تخطى إلى المحتوى

يا طالبةَ العلم : أتريدينَ نضارةً في وجهك ، لا تَعدلُها أيَّةُ نضارة!؟ 2024.

كم منّا من عكفتْ على تناولِ المأكولاتِ الغنيّة بـ (البروتينات) و (الفيتامينات) من فاكهةٍ ولحومٍ وخُضرواتٍ طازجة ؛ بل وقد تستعملُ إحدانا بعضَ الدِّهانات والأعشاب ؛ لتحظى بصحّةٍ في جسمِها ، ونقاءٍ في بشرتِها!؟

نعم . ستلحظُ مثلُ هذه تحسُّناً في صحّتِها ، وبهاءاً في بشرتِها!

لكنّها وربّي ، قد تمرُّ بها أوقات ؛ تجدُ في جِسمِها من التّعبِ والضّعف ، وفي بشرتِها من الشُّحوب ، ما يجعلُ النّاظرَ لا يظنُّ -بحرصِها على نفسها- خيراً!

فتعالَي: نتأمّلْ حديثاً لرسول الله-صلّى اللهُ عليهِ وسلّم ، قد لا نكونَ تأمّلناهُ ووفقنا عليه وقوفنَا هذا!

هذا الحديث يرويه عبدُ الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم ، يقول :
" نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا … سَمِعَ مَقَالَتِي … فَوَعَاهَا … فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ " .

قد رأى بعضُ العلماء المصطفى -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في النّوم فقال له: أنت قلتَ نضر الله امرءا إلخ؟ قال: نعم ، ووجهه يتهلّلُ أنا قلته وكرّرَهُ ثلاثا . قالوا: ولذلك لا يزال في وجوه المُحدِّثينَ نضارةً ببركةِ دعائه " .
فيض القدير ، ج6 ، ص 283 .

قوله: « نضَّر الله امرءًا » ، أي: نعَّمَه . والنّضارة في الأصل: حُسنُ الوجهِ والبريق. وإنّما أرادَ حُسنَ خَلقه وقَدره. قاله في النهاية.
قال بعضهم: إني لأرى في وجوه أهل الحديث نُضرة. أشار به إلى إجابةِ دعوة -رسول الله- لهم.

( والنّضارة في الأصل حُسنُ الوجه وبريقة ، كما جاء في قوله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} أي: حسَّنةٌ بهيةٌ مشرقةٌ مسرورة ، وقال الشّيخ محمّد مُختار الشّنقيطي-حفظه الله في معنى نضّر الله: قال "أي: بيَّضَ الله وجهَه".
وقال بعضُ العُلماء : إنّه يُحشر يومَ القيامة أبيضَ الوجهِ مُشرق ، مستنيرًا بهذا العِلم .
وقال البعض: إن الله يُنَضِّرُ لأهلِ الحديث وجوهَهُم في الدُّنيا و الآخرة . وتقديره عند بعض العُلماء: جمّلهُ الله وزيّنه ، وأحسن من فسّرها هو القرآن {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} أي: كما تقدّم: مُشرقة حسنةٌ بهيّةٌ ناعمة ، وهذا التّفسير يوافقُ قولَ من قالَ من العُلماء: ( جمَّلهُ الله وزيَّنَه ) .
كتابُ العملِ الصّالح ، للشّيخ سامي محمّد ، ج1 ، ص664 .

قال بعضُ الشُرّاح في هذا الحديث : وفيه: فضيلة للضابط الحافظ ألفاظ السنَّة .

كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ-رضي الله عنه وأرضاه- يَمْكُثُ ( السَّنَةَ) لَا يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخَذَتْهُ الرَّعْدَةُ ، وَيَقُولُ : " أَوْ هَكَذَا ، أَوْ نَحْوُهُ ، أَوْ شَبَهُهُ! " !!

وقالَ أحدُ الشُرَّاح في هذا الحديث / المتواري على تراجم أبواب البخاري ، ج1 ، ص34:
" فوظيفة الْحَامِل الْجَاهِل فِي هَذِه الْأَمَانَة أَن يُؤَدِّيهَا إِلَى أَهلهَا بِالْوَفَاءِ وَالتَّسْلِيم، ووظيفة الْحَامِل الحاذق أَيْضا أَن يُؤَدِّيهَا إِلَى من عساه أحذق مِنْهُ فِي الْفَهم والتَّفهيم " .

وفي هذا الحديث بيانُ فضلِ من اشتغلَ بسُنّة الرَّسولِ- صلى الله عليه وسلم ؛ حيثُ دعا له الرسولُ -صلّى الله عليه وسلّمَ- بهذه الدَّعوةِ العظيمة .

يقول ابن القيم- رحمه الله تعالى- عن هذا الحديث:
«ولو لم يكن في فضل العِلم إلا هذا وحده لكفى به شرفا ، لأنَّ من قامَ بتبليغ حديثِ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وبثِّه في الأُمَّة ؛ دخل تحتَ هذه الدَّعوة النبويّة المُتضمِّنة لجمالِ الظّاهر و الباطن ، فإن النُّضرة هي البهجةُ والحُسْنُ الذي يُكساهُ الوجهُ من آثار الإيمان وابتهاج الباطن به ، وفرح القلب وسروره ، حيث تظهر هذه البهجة ، وذلك السُّرور ، وتلك الفرحة نضارة على الوجه ، ولهذا جمع الله سبحانه بين السرور والنضرة ، في قوله تعالى: فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً . فالنّضرة في وجوههم ، والسُّرور في قلوبهم ، من حيث إن النَّعيم وطيب القلب (كلاهما) يُظهر نضارةً في الوجه ، كما قال تعالى:
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ* عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ* تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ .
والمقصود أن هذه النَّضرة في وجه من سمع سُنَّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هي أثرُ تلك الحلاوة ، وهذه البهجة ، وذلك السُّرور الذي في قلبه وباطنه" . مفتاح دار السعادة لابن القيم، ص 275 .

قلتُ بعدَ هاتِه البُشريات التي تنشرحُ لهُ القلوب ، وتبتهجُ لهُ النّفوسُ:

أيْ أخيّة – إن كنتَ تريدينَ حلاوةً وطلاوةً ونضارةً في وجهِك ؛ فأحسني فَهمَ حديثِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلّم – وكوني دقيقةً في حِفظهِ وضَبطِه ، وفي تبليغ هذا العِلم للنّاس ؛ فإنَّك إن فعلتِ ؛ نلتِ سناءاً وبهاءاً ونُضرةً ونعيماً في الدُّنيا والآخرة ..
( أنعِم وأكرِم بها من حظْوة )!

جعلنا الله من المتفقهين في امور دينهم
العاملين بما جاء في الكتاب وسنة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام
بارك الله فيك

وفيك بارك الله.

بارك الله فيك وجزاك خيرا
بارك الله فيك و جزاك كل خير
وفيك بارك الله غاليتي
اسعدني مرورك

Baraka Allah Fiiiki

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.