الهولوكوست التوراتي في غزة
[00:30مكة المكرمة ] [12/01/2017]
معظم ضحايا العدوان الصهيوني على غزة من الأطفال
بقلم: ربيع عبد الباقي
غزة حديث الإعلام في كل مكان؛ أنهار من الدماء تسيل أطفال تقتل وشيوخ ونساء تُرمَّل، وطائرات تُدمِّر.. هجمة يهودية شرسة يقودها العدو الصهيوني على غزة من أجل تركيع شعبٍ أعزل لا يملك من السلاح والعتاد ما يمكن أن يدافع به عن نفسه، والعالم كله يشاهد تلك المشاهد بين صمت ما يُسمَّى بمجلس الأمن واستكانة واستضعاف الحكام العرب والمسلمين فلا أحد يُحرِّك ساكنًا، الكل يتفرج والأمة بشعوبها مستضعفة ومغيبة لماذا هذا الخزي العربي؟ ولماذا هذا الصمت الدولي عن تلك المذابح التي تجري على أرض غزة؟ لا أحد يُحرِّك ساكنًا ولا حول ولا قوةَ إلا بالله.
قد يتعجب البعض لِمَ كل هذا الدمار؟ ولِمَ كل هذا التدمير والقتل الذي يمارسه العدو الصهيوني ضد أهلنا في غزة هذه؟ ولِمَ كل هذه الدماء التي يتلذذ بها الصهاينة فيسفكونها ليل نهار؟ إنها من منبع توراتي وتعاليم توراتية وليست أفكارًا هتلريةً مستحدثةً أو تتريةً أو هولاكيةً بل هي نتاج فكر بل تعاليم التوراة، ماذا تقول لهم وعنهم التوراة؟ فلننظر إلى عقيدتهم الحربية يجسدها النص (قومي ودوسي يا بنت صهيون، لأني أجعل قرنك حديدًا، وأظلافك أجعلها نحاسًا، فتسحقين شعوبًا كثيرين، وأحرِّم غنيمتهم للرب، وثروتهم لسيد كل الأرض) (ميخا، 4: 13).
إن ما يجري على أرض غزة بصوره ومشاهده وأحداثه يحدثنا عنها التوراة لماذا يقتلون الأطفال حتى الرُّضع منهم والنساء والشيوخ إنهم دائمًا متعطشون للدماء (3. فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعًا, بَقَرًا وَغَنَمًا, جَمَلاً وَحِمَارًا"… 8 وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيًّا, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9 وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ, وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10 وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11 "نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكًا, لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي". (صموئيل الأول 15: 3 -11).
الرب يندم أنه جعل شاول ملكًا لماذا؟ لأنه عفا عن أجاج ملك العماليق ليس هذا فقط، وإنما أيضًا عفوه عن بعض الأغنام والبقر والخراف كان سببًا لغضب الرب عليه ولا حول ولا قوة إلا بل الله، فإن كان أجاج محاربًا يجب قتاله فما جريرة الأغنام والخراف والبقر؟!.
إنهم يتباهون بكل ما يفعلونه ضد الفلسطينيين أمام العالم؛ لأنهم يؤمنون بأن ما يفعلونه هذا هو من تعاليم الرب فلننظر إلى التوراة وماذا تقول؟ كلنا يسمع عن شمشون الجبار.. لشمشون هذا قصة إنه شمشون اليهودي الجبار الذي فعل الخوارق بسفك دماء الفلسطينيين ففعل بهم الأفاعيل ماذا يقول عنه سفر قضاة (وحل روح الرب على شمشون فقتل ثلاثين رجلاً) (قضاة 14: 19)، (ووجد لحي حمارًا طريًّا فمدّ يده وأخذه وضرب به ألف رجل فقال شمشون: بِلحي حمار كومة كومتين بلحي حمار قتلت ألف رجل) (قضاة 15: 15).
وهنا لا يفوتنا أن نذكر أبيشاي شمجر (وأبيشاي أخو يؤاب هزّ رمحه على ثلاثمائة فقتلهم (2صمو 23: 8) (وأبيشاي أخو يؤاب كان رئيس ثلاثة: هزّ رمحه على ثلاثمائة فلسطيني فقتلهم) (1أخبار 11: 20).. (ضرب شمجر بن عناة من الفلسطينييّن ستّمائة رجل بمنساس البقر) (قضاة 3: 31).
بالأمس كانت الجرافات تقوم بهدم البيوت وإبادة الحرث أليس هذا ما يفعله الصهاينة في فلسطين؟.. انظر ماذا تقول التوراة في هذا الشأن؟ لم يكتف شمشون بإبادة النسل فذهب لإبادة الحرث والزرع بأعمال خوارق اقرأ من سفر قضاة (وذهب وأمسك ثلاثمائة ثعلب وأخذ مشاعل ذنبًا إلى ذنب ووضع مشعلاً بين كل ذنبين في الوسط ثم أضرم المشاعل نارًا وأطلقها بين زروع الفلسطينيين فأحرق الأكداس والزرع وكروم الزيتون) (قضاة15 :5).
(وأمسك شمشون ثلاثمائة ابن آوى وأخذ مشاعل وجعل ذنَبًا إلى ذنَب ووضع مشعلاً بين كلّ ذنبين في الوسط ثم أضرم المشاعل نارًا وأطلقها بين زروع الفلسطينيّين فأحرق الأكداس والزّرع وكروم الزّيتون) (قضاة 15: 4).
من الغريب أن هذه الخوارق قد انهارت أمام فتية من حزب الله يعدون على الأصابع لم تفلح معهم تكنولوجيا التدمير الأمريكية ولا سياسة الإرهاب اليهودية فأنزلوهم منازلهم في الحضيض وأسكنوهم دباباتهم ومصفحاتهم كيف لا ويقول المولى تبارك وتعالى ﴿لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ﴾ (الحشر: من الآية 14) فتجرعوا كؤوس الهزيمة على يد فتية حزب الله وسيتجرعونها على يد أطفال وشباب فلسطين.
عندما نتحدث عن سيدنا داود وننقل النصوص من توراتهم فهذا لا يعني أننا نؤمن أو نصدق ما يروى عن نبي وصف في القرآن بأنه عبد أواب منيب ﴿نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ (ص: من الآية 30) ولكن مقتضيات المقال تستدعي أن نذكر النصوص كما هي سيما وأنهم يطبقونها واقعًا على الأرض ليل نهار فأرواح الفلسطينيين العزل التي تحصد كل يوم خير شاهد، أما صدق هذه النصوص من عدمه فهذا شيء آخر.
أراد سيدنا داود عليه السلام أن يتزوج ابنة الملك شاول فماذا طلب منه الملك من مهر لابنته (وطلب داود أن يكون زوجًا لابنة شاول الملك اشترط عليه……… أن يكون المهر 100 غلفة من الفلسطينيين للانتقام من أعداء الملك. فحسن الكلام في عيني داود. فذهب هو ورجاله وقتل من الفلسطينيين مائة رجل، وأتى داودَ بغلفهم وقدّمها لشاول فأعطاها شاول: ميكال ابنته) (1صمو 18: 25).
(وأخرج الشعب الذي فيها ووضعهم تحت مناشير ونوارج حديد، وفؤوس من حديد، وأمرّهم في أتون الآجر. وهكذا صنع بجميع مدن بني عمون. ثم رجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم) (سفر صموئيل الثاني، 12: 31 ).
ويتحدد موقفهم من قضية السلام بوضوح: (لا سلام، قال الرب للأشرار).(إشعياء، 48: 22).
وهكذا تصف نصوص التوراة كيفية التعامل في الحروب. فلا مجال إذن لأي كلام يقال بعد عمليات التقتيل الوحشية والإبادة الجماعية التي يقومون بها في الأراضي التي يحتلونها، إذ ليس من وراء ذلك أي طائل. ثم متى كان لهؤلاء عهد ومتى التزموا بعهود؟ فتاريخهم تاريخ خيانة ونكوص حتى مع أنبيائهم فكيف مع أعدائهم فلن تجدي معهم نصوص الاتفاقيات ولا تلزمهم والمواثيق الدولية إذ يرون أنهم فوق البشر كل البشر فكل ما يسعون له هو تنفيذ تلك التعاليم وذلك هو خلاصة الفعل والفكر اليهودي.
ثم نختم بهذا النص التوراتي الصريح: وقال موسى يا رب! لماذا خلقت شعبًا سوى شعبك المختار؟! فقال: لتركبوا ظهورهم، وتمتصوا دماءهم، وتحرقوا أخضرهم، وتلوثوا طاهرهم، وتهدموا عامرهم. (سفر المكابيين الثاني، 15: 34).
انظر النص استعباد، مص للدماء، حرق للأخضر، تدنيس للأطهار هدم للعمران أليس هذا ينفذ حرفيًّا في جميع بقاع العالم الإسلامي والعراق وفلسطين خير دليل؟
لكن تبقى المقاومة بما تحمله من طاقة معنوية جبارة وقوة إيمانية مستمدة من عقيدة التوحيد ومستمدة من هذا الهدير المؤيد لها والذي تعبر عنه جموع أمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ورغم أنف التضليل الإعلامي والتزييف الفكري للقضية تبقى هذه القضية في وجدان وروح الأمة عربها وعجمها في ليست قضية أرض أو حدود ولكنها قضية وجود لعقيدة قدر الله لها أن تتواجد في هذا المكان في أكنافه وحواريه ومدنه ومصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يبشرنا فيه بوجود الفئة المؤمنة في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ها هي المقاومة الفلسطينية تسطر بدمائها تاريخًا جديدًا لهذه الأمة وتسقط أسطورة التفوق الصهيوني التي روج لها المضللون هذه الأسطورة المزيفة تسقط أمام قوله تعالى ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً﴾ (البقرة: من الآية 249) فلا التفوق العسكري في العتاد والعدة بقادر على التغلب على العتاد الإيماني للمقاومة إنه عتاد يستمد قوته من قوة إيمانه بهذه القضية.
https://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7…82%D8%AF%D8%B3