الأطفال الحفاة ، أشباه العرايا ، يلعبون في الركن ، ويملأون الجو بصراخهم والأرض بقاذوراتهم . وتكتظ مداخل البيوت بالنساء : هذه تخرط الملوخية ، وتلك تقشر البصل ، وثالثة توقد النار . يتبادلن الأحاديث والنكات ، وعند الضرورة الشتائم والسباب . والغناء والبكاء لاينقطعان ، ودقة الزار تستأثر باهتمام خاص . ومعارك باللسان ، أو الأيدي ، تشب هنا وهناك ، وقطط تموء ، وكلاب تهر … وربما تشاجر النوعان حول أكوام الزبالة . والفئران تنطلق في الأفنية وعلى الجدران . وليس بالنادر أن يتجمع قوم لقتل ثعبان أو عقرب . أما الذباب ، فلا يضاهيه في الكثرة إلا القمل ؛ فهو يشارك الآكلين في الأطباق والشاربين في الأكواز … يلهو في الأعين ويغني في الأفواه كأنه صديق الجميع .