الأبيض سيدي الشيخ ،،، أهم وأقدم مدن الجنوب الغربي ،،، تاريخ وحضارة.
تعريف المدينة : مدينة الأبيض سيدي الشيخ ، تأسست بعد وفاة الأب الروحي
لأولاد سيدي الشيخ في بداية القرن العاشر ، وهذا لا يعني أنها نشأت في هذا
العهد فقط بل كانت قبل هذا تتوفر على مصلى وبئر أسسه سيدي سليمان بن
بوسماحة حوالي منتصف القرن التاسع ، بحيث أصبح كل من البئر والمصلى مقر
لقاء تجار الجنوب وتجار الشمال للتبادل التجاري بين سكان أتوات وسكان مدن
التل كتيارت التي كانت مشهورة بالفلاحة. كما بدأ بعض مواطني أتوات وغيرها
من التمركز في السهل لممارسة الفلاحة ، فنشأ أول قصر (قصر أولاد بودواية و
أولاد سيد الحاج بن الشيخ) على الضفة الغربية من السهل. وما أن مات سيدي
الشيخ سنة 940هـ 1616م حتى أصبحت القصور تشيد على شكل حصون متوزعة على
أربعة (اولادسيد الحاج احمد.القصر الغربي ـ قصر أولاد سيد الحاج بحوص ـ قصر الرحامنة
) و تمركز أولاد ومحبي و مريدي الطريقة الشيخية
بالأبيض سيدي الشيخ بها. و من لم يستقر أصبح ملزما بالقدوم سنويا إلى
الأبيض سيدي الشيخ لإقامة ركب سيدي الشيخ
ركب سيدي الشيخ
حتى نعرف مغزى هدا الركب لا بد من ذكر العوامل الأساسية التي جعلت منه
ركبا سنويا. إن مفهوم الركب تأسس بوفاة الأب الروحي و الديني سيدي الشيخ
بنواحي ال****دة .و نتيجة الوصية التي أعدها بعد شعوره بقروب الأجل بسبب
الجراح التي أصابته و هو يحارب الاسبان في شواطىء وهران. فاضطر سكان
استيتن و ال****دة إلى نقل جثمانه الطاهرة إلى الأبيض تلبية لطلبه في موكب
جنائزي سمي الركب. فأصبح هؤلاء السكان مجبرون لإحياء ذكرى وفاة الشيخ
سنويا تكريما و تخليدا لروحهالطاهـــرة الأبيض سيدي الشيخ المدينة
المعروفة تاريخيا بأنها كانت منبع المقاومات الشعبية. فمنها كان سيدي حمزة
ومنها اشتعلت نار المقاومة بقيادة أولاد سيدي الشيخ : سليمان بن حمزة ،
محمد بن حمزة ، احمد بن حمزة ، سليمان بن قدور ، قدور بن حمزة ، سيد لعلى
، سيد الشيخ بن الطيب ، الشيخ بوعمامة من 1864م إلى وفاته في 07/10/1908.
تعرضت مدينة الأبيض إلى التخريب و الحرق وقطع أكثر من 3000 نخلة. ونقل
رفاة الشيخ سيدي عبد القادر بن محمد في صندوق إلى البيض وفجر ضريحه في 14
15 16 أوت 1881م انتقاما للهزائم التي لحقت بجيش الإستعمارمنذ مقتل بوبريط
إلى هزيمة الكولونيل أنو ساتي بعين تازينة في 19 مي 1881 بقيادة الشيخ
بوعمامـــة.
منح الكولونيل نيقري سيف الشرق على تفجير القبة وتخريب البلدة المقدسة
لأولاد سيدي الشيخ والذي يقول فيها الشاعر محمد بلخير : من تطياح القبة ما
بقى عار ولا ابقى واحد في السدات محروم كانشي من لبطال أولاد بكار لا
تخلوا نجع السلطان مقسوم أما زاوية الأبيض فكانت أكثر أهمية بنشاطاتها
الإنسانية و تعليمها الديني للطلبة الداخليين الكثر الذين كانوا يتوافدون
إليها من كل مكان . ذلك التعليم الذي يضاف إلى المساعدات المادية التي
كانت تقدمها للمحرومين، كل هذا كان يضمن لها شهرة مكّنتها من استقبال
الهبات والعطاءات البِرّية (الإحسان) من القبائل المنضمّة و من عابري
السبيل . هذه العطاءات المختلفة وغير المقيّدة تعطى بكل رضى عينا أو نقدا،
كانت و ما تزال واجبة الدفع للزاوية باستثناء الأقارب و الأبناء و الأحفاد
. لم تلبث أن أصبحت إلتزاما روحيا موسميا أو ظرفيا حتى أطلقت عليها تسميات
مخصّصة منها : الغفارة : وهي مساهمة تدفع سنويا من قبل الأتباع تؤخذ من
أملاكهم الخاصّة (الماشية أو الزراعة ).المسيرة : تتألّف من الخيل و الإبل
و الغنم تهدى من طرف أبناء و أحفاد سيدي الشيخ و المنضمّين إلى الطريقة
،يسوقونها بأنفسهم إلى القُبّة المشيدة على ضريحه . و الزيارة : و هي هبة
يقدمها الزائرون و خاصة خلال المناسبة السنوية المسّماة بالركب .
والمهيبة :وهي عطاء استثنائي خاص(المناقب ص46-99-94-73-24 إلخ ) .
الجانب التاريخي
إن تاريخ أي أمة من الأمم هو كنزها الذي لا يضيع و رصيدها الذي لا يفنى
، فكلما وقعت واقعة أو حدثت حادثة إلا زادت قيمتها و عظمت مكانتها ،وذهل
العقل عند معرفة هذا التاريخ الغابر ، فمدينة الأبيض سيدي الشيخ لقد صنعت
كغيرها من البلدان عبر القطر الجزائري أحداثا تاريخية يشهد لها الزمان و
الأقوام ، فمنذ اندلاع مقاومة أولاد سيدي الشيخ سنة 1861 ـ 1881 و انتفاضة
الشيخ بوعمامة و المعارك التي قيدت في مطلع فجر أول نوفمبر و بعده كمثل
معركة جبل الوتير بجانب تامدة و كذا معركة جبل تامدة ، جبل سباع ، أم
القراف ، أرصاف الصابون ، الواد الطوبل، إلا و التاريخ يسجل روائع ضرب
الأعداء وزعزعة صفوفهم و إحباط مخططاتهم بجميع أشكالها ، فلهذا و الكلام
عن مقاومة أولاد سيدي الشيخ ومقاومة الشيخ بوعمامة أصبحا يستدعيا الوقوف
وقفة إجلال و تقدير و توقير على معرفة هذان العالمان الجليلان ثم بعد ذلك
نتطرق للمعارك التي دارت في هذه المنطقة.
[b] من هو سيدي الشيخ
سيدي الشيخ واحد من الوجوه الأكثر بروزا في الجنوب الغربي الجزائري على
الصعيد الديني كما على الصعيد التاريخي، تسمية سيدي الشيخ التي عُرف
واشتهر بها هي لقب يدل على علوّ مكانة مشيخته وَ ولايته . اسمه الحقيقي
عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة ،نشأ في نواحي " قصر أربوات "
وهي عبارة عن واحة واقعة على الطريق المؤدي إلى البيّض في اتجاه الأبيض
على بعد حوالي 23 كلم من هذه الأخيرة . مولده : بينما كانت أمه آتية من
البدو حتى حصل لها المخاض في أربوات الفوقاني وبالضبط بدرا قرب المسجد
العتيق – معلم تاريخي – وقد اتخذها أهل المنطقة كدار للضيوف – كما أنها
تحتوي هذه الدار على وتد أصبح يستعمله أهل هذه المنطقة للتداوي به من كل
داء . حسب بعض ألأقاويل الشعبية المعروفة ، فإنّ أُمّه تسمّى شفيرية كانت
ابنة الشريف سيدي علي بن سعيد أحد " أولياء " المنطقة، وقبره مشيّد في
قبّة في" قصر الغاسول "، على بعد حوالي 35 كلم جنوب البيّض حاليا وعن
تاريخ ميلاده ووفاته ومسقط رأسه يوجد شك كبير. إن المخطوطات التي يمتلكها
أحفاده تعطينا معلومات ريبية وغير يقينية لا تمكّننا من الاستنتاج الصحيح.
زد على ذلك أنه لا يمكن التيقّن من الزمان والمسافات بين الولادات عند
البدو الرحّل الذين تتميز حياتهم بالترحال المستمر دائما وراء القوت ،
مجبرون بطبيعة حياتهم على العيش مع ماشيتهم متنقلين حسب الفصول أو حسب
الظروف السياسية أو الاقتصادية على الهضاب أو بين السهول وغالبا حول عنصر
الماء ، سواء أكان عينا أو بئرا . فالنقول الشفهية تخبرنا أن عائلته كانت
تحط الرحال عادة في" منطقة الحمّام" ؛ غير بعيد عن القرية الصغيرة أربوات
التحتاني بعض " الأوتاد" الطبيعية استعملت كمعالم لتحديد مكان خيمة أبيه
عندما نشأ في تاريخ لم يُجمِع عليه مترجمو حياته . المخطوطات تصرح أن سيدي
الشيخ توفي سنة 1025 هـ/ الموافق ل 1616 عن عمر يناهز 85 سنة هجرية و من
ذلك نستنتج أنه ولد سنة 940هـ/ 1533م. إنه ينزل من سلالة أول خليفة في
الإسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، إلا أنّ سلسلة نسبه وجد فيها من
وثيقة إلى أخرى بعض الاختلافات . أقرب وثيقة إلى الصواب وجد فيها بعض
التعديلات باجتهاد من إمام زاوية سيدي الشيخ السابق العالم الراحل" محمد
القاسمي" الذي اغْتِيل غدرا في البيّض من طرف مجرم مجهول سنة 1379هـ /1960
م . حسب هذه الوثيقة المخطوطة فإن سلسلة نسب سيدي الشيخ تكون كالآتي :
الشيخ عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة بن أبي ليلى بن أبي يحيا
بن عيسى بن معمر بن سليمان بن سعد بن عقيل بن حرمة الله بن عسكر بن زيد بن
أحمد بن عيسى بن الثادي بن محمد بن عيسى بن زيدان بن يزيد بن طفيل بن
المضي بن ازراو بن زغوان بن صفوان بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر
الصديق . عائلته أقامت مند بداية القرن التاسع الهجري ( 14 الميلادي) في
هذه المنطقة مترحلة بين العرب والبرابرة . وكانت تتمتع بشهرة وإطراء نظرا
لانتسابها لأول خليفة في الإسلام سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه
الصاحب الوفي والصديق الدائم للرسول صلى الله عليه وسلم، شهرة مضاعفة نظرا
للدور الروحي الكبير الذي لعبه أجداده (آل أبي بكر) أو كما هو متعارف عليه
( البوبكرية) في تونس والجزائر والمغرب . لكي نتمكن من توضيح حضور
البوبكرية بين العرب الرحل ولكي تظهر المراحل الهامة لمحنهم يجب علينا أن
ندخل ملحقا في هذه الترجمة التاريخية الدينية ، بعض المآثر البطولية
والأحداث التي ليس لها ظاهريا إلا علاقات ضئيلة بعملنا لكنها تمكننا من
الإحاطة الجيدة بالموضوع ومن تصحيح كثير من الهفوات . في هذا الجو
التاريخي نشأ سيدي الشيخ الذي كان حسب مترجميه منذ ولادته يتميّز بطابع
القداسة. إن كراماته تملأ مناقبه. و لن نتطرّق في هذه الدراسة إلاّ إلى
الأعمال التاريخية المحضة، تاركين لمن يهمّهم أمر هذه المسألة من هذا
الجانب (الذي لا يجب إهماله) أن يرجعوا إلى هذه الأعمال وإلى الروايات
الشفهية المحلية. منذ صغر سنّه أظهر استعداداته المتميزة للدراسات
الدينية. أثناء تكوينه الفكري تابع الدروس متلقّيا التشجيعات من مختلف
شيوخه المحلّيين أمثال الشريف سيدي الحاج بن عامر، مؤسس القرية التي تحمل
اسمه ، و من أقرباء أبيه بالمصاهرة ، وأمثال الشيخ عبد الجبار بالقصر
الصغير الشلالة الظهرانية من نفس المنطقة ،والشيخ موسى الحسن الكرزاز مؤسس
فرع من الشاذلية الكرزازية مركزها الواحة التي تحمل نفس الاسم ، و
الموجودة بطريق بشار إلى قورارة.لكنّ شيخها الأوليّ الملقّن للشاذلية كان
الشيخ محمد بن عبدالرحمن من قريةالسهلي. معلومات مقتبسة