يأخذ الحديث عن الهيكل مساحة كبيرة في تراث اليهود وأدبياتهم قديما وحديثا، فقد تمسك اليهود بالهيكل وأحاطوه بإطار واسع وهالة كبيرة من التقديس، وحصروا جل اهتمامهم به، ووضعوا حوله من نسج خيالهم قصصا وحكايات وأساطير كثيرة استمدوها من توراتهم المحرفة، ورأوا أن عليهم واجبا دينيا لا مناص من إنجازه وهو إعادة بناء هذا الهيكل في الموضع الذي يقوم عليه المسجد الأقصى.
ولما هدم الهيكل في سنة 70م ولم يستطع اليهود إعادة بنائه ابتدعوا جملة من الأساطير جعلوها عقائد وطقوس لهم، منها أنه لا بد من ذكر الهيكل المهدوم عند الميلاد والموت، وعند الزواج يحطّم أمام العروسين كوب فارغ لتذكيرهم بهدم الهيكل وقد ينثر بعض الرماد على جبهة العريس لتذكيره بهدم الهيكل. وجاء في الادب اليهودي أن اليهودي في الماضي كان اذا طلى بيته أمره الحاخامات ان يترك مربعا صغيرا في منزله دون طلاء ليتذكر واقعة هدم الهيكل. ويصوم اليهود اليوم في كل عام يوم التاسع من آب، اغسطس احتفالا بذكرى هدم الهيكل لأنه هدم في ذلك اليوم، وجاء في الأساطير اليهودية أن الحائط نفسه يذرف الدموع في هذا اليوم، ويزعم التلمود الكتاب المقدس عند اليهود أن الإله نفسه ينوح ويبكي وهو يقول تبًّا لي لقد سمحت بهدم بيتي وتشريد أولادي، ولهم صلاة خاصة في منتصف الليل حتى يعجّل الاله بإعادة بناء الهيكل.
ونظرا لأهمية الهيكل المزعوم عند اليهود تعتبر منطقة الحرم القدسي خطا أحمر حتى بالنسبة للسياسيين الإسرائيليين متدينين كانوا أو علمانيين في كل مفاوضات تجري بينهم وبين الفلسطينيين، ومما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي (إيهود باراك) للرئيس الفلسطيني الراحل (ياسر عرفات): "إن أي رئيس وزراء اسرائيلي لن يوقع وثيقة أو اتفاقا ينقل السيادة على جبل الهيكل – يقصد بيت المقدس – الى الفلسطينين او الى أي هيئة اسلامية"، وقال له ايضا: "ان هيكل سليمان يوجد تحت المسجدين – الاقصى وقبة الصخرة – ومن أجل ذلك لن تسمح اسرائيل بالتنازل عنهما عن السيادة للفلسطيينين".
والهيكل في العبرية "بيت همقداش"، أي بيت المقدس أو "هيخال" وهي تعني البيت الكبير في كثير من اللغات السامية، ويقصد به مسكن الإله.
وترجع قصة الهيكل عند اليهود إلى أزمنة قديمة، إذ كان بنو اسرائيل بعد خروجهم من مصر مع النبي موسى (عليه السلام) هربا من فرعون يحملون تابوت العهد الذي كان يحوي التوراة المكتوبة في الألواح والذي كان يوضع في خيمة الشهادة أو الاجتماع، ومع دخولهم الى القدس واستقرارهم فيها قدَّموا الضحايا والقرابين للآلهة في هيكل محلي أو مذبح متواضع مبني على تلّ عال.
أما عن قصة بناء الهيكل المزعوم فقد جاء في التوراة أن داود كان يريد أن يبني هيكلا للرب في أورشليم، لكن الرب أبلغه عن طريق النبي (ناتان) بأن يترك هذا العمل لإبنه سليمان لأنه سفك دماءا كثيرة في حروبه، فأخبر داود سليمان برغبته تلك وأمر الرب له بأن يترك هذا الأمر لولده.
ومع أن داود لم يقم بالبناء إلا أنه أراد قبل موته أن يسجل معاونته الفعالة لإبنه في إقامة الهيكل، فأخذ يجهز المواد اللازمة للبناء، وكان اليهود في عصره ما يزالون في بداوة بدائية يندر فيهم من يعرف أصول حرفة أو صناعة أو علم من علوم الدنيا، فكان الاعتماد على الفنيين الأجانب هو الحل الوحيد الممكن أمام داود وسليمان حتى يرتفع هيكل الرب.
وتمضي التوراة في رواية قصة البناء وتهييئة آلاف الكيلوغرامات من الذهب والفضة والنحاس، وآلاف الأطنان من الحجارة والأخشاب، وعشرات الآلاف من العمال والمهندسين والصناعيين، واستمرت عمليات البناء سبع سنين في الفترة ما بين (960 – 953 ق.م).
وبقي هذا الهيكل حتى سنة (586 ق.م) حيث هدمه (نبوخذ نصر) البابلي فمحا أثره محوا تاما وسبى اليهود الى بابل فيما عرف بالسبي البابلي الثاني، وبقوا هناك سبعين سنة الى أن نجح الامبراطور الفارسي (كورش) في احتلال العراق وإسقاط الدولة البابلية، وسمح بالتالي لليهود أن يعودوا الى فلسطين. وبعد العودة قام اليهود بإعادة بناء الهيكل بصورة أقل فخامة، ولعل ذلك من فرط إعجابهم الخيالي بهيكل سليمان فقط .
وبعد ذلك توالى على حكم فلسطين اليونان بقيادة الإسكندر المقدوني والسلوقيون بقيادة ملك سوريا (أنطيوخوس) ثم زحف عليها الرومان بقيادة القيصر (بومبي) سنة 66 أو 63 ق.م، ومن الحكام الرومانيين الذين حكموا القدس (هيرودس) الذي ولد عيسى (عليه السلام) في عهده، وقد قام هيرودس هذا بتعميرات للهيكل.
ونتيجة للمشاغبات والمشاكل التي كان اليهود يثيرونها – كما هو ديدنهم في كل وقت – للدولة الرومانية قرر الإمبراطور (فسبازيان) أن يقضي عليهم ويطردهم من فلسطين والقدس، فأرسل ابنه (تيتوس) على رأس جيش كبير والذي استولى على القدس وخرّب الهيكل الثاني تماما سنة (70م) وطرد اليهود منها.
وبقيت القدس في أيدي الرومان حتى الفتح الاسلامي لها عندما حاصرتها جيوش خالد بن الوليد (رضي الله عنه) وطلب أهلها أن يأتي الخليفة بنفسه ليتسلم مفاتيح المدينة، فدخلها عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) سنة 637م.
بعد طرد اليهود من فلسطين على أيدي الرومان بدأت مرحلة الشتات (الدياسبورا) لهؤلاء والتي استمرت حتى عام 1948 حين تمكن الصهاينة بمعاونة الإمبريالية العالمية من إقامة دولتهم الغاصبة على أرض فلسطين، ومع هذا فقد بقيت القدس بجزئها الشرقي الذي يضم المسجد الأقصى في أيدي المسلمين حيث كانت تحت سيطرة الجيش الأردني حتى هزيمة 1967 حين استطاعت اسرائيل أن تستولي على القدس الشرقية وتعلن عن خطة توحيد القدس بشقيها الغربي والشرقي لتبدأ من هذه النقطة الخطوات الاسرائيلية الفعلية الهادفة الى هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث المزعوم على أنقاضه.
هذه هي قصة الهيكل عند اليهود، وهذه هي الرؤية اليهودية الصهيونية للبناء الذي بناه سليمان (عليه السلام) والذي نفسه المسجد الأقصى..
الآلاف القصص المزورة لأخذ ماتطاله أيديهم
و هم يزورون الكثير من الآثار لكي يثبتو ما يريدون
إيه الله يهدهم
شكرا جزيييييلا لك
مشكور بزاااااف أخي فريد
أنتظر جديدك