إن الموت وإن كان مصيبة إلا أن الغفلة عن تذكره مصيبة أعظم ؛ لأن نسيان الموت يصيب القلب بالغفلة والقسوة ، ومن أجل هذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة بالإكثار من ذكر الموت ، فقال: ‘ أكثروا ذكر هادم اللذات: الموت ‘. ولان تذكر الموت يجعل القلب في حالة يقظة دائمة فقد كان السلف رضي لله عنهم يكثرون من ذكر الموت، هذا الربيع بن خثيم رحمه الله كان قد حفر في داره قبرا ينام فيه كل يوم مرات ، يستديم بذلك ذكر الموت ، وكان رحمه الله يقول : لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة لفسد. ولما نظر ابن مطيع رحمه الله إلى داره فأعجبه حسنها قال: والله لولا الموت لكنت بك مسرورا ، ولولا ما نصير إليه من ضيق القبور لقرت بالدنيا أعيننا. ولما قال عمر بن عبد العزيز لبعض العلماء : عظني. قال له : لست أول خليفة تموت. قال : زدني . قال: ليس من آبائك أحد إلى آدم إلا ذاق الموت وقد جاءت نوبتك ، فبكى عمر رحمه الله.
أكثروا ذكر هاذم اللذات.
يعني الموت، وهو بالذال المعجمة والمهملة، وإن قال السهيلي الرواية بالمعجمة،
رواه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة مرفوعا وابن حبان والحاكم وصححاه وابن السكن وابن طاهر، وأعله الدارقطني بالإرسال، ولفظه عند العسكري عنه مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجلس من مجالس الأنصار وهم يمرحون ويضحكون، فقال أكثروا ذكر هاذم اللذات، فإنه لم يذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلاكثره ولا في ضيق إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقها،
ورواه البيهقي عن أبي سعيد الخدري بلفظ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فرأى ناسا يكشرون – بالشين المعجمة – أي يضحكون، فقال لو أكثرتم ذكر هاذم اللذات الموت، وأنه لم يأت على القبر يوم إلا وهو يقول أنا بيت الوحدة وبيت الغربة، أنا بيت التراب أنا بيت الدود، ولفظه عنه عند العسكري دخل النبي صلى الله عليه وسلم مصلاه فرأى ناسا يكشرون، فقال إما إنكم لو أكثرتم من ذكر هاذم اللذات <صفحة 188> لشغلكم عما أرى الموت فأكثروا ذكر هادم اللذات، زاد النجم عقب اللذات الموت، فإنه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه، فيقول أنا بيت الغربة، وأنا بيت الوحدة، وأنا بيت التراب، وأنا بيت الدود – الحديث انتهى،
وقال رواه الترمذي وحسنه، والبيهقي عن أبي سعيد، وأخرجه العسكري عن أنس بلفظ أكثروا ذكر الموت، فإنكم إن ذكرتموه في غنى كدره عليكم، وإن ذكرتموه في ضيق وسعه عليكم، الموت القيامة، إذا مات أحدكم فقد قامت قيامته، يرى ما له من خير وشر،
وفي لفظ لأنس عند ابن أبي الدنيا بسند ضعيف جدا أكثروا من ذكر الموت، فإنه يمحص الذنوب، ويزهد في الدنيا،
وفي لفظ له عند البيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يضحكون ويمزحون، فقال أكثروا ذكر هادم اللذات،
وفي لفظ لابن عمر مرفوعا عند البيهقي أيضا أكثروا ذكر هادم اللذات، فإنه لا يكون في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره،
وروي عن معبد الجهني أنه قال ذكر الموت يطرد فضول الأمل، ويكف غرب التمني، ويهون المصائب، ويحول بين القلب وبين الطغيان،
ورواه الديلمي عن أبي هريرة بلفظ أكثروا ذكر الموت، فما من عبد أكثر ذكره إلا أحيا الله تعالى قلبه، وهون عليه الموت.
|
السلامـ عليكمـ ورحمة الله
الموت هادم الذات ومرق الجمعات وذكره يحي القلوب
وجعلها متعلقة برحمان وخوفها من عذاب
اخي بارك الله في على تذكير
وفي ااخير تقبل من كل خير