سواءً كنت تحاول القيام بحل مشكلة مستعصية أو البدء في مشروع جديد ولفت الأنظار إلية أو كتابة مقال جيد، فالتفكير الإبداعي سيكون من الأمور الحاسمة والحتمية لتكلل محاولتك بالنجاح، إنها عملية تغيير منظورك ورؤية الأشياء بشكل مختلف عن الطريقة التي تراها بها. يفضل الناس إطلاق “التفكير خارج الصندوق” على هذا الأسلوب، وهي طريقة خاطئة للنظر إلى هذا الأمر، عليك أن تدرك أنه لا يوجد صندوق لتفكر خارجه، أن تقوم بخلق صناديقك التخيلية بنفسك ببساطة عندما تعيش حياتك وتتقبل أشياءً معيّنة “كواقع” بينما هي في حقيقة الأمر مجرد وهم.
الفرق هو أن هناك عددًا كاف من الناس يتفقون على أن بعض المفاهيم البشرية “واقع” فتراها أنت “كطبيعية”، وهو أمر في صالح المجتمع إجمالًا ولكن هذا النوع من الاتفاق أو الإجماع الذي لا جدال في الواقع يكبح قدراتك الإبداعية الطبيعية، لذلك بدلًا من البحث عن طرق لاستلهام الإبداع عليك فقط أن تدرك الحقيقة، أنت بالفعل قادر على القيام بالتفكير الإبداعي في أي وقت ولكن عليك فقط أن تقفز فوق العوائق العقلية التخيلية (أو لنقل الصناديق) التي تعلقت بها خلال رحلتك في الحياة. هذه قائمة بعشرة طرق منتشرة نكبح بها قدراتنا الإبداعية الطبيعية وسوف تساعدكم على إدراك أن الحواجز التي تحول بينكم وبين فكرة جيدة موجودة فقط في عقولكم.
محاولة إيجاد الإجابة “الصحيحة”
أحد أسوأ جوانب التعليم النظامي أنه يركز على إيجاد الإجابة الصحيحة لمشكلة أو سؤال معيّن، وبينما تساهم هذه الطريقة في أن نقوم بأداء مهماتنا ووظائفنا في المجتمع فهي تمثل ضررًا على التفكير الإبداعي لأن معظم أمور الواقع والحياة تتميز بأنها مبهمة وغامضة وقد تلتبس كثيرًا. في الغالب هناك دائمًا أكثر من إجابة واحدة صحيحة والثانية قد تكون أفضل من الأولى فلا داعي للتردد. العديد من العقبات التالية التي سنذكرها يمكن تحويرها بحيث تكشف طرقًا لإيجاد أكثر من إجابة لمشكلة ما، محاولة إعادة تأطير القضية ووضعها في أكثر من منظور مختلف ستساعد على الحصول على إجابات مختلفة.
.
.
.
يتبع
الحياة ليست فقط غامضة ومبهمة في الكثير من الأحيان، لكنها أيضًا في الغالب غير منطقية لدرجة قد لا تتخيلها، بينما تمثل مهارات التفكير النقدي المبنية على المنطق أحد نقاط قوتنا لتقييم الأفكار الإبداعية فهي في الواقع وفي الغالب تمثل العدو الحقيقي للأفكار المبتكرة الحقيقية، أحد افضل الطرق للهروب من قيود العقل والتفكير المنطقي هي التفكير مجازًا metaphorically. أحد الأسباب وراء نجاح أسلوب الاستعارة والمجاز في الاتصال هو أننا نتقبلها كحقيقة بدون “التفكير فيها” وعندما تدرك أن الحقيقة في أغلب الأوقات رمزية ستجد أنك في الواقع لديك مطلق الحرية دائمًا أن تأتي ببدائل.
أحد طرق النظر إلى التفكير الإبداعي هي النظر إليه كقوة مدمرة تستخدمها لتمزيق القوانين الاستبدادية والاعتباطية التي وضعها الآخرون لك، عليك أن تسأل دائمًا “لماذا” و”لم لا” عندما تواجه طريقة الكل يستخدمها لفعل الأشياء، ولكن القول ليس ببساطة الفعل لأن الناس دائمًا سيدافعون عن القوانين التي يتبعونها حتى ولو كان في وجه الأدلة التي تثبت عدم نفعها، الناس تفضل الاحتفال بالثائرين ولكن قلة منهم لديهم الشجاعة الكافية لتقليدهم، توقف عن تمجيد محطمي القيود والقوانين المستبدة وابدأ في تحطيم بعضها بنفسك.
تمامًا مثل المنطق نجد أن العملية أمر مهم جدًّا عندما يتعلق الأمر بالتنفيذ، ولكنها أيضًا تخنق الأفكار المبتكرة قبل أن تحظى بالوقت الكافي لتُزهر، على سبيل المثال لو كنت كاتبًا لا تسمح للمحرر بالجلوس في نفس الغرفة حيث يجلس المبدع الذي بداخلك، حاول ألا تقوم بتقييم مدى نجاح شيء ما قبل أن تعطيه الفرصة ليعتمد على نفسه قليلًا واسأل دومًا “ماذا لو” واسمح لمخيلتك بالذهاب حيث تريد، ربما تجد نفسك في النهاية مكتشفًا لفكرة عبقرية ومجنونة لم يفكر فيها أحد من قبل.
السماح لعقلك باللهو قليلًا ربما يكون أكثر الطرق كفاءة لتحفيز التفكير الإبداعي، ومع ذلك العديد من الناس تنأى باللهو والترفيه عن العمل. في أيامنا هذه الأناس الذين يأتون بأفكار عظيمة وحلول هم الأكثر راحة اقتصاديًّا، بينما يتم توظيف النحل العامل دائمًا لمصلحة المفكرين المبدعين، لعلك سمعت هذا التعبير من قبل “اعمل بقوة، وامرح بقوة”، كل ما عليك أن تدركه هو أن كلاهما سواء بالنسبة للمفكر المبدع.
في عصر يتميز بفرط التخصصية في مجال العمل، أولئك الذين يستكشفون بسعادة تامة مناطق في الحياة والمعرفة لا علاقة لها بمجالهم هم أفضل من يرى ويدرك أن كل شيء له علاقة ببعضه البعض. بالطبع عليك أن تعرف وتتعلم الأمور التخصصية في مجالك ولكن إذا نظرت إلى نفسك كمستكشف عوضًا عن ترس متخصص في آلة ستحقق النجاح بشكله الشمولي وستجد نفسك أكثر فهمًا وإدراكًا لتخصصك عن ذي قبل، الاستمتاع بالتفاصيل أمر رائع ولكن لا تهمل أبدًا الصورة الكبيرة.
معظم الأشياء التي تحافظ على تحضرنا تتضمن التطابق والانسجام، الاتساق والثبات على المبدأ، القيم المشتركة، والأهم هو التفكير في الأشياء بنفس الطريقة التي يفكر بها كل شخص آخر، ليس من الضرورة أن يكون هناك خطأ ما في ذلك، ولكن إن كان بإمكانك أن تتقبل فكريًّا أنه في الواقع لا شيء يحافظ على تماسك المجتمعات وعملها سوى التفكير الجماعي يمكنك عندها أن تطلق العنان لنفسك لتقوم بقلب كل شيء مقبول رأسًا على عقب وتزلزل الوهم.
القادة بدءًا من الفراعنة المصريين وصولًا إلى الأباطرة الصينيين والنبلاء الأوروبيين كانوا يتخذون المغفلين ومهرجي المحاكم كمستشارين عندما يواجهون المشاكل الصعبة، شخصية المغفل سمحت للحقيقة بأن تُقال بدون التشعبات المعتادة التي قد يتضمنها التحدث وفق الأعراف الاجتماعية. امنح نفسك الفرصة لتتصرف بهذا الشكل من حين لآخر لترى الأمور على حقيقتها.
نحن ندرك بعقلانية أن معظم المواقف يتخللها بعض من الغموض واللبس بدرجة ما، وبالرغم من أن تقسيم المواقف المعقدة إلى صناديق بيضاء وأخرى سوداء يعد كارثة إلا أننا ما زلنا نقوم بذلك، إنها خاصية غريزية في البشر، وهي أن يبحث عن اليقين، ولكن المفكر المبدع هو من يرفض الراحة الكاذبة للوضوح واليقين عندما لا تكون مناسبة، الغموض هو صديقك إذا كنت تبحث عن الابتكار وحقيقة أن الناس لا تفضل أن تكتشف المجهول والأمور المثيرة للريبة والشك هي في الواقع ميزة لصالحك طالما بإمكانك تسخير الغموض بدلًا من الهروب من منه.
أن تنكر قدرتك على الإبداع هو أن تنكر بشريتك وكونك إنسانًا، نحن جميعًا مبدعون بلا حدود ولكن إبداعنا لا يمتد سوى بالقدر الذي نتركه منه فقط، نحن نصنع قيودنا بأنفسنا بطريقة تفكيرنا، إذا كنت تخبر نفسك وتعتقد أنك لست مبدعًا فستصبح كذلك لذا توقف عن ذلك. بهذا المنطق، إيقاظ قدراتك الإبداعية التي بداخلك سيساعدك على أن تكون مبدعًا بالفعل، أنت بالفعل مبدع ولكن عليك أن تنزع عنك الأوهام التي أنشأها عقلك لتتمكن من رؤية ذلك، أقر بأنك مبدع في الأصل ثم ابدأ بتحطيم تلك الحواجز التي سمحت لعقلك بأن يضعها أمامك.