فقد إنتشرت بين أهل الإسلام في الأعصار المتأخرة بدعة أوجبوها على أنفسهم نشأ عليه الصغير وهرم عليها الكبير واتخذها الناس سنة فإذا غيرت قالوا غيرت السنة وهي أن أحدهم إذا رمق ببصره حذاءا مقلوبا أسفله إلى جهة السماء سارع إلى قلبه إلى جهة الأرض تعظيما لله سبحانه الذي استوى على عرشه ويخافه من فوقهم ملائكته قال تعالى ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور وقال عن ملائكته يخافون ربهم من فوقهم مع كون ذلك البعض يتهاون ربما في كثير من معصية الرب سبحانه !!
وهذا مقصد للخير يبغونه فنعم المقصد مقصد تعظيم الرب جل جلاله ولكن كما قال عبدالله بن مسعود وكم من مريد للخير لن يصيبه
أي أن إرادة الخير وقصده لايكفي في صحة العمل وقبوله بل لابد من الإتباع للرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لاكما ظن بعض الفضلاء من أهل العلم من كون المسلم يؤجر على قصده كحضور المولد ولو كان العمل محدثا فإنه يرده مارواه البخاري في صحيحه عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ ضَحَّى خَالٌ لِي يُقَالُ لَهُ أَبُو بُرْدَةَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عِنْدِي دَاجِنًا جَذَعَةً مِنْ الْمَعَزِ قَالَ اذْبَحْهَا وَلَنْ تَصْلُحَ لِغَيْرِكَ ثُمَّ قَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ
فقوله شاتك شاة لحم بالرغم من إرادة ذلك الصحابي الخير وإصابة السنة دليل كما أفاد بن حجر على أن القصد الحسن لفعل العبادة لايصير العبد مؤجورا إذا فارق العبد فيها الإتباع انه من العجيب أنك ترى أحدهم يزين له الشيطان قلب النعال وهو تارك للصلاةوقد نقل ابن مفلح في اآداب الشرعية عن ابن عقيل إشارة إلى إنه من قلة فقه العوام قلبهم للنعال ..
ولما سألت اللجنة الدائمة من مشائخنا كما في فتاوى اللجنة الدائمة ( 26 -302 ) عن بعض كبار السن أنهم يقولون أن قلب النعال على ظهرها لايجوز حيث تقابل وجه الله تعالى 00فهل هذا صحيح
أعرضت اللجنة عن هذا المعتقد وأجابت بمشروعية ذلك تقذرا فلو كان لذلك عندهم أصل وهو معتقد العامة بأنه لايجوز لمقابلة وجه الله لذكروا ذلك رفع الله قدرهم اين
فقالوا : قلب الحذاء بحيث يكون أسفله أعلاه فيه تقذر وكراهة لأن أسفله مما يلي الأرض فيكون لابس الحذاء يطأ على الأرض وقد يطأ به شيئا من الأقذار وبالله التوفيق
عبد العزيز بن باز عبدالرزاق عفيفي عبدالله الغديان
فالسلف كانوا أشد الناس تعظيما لله ولكن على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه
كما روي عن حذيفة أنه قال أي عبادة لم يتعبدها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها وعليكم بالأمر العتيق وعن بن مسعود أنه قال اتبعوا ولاتبتدعوا فقد كفيتم
فلو كان قلب النعال سنة منتشرة بينهم وهم أشد تعظيما لله لكان مماتتوفر الدواعي لنقله وهو أمر ممكن الوقوع والظهور في عصرهم رضي الله عنهم 0000فلما لم ينقل علم أنه مماأحدثه العوام في الأعصار المتأخرة فلا واجب إلا ما أوجبه الله تعالى ورسوله وفهمه السلف الصالح رضي الله عنهم كما قالت عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أي شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط
فأين وجد هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك أمر وجوب أو استحباب أو فعله سلفنا الصالح
وقد كنت أمشي في الحرم المكي أنا وبعض المشائخ الفضلاء من أهل الحديث فرأى نعلا مقلوبا إلى السماء فاتجه ناحيته ليقلبه إلى الأرض فاستوقفته إلى أين ،هل هذا كان من هدي السلف رحمهم الله فاستدرك وترك قلب النعل رفع الله قدره كذا أهل الحديث كما عرفناهم منذ القديم فلايزالون يتوارثون مذهبهم من الرجوع إلى الحديث والحق بعد ماتبين قال شعبة إذا أتاكم الحديث فخذوه وإذا أتاكم رأيي فبولوا عليه
قال بعضهم ( باب وليس كل مانتشر بين الناس له أصل )أوكما قال
أقول وهو كذلك فقد انتشر بينهم رفع الأيدي على الصفا والمروة مكبرين ثلاثا وهو محدث والإضباع طيلة الإحرام بالحج والعمرة وهو محدث وتقبيل المصحف وهو محدث والإستعاذة عند المثائبة وهو محدث والإستنجاء عند الوضوء بلا بول وغائط وهو محدث وزخرفة المساجد وتلوينها وهو محدث
ورفع اليدين عند الخطبة بلا استسقاء وهو محدث وقصد الشاخص برمي الجمرات وصعود جبل الرحمة وهو محدث وجعل الخط الأسود علامة على اكتمال شوط الطواف وهو محدث والإضباع في السعي وهو محدث والإمتناع من الكلام في الخلاء مع أحد لايتخلى بغير ذكر الله وهو محدث والتطريب في الدعاء وهو محدث وقول صدق الله العظيم عند ختم القراءة وهو محدث والدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهو محدث والمسح على الرقبة في الوضوء وهو محدث 000واعتقاد خطأ من صلى بنعاله وكثير من المحدثات والتي يطول ذكرها وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا
وعند ذلك قال فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي حديث آخر عند النسائي وكل ضلالة في النار
وفي حديث عائشة من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد وهو متفق عليه
وكان يقول وشر الأمور محدثاتها والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على التذكرة القيمة وبارك فيكم.