت الحرب وسوف تستمر حتى النهاية. وسوف نستمر في عمل كل ما في استطاعتنا لتجنب الخسائر في المدنيين. إن عدونا هو صدام وليس الشعب العراقي. كما أن قواتنا هم أصدقاء ومحررون للشعب العراقي وليسوا غزاة ولن يبقوا يوما أزيد من الضروري.
إنني أدرك أن بعضا منكم متخوف من تكرار ما حدث عام 1990 عندما اعتقدتم أن حكم صدام وصل إلى نهايته ولكنه ظل باقيا وعانيتم. لن يحدث ذلك هذه المرة؛ فسوف يذهب النظام وعندئذ سوف نعمل معكم لبناء عراق آمنة مزدهرة كما تريدونها وتستحقونها. ولن تقوم بريطانيا أو الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة بإدارة العراق الجديدة، ولكن سوف تقومون أنتم شعب العراق بإدارتها.
هدفنا هو المساعدة في تجنب المعاناة الإنسانية الواقعة، وأن ننتقل بأسرع وقت ممكن إلى سلطة مؤقتة يدير زمامها العراقيون. وسوف تمهد الطريق لحكومة عراقية ممثلة فعلا، حيث تمثل حقوق الإنسان وسيادة القانون، ولن تصرف ثروة العراق على قصور أو أسلحة الدمار الشامل، ولكن تصرف هذه الثروة عليكم أنتم وعلى الخدمات التي تحتاجون إليها. لقد بدد صدام ونظامه ثروة بلادكم بينما يعيش الكثيرون منكم في فقر. عاشوا هم حياة البذخ، لقد أصبح هو من أغنى أغنياء العالم بعد أن سرق ونهب أموالكم، أي أموال الشعب العراقي.
إن عائدات النفط العراقي سوف تكون لكم لتُستخدم لبناء مستقبل مزدهر لأجلكم ولأجل أبنائكم.
إنني أدرك أيضا من خلال لقاءاتي مع العراقيين المنفيين والمبعدين الذين يعيشون في بريطانيا أنكم شعب مبدع خلاق ويجب أن تتمتعوا بحرية التحرك وحرية التوصل إلى وسائل الإعلام المستقلة وحرية التعبير عن آرائكم وتنمية ثقافتكم وحضارتكم.
ومن خلال تجربتي مع شعوب العالم أرى أننا كلنا نريد أن نعيش حياتنا في سلام وأمان. إننا كلنا نريد أن نتيح لعائلاتنا الفرصة لحياة كريمة. فلسنوات طويلة تم حرمانكم من تلك الفرصة؛ فقد اضطر ملايين من أبناء شعبكم من رجال وسيدات أن يتركوا البلاد إذ قام هذا النظام بقتل وتعذيب الآلاف من العراقيين والتنكيل بهم.
إننا نريد أن نتيح لكم الفرصة لإعادة بناء حياتكم لإعطاء أسركم فرصة لمستقبل أفضل. هذه هي روح الصداقة وحسن النوايا التي نقدم بها مساعدتنا الآن".
إننا لم نرغب أن نخوض هذه الحرب ولكن رفض صدام تسليم أسلحة الدمار الشامل، لم يتح لنا خيارا سوى أن نفعل ذلك. والآن بدأت الحرب وسوف تستمر حتى النهاية. وسوف نستمر في عمل كل ما في استطاعتنا لتجنب الخسائر في المدنيين. إن عدونا هو صدام وليس الشعب العراقي. كما أن قواتنا هم أصدقاء ومحررون للشعب العراقي وليسوا غزاة ولن يبقوا يوما أزيد من الضروري.
إنني أدرك أن بعضا منكم متخوف من تكرار ما حدث عام 1990 عندما اعتقدتم أن حكم صدام وصل إلى نهايته ولكنه ظل باقيا وعانيتم. لن يحدث ذلك هذه المرة؛ فسوف يذهب النظام وعندئذ سوف نعمل معكم لبناء عراق آمنة مزدهرة كما تريدونها وتستحقونها. ولن تقوم بريطانيا أو الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة بإدارة العراق الجديدة، ولكن سوف تقومون أنتم شعب العراق بإدارتها.
هدفنا هو المساعدة في تجنب المعاناة الإنسانية الواقعة، وأن ننتقل بأسرع وقت ممكن إلى سلطة مؤقتة يدير زمامها العراقيون. وسوف تمهد الطريق لحكومة عراقية ممثلة فعلا، حيث تمثل حقوق الإنسان وسيادة القانون، ولن تصرف ثروة العراق على قصور أو أسلحة الدمار الشامل، ولكن تصرف هذه الثروة عليكم أنتم وعلى الخدمات التي تحتاجون إليها. لقد بدد صدام ونظامه ثروة بلادكم بينما يعيش الكثيرون منكم في فقر. عاشوا هم حياة البذخ، لقد أصبح هو من أغنى أغنياء العالم بعد أن سرق ونهب أموالكم، أي أموال الشعب العراقي.
إن عائدات النفط العراقي سوف تكون لكم لتُستخدم لبناء مستقبل مزدهر لأجلكم ولأجل أبنائكم.
إنني أدرك أيضا من خلال لقاءاتي مع العراقيين المنفيين والمبعدين الذين يعيشون في بريطانيا أنكم شعب مبدع خلاق ويجب أن تتمتعوا بحرية التحرك وحرية التوصل إلى وسائل الإعلام المستقلة وحرية التعبير عن آرائكم وتنمية ثقافتكم وحضارتكم.
ومن خلال تجربتي مع شعوب العالم أرى أننا كلنا نريد أن نعيش حياتنا في سلام وأمان. إننا كلنا نريد أن نتيح لعائلاتنا الفرصة لحياة كريمة. فلسنوات طويلة تم حرمانكم من تلك الفرصة؛ فقد اضطر ملايين من أبناء شعبكم من رجال وسيدات أن يتركوا البلاد إذ قام هذا النظام بقتل وتعذيب الآلاف من العراقيين والتنكيل بهم.
إننا نريد أن نتيح لكم الفرصة لإعادة بناء حياتكم لإعطاء أسركم فرصة لمستقبل أفضل. هذه هي روح الصداقة وحسن النوايا التي نقدم بها مساعدتنا الآن".
قراءة وتحليل:
اقتفى الخطاب الاستعماري الأنجلو أمريكي الخطوات الاستعمارية السابقة؛ حيث حفل بغالبية المفردات السابقة لكنه تميز بأنه كان الأعلى صوتًا، والأكثر إلحاحًا، والأقوى تأثيرًا، محاولا تلافي ما وقع فيه سابقوه من مباشرة واستخدام لمفردات دينية كثيرة. ومما جاء في خطاب للرئيس الأمريكي مخاطبًا العراقيين: "إذا بدأنا الحملة العسكرية فإنها ستكون موجهة ضد الرجال الخارجين على القانون الذين يحكمون بلادكم وليس ضدكم… وما أن يسحب التحالف السلطة منهم فسنوفر لكم الأدوية والأغذية التي تحتاجونها، سنقضي على آلة الترهيب، وسنساعدكم على بناء عراق حر مزدهر.. ولن يشهد العراق حروبًا عدوانية، ولا مصانع سموم، ولا عمليات إعدام للمشنقين، ولا غرف اغتصاب، سيرحل الطاغية قريبًا، ويوم تحرركم قد اقترب".
والواقع أن الخطاب الاستعماري الأمريكي حافل بمفردات إيجابية كالديمقراطية والحرية رغم أن واشنطن تدعم الحكومات الاستبدادية!، وتضع الحكام الذين تصنعهم فوق كراسي الحكم ضد إرادة الشعوب، فإذا رحل الطغاة بالغزو العسكري الأمريكي فإن "تحالف الغزاة والطغاة الجدد" جلسوا مكانهم.
اقتفى الخطاب الاستعماري الأنجلو أمريكي الخطوات الاستعمارية السابقة؛ حيث حفل بغالبية المفردات السابقة لكنه تميز بأنه كان الأعلى صوتًا، والأكثر إلحاحًا، والأقوى تأثيرًا، محاولا تلافي ما وقع فيه سابقوه من مباشرة واستخدام لمفردات دينية كثيرة. ومما جاء في خطاب للرئيس الأمريكي مخاطبًا العراقيين: "إذا بدأنا الحملة العسكرية فإنها ستكون موجهة ضد الرجال الخارجين على القانون الذين يحكمون بلادكم وليس ضدكم… وما أن يسحب التحالف السلطة منهم فسنوفر لكم الأدوية والأغذية التي تحتاجونها، سنقضي على آلة الترهيب، وسنساعدكم على بناء عراق حر مزدهر.. ولن يشهد العراق حروبًا عدوانية، ولا مصانع سموم، ولا عمليات إعدام للمشنقين، ولا غرف اغتصاب، سيرحل الطاغية قريبًا، ويوم تحرركم قد اقترب".
والواقع أن الخطاب الاستعماري الأمريكي حافل بمفردات إيجابية كالديمقراطية والحرية رغم أن واشنطن تدعم الحكومات الاستبدادية!، وتضع الحكام الذين تصنعهم فوق كراسي الحكم ضد إرادة الشعوب، فإذا رحل الطغاة بالغزو العسكري الأمريكي فإن "تحالف الغزاة والطغاة الجدد" جلسوا مكانهم.
خطابات المستعمرين.. وثائق وتحليل
فيكتور عمانويل ملك إيطاليا
الخطاب الإيطالي
فيكتور عمانويل ملك إيطاليا
كانت المنشورات إحدى وسائل الإيطاليين في محاولاتهم السيطرة على ليبيا، ومن هذه المنشورات منشور كارلو كانيفا -قائد الحملة الإيطالية على ليبيا- في (المحرم 1330 هـ = يناير 1912م :
"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على كافة الأنبياء والمرسلين صلى الله وسلم عليهم أجمعين… للعساكر الإيطاليين الموكل إليها نحو الحكومة التركية في طرابلس والقيروان والمقاطعات التابعة لها… إن العساكر الخاضعة لأمري لم يرسلها جلالة ملك إيطاليا (فكتور عمانويل الثالث) حماه الله لإضعاف واستعباد سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى التابعة لها التي توجد الآن تحت سيادة الأتراك، بل لتعيد إليهم حقوقهم وتقتص من المعتدين عليهم سواء كان الأتراك أو أي شخص كان يريد استرقاقهم، وعليه فأنتم يا سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى التابعة لها من الآن سيحكمكم رؤساء منكم موكل إليهم أن يقضوا بينكم بالعدل والرأفة عملاً بقوله تعالى: {وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل}… والويل كل الويل لمن لا يحترم الشرائع أو لا يعتبر الأشخاص ويمس النساء أو يخترق حرمة الملك أو يقاوم أو يثور على إرادة العناية الإلهية التي أرسلت إيطاليا إلى هذه البلاد… فيا سكان طرابلس والقيروان والمقاطعات التابعة لها، اذكروا أن الله قد قال في كتابه العزيز: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}؛ وقد جاء أيضًا: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}، وجاء أيضًا: {لقد كتبنا في ال**ور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} أي الذين يصلحون الأرض ويمنعون منها الفساد وينشرون فيها العدل والعمران؛ وجاء أيضًا: {وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} أي لا تفسدوا في الأرض إن توليتم أمور الناس، ولا تقاتلوا بعضكم بعضًا، إن الذين يفعلون ذلك يلعنهم الله ويصمهم ويعمي أبصارهم ويستبدلهم بغيرهم. وجاء أيضًا: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير}، وجاء أيضًا: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}، فإرادة الله ومشيئته سبحانه وتعالى قضتا أن تحتل إيطاليا هذه البلاد لأنه لا يجري في ملكه إلا ما يريد فهو مالك الملك وهو على كل شيء قدير، فمن أراد أن يظهر في الكون غير ما أظهر مالك الملك رب العالمين المنفرد بتصرفاته في ملكه الذي لا شريك له فيه فقد جمع الجهل بأنواعه وكان من الممترين.. وبناء عليه يلزم على كل مؤمن أن يرضى ويسلم بما تعلقت به الإرادة الربانية وأبرزته القدرة الإلهية، فالملك لله سبحانه وتعالى يؤتيه من يشاء. فإيطاليا تريد السلام وتريد أن تبقى بلادكم إسلامية تحت حماية إيطاليا وملكها المعظم ويخفق فوقها العلم المثلث الألوان: أبيض. أحمر وأخضر، إشارة إلى المحبة والإيمان والعشم في وجه الله".
قراءة وتحليل:
لم يكن الخطاب الاستعماري الإيطالي لليبيا أقل ضجيجًا أو رسالية من الخطاب النابليوني؛ ففي (المحرم 1330هـ = يناير 1912م) أسقطت الطائرات الإيطالية منشورات باللغة العربية تحمل توقيع الجنرال "سلسازو" تطمئن الأهالي أن إيطاليا لم ترد باحتلال ليبيا إلا طرد الأتراك وخدمة مصالح الليبيين، وعندما لم يستجب الليبيون، تدخل قائد الحملة الجنرال "كارلو كانيفا" في الدعاية الاستعمارية ودعا عرب طرابلس إلى التعاون مع إيطاليا. ومما جاء في منشوره "نحن أصحاب دين ومن أهل الكتاب وأحرار، واعلموا أن دولة إيطاليا المعظمة قد أصبحت لكم بمقام الوالد بعد أن أخذت أمكم طرابلس الغرب".
ولم تمض إلا أيام قليلة حتى أسقطت الطائرات منشورات أخرى جاء فيها أن إيطاليا لم تأت إلا لتعيد إليهم حقوقهم وتقتص من المعتدين.. وعليه "فأنتم يا سكان طرابلس والقيروان والفزان والبلاد الأخرى من الآن سيحكمكم رؤساء منكم موكل إليهم أن يقضوا بينكم بالعدل والرأفة… فإرادة الله ومشيته قضتا أن تحتل إيطاليا هذه البلاد… وبناء عليه يلزم على كل مؤمن أن يرضى ويسلم… فإيطاليا تريد السلام وتريد أن تبقى بلادكم إسلامية" و"القرآن طلب من كل مؤمن صادق الخضوع للسلطة القائمة.. أضف إلى ذلك أن "إيطاليا لا تريد في الحقيقة سوى رخاء العرب وتأمينهم.. لأن روما بمثابة الأم للعرب وترغب في أن تعلمهم كيف ينشئون أولادهم ويربونهم، وكيف يصبحون أثرياء"!!
ويقول الجنرال الإيطالي وسفاح ليبيا "ردولفو جراتزياني" (rodolfo graziani) في كتابه "نحو فزان": "إن الجنود الإيطاليين كانوا مقتنعين أنهم هم الأمة المسيطرة التي تقوم بتأدية رسالة سامية من رسالات الحضارة، لذا عمل الإيطاليون أن يقنعوا الليبيين أنهم هنا في ليبيا إلى الأبد، وأنهم لم يأتوا للاستغلال، ولكن لتحسين حالة البلاد، وأن الإيطاليين لا بد أن يقوموا بهذا الواجب الإنساني بأي ثمن".