تخطى إلى المحتوى

السلام المفقود 2024.

لاَ سَعَادَةَ في الْحَيَاةِ إِلاَّ إِذَا نَشَرَ الْسَّلاَمُ أَجْنِحَتَهُ الْبَيْضَاءَ على هَذَا المُجْتَمَعِ الْبَشَرِيّ ،ولَنْ يَنْتَشِرَ الْسَّلاَمُ إِلاَّ إِذَا هَدَأَت أَطْمَاعُ الْنُّفُوسِ ، واسْتَقَرَّت فِيهَا مَلَكَةُ الْعَدْلِ والإِنْصَافِ ،فَعَرَفَ كُلُّ ذِي حَقِّ حَقَّهُ ، وقَنَعَ كُلٌّ بِمَا في يَدِهِ عَمَا في يَدِ غَيْرِهِ فَلاَ يَحْسُدُ فَقِيرٌ غَنِيًّا ، ولاَ عَاجِزٌ قَادِرًا ، ولاَ مَحْدُودٌ مَحْدُودًا ، ولاَ جَاهِلٌ عَالماً ، وأَشْعَرَت الْقُلُوبُ الْرَّحْمَةَ والحَنَانَ على الْبَائِسِينَ والمَنْكُوبِينَ فَلاَ يُهْلَكُ جَائِعٌ بين الْطَامِعِينَ ولاَ عَارٍ بين الْكَاسِينَ، امْتَلأَت الْنُّفُوسُ عِزَّةً وشَرَفًا ، فَلاَ يَبْقَى شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الحَبَائِلِ الْمَنْصُوبَةِ ِلاغْتِيَالِ أَمْوَالِ الْنَّاسِ بِاسْمِ الْدِينِ مَرَّةً والإِنْسَانِيَّةِ مَرَّةً أُخْرَى ، ولاَ تَرَى طَبِيبًا يَدَّعِي عِلْمَ مَا لم يَعْلَمْ لِيَسْلُبَ الْمَرِيضَ رُوحَهُ ومَالَهُ ، ولاَ مُحَامِيًا يَخْدَعُ مُوَكِّلَهُ عن قَضِيَّتِهِ مِنْهُ فَوْقَ مَا سَلَبَ مِنْهُ خَصْمُهُ ، ولاَ تَاجِرًا يَشْتَرِي بِعَشْرَةِ ويَبِيعُ بمائَةٍ ، ثُمَ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لِصٌّ خَبِيثٌ ، وَكَاتِبًا يَضْرِبُ الْنَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ حتى تَسِيلَ دِمَاءُهُم فَيَمْتَصَّهَا، كَمَا يَضْرِبُ الْقَادِحُ الْزِّنْدَ لِيَظْفِرَ بِالْشَّرَرِ الْمُتَطَايَرِ مِنْهُمَا .
ومَا دَامَت هَذِهُ المطَالِبُ أَحْلاَمًا كَاذِبَةً وأَمَاني بَاطِلَةً ، فَلاَ مَطْمَعَ في سَلاَمٍ ولاَ أَمَانٍ … ، ولاَ فَرْقَ بَيْنَ أَمْسِ الْدَّهْرِ ويَوْمِهِ ولاَ بَيْنَ يَوْمِهِ وغَذِهِ ، ولاَ فَرْقَ بَيْنَ مُغْفِلاَتِ أَيَّامِهِ غَيْرَ مَا عَرَفْتَ ومَا ذَاقَ أَحَدٌ مِن نَغَمَاتِهِ غَيْرَ مَا ذُقْتَ ، وليَفْرَحْ بِالْعَامِ الجَدِيدِ مَنْ حَمَدَ مَا مَضَى مِن أَيَّامِهِ وسَالِفِ أَعْوَامِهِ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.