الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه ؛ ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . وبعد : فإن " اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " في المملكة العربية السعودية ؛ تابعت بكل أسى وحزن وألم ما جرى ويجري على إخواننا المسلمين في فلسطين وفي قطاع غزة على الخصوص ؛ من عدوان وقتل للأطفال والنساء والشيوخ ، وانتهاك للحرمات وتدمير للمنازل والمنشآت وترويع للآمنين ، ولا شك أن ذلك إجرام وظلم في حق الشعب الفلسطيني .
وهذا الحدث الأليم يوجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين ، والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم ، والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقًا لإخوة الإسلام ورابطة الإيمان ، قال الله تعالى : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ . [ الحجرات : 10 ] . وقال – عز وجل – : ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ﴾ . [ التوبة : 71 ] . وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا ، وشبك بين أصابعه ) . [ متفق عليه ] . وقال أيضًا – عليه الصلاة والسلام – : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ) . [ متفق عليه ] . وقال – عليه الصلاة والسلام – : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره ) . [ رواه مسلم ] .
والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال سواء كانت مادية أو معنوية ، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال ، والغذاء ، والدواء ، والكساء ، وغيرها ، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم ، وصدق المواقف تجاههم ، ونصرة قضاياهم في المحافل ، والجمعيات ، والمؤتمرات الدولية والشعبية ، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله – سبحانه وتعالى – : ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ . [ المائدة : 2 ] .
ومن ذلك – أيضًا – بذل النصيحة لهم ، ودلالتهم على ما فيه خيرهم وصلاحهم ، ومن أعظم ذلك – أيضًا – الدعاء لهم في جميع الأوقات برفع محنتهم ، وكشف شدتهم ، وصلاح أحوالهم ، وسداد أعمالهم وأقوالهم .
هذا وإننا نوصي إخواننا المسلمين في فلسطين بتقوى الله – تعالى – والرجوع إليه – سبحانه – ، كما نوصيهم بالوحدة على الحق ، وترك الفرقة والتنازع ، وتفويت الفرصة على العدو التي استغلها وسيستغلها بمزيد من الاعتداء والتوهين .
ونحث إخواننا على فعل الأسباب لرفع العدوان على أرضهم مع الإخلاص في الأعمال لله – تعالى – ، وابتغاء مرضاته ، والاستعانة بالصبر والصلاة ، ومشاورة أهل العلم والعقل والحكمة في جميع أمورهم ، فإن ذلك أمارة على التوفيق والتسديد .
كما أننا ندعو عقلاء العالم والمجتمع الدولي بعامة للنظر في هذه الكارثة بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه ، ورفع الظلم عنه حتى يعيش حياة كريمة ، وفي الوقت نفسه نشكر كل من أسهم في نصرتهم ومساعدتهم من الدول والأفراد .
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا : أن يكشف الغمة عن هذه الأمة ، وأن يعز دينه ، ويعلي كلمته وأن ينصر أولياءه ، وأن يخذل أعداءه ، وأن يجعل كيدهم في نحورهم ، وأن يكفي المسلمين شرهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله وسلم على نبيا محمد ، وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
وأعضاء " اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء "
لـلـشـيـخ عـز الـديـن رمـضـانـي
لقد تكاثرت نكباتُ الأمَّة، وتوالت عليها الأحداث والعبر، وتفتَّقت فيها الجروح، وسالت منها القُروح؛ ففي كلِّ يومٍ نسمع عَمَّا يلحق بأبناء أمَّتنا من مظاهر الهوان والإذلال في كثيرٍ من أجزاءها ومواقعها؛ من أذيَّة في دينهم واستعمارٍ لأرضهم واستغلالٍ لخيراتهم وهتكٍ لأعراضهم وتدنيسٍ لمقدَّساتهم، حتَّى صار هذا الأمر مألوفًا على الأسماع والأبصار، فلا تكاد فتنةٌ تَخْبُو نارُها حتَّى تهبَّ فتنةٌ أخرى، وتتعرَّض أمَّةُ الإسلام لبليَّةٍ عُظمى تُنسي ما تقدَّمها من مِحَنٍ وَرَزَايَا، وتمحو ما سبقها من فتنٍ وبلايَا.
ولم يسجِّل التَّاريخ قضيَّةً تجمَّعت فيها الأحقادُ العالميَّة، وبرزت فيها المتناقضاتُ الدّوليَّة، وتجلَّى فيها التَّلاعب، وتمادى بها التَّماطل؛ مثلمَا سجّل في قضيَّة فلسطين المسلمَة وقُدسها المقدَّسة.
وليس يخفى على أحدٍ مِنَ العالم في هذه الأيَّام ما يَحْدُث لأهالي غزَّة العُزَّل؛ مِنْ دمارٍ شاملٍ، وحصارٍ خانقٍ، وتقتيلٍ جماعيٍّ، وإبادةٍ ساحقةٍ، لا تفرِّق بين صغيرٍ وكبيرٍ، أو بين محاربٍ ومسالم، دُبِّر لها على مَسْمَعٍ مِنَ العالم، وتحت أنظاره، من طرف يهودِ صُهْيُون؛ إخوانِ القردة والخنازير، بسبب ما أسْمَوْهُ بملاحقةِ الجماعات الإرهابيَّة لإبادتهم واستئصالهم، ولا مَنْ يُحرِّك ساكنًا لإنقاذهم وتخليصهم من آلات الدَّمار الحاصد للأرواح، المخرِّب للعمران؛ لأنَّه في منطقِ ملَّة الكفَّار وأشياعهم، كما قِيلَ:
وقد يتساءل كلُّ مسلم غيورٍ عمَّا يجب أن يقوم به اتِّجاه إخوانه المضطرِّين؟! وما هو السَّبيل الأمثل لنصرهم وردِّ عدوان المعتدين عليهم؟!
وهذا هو المحكُّ الَّذي تُخْلَطُ فيه الأوراق، وتتباين فيه الحلول، وتكثر فيه الشِّعارات والمبادرات، وتُثَمَّنُ فيه المواقف أو تُبْتَذَل.
وقبل الحديث عن واجبِ المسلم حيال هذه المحنة؛ لابدَّ أن نبيِّن أنَّ قضيَّةَ فلسطين محنةٌ امتحنَ اللهُ بها جميعَ مُسْلِمِي هذا الزَّمان ضمائرَ وَهِمَمًا، وأموالاً ومواقفَ، فليستْ فلسطينُ لعربِ فلسطين وحدهم، وإنَّما هي للعرب كلِّهم، بل لجميع المسلمين.
وحتَّى لا نغالط التَّاريخ يجب أن نذكر أنَّ فلسطين حقٌّ مُضَاع، فرَّط أهلُه في الحفاظِ عليه.
ثمَّ إنَّ هذا الحقَّ المضاع من أرض فلسطين وقدسِه الجريح؛ لا يُنال هِبَةً أو عربونَ صداقةٍ مِنْ أعداء المسلمين، وبلا تضحيةٍ أو ثَمَنٍ، ولا يُنال بالهويْنَا والضّعف والتَّخاذل، ولا يُنال بالشِّعريَّات والخطابات، وتنظيم المظاهرات والمسيرات، والاجتماعات الطَّارئة والتَّنديدات، و.. و..!!! وإنَّما يُنال بالحَزْم والعزم والاتِّحاد والقوَّة وتغيير ما بالنُّفوس والعقول والقلوب.
فلا سبيل لوقف زحفِ الغادرين، ولا سلاحَ يردُّ كيد المعتدين إلاَّ بمعالجة الأسباب الَّتي أوصلتنا إلى الضَّعف والانتكاس، والعمل على إزالتها ومحوها من قاموس مسيرة الأمَّة، وتعويضها بالأسباب الجالبة للنَّصر والغلبة والعزِّ والتَّمكين، فإنَّ القضايا العادلة والحقوق المشروعة لا تُنال بالأقلام والأفلام، ولا بالأعلام والإعلام، ولا بالأماني والأحلام، وإنَّما تُنال بتغيير ما بالنَّفس من اعوجاج وانحرافٍ، وإصلاح العقول قبل خوض المعارك والخُطُوبِ، إنَّ القول لدى الله لا يبدَّل: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.
ولا يخالفُ عاقلٌ إذا قُلْنَا: إنَّ ما حدث ويحدث من تسلُّط الأعداء على آحاد المسلمين وجماعاتهم، واعتداءٍ على كرامتهم ومقدَّساتهم؛ إنَّما هو بسبب الذُّنوب والمعاصي: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.
ومن أسباب هذا التَّسلُّط ـ وهو من أعظم الأسباب ـ: فشوُّ الجهل بأحكام الدِّين وتعاليمه، وبخاصَّة فيما يتعلَّق بأمور المعتقد، فكثيرٌ من مجتمعات المسلمين قد ترسَّبت فيها كثيرٌ من البدع العقديَّة، فضلاً عن البدع في الفروع، فكم يُرى ويُسمع ويُقرأ عمَّا يحصل في كثير من بلاد المسلمين؛ منَ الذَّبح لغير الله والطَّواف حول الأضرحة وتعظيم القبور، حتَّى أصبح التَّوحيد الخالص غريبًا بين أهله بسبب تكاثر البدع وترسُّب جذورها.
ومن أسباب التَّسلُّط: الإعجاب والتَّبعيَّة لأعداء الإسلام، دون النَّظر في المعايير الشَّرعيَّة في المحاكاة والمشابهة، وهذا مصداق قول النَّبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَتَبِعْتُمُوهُمْ؛ قيل: يا رسول الله! اليَهُود والنَّصَارَى؟! قَال: فَمَنْ؟!".
ومن أسباب التَّسلُّط: كثرةُ العصبيَّات لجِنْسٍ أو لَوْنٍ أو لِسانٍ، والانضمام تحت لواء تلك العصبيَّة، والدَّعوة إليها، وتمجيدها، والمنافحة عليها، فاختلَّ عند أكثر المسلمين ميزانُ الولاء والبراء، وغابت معالمه؛ فزادوا الأمَّة فرقةً وتناحرًا، وأَوْقَدُوا بذلك نار العداوة والبغضاء، فلا هم للإسلام نصروا ولا لأعدائه كسروا، بل أعانوا أعداءه على تمزيق شَمْلِه وتفريق كلمته.
ومن أسباب التَّسلُّط: تمكُّن روح الانهزاميَّة والشُّعور باليأس والقنوط في نفوس طوائف المسلمين؛ مع أنَّ الله يقول: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾!
ومن الأسباب: تعطيل شعيرة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، حِسًّا ومعنًى، حتَّى أصبح المعروفُ منكرًا، والمنكرُ معروفًا، وهذا من أسباب حلول اللَّعنة والعقاب، كما قال جلَّ ذكرُه: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى بْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾، فأذلَّ الله أمَّةً بسبب تضييعها لهذه الشَّعيرة والتَّقصير في القيام بها على الوجه المطلوب.
وفي المقابل رفع الله أمَّةً بسبب حفظها لهذه الشَّعيرة والقيام بها؛ فقال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾.
ومن أسباب التَّسلُّط: الغفلةُ عن مخطَّطات الأعداء ومكائدهم في قهر الإسلام وأهله؛ كإلهائهم وإشغالهم بأنواع اللَّهو واللَّعب؛ لصدِّهم عن ذكر الله واهتمامِهم بالأمور المصلِحَة لشأنهم دينًا ودنيَا، مع أنَّ الله يقول: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا﴾.
إنَّ مشكلة المسلمين اليوم؛ ليست في عَدَدِهم، فَهُمْ كما قال النَّبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (بَلْ أَنْتُمْ كَثِيرٌ)، وقد شبَّه هذه الكثرة بغثاء السَّيل، وهو ما يَبُسَ مِنْ نَبَاتٍ؛ فيجرفه السَّيل ليلقيه في الجوانب؛ إشارةً إلى حقارته ودناءَته، وشبَّههم به لقلَّة شجاعتهم وضعفهم وخذلانهم، وتفريطهم في الأخذ بأسباب النَّصر الحقيقيَّة، والتي منها أنَّ النَّصر والتَّمكين لهذه الأمَّة إنَّما هو ثمرة لإيمانها بالله وإقامة شرعه، فإذا مكَّنوا لدين الله في حياتهم؛ مكَّن اللهُ لهم في الأرض وأظهرهم على أعدائهم؛ كما قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ الآية.
ومنها: الإعداد لتقوية شوكة المسلمين مادِّيًّا واقتصاديًّا؛ ليتمكَّنوا من مواجهة أعدائهم، وردِّ العدوان عن أنفسهم؛ كما قال تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ﴾ الآية.
وهذا القتال لا يُمكن أن يكون؛ إلاَّ إذا اجتمعت كلمةُ المسلمين، كما اجتمعت كلمةُ الكفَّار على حرب المسلمين، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَه مَعَ المتَّقِينَ﴾.
قال ابن كثير: «أي كما يجتمعون إذا حاربوكم؛ فاجتمعوا أنتم ـ أيضًا ـ إذا حاربتموهم، وقاتلوهم بنظير ما يفعلون».
والسُّؤال الَّذي يطرح نفسَه في كلِّ مرة:
هل اجتمعت كلمةُ المسلمين اليوم على الحقِّ الأبلج المبين، من الاعتقاد الصَّحيح والمنهج السَّليم والرُّؤية الصَّائبة في معالجة المستجدَّات وقضايا الوضع الرَّاهن، منطلقين من أصول الشَّرع المطهَّر؛ كتابًا وسُنَّةً وإجماعًا؟!
والجواب: إنَّ الكلمة لم تجتمعْ بَعْدُ، ولن تجتمع ما دام في صفِّهم مَنْ يدين اللهَ بسبِّ الصَّحابة والقول بعصمة الأئمَّة والتَّحزُّب للطَّوائف والجماعات!!! وما إلى ذلك من المعتقدات الفاسدة والأفكار والتَّوجُّهات الدَّخيلة على أمَّة الإسلام ودينها.
ولابدَّ أن يَعِيَ المسلمون أنَّ الكفَّار لا يهدأُ لهم بالٌ، ولا يستقرُّ بهم حالٌ، ولا يضعون أسلحتهم ولا يكفُّون ألسنتهم بالسُّوء حتَّى يتخلَّى المسلمون عن دينهم، ويهجروا إلى الأبد شخصيَّتهم، وتذوب هويَّتُهم بين سائر الملل الضَّالَّة.
وما دام حالُ المسلمين اليوم ـ للأسف الشَّديد ـ على هذا النَّحو المذكور؛ فإنَّنا لا نملك لإخواننا في فلسطين ـ وأهالي غزَّة خاصَّة ـ إلاَّ التَّوجُّه إلى الله ـ العليم بحالهم ـ بالدُّعاء لهم في جميع الأحوال، عسى أن يَكُفَّ اللهُ عنهم بأسَ الَّذين كفروا، والله أشدُّ بأسًا وأشدُّ تنكيلاً.
اللَّهمَّ انصر إخواننا في فلسطين وفي كلِّ مكان، انصرهم نصرًا عزيزًا، وافتح عليهم فتحًا مبينًا.
اللَّهمَّ كُنْ لهم عونًا ونصيرًا، ومؤيِّدًا وحافظًا؛ فإنك قلت: ﴿وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾.
اللَّهمَّ وحِّد كلمتهم، واجمع شملهم، واجبر ضعفهم، وفكَّ أسرهم.
وعليك اللَّهمَّ باليهود الغاصبين، والكفرة المعتدين، اللَّهم احصهم عددًا وفرِّقهم بَدَدًا واجعلهم عبرةً للمعتبرين.
اللَّهم اشْدُد على قلوبهم، واطمس على أموالهم، وأَلْحِقْ بهم عذابك ورجزك؛ إنَّ عذابك بالكافرين ملحق.
اللَّهمَّ طهِّر المسجد الأقصى من حثالة القردة والخنازير، ورُدَّه إلى حوزة المسلمين مُعزَّزَ الأركان، وأَبْهَى ممَّا كان؛ إنَّك نِعْمَ المولى وعليك التُّكلان، وأنت وحدك المستعان، ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بك، يا كريمُ يا منَّان.
انصرهم نصرًا عزيزًا،
وافتح عليهم فتحًا مبينًا.
اللَّهمَّ كُنْ لهم عونًا ونصيرًا،
ومؤيِّدًا وحافظًا؛ فإنك قلت: ﴿وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا﴾.
اللَّهمَّ وحِّد كلمتهم،
واجمع شملهم،
واجبر ضعفهم،
وفكَّ أسرهم.
وعليك اللَّهمَّ باليهود الغاصبين،
والكفرة المعتدين،
اللَّهم احصهم عددًا وفرِّقهم بَدَدًا واجعلهم عبرةً للمعتبرين.
اللَّهم اشْدُد على قلوبهم،
واطمس على أموالهم،
وأَلْحِقْ بهم عذابك ورجزك؛
إنَّ عذابك بالكافرين ملحق.
اللَّهمَّ طهِّر المسجد الأقصى من حثالة القردة والخنازير،
ورُدَّه إلى حوزة المسلمين مُعزَّزَ الأركان،
وأَبْهَى ممَّا كان؛
إنَّك نِعْمَ المولى وعليك التُّكلان،
وأنت وحدك المستعان،
ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بك،
يا كريمُ يا منَّان.
على حدث «غَزَّةَ» الأليم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرْسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فإنّ المآسي المحزنةَ والأحداثَ الداميةَ المؤْلمةَ التي يُعايِشهَا قِطاع «غَزَّةَ» والأراضِي الفلسطينية -حاليًا- ما هي إلاّ حلقَةٌ متواصلةٌ من سلسلةِ المؤامراتِ الصهيونيةِ ومخططاتها المدمِّرةِ لإشاعةِ الفوضَى، وإثارةِ الفتنِ، والوقيعةِ بين الشعبِ الفلسطيني ودولتِه وشعوبِ المنطقةِ، بل مع عامةِ المسلمينَ مصحوبًا بالإرهابِ الفكريِّ والعسكريِّ بتأييدِ الدولِ القويةِ، وتعزيزهَا في تنفيذِ مخططاتها الهادِفَةِ إلى إضعافِ شوكةِ المسلمينَ، وتشتِيتِ صفِّ الفلسطينيينَ، وكسرِ إرادةِ شعبهمْ وتمييعِ قضيتهِمْ.
هَذَا، وإِنَّ إدارةَ موقعِ الشيخِ محمدِ علي فركوس -حفظه الله- تتتبع -بكلِّ ألمٍ وأسَى- ما حصلَ ويحصلُ لإخواننَا المسلمينَ في الأراضِي الفلسطينيةِ وفي قطاعِ «غَزَّةَ» منْ غمَّةٍ ونكبةٍ، وتقتيلٍ وتشريدٍ، وتفجيرٍ وتدميرٍ، وغيرِ ذلكَ من تنفيذٍ للتدبيراتِ العدوانيةِ والمخططاتِ الإرهابيةِ اليهوديةِ، وما يمدهَا به إخوانها في الغيِّ من طاقةٍ ماديةٍ وبشريةٍ ومعنويةٍ، فإنها تعكسُ الحقدَ الدفينَ الذي يُكنّهُ عمومُ الكفَّارِ للمسلمينَ.
وانطلاقًا منْ واجبِ الأخوَّةِ الإيمانيةِ، فإنَّ الموقفَ الشرعيَّ يُوجبُ على المسلمينَ الوقُوفَ معَ إخوانهمْ الفِلسطينيينَ في البأساءِ والضراءِ، وحينَ البأسِ، عملاً بقولهِ تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10] وأنْ يُحبَّ لهم ما يُحبُّ لنفسهِ، ويَكرهَ لهم ما يَكرهُ لنفسهِ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (١- أخرجه البخاري كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه: (13)، ومسلم كتاب الإيمان: (170)، من حديث أنس رضي الله عنه) ولقولهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَىٰ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» (٢- أخرجه البخاري كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم: (5665)، ومسلم كتاب البر والصلة: (6586)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه) وقولهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «المؤمنُ للمؤمنِ كالبُنيانِ يشُدُّ بعضُهُ بعضاً» (٣- أخرجه البخاري كتاب المظالم، باب نصر المظلوم: (2314)، ومسلم كتاب البر والصلة: (6585)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه)
كما يدعُو الموقفُ الشرعيُّ التعاونَ على نصرتهمْ -بصدقٍ وإخلاصٍ- لإزالةِ العدوانِ ورفعِ الظلمِ والأذَى والطغيانِ، كُلٌّ بحسبِ قدْرتهِ، وحجْمِ استطاعتِهِ، سواء بالتعاونِ المادِّي لقوامِ أبدانهمْ بالتغذيةِ والتداوِي، وتقويةِ شوكتهمْ، أوْ بالتعاونِ المعنويِّ، والتآزرِ معهمْ بنصرةِ قضيتهِمْ على نِطاقٍ خاصٍّ أو عامٍّ، سواء في المؤتمراتِ والمحافلِ الدوليةِ، أو القاريةِ، أو الإقليميةِ، أو الشعبيةِ، ومنَ الدّعم المعنويِّ: التوجهُ إلى الله تعالى بالدعاءِ لهمْ بكشفِ غمّةِ آلامهمْ، ومحنتهمْ، ومأساتهمْ، ورفعِ بليتهمْ وشدتهمْ، وإصلاحِ أحوالهمْ وتحقيقِ آمالهمْ، ولمّ شملهمْ، وترشيدِ أقوالهم، وتسديدِ أعمالهمْ لما يحبُّه الله ويرضى، فإنّ الرجوعَ إلى الله تعالى بإخلاصٍ وصدقٍ وتقوى، والاستعانةَ بالصبرِ والصلاةِ، مع إعدادِ العُدَّةِ الماديةِ، ومشاورةِ أهلِ العلمِ والرشادِ، لهو منْ أعظمِ أسبابِ النصرِ، ونزولِ الرحمةِ، وكشفِ الغُمّةِ، والتوفيقِ والسدادِ.
هَذَا، وأخيرًا نُوصِي إخوانَنَا المسلمينَ في فِلسطينَ أنْ يجمعُوا كلمتهمْ على الحقِ، ويلمُّوا شملهمْ وشعثهمْ، وأنْ يوحِّدُوا جهودهمْ، ويفرزُوا صفوفهمْ، ليميزُوا بين الصديقِ والعدوِ، والخبيثِ والطيّبِ، ليكونُوا صفًّا منيعًا ضدَّ تحدِّي عدوهمْ الذي يتربصُّ بهم الدوائرَ، ليفوِّتُوا عليهِ مخططَهُ الإجرامِيَّ، ومشاريعَهُ العدوانيةَ.
نسألُ الله تعَالى العَليَّ القديرَ أنْ يُصلحَ أحوالَ المسلمينَ في فلسطينَ والعراقِ، وسائرَ بلادِ المسلمينَ، وأنْ يجمعَ كلمتهُمْ على التوحيدِ والتقوَى والدِّينِ، وأنْ يَكشفَ محنتهُمْ ويُسدِّدَ خُطاهمْ، وينصرهُم على أعداءِ الإسلامِ والمسلمينَ، اللّهمَّ اجعَل كيدَ أعدائِكَ في نحورهِمْ، ونعوذُ بكَ اللَّهمَّ منْ شرورِهِمْ.
وآخر دعوانَا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، وصلَّى الله عَلَى محمَّدٍ وعلَى آلهِ وصحبهِ وإخوانِهِ إلى يومِ الدِّينِ.
الجزائر في: 06 المحرم 1445ﻫ
الموافق ﻟ: 03 جانفي 2024م
١- أخرجه البخاري كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه: (13)، ومسلم كتاب الإيمان: (170)، من حديث أنس رضي الله عنه. ٢- أخرجه البخاري كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم: (5665)، ومسلم كتاب البر والصلة: (6586)، من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه. ٣- أخرجه البخاري كتاب المظالم، باب نصر المظلوم: (2314)، ومسلم كتاب البر والصلة: (6585)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
واس – الرياض
حثت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقاً لإخوة الإسلام ورابطة الإيمان، معتبرة أن مايجري في غزة إجرام وظلم في حق الشعب الفلسطيني.
وأوضحت اللجنة أن النصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال سواء كانت مادية أو معنوية ، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال والغذاء والدواء والكساء وغيرها، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم وصدق المواقف تجاههم ونصرة قضاياهم في المحافل والجمعيات والمؤتمرات الدولية والشعبية.
ودعت اللجنة عقلاء العالم والمجتمع الدولي للنظر في الكارثة بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه
جاء ذلك في بيان صدر عن اللجنة حول ما يجري في قطاع غزة من قتل وحصار وتشريد فيما يلي نصه:
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية تابعت بكل أسى وحزن وألم ما جرى ويجري على إخواننا المسلمين في فلسطين وفي قطاع غزة على الخصوص من عدوان وقتل للأطفال والنساء والشيوخ وانتهاك للحرمات وتدمير للمنازل والمنشآت وترويع للآمنين ، ولا شك أن ذلك إجرام وظلم في حق الشعب الفلسطيني.
وهذا الحدث الأليم يوجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقاً لاخوة الإسلام ورابطة الإيمان ، قال الله تعالى :” إنما المؤمنون إخوة” (الحجرات 10) وقال عز وجل :” والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض” (التوبة 71) وقال النبي صلى الله عليه وسلم :” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه “ متفق عليه، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام :”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر “(متفق عليه) وقال عليه الصلاة والسلام: “ المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره” رواه مسلم.
والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال سواء كانت مادية أو معنوية ، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال والغذاء والدواء والكساء وغيرها، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم وصدق المواقف تجاههم ونصرة قضاياهم في المحافل والجمعيات والمؤتمرات الدولية والشعبية ، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله سبحانه وتعالى : “ وتعاونوا على البر والتقوى “ (المائدة 2).
ومن ذلك أيضاً بذل النصيحة لهم ودلالتهم على ما فيه خيرهم وصلاحهم ، ومن أعظم ذلك أيضاً الدعاء لهم في جميع الأوقات برفع محنتهم وكشف شدتهم وصلاح أحوالهم وسداد أعمالهم وأقوالهم. هذا وإننا نوصي إخواننا المسلمين في فلسطين بتقوى الله تعالى والرجوع إليه سبحانه ، كما نوصيهم بالوحدة على الحق وترك الفرقة والتنازع وتفويت الفرصة على العدو التي استغلها وسيستغلها بمزيد من الاعتداء والتوهين.
ونحث إخواننا على فعل الأسباب لرفع العدوان على أرضهم مع الإخلاص في الأعمال لله تعالى وابتغاء مرضاته والاستعانة بالصبر والصلاة ومشاورة أهل العلم والعقل والحكمة في جميع أمورهم ، فإن ذلك أمارة على التوفيق والتسديد.
كما أننا ندعو عقلاء العالم والمجتمع الدولي بعامة للنظر في هذه الكارثة بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه ، ورفع الظلم عنه حتى يعيش حياة كريمة، وفي الوقت نفسه نشكر كل من أسهم في نصرتهم ومساعدتهم من الدول والأفراد.
نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكشف الغمة عن هذه الأمة ، وأن يعز دينه ، ويعلي كلمته وأن ينصر أولياءه ، وأن يخذل أعداءه ، وأن يجعل كيدهم في نحورهم ، وأن يكفي المسلمين شرهم ، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية
رئيس هيئة كبار العلماء
الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ
وأعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
أنَّ النَّصر والتَّمكين لهذه الأمَّة إنَّما هو ثمرة لإيمانها بالله وإقامة شرعه، فإذا مكَّنوا لدين الله في حياتهم؛ مكَّن اللهُ لهم في الأرض وأظهرهم على أعدائهم؛
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه * والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش به حيا أبدا * فالناس موتى و أهل العلم أحياء
جرائم اليهود بحق الفلسطينيين على مر التاريخ
محاضرة أُلقيت في :
مسجد الخير العامر بالسنة بصنعاء
بتاريخ
6محرم 1445 هـ
الموافق
2يناير 2024 م
" جزى الله خيرا من قام بتسجيلها ورفعها للشبكة".
للإستماع للمحاضرة أو التحميل:
من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نشرت في مجلة ( البحوث الإسلامية ) العدد ( 28 ) عام 1410 هـ
من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المسلمون في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد قال سبحانه في محكم كتابه: سورة الصف الآية 10يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ سورة الصف الآية 11تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سورة الصف الآية 12يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ سورة الصف الآية 13وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وقال عز وجل سورة التوبة الآية 41انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ وقال عز وجل : سورة التوبة الآية 111إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 409)
وثبت عن المصطفى عليه الصلاة والسلام أنه قال: رواه البخاري في (الأدب) باب رحمة الناس والبهائم برقم (6011)، ومسلم في (البر والصلة والآداب) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم برقم (2586) مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وقال صلى الله عليه وسلم: صحيح البخاري الصلاة (481) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (2585) ، سنن الترمذي البر والصلة (1928) ، سنن النسائي الزكاة (2560) ، سنن أبو داود الأدب (5131) ، مسند أحمد بن حنبل (4/405). المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه، وقال صلى الله عليه وسلم: رواه البخاري في (الجهاد والسير) باب فضل من جهز غازيا أو خلفه بخير برقم (2843)، ومسلم في (الإمارة) باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله برقم (1895) من جهز غازيا فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا ، وقال عليه الصلاة والسلام: رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين من الصحابة) مسند أنس بن مالك برقم (11837)، وأبو داود في (الجهاد) باب كراهية ترك الغزو برقم ( 2504 ) . جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم .
(الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 410)
والآيات والأحاديث في فضل الجهاد والإنفاق فيه والتشجيع على ذلك كثيرة معلومة. فمساعدة المجاهدين في سبيل الله بالنفس والمال من أفضل القربات ومن أعظم الأعمال الصالحات وهم من أحق الناس بالمساعدة من الزكاة وغيرها. ومن حكمة الزكاة في الإسلام والصدقات أن يشعر المسلم برابطة تجذبه نحو أخيه؛ لأنه يشعر بما يؤلمه، ويحس بما يقع عليه من كوارث ومصائب، فيرق له قلبه ويعطف عليه ليدفع مما آتاه الله بنفس راضية وقلب مطمئن بالإيمان.
والمجاهدون في داخل فلسطين – وفقهم الله جميعا- يعانون مشكلات عظيمة في جهادهم لأعداء الإسلام فيصبرون عليها رغم أن عدوهم وعدو الدين الإسلامي يضربهم بقوته وأسلحته. وبكل ما يستطيع من صنوف الدمار وهم بحمد الله صامدون وصابرون على مواصلة الجهاد في سبيل الله كما تتحدث عنهم الأخبار والصحف ومن شاركهم في الجهاد من الثقات، لم يضعفوا ولم تلن شكيمتهم ولكنهم في أشد الضرورة إلى دعم إخوانهم المسلمين ومساعدتهم بالنفوس والأموال في قتال عدوهم عدو الإسلام والمسلمين وتطهير بلادهم من رجس الكفرة وأذنابهم من اليهود .
وقد من الله عليهم بالاجتماع وجمع الشمل على التصميم في مواصلة الجهاد. فالواجب على إخوانهم المسلمين الحكام والأثرياء أن يدعموهم ويعينوهم ويشدوا أزرهم حتى يكملوا مسيرة الجهاد ويفوزوا إن شاء الله بالنصر المؤزر على أعدائهم أعداء الإسلام.
وإني أهيب بجميع إخواني المسلمين من رؤساء الحكومات الإسلامية وغيرهم من الأثرياء في كل مكان بأن يقدموا لإخوانهم المجاهدين في فلسطين مما آتاهم الله من فضله ومن الزكاة التي فرضها الله في أموالهم حقا لمن حددهم الله جل وعلا في سورة التوبة وهم ثمانية. قد دخل إخواننا المجاهدون في فلسطين من ضمنهم.
والله تبارك وتعالى قد فرض حقا في مال الغني لأخيه المسلم في آيات كثيرة من كتابه الكريم كقوله سبحانه: سورة المعارج الآية 24وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ سورة المعارج الآية 25لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وقوله تعالى سورة الحديد الآية 7آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ وقوله سبحانه : سورة البقرة الآية 261مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وقوله سبحانه:
سورة البقرة الآية 195وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وهو سبحانه يثيب المسلم على ما يقدم لإخوانه ثوابا عاجلا وثوابا أخرويا يجد جزاءه عنده في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، كما أنه يدفع عنه في الدنيا بعض المصائب التي لولا الله سبحانه ثم الصدقات والإحسان لحقت به أو بماله فدفع الله شرها بصدقته الطيبة وعمله الصالح. يقول الله عز وجل: سورة المزمل الآية 20وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ويقول عز وجل: سورة سبأ الآية 39وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في (البر والصلة والآداب) باب استحباب العفو والتواضع برقم (2588). ما نقص مال من صدقة . ويقول صلوات الله وسلامه عليه: رواه الترمذي في (الجمعة) باب ما ذكر في فضل الصلاة برقم (614). الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار . ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: رواه البخاري في (الزكاة) باب اتقوا النار ولو بشق تمرة برقم (1417)، ومسلم في (الزكاة) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة برقم (1016) اتقوا النار ولو بشق تمرة .
كومين من طعام وثياب. حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء . رواه مسلم في صحيحه . ثم هذه النفقة أيها المسلمون تؤجرون عليها وتخلف عليكم كما تقدم في قوله سبحانه: سورة المزمل الآية 20وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وفي قوله سبحانه: سورة سبأ الآية 39وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: رواه البخاري في (النفقات) باب فضل النفقة على الأهل برقم (5352)، ومسلم في (الزكاة) باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف برقم (993) يقول الله عز وجل: يا ابن آدم أنفق أنفق عليك . ونسأل الله عز وجل أن يضاعف أجر من ساهم في مساعدة إخوانه المجاهدين ويتقبل منه وأن يعين المجاهدين في فلسطين وسائر
المجاهدين في سبيله في كل مكان على كل خير ويثبت أقدامهم في جهادهم ويمنحهم الفقه في الدين والصدق والإخلاص وأن ينصرهم على أعداء الإسلام أينما كانوا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية
والإفتاء والدعوة والإرشاد
مجموعة فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ ابن باز
المجلد الثامن عشر
على المسلمين في فلسطين
نداء لأهل الإسلام
اللهم يا واحد يا قهار
اللهم يا كبير يا متعال
اللهم يا شديد العقاب
اللهم يا أحد يا صمد
يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد
اللهم يا حي يا قيوم
اللهم يا ذا الجلال والإكرام
اللهم يا ذا العزة التي لا ترام
يا من بيده الإيجاد والاصطلام
يا قوي يا متين
اللهم يا مجري السحاب
اللهم يا هازم الأحزاب
اهزم اليهود ، وردهم على أعقابهم خائبين خاسرين
اللهم نجي المسجد الأقصى من أيدي اليهود الغاصبين
اللهم أهلك اليهود المحتلين
اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحداً
اللهم احفظ عبادك المؤمنين ، وحزبك الموحدين ..
وقهم شرور الأشرار ، وكيد الفجار يا عزيز يا قهار
اللهم قوِّ عزيمتهم، واجمع على الحق كلمتهم، وألف بين قلوبهم، واجبر كسرهم، واشف مريضهم، وفك أسيرهم، وأطعم جائعهم، واكس عاريهم، وأمن خوفهم ..
والحمد لله رب العالمين
كتَبَهُ: أبو عمر أسامةُ العُتَيْبِي
الأربعاء 17 / 10 / 1445هـ
اللهم لاتكلهم إلى أنفسهم , ولا إلى أحد من الناس , وأغنهم بك عمَّن سواك , والبسهم لباس الصحة , واقلب محنتهم منحة , وعَبْرَتهم بسمة , وترحهم فرحا , واجعلهم شاكرين لنعمك , مثنين بها عليك قابليها .
اللهم أمكنهم من رقاب عدوهم , وسلطهم عليه فيسوموه سوء العذاب , اللهم افضح من فضح لهم سرَّا , أو هتك لهم سترا , أو تمالأ مع عدوهم عليهم ياقوي ياعزيز .
……………….آمين يا رب العالمين…………….. …