السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السـؤال:
ما هي أسبابُ وجودِ أحاديثَ ضعيفةٍ في الكتبِ المعتمدةِ في الحديثِ ؟
الجـواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرْسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فاعلمْ أنَّ أهلَ الحديثِ في قَبولِهم له يضعون له ضوابطَ، ويشترطون للصّحيحِ منه الشُّروطَ المتقدِّمةَ، ويردُّون الحديثَ الضّعيفَ إذا ما فقد أحد هذه الشّروطِ، فإذا فقد شرْطَ الاتّصالِ ينتج عنه: المعلَّقُ، والمنقطِعُ، والمعضلُ، والمرسلُ، والمدلَّسُ.
وإذا فقد شرْطَ العدالةِ ترتّب عليه: الموضوعُ، والمتروكُ، والمنكَرُ، والمطروحُ، والمضعَّفُ، والمجهولُ، وغيرُها.
وإذا فقد شرْطَ الضّبطِ نتج عنه: المدرَجُ، والمقلوبُ، والمضطرِبُ، والمصحَّفُ، والمحرَّفُ.
وإذا فقد شرْطَ عدمِ الشّذوذِ: ظهر الحديثُ الشّاذُّ.
ويظهر الحديثُ المعلَّلُ بفقدانِ الحديثِ لشرطِ عدمِ العِلّةِ.
هذا، ونجد كلَّ إمامٍ مِنَ الأئمَّةِ حين تدوينِ الحديثِ النَّبويِّ في مصنَّفِه يلتزم شروطَ الصّحّةِ مِنْ غيرها، فالبخاريُّ مثلاً: أفرد بالجمعِ الأحاديثَ الصّحيحةَ دون غيرِها، وهي ميزةٌ مفقودةٌ في المسانيدِ التي سبقتْه، وكذلك مسلمٌ.
لذلك كان المعتمَدُ ترتيبًا: البخاريُّ، ثمَّ مسلمٌ، باعتبارِ اشتراطِ البخاريِّ فيمن يروي عنهم ويُسْنِدُ اللّقاءَ والمعاصرةَ، وتخريجِه رجالَ الطّبقةِ الأولى استيعابًا.
أمَّا أبو داود والنّسائيُّ، فيخرِّجان مِنَ الأحاديثِ للطّبقةِ الأولى والثّانيةِ والثّالثةِ دون الرّابعةِ.
أمَّا التّرمذيُّ فيخرّجُ أحاديثَ الطّبقةِ الرّابعةِ.
وأبو داودَ تميَّز في كتابِه ببيانِ ما فيه وهنٌ، بخلافِ النّسائيِّ، فيخرِّج كلَّ ما لم يُجْمَعْ على تركِه، والضّعيفَ دون تنبيهٍ عليه.
أمَّا ابنُ ماجَه فقد تفرّدَ بإخراجِ أحاديثَ عن رجالٍ متّهَمين بالكذبِ وسرقةِ الأحاديثِ، وبعضُ الأحاديثِ لا تُعْرَفُ إلاّ مِنْ جهتِهم.
لذلك انتقد بعضُ العلماءِ الأحاديثَ التي في كتبِ السّننِ، كما فعل ابنُ الجوزيِّ وغيرُه.
ومِنْ ثَمَّ لم يجعلْ أهلُ الحديثِ هذه الكتبَ على رتبةٍ واحدةٍ عند الموازنةِ؛ بالنّظرِ إلى فقدانِ بعضِ شروطِ الصّحيحِ المذكورةِ آنفًا، الأمرُ الذي سوّغ لأهلِ المعرفةِ بالحديثِ والرّجالِ مِنَ السّابقين والمعاصرين التّصدِّيَ والتّصدُّرَ لبيانِ أنواعِ ضعْفِها.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 17 رمضان 1415ﻫ
الموافق ﻟ: 17 فيفري 1995م
الشيخ فركوس حفظه الله