الجواب
الشيخ: الحمد لله هذه المسألة كثرت في الناس على أوجه متعددة منها بطاقات تحمل لفظ الجلالة الله وأخرى إلى جانبها تحمل محمد ثم توضع البطاقاتان متوازنتين على الجدار أو على لوحة أو ما أشبه ذلك ونحن نتكلم على هذه الصورة أولاً ما فائدة تعليق كلمة الله فقط ومحمد فقط إذا كان الإنسان يظن انه يستفيد من ذلك بركة فإن البركة لا تحصل بمثل هذا العمل لأن هذا ليس بجملة مفيدة تكسب معنى يمكن أن يحمل على أنه للتبرك ثم إن التبرك بمثل هذا لا يسوغ لأن التبرك بالله وأسمائه لا يمكن أن يستعمل إلا على الوجه الذي ورد لأنه عباده والعبادة مبناها على التوقيف، ثم إن هذا الوضع الذي أشرنا إليه سابقاً أن توضع كلمة الله وبجانبها موازيةً لها كلمة محمد هذا نوع من التشريك والموازنة بين الله وبين الرسول صلي الله عليه وسلم وهذا أمر لا يجوز وقد قال رجل للنبي صلي الله عليه وسلم فقال النبي صلي الله عليه وسلم: (أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده) ثم إن التبرك بمجرد وضع اسم النبي صلي الله عليه وسلم أيضاً لا يجوز التبرك إنما يكون بالتزام شريعة النبي صلي الله عليه وسلم والعمل بها هذه صورة مما يستعمله الناس في هذه البطاقات وقد تبين ما فيها من مخالفة للشرع، أما بالنسبة للصورة الثانية التي أشار إليها الأخ السائل فهي أيضاً جوازها محل نظر وذلك لأن الأصل في كتابة القرآن على الأوراق والألواح الأصل فيه الجواز لكن تعليقه أيضاً على الجدران في المنازل لم يرد ذلك عن السلف الصالح رحمهم الله، لا عن النبي صلي الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولا عن التابعين ولا ادري بالتحديد متي حصلت هذه البدعة هذا في الحقيقة بدعة لأن القرآن إنما نزل ليتلى لا ليعلق على الجدران وغيرها ثم إن في تعليقه على الجدران فيه مفسده زائداً على أن ذلك لم يرد عن السلف تلك المفسدة هي أن يعتمد الإنسان على هذا المعلق ويعتقد أنه حرز له فيستغني به عن الحرز الصحيح وهو التلاوة باللسان فإنها هي الحرز النافع كما قال النبي صلي الله عليه وسلم في آية الكرسي (من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح) فالإنسان إذا شعر أن تعليق هذه الآيات على الجدران مما يحفظه فإنه سيشعر باستغنائه بها عن تلاوة القرآن ثم إن فيها نوعاً من اتخاذ آيات الله هزواً، لأن المجالس لا تخلوا غالباً من أقوال محرمة من غيبة أو سباب وشتم أو أفعال محرمة وربما يكون في هذه المجالس شيء من آلات اللهو التي حرمها الشرع فتوجد هذه الأشياء والقرآن معلق فوق رؤوس الناس فكأنهم في الحقيقة يسخرون به لأن هذا القرآن يحرم هذه الأشياء سواء كانت الآية المكتوبة هي الآية التي تحرم هذه الأشياء أو آية غيرها من القرآن فإن هذا بلا شك نوع من الاستهزاء بآيات الله لذلك ننصح إخواننا المسلمين عن استعمال مثل هذه التعليقات لا بالنسبة لأسم من أسماء الله أو أسماء الرسول صلي الله عليه وسلم أو آيات من القرآن ويستعملوا ما أستعمله سلفهم الصالح فإن في ذلك الخير والبركة.
بالنسبة لما أشار إليه الأخ من أن هذه البطاقات التي يكتب عليها القرآن ترمى في الأسواق وفي الزبل وفي مواطئ الأقدام فهذا أيضاً لا يجوز لما فيه من امتهان القرآن الكريم لكن المخاطب بذلك من هي في يده إلا أن الباعة الذين يبيعونها إذا علموا أن هذا يفعل بها غالباً يكون ذلك موجباً لتحريم بيعها والاتجار بها لأن القاعدة الشرعية أنه إذا كان العقد وسيلة لازمة أو غالبةً إلى شيء محرم فإن ذلك العقد يكون حراما لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان وأظن أن الإجابة على السؤال انتهت، أما بالنسبة لتعليق القرآن على المرضى سواء كانت أمراضهم جسدية أو نفسية للاستشفاء بها فإن هذه موضع خلاف بين السلف والخلف فمن العلماء من يجيز ذلك لما يشعر به المريض من راحة نفسيه حيث أنه يحمل كلام الله عز وجل وشعور المريض بالشيء له تأثير على المرض زيادةً ونقصاً وزوالاًَ كما هو معلوم، ومن العلماء من قال أنه لا يجوز وذلك لأنه لم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم أن يستعمل مثل ذلك للاستشفاء وإنما الاستشفاء بقراءة ما ورد على المريض، وإذا كان لم يرد عن الشارع أن هذا سبباً فإن إثباته سبباً نوع من الشرك ذلك لأنه لا يجوز أن نثبت أن هذا الشيء سبب إلا بدليل من الشرع فإذا أثبتنا سببيته فمعني ذلك أننا أحدثنا أمراً لم يكن في الشرع وهذا نوع من الشرك.