إن كثيرًا من الأزواج والزوجات يدخلون حياتهم الزوجية وفي أذهانهم مجموعة من المفاهيم والأفكار الخاطئة التي قد يكون لها أثر سلبي على حياتهم الزوجية،
وفيما يلي نلفت النظر إلى أهم هذه المفاهيم الخاطئة، ثم نحاول أن نصحح هذه المفاهيم حتى يستفيد منها كل زوجين سواء كانا حديثي زواج أو قد مر على زواجهما فترة
1 عدم المشاركة:
يعتقد بعض الرجال والنساء أنهم يمكنهم اتخاذ القرار دون مشورة زوجاتهم وأزواجهم في حياتهم الأسرية كلها، [حياة عزوبية] وهذا تصر خطأ، فغياب أسلوب المشاركة وانفراد أحد الطرفين باتخاذ قرارات أو سلوك قد يؤلم الطرف الآخر ومن ثم يتسبب في ظهور مشاكل بينهما مسؤولية مشتركة للزوج والزوجة: فالمفروض في مجال اتخاذ القرار في الأسرة أن يعلم الزوج أن الزوجة لا بد لها من المشاركة في اتخاذ القرارات الأسرية سواء على مستوى الأبناء أو فيما يتعلق بخصوصيات الزوجين أو حتى مستقبل الأسرة وطريقة تربية أبنائها فهناك من الأزواج من يكره الزوجة التي لا تملك قرارًا ولا شخصية وليس لها رأي، إذ إنها كيف ستكون له صاحبًا بالجنب،
ولنا في موقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع أم سلمة القدوة في ذلك، فما يضير الرجل إذا كانت امرأته مستشارته، كما كانت أم سلمة للنبي صلى الله عليه الصلاة والسلام وإذا كان الإسلام قد أعطى وظيفة اتخاذ القرار للزوج, فإنه دعاه إلى تحري ما يحقق مصلحة الأسرة، وأن لا يستبد برأيه، فمثلاً إذا أراد الزوج أن يتخذ قراراً يتعلق بالطفل الرضيع وهو فطامه قبل الحولين، فإن هذا القرار يجب أن يتخذ الزوج بالتشاور مع زوجته بما يحقق مصلحة الطفل، فإن تراضيا على فطامه قبل الحولين فهو القرار المناسب، وإن تراضيا على الاستمرار بإرضاعه إلى تمام الحولين، فهو القرار المناسب أيضًا، وإن اختلفت وجهات النظر بينهما، فحكم الإسلام هو إرضاعه إلى تمام الحولين فإن رضيت الزوجة بذلك قامت بإرضاعه, ويجب على الزوج أن ينفق على الزوجة والطفل، ويوفر لهما الطعام واللباس، وإن رفضت الزوجة إرضاعه اتخذ الزوج قرارًا بطلب مرضعة للطفل ترضعه إلى تمام الحولين ويقرر الإسلام مسؤولية الرجل والمرأة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ‘الرجل راع في أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها’ وعش الزوجية يضع في عنق الزوجين مزيدًا من الحرص عليه والضن به من دواعي الانهيار والدمار ولذلك لا بد من تكاتفهما في اتخاذ القرارات سواء الشخصية أو المشتركة لأن كلاً منهما له تأثير على الأسرة
من المفاهيم الخاطئة التي يقع فيها الزوج والزوجة أيضًا هي اعتقاد بعض الرجال أن زوجته لا بد أن تطيعه في كل شيء من غير نقاش أو محاورة
وكذلك اعتقاد بعض النساء أنهن لا بد أن يطعن أزواجهن حتى وإن كان في ذلك معصية لله عز وجل المفهوم الصحيح للطاعة: لقد أوجب الإسلام على الرجل النفقة للمرأة وهي في بيت الزوجية، وأوجب عليها في مقابل ذلك طاعتها له، فإذا نشزت وتركت بيت الزوجية بلا إذنه بغير وجه شرعي، فإن ذلك يسقط نفقتها، ولقد قررت الشريعة الإسلامية بجميع مصادرها حق الزوج على الزوجة بالطاعة، إذ عليها أن تطيعه، وأن تجتهد في تلبية حاجاته، بحيث يكون راضيًا شاكرًا
ونجد ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي الشريف: ‘إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها’ ولكن لهذه الطاعة حدودًا لا بد أن يعلمها كل من الزوج والزوجة, على أن هذه الطاعة المفروضة على المرأة لزوجها ليست طاعة عمياء وليست طاعة بدون قيد أو شرط أو حدود, وإنما هي طاعة الزوجة الصالحة للزوج الصالح التقي، التي تعتمد على الثقة بشخصه والإيمان بإخلاصه والصلاح في تصرفاته والطاعة المبنية على التشاور والتفاهم تدعم من كيان الأسرة وأحوالها وتزيد من أواصرها وقوتها, فالمشاورة بين الزوجين واجبة في كل ما يتصل بشؤون الأسرة، بل إنها يجب أن تمتد إلى كل ما يقوم به الرجل من عمل، فليس هناك كالزوجة المخلصة الصادقة مستشار، تعين زوجها وتهديه بعواطفها وتحميه بغريزتها وتغذيه برأيها،
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير زوجاته ويأخذ برأيهن في بعض الأمور الهامة
وهذه الطاعة مقيدة بأن لا تكون في معصية لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق,
فإذا طلب الزوج من زوجته ارتكاب أفعال فاحشة أو الظهور في الأماكن العامة متبرجة كان لها أن تعصيه, كما أن الطاعة محددة بآثار الزوج فلا تتعداها إلى غيرها, فليس للزوج أن يمنعها من التصرف في مالها على أي وجه، والتزام الزوجة بالطاعة ليس قيدًا على حريتها أو ضربًا من التعسف, وإنما هو الحفاظ عليها من الفساد وإعانة لها على أداء وظيفتها في الأسرة فالنشوز من جانب الزوجة في بعض صوره إذا امتنعت عن الفراش وقد دعاها زوجها وليس لديها عذر مانع
3 حرية العلاقات:
يعتقد بعض الرجال أنهم يمكنهم أن يكونوا علاقة مع نساء أجنبيات وأن يمارسوا المحرمات معهن، ولكن زوجته ينبغي أن تكون وفية وأمينة له فقط
ومن ناحية أخرى تعتقد بعض الزوجات أنه يجب معاملة الزوج بمثل معاملته لزوجته أي السيئة بالسيئة والحسنة بالحسنة الفهم الصحيح: لقد شرع الزواج من أجل تنظيم العلاقات بين الرجل والمرأة لكي لا تكون علاقات بهيمية محرمة وإنما تكون تحت مظلة الزواج،
ولذلك فإن الشرع قد زاد من عقوبة الزنا وجعلها رجمًا حتى الموت؛ لأن الإسلام شرع تعدد الزوجات ولكن شرط لذلك العدل والمقدرة, ومن ثم شدد في العقوبة على من يرتكب الفاحشة وهو متزوج فعلى الزوج الذي رزقه الله بالحلال وأكرمه بزوجة تعفه أن يتقي الله في هذه الزوجة وليعلم أن إقامة علاقات محرمة مع نساء أجنبيات إلى جانب أنه ذنب عظيم ومن الكبائر فهو دين عليه لا بد أن يقضي من أهل بيته كما يقول الشاعر:
من زنا يزني به ولو بجداره
فاعلم يا هذا إن كنت لبيبًا فكيف يعتقد الزوج أنه يقيم العلاقات المحرمة مع الأخريات ويطلب من زوجته أن تكون مخلصة له، كيف يكون خائنًا لها ويطلب منها الوفاء، وليعلم الزوج أن هذه الأفعال لا تعني الحرية وإنما هي خيانة لشريكة حياته
ومن ناحية أخرى لابد أن تعلم الزوجة أن خيانة زوجها لها لا يجب أن تقابلها بالخيانة, وإنما تحاول أن تجذبه إليها فقد تكون هي سبب في خيانته لها، فالإنسان لا يقابل السيئة بالسيئة وإنما عليه أن يقابلها بالحسنة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ‘لا تكن كالإمعة تقول: إن أحسن الناس أحسنت وإذا أخطأوا أخطأت’
فالزوجة العاقلة هي التي إذا خانها زوجها مع غيرها تنظر إلى نفسها لماذا فعل ذلك؟ ونحن لا نلقي اللوم عليها وإنما نريدها ألا تكون سلبية وتستسلم للأمر الواقع، وتحاول إصلاح الخطأ بالخطأ، وتجتهد في إصلاح زوجها ولتعلم الزوجة أن الذنب الذي ستقترفه لن يحاسب عليه زوجها ولن يحل المشكلة وإنما قد يزيدها تعقيدًا، وقد يؤدي إلى تدمير حياتها الزوجية
4 معنى الرجولة:
يعتقد بعض الأزواج أنهم لكونهم رجالاً، فإنه يحق لهم أن يتدخلوا في كل صغيرة وكبيرة في شؤون الأسرة، وفي الوقت نفسه لا يسمح لزوجته بممارسة دورها الأسري كما أن هناك من الأزواج من يعتقد أن من الخطأ الاعتذار للزوجة إن أخطأ هو في حقها
المعنى الصحيح للرجولة: هو أنها موقف ومسؤولية وليست سلطة بطش وإذا كان الرجل يجيد الإنصات للزملاء فالأولى أن ينصت لزوجته ويستمع إلى وجهة نظرها ويظهر احترامه لها وأن يدع دائمًا مهلة للتفكير فلا داعي للمبادرة بحسم كل الأمور في جلسة واحدة وإظهار مخالفته لها وهي في جواره،
وعندما يأتي المساء، فالمودة والرحمة كفيلة بتذويب الفوارق ومن المعروف أن الجميع يخطئون لكن قليلين فقط يجدون الشجاعة للاعتذار عن أخطائهم للآخرين وخاصة إذا كان الآخر هو الزوجة، فالزوج الذي يخطئ عليه أن يسعى بدافع من شعوره الراقي أمام زوجته أو أي شخص آخر بالاعتذار، والذي يقول إنه يرفض الاعتذار لزوجته لأن كرامته ورجولته لا تسمحان بذلك، فإنه يعتبر مريضًا نفسيًا
والكرامة الفعلية السامية هي أن نعتذر إذا أخطأنا
5 النظرة التشاؤمية للزوج:
قال أحد المختصين في مناقشة موضوع الزواج الناجح: من المفروض أن نعرف المقبلين على الزواج بأن الزواج مشكلة ومأساة، وذلك حتى لا يصدم المقبل على الزواج عندما يتزوج وتحدث بينه وبين زوجه المشاكل، فيكونان متهيئين نفسيًا وبالتالي لا يفشل الزواج النظرة الصحيحة للزواج: هذا الكلام غير صحيح وذلك لمخالفته للنصوص الشرعية والثابت منها أن الزواج سكن وراحة وفيه مودة ورحمة، وأن أصل الخلق كان بزواج آدم من حواء, فهي سنة الحياة, ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رغب في الزواج قائلاً: ‘يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج’
لعلمه بما في الزواج من خير كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن النساء شقائق الرجال، وأوصى الرجال بالنساء والنساء بالرجال، حتى حفلة الزواج تسمى [الفرح] ولا تسمى [المشكلة] أو [المأساة] كما ذكر،
فمن الثابت أن أي حياة زوجية لابد أن تواجه المشكلات, فهذا شيء طبيعي, ولكن ما يحتاجه المقبلون على الزواج والمتزوجون الجدد هو كيفية مواجهة هذه المشكلات والتغلب عليها بحيث لا تؤثر على حياتهم الزوجية، لذلك ينبغي أن يعرف المقبلون على الزواج والمتزوجون العوائق التي تعتري الزواج الناجح مع ترغيبنا لهم بالزواج لكي يحسنوا التعامل مع حياتهم الزوجية بحلوها ومرها
6 العلاقة مع الحماة:
أكثر الناس يعتنقون فكرة سيئة عن الحموات، ولنا أن نتساءل عما إذا كانت لمثل هذه الاتجاهات حول هذه العلاقة ذات السمعة السيئة والتقليدية أسباب شخصية؟
وهناك ثلاثة أسباب تؤدي بالأزواج والزوجات إلى الضيق بالحماة حتى لو كانت تصرفاتها فوق الشبهات
السبب الأول: في بعض الأحيان تمثل الحماة النموذج الذي لا تستطيع الزوجة أن ترقى إلى مستواه، أو تحقيقه
السبب الثاني: أن كثيرًا من الأزواج والزوجات يشعرون بأنهم لم يجدوا من يفهمهم أو يمنحهم التقدير في طفولتهم ولذلك ينظر الزوج أو الزوجة إلى الحماة في صورة الأم التي نغصت عليهم حياتهم في مرحلة الطفولة
السبب الثالث: من الأسباب التي تؤدي إلى الضيق في العلاقة: ميل الأزواج والزوجات إلى توجيه اللوم إلى الحماة واعتبارها مسؤولة عن كل ما يحدث من متاعب بين الزوجين
كيف يكون الموقف الصحيح مع الحماة؟
على الزوج والزوجة أن يدركا أن للحماة حقوقًا يجب مراعاتها
وأن يتعاملا معها بكثير من الفهم والاستيعاب لظروفها النفسية: كما أن وجود الحماة في البيت نفسه يحدث بعض الكبت في التعبير عما تتطور إليه العلاقة الأسرية
فربما لو حدث سوء فهم بين زوجين بمفردهما لكان من اليسير علاجه
أما مع وجود طرف ثالث فإن الأمر قد يتطور إلى مشكلة
وفي النهاية ندعو كلاً من الطرفين [الأزواج والحموات] إلى تبادل الوفاق والحب والانسجام المشترك،
ولا نجد أفضل من نصيحة الشيخ عطية صقر عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف لكل منهما، إذ يقول: إني أتوجه إلى الأم وزوجة الابن بهذه الكلمة: يا أيتها المتزاحمتان على قلب هذا المسكين وماله: رفقًا به ثم رفقًا، ولتفكر كل منكما في وضعها لو كانت إحداكما موضع الأخرى،
تذكري أيتها الحماة أنك كنت في يوم من الأيام زوجة ابن، ولك حماة، وفكري في شعورك إذ ذاك نحو زوجك ونحو حماتك، وأنك كنت تكرهينها إن حاولت خطف قلب زوجك، فخففي من حدة الحكم على زوجة ابنك، وتحملي تصرفاتها، واعلمي أيتها الزوجة أنك ستصيرين بعد فترة من الزمن أمًا لولد سيكون زوجًا، وستكونين حماة، ففكري كيف تتصرفين وكيف يكون موقفك من قلب ابنك وقلب زوجته، فلينظر كل منكما إلى هذه الأوضاع حتى تقترب مشاعركما، وحتى تمكنا ذلك الرجل المسكين من السير في طريقه الوعر الطويل.
تحياتي لكم
فهي مفاهيمـ خاطئة بمعنى الكلمة
جزآآآكـ الله خيرآآآ و في انتظآآر جديدكـ