أدركت الآن أن الجنة ليست اكتفاء بالطعام والشراب وملذات الجسد ، بل منها ينطلق الإنسان في رحلته الثانية التي لا تتوقف عن الإبداع والاكتشاف والاختراع دون حدود ، وأن الإنسان مخلوق كريم متى ماكرّم نفسه وعرف دوره تجاه الله والكون والحياة. أشعر من قول الله تعالى لذلك الإنسان الذي يريد الزراعة في الجنة : “دونك يابن آدم فإنه لا يشبعك شيء” بمدى التكريم له وليس فوق هذا تكريم .. إنه يحقق له رغباته النفسية .. إن زرع ذلك المزارع ليس جوعًا ولا نقصًا ، ولا خوفًا من حرب ، أو من سبعٍ سمانٍ يأكلهنّ سبع عجاف .. إنه هاجس مدفوع بالإبداع وحب الاكتشاف .. إن الله لم يقمعه ولم ينهره ، بل تركه لشغف وصفه الله بأنه لا يشبع ..
الجنّة ياصديقي أكثر من متع حسية ، إنها جنة الخلد ومليارات السنوات ، لكَ أن تتخيل مالذي سيبدعه هذا المخلوق في تلك السنوات ، ومع ذلك فسيجد الجنة فوق مايتصور ، وأبعد بكثير من كل آفاقه التي ينشدها.
الإنسان سيظل في الجنة باحثًا مكتشفًا خالدًا في جنة عرضها السماوات والأرض ، فهنيئا لمن حضي بتلك الفرصة الخالدة ! *
الصوياني – بتصرف
ياربّ إننَا نشتاقُ لهذه الرحمَة والهَديَّة العظيمَة ،