ينبغي للعبد أن يسعى ويجتهد في عمل الأسباب الجالبة للإيمان والمقوية للإيمان ،
ومن أعظم ذلك تدبر القرآن ،
فإنه يزيد في علوم الإيمان وشواهده ويقوي الإرادة القلبية ويحث على أعمال القلوب من التوكل والإخلاص والتعلق بالله الذي هو أصل الإيمان ،
وكذلك معرفة أحوال النبي صلى الله عليه وسلم وسماع حديثه ، ومعرفة معجزاته ، وما هو عليه من الأخلاق والأوصاف ،
وكذلك التفكر في آيات الله ومخلوقاته المتنوعة ،ولهذا يحث الله على التفكر في ملكوت السماوات والأرض وما أودع فيها من الآيات والبراهين الدالة على وحدانية الله وصفاته وآلائه ،
وكذلك التفكر في نعم الله الظاهرة والباطنة ، الخاصة والعامة فإنها تدعو دعاء حثيثا إلى الإيمان وتقويه ، فما بالعباد من النعم وما يدفعه من النقم كلما تفكر فيها ازداد إيمانه وقوي يقينه ،
وكذلك النظر في أحوال الأنبياء والصديقين وخواص المؤمنين ، ومعرفة أحوالهم ، وتتبع أمورهم ،من أكبر مقويات الإيمان ومواد تغذيته ،
وكذلك الضرورات التي تلجيء العبد إلى ربه وتحثه على ذكره وكثرة دعائه وما ينشأ عن ذلك من تفريج الكربات وإجابة الدعوات وحصول المسار واندفاع المضار ، كلها من مقويات الإيمان .
ومن أعظم مقويات الإيمان ومغذياته اللهج بذكر الله والإكثار من دعائه والإنابة إليه في السراء والضراء ، في جميع النوازل الخاصة والعامة ، الكبيرة والصغيرة ،فهي من مغذيات الإيمان ، والإيمان يغذيها ، فكل من الأمرين يمد الآخر ,
وكلما ازداد العبد من هذه الأمور ومن الرجوع إلى الله في كل أحواله ، ازداد إيمانه ،وكثرت شواهده ، وازداد العبد بصيرة ويقينا ، وقوي توكله .
ومن مغذيات الإيمان : قوة الصبر على طاعة الله وعن معاصيه وعلى أقداره ، مع استصحاب التوكل والإستعانة بالله على ذلك ، بل هو الإيمان أصلا وفرعا وغذاء وثمرة ، فمتى غرست شجرة الإيمان في القلب وتأصلت بمعرفة الله ومعرفة ما له من الأسماء الحسنى والصفات العظيمة، والتفرد بكل كمال وكل فضل وإفضال، وانبعثت دواعي الإنابة إلى الله بذكره ودعائه ، والرجوع إليه ، وامتثال أمره واجتناب نهيه ، والصبر على أقداره ، والرضى به ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ، وتعاهد العبد هذه الشجرة بالأوراد الشرعية والوظائف المرتبة ،
وهي : أعمال اليوم والليلة ، ودوام التوبة والإستغفار كل وقت ، والعزم الجازم على تحقيق الإخلاص لله والمتابعة للرسول ، والاجتهاد في تحقيق ذلك ، وتنقية القلب من كل ما يضاد ذلك ،من رياء وفخر وعجب وكبر وتيه ، ومن غل وحقد وغش مما ينافي النصيحة ومحبة الخير للمسلمين ، وتعاهدها أيضا ببذل ما يستطيعه العبد من النفع للعباد ، من تعليم ، ونصيحة لهم في دينهم ودنياهم ، وتوجيهه لهم إلى الخير بحسب أحوالهم ، ودعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة بحسب قدرته واستطاعته وبحسب الظروف التي هو فيها ، متى وفق لذلك كله ، آتت هذه الشجرة أكلها كل حين بإذن ربها .
والله تعالى هو الموفق وحده ،المحمود وحده ، الذي لا ملجأ للعبد ولا منجا منه إلا إليه ، ولا حول ولا قوة إلا به ، وهو المرجو في كل الأمور ، وإليه المفزع والمشتكى، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب .
من كتاب مجموع الفوائد واقتناص الأوابد ( ص 80 – 82 ) للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله –
حفظكي المولى ورعاكي على ما تقديمنه اختي
بارك الله فيك أختي
وتقبل الله منا ومنكمـ صالح الأعمال
في ااخير تقبلي
مني كل خير